أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - شادي الشماوي - الثورة البروليتارية فى أشباه المستعمرات والمستعمرات الجديدة و فى البلدان الإمبريالية – تركيا و الولايات المتحدة الأمريكية.=الماوية : نظرية و ممارسة - 10 -















المزيد.....



الثورة البروليتارية فى أشباه المستعمرات والمستعمرات الجديدة و فى البلدان الإمبريالية – تركيا و الولايات المتحدة الأمريكية.=الماوية : نظرية و ممارسة - 10 -


شادي الشماوي

الحوار المتمدن-العدد: 3590 - 2011 / 12 / 28 - 21:42
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


الماوية : نظرية و ممارسة - 10 -
شادي الشماوي

الثورة البروليتارية فى أشباه المستعمرات والمستعمرات الجديدة و فى البلدان الإمبريالية – تركيا و الولايات المتحدة الأمريكية.

)))))))))))))))))))))))))))))))))))))))))))))))))))))))))))))))))))))))))))))))))))))))))))))))
فهرس :

الثورة البروليتارية فى أشباه المستعمرات والمستعمرات الجديدة و فى البلدان الإمبريالية – تركيا و الولايات المتحدة الأمريكية.

مقدّمة العدد العاشر
الجزء الأول :
الثورة البروليتارية فى أشباه المستعمرات– الحزب الشيوعي الماوي ( تركيا و شمال كردستان)
1- الوثيقة الأولى : " النموذج" التركي و تناقضاته.
2- الوثيقة الثانية : لن ننسى الرفيق إبراهيم كايباكايا.
3- الوثيقة الثالثة : الماوية تحيى و تناضل ، تكسب و تواصل الكسب.
4- الوثيقة الرابعة : المؤتمر الأوّل للحزب الشيوعي الماوي (تركيا و شمال كردستان)
5- الوثيقة الخامسة : غيفارا، دوبريه و التحريفية المسلّحة.
الجزء الثاني :
الثورة فى البلدان الإمبريالية – الحزب الشيوعي الثوري ،الولايات المتحدة الأمريكية

1- الوثيقة الأولى : بصدد إستراتيجيا الثورة.
2- الوثيقة الثانية : دستور الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا (مشروع مقترح).
ملحق :
دور الديمقراطية و موقعها التاريخي.
مقدّمة العدد العاشر :
فى المدّة الأخيرة ، غالبا ما تتحدّث وسائل الإعلام الإمبريالية و الرجعية المقروءة منها و السمعية البصرية عن " الربيع العربي" فى إشارة إلى ما جدّ من إنتفاضات شعبية فى بعض البلدان العربية و تواصل الإحتجاجات فى سوريا و اليمن و المغرب أساسا .و ببساطة لا يعدو تعبيرهم هذا أن يكون مغالطة كبرى أخرى لتضليل الجماهير و بثّ الأوهام الديمقراطية البرجوازية و تمكين القوى الرجعية المتحالفة مع الإمبريالية العالمية من التلاعب بالحركات الإحتجاجية و الإلتفاف عليها و إعادة ترتيب الأوضاع بما يضمن مواصلة خدمة الإستعمار الجديد ، فى نفس الوقت الذى تتصوّر فيه الجماهير ذات التجربة و الوعي السياسي الطبقي المحدودين أنّها أنجزت تغييرا جذريّا و عبّدت الطريق المؤدية إلى " الحرّية" و "الديمقراطية" و " التنمية" و "العدالة" و " الكرامة" إلخ.
و لا أدلّ على ما نقول من الواقع الموضوعي حيث أفرزت التحركات الشعبية الجماهيرية إنتفاضات إستطاعت أن تطيح برأس السلطة القائمة فى تونس و مصر و ليبيا و جلبت عديد الفئات إلى النشاط السياسي ، إلاّ أنّ الإمبريالية و عملاءها لم يفقدا أبدا دولة الإستعمار الجديد التى لم تخرج مطلقا عن سيطرتهم و إن خلع هذا الرئيس أو ذاك " القائد". فالجيش و الجهاز البوليسي و البيروقراطي و علاقات الإنتاج و القضاء و الإعلام والتبعية للإمبريالية و ما إلى ذلك ظلّت تحت سيطرتهم و تخدم مصالحهم و إن وقع تقديم بعض التنازلات و تغيير بعض الوجوه . و ما جرى فى تونس و مصر و ليبيا ليس سوى تغيير شكلي و تركيز لسلطة بدائل إمبريالية أكثر رجعية حتى معتمدة على القوى الدينية الظلامية لتوفير قاعدة إجتماعية أوسع و سدّ الباب أمام تطوّر القوى الثورية الحقيقية و إنتشار تأثيرها.
و قد نجحت الإمبريالية فى مساعيها لأسباب عدّة من ضمنها على وجه الخصوص غياب قيادة شيوعية حقيقية ، ثورية حقّا تنير للشعب السبيل الحقّ و تقوده للتحرّر من كافة ألوان الإضطهاد و الإستغلال القومي و الطبقي و الجندري و ترشده ليصنع التاريخ بتحطيم دولة الإستعمار الجديد و إرساء دولة الديمقراطية الجديدة ، و سلطة الدكتاتورية الديمقراطية الشعبية تمهيدا للثورة الإشتراكية فالشيوعية.
حينما توفّرت القيادة الشيوعية الثورية فى روسيا ، عرفت البشريّة منعرجا أوّلا هامّا مع ثورة أكتوبر 1917 و عرفت منعرجا ثانيا لا يقلّ عن الأوّل أهمّية بإنتصار ثورة الديمقراطية الجديدة بقيادة الحزب الشيوعي الصيني و على رأسه ماو تسى تونغ فى بلد يعدّ ربع البشرية ، وذلك سنة 1949 ، كما هزّت الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى العالم هزّا بين سنتي 1966و 1976 مستحدثة طريقة و وسيلة لمواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا و متقدّمة إلى أبعد حدّ بلغته الثورة البروليتارية العالمية فى سيرها نحو الشيوعية . و تحقّت فى ظلّ هذه التجارب الإشتراكية المجيدة مكاسبا تاريخية للطبقات الشعبية التى مسكت زمام المجتمع بأيديها بيد أن البرجوازية الجديدة - الناشئة فى الحزب و الدولة بفعل تناقضات المجتمع الإشتراكي بما هو مرحلة إنتقالية من الرأسمالية إلى الشيوعية - تمكّنت من الإطاحة بسلطة البروليتاريا و حوّلت الدول و الأحزاب البروليتارية إلى دول و أحزاب برجوازية ، سنة 1956 فى الإتحاد السوفياتي و سنة 1976 فى الصين ...
و اليوم مع عدم وجود أيّة دولة إشتراكية على كوكبنا ، و فى غياب هذه القيادة الشيوعية الثورية و البديل البروليتاري الثوري حقّا فى الأقطار العربية ، تتلاعب الإمبريالية و الرجعية بالإنتفاضات الشعبية و تلتفّ عليها بسهولة نسبيّة مستعينة فى ذلك بالإنتهازية و الإصلاحية المروّجتين للأوهام الديمقراطية البرجوازية ، و بالتالى لا يحدث أي تغيير ثوري جذري فى أوضاع الجماهير الشعبية و تواصل الإمبريالية و عملاؤها من الطبقات المهيمنة المحلية فى التحكّم فى مصير الشعب.
و من هنا هي مركزية مسألة إيجاد القيادة الشيوعية الثورية و تأسيس فبناء أحزاب شيوعية ماركسية- لينينية- ماوية كمحور للأسلحة السحرية الثلاثة أي الحزب و الجيش و الجبهة ، لتقود الشعب على درب حرب الشعب الوحيدة القادرة على تحطيم دولة الإستعمار الجديد و بناء دولة الديمقراطية الجديدة و سلطة الدكتاتورية الديمقراطية الشعبية كمرحلة تمهيدية للثورة الإشتراكية و أحد تيّاري الثورة البروليتارية العالمية و جزء لا يتجزّأ منها.
و ممّا لا شكّ فيه حقيقة أثبتها القرن العشرين و بداية القرن الواحد و العسرين ألا وهي أنّ التغيير الجذري التحرّري فعلا فى المستعمرات و أشباه المستعمرات و المستعمرات الجديدة – كما فى البلدان الرأسمالية -الإمبريالية- يستلزم الإستقلالية الفكرية و السياسية و التنظيمية للبروليتاريا لتقود الطبقات الثورية و أنّ غياب هذه الإستقلالية و التذيّل للقوى البرجوازية أو غيرها من القوى الرجعية مهما كانت التعلاّت التكتيكية و الإستراتيجية و التنظيرات الإنتهازية فى عصر الإمبريالية و الثورة الإشتراكية لن يؤدّي إلاّ إلى مغالطة الشعب و البروليتاريا و عدم التمكّن من القطع مع النظام الإمبريالي العالمي و عاجلا أم آجلا ستخضع أيّة حركة تحرّر وطني لا تقودها البروليتاريا بهدف إستراتيجي أسمى هو تحقيق الشيوعية عالميّا إلى القوانين المسيرة للنظام الإمبريالي العالمي فتقبل بالعمل فى إطاره بشكل أو آخر.
و مجدّدا لا أدلّ على كلامنا هذا من على سبيل المثال لا الحصر ما جدّ لحركات التحرّر الوطني عربيّا و عالميّا من ناحية و من ناحية ثانية ، حرب الشعب فى الهند بقيادة الحزب الشيوعي الهندي (الماوي) و حرب الشعب فى الفيليبين بقيادة الحزب الشيوعي الفيليبيني... فهناك يقود الشيوعيون الماويّون و منذ عقود الآن عملية تحطيم القديم و بناء الجديد التحرّري حقّا بأفق عالمي هو تحرير الإنسانية جمعاء من كافة أنواع الإستغلال و الإضطهاد القومي و الطبقي و الجندري.
--------------------
و مساهمة منّا فى النهوض بمهمّة جعل الماوية تقود الموجة / المرحلة الجديدة للثورة البروليتارية العالمية بتيّاريها ، الثورة الديمقراطية الجديدة فى المستعمرات و أشباه المستعمرات و المستعمرات الجديدة ؛ و الثورة الإشتراكية فى البلدان الإمبريالية ، نثابر على نشر النظرية و الممارسة الماوية عبر العالم واضعين نصب أعيننا من جهة ،مزيد توضيح الخطّ الثوري الشيوعي الماوي الأساس الذى ينبغى أن تقوم عليه الحركات الثورية لإيجاد الأسلحة السحرية الثلاثة ( الحزب الشيوعي و الجبهة الوطنية الديمقراطية و جيش التحرير الشعبي و الحزب محورها) ، و من جهة ثانية إستيعاب الماركسية- اللينينية - الماوية و رفع رايتها و تطبيقها و تطويرها خدمة لقضيتنا الأسمى ، الشيوعية و تحرير الإنسانية.
و فى هذا العدد العاشر من " الماوية : نظرية و ممارسة " ، تتمحور النصوص التى جمعناها حول إستراتيجيا الثورة البروليتارية فى أشباه المستعمرات و المستعمرات الجديدة و فى البلدان الإمبريالية وهو موضوع قد سبق و أن خاض فيه بيان الحركة الأممية الثوري لسنة 1984 غير أنّنا هنا نقدّم للقرّاء مثالين إثنين حيّين من التطبيقات العملية للخطّ الشيوعي الماوي.مثالنا الأوّل هو تركيا و الثورة الديمقراطية الجديدة اللازمة و الخطّ الذى رسمه الحزب الشيوعي الماوي ( تركيا وشمال كردستان) . و مثالنا الثاني الولايات المتحدة الأمريكية و الإستراتيجيا التى يطبّقها الحزب الشيوعي الثوري الأمريكي من أجل الثورة الإشتراكية فى قلب الغول الإمبريالي ، علما و أنّ هذين الحزبين الماويين من مؤسسي الحركة الأممية الثورية و الممضين على بيان 1984.( حينذاك كان الحزب الماوي التركي يحمل إسم "الحزب الشيوعي التركي (الماركسي-اللينيني)".)
فى خضمّ الصراع الضاري ضد التحريفية المعاصرة و تحت تأثير مباشر للثورة الثقافية البروليتارية الكبرى ، خاض الرفيق إبراهيم كايباكايا مع ثلّة من الشيوعيين الحقيقيين نضالا صارما لينقذ ما يمكن إنقاذه من الشيوعيين من براثن الإنتهازية و ليعيد تأسيس و بناء الحزب البروليتاري على قاعدة القطع مع التحريفية وإنطلاقا من نقد علمي لأطروحاتها فكانت النتيجة تأسيس الحزب الشيوعي التركي (الماركسي- اللينيني) سنة 1972 ثم إنشاء جيش العمّال و الفلاّحين لتحرير تركيا. لكن للأسف الشديد وقع إغتيال كايباكايا سنة 1973 وتلت ذلك حملات قمع إستطاعت أن تفكّك تقريبا أوصال الحزب فلم يقدر التنظيم أن يعقد أوّل ندوة مركزية له بعد ذلك إلاّ سنة 1978 و الثانية سنة 1981. و شهد الحزب نزاعات شديدة بين التيّارات. وإزداد الوضع سوءا مع إيقاف السكرتير العام سليمان سيهان و موته تحت التعذيب سنة 1983. فشهد الحزب إنقسامات تنظيمية و تقلّب فى المواقف الخاصة بالمهمّة المركزية إلخ . لكن منذ أواسط التسعينات و خاصة نهايتها تعزّز تيّار التوحيد على أساس الماوية و من ثمراته الأولى و الرئيسية سنة 2002 إنعقاد المؤتمر الأوّل للحزب الشيوعي التركي (الماركسي اللينيني) الذى صار يسمّى مذّاك الحزب الشيوعي الماوي (تركيا وشمال كردستان) ...
فى الجزء الأوّل من هذا العدد العاشر ، و نحن نحيى الرفيق إبراهيم كايباكايا كأحد أبرز قادة البروليتاريا التركية و العالمية و نعرّف بتجربة الشيوعيين الماويين فى تركيا و طريق الثورة الذى خطّه إبراهيم كايباكايا و طبّقه عمليّا قائدا حرب الشعب التى إنطلقت منذ السبعينات و لم تتوقّف إلى يومنا هذا و إن شهدت تموّجات فى تطوّرها، تقدّم و تراجع و من أهمّ الخسائر التى منيت بها الثورة هناك فى المدّة الأخيرة ، قتل 17 ماويّا و غالبيتهم من القياديين فى جوان 2006 بينما كانوا فى طريقهم لعقد المؤتمر الثاني للحزب الشيوعي الماوي (تركيا و شمال كردستان)، و نحن نعرّف بالتجربة و الخطّ الشيوعي الماوي ، ضمّننا هذا العدد وثيقة خاصّة بنقد الغيفارية لنشدّد على أنّ الماوية تمثّل الخطّ البروليتاري و حرب الشعب الثورية و أنّ الغيفارية فى الواقع ضرب من ضروب التحريفية المسلّحة لا غير.
أمّا الجزء الثاني الذى أفردناه للثورة الإشتراكية ، فنعرض فيه وثيقة أولى تلخّص إستراتيجيا الثورة فى الولايات المتحدة الأمريكية حسب الحزب الشيوعي الثوري الأمريكي ، و وثيقة ثانية فى منتهى الأهمّية حيث هي الأولى من نوعها التى تتقدّم بمقترح دستور للجمهورية الإشتراكية فى المستقبل وهي " دستور الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا (مشروع مقترح)". ( و من يودّ التعمّق فى خطّ الحزب الشيوعي الثوري الأمريكي ، يجد فى العدد التاسع من " الماوية: نظرية و ممارسة " ما قد يفى بالغرض) .و إلى الوثيقتين أضفنا ثالثة- كملحق- للشيوعيين الثوريين الألمان ، رفاق شيوعيون ماويون فى ألمانيا يسعون إلى تأسيس حزب شيوعي ماوي هناك ، وهي الأخرى فى غاية الأهمّية إذ هي تعالج مسألة شائكة فى تاريخ الحركة الشيوعية العالمية و فى صراعات الشيوعية الثورية ضد التحريفية المعاصرة بكافة تنويعاتها ، مسألة الديمقراطية و دورها فى المجتمع الإشتراكي المستقبلي ، من وجهة نظر بروليتارية ثورية.
--------------------
مقتطفان من " بيان الحركة الأممية الثورية " لسنة 1984
( العدد الأوّل من " الماوية : نظرية و ممارسة " – علم الثورة البروليتارية العالمية : الماركسية-اللينينية-الماوية " شادي الشماوي ، موقع الحوار المتمدّن على الأنترنت)
(1) " حول تياري الثورة البروليتارية :
لقد قام لينين، منذ زمن طويل، بتحليل إنقسام العالم إلى حفنة من الدول الرأسمالية المتقدمة من جهة و عدد هائل من الأمم المضطهَدة من جهة أخرى و التى تشكل الجزء الأكبر من أراضي و شعوب العالم و التى يقوم الإمبرياليون الطفيليون بنهبها و إبقائها قسرا فى حالة من التبعية و التخلف . و إنطلاقا من معاينة الوضع برزت الأطروحة اللينينية التى أكدها التاريخ منذ ذلك الحين و القائلة بأن الثورة البروليتارية العالمية تتكون بصفة رئيسية من تيارين إثنين هما الثورة الإشتراكية- البروليتارية التى تنجزها البروليتاريا و حلفاؤها فى المراكز الإمبريالية و الثورة الوطنية التحررية (أو الديمقراطية الجديدة ) التى تنجزها الشعوب و الأمم التى ترزح تحت نير الإمبريالية . إن الإستراتيجيا الثورية فى عصر الإمبريالية تقوم جوهريا ( واليوم أيضا ) على التحالف بين هذين التيارين الثوريين .
لقد شكل نضال الأمم و الشعوب المضطهَدة ، منذ الحرب العالمية الثانية، أهم منطقة لعواصف الثورة العالمية . فقد كان ثمن الإزدهار و الإستقرار و "الديمقراطية " فى العديد من البلدان الإمبريالية تقوية الإستغلال و بؤس الجماهير فى البلدان المضطهَدة . أما ظهور الإستعمار الجديد فلم ينه المسألة الوطنية و الإستعمارية على الإطلاق بل زاد من إخضاع أمم و شعوب بأكملها حسبما يقتضيه رأس المال العالمي مما أدى إلى نشوب سلسلة كاملة من الحروب الثورية ضد الهيمنة الإمبريالية .
و اليوم فإن إحتداد التناقضات فى المستوى العالمي يبرز إمكانيات جديدة لصالح هذه الحركات و لكن يضطرها فى نفس الوقت لمواجهة عراقيل و مهام جديدة . ورغم محاولات القوى الإمبريالية (ببعض النجاح ) لتخريب أو تشتيت النضالات الثورية للجماهير المضطهَدة – و خصوصا بغية تحويلها إلى أدوات للتنافس بين الإمبرياليين – فإن تلك النضالات ما زالت تكيل الضربات القوية للنظام الإمبريالي و تعجل بتطوّر أفاق الثورة فى العالم قاطبة .
لقد تميزت الفترة التى أعقبت الحرب العالمية الثانية فى الدول الإمبريالية للمعسكر الغربي بوجود وضع غير ثوري يعكس الإستقرار النسبي للأنظمة الإمبريالية فى تلك البلدان و ذلك بإرتباط وثيق بالإستغلال المكثف للشعوب المضطهَدة من قبل تلك القوى الإمبريالية .و لكن الظروف الآن ملائمة للثورة أكثر من أي وقت مضى فى الماضي القريب .و يثبت التاريخ أن الأوضاع الثورية فى مثل هذه البلدان نادرة و أن ظهورها يقترن بصفة عامة بمرحلة إحتداد التناقضات العالمية إلى أقصى درجة مثلما يتميز به الوضع الذى يتشكل اليوم على المستوى العالمي.
إن النضالات الثورية للجماهير التى إنطلقت فى جل البلدان الإمبريالية الغربية و خاصة خلال الستينات أثبتت بوضوح إمكانية حدوث ثورات بروليتارية فى هذه البلدان حتى و إن كانت الظروف فى تلك الفترة غير ناضجة بما فيه الكفاية لإفتكاك السلطة و رغم تراجع تلك الحركات مع الإنحسار العام فى الحركة العالمية . و اليوم فإن الإحتداد المتزايد للوضع العالمي ينعكس أكثر فأكثر داخل تلك البلدان بالذات ما يشهد عليه مثلا قيام تمردات هامة للشرائح البروليتارية الأكثر فقرا فى بعض البلدان الإمبريالية و كذلك تطور حركة قوية مضادة للإستعدادات الإمبريالية للحرب تشمل عدة بلدان و تضم جناحا ثوريا .
أما فى البلدان الرأسمالية و الإمبريالية للمعسكر الشرقي فقد ظهرت تصدعات و إنشقاقات هامة على الهيكل المستقر نسبيا للأنظمة الرأسمالية لبرجوازية الدولة . ففى بولونيا تمردت البروليتاريا و فئات جماهيرية أخرى ووجهت ضربات قوية للنظام القائم . و فى هذه البلدان تتطوّر أيضا آفاق الثورة البروليتارية و سوف تزداد نموّا مع تطور و إحتداد التناقضات العالمية .
إنه من الهام أن تربى العناصر الثورية فى هذين النوعين من البلدان بحيث تفهم طبيعة التحالف الإستراتيجي بين الحركة الثورية البروليتارية فى البلدان المتقدمة و الثورات الوطنية الديمقراطية فى الأمم المضطهَدة .ولا يزال الموقف الإشتراكي الشوفيني الذى ينكر أهمية النضال الثوري للشعوب المضطهَدة أو قدرتها على المضي نحو تحقيق الإشتراكية فى ظل قيادة البروليتاريا و قيادة حزب ماركسي-لينيني-ماوي حقيقي، لا يزال يمثل إنحرافا خطيرا يجب مواصلة محاربته. و من مظاهر هذا الإتجاه المؤذى موقف التحريفيين المعاصرين بقيادة الإتحاد السوفياتي الذى يزعم أن نضال التحرر الوطني لا يستطيع النجاح إلا إذا كان يتمتع بالمساعدة التى يقدمها له "حليفه الطبيعي"، الإمبريالي ، و كذلك موقف التروتسكيين الذين ينكرون مبدئيا إمكانية تحويل الثورة الوطنية الديمقراطية إلى ثورة إشتراكية . و من جهة ثانية، نجد إنحرافا آخر تسبب فى طرح مشاكل هامة فى الفترة الأخيرة : وهو الإنحراف المتمثل فى عدم الإعتراف بإمكانية ظهور أوضاع ثورية فى البلدان المتقدمة أو إعتبار أن مثل هذه الأوضاع الثورية لا يمكن أن تبرز إلا كنتيجة مباشرة لما تحرزه حركات التحرر الوطني من تقدم . إن هذين الإنحرافين يستنزفان قوة البروليتاريا الثورية لأنهما لا يأخذان بعين الإعتبار الظرف العالمي الآخذ فى التشكل و ما ينجر عن ذلك من فرص للتعجيل بالثورة فى مختلف أنواع البلدان و على المستوى العالمي . "
========================
( 2 ) " المهام فى المستعمرات و أشباه المستعمرات (أو المستعمرات الجديدة ) :
لقد مثلت البلدان المستعمرة و شبه المستعمرة ( أو المستعمرات الجديدة ) الرازحة تحت النير الإمبريالي المسرح الرئيسي للنضال العالمي للبروليتاريا منذ الحرب العالمية الثانية و حتى يومنا هذا . و لقد تمكننا خلال هذه الفترة من مراكمة تجربة واسعة فى النضالات الثورية بما فى ذلك بالنسبة للمسائل التى تطرحها الحرب الثورية فتكبدت الإمبريالية هزائما خطيرة جدا و فازت البروليتاريا بإنتصارات مؤكدة وصلت إلى إقامة بلدان إشتراكية .و من جهة أخرى، عرفت الحركة الشيوعية تجربة وضعيات قاسية خاضت خلالها الجماهير الثورية لهذه البلدان نضالات بطولية و حتى حروب تحرير وطنية دون أن يؤدي ذلك إلى أن تتمكن البروليتاريا و حلفاؤها من الفوز بالسلطة السياسية و إنما تمكّن خلالها مستغِلون جدد مرتبطون عادة بقوة إمبريالية معينة (أو بعدد من هذه القوى ) من الإستحواذ على ثمار إنتصارات شعبية ويبين كل ذلك أن القيام بتقييم المظاهر الإيجابية و السلبية للعشرات العديدة من السنوات من التجربة الثورية فى هذا النوع من البلدان يمثل مهمّة هامة جدا بالنسبة للحركة الشيوعية العالمية .
و لا تزال النظرية التى بلورها ماو تسى تونغ خلال السنوات الطويلة للحرب الثورية فى الصين تمثل المرجع الأساسي لصياغة الإستراتيجيا و التكتيك الثوريين فى البلدان المستعمرة و شبه المستعمرة أو المستعمرات الجديدة . فى هذه البلدان تمثل الإمبريالية الأجنبية و كذلك البرجوازية البيروقراطية "والكمبرادورية " و الإقطاعيون- بإعتبار الطبقتين الأخيرتين طبقات تابعة و مرتبطة بقوة بالإمبريالية- مرمى الثورة (هدفها ). و تعبر الثورة فى هذه البلدان مرحلتين : ثورة أولى هي الثورة الديمقراطية الجديدة التى تؤدي مباشرة فيما بعد إلى ثورة ثانية هي الثورة الإشتراكية . و طبيعة و هدف و مهام المرحلة الأولى من الثورة تخوّل للبروليتاريا وتقتضى منها إقامة جبهة واسعة متحدة تجمع كل الطبقات و الشرائح الإجتماعية التي يمكن كسبها لمساندة برنامج الديمقراطية الجديدة .و مع ذلك ، فإن البروليتاريا تسعى إلى بناء هذه الجبهة المتحدة بما يتفق مع مبدأ تطوير و دعم قواها الذاتية المستقلة وهو ما يستتبع مثلا أنه على البروليتاريا أن تكون لها قواتها المسلحة الخاصة متى حتمت الظروف ذلك و أنه عليها أن تفرض دورها القيادي تجاه قطاعات الجماهير الثورية خاصة تجاه الفلاحين الفقراء. و يتخذ هذا التحالف كمحور أساسي له تحالف العمال مع الفلاحين كما يجب أن تحتل الثورة الزراعية (أي النضال ضد الإستغلال شبه الإقطاعي فى الريف و /أو شعار " الأرض لمن يفلحها") مكانة مركزية فى برنامج الديمقراطية الجديدة .
فى هذه البلدان ، تتعرض البروليتاريا و الجماهير إلى إستغلال قاس وتمارس ضدها بإستمرار الإهانات الراجعة إلى الهيمنة الإمبريالية وتكرّس الطبقات المسيطرة دكتاتوريتها عامة بصورة مباشرة و عنيفة و تكون هذه الدكتاتورية مقنعة بالكاد حتى حينما تستعمل هذه الطبقات شكل النظام الديمقراطي البرجوازي أو البرلماني . و كثيرا ما تدفع هذه الوضعية البروليتاريا و الفلاحين و قطاعات جماهيرية أخرى إلى خوض نضالات ثورية و تتخذ هذه النضالات فى عديد الأحيان شكل النضالات المسلحة . ولكل هذه الأسباب ( بما فى ذلك واقع أن التطور المشوّه و غير المتوازن أبدا يخلق صعوبات جمّة للطبقات الرجعية التى تجد صعوبة فى الحفاظ على إستقرار أنظمتها و فى توطيد سلطتها فى كل أنحاء البلاد و أرجاءها ) كثيرا ما تتخذ الثورة شكل الحرب الثورية الطويلة الأمد تتمكن من خلالها القوى الثورية من النجاح فى إقامة شكل من أشكال قواعد الإرتكاز فى الريف و فى تطبيق الإستراتيجية الأساسية المتمثلة فى محاصرة المدن إنطلاقا من الريف .
و من أجل تتويج ثورة الديمقراطية الجديدة، يترتب على البروليتاريا أن تحافظ على دورها المستقل و أن تكون قادرة على فرض دورها القائد فى النضال الثوري وهو ما تقوم به عن طريق حزبها الماركسي -اللينيني-الماوي . و قد بينت التجربة التاريخية مرارا و تكرارا أنه حتى إذا ما إشتركت فئة من البرجوازية الوطنية فى الحركة الثورية فإنها لا تريد (ولا تستطيع ) قيادة ثورة الديمقراطية الجديدة و من البداهة إذا ألآ توصلها إلى نهايتها. كما بينت التجربة التاريخية أن "جبهة معادية للإمبريالية " (أو "جبهة ثورية " أخرى من هذا القبيل ) لا يقودها حزب ماركسي-لينيني – ماوي لا تؤدى إلى نتيجة حتى إذا ما كانت هذه الجبهة ( أو بعض القوى المكوّنة لها ) تتبنى خطا "ماركسيا" معينا أو بالأحرى ماركسيا كاذبا . و بالرغم من أن هذه التشكيلات الثورية قد قادت أحيانا معاركا بطولية بل و سدّدت ضربات قوية للإمبريالية ، فإنها أظهرت أنها عاجزة على المستوى الإيديولوجي و التنظيمي ،عن الصمود أمام التأثيرات الإمبريالية و البرجوازية. و حتى فى الأماكن التى تمكّنت فيها هذه العناصر من إفتكاك السلطة، فإنها بقيت عاجزة عن تحقيق تغيير ثوري كامل للمجتمع فإنتهت جميعا ،إن عاجلا أم آجلا ، بأن قلبتها الإمبريالية أو أن تحولت هي نفسها إلى نظام رجعي جديد يعمل اليد فى اليد مع الإمبرياليين .
و يمكن للحزب الشيوعي فى الوضعيات التى تمارس فيها الطبقات المسيطرة ديكتاتورية عنيفة أو فاشية أن يستغل التناقضات التى يخلقها هذا الوضع بما يدعم الثورة الديمقراطية الجديدة و أن يعقد إتفاقات أو تحالفات مؤقتة مع عناصر من طبقات أخرى . و لكن هذه المبادرات لا يمكن لها أن تنجح إلا إذا واصل الحزب المحافظة على دوره القيادي و إستعمل هذه التحالفات فى النطاق المحدّد بمهمته الشاملة و الرئيسية و المتمثلة فى إنجاح الثورة ، دون أن يحوّل النضال ضد الديكتاتورية إلى مرحلة إستراتيجية للثورة بما أن محتوى النضال المعادي للفاشية ليس إلا محتوى الثورة الديمقاطية الجديدة
ويتعين على الحزب الماركسي -اللينيني- الماوي لا فقط أن يسلّح البروليتاريا و الجماهير الثورية بوسائل فهم طبيعة المهمّة الموكولة للإنجاز مباشرة (إنجاح الثورة الديمقراطية الجديدة ) و الدور و المصالح المتناقضة لممثلى مختلف الطبقات (الصديقة أو العدوّة ) و لكن أيضا أن يفهمهم ضرورة تحضير الإنتقال إلى الثورة الإشتراكية وواقع أن الهدف النهائي يجب أن يكون الوصول إلى الشيوعية على مستوى العالم .
ينطلق الماركسيون –اللينينيون- الماويون من مبدإ أن على الحزب أن يقود الحرب الثورية بما يجعلها حرب جماهير حقيقية . و يجب عليهم حتى خلال الظروف العسيرة التى تفرضها الحرب أن يعملوا على تربية واسعة للجماهير و مساعدتها على بلوغ مستوى أرقى نظريا و إيديولوجيا و من أجل ذلك يتوجب تأمين نشر و تطوير صحافة شيوعية منتظمة الصدور و العمل على أن تدخل الثورة الميادين الثقافية .
فى البلدان المستعمرة و شبه المستعمرة ( أو المستعمرات الجديدة )، تمثّل الإنحراف الرئيسي فى الفترة الأخيرة (و لا تزال) فى الميل إلى عدم الإعتراف أو إنكار هذا التوجه الأساسي للحركة الثورية فى مثل هذه البلدان : الميل إلى إنكار الدور القيادي للبروليتاريا و للحزب الماركسي -اللينيني- الماوي و إلى رفض أو تشويش إنتهازي لنظرية حرب الشعب و إلى التخلى عن بناء جبهة متحدة على أساس تحالف العمال و الفلاحين تقودها البروليتاريا .
و قد تجلى هذا الإنحراف التحريفي فى الماضي فى شكل "يساري " أو فى شكل يميني مفضوح . و لطالما نادى التحريفيون الجدد ب " الإنتقال السلمي للإشتراكية " (و خصوصا إلى حدود الماضى القريب ) و سعوا إلى دعم القيادة البرجوازية فى نضالات التحرر الوطني و لكن هذه التحريفية اليمينية التى لا تخفى سياستها الإستسلامية ، كانت دائما ما تجد صداها فى شكل آخر للتحريفية تتقاطع معها اليوم أكثر فأكثر : نوع من التحريفية المسلحة " اليسارية " تدعو لها فيمن يدعو لها ، من حين لآخر القيادة الكوبية و تؤدى إلى سحب الجماهير بعيدا عن النضال المسلح و التى تدافع عن فكرة دمج كل مراحل الثورة و عدم القيام إلا بثورة واحدة، ثورة إشتراكية مزعومة. و تؤدى هذه السياسة عمليا إلى محاولة دفع البروليتاريا إلى أفق محدود جدا و إلى إنكار واقع أن على الطبقة العاملة أن تقود الفلاحين و قوى أخرى وأن تسعى بذلك إلى تصفية كاملة للإمبريالية و للعلاقات الإقتصادية و الإجتماعية المتخلفة و المشوّهة التى يتمّعش منها رأس المال الأجنبي و التى يجتهد فى تدعيمها . و يمثل هذا الشكل من التحريفية اليوم واحدة من الوسائل الرئيسية التى يستعملها الإمبرياليون الإشتراكيون للإندساس فى نضالات التحرر الوطني و مراقبتها .
ويجب على المارسكيين-اللينينيين -الماويين ، حتى يمكّنوا تطور الحركة الثورية فى المستعمرات و أشباه المستعمرات (أو المستعمرات الجديدة ) من إتخاذ توجه صحيح ، أن يواصلوا تكثيف النضال ضد كلّ أشكال التحريفية و الدفاع عن إسهامات ماو بإعتبارها أساسا نظريا ضروريا من أجل تحليل عميق للظروف الملموسة و بلورة خط سياسي مناسب فى مختلف البلدان من هذا النوع .
و من الواجب فى نفس الوقت تسجيل بعض الإنحرافات الأخرى الثانوية هذه المرة التى ظهرت داخل القوى الثورية الحقيقية التى إجتهدت فى تطبيق خط ثوري فى المستعمرات و البلدان التابعة.
و يجب أولا ملاحظة أن البلدان التى تجمع الأمم المضطهَدة فى أفريقيا و آسيا و أمريكا اللاتينية لا تمثّل كتلة واحدة وحيدة متجانسة بل تشمل إختلافات هامة فى تركيبتها الطبقية و فى شكل الهيمنة الإمبريالية و فى مواقعها من الوضع العالمي فى مجمله . و لايمكن للميول نحو عدم القيام بتحليل عميق ، تحليل علمي ، لهذه المسائل و نقل ميكانيكي للتجربة السابقة للبروليتاريا العالمية أو عدم الأخذ بنظر الإعتبار التحولات التى حدثت فى الوضع العالمي و أوضاع البلدان الخاصة إلا أن تضر بقضية الثورة و أن تضعف القوى الماركسية -اللينينية- الماوية.
فى الستينات وفى بداية السبعينات، إلتحقت القوى الماركسية-اللينينية- الماوية فى عدد كبير من البلدان (القوى التى كانت تأثرت بالثورة الثقافية فى الصين و التى كانت تمثل جزءا من الهبة الثورية التى كانت تمسح العالم آنذاك ) ببعض قطاعات الجماهير لخوض الكفاح الثوري المسلح .
و تمكنت القوى الماركسية -اللينينية - الماوية ، فى عديد البلدان ، من تجميع جزء معتبر من السكان تحت راية الثورة و من تأمين إنقاذ الحزب الماركسي -اللينيني- الماوي و القوات المسلحة الشعبية رغم قمع رجعي دموي . وطبعت هذه المحاولات الأولى لبناء أحزاب ماركسية-لينينية- ماوية جديدة و شنّ الكفاح المسلح بالضرورة بصبغة بدائية معيّنة مبرزة لبعض النواقص الإيديولوجية و السياسية و من البديهي أن لا غرابة فى أن الإمبرياليين و التحريفيين قد قفزوا على هذه الأخطاء و النواقص من أجل إدانة الثوريين ناعتينهم ب"اليساريين" أو أنكى . و مع ذلك تستحق هذه المبادرات عامة الدفاع عنها بإعتبارها عناصر هامة من إرث الحركة الماركسية -اللينينية- الماوية ساعدت على وضع أسس تقدم لاحق .
و كقاعدة عامة، تجد بلدان أفريقيا و آسيا و أمريكا اللاتينية المضطهَدة نفسها بإستمرار فى حالة وضع ثوري ولكن من الهام فهم معنى ذلك فهما جيدا : لا يتبع الوضع الثوري مسارا مستقيما بل يشمل حركات مدّ وجزر و على الأحزاب الشيوعية أن لا يغيب عن أنظارها هذا الجانب من المسألة . عليها ألا تنظر إلى المسائل بصفة إحادية الجانب و تؤكد أن تفجير الحرب الشعبية و الإنتصار النهائي فى هذه الحرب لا يرتبطان إلا بالعمل الذاتي ( أي عمل الشيوعيين ) فى هذه الحرب و هي طريقة فى النظر إلى الأشياء تنسب عادة إلى" اللينبياوية ". ورغم أن شكلا معينا للنضال المسلح يكون عموما مجديا و ضروريا لتحقيق مهام الصراع الطبقي فى كل الأوقات فى مثل هذه البلدان ، فإنه يمكن أن يكون الكفاح المسلح شكل النضال الرئيسي فى بعض الأحيان و أحيانا أخرى تكون الحالة غير تلك .
و عندما تكون الوضعية الثورية فى فترة جزر ، فإنه يتوجب على الأحزاب الشيوعية أن تجد التدابير التكتيكية الواجب إستعمالها فى هذه الوضعية و ألا تندفع فى مبادرات يدفعها نحوها التسرّع و نفاذ الصبر . ولا يجب فى مثل هذه الوضعية الإخلال بواجب القيام بالتحضيرات اللازمة (سياسيا و تنظيميا ) من أجل حرب الشعب طويلة الأمد .و فى إنتظار أن تكون الظروف مواتية لتقدّم جديد ، يتوجب إيجاد أشكال متنوّعة للنضال و التنظيم تتلاءم مع الظروف الملموسة حتى نسرّع وتيرة تطوّر الثورة . و من الضروري محاربة كل وجهات النظر الخاطئة التى تسعى إلى تأخير الكفاح المسلح (أو إستعمال شكل معيّن من الكفاح المسلح ) حتى تصبح الظروف ملائمة للكفاح الثوري المسلح من أدنى البلد إلى أقصاها .فهذه الطريقة فى النظر إلى الأشياء تنفى أن الثورة و الوضعيات الثورية لا تتطوّر بصفة منتظمة فى هذه البلدان وهي على تناقض تام مع توجه ماو الذى تعبر عنه مقولته : " رب شرارة أحرقت سهلا" . و من الهام أيضا تسجيل أن الوضع العالمي فى مجمله يؤثر على سيرورة الثورة فى بلد معين و عدم أخذ ذلك بعين الإعتبار يؤدى إلى أن يكون الماركسيون -اللينينيون- الماويون على غير أهبة لإقتناص الفرص التى تتاح عندما يسبب توالى الأحداث على الصعيد العالمي تسارعا فى السيرورة الثورية .
و اليوم يفرض التطوّرالمتنامى لخطر حرب عالمية جديدة على الأحزاب و المنظمات الماركسية -اللينينية- الماوية فى المستعمرات الجديدة أن تتصدى كذلك لمهمّة ملحّة وهي الإعتناء بالنضال ضد الحرب الإمبريالية. و على الشيوعيين أن يأخذوا بعين الإعتبار إحتمال جرّ عدد هام من البلدان إلى هذه الحرب بين الإمبرياليين بإعتبار الموقع الذى تحتله تجاه مختلف الكتل الإمبريالية و على الأحزاب الشيوعية ان تتبيّن مختلف الأوضاع الملموسة الممكن بروزها بفعل هذه الحرب و أن تبلور تفكيرا يأخذ بعين الإعتبار مختلف هذه الإمكانيات . إن وعي الجماهير فى هذه البلدان بخطر الحرب الإمبريالية و تبعاتها هو عموما منقوص و من واجب الماركسيين –اللينينيين- الماويين تربيتهم فى هذا المجال والواجب الأهم بالنسبة للماركسيين –اللينينيين- الماويين فى حالة الحرب الإمبريالية هو محاولة الإستفادة من الفرص المواتية المتولّدة عن هذه الحرب بما يكثف النضال الثوري ،و يحوّل الحرب الإمبريالية إلى حرب ثورية ضد الإمبريالية و الرجعية.
لقد لاحظ نداء 1980 أن :
" هنالك توجه لا يمكن إنكاره لدى الإمبريالية لإدخال عناصر هامة من العلاقات الرأسمالية فى البلدان التى تسيطر عليها و لقد حصل هذا التطوّر الرأسمالي فى بعض البلدان التابعة إلى الحدّ الذى لا يصحّ معه وصف هذه البلدان بانها شبه إقطاعية فيكون الأصوب إعتبارها بلدانا يغلب عليها الطابع الرأسمالي رغم وجود إمكانية العثور فيها على عناصر هامة و بقايا علاقات إنتاج شبه إقطاعية تجد إنعكاسا لها فى البنية الفوقية "
وينبغى فى مثل هذه البلدان القيام بتمحيص ملموس لهذه الظروف و إستخلاص الإستنتاجات المناسبة فى خصوص الطريق الواجب إتباعها و المهام و طبيعة و مواقع القوى الطبقية و فى كل الحالات تبقى الإمبريالية هدفا للثورة .
و لا يزال تحليل تبعات تنامى العلاقات الرأسمالية فى البلدان التى تهيمن عليها الإمبريالية يمثل مهمّة هامة للحركة العالمية ، بما فى ذلك الحالة الخاصة للبلدان المضطهَدة الممكن تسميتها بالبلدان "يغلب عليها الطابع الرأسمالي " و يمكننا بالرغم من ذلك تقديم بعض الإستنتاجات الهامة فى هذا الموضوع بعدُ(منذ الآن ) .
إن الفكرة القائلة بأن ترابط الإستقلال السياسي الشكلي مع الحقن الهام للعلاقات الرأسمالية قد نفى ضرورة قيام ثورة الديمقراطية الجديدة فى معظم (أو حتى فى عدد كبير) من البلدان التى وقعت ماضيا تحت الهيمنة المباشرة للإمبريالية ، هي فكرة خاطئة و خطيرة .إن هذه النظرة التى يقدّمها تروتسكيون متنوّعون و إشتراكيون ديمقراطيون و نقاد برجوازيون صغار للماركسية الثورية تؤدى إلى القول بعدم وجود فرق ذى طبيعة نوعية بين الإمبريالية و الأمم المضطهَدة من قبل الإمبريالية و إذا و بضربة واحدة إلى فسخ واحدة من أهم خصائص كل عصر الإمبريالية .
فى الواقع ، تواصل الإمبريالية عرقلة قوى الإنتاج فى البلدان التى تستغلها و لا يؤدى مستوى " التطوّر " الرأسمالي المعين (الهام إلى هذا الحد أو ذاك ) الذى تدخله الإمبريالية لا شك فى ذلك إلى تطوير السوق الوطنية المتجانسة أو نظام إقتصادي رأسمالي من النوع " الكلاسيكي" فتطوّر هذه البلدان مختلّ بالكامل و تابع للرأسمال الأجنبي و يخدم مصالح هذا الأخير. و على الثورة فى مرحلتها الأولى أن تبقى على الإمبريالية الأجنبية كهدف لها حتى فى البلدان المضطهَدة التى "يغلب عليها الطابع الرأسمالي " و كذا العناصر التى تمثل ركائز الإمبريالية فى الداخل . و بالرغم من أن الثورة فى هذه البلدان ستتبع عادة مسارا مختلفا عن مسار الثورة فى البلدان التى تهيمن فيها العلاقات شبه الإقطاعية ، فإنه من الواجب كقاعدة عامة أن تمر الثورة بمرحلة معادية للإمبريالية و ديمقراطية قبل أن تتمكن من بدء الثورة الإشتراكية .
و يطرح نمو مستوى التطور الرأسمالي فى بعض البلدان المضطهَدة مشكلا هاما جدا فى خصوص الأهمية النسبية للمدن بالنسبة للريف على المستويين السياسي و العسكري . وفى بعض هذه البلدان من الصائب أن يفجر الكفاح المسلح بدءا بالإنتفاضات فى المدن و عدم إتباع الرسم القائل بمحاصرة الريف للمدن . بالإضافة إلى ذلك و حتى فى البلدان التى يتبع فيها طريق الثورة محاصرة الريف للمدن يمكن أن تظهر وضعيات تندلع فيها تمردات جماهيرية تؤدى إلى إنتفاضات فى المدن و على الحزب أن يكون مستعدا للإستفادة من هذه الوضعيات فى نطاق إستراتيجيته الشاملة . و فى كلتا الحالتين يرتبط نجاح الثورة إلى حدّ بعيد بقدرة الحزب على تعبئة الفلاحين و دفعهم إلى المساهمة فى هذه الثورة تحت قيادة البروليتاريا .
بإعتبار أن جهاز الدولة المركزي قد نصب فى هذه البلدان حتى قبل أن تعرف" تطورا رأسماليا" ، فإن أغلب البلدان شبه المستعمرة أو المستعمرات الجديدة تشمل تشكيلات متعددة القوميات و كثيرا ما يكون جهاز الدولة نفسه مخلوقا من قبل الإمبرياليين أنفسهم .و بالإضافة إلى ذلك ، فإن رسم حدود هذه البلدان كان نتيجة الإحتلالات والمؤامرات الإمبريالية . و هكذا نجد أمما مضطهَدة و فوارق قومية و إضطهادا قوميا شرسا حتى داخل البلدان المضطهَدة من قبل الإمبرياليين . و لا تقتصر، فى عصرنا هذا، المسألة الوطنية على مشكل داخلي لبلدان معينة بل تجد نفسها مرتبطة بمسألة الثورة الإشتراكية العالمية و عليه فإن حلّ المسألة خاضع مباشرة لنجاح النضال ضد الإمبريالية و فى هذا الإطار ، على الماركسيين –اللينينيين-الماويين المناداة بحق تقرير المصير للأمم المضطهَدة فى أشباه المستعمرات المتعدّدة القوميات .
و هكذا يمكن أن نقول إن للماركسيين –اللينينيين- الماويين ، فى المستعمرات و أشباه المستعمرات، مهمّة مزدوجة يقومون بها على الجبهة السياسية و الإيديولوجية فعليهم من جهة مواصلة الدفاع و نشر تطوير تعاليم ماو الأساسية حول طبيعة و مسار الثورة فى هذا النوع من البلدان و عليهم أيضا الدفاع عن و محاولة التقدم على الأسس الموضوعية التى أرستها المبادرات الثورية التى طبعت "السنوات المجنونة " (إستعارة لتعبير لينين) للستينات و من جهة أخرى على الشيوعيين الثوريين التدليل على حضور الفكر النقدي الماركسي من أجل تحليل كل من تجربة الماضي و الوضعية الحالية و التغييرات التى يمكن أن تطرأ على سير الثورة فى هذه البلدان.
المهام فى البلدان الإمبريالية :
يمكننا أن نستعيد صيغة نداء 1980 : " تبقى ثورة أكتوبر المرجع الأساسي للإستراتيجية و التكتيك الماركسي-اللينيني" فى البلدان الإمبريالية .و علينا تأكيد ذلك و تعميقه إذ أن المبادئ الأساسية للينينية و الخاصة بإعداد الثورة البروليتارية و إنجازها فى البلدان الإمبريالية قد بقيت لوقت طويل تحت ركام من التشويهات التحريفية .
ولقد أكد لينين بكثير من الصواب أهمية أن يطوّر الشيوعيون فى صفوف العمال حركة سياسية واسعة النطاق تكون قادرة حالما تسمح الظروف بذلك ،على توجيه إنتفاضة القوى الإجتماعية الثورية ضد سلطة الدولة الرجعية . كما أن لينين لاحظ بكثير من الصواب بأن حركة ثورية من هذا النوع لا يمكن لها أن تنبثق بعفوية من خلال نضالات العمال الإقتصادية من أجل عيشهم اليومي و أن هذا النوع من النضالات لا يمثل الحقل الأكثر أهمية لتطوير نشاط ثوري . و قد قدم لينين أطروحة أن على الثوريين أن "يحيدوا "بالحركة العفوية للجماهير لإخراجها من الطريق الضيقة جدا التى تعتنى بشروط العيش و بيع قوة العمل و من أجل النجاح فى جعل هذه الحركة العفوية "تحيد" ، يجب إعطاء العمال عناصر وعي سياسي طبقي تأتي من "خارج " المدار الضيق لتجاربهم اليومية خاصة بفضل التشهير السياسي و تحاليل كل الأحداث العامة فى كل ميادين المجتمع ، فى الميدان السياسي و الثقافي و العلمي إلخ . و لن يتشكل قطاع من البروليتاريا ذو وعي سياسي طبقي إلا بهذه الطريقة فيجّمع بروليتاريين واعين بمهامهم الثورية و بطبيعة دور كل القوى الطبقية الأخرى فى المجتمع .
كما أن لينين شدّد أيضا على أن الدعاية و التحريض مهما كانا هامين فإنهما غير كافيين . فلن تتمكن الجماهير من تطويرعميق لوعيها الثوري و من تعلم النضال إلا من خلال الصراع الطبقي ، خاصة من خلال النضال السياسي و الثوري. و بهذه الطريقة ، بالتزامن مع نشاط شيوعي واسع النطاق، تتمكن الجماهير من التعلم إنطلاقا من تجاربها الخاصة و أن تتربي فى أوار الصراع الطبقي .
وبعيدا عن أن يكون داعية "للوحدة الصماء للطبقة العاملة " بّين لينين أن الإمبريالية تؤدى لا محالة إلى " تغييرفى العلاقات الطبقية " إلى إنقسام فى صلب الطبقة العاملة فى البلدان الإمبريالية بين البروليتاريا المضطهَدة و المستغَلة من جهة و بين شريحة عليا من العمال يقاسمون البرجوازية غنيمتها و يعملون اليد فى اليد معها .
و قد تصدى لينين بضراوة أيضا لكل الذين سعوا ، بهذه الطريقة أو تلك ، إلى دمج مصالح البروليتاريا فى مصالح برجوازيت"هم " الإمبريالية . و ناضل بلا هوادة من أجل خط الإنهزامية الثورية فيما يخص الحروب الإمبريالية و لم يكن إطلاقا يتوانى عن رفع راية الأممية البروليتارية فى وجه " الراية الوطنية " البرجوازية الحقيرة.
و قد بيّن لينين أيضا كيف أن آفاق الثورة فى البلدان الرأسمالية مرتبطة بالوضعيات الثورية قليلة الحدوث فى هذه البلدان و لكنها المعبّرة بطريقة مركزة عن التناقضات الأساسية للرأسمالية . و قد حلل واقع أن الأممية الثانية إرتكبت خطأ عند المراهنة الكلية على أن الفكرة الإشتراكية كانت ستأخذ بالنموّ داخل الجماهير فى تؤدة و دون هزات مؤكدا على النقيض من ذلك أن على الشيوعيين فى الفترات "الهادئة " نسبيا أن يجهزوا أنفسهم تحسبا للظهور المحتمل لتلك الأحيان الإستثنائية فى التاريخ التى يصبح من الممكن فيها إحداث تغييرات ثورية فى هذا النوع من البلدان و حيث تسم نشاطات الثوريين بميسمها المجتمع و العالم "للعشرات من السنين اللاحقة " .
و رغم أن لينين كان قد عبر بوضوح عن رأيه فى هذا المجال و رغم أن هذه المسائل تحتلّ مكانة مركزية فى مجموع النظرية العلمية الإشتراكية ، فإن اللينينيين كثيرا ما قرّروا عدم إيلاءها أية أهمية .
و قد ظهرت إنحرافات إقتصادوية و تصورات خاطئة "للحزب الجماهيري" فى الوضعيات اللاثورية فى سياسات بعض الأحزاب فى وقت مبكر من تاريخ الأممية الثالثة . و توطّدت هذه الميولات و إنتهت بان كونت معتقدات حقيقية فى صفوف الحركة الثورية فى نفس الوقت الذى ظهرت فيه ميولات خاطئة أخرى و خطيرة جدا سارعت بالدفاع عن المصالح الوطنية للبرجوازية فى البلدان الإمبريالية .
و للأسف كانت القطيعة مع التحريفية المعاصرة فى الستينات غير كافية بصفة جلية خاصة بالنسبة إلى مسألة الإستراتيجية و التكتيك الشيوعيين فى البلدان الإمبريالية . و بالرغم من أن أطروحة "الطريق السلمية " كانت نقدت و رفضت و أن التحليل القائل بأن إنتفاضات مسلحة قد تكون ضرورية كان قد روّج على نطاق واسع فإن المجهود الذى كان يجب بذله لتقييم منابع التحريفية داخل الحركة الشيوعية فى البلدان الرأسمالية كان ضعيفا و ركزت القوى الماركسية -اللينينية نشاطاتها بصفة عامة على التجارب السلبية لبعض الأحزاب الشيوعية خلال الثلاثينات أكثر من التركيز على "طريق ثورة أكتوبر" الذى رسم فى ظلّ قيادة لينين .
و قد شاهدنا فى أغلب البلدان الإمبريالية ، خلال الستينات ، جناحا معتبرا من قوى ثورية جديدة تحيد نحو المغامراتية و الفئوية اليسراوية . و لكن مع مرور السنين إرتكبت الأحزاب و المنظمات الماركسية -اللينينية-الماوية عامة خطأ أدّى بها إلى محورة عملها حول نضالات العمال من أجل عيشهم اليومي و مزاحمة التحريفيين و الزعماء البرجوازيين للنقابات على زعامة هذه النضالات . إن هذا التقديس "للعامل المتوسط" و هذا الإنهماك فى النضالات الإقتصادية لم ينجح فى الإتيان بشيئ يذكر فى سبيل ربح حقيقي للعمال و دفعهم إلى إتخاذ موقف ثوري و الإنخراط فى الأحزاب الماركسية -اللينينية- الماوية و للأسف كان لهذه السياسة تأثير ضار على الأحزاب الماركسية -اللينينة- الماوية نفسها و على أعضائها . فقد تبيّن أن الخط الإقتصادوي الذى هيمن فى الحركة الماركسية-اللينينية- الماوية فى هذه البلدان يتناقض مع المبادئ الثورية التى إنبنت عليها هذه الحركة . و قد إنخرط المناضلون الشبان الذين كانوا يمثلون الأغلبية الكبرى لأعضاء هذه الأحزاب فيها لأنهم كانوا يريدون النضال من أجل الشيوعية . وكانت رغبتهم فى توسيع الحركة الثورية للستينات قصد جذب البروليتاريا لها و إختلاطهم هم أنفسهم بالعمال ،( وهي الرغبة التى كانت بالتأكيد مستوحاة فى جانب كبير منها من تجربة ثورييى الثورة الثقافية الشبان) وتمثل شعورا ثوريا محقا و قويا و لكن ذلك لم يمنعه من أن يخنق و يشوّش بفعل تأثير الإقتصادوية. و عندما عرفت الهبّة الثورية العالمية فترة جزر ، مالت الأحزاب و المنظمات الماركسية -اللينينية- الماوية أكثر فأكثر نحو اليمين أملا فى وجود صدى أوسع داخل الجماهير على قاعدة خط لم يكن ثوريا . و لقد تقلّصت أكثر فأكثر العلاقة بين المهام التى كان مناضلو هذه المنظمات يجتهدون فى إنجازها و بين الإعداد للثورة وهو ما أدى إلى إنحرافات من كل نوع و إلى يأس المناضلين و إلى توطّد الإنتهازية .
و تفاقمت خطورة الوضعية والخلط الذى أظهره الماركسيون –اللينينيون-الماويون تجاه مسألة "المهام القومية " (أو بالأحرى تجاه غيابها) فى البلدان الإمبريالية . و قد أشرنا بعدُ إلى أن الصراعات التى خاضها الحزب الشيوعي الصيني شملت أخطاء هامة فى خصوص هذه المسألة و أن هذه الأخطاء كانت قد إستوعبتها الحركة الماركسية –اللينينية- الماوية . و قد إختلطت الرغبة الحقة بكل تأكيد و الأممية فى النضال ضد إمبريالية الولايات المتحدة (و التى وضعت بكل صواب كمخفر رئيسي للرجعية العالمية آنذاك ) أكثر فأكثر بسياسة كانت تؤدى إلى الدفاع عن مصالح بعض البلدان الإمبريالية حينما تصطدم هذه المصالح بمصالح الولايات المتحدة أو (وخاصة ) منذ بداية السبعينات ، بمصالح الإتحاد السوفياتي . و قد تبنت العديد من الأحزاب الماركسية -اللينينية-الماوية مواقفا خاطئة أكثر فأكثر تجاه الأحداث على المستوى العالمي و كانت هذه المواقف تتناقض مع الأممية و تصطف موضوعيا إلى جانب خط التحضيرات للحرب الإمبريالية و قمع الثورة المضادة . و قد لاحظنا فى مناسبة سابقة أن بعض الأحزاب الماركسية -اللينينية-الماوية فى البلدان الإمبريالية كانت قد تبنت مواقف إشتراكية شوفينية حتى قبل الإنقلاب فى الصين سنة 1976.
و تمثل الإقتصادوية و الإشتراكية الشوفينية ( بما فى ذلك الشكل الجنيني "لنظرية العوالم الثلاث" ) خطأين خطيرين و مرتبطين الواحد بالآخر و هما العاملان الذاتيان الرئيسيان اللذان ساهما فى الإنهيار شبه الكامل للحركة الماركسية -اللينينية- الماوية فى أوروبا، إثر الإنقلاب فى الصين . و على الشيوعيين ، عند سعيهم إلى بناء و توطيد أحزاب ماركسية-لينينية-ماوية حقيقية فى البلدان الرأسمالية المتقدمة أن يهتموا كثيرا بالنضال ضد التأثيرات التى أحدثتها هذه الإنحرافات .
و فى حين كانت الحركة الماركسية -اللينينية- الماوية فى البلدان الرأسمالية المتقدمة تتجه نحو الإنحراف ، حاولت بعض الأجنحة من الثوريين الشبان أن تجد "إيديولوجيا جديدة " وطريقا آخر تتبعه . إن إنجذاب قسم من الشبان نحو الفوضوية أو أشكال أخرى من الراديكالية البرجوازية الصغيرة ، إنعكاس لواقع أنهم يرغبون فى تحقيق تغييرات ثورية . و لكن هذه القوى عاجزة عن لعب دور ثوري بالكامل بإعتبار أنها تنقصها النظرية الوحيدة الثورية بالكامل ،الماركسية . و قد إختار عدد قليل من العناصر، فى بعض البلدان ، الإرهاب خطا سياسيا و إيديولوجية لا يعتمد على الجماهير الثورية و لا يحدد بصواب وسائل هزم الإمبريالية بصفة ثورية .و بالرغم من أن هذه الحركات الإرهابية تحب أن تدعى أنها " ثورية " للغاية إلا أنها فى الحقيقة قد إستوعبت سلسلة كاملة من الإنحرافات التحريفية و الإصلاحية كوجوب النضال من " اجل التحرر الوطني " المزعوم لبعض البلدان الإمبريالية مثلا و الدفاع عن الإتحاد السوفياتي الإمبريالي ...إلخ . و تشترك هذه الحركات مع الإقتصادوية فى نقص أساسي فى فهم واقع أنه يجب من كل بد، من أجل الإعداد للثورة ، تطوير مستوى الوعي السياسي للجماهير و قيادتها فى نضالات سياسية.
و بالرغم من أن " الغوص" فى المبادئ الأساسية للينينية يجب أن يكون نقطة إنطلاق من أجل صياغة خط ثوري فى البلدان الإمبريالية ، فإنه غير مسموح لنا بأن نراوح مكاننا فالبلدان الإمبريالية اليوم مختلفة شديد الإختلاف و على عدّة أصعدة عن روسيا بداية القرن أو عن البلدان الإمبريالية الأخرى آنذاك . و لقد تمكننا أيضا من مراكمة تجارب عديدة (إيجابية و سلبية ) منذ ثورة أكتوبر بالنسبة لبناء الحركة الثورية فى هذه البلدان .
ولقد حققت الإمبريالية خلال نموّها تغييرات عديدة مهمّة فى هذه البلدان بما فى ذلك التصفية شبه الكاملة للفلاحين فى بعض البلدان و نموّ سريع لقطاعات جديدة من البرجوازية الصغيرة إلخ . و لكن التغيير الأهم يظهر فى التعاظم الضخم لطفيلية البلدان الإمبريالية (المرتكزة على نهب الأمم المضطهَدة ) و ما يصحبه من تكثيف الإستقطاب داخل الطبقة العاملة .
و توجد فى البلدان الإمبريالية أرستقراطية عمّالية ضخمة ذات قاعدة صلبة و تأثير معتبر تستفيد من وجود الإمبريالية و لا تطلب أحسن من أن تخدم مصالحها . و تعمّق الإمبريالية التناقض بين هؤلاء العمّال و شريحة واسعة من الطبقة العاملة (بما فى ذلك جيش الصناعة الإحتياطي –العاطلون عن العمل ) المفقرين و الراغبين فى النضال من أجل تغيير جذري للأوضاع والذين يجدون أنفسهم مجبرين على النضال من أجل التوصّل إلى ذلك . و تشمل هذه الشريحة السفلى من الطبقة العاملة فى البلدان الرأسمالية الغربية الرئيسية جزءا هاما من العمال المهاجرين الوافدين من بلدان مضطهَدة من قبل الإمبريالية نفسها و كذلك تشمل أحيانا أقليات قومية و أمما مضطهَدة داخل البلدان الإمبريالية ذاتها و تكون تلك الشريحة السفلى من الطبقة العاملة العنصر الأهم فى القاعدة الإجتماعية لحزب البروليتاريا فى البلدان الإمبريالية .
و بين هتين الشريحتين من الطبقة العاملة، يوجد عدد هام من العمال (و فى بعض الحالات حتى الأغلبية ) الذين حتى وإن كانوا لا يستفيدون من وجود الإمبريالية بنفس طريقة الأرستقراطية العمالية ، فإنهم تلقوا تأثير فترة إزدهار نسبيا طويلة و لا يجدون أنفسهم مجبرين فى الأوقات العادية على إبراز أحاسيس ثورية . و أحد محاور النضال الهامة فى الصراع بين البروليتاريين ذوى الوعي السياسي الطبقي يقودهم الحزب الماركسي-اللينيني-الماوي من جهة و بين الأرستقراطية العمالية الرجعية و أشكال تعبيرها السياسي من جهة أخرى من أجل جذب تعاطف جماهير هؤلاء العمال الواسعة بقدر ما يدفعهم إزدياد خطورة الأزمة إلى التحرك خاصة حينما تتشكل وضعية ثورية . و بالرغم من أن على الحزب الماركسي-اللينيني- الماوي فى البلدان الإمبريالية ألآ يهمل تطوير نشاط معين داخل القطاعات المتبرجزة من الطبقة العاملة ، فإن عليه أن يركز نشاطه رئيسيا داخل شرائح العمال ذوى الطاقات الثورية الأكبر.
و لن يكون بناء حركة ثورية و قيادتها نحو الإنتصار ممكنا ما لم نعر إهتماما لنضالات الطبقة العاملة و شرائح إجتماعية أخرى من أجل عيشها اليومي . و بقدر ما يتجنب الحزب تركيز إهتمامه و إهتمام الجماهير على مثل هذه النضالات ، و بقدر ما يتجنب إهدار قواه و طاقته هو أو قوى و طاقات الجماهير ، فإنه عليه ألا يهمل إبراز نشاط معين بالنسبة لهذه النضالات فقيادة نضالات إقتصادية لا يعنى الإقتصادوية. و على الحزب البروليتاري أن يأخذ بعين الإعتبار جديا هذه النضالات خاصة حينما توجد إمكانيات لتجاوز هذه النضالات حدود الإتفاقات. وهذا يعنى أنه يجب تطوير نشاط تجاه هذه النضالات بما ييسّر إنتقال الجماهير نحو إتخاذ موقف ثوري خاصة حينما تكون الظروف ناضجة من أجل الثورة.
و على الحزب الماركسي –اللينيني-الماوي أن يسعى إلى تطبيق التوجيه اللينيني : تحويل المصانع إلى قلاع للشيوعية . و لا تقتصر أهمية ذلك على زاوية التحضير السياسي للثورة و لكن أيضا على زاوية كل ما يستتبع ذلك بالنسبة للإنتفاضة المسلحة للبروليتاريا . فإذا لم تتمكّن الأحزاب الماركسية -اللينينية-الماوية فى البلدان الإمبريالية من غرس جذور عميقة داخل الجماهير الثورية من خلال بلورة و تطبيق خط جماهيري ثوري فإنها ستجد صعوبة كبرى فى الإستفادة من ظهور وضعيات ثورية .و لا يزال فى هذا المجال التكتيك و أسلوب العمل اللذان بلورهما الحزب البلشفي و اللذان وصفهما لينين و حلّلهما يعدان مثالا أساسيا . و لكن ، من أجل تطبيق خط جماهيري و أسلوب عمل ثوريين ، يتوجب على ماركسيي –لينينيي- ماويي البلدان الإمبريالية أن يرفضوا القوالب الجاهزة التى تدعى إتباع الطرق "الصحيحة " وحدها فى النضال و التنظيم و كذلك المقولات الدغمائية عامة . و عليهم بالقيام بتحليل للخصوصيات المميزة للإمبريالية المعاصرة و تمحيص لطبيعة النضالات التى خاضتها الجماهير عن قرب و عليهم بالسعي إلى إيجاد حقول جديدة تلاءم والممارسة الثورية و تطوير أشكال جديدة للنضال و لتنظيم الجماهير وإستعادة لمقولة لينين الحية ، علي الشيوعيي " ألا يتخذ كاتب الجمعية المهنية مثاله الأعلى بل الخطيب الجماهيري".
و بالتوازي مع تركيز الحزب الماركسي-اللينيني- الماوي رئيسيا على شرائح البروليتاريا ذات الطاقات الثورية الأكبر، عليه بالسعي إلى تطوير نشاط ثوري معين داخل شرائح أخرى من المجتمع بما فى ذلك داخل بعض عناصر البرجوازية الصغيرة.
و هنالك عامل آخر يمكن أن يكون مساعدا جدا للثورة البروليتاريية فى عدد كبير من البلدان الإمبريالية هو أن هذه الوحوش الإمبريالية تحمل فى أعمق أعماق ذاتها أقليات قومية و أمما مضطهَدة . و قد سجلنا بعدُ أن عددا هاما من بروليتاريي هذه القوميات كثيرا ما يكونون جناحا هاما من الطبقة الوحيدة المتعدّدة الجنسيات ،البروليتاريا . بالإضافة إلى ذلك فإن المسألة القومية تطرح بصفة أوسع بحيث تشمل طبقات و شرائح أخرى من هذه القوميات المضطهَدة و كثيرا ما أدت هذه الوضعيات إلى تفجر نضالات قومية حادة جدا داخل هذه البلدان الإمبريالية نفسها و فى هذه البلدان ، إذا ما تطرقت الأحزاب البروليتارية (التى عليها أن تدعم هذه النضالات و تدافع عن حق تقرير المصير حيثما تطرح المسألة ) بصواب إلى هذه المسائل ، فإن هذه النضالات يمكن أن تلعب دورا هاما فى النضال من أجل قلب الدولة الإمبريالية .
و فى بلدان أوروبا الشرقية ، تتمثل مهمة الماركسيين- اللينينيين -الماويين فى بلورة إستراتيجية و تدابير تكتيكية صائبة حتى تتمكّن من القيام بثورة إشتراكية آخذين بعين الإعتبار هيمنة الإمبريالية الإشتراكية السوفياتية و ما يستتبع ذلك من مهام و لكن دون أن يفضي ذلك إلى تقليص أو صرف النظر عن المهمّة المركزية ألا وهي قلب سلطة دولة برجوازيتهم البيروقراطية نفسها .
و يفرض تطور الوضع الراهن فى إتجاه حرب عالمية و الأخطار و الفرص الثورية الناجمة عن ذلك على الأحزاب الماركسية -اللينينية- الماوية فى البلدان الإمبريالية أن تعلق أهمّية بالغة على مسألة الحرب العالمية و الثورة. وعلى الحزب الماركسي-اللينيني- الماوي أن يفضح تحضيرات الإمبرياليين للحرب بالعمل خاصة على كشف مصالح و مؤامرات طبقت"ه " المهيمنة الإمبريالية نفسها . و على الحزب أن يبيّن للجماهير أن مثل هذه الحرب تنبع من طبيعة الإستغلال الرأسمالي نفسه و أنها تمثل مواصلة للإقتصاد و السياسة الإمبرياليين و أن تقدّم الثورة العالمية وحده قادر على منع الحرب التى يعدون لها و على مهاجمة الأسباب العميقة لهذه الحرب . وعلى الشيوعيين أن يناضلوا دوما ضد مبادرات الذين يسعون إلى دمج مصالح البروليتاريا بمصالح البرجوازية الإمبريالية و عليهم أن يعلموا البروليتاريين ذوى الوعي السياسي الطبقي و عناصر أخرى أن الراية الوطنية هي راية الإمبريالية و أنها ممرغة بالدماء .
يتعيّن على الشيوعيين أن يدفعوا الجماهير إلى مساندة نضال الشعوب و الأمم المضطهَدة ضد الإمبريالية حتى حينما تكون هذه النضالات تحت قيادة غير قيادة الماركسيين -اللينينيين- الماويين . و يتعيّن على الحزب أن يسعى دائما و بصفة عملية لأن يربي البروليتاريا على عقلية الأممية .
و يستشعر الخطر الراهن المتعاظم لحرب عالمية اليوم بصفة أكيدة داخل جماهير البلدان الإمبريالية و ينبغى للشيوعيين أن يعيروا إهتماما بالغا للحركات الجماهيرية المعادية للإستعدادات للحرب و القيام بكل ما من شأنه أن يجيب على المسائل التى تثيرها هذه الحركات و ينبغى على للحزب الماركسي-اللينيني- الماوي أن يساند العناصر الثورية فى هذه الحركات و أن يسعى إلى إدخالها للحزب . كما ينبغى للحزب أن يتوحد مع مشاعر الجماهير المعادية للحرب فى نفس الوقت الذى يحارب فيه الفكرة الواهمة القائلة بأن "حركة من أجل السلام " معينة قادرة على منع الحرب الإمبريالية و أن يناضل خاصة ضد الآفاق القومية الشوفينية التى لا تمانع فى التضحية ببقية العالم إذا كان ذلك يمكّن من أن تتفادى أمة إمبريالية معيّنة دمار الحرب .
و فى نفس الوقت الذى يسعى فيه الحزب الماركسي-اللينيني- الماوي فى البلدان الإمبريالية إلى التوحّد مع الجماهير فى النضال ضد الإستعدادات للحرب فهو يمتنع فيه عن الدعوة إلى أو مساندة المطالبة بإقامة "مناطق لا نووية " و المفاهيم الراهنة فى خصوص إنهاء وجود الكتل الإمبريالية إلخ ...فعلى الشيوعيين دوما و حتى فى البلدان الأقل وزنا و التى لا تمتلك أسلحة نووية أن يسعوا إلى إفهام الجماهير أن الإمبريالية تولد حروبا عالمية و أن لكل الطبقات الإمبريالية الممسكة بالسلطة قسطها من المسؤولية فى تحضير هذه الجريمة ضد الإنسانية و أن الحلّ الوحيد الحقيقي هو فى القيام بالثورة عوضا عن السعي إلى جعل بعض البلدان تبقى على"الحياد " وهي المبادرة التى لا تجد لها أساسا فى الواقع و الرجعية فى نهاية المطاف .
و من واجب الحزب الماركسي- اللينيني- الماوي أن يستعدّ و أن يجعل البروليتاريا الثورية مستعدّة بما يضمن ، فى حالة عدم توفق الثورة إلى منع حرب إمبريالية ، الإستفادة من وهن الإمبرياليين و تعميق مشاعر الحقد التى ستولدها هذه الحرب بلا شك و إلى حدود واسعة و تحويلها إلى صدور الإمبرياليين أنفسهم و تحويل الحرب الإمبريالية إلى حرب أهلية. يتعيّن على الأحزاب الماركسية -اللينينية- الماوية لكل البلدان الإمبريالية أن يتبنوا سياسة الإنهزامية الثورية .
و تلعب الصحافة الشيوعية فى البلدان الإمبريالية دورا له أهمية خاصة فى إعداد الثورة البروليتارية و من الواجب تطوير الصحافة بما يجعلها لسانا جماعيا للدعاية و التحريض و لتنظيم الحزب .
و تقع على عاتق الماركسيين –اللينيننيين- الماويين فى البلدان الرأسمالية المتقدّمة مهمّة مواصلة محاربة التأثير المقيت للتحريفية و الإصلاحية داخل صفوفهم نفسها .و المسألة الأساسية هنا هي المثابرة على النضال من أجل المبادئ التى بلورها لينين فى تحضير و إنجاز ثورة أكتوبر المحققة تحت قيادته . و على الماركسيين –اللينينيين- الماويين ، فى نفس الوقت ، القيام بتقييم تجربة الماضى و محاربة الدغمائية و أن يتوخّوا الصلابة فى المبدأ و المرونة فى التكتيك و البدء بإنجاز تحليل علمي للتبدلات الحاصلة فى البلدان الإمبريالية خلال العشريات الأخيرة و لتطوّر الإستراتيجية الثورية التى يمكن أن تجعلها هذه التبدّلات ضرورية . "
==================================================================================
==================================================================================




















الجزء الأوّل :
الثورة فى أشباه المستعمرات– الحزب الشيوعي الماوي ( تركيا و شمال كردستان)
1 - الوثيقة الأولى : " النموذج " التركي و تناقضاته.
-------------------------------------------------------
" النموذج " التركي و تناقضاته.
(فيما يلى مساهمة من م. أيدين فى نقاش كيف ننظر للنظام التركي و دوره فى العالم–أخبار " عالم نربحه" ، 17 أكتوبر 2011)
صار الدور الذى رسم لتركيا و شجعت على النهوض به أكثر بداهة فى تعاطيها مع سوريا أين تحتجّ الجماهير لأشهر الآن. و ذهب قادة تركيا حتى إلى مطالبة رئيس الدولة السورية ، بشّار الأسد، بالتنحى. و ما إنفكّت تركيا تحاول أن تنمّى تأثيرها فى سوريا بقبولها إستقبال الفارين من قمع النظام و كذلك بفرض حضر على شحن الأسلحة. و قال الوزير الأوّل ، الطيب أردوغان :" إن وجدت طائرات تحمل أسلحة أو وجدت شحنات أسلحة عن طريق الأرض ، فإنّنا سنوقفها و نصادرها".( النيويورك تايمز، 23 سبتمبر 2011). و بلغ الأمر حدّ تحدّى إيران وهو بلد كانت علاقات تركيا معه فى الماضي جيدة وهو أحد أهمّ داعمي النظام السوري. ووفق ذات تقرير النيويورك تايمز" إعترضت تركيا شحنة أسلحة من إيران إلى سوريا فى أوت و صادرت شحنة طائرة إيرانية متوجّهة لسوريا فى مارس".
لكن نشاط تركيا المتجدّد فى المنطقة لم يقتصر على الجارة سوريا. فلا يمكن ان يستهان بجولة أردوغان فى الشهر الأخير التى شملت تونس و مصر و ليبيا التى زارها كأوّل وزير اوّل يحطّ الرحال فيها ؛ و هي البلدان العربية الثلاثة التى عرفت أنظمتها تغييرات هذه السنة ، لا يمكن أن يستهان بها على انّها زيارات دبلوماسية روتينية.
فى الواقع ، لاحظ العديد من المراقبين هذا الدور و يردّونه إلى ذكاء القيادة التركية و حسن إختيارها للجانب الصحيح فى الإنتفاضات العربية لتصبح تركيا أكثر إحتراما و تأثيرا فى المنطقة. يُقال إنّ لتركيا رؤية و فهم جيّدين لكيف تجرى الأمور و أكثر من ذلك أنّها تمثّل حلاّ أو جزء مفتاحا من الحلّ لعدم الإستقرار فى المنطقة.
و جاء فى مقال آخر فى " النيويورك تايمز" :
" فى العالم العربي حيث تبدو الولايات المتحدة فى تراجع و البلدان الأوروبية لا تأثير لها و قوى مثل إسرائيل و إيران غير مستقرّة و غير ثابتة ، قدّم موظّفون موثوق بهم مرّات رؤية لما قد يفرزه الإضطراب عبر قارتين قد يسقط فرضيات إتبعت لعقود."( 26 سبتمبر 2011).
خلال السنتين الماضيتين ، سعت تركيا كذلك إلى التأثير على العالم العربي بالإبتعاد العلني عن إسرائيل و التعبير عن التعاطف مع الفلسطينيين.
و الحقيقة هي أنّ تركيا لم تتخذ الجانب الصحيح فى الوقت المناسب. لمدّة طويلة و خاصّة فى التسعينات ، مثّلت تركيا الحليف الإستراتيجي لإسرائيل فى المنطقة. و لم تكن خافية علاقات صداقتهما السياسية و أيضا تعاونهما العسكري و الأمني، مثلما هو واقع أنّ ذلك كان جزءا من التعاون مع الولايات المتحدة و إمبرياليون غربيون آخرون فى هيمنتهم على شعوب الشرق الأوسط. وفى محاولة للتأثير على الشرق الأوسط ، بذلت تركيا جهودا كبيرة لشراء صداقة ليبيا معمّر القذّافي و سوريا بشّار الأسد و كذلك لتطوير علاقات جيدة مع جمهورية إيران الإسلامية. وقد أرسلت آلاف المهاجرين للعمل فى ليبيا. و كانت علاقات تركيا بليبيا متطوّرة بحيث أنّها كعضو فى الناتو ، عارضت تدخّله فيها.
و من الواضح أنّ تركيا تلعب دورا أهمّ فى الشرق الأوسط و تبذل جهدها لتعزّز من نفوذها فى المنطقة، و أتت التطورات الجديدة فى المنطقة لتشجّع هذه الطموحات التى من المهمّ تفحّص مصادرها و مضمونها.
تركيا و الساحة العالمية :
لا شكّ فى أنّ طموحات تركيا لا يمكن فصلها عن الساحة العالمية و النظام الإمبريالي العالمي الجديد الذى تشكّل فى جزء منه أو على الأقلّ الذى تسعى الإمبريالية إلى تشكيله.
فاز حزب أردوغان ، حزب العدالة و التنمية ، فى إنتخابات جوان الأخيرة بغالبية عريضة للمرّة الثالثة على التوالي بمشاركة 87 بالمائة . و مثّل هذا الإنتصار تطوّرا جديدا لدى الطبقة الحاكمة التركية و علاقاتها بالناتو و الإمبرياليين الغربيين. و المظهر الأهمّ لهذا هو أنّ بعض العناصر الكمالية ( إسمها مشتقّ من مصطفى كمال آتاتورك، مؤسس الدولة التركية الحديثة ) فى الهيكلة السياسية للطبقة الحاكمة لتركيا تفقد لونها السياسي التقليدي و شكلا جديدا من الهيكلة السياسية بصدد النشوء. و الهدف الأساسي لهذا الإصلاح السياسي هو إرساء حكم أقوى و أكثر إستقرارا حتى يتسنّى لتركيا أن تضطلع بدور إستراتيجي فى الشرق الأوسط فى إنسجام مع المصالح الإمبريالية الغربية و كذلك مصالحها هي . و تأثرت هذه الإصلاحات بجملة من التطوّرات الكبرى للهيكلة الإجتماعية – الإقتصادية لتركيا ،على غرار مزيد التطوّر الرأسمالي ، و تشكّل برجوازية كردية قويّة نسبيّا.
صعد حزب العدالة و التنمية إلى سدّة الحكم أوّل مرّة فى 2003 بمساندة الولايات المتحدة و الإتحاد الأوروبي. و قد خطّط لإطلاق برنامج واسع من الخصخصة، والشروع فى إدماج البرجوازية الكردية فى الهيكلة السياسية و المساعدة على تطبيق المخطّطات الغربية فى الشرق الأوسط.
و لمزيد فهم ضرورة تغييرات من هذا القبيل لدى الطبقات الحاكمة التركية و مسانديها الإمبرياليين ، من الضروري ، أن نتناول بالبحث ولو بإقتضاب تطوّر هيكلة السلطة السياسية التركية من أفق عالمي.
بعض الخلفية :
أنشأت الدولة التركية فى ظلّ كمال آتاتورك سنة 1923 ، إثر إنهيار الإمبراطورية العثمانية أثناء الحرب العالمية الأولى. و كان ذلك جزءا من النظام السياسي للشرق الأوسط الذى تشكّل عقب الحرب. و إثر الحرب العالمية الثانية و خاصة فى الخمسينات ، نهضت تركيا بدور كبير ضمن الكتلة الإمبريالية التى تترأسها الولايات المتحدة لمناهضة الشيوعية و الإتحاد السوفياتي الذى ظلّ أهمّ منافس للولايات المتحدة حتى بعدما تحوّل من مجتمع إشتراكي إلى مجتمع رأسمالي فى شكل دولة " إشتراكية" مزيفة.
لكن الهيكلة السياسية التى أنشأت حينها لم تعد تتوافق مع النظام الإمبريالي العالمي اليوم وهي تتطلّب بعض التغييرات. و بالمعنى الإقتصادي ، لا سيما خلال العقود القليلة الأخيرة ، شهدت تركيا تطوّرا كبيرا و غدا إقتصادها حتى أكثر إندماجا فى النظام الرأسمالي المعولم. و التطوّر الهام الآخر هو تشكّل برجوازية كرديّة قويّة نسبيّا تبحث عن نصيب أكبر فى تقاسم السلطة فى البلاد.
دُفع الأتراك ضد الأكراد المضطهَدين و كان إستعمال الفكر القومي التركي لتوحيد مختلف كتل الطبقات الحاكمة على الدوام جزء هاما من الكمالية. لكن وُجد ضغط متصاعد من أجل توسيع نوعي لدور البرجوازية الكردية فى هيكلة السلطة. مثلا ، وضع الإتحاد الأوروبي شرطا أساسيا لقبول تركيا ضمن إتحاده أن " تعالج القضية الكردية ". و لم يكن القيام بمثل هذه الإصلاحات سهلا بالنسبة لهيكلة السلطة التركية، لكن رفض القيام بذلك لم يكن سهلا أيضا.
وبالفعل ، نظرا للوضع الحالي ، باتت هذه الإصلاحات ضرورية. و قد وعد أردوغان بإدخال تعديلات على الدستور التركي بشأن موقع الأكراد.
و فى التسعينات ، خلق إنهيار الكتلة السوفياتية مجالا لمزيد إدماج تركيا حتى بصفة أعمق فى النظام الرأسمالي العالمي و إصلاح الخلل الأهمّ بهدف أن يتسنّى لها لعب دور إستراتيجي فى المنطقة. و جعلت " الحرب على الإرهاب" فى بداية هذا القرن ذلك مسألة ملحّة بالنسبة للإمبرياليين.
و قد إنطلق الإصلاح الإقتصادي لإعادة هيكلة الإقتصاد التركي و إدماجه بصفة أعمق فى الإقتصاد الإمبريالي العالمي ، قبل ذلك ، إثر الإنقلاب العسكري سنة 1981حيث أخذ ترغت أوزال الذى صار رئيسا فى 1983 ، يطبّق الإصلاحات التى رسمها لتركيا صندوق النقد الدولي و البنك العالمي. فقام بتغييرات إقتصادية هائلة و سرّعت أزمة إقتصادية فى نزوح واسع من الريف و فى نشأة الأحياء الفقيرة حول المدن الكبرى، و فى تضخّم مالي جامح و بطالة على نطاق واسع.
و إقترح صندوق النقد الدولي جولة أخرى من الإصلاحات على تركيا سنة 2001. و إلى حينها كانت تركيا قد تلقّت 31 بليون دولار من صندوق النقد الدولي. و كانت إعادة خلاص هذه القروض و فوائدها تلتهم نصف الدخل القومي الخام للبلاد. و فقدت عملة البلاد، الليرة، نصف قيمتها و بسرعة خسر الناس مقدرتهم الشرائية و مدّخراتهم.
و حين جاء حزب العدالة و التنمية إلى السلطة ، شرع فى بيع كافة المؤسسات المملوكة للدولة بما فى ذلك المواني و الطرقات و سمح للمؤسسات الأجنبية بالإستثمار فى جميع القطاعات بإستثناء النفط.
و وفق الإحصائيّات الأخيرة ، ينمو الإقتصاد التركي بحوالي 9 بالمائة و دخل الفرد ضِعف ما كان عليه فى 2002 ، أي حوالي 10 آلاف دولار لكن البطالة تبلغ 11.5 بالمائة و إقتصاد تركيا يعانى من معضلة عدم التوازن الذى قسّم البلاد إلى مدن كبرى غنيّة و مناطق نائية ، فقيرة و متخلّفة. و البون بين مختلف المناطق شاسع. ذلك أن بعض المدن الكبرى مثل إسطنبول و أنقرة و أزمير و آدانا تحصل على حوالي 49 بالمائة من الدخل القومي الخام ، بينما تنال مناطق مثل جنوب و شرق الأناظول 4 بالمائة لا غير. و يعدّ هذا التطوّر غير المتكافئ مشكل جدّي بالنسبة للإقتصاد التركي و قد يتسبّب فى إفلاس كلّ المخطّط التركي.
صعود حزب إسلامي :
لعب الجيش دورا هاما فى بناء الهيكلة السياسية الحالية. كان الهدف الأساسي من إنقلاب 1980 و تشكيل حكومة عسكرية هو إجتثاث التيارات الشيوعية و الثورية من تركيا ، لا سيما بعد أن أطاحت الثورة فى إيران بنظام الشاه. و من أجل إيقاف نموّ الشيوعيين ، شرع الجيش فى تشجيع الفكر الإسلامي. و مذّاك تواصل الترويج و الدعاية للإيديلوجيا الدينية اللذان بدآ حينها إلى اليوم .
و قد جعل الجنرالات فى السلطة تدريس الدين فى المدارس إجباريّا. و كان لهذا تأثيرعلى النظام التعليمي حيث صار التاريخ يدرّس من وجهة نظر دينية و تأثّر تدريس البيولوجيا و العلوم الأخرى بالعقائد الدينية. مستعملين كتب الأصوليين المسيحيين كنماذج ، أعادوا كتابة صريحة لأسس نظرية " الخلق" ( إدّعاء أنّ الكائنات الحيةّ لا تتطوّر بل خلقها إلاه) . و مثّلت ولادة جوّ عام مناهض لفكر التطوّر جزءا من برنامج تشجيع الدين ( أنظروا " إستنساخ فكر الخلق فى تركيا " ، المركز الوطني لعلوم التربية ، آديس تانر 1999 ، ص 30-35).
و بالفعل لدور الدين فى الدولة جذوره التى تمتدّ إلى الإمبراطورية العثمانية و لم يقلّص أبدا هذا الدور. فقد أسّس قسم الشؤون الدينية منذ البدايات الأولى للجمهورية التركية، فى مارس 1924، يوم إلغاء الخلافة. وكان عمل هذا القسم يتمثّل فى المساعدة على توحيد الطبقة الحاكمة . و قد كلّفه القانون بإدارة شؤون الإسلام ، وضمّن القسم فى الدستور منذ الإنقلاب العسكري الأوّل فى 1961 ،و مع الدستور الحالي الجديد الموروث عن إنقلاب 1982، جرى تكليفه تكليفا صريحا بمهمّة" مزيد تعميق الوحدة الوطنية ". ( نيويورك تايمز 28 سبتمبر 2011). وقد تعمّق حتى أكثر تسويق الدولة للفكر الإسلامي مع توسّع الكفاح المسلّح للحزب القومي الكردي ( حزب العمّال الكردستاني ) فى نهاية الثمانينات.
إثر تفاقم الفقر فى المناطق النائية و إحتداد الحرب فى كردستان ، كان الجيش يواجه تحدّيين إثنين : حزب العمّال الكردستاني من جهة و تنامي الأصولية من جهة أخرى. عندها وظّف الجيش القوي الإسلامية ضد حزب العمّال الكردستاني و القوى اليسارية الأخرى، بينما كان فى نفس الوقت يمارس ضغوطات على بعض القوى الإسلامية، بما فى ذلك تلك الموجودة ضمن جهاز الدولة مثل حزب الرفاه الإسلامي. و عندما منع هذا الحزب من النشاط السياسي فى 1998 ، هرب أردوغان، و كان أحد قادةذلك الحزب، إلى الولايات المتحدة و أرسى علاقات وثيقة مع الساسة الأمريكان. و فى النهاية " رأى" ، قال ، ضرورة " التحالف الإستراتيجي للقوى الإسلامية التركية مع الولايات المتحدة ". و لمّا عاد إلى تركيا أسّس حزب العدالة و التنمية. و كسب الحزب إنتخابات 2002 بمساعدة من الولايات المتحدة و على الأقلّ بعض جنرالات الجيش التركي. و سيطر حزب العدالة و التنمية على البرلمان. و كان بول وولفو ويتس حينذاك مساعد سكرتير دفاع الولايات المتحدة يراقب عن كثب و حتى يشرف على السيرورة.
يحاجج بعض الناس أنّ الجيش التركي عارض هذه السيرورة لأنّ الجيش يدعو إلى العلمانية. وفى الواقع لم ينادي الجيش أبدا بالعلمانية ، و لم يعارض الإسلاميون الذين يسيّرون الحكومة حكم الجيش. و فى الحقيقة إنّهما معا يشكّلان آلة دولة قائمة على إحتكار العنف " الشرعي" وعلى ضمان أمن الطبقة الحاكمة كهدف مركزي. وقد جلب حزب العدالة و التنمية قاعدة جماهيرية أكبر للدولة التركية مّما كان يحلم به الجيش. و يستخدم النظام التركي ككلّ هذه القاعدة الجماهيرية أو " الشرعية " ليوقف و يسجن و يعاقب القوى المعارضة و العمّال و الصحفيين وهو يستعمل جيشه لقمع الشعب الكردي و المناطق. إنّ الدور الذى لعبته " الكمالية " فى السابق ، إلى جانب الجيش ، تلعبه اليوم إيديولوجيا إسلامية " معصرنة " و " مغربنة "، بمعية الجيش ( مع تواصل دور كبير للشوفينية التركية ). لقد كان الجيش و لا يزال القاعدة الأساسية للنظام السياسي للطبقة الحاكمة التركية المرتبطة بعمق بالإمبريالية.
هذا هو السرّ المعروف ب " النموذج التركي " فى الشرق الأوسط اليوم.
تركيا ك" نموذج" :
و فى نفس الوقت، من المهمّ التمييز بين الدور الجديد الذى أوكل لتركيا لتلعبه فى المنطقة ، من جهة ، و " النموذج" الذى يقال إنّها توفّره لغيرها من بلدان الشرق الأوسط.
لما يناهز العقد، كانت الولايات المتحدة مشجّعة تركيا و راعيتها فى المنطقة. و إستمرّ أوباما فى سلوك هذه السياسة. و بالفعل إعتبرت الولايات المتحدة ما يسمّى ب" دمقرطة " الهيكلة السياسية الكردية و وسمها بميسم إسلام معاصر لإرساء نظام سياسي مستقرّ و قوي نسبيّا ، كشيئ مفيد لمصالح أمريكا الإمبريالية لأنّها تقوّى قدرة تركيا على لعب هذا الدور لفائدة الولايات المتحدة الأمريكية.
و بعد كسب إنتخابات جوان ، صرّح أردوغان قائلا لم يكن ذلك فوزا لتركيا فحسب بل فوزا يمتدّ من تركيا إلى البوسنا و بيروت و دمشق و راملاّ ونابلس و جنين و القدس ، عبر شمال أفريقيا. و غالبية هذه المنطقة التى تريد تركيا التأثير عليها كانت فى السابق تحت سيطرة الإمبراطورية العثمانية.
و قد إتخذت تركيا بعدُ بعض الخطوات لترفع من شأنها و هيبتها فى المنطقة. فمثلا حاولت المساعدة على معالجة النزاع النووي بين الغرب و إيران و التدخّل فى الصراع الفلسطيني الإسرائيلي و التأثير على الباكستان. و كانت مساعيها إلى كسب منافذ إلى الشرق الأوسط بإرساء علاقات جيدة مع ليبيا و سوريا تتنزّل فى ذلك الإطار.
و مع ذلك، بداية الإنتفاضة فى تونس و مصر و إنتشارها السريع عبر الشرق الأوسط ، و نوايا الولايات المتحدة و قوى إمبريالية غربية أخرى للتأثير على هذه الإنتفاضات و التحكّم فيها، خلقت فرصا جديدة لتركيا. ينظر الأمريكان لتركيا كوكيل إسلامي فى المنطقة. و كون تركيا يحكمها حزب إسلامي يمكن أن يساعدها على تسويق نفسها بإعتبارها قوّة " تنتمى إلى المنطقة ". و مثّل تراجع التعاون العسكري مع إسرائيل عقب هجوم الصهاينة على البواخر التى كانت تتجه نحو غزّة حركة تهدف بالذات لذلك ، رغم أنّ تركيا كانت حذرة فى تحديد مدى معارضتها لإسرائيل. و مثال ذلك أنها سحبت ما فى مرمارا من أسطول المساعدة فى المدّة الأخيرة. و بما أنّه كان من المفروض أن تكون الباخرة التركية أهمّ البواخر ، مثّل ذلك عاملا من أهمّ العوامل فى تخريب البعثة و فى تجنّب تركيا للمواجهة مع إسرائيل.
و يمكن أن يكون لتركيا دور النموذج الذى يسوّق له الإمبرياليون بطرق معيّنة. إلاّ أن ما يقدّمونه للبلدان الأخرى فى الشرق الأوسط هو أنّه بإمكانهم مزج التبعيّة للرأسمالية – الإمبريالية العالمية مع الإسلام. و لعلّ الدور الذى ينهض به الجيش التركي ليس فقط كمحور الدولة و إنّما كمشرف أخير على الحكومة يمكن أن يستنسخ فى بعض البلدان بأشكال متنوّعة.إلاّ أنّ الدور الموكول لتركيا كراعية لمصالح الولايات المتحدة فى المنطقة لا يمكن أن يتوفّر لبلدان أخرى فى الشرق الأوسط.
حدود هذا المخطّط :
يعاني النظام التركي من نقاط ضعف جدّية للغاية قدرة تركيا على معالجتها من عدمها ليست بعدُ واضحة و ترتهن بعديد العوامل المختلفة و بطريقة تطوّرها.
و القضية الكردية عامل من هذه العوامل. من الصحيح أنّ المسائل الهامّة التى يريد أردوغان التعاطي معها فى المراجعة الحالية للدستور هي موقع الأكراد. و يمكن لهذا الإصلاح أن يدمج جزءا من البرجوازية الكردية فى جهاز الدولة ، لكن حتى إن مرّ ذلك بسلاسة و قلّص مؤقتا شيئا من التناقضات ، فإنّ التناقض الجوهري – كون الأكراد أمّة مضطهَدَة- سيظلّ قائما و التمييز ضدّهم و ضد أقلّيات قومية أخرى لن ينتهي. سيتواصل إضطهاد الجماهير الكردية و قمعها ما سيجعل التناقض يحتدّ عاجلا أم آجلا.
فى بدايات شهر اكتوبر الجاري ، أوقفت الشرطة التركية أكثر من 140 ناشطا سياسيا مواليا للأكراد فى عمليّات منسّقة عبر تركيا كافة. و حسب تقارير منبعها صفوف الذين وقع إيقافهم ، يوجد عدد من العمد المنتخبين فى المناطق الكردية جنوب شرقي تركيا. و هذا إضافة لمئات الناشطين السياسيين الموالين الأكراد الموجودين بعدُ فى السجون. و زيادة على ذلك ، إثر الإنتصار الإنتخابي لأردوغان فى جوان ، شنّت حكومته عمليّات عسكرية قويّة بالطائرات و المدافع ضد المتمرّدين الأكراد ما يبيّن نوع الإصلاح الذى ينزع إليه أردوغان.
و مظهر آخر من السلطة الحاكمة الجديدة هو جانبها الإسلامي – من الصحيح أنّ نوع الفكر الإسلامي الذى يتبنّاه أردوغان مقبول حاليّا من قبل الولايات المتحدة و إمبرياليون آخرون و قد تحوّل إلى ميزة للطبقة الحاكمة لتركيا. بيد أنّ ذلك لا يلغى كون الدولة التركية دولة نوعا ما دينية. و حتى فى أوج " الكمالية " ورثت الدولة التركية هذا المظهر من الإمبراطورية العثمانية، هذا المظهر الذى تعزّز بحزب إسلامي فى السلطة.
" قسم الشؤون الدينية ، بميزانيته 1.5 بليون دولار ، و بخدمة أخباره الخاصة و نقابته الخاصة ... يشغّل أزيد من 106 ألف موظّف مدني و منهم 60 ألف إمام و 10 آلاف مؤذّن ، و جميعهم ،درّبتهم و كوّنتهم الدولة...و يبثّ رجال الدين الذين درّبتهم الدولة أحاديث الرسول محمّد فى الكتاتيب و يصدرون الأحكام الدينية فى شكل فتاوى... كما يكتب قسم الشؤون الدينية خطابات صلاة الجمعة فى الجوامع عبر البلاد و كذلك كتب التربية الإسلامية الإجبارية فى المدارس. و ينشر الكتب و الجرائد بشتى اللغات و منها التاتارية و المنغولية و ومنبّهات لأوقات الصلاة "iphone الأيغوا... و يصدر تسجيلات لآيات قرآنية ل"آيفون"( النيويورك تايمز/ 28 سبتمبر 2011).
المسألة هي أنّ هذا المزج بين الدولة و الدين يمكن أن يختلف عن الموجود فى إيران أو أفغانستان لكن فى ظروف إقتصادية سريعة التغيّر يمكن أن تظهر تناقضات مثلما يمكن أن يظهر تمييز ضد ديانات الأقليات. و عاجلا أم آجلا ، قد ينتهى شهر العسل مع الفكر الإسلامي و يتسبّب فى مشاكل لكلّ من الطبقة الحاكمة التركية و لمسانديها الإمبرياليين. قد يعرف المخطّط بأسره تحوّلا إلى نقيضه.
و ثمّة مسائل هامة أخرى قد تثير مشاكلا خطيرة أمام المخطّطات الحالية لتركيا.
إنّ الإقتصاد التركي ينمو على أساس ضعيف، على غرار البون الشاسع بين المدن الكبرى و القرى النائية ؛ و التعويل على القروض الإمبريالية و الإستثمارات القصيرة المدى، ما من شأنه أن يجعل الإقتصاد فى غاية الإضطراب و فى حال حدوث إنتكاسة رأسمالية- إمبريالية سيؤول الإقتصاد إلى كارثة.
و حتى مفترضين أن بمقدور تركيا أن تتجاوز نزاعها مع اليونان حول قبرص، وهو موضوع قادر على توجيه ضربة شديدة لطموحات تركيا ، فإنّ الدور الجديد لتركيا قد يفرض مزيد إحتداد هذه التناقضات السياسية الأخرى ما قد يكسر ظهر أردوغان و المخطّطات الإمبريالية .
========================================================




2- الوثيقة الثانية : لن ننسى الرفيق إبراهيم كايباكايا
=======================================================
لن ننسى الرفيق إبراهيم كايباكايا
( " العامل الثوري " عدد 959 ، 31 ماي 1998.)
فى ماي 1985 ، فى إسطنبول بتركيا ، كان مليون شخص يشاهدون أخبار المساء على الشاشة الصغيرة حينما وقع فجأة تعويض الشريط الصوتي برسالة ثورية من الحزب الشيوعي التركي /الماركسي-اللينيني . و ممّا جاء فى رسالة هذا الحزب العضو فى الحركة الأممية الثورية :
" أيّها الرفاق ! أيتها الرفيقات!
مرّة أخرى نحتفى بذكرى 18 ماي ... 18 ماي هو الذكرى 12 لوفاة القائد الشيوعي للطبقة العاملة و الشعب المضطهَد فى تركيا ، مؤسس حزينا ن إبراهيم كايباكايا،فى أقبية التعذيب الفاشي. لقد كرّس الرفيق كايباكايا حيلته و طاقته بأسرهما لتحرير البروليتاريا و الشعب المضطهَد ،و للنضال من أجل الثورة الديمقراطية و الإشتراكية و القضيّة الأسمى ، الشيوعية. لقد قدّم أجسم التضحيات فى هذا المضمار. و بينما كان فى خضمّ هذا النضال المشرّف جُرح ووقع إيقافه من قبل العدوّ فى 29 جانفي 1973، فى درسيم.وواصل الرفيق كايباكايا إخلاصه للشيوعية و قضية الشعب فى أقبية تعذيب الدكتاتورية الفاشية. لم يستسلم و هزم الفاشية بالضبط حيث كان من المفترض أن تكون الأقوى."
=================
فى ماي 1998 ، تكون مرّت 25 سنة على إغتيال إبراهيم كايباكايا من قبل النظام التركي المسنود من طرف الولايات المتحدة الأمريكية. كان سنّ الرفيق كايباكايا 24 سنة فقط عندما إستشهد. و مثّل إستشهاده خسارة كبرى بالنسبة للبروليتاريا و الشعب المضطهَد فى تركيا و بالنسبة للحركة الشيوعية العالمية. كان الرفيق كيباكايا قد قدّم بعدُ مساهمات عظيمة فى تطوير الحركة الثورية فى تركيا و وقتل.
كان تأسيس الحزب الشيوعي التركي (الماركسي-اللينيني) فى ظلّ قيادة إبراهيم كايباكايا جزءا من النضال العالمي فى الستينات و السبعينات ضد التحريفية المعاصرة ( الشيوعية الزائفة). و كان ماو تسى تونغ يقود هذا النضال الذى ألهمته إلى درجة كبيرة الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى فى الصين بمبادرة من ماو, و فى عديد أركان العالم ، قطع الشيوعيون الثوريون مع الأحزاب التحريفية القديمة- التى كانت لمدّة طويلة سابقة قد تخلّت عن الثورة- و أنشأوا أحزابا ثورية جديدة. و فى تركيا ، قاد إبراهيم كايباكايا هذه السيرورة.
سنة 1993، فى رسالة وجّهتها لحنة الحركة الأممية الثورية إلى الحزب الشيوعي التركي ( الماركسي –اللينيني ) جرت الإشارة إلى أهمّ مساهمات إبراهيم كايباكايا :
" لقد طوّر نقدا جليّا و نافذا للتحريفية على أصعدة شتّى . و أكثر من ذلك ، قاد تكريس هذا الخطّ السياسي فى الممارسة العملية ، لا سيما بالشروع فى المحاولة الأولى لإطلاق حرب شعب حقيقية فى تاريخ تركيا. لقد كان إبراهيم كايباكايا أكثر المدافعين صراحة و حماسا عن خطّ الرفيق ماو تسى تونغ و ألدّ المعارضين لل" مدافعين" زورا عن ماو تسى تونغ الذن سعوا إلى إفراغ الخطّ الماوي من مضمونه البروليتاري الثوري.
لقد فضح إبراهيم كايباكايا النشاطات الإصلاحية و الشرعوية و الإقتصادوية لتحريفيي "الشفق"[ الحزب الثوري للعمّال و الفلاحين فى تركيا ] و التى حاولت تقديمها للجماهير على أنّها تمثّل " العمل الثوري الجماهيري". بلا رحمة كشف الرفيق كايباكايا الإنتقائية التحريفية السامّة و حاجج على نحو مقنع بأنّ " هؤلاء الناس البرجوازيين يعتقدون أنّه بتغيير إسم الشيئ يمكن للمرء أن يغيّر طبيعته"، و تظلّ ملاحظة الرفيق كايباكايا بشأن الديماغوجيا التحريفية صالحة لفهم الصراعات السياسية اليوم.
و كذلك بيّن ابراهيم كايباكايا أنّ الحلّ الصحيح الوحيد لدى مضطهدِى الأمّة الكردية هو الثورة الديمقراطية الجديدة بقيادة البروليتاريا و حزبها ".
و اليوم ، تواصل البروليتاريا و الجماهير المضطهَدَة فى تركيا خوض النضال و المقاومة البطوليين ضد الطبقات الرجعية و الحاكمة و دولتها. إنّ النظام التركي جزء من التحالف العسكري للناتو بزعامة الولايات المتحدة ،وهو يحصل على أسلحة و مساعدات أخرى من الولايات المتحدة و من قوى أخرى. و يبقى الخطّ و الإرث الثوريين للرفيق إبراهيم كايباكايا جدّ صالحين و حيويين بالنسبة لنضال الشعب فى تركيا.
===============
فى أفريل 1972 ، قاد إبراهيم كايباكايا إنشقاقا عن الحزب التحريفي القديم و أسّس الحزب الشيوعي التركي( الماركسي-اللينيني). و فى جوان 1972 ، أتمّ كايباكايا جداله الطويل المعنون " جذور و تطوّر إختلافاتنا مع تحريفية " شفق": نقد ]TIIKP شامل للحزب الثوري للعمّال و الفلاحين فى تركيا .[
وفيما يلى مقتطف وجيز من تلك الوثيقة:
من أجل الإنطلاق فى النضال المسلّح ، يطالب تحريفيو " شفق" بأن يكون السهل جافا :
" قبل الإعداد للقسم المتقدّم من جماهير العمّال –الفلاحين الأساسية للنضال المسلّح و قبل أن تكسب فكرة النضال المسلّح شعبية معيّنة فى صفوف الجماهير ، لا يمكن الشروع فى النضال المسلّح ، حتى و إن وجّهته أهداف صحيحة. حتى تشعل الشرارة سهلا ، يجب أن يكون السهل جافا ".
لا مجال للتأويل المغرض أو الإنكار. من أجل الإنطلاق فى النضال المسلّح سادتنا يطالبون بأن يكون السهل جافا.
هذه نظرية أخرى إبتدعوها لأجل تأجيل النضال المسلّح لسنوات. معارضين هذه النظرية اليمينية ، يدافع الماركسيون-اللينينيون عن التالي : يجب أن نشعل السهل من هذه المناطق ( لا نقول منطقة) الجافة. بمعنى ، فى المناطق حيث الظروف مواتية ، ينبغى الإنطلاق فى النضال المسلّح و على الفور. و مناطق السهل التى لم تجفّ بعدُ ستلفح بنار النضال المسلّح المخاض فى مناطق أخرى. و مع نموّ منطقنا ، و تعزيز قوّتها ، ستتوسّع إلى هذه المناطق و تخوض النضال المسلّح هناك. و إشتراط جفاف كافة السهل أوّلا تفكير مختلّ. إنّه لا يتطابق و حقيقة أنّ "الثورة ستتطوّر على نحو غير متكافئ".و علاوة على ذلك ، سيكون النضال المسلّح أكثر فعالية بمئات المرّات من العمل المقام عبر الدعاية و التربية السلميين. أشار الرفيق لينين و الرفيق ماو كلاهما مرارا و تكرارا إلى كيف أنّ النضال المسلّح يحدث قفزات فى وعي الجماهير ..."
خطّ تحريفيي " الشفق" ليس " خطّا ثوريّا جماهيريا" و إنّما هو خط إعاقة الثورة :
" يأقلم تحريفيو " الشفق" أنفسهم ليس مع جماهير المناطق المتقدّمة بل مع جماهير المناطق المتخلّفة. لنفترض اليوم فى بعض مناطق تركيا أنّ الفلاحين مستعدّون للنضال المسلّح ،و فى مناطق أخرى ليسوا على إستعداد لذلك بعدُ. مفهوم التحريفيين للخطّ الجماهيري يجد من الضروري أن ينسجموا مع المنطقة المتخلّفة و ينأوا بأنفسهم عن المنطقة المتقدّمة. و هذا إستنتاج آخر تتوصّل إليه نظرية تجفيف السهل. و فى المناطق حيث يبرز الفلاحون نفاذ صبر لحمل السلاح ، يتذيّلون و يقفون وراء الفلاحين المتقدّمين و يتأقلمون مع العناصر المتخلّفة.إعاقة تقدّم الفلاحين المستعدّين للنضال المسلّح بمنطق " أوّلا تعلّم الماركسية-اللينينية، ثمّ إلتحق بالنضال المسلّح" ، سيقود بالتأكيد إلى الإبتعاد عن هذه القوى و ،فى النهاية ، السقوط إلى الخلف ، إلى مستوى العناصر المتخلّفة. فى المناطق الريفية ، لاحظنا بأعيننا كيف أنّ التحريفيين يقفون حجر عثرة أمام الفلاحين المتقدّمين. هؤلاء السادة الخونة البرجوازيين تجاوزهم الفلاحون لأنّهم وقفوا فى طريق أولئك الفلاحين الذين كانوا يريدون فى الحال القضاء على أعدائهم الطبقيين ."
===========
و قد إتخذ إبراهيم كايباكايا موقفا حازما إلى جانب حق الأمة الكردية التى تعانى من الإضطهاد القومي الوحشي فى تركيا ، فى تقرير مصيرها.
" فى بلادنا ، الجلادون الحقيقيون للإضطهاد القومي هم البرجوازية الكبرى التركية ذات الطابع الكمبرادوري ، و الإقطاعيون. و الإمبرياليون الأمريكان يساندون و يدعمون سياستهم فى الإضطهاد القومي و العنصرية . لكن البرجوازية الوسطى التركية ذات الطابع الوطني ، تساهم بطرق أدقّ و أرقّ فى الجريمة ذاتها...
الدعوة إلى المساواة بين الأمم فى الأقوال أمّا فى الأفعال فنشر أفضلية تشكيل دولة للأتراك فقط و تصفية حقّ الأكراد فى إقامة دولة ، و الإعتماد على شعارات ديماغوجية برجوازية مثل " الوحدة القومية " و " السلامة الترابية" - أليس هذا دفاعا عن اللامساواة بين الأمم و عن إمتيازات البرجوازية التركية؟
إنّ الإشتراكيين [ الشيوعيين الثوريين] يعارضون حتى أبسط الإمتيازات المشجعة على تفضيل أمّة نسبة لأخرى و على اللامساواة. إنّنا ندافع و سنظلّ ندافع عن بكلّ ما أوتينا من جهد حقّ الأمّة الكردية فى تشكيل دولة و سنحترم هذا الحقّ إلى النهاية؛ إنّنا لا ندعم الموقع المميّز للأتراك على حساب الأكراد ( و على حساب الأمم الأخرى)؛ إنّنا ن دون تردّد نشرح للجماهير هذا الحقّ و نعلّمها أن ترفض حتى تشكيل دولة تحتكرها أية أمّة بمفردها على حساب الأمم الأخرى..."
===============
و من يتطلّع لقراءة المزيد من كتبات الرفيق إبراهيم كايباكايا نحيله/ها على مجلّة الحركة الأممية الثورية " عالم نربحه" ] http://www.aworldtowin.org عدد 3/1985 و عدد 5/ 1986. [ باللغة الأنجليزية ، على موقع النات
=======================================================================================================














--------------------------
- 2- الوثيقة الثالثة : الماوية تحيى و تناضل ، تكسب و تواصل الكسب.
======================================================================
الماوية تحيى و تناضل ، تكسب و تواصل الكسب.
(الحزب الشيوعي التركي (الماركسي - اللينيني )- سبتمبر 1997)
--------------------------------------------
فى التاسع من سبتمبر 1976 ، فقدنا ماو تسى تونغ ومع ذلك لا تزال الماوية تحيى و تناضل كقائدة للبروليتاريا و الشعوب المضطهَدَة فى العالم. و يعنى إحياء ذكرى ماو الدفاع عن الماوية و تطبيقها وهذا مبدأ كلّ ماوي و إلاّ فلن يستطيع المرء أن يكون شيوعيا ولا يمكن له أن يتطلع إلى الإنتصار.
عقب وفاة ماو بيّنت لنا مشاكل الحركة البروليتارية الثورية فى العالم و مشاكل الحركة الشيوعية العالمية و مشاكل موقف الحركة الثورية أهمّية قيادة ماو تسى تونغ. وفى الواقع ، ساند الذين إنتقدوا ماو إثر وفاته من أمثال أنور خوجا ( الذي لم ينبس بكلمة نقد واحدة و ماو على قيد الحياة) ، خروتشاف. و التاريخ يثبت لنا الطبيعة الحقيقية للقيادة الماوية و كذلك أهّميتها.
إنّ الماوية معادية للإمبريالية و لعملائها و لكلّ أرهاط الرجعية فى العالم و فى الصراع من أجل تحقيق الشيوعية، . تمثّل الماوية مرحلة عليا. و تؤكّد لنا سيرورة الأحداث عبر العالم الطابع العلمي للماوية فقد خسرنا بلداننا الإشتراكية وهذا فى حدّ ذاته أمر يؤكّد الطابع العلمي للماوية: كون فى ظلّ الإشتراكية يتطوّر صراع بين طريقين و طبقتين و يظلّ من غير الواضح أيّة طبقة ستكسب طوال المرحلة الإشتراكية. لذا الماوية هي راية البروليتاريا العالمية فى نضالها من أجل تحقيق الشيوعية .و الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى هي نقطة إنطلاق النضال العالمي من أجل تحقيق الشيوعية و النقطة الفاصلة التى تشير فى واقع الأمر إلى ما إذا لا زال يجرى الدفاع عن الشيوعية أم لا. و لو انّ الأشكال تختلف من بلد إلى آخر ، فإنّ الجوهر يظلّ هو ذاته. و الآن يوجد جيل من الشيوعيين قاتل ضد التحريفية و الإنتهازية رافعا سيف المنهج العلمي الماوي.
بعد هذا كلّه ، من الجليّ لأي كان يريد رؤية ذلك أنّه قبل و بعد إفتكاك السلطة من الضروري مواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا. و الذين يدافعون عن نظرية عدم وجود طبقات و عدم وجود برجوازية فى ظلّ الإشتراكية مفلسون. وقد تكشّف أنّه حتّى الملكية الإشتراكية لقوى الإنتاج لم تعالج مشكل من سيكسب. طوال كافة المرحلة الإشتراكية بماهي مرحلة إنتقالية من الرأسمالية إلى الشيوعية ، وجدت أسس إعادة تركيز الرأسمالية حتّى حين كانت البروليتاريا فى السلطة فالبرجوازية و أسس إعادة إنتاجها لم تكفّ عن الوجود. ومع الإشتراكية و على الرغم من تطوير علاقات الإنتاج لا يمكن أن يجري تحويلها كلّيا إلى أن يتمّ بلوغ الشيوعية عبر العالم قاطبة.
و عن تحكّم الحزب و الدولة فى الملكية العامة، فإنّه يبقى هناك درب طويل لقطعه من أجل تحقيق الملكية العامة الفعلية. ورغم إرادتنا، هذا واقع لا مناص منه.
تتركّز البرجوازية الجديدة فى ظلّ الإشتراكية رئيسيا ضمن الحزب و الدولة و يعزى ذلك لتناقضات الإشتراكية والبيروقراطيون البرجوازيون الجدد مثل خروتشاف الذين تخفّوا خلف قناع إشتراكي يثبتون لنا هذه الحقيقة.
والآن و قد أمكن للجميع رؤية خطر إعادة تركيز الرأسمالية و إفلاس نظرية "عدم وجود برجوازية فى ظلّ الإشتراكية"، من الجليّ أنّ الخطّ الرئيسي منبعه البرجوازية الحديثة التشكّل داخل الحزب و الدولة. و فى كلمة ، الدولة هي جهاز طبقة ضد أخرى. و هذا هو الحال على طول الإشتراكية و فى ظلّ سلطة البروليتاريا . و لكن لسوء الحظّ تنكر نظرية "الإشتراكية دون طبقات" النظرية اللينينية العلمية حول الدولة قائلة إنّ مهمّة الدولة البروليتارية هي مجرّد الدفاع عن نفسها ضد الإمبرياليين و الهجمات الخارجية على البلد الإشتراكي. صحيح أنّ الدولة البروليتارية تدافع عن البلد الإشتراكي فى وجه الغزوات الإمبريالية لكنّ مهمّتها الرئيسية هي حلّ كلّ التناقضات فى المجتمع الإشتراكي، لا سيما منها التناحرية و لو أنّ الأشكال و الطرق تختلف. و عليه فإنّ سلطة البروليتاريا هي جهاز لمواصلة الثورة البروليتارية. و مع سلطة البرجوازية الجديدة التى تستمدّ قوّتها من بذور الرأسمالية داخل الإشتراكية ، سيجرى تراجع كلّي عن الطريق الشيوعي. و أيضا ثمّة خطر البرجوازية القديمة التى تمّت الإطاحة بها و لكنّها لم تكفّ عن الوجود.
الضمان الوحيد أن تُستعمل سلطة المضطهَدين لصالح الشيوعية هو الخطّ الماوي. فى ظلّ الإشتراكية " لكلّ حسب عمله" و إلى إضمحلال الدولة ، سلطة البروليتاريا و الخطّ الماوي لازمين. هكذا يكون بوسعنا تعبئة المضطهَدين و التعويل على ممارستهم المباشرة للسلطة. و مثلها مثل مشاكل أخرى، الدولة و الحقّ البرجوازي إفراز لطبيعة الإشتراكية بما هي مجتمع إنتقالي . فى ظلّ الإشتراكية ، لا يجب أن نؤخّر مهام القضاء على المجتمع الطبقي و وضع الدولة فى متحف الآثار إلى أن نصل إلى مرحلة "من كلّ حسب قدراته ، إلى كلّ حسب حاجياته" . ليس بوسعنا أن نضع هذا جانبا و نقول هذه ليست مهمّة راهنة. ألم توجد قيادة الثورة البروليتارية الكبرى لتبيّن لنا هذا ؟ ليس لدينا ما نقوله للبرجوازية التى لا تودّ رؤية هذا. فى جنازة النداءات "الإشتراكية" قد قُبر بعدُ الإمبرياليون الإشتراكيون و الإشتراكيون الفاشيون و البرجوازيون الديمقراطيون. و ما من شيء لدينا نقوله عدا " ليعنهم الإلاه!".
نفهم الخطّ التحريفي المعادي للماوية لكن لا يمكننا أن نفهم الثوريين و الديمقراطيين الذين يسقطون فى الإيديولوجيا التحريفية ونقبل بأنّ مهمّتنا هي تحريرهم من ذلك، غير أنّ عليهم هم أنفسهم أن يقبلوا ذلك. و مثلما أشار ماركس ، ليس فى مستطاع أي أحد أن يساعد أولئك الذين يرفضون التعلّم من تجاربهم و أخطائهم.
كي ندرك أبجديات المنهج العلمي و نستوعب الواقع ، من الضروري أوّلا وضع التردّد و الأفكار المسبّقة جانبا. و صورة علم البروليتاريا تبيّن لنا ذلك. فحتى بقيادة البروليتاريا تتضمّن السلطة بعدُ تناقض قادة/ مقودين فى التناقض بين الحزب و الجماهير. و لئن أردنا إستعمال البروليتاريا كوسيلة تقدّم ، فإنّ الخطّ السياسي و الإيديولوجي الماوي ضروري بما لا يدع مجالا للشكّ فى ذلك. فالحزب و السلطة البروليتارية إفراز للتقسيم القديم للعمل و لو أنّ الحزب يمثّل مصالح البروليتياريا و الشعب الكادح و يضطلع بدور حيوي كأداة لقيادة الجماهير نحو إفتكاك السلطة فإنّه يظلّ هناك تناقض قادة/مقودين: بين الحزب والدولة من جهة و الجماهير الشعبية العريضة من جهة أخرى. و التناقضات بين العمل اليدوي و العمل الفكري ؛ بين العمّال و الفلاحين ؛ و بين المدينة و الريف، تشكّل واقع الإشتراكية كمجتمع إنتقالي لمرحلة كاملة بين الرأسمالية و الشيوعية. و تنبع هذه التناقضات من القاعدة الإقتصادية و الإجتماعية. و هنا تكمن أيضا قاعدة الإغتراب. و فى النهاية ، حتى للسلطة البروليتارية جزء برجوازي. لذا أثناء التحويل الثوري للإقتصاد و السياسة و الثقافة ، الخطّ السياسي و الإيديولوجي الماوي لتحويل هذا الجزء البرجوازي هام و ضروري.
الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى رايتنا فى النضال ضد كافة أنواع البرجوازية. فبأفق الثورة الثقافية ، من الممكن قيادة الشعب فى النضال ضد البرجوازية و بيروقراطيتها و من الممكن قيادة الجماهير فى مراقبة الحزب و الدولة و تسليح الشعب ليناقش و يتنظّم فى ظلّ قيادة الطليعة و خلق جوّ سياسي و إيديولوجي حيّ فيه تدرك التجربة وتفهم فى ظلّ قيادة ماوية و تشجيع كبير للمبادرة. و كي تكون قيادة طليعية تحتاج إلى علم يجعل الشعب قادرا على رؤية الطريق الصحيح للمضيّ قدما. مع دروس الثورة الثقافية ، يمكن للحزب و الدولة ( اللذان هما من مخلفات المجتمع الطبقي) أن يخدما الجماهير العريضة. والبيروقراطية تخنق مبادرات الشعب بيد انّ طليعة البروليتاريا رافعة تكسر السلاسل.و دور قيادة الشعب ليس إصدار أوامر بل توحيد نضالات الشعب لتحقيق الهدف.
مع الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى و الماوية :
أ- تثبت الإشتراكية كمجتمع إنتقالي أن الصراع الطبقي و صراع الطريقين و الصراع السياسي و الإقتصادي و الإجتماعي يحتاج إلى الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى.
ب- بيّنت لنا الإشتراكية دور الحزب و الدولة و الأخطار المحدقة بهما و بيّنت إضافة على ذلك أهمّية إمتلاك خطّ سياسي و إيديولوجي بروليتاري وضرورة إمتلاك طليعة لتجسيم التحويل الثوري.
ت- يعير الماويون إهتماما لدور الجماهير فى إنجاز الثورة و لدور الطليعة و يناضلون ضد أخطاء أولئك الذين يرون دور الجماهير فى الإنتاج فحسب و يدّعون أنّهم أخصّائيون فى السياسة و الإقتصاد.
ث- يذهب مبدأ المادية الجدلية و جوهرها ضد اولئك الذين يرون فقط و بصفة ميكانيكية العلاقة بين الوعي و المادة و تحويل المادة إلى وعي و الوعي إلى مادة . لذا ، تناهض الماوية أولئك الذين ينظرون فقط بصفة مادية مبتذلة للعلاقة بين البنية الفوقية و القاعدة الإقتصادية و بين الإقتصاد و السياسة و تنقد خطّ "الإشتراكية دون طبقات" و الحزب و المجتمع ذو الوحدة الصماء و قد شرحت عمليا جذور التناقضات بين الطليعة و الجماهير و بين العمل اليدوي و الفكري و بين المدينة و الريف ، حيث تعمل قوانين و قوى برجوازية فى المجتمع.
ج- فى مؤلفيه "حول العلاقات العشر الكبرى" و "نقد الإقتصاد السوفياتي" ، نقد ماو و نزع القناع عن ممارسة التحريفيين الذين لا يفهمون العلاقة بين الصناعة الثقيلة و الفلاحة و الصناعة الخفيفة و بين التخطيط المركزي و المبادرة المحلّية و أهمّية دور الطليعة فى قيادة الجماهير العريضة.
بإختصار ، مع الماوية بلغ علمنا مرحلة أرقى نوعيّا فى ميادين الإقتصاد و الفلسفة و الإشتراكية العلمية. أبدا لم يركض ماو وراء الجماهير و لا هو وقف أمامها صائحا بالأوامر و كذلك لم ينكر ، مثلما يفعل الليبراليون، دور الطليعة و أيضا لم يتصرّف كبيروقراطي يملى الأوامر و لا هو دافع عن التخطيط المركزي المبتذل و لا عن دور إقتصاد السوق الحرّ الذى ينكر دور القيادة المركزية الموحّدة . لقد كان ماو مثالا ملموسا للعلاقة الجدلية بين المركزية و اللامركزية . لقد كان ناقدا راديكاليا للمركزية البيروقراطية و للفوضوية النقابية. و عالج المظاهر المعقّدة للإشتراكية فيما يتصل بالسياسة و المجتمع و الإقتصاد. حين كان يشير إلى ضرورة الصناعة الثقيلة ، لم يكن لينسى ضرورة الصناعة الخفيفة. و لم يحدث هذا الخطّ فوضى فى الصين البلد الذى يعدّ سكّانه أكثر من مليار نسمة. فقط بخطّ ماوى يمكن قيادة الشعب للمشاركة فى الإنتاج و الجماهير الكادحة للمساهمة بشكل فعّال فى تقدّم المجتمع و المراقبة الكلّية للحزب و الدولة.
و الخطّ الماوي فيما يتعلّق بالجيش الشعبي هو أنّه من اللازم على هذا الأخير أن يقوم بدور ديناميكي مساهما فى الإنتاج و مضطلعا بمهام ثورية، ليس كجيش بيروقراطي يجهل مصالح الشعب. و لقد كان ماو يعلم أنّ الجيش ضرورة و ليس هدفا. فى ظلّ قيادة ماو ، لم تنكر الحاجة إلى جيش و جري تنظيم الجماهير فى مليشيات شعبية.
لنحيّى الماوية فى ظلّ قيادة الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى :
كلّ ديمقراطية سلطة طبقة . وكلّ سلطة ديمقراطية. لا وجود لديمقراطية فوق السلطة الطبقية. و هذا يعنى أنّ كلّ دولة هي جهاز دكتاتورية ضد طبقات تختلف عن الطبقة التى تمثّلها الدولة. و بالنسبة لنا، من الواضح من تمثّله الديمقراطية البروليتارية كما من الواضح فى من تحكم و ما هو هدفها. إنّها ديمقراطية بالنسبة للعمّال. و فى ظلّ قيادة ماو ، كان الهدف هو إفتكاك السلطة و الإشراف عليها و ضمانها و مواصلة القيام بالثورة وهي دكتاتورية على جميع الأصعدة ضد البرجوازية. إنّها سلاح لتحقيق الهدف النهائي ، الشيوعية. و الأهمّ هو من يتحكّم فى أجهزة السلطة الإشتراكية وهذا مبدأ ضروري لتحقيق الشيوعية. و من الهام جدّا إمتلاك قيادة ماوية تحوّل المجتمع نحو الشيوعية و تمثّل مصالح الشعب و حقوقه. إن تحكّمت الإنتهازية و التحريفية فى السلطة و قادتها ، فإنّها ستقلب الوضع و ستعيد تركيز الرأسمالية. هدفنا هو تركيز سلطة البروليتاريا لكن هذه الأخيرة لن تتركّز وحدها دون طليعة شيوعية. و الذين يعارضون القيادة بالجماهير ينكرون القيادة الطليعية الماوية و يستعملون فلسفة مادية مبتذلة و منهجا سياسيا و إقتصاديا مبتذلا. و أولئك الذين يسمّون أنفسهم ليبراليي "اليسار" و الذين يتهمون علمنا بجرائم البرجوازية "الجديدة " التى ظهرت صلب البلدان الإشتراكية السابقة ،هم محتالون سفلة بما أنّهم يهاجمون بصورة خاصّة دور الحزب الشيوعي فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا وهو ما لا يمكننا التخلّى عنه. بنظرتهم للعالم ، لا يستطيعون رؤية التناقضات فى المجتمع الإشتراكي الذى هو مجتمع إنتقالي بين الرأسمالية و الشيوعية. بنظرتهم العفوية ، يتهمون علمنا بالإخفاق و حتى هناك بعض الذين يقولون "الشيوعية قد ماتت و هُزمت"، لكن كما هو معلوم قام الشيوعيون بأخطاء.
بهذا الصدد ، عندما شرح ماو التناقضات فى المجتمع الإشتراكي ، فإنّه إستخلص دروسا من أخطاء الشيوعيين و قوى أخرى و اثبت أنّ الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى كانت طريق مواصلة الثورة نحو الشيوعية و شرح قواعد تطوّر البرجوازية "الجديدة" فى ظلّ الإشتراكية و بيّن كيف أنّ العادات و الأفكار التقليدية أفرزت فساد الجماهير و أشار إلى الحلّ: الإستمرار فى القيام بالثورة الثقافية البروليتارية الكبرى لأنّه أمر واقع أنّ البرجوازية يمكن أن توجد و تمارس تحكّما فى نفس أجهزة سلطة البروليتاريا. و عليه ، من الضروري تثوير كلّ البنية الفوقية للسلطة و المجتمع. هل يمكننا أن نقوم بالثورة دون حزب؟ إنّ أهمّية دور الطليعة هي قيادة وفق خطّ صحيح. و يستعمل "اليسار" الليبرالي أخطاء و نواقص الشيوعيين (مثل عدم الفهم الجيّد لدور الجماهير أو العلاقة الماديّة الجدلية بين الطليعة و الجماهير كيما يبالغوا فى دور الجماهير و يغلقوا أعينهم و يديروا ظهرهم لدور الطليعة ). فى كلمة ، لا يمكن للثورة أن تتطوّر بهذه النظرية لأنّها تركّز فقط على الجماهير .فمبادرة الجماهير الثورية تتطلّب طليعة و لا تتعارض معها. الغاية هي توحيد الطليعة الشيوعية و الجماهير و ليس معارضة الواحدة بالأخرى.
الشكل هام غير أنّه لا يمكن أن يكون أعلى من المضمون. ألم يستعمل خروتشاف ملكية الشعب فى الدولة السوفياتية؟ بلا ، الشكل هام لكنّ المضمون هو العامل المفتاح. فالتحريفيون من مثل خروتشاف و دنك سياو بينغ بمستطاعهم إستعمال هذا الشكل أو غيره بما أنّه إن لم يوجد خطّ ماوي و لم توجد قيادة طليعية ،فإنّ الشكل وحده لا يمكن أن يمثّل مصالح الشعب و لا أن يحميها.
بإسم النضال ضد البيروقراطية ، ليس بالإمكان إنكار دور الطليعة و إلاّ ستكون عملية إهداء السلطة للبرجوازية.
و يستعمل المسمّى ب "اليسار" الليبرالي مثال كمونة باريس لكنّه يتاجر بنواقصها التى ينبغى تجاوزها و يكرّرون إحدى تلك النواقص التاريخية لكمونة باريس كنظرية و يدعوننا لولوج نفق مظلم! بيد أنّ الماوية تضيء الطريق و تمثّل إرثنا؛ إنّها تبيّن لنا كيف ندافع عن كمونة باريس مع الكمونة الشعبية و قيادة الحزب و كيف تمارس السلطة عن طريق اللجنة الثورية و كيف نقود الشعب للمساهمة فى الإنتاج العملي إلخ.
وأولئك الذين يشجّعون الفوضوية مشعوذون لا يستطيعون القطع مع النظام و يبقون الجماهير مرتبطة به نظريا و عمليّا لا غير.
بالأمس دافعنا و لا نزال اليوم ندافع عن كمونة باريس كمعلمِ و لا يشبه دفاعنا دفاع الفوضويين. فى يومنا هذا ، ليس كافيا أن يكون المرء شيوعيا و يدافع عن دكتاتورية البروليتاريا و يقبلها ففى نفس الوقت علينا ان ندافع عن مواصلة الصراع الطبقي فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا . و من الهامّ للغاية تناول هذا و فهمه و تطبيقه عملياّ تبعا لمثال مواصلة الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى. و بالطبع لا تعنى الدكتاتورية العنف فحسب. فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا أن تكون للبرجوازية حقوق (مثل الإنتخاب إلخ) ستحدّده كلّيا الظروف الخاصة. و لزاما علينا فهم أنّ الإختلافات ( فى الشكل لكن ليس فى المضمون) بين الإتحاد السوفياتي و الصين تعزى إلى الظروف الخاصّة المختلفة.
لا يمكن إنكار مبدأ مواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا حيث أن بقايا الرأسمالية ، فى ظلّ الإشتراكية ظاهرة ملموسة مثلما تثبته لنا تجربتنا السابقة. لقد قال ماو حيث لا تمرّ المكنسة سيبقى الغبار؛ الغبار لا يضمحلّ لوحده.
مع ذلك إدراك صراع الطبقات غير كاف إذ علينا أن نقبل بضرورة دكتاتورية البروليتاريا و ان نضعها موضع الممارسة من منظور إنجاز الثورة فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا. و إلاّ سيتمّ تشويه عقيدة أو نظرية دكتاتورية البروليتاريا.
ينظّر الكثيرون للحزب الشيوعي و للسلطة البروليتارية على المستوى التنظيمي غير أنّهم يتبعون قوّة العادة فى المجتمع القديم و ليسوا إلى جانب البروليتاريا على المستوى الإيديولوجي. و يستغلّ هؤلاء الناس ، لا سيما فى المرحلة الإشتراكية هذا الوضع و خاصّة حين يحتلّون مواقع قيادية سامية فى الحزب و يرفعون من جهتهم الراية الحمراء.
على هذا النحو لا يمكننا أن نسمح لأنفسنا بعدم إستعمال الدكتاتورية لإيقاف البرجوازية القديمة منها و الجديدة و بالنسبة لنا الثورة حقّ وواجب. من حقّنا أن نثور ضد الرجعيين . و من جهة أخرى إنّه لتشويه أن نستعمل هذا الحقّ ضد الشعب.
توجد عدّة هجومات ضد الثورة الثقافية و من الطبيعي جدّا أن يهاجم الرجعيون هذه الثورة السياسية الكبرى التى قادها ماو لأنها تزرع الفزع فى صفوف أولئك "الرجعيين الكبار" ملوك جهنّم.
ما الذى تطالب به الثورة الثقافية؟ هل كان بإمكان الحركة الثقافية الثورية أن تدع جانبا حملاتها ضد البرجوازية التى قد إفتكّت مواقع سلطة فى الدولة البروليتارية؟ إنّه واجب ثوري أن نثور ضد الرجعيين و الثورة الثقافية قد بيّنت لنا كيف نقوم بذلك.
بدموع التماسيح يُساند اليسار الليبرالي الإمبرياليين و عملائهم الذين يهاجمون الثورة الثقافية الهادفة لتحطيم البرجوازية الجديدة قائدة الجماهير الثورية بالماوية. ويدهشنا أن يُهاجم التيار الجديد لليساريين الليبراليين الثورة و يشوّه جوهر الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى. فى الصين ، نَعَتَ معارضو الفلاحين الفقراء (الفلاحين الفقراء الذين إنتفضوا ضد الملاكين العقاريين الكبار و سلطتهم) بالحثالة و الغوغاء. و فضلا عن ذلك ، مثلا ، أثناء مظاهرة غرّة ماي سنة 1996 ، فى إسطنبول ، أدان القائد النقابي ذو النزعة اليسارية الليبرالية إنتفاضة العمّال ضد الشرطة (مثلما حصل ذلك فى الصين، فى الجانب الإيديولوجي).
ومثلما كان ماو يقول بشأن أولئك الذين يدينون ثورة الجماهير : يتصوّرون أنّ الثورة تنظيم مأدبة عشاء. طبعا، فى فترة ثورية ،لا ننكر أن توجد أعمال متطرّفة أو مبالغ فيها و لا ننكر أنّه علينا أن نأخذ على عاتقنا تربية الشعب ، بيد أنّ المبالغات التى توجد ليست المظهر الرئيسي و لا هي جوهر الثورة.
جريمة ألاّ نضرب الرجعيين و أن نحاول تجنّبهم. خلال الثورة الثقافية ، كانت الإطاحة بأتباع الطريق الرأسمالي وسيلة و لم تكن هدفا. فالهدف كان تغيير نظرة الناس للعالم من أجل نشر الشيوعية. لم يقع قتل ليوتشاوتشى و دنك سياو بينغ و هما الهدفان الرئيسيان للثورة الثقافية ممّا يدحض أكذوبة أنّ الثورة الثقافية كانت حدثا عنيفا و دمويّا للغاية. بالنسبة للشيوعي ، العلاقة بين الأهداف ووسائل تحقيقها مسألة مبدئية ينبغى شرحها للذين لا يفهمون. وعلينا أن نشرح أنّه لدينا و يظلّ لدينا عدوّ و معارضين طبقيين و إن ليس لدينا عدوّ شخصي. لن نقبل بأي شيئ يكون ضد أهدافنا ،مثلا ، معاملة لاإنسانية تجاه الآخرين ، تعذيب ، و تحطيم البيئة ، تمويل صراعات ضد المضطهَدين و البروليتاريا ، تجارة المخدّرات: كلّ هذه أعمال البرجوازية لن نقبل بها.
خلاصة القول ، يدافع المستغِلون (بهدف الإبقاء على نظامهم) عن فلسفتهم البراغماتية الرجعية و يلجؤون إلى كلّ الوسائل للإبقاء على سيطرتهم. إنّ جيل الثورة الثقافية ما قال أبدا " الحزب و السلطة فوق كلّ إعتبار" بل إستعمل الحزب و السلطة لصالح حرّية الفقير و المضطهَد و كسلاح لتحقيق مجتمع خالى من الطبقات و بالتالى تغيير العالم. إنّ مصالح الشعب دوما و فى كلّ المجالات هي المبدأ الرائد. لقد ناضل الشيوعيون ضد الفلسفة البراغماتية لدنك سياو بينغ الذى أكّد " لا يهمّ أن يكون القط أسودا أو أبيضا ، المهمّ هو أن يصطاد الفأر". بغاية تغيير أفكار الجماهير لا يمكننا أن ننسى النضال الإيديولوجي فنحن نعلم أنّ فى كافة المجتمعات الثقافة السائدة هي ثقافة الطبقة السائدة. و الثورة الثقافية تعنى القطع مع العادات و التقاليد القديمة وهي مفتاح فى إنجاز ذلك.
يعتقد التحريفيون أن الثورة الثقافية كانت رعبا مطلقا. و يؤكّد الإمبرياليون و عملاؤهم أنّ الثورة كانت ضد الشعب. و من المهمّ جدّا عدم السماح لأي كان بأن يخلط بين من هو العدوّ و من هو الصديق فى الفترة الثورية و كي نقدر على إلحاق الهزيمة بالعدوّ من المهمّ أن نحافظ على الوحدة مع أصدقائنا بينما يتمّ النضال حول أخطائهم و نطبّق خطّنا الطبقي. هذه مسألة مبدئية.
من الهام جدّا ، بالنسبة للجماهير و بالنسبة للذين أخطؤوا ، فى الثقافة الماوية ،مبدأ "معالجة المرض لإنقاذ المريض" و إستعمال تلك الأخطاء كفرصة لتربيتهم. حسب الماويين ، بإستثناء الأشخاص الذين لا يمكن إنقاذهم أو إعانتهم على التقدّم، نتعامل مع الناس "مثلما يفعل الطبيب" . هل للطبيب حقّ الصراخ فى وجه المريض ؟ طبيب من هذا القبيل لن يعرف واجباته و سيكون غبيّا. ما هو واجبه؟ إنّه تشخيص مرض المريض و تقديم العلاج له. هذا من جهة و من جهة أخرى ، ينقد بعض الإنعزاليين الذين يستعملون القوّة ليفرضوا سيطرتهم ، ينقدون ماو على أنّه ليبرالي. و مع ذلك ، فإنّ ماو لم يتهرّب البتّة من الصراع حول الأخطاء. بالعكس ، إستعمل ماو طريقة وحدة - صراع- وحدة داخل الحزب و فى المجتمع للصراع حول الأخطاء و التوصّل إلى مستوى أرقى من الوحدة.و لم يستطع البيروقراطيون "المتعجرفون الأقوياء" أن يستوعبوا لماذا وثق ماو تسى تونغ فى 95% من السكّان بإعتبارهم أناسا شرفاء و طيبين. بالنسبة للبيروقراطيين المتعجرفين لن يهتمّوا أبدا بأسباب الأخطاء و الظروف المادية للشعب. و أولئك الذين يعتقدون أنّهم لا يقترفون أبدا أخطاء و لهم تشبّث و ولع بالسلطة العليا يصيرون أعداء كافة الشعب و يتبنون خطّا عدائيا تجاه الجماهير. عموما، تتأتّى الأخطاء الرئيسية منهم .و بالملموس مثّل لين بياو مثالا نموذجيّا حيث نظّم حفنة من اللصوص حول الفكرة المزعومة لمواصلة الثورة الثقافية ضد دنك سياو بينغ لكن ، فى الواقع، خدم ما فعله قوى دنك. كان لين بياو "ماوي خارق للعادة" شعاره "تحطيم كلّ شيئ " و حبك الدسائس و المؤامرات فى صراعه الشخصي من أجل السلطة.
عند إستعمالنا لعلمنا فى معالجة التناقضات فى الحزب و المجتمع ما ينبغى القيام به و ما لا ينبغى القيام به هو " ممارسة الماركسية و ليس التحريفية ؛ العمل من أجل الوحدة و ليس من أجل الإنشقاق؛ التعامل بإستقامة و صراحة و عدم حبك الدسائس و المؤامرات".
و مثلما قال ماركس بصدد طبيعة الملكية الخاصّة فهي دائما خجولة و جبانة لأنّه ليست لها روح.
بصدد السياسة :
لا يمكن للذين لا يتحدّثون عن تاريخهم و عن أدبهم أن يحفظوا دروسا و لا أن يوافقوا عليها. ألم يقولوا "هم" أنّ الفلسفة ليست بالبساطة التى شرحها ماو فى " فى التناقض" و "فى الممارسة العملية" و أعمال فلسفية أخرى ؟ إنّ كتابات الماوي الكبير ، إبراهيم كايباكايا فى بيان 1972 و منها تقرير حول منطقة كورسيلك و المقالات حول الحركات العمالية-الفلاحية تعطينا مثالا مهمّا و ملموسا جدّا منه علينا أن نتعلّم.
من غير الممكن قيادة الجماهير بقيادة مجرّدة. يمكن إفتكاك السلطة فقط عبر النضال الواعي للشعب لكسب السلطة. و لا نستطيع تحاشي قيادة الشعب فى الصراع الطبقي بخطّ صحيح. و الحرب الثورية مثال عملي يثبت ذلك. لحرب الشعب و ثورة الديمقراطية الجديدة علاقة جدلية بتحقيق تلك المهام من خلال سلطة الديمقراطية الجديدة. و هذا ما نعنيه بحرب الشعب : لا نتحدّث فقط عن مهام عسكرية بل نشير كذلك إلى مهام إقتصادية و سياسية و إجتماعية لإنجاز الثورة. و العلاقة بين الحرب و السياسة تشرح هذا الواقع. فالحرب الثورية وسيلة لمواصلة السياسة الثورية. و علينا أن نتجاوز نقاط ضعفنا و نواقصنا بسرعة كبيرة. إبّان إعداد الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى ، رُفع شعار النضال ضد "الأربع أشياء القديمة". و ينبغى أن نتعلّم من ذلك و نطبّق ذلك فى الممارسة العملية. نقاط الضعف و الصعوبات و الإنتصار و المستقبل المشرق وحدة أضداد. وبعدما نحلّل كلّ هذا تحليلا صحيحا سيمكننا أن نعالج البقيّة. ينبغى ألآ نكون مثل أولئك الذين يرون المشاكل و الصعوبات فحسب و لا يصيغون حلولا و لا يرون المستقبل المشرق و ينبغى ألاّ نكون مثل أولئك الذين يعتدّون كثيرا بأنفسهم و يتغطرسون كثيرا و لا يرون نقاط ضعفهم. إنّ الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى لا يمكن أن تقبل بوجود مشاكل دون حلول و من الواضح جدّا بالنسبة لنا ما يجب أن نقوم به و ما يجب ألاّ نقوم به- والآن سنحلّل ذلك.
ضد الهجمات: يهاجم الليبراليون البروليتاريا و الشعب الكادح مستعملين الطلقات النارية المتعفّنة لأسلحة كاوتسكى و برنشتاين ، بيد أنّهم بتلك الأسلحة بإمكانهم أن يطلقوا النار على أنفسهم لا غير. و ييطبّل الليبراليون للديمقراطية فى المطلق و يهاجمون الشعب الكادح و القويّ فى ظلّ قيادة البروليتاريا و فى نفس الوقت يسكبون دموعهم على التضييقات المملاة على الطبقات البرجوازية. و الآن نفهم على نحو أفضل من الأمس ضرورة مواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا و نعلم الضرر الذى تسبّبت فيه أحزاب الأممية الثانية.
أمّا فيما يتصل بنظرتهم الأورومركزية ( المنجرّة عن نظرية قوى الإنتاج القائلة بأنّه يجب على البروليتاريا ألاّ تفتكّ السلطة حيث لا تمثّل غالبية السكّان) فليحتفظوا بها حتى نقول ذلك بطريقة متأدّبة و الذين يفسّرون إعادة تركيز الرأسمالية فى البلدان الإشتراكية سابقا بنظرية الأورومركزية هم جهلة "متحضّرون" و بنظريات من هذا القبيل لن يتوصّلوا أبدا لرؤية أيّة ثورة طوال حياتهم!
و يوجد بعض التدرّجيين الإصلاحيين فى هذا النظام و الذين هم مثال عن كيف يجب ألآ يكون الثوري ، أي ، "اليسار الليبرالي الجديد" و الذين هم على إستعداد لقبول كلّ مساندة الإمبريالية بحرارة. و نحن نهنّئهم على إصلاحيتهم ! وبالنسبة لنا ، الخطّ المرشد هو الممارسة و الممارسة هي المسألة الرئيسية. إذن المنهج اللينيني يعنى :
- وحدة النظرية و الممارسة.
- مضمون التحركات هو الجوهري و ليس الشعارات.
- فى ظلّ قيادة الحزب ، من الواجب إعداد الجماهير و إستنهاضها لإنجاز الثورة.
- على المرء أن يتجرّأ على التعلّم من التجارب و الأخطاء.
- على المرء أن يواصل دوما السير نحو الشيوعية.
إنّنا نعارض جذريا أحزاب الأممية الثانية و ندافع عن الأطروحات اللينينية حول الحزب و لكنّنا لا نكتفى بذلك بما أنّنا قد تبنّينا الأطروحات الماوية بشان الحزب ممّا فتح لنا آفاقا جديدة.
بهذه المعرفة و هذا الخطّ نناضل ضد مفهوم الحزب و المجتمع " ذى الوحدة الصمّاء". ب وحدة - صراع- وحدة ، صراع، إقناع و تغيير نكرّس هذا الخطّ فى الحزب و فى صفوف الجماهير و هكذا يمكننا أن ندرك هذا الصراع بين الطريقين و بين الخطوط الصحيحة و الخاطئة. و من غير الممكن بالمرّة التوصّل إلى وحدة كلّية و مطلقة فى الحزب و المجتمع و دون صراع من غير الممكن أن نصير أقوياء. و ينبغى أن نفهم هذا. زيادة على ذلك ، بتصميمنا ووحدة عملنا نستطيع تنسيق الممارسة فى الحزب و فى المجتمع. الحزب ليس فيدرالية حكّام و إقطاعيين! إنّ المفهوم الماوي للحزب يتأسّس على الوحدة بين الحزب و الجماهير : إنّه وسيلة تناسب الشعب كي يعمل بشكل طليعي و كي يتقدّم نحو مجتمع لن يكون فيه الحزب و لا الدولة ضروريان.
الماركسية - اللينينية- الماوية هي مرشدنا :
لقد دافع ماو تسى تونغ عن إرث الرفاق ماركس و إنجلز و لينين و ستالين و فى ظلّ قيادة ماو بيّنت لنا تجربة الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى أن علمنا قد بلغ مرحلة جديدة و أرقى نوعيّا. و يحرّف التحريفيون الذين لا يفهمون علمنا البروليتاري ( الذى هو الأساس العالمي للشيوعية للعالم بأسره) الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى قائلين إنّها قابلة للتطبيق فى الصين فقط .
لمّا تحدّث ماو عن تطبيق الماركسية على خصوصيات الصين، أشار إلى أنّنا نحتاج إلى ممارسة إيديولوجيتنا و علمنا العالميين و تطبيقهما على وضعنا الخاص. و نظرا لعدم التوازن فى العالم الإمبريالي حيث نعيش و التقسيم إلى أمم مضطهَدة وأمم مضطهِدة و عوامل أخرى ، فإنّ أشكال النضال البروليتاري لكلّ بلد تتنوّع حسب الظروف الملموسة.
تقدّم الماركسية "حلولا ملموسة لمشاكل ملموسة". هذا علم العمل و المثاليون الذين يضعون علمنا رأسا على عقب سيفشلون بصفة حتمية بما أنّ علمنا قد أثبتته الممارسة.
و الماوي الكبير و قائد البروليتاريا و المضطهَدين فى تركيا و كردستان ، إبراهيم كيباكايا ، طبّق الماركسية-اللينينية -الماوية على وضعنا الملموس و أنار سبيلنا بخطّه الأحمر. و صاغ الرفيق ماو تسى تونغ قائد الحركة الشيوعية العالمية الذى شرح إفتكاك البرجوازية "الجديدة" للسلطة فى الإتحاد السوفياتي سلاحا فعّالا للغاية بالنسبة لنا. فالثورة الثقافية البروليتارية الكبرى قمّة علمنا. و دون هذه المعرفة من غير الممكن أن نكون بروليتاريين ثوريين.
" من فوّهة البندقية تنبع السلطة السياسية" . بهذا الشعار لماو تسى تونغ بمستطاعنا أن نرى أنّه مع إختلاف أشكال إفتكاك السلطة فإنّ العنف الثوري فى حدّ ذاته ضرورة عالمية. شكل العنف الثوري اللازم فى البلدان المستعمرة و شبه المستعمرة هو حرب الشعب التى تعدّ حجر زاوية الخطّ الثوري. و بالنسبة للإمبريالية و عملائها الذين يدعون القدرة بنظريتهم وممارستهم على الحيلولة دون الثورة البروليتارية فحرب الشعب هي هدفهم الرئيسي. و يبيّن هذا الأمر فى حدّ ذاته وبوضوح ضرورة حرب الشعب!
من خلال إستراتيجيا ماو تسى تونغ لحرب الشعب بقيادة الحزب الشيوعي ، من الممكن تحقيق آلاف المعجزات و هذا المبدأ يتعارض مع أولئك الذين صاروا عبيدا و أسرى نظرية قوى الإنتاج و يعتقدون أنّ الأسلحة فقط و ليس الناس هي الرئيسية. و لقد أثبت لنا ماو أنّ فى ظلّ قيادة الحزب الشيوعي " الشعب و ليست الأسلحة هو المحدّد". و هذا المبدأ أنار لنا الدرب.
و مثلما قال ماو " ريح الشرق ستتفوّق على ريح الغرب" و شرح الواقع الملموس للعالم الذى فيه نعيش خلافا للذين لا يعترفون بأنّ البلدان المستعمرة و شبه المستعمرة هي "مركز عواصف" الثورة العالمية. هناك البيرو و تركيا و الفيليبين و النيبال و أمثلة أخرى ...من فضلكم ما هي الأدلّة الأخرى التى تريدون!
و ما يسمّى بالموقف الإشتراكي الأورومركزي و الذى يشوّه النضال الثوري للبروليتاريا العالمية يقف كذلك دون الثورة الإشتراكية فى البلدان الرأسمالية الإمبريالية.
و الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى فى المرحلة الإنتقالية الإشتراكية من الرأسمالية إلى الشيوعية هي طريق مواصلة الثورة و الدكتاتورية ضد البرجوازية و فى ظلّ قيادة الطليعة الماوية هي راية خطّ الجماهير الثورية وهي أساس مبادرة الجماهير الثورية.
طبعا ، لا يريد الذين يضعون الآلات و التكنولوجيا فى مصاف القيادة أن يفهموا ماو و يرفضون خطّ وضع الثورة فى مصاف القيادة. إنّ الخطّ الماوي ضرورة بالنسبة للذين يرغبون فى المضيّ نحو الشيوعية. هذا من جهة و من جهة أخرى حتى فى صفوف أولئك الذين يريدون الإشتراكية و الذين لم يتعلّموا بعدُ بصفة جيّدة تلك الضرورة هناك إمكانيّات كبيرة أن يحافظوا على اللامساواة التى تبقى فى صفوف الشعب فى ظلّ الإشتراكية و سيتحوّلون إلى برجوازية "جديدة " محدثين إعادة تركيز الرأسمالية. و يمثّل لينين الماركسي الحقيقي ضد الذين يدافعون عن خطّ الأممية الثانية و يُخفون وجههم الإقتصادوى وراء قناع "ماركسي". و قد سحقت ثورة أكتوبر العظيمة التى فتحت المجال أمام الثورة البروليتارية فى القرن العشرين نظرية قوى الإنتاج التحريفية للأممية الثانية. و هذا الإرث و الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى التى هي قفزة كبرى نوعية فى علمنا يسمحان لنا بفهم عميق لمشاكل الثورة.
لقد بيّنت لنا الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى أنّ خلال المرحلة الإنتقالية من الرأسمالية إلى الشيوعية ، توجد الطبقات و فى النهاية يستمرّ الصراع الطبقي. فالصراع الطبقي مصدره ليس خارجيا بل يرتكز على حقائق داخل المجتمع الإشتراكي . قبل ماو ، كان من غير الممكن تحليل هذه المشاكل تحليلا صحيحا. فالمعرفة تتحدّد بالظروف الإجتماعية و لا يمكن إدراكها على نحو خطّ مستقيم. و لا يمكن و لا يجب أن يُنظر للعلاقة بين المادة و الوعي نظرة مادية ميكانيكية لأنها فى الواقع مرتبطة جدليّا.
و يقف أتباع الأممية الثانية ضد الماوية ( و فى كلّ الدروس المستشفّة من التحويل الإشتراكي و التى رفعت علمنا إلى مرحلة أرقى ) و يُقاتلونها بما يسمّى ب "ماركسيت"هم . تطوّر علمنا بصفة عظيمة بفضل هذه التجارب إلاّ أن التحريفيين لا يريدون فهم ذلك رغم الوقائع.
حتى بعد تركيز الملكية الإشتراكية لوسائل الإنتاج، بعدُ من الممكن العودة إلى الرأسمالية . و التاريخ يثبت أنّ الماوية على المسار الصحيح و ليست وجهات النظر الأخرى القائلة بأنّ مثل هذا التراجع يكون مستحيلا. من يعتقد أنّ إعادة تركيز الرأسمالية ليست ممكنة؟
و التاريخ يشهد للماوية بالعلمية لكنّه لا يشهد للجهلة "المتحضّرين" الذين يحتقرون بأفكار مسبّقة ثورات البلدان المستعمرة و شبه المستعمرة، هذه الثورات التى تمثّل قوّة محرّكة للثورة عبر العالم. و بعدُ لم يؤكّد التاريخ حجج الذين يقولون إنّ الإشتراكية غير ممكنة فى بلد واحد لكنّه نعم قد اكّد التوجه الصحيح للينين وستالين و ماو الذين قاموا مظفرين بالثورة و أكّدوا علم الماركسية-اللينينية-الماوية.
يثبت لنا إنقلاب خروتشاف فى الإتحاد السوفياتي و إفتكاك السلطة فى بلدان أوروبا الشرقية من طرف عملائهم و ايضا مشاكل أخرى بالصين شرحها ماو تسى تونغ ، يثبتون لنا:
1- أنّ الإشتراكية مجتمع إنتقالي و ليست مجتمعا مستقرّا .والمشاكل لا تنتهى حتى إثر التحويل الإشتراكي و تركيز علاقات الملكية الإشتراكية. هاتان الخطوتان: التحويل الإشتراكي و تركيز علاقات الملكية الإشتراكية ، هامان للغاية لسحب ملكية وسائل الإنتاج من أيدى القوى الإستغلالية. بيد أنّ هذا لا يعنى أنّ كلّ مشاكل علاقات الإنتاج قد حُلّت. تظلّ هناك بعدُ التناقضات فى العلاقات بين المنتجين مثلا بين القادة و المقودين...
و مع ذلك ، و إن تمّ تركيز ملكية الشعب وهذه خطوة هامّة ، فإنّ ذلك بعيد جدّا عن أن يكون تحكّما فعليا ( لكلّ الشعب) فى المجتمع. هذه حقيقة الإشتراكية على الرغم من تلك الخطوات الراديكالية المهمّة للغاية. لا يمكن أن يوجد طريق آخر. بمقدور الجماهير أن تكشف الطبقة القديمة (البرجوازية) التى جرى سحقها و الخطر الذى تمثّله ( إفتكاك السلطة ضد الإشتراكية) غير أنّ الأخطار الرئيسية و الهجمات الجبانة تتأتّى من البرجوازية "الجديدة" التى تتغذّى من تناقضات المجتمع الإشتراكي حيث تظهر البرجوازية "الجديدة" فى الدولة و الحزب . و خروتشاف و بريجناف و دنك سياو بينغ نماذج ملموسة جدّا فى هذا الصدد. و الآن نودّ أن نسأل :
أ) ما الصحيح؟ هل هو الخطّ الذى يؤكّد أن الخطر الرئيسي منبعه البرجوازية "الجديدة" المتبعة للطريق الرأسمالي؟ أم الخطّ الذى يدافع عن أنّ الخطر الرئيسي منبعه الغزو الإمبريالي و الطبقة المهيمنة القديمة التى جرت الإطاحة بها فحسب؟ أيهما هو الخطّ الصحيح؟
أكّدت الوقائع صحّة الماوية. لذا بإمكاننا أن نقول أنّه علينا أن نصبّعلى رؤوس أولئك الذين يتمسّكون بعدُ باسلحتهم التحريفية المتعفّنة غبارا!
ب) يدافع التحريفيون عن خطّ أنّ " لا وجود لبرجوازية داخل الإشتراكية " و يحاججون بأن ليس هناك تناقض بين البرجوازية و البروليتاريا فى ظلّ الإشتراكية و لا يريدون معرفة كيف يتطوّر هذا الصراع داخل الحزب و الدولة لأنهم لا يودّون أن يقع التعرّف عليهم. و يحدّدون البرجوازية بإعتبارها فقط برجوازية "جديدة " مالكة للمصانع! إخوانهم الطبقيون ، الدكتاتوريون البيروقراطيون التحريفيون المعاصرون لا يقولون من كسب لكنّنا نؤكّد أنّ الماوية قد كسبت.
ج) لسنوات قد شرحنا أنّ دكتاتورية البرجوازية البيروقراطية إستعملت كقناع لخداع الجماهير غير أنّ التحريفيين لا يفهمون و يمضون فى قول إنّ تلك البلدان إشتراكية. هذا من جهة و من جهة أخرى ، قد كسبت الماوية بعدُ لأنّ التحريفيين المعاصرين قد أسقطوا أقنعتهم و الآن يتجمعون تحت راية الرأسمالية الكلاسيكية للسوق الحرّة.
2- كذلك قد شرحنا لسنوات أنّ مشاكل الإشتراكية و تقسيم عملنا المبذول و العوائق و اللامساواة و الإغتراب و التناقضات بين العمل اليدوي و العمل الفكري و بين الريف و المدينة إلخ... هي بقايا المجتمع القديم. بالإضافة إلى ذلك ، شرحنا كيف يمكن أن نحدّ من هذه التناقضات . لقد فسّرنا فى عديد المناسبات أهمّية الدور الذى يلعبه الخطّ السياسي و الإيديولوجي و ضرورة التحكّم فى السلطة و أهمّية مواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا. و إذن من كسب هنا ؟ الذين يقولون إنّ الطبقة القديمة التى وقعت الإطاحة بها و إنتهى الأمر؟ أم الماويّة ؟ مرّة اخرى من الواضح أنّ الماوية قد كسبت.
و مثلما قلنا آنفا ، المبدأ التنظيمي لتقسيم العمل فى ظلّ الإشتراكية ( يعنى ، من كلّ حسب قدراته إلى كلّ حسب عمله) يظلّ يتضمّن لامساواة فى مساواته الظاهرية. فى ممارسة الإمتثال أوعدم الإمتثال لمفهوم حقوق الدولة ( و أيضا فى مجال الإقتصاد) هناك مظهر برجوازي. و نقصد بهذا أنّ هناك مظهر من مظاهر الدولة برجوازي. وفى العمق ، هذا الوضع لا يمكن تفاديه لذا من المهمّ ضمان أن تكون الثورة (التى تدافع عن الطابع البروليتاري للسلطة) مستمرّة و ألاّ يسمح بتطوير الجانب البرجوازي للدولة و للإقتصاد فى إتجاه خاطئ و لا أن يعمل كمعبر لإعادة تركيز الرأسمالية. إنّ السلطة سلاح لمواصلة الثورة و سلاح لقيادة الشعب صوب الشيوعية. و السلطة البروليتارية لا توفّق بين الطبقات. واجبنا كان إنجاز الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى : إنجزت فى الصين و كبحت إعادة تركيز الرأسمالية لعقد من الزمن. بماذا؟ بالماوية! ...و مع ذلك حتى فى الأيّام المظفّرة للثورة الثقافية البروليتارية الكبرى ما كان بعدُ جليّا من سينتصر. و قد بيّن لنا التاريخ مرّة أخرى أنّ الماوية إنتصرت.
3- هُزمت "إشتراكية الغولاش" لكن بما أنّ الناس العاديين لم يفهموا طبيعتها ، فإنّهم تفاعلوا مع سقوطها مهاجمين الشيوعية.
القيادة الماوية راية كافة المضطهَدِين فى صراعهم من اجل تغيير العالم و بلوغ المجتمع الخالى من الطبقات. و الآن بصفة خاصة و الحال أنّ الإقتصادوية معشّشة فى البلدان الإمبريالية ، قدرُ الإشتراكيين الشوفينيين هو الإستسلام للإمبريالية. و ماذا عن الماوية؟ ...من يرحّب بالمستقبل الوضاء فى هذا العالم؟ أليست مونزور بتركيا و آياكتشو فى جبال الأنديز بالبيرو المعاقل الحصينة الرئيسية؟
هي الثورة الثقافية و ليست القيادة الإقتصادوية التى تناضل بهدف تغيير العالم. وهي تسترشد بخطّ صحيح ، الجماهير قوّة قادرة على معالجة أي مشكل. هذا هو جوهر الخطّ الماوي.
و الميتافيزيقيون المتقنّعون بقناع المادية الجدلية فى الواقع يعارضونها من ألفها على يائها. فجوهر المادية الجدلية هو وحدة الأضداد فى الطبيعة و المجتمع. و الفلاسفة المثاليون الذين يشوّهون هذا الجوهر أبعد ما يكونون عن فهم أنّ الأِشياء "حيةّ ، مشروطة و فى حركة " أو فهم "وحدة و تماثل" الأشياء. و عليه ،لا يرون سوى القوّة التكتيكية للرجعيين و لا يرون التفوّق الإستراتيجي للمضطهَدين. و زمن الأممية الثانية ، فى وضع "دون صوت نسبيا" أعلن الميتافيزيقيون أنّ الثورة كانت حلما خيالياّ.
خطّ كايباكايا هو طليعتنا :
لقد كان كايباكايا ماويّا عظيما. والحزب الشيوعي التركي ( الماركسي- اللينيني) الذى هو إفراز الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى و كايباكايا قائده المؤسّس أنتج فهمه للماركسية-اللينينية-الماوية و طبّقه فى الممارسة العملية. و فى النهاية ، إستطعنا أن نرفع عاليا بيان الحزب الشيوعي التركي ( الماركسي-اللينيني) فيما يتصل بالبرنامج الأدنى للثورة الديمقراطية و البرنامج الأقصى لبلوغ الشيوعية. و لا يمكن الدفاع عن كايباكايا دون الدفاع عن الماوية و بالعكس الدفاع عن خطّ آخر ليس سوى خدعة.
نظرا لماديتهم و إقتصادويتهم التجريبية المبتذلة فى العلاقات السياسية و الإقتصادية ، ليس بوسع بعض الأشخاص أن يستوعبوا لماذا كانت الطليعة البروليتارية الثورية ثمرة للثورة الثقافية البروليتارية الكبرى.
إنّه لواقع لا يقبل الدحض أنّ الصراع الطبقي يظهر موضوعيا فى المجتمع الطبقي. و الصراع الطبقي ليس إفرازا للإختيار الحرّ بل إفرازا لتقسيم الإنسانية إلى طبقات. و نجم تشكّل البروليتاريا عن مرحلة خاصّة من التطوّر فى المجتمع الإنساني فيها تتحوّل البروليتاريا إلى حفّار قبر البرجوازية. و هدف صراعنا الطبقي البروليتاري الواعي يشمل إلغاء البروليتاريا ( مع بقيّة الطبقات الأخرى) من على مسرح التاريخ. حينما توجد طبقة بروليتارية توجد موضوعيا أحزاب بروليتارية. و الحزب البروليتاري لا يمكن أن يظهر عفويا فى النضال البروليتاري بل إنّه إفراز للنضال الثوري للبروليتاريا الواعية . و الحزب سلاح واعى للبروليتاريا الثورية. و بهذا السلاح تستطيع البروليتاريا أن تقود نضالها بخطّ صحيح و تحلّل و تدرك و تغيّر و تنير مستقبل العالم بعلمنا الماركسية-اللينينية-الماوية .
لقد أوجدت حركة 15-16 جوان الظروف الموضوعية لإنجاز قفزات إلى الأمام فى الوعي . لماذا لم تستشفّ منظّمات الجيش الشعبي لتحرير تركيا و حزب – جبهة تحرير الشعب التركي الدروس الضرورية و لم تتوصّل إلى خلاصة الماركسية-اللينينية-الماوية؟ لماذا لم يستطيعا تبنّى البرنامج الإستراتيجي الأقصى للماركسية-اللينينية-الماوية؟ و الإجابة تكمن فى نظرتهما بالذات للعالم. كان كايباكايا ماويّا لنظرته الماويّة للعالم. و الظروف الموضوعية المواتية أفادته و لكن إن لم يتعلّم كايباكايا من الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى لم يكن واردا إصدار بيان 1972 و لا برنامجنا الأدنى و الأقصى بالرغم من هذا الوضع المناسب. و أكّدت عديد الدروس علمنا و دفعت بقفزات إلى الأمام فى العالم ( مثلا، دروس إعادة تركيز الرأسمالية و ضرورة مواصلة الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا). و هكذا لماذا لا تفهم هذه القوى الماوية؟ لأنّ نظرتها عن العالم مختلفة.
بعلمنا الذى بلغ مرحلة جديدة ، أرقى نوعيّا مع الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى فى ظلّ القيادة الماوية و بقيادة كايباكايا فى تركيا و شمال كردستان تمّ التوصّل إلى تحقيق خطّ جديد و أرقى نوعيّا. قبل كايباكايا، تبنّت تلك القوى التى تسمّى نفسها ديمقراطية ثورية و "شيوعية" ، تبنّت الكمالية كإرث تقدّمي من الإيديولوجيا الرسمية للدولة التركية. و فضلا عن ذلك، و بالرغم من الحركات الجذرية الهامّة للجيش الشعبي لتحرير تركيا و حزب- جبهة تحرير الشعب التركي فى 1971، لم تستطع أن تفهم فهما صحيحا و لا أن تجري تحليلا صحيحا لطبيعة الجمهورية التركية و جيشها بسبب نظرتها غير البروليتارية للعالم. و على الصعيد العالمي ، تبنّت موقفا وسطيّا فى المعركة بين الماركسية-اللينينية-الماوية من جهة و التحريفية من جهة أخرى. هذه نقطة ضعف أخرى من نقاط ضعفها. و إعتبر هذا التوجه قيادة الدكتاتورية البرجوازية "الجديدة " للتحريفيين المعاصرين فى الإتحاد السوفياتي قيادة إشتراكية. بيد أنّ الممارسة قد أثبتت لنا أهمّية خطّ كايباكايا الذى هو سهل الإدراك لمن يودّ ذلك. ليس لعشّاق الإيديولوجيا الكمالية و الجيش الكمالي فى الحزب الثوري للعمّال و الفلاحين فى تركيا أيّة صلة مطلقا بماو تسى تونغ فخطّهم إصلاحي وبرلماني و من جماعة " يسار" الدولة و يشوّه ثورة الديمقراطية الجديدة و حرب الشعب و تعاليم أخرى لماو. لقد عرّى كايباكايا خطّهم و طبيعته فى 1971. إثر وفاة مصطفى سُوفى ، تحوّل الحزب الشيوعي التركي إلى حزب تحريفي و حزب دمى تحرّكها الإمبريالية الإشتراكية السوفياتية. و تبيّن لنا كلّ هذه المظاهر أهمّية خطّ كايباكايا ، هذا الخطّ الذى مثّل قفزة كبرى إلى الأمام فى الثورة فى تركيا و فى كردستان تركيا. والآن نسأل : 1) قبل كايباكايا ، هل وُجد من تعرّف على الإيديولوجيا الكمالية كحركة فاشية للبرجوازية الكمبرادورية و الملاكين العقاريين الكبار بتركيا؟
2) قبل كايباكايا ، هل وُجد من تعرّف على الطبيعة الديمقراطية للحركة الوطنية الكردية و ساندها هي و إنتفاضات سيه سايت و درسيم و آغرى و ككجيري إلخ فى كردستان و عارض قمع الجيش الكمالي؟
3) بحكم الأخطاء فيما يتصل بالكمالية و بالقضية القومية الكردية و مشاكل الأقليات الأخرى، أكان بالإمكان تجاوز "اليسار" الشوفيني بما فيه الكفاية؟
4) قبل كايباكايا، هل كانت مواقف القوى الأخرى بصدد الدولة و الجيش و الثورة؟ ( بعدُ قد عرّينا جوهر المنظمات مثل الحزب الشيوعي التركي و الحزب الثوري للعمّال و الفلاحين فى تركيا لكن من الضروري تناولها هنا )
أ- لماذا رحّبوا بإنقلابات 27 ماي و 1971 و طبّلوا لها؟
ب- كيف يمكن تفسير سياسة وحدتهم فى تحالف مدني- عسكري بقيادة الجيش الكمالي؟
ت- ماذا يعنى التعامل مع الدولة و الجيش التركيين إنطلاقا من الإرث الكمالي؟
5) هل يوجد – بما فى ذلك النضال المسلّح لسنة 1971 ضد التحوّل السلمي- من يفهم إستراتيجيا حرب الشعب فى الثورة فى تركيا و شمال كردستان ، حرب الشعب هذه هي طريق الإنتصار ، الذى أثبتته علميا الممارسة و لو أنّ بعض القوى لا تزال تناقشها إلى الآن؟
قبل كايباكايا، أهناك من نشر خطّ الثورة الديمقراطية الجديدة و السلطة الشعبية للديمقراطية الجديدة و هذه الأسلحة الإستراتيجية أي الحزب و الجيش و الجبهة المتحدة ، على أساس الماركسية-اللينينية-الماوية ؟
إنّنا نتساءل :
أ- بالنسبة للتعاليم الثورية للماركسية-اللينينية-الماوية هل يمكن أن يوجد مكان للإنقلابات و لمخطّطات القوى المسلّحة و نشاطاتها؟
ب- أمن الممكن أن تساند البروليتاريا هذه أو تلك من زمر الدولة و الجيش البرجوازيين و إلى جانب ذلك ، أن تساند الكمالية و تقف إلى جانبها؟
ت- فيما يتصل بالسياسة البروليتارية حول التحالفات هل يمكن عقدها مع الذين يريدون القضاء على النظام ، وفى نفس الوقت، الحفاظ على تحالفات مع جيش النظام؟
6) قبل كايباكايا ، هل وُجد من أدرك طبيعة الكتلة الإمبريالية الإشتراكية و إتخذ موقفا بروليتاريا ثوريا ضدّها؟
بمقدورنا أن نعمّق النقاش حول هذه النقاط ، بيد أنّنا نعتقد أنّ هذا المقال يكفى للذين يريدون النظر إلى الواقع ؛ و الواقع هو أنّ مع كايباكايا إنطلقت مرحلة مقاومة أرقى نوعيّا فى تركيا و شمال كردستان./.
-------------------------------------------



- 3 - الوثيقة الرابعة :
المؤتمر الأوّل للحزب الشيوعي الماوي ( تركيا وشمال كردستان) – سبتمبر 2002
======================================================================
المؤتمر الأوّل للحزب الشيوعي الماوي ( تركيا وشمال كردستان) – سبتمبر 2002
" لقد عقدنا عديد الندوات فى السابق ...لكن هذا المؤتمر هو المؤتمر الأوّل لحزبنا"
لقد تمّ المؤتمر الأوّل للحزب الشيوعي الماوي بإنتصار الماركسية-اللينينية -الماوية...
و فى قادم الأيّام سنقدّم وثائق المؤتمر للبروليتاريا و الشعوب المضطهدة و للحركة الأممية الثورية التى تمثّل اليوم نواة مركز الحركة الشيوعية العالمية ،و لكافة الأحزاب و المنظّمات الماوية ، و كذلك للقوى الثورية الأخرى. و يهدف هذا البيان إلى تقديم تقرير مقتضب عن بعض نتائجه.
بالتأكيد سيجلب الإسم الجديد لحزبنا إنتباه رفاقنا و إنتباه الجماهير الثورية ،لذلك سنستهلّ هذا النصّ بتفسيره تفسيرا مقتضبا.
الحزب الشيوعي الماوي :
يمثّل الحزب الشيوعي الماوي الإستمرار الإيديولوجي و السياسي و التنظيمي للحزب الشيوعي التركي ( الماركسي-اللينيني) ، المؤسس فى أفريل 1972 فى ظلّ قيادة إبراهيم كيباكايا و تحت تأثير الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى.
إنّه يمثّل مرحلة جديدة فى فهمنا للماوية نظريّا و ممارسة ، فهم يعتمد على تحليل ثلاثين سنة من تجربة حزبنا و على إستعمال مفهوم صراع الخطّين.
هدفنا النهائي هو الشيوعية.
منذ البداية ، عبّرنا عن أفكارنا بهذا الصدد و عن سبيل تحقيقها. ستتمّ الإطاحة بالدولة بالقوّة مثلما حدث ذلك على الدوام تاريخيّا و هذا قانون عالمي.
يناضل حزبنا من أجل مجتمع خال من الطبقات.و تعدّ الثورة الديمقراطية الجديدة حاليّا برنامجنا الأدنى. و التقدّم بإستمرار على طريق الإشتراكية إلى الشيوعية بمسعدة الثورات الثقافية البروليتارية الكبرى ، بلا هوادة : هذا هو فهمنا لماوية.
ينبغى أن نمرّ بمراحل الثورة الديمقراطية الجديدة و الإشتراكية لأسباب ضرورة تاريخية، لكنّ هتين الثورتين ليستا هدفنا النهائي. و إذن ، يجب على حزبنا بصورة مأكّدة أن يعلن عن هدفنا النهائي ألا وهو الشيوعية.
و يتعيّن ان نرسم خطّ تمايز واضح و حاد بيننا و بين كافة أشكال التحريفية المعاصرة و الدغمائية وبين جميع الذين يستعملون زورا المفاهيم الشيوعية. و الماركسية-اللينينية-الماوية هي الإيديولوجيا المشتركة و العالمية التى ترشد البروليتاريا العالمية إلى الشيوعية.
من غير الممكن بلوغ الشيوعية ضمن الحدود القومية إذ أنّ الشيوعية ستحقّقها البروليتاريا العالمية على نطاق العالم بأسره ، و لجميع البشرية.و بالطبع ، خلال هذه السيرورة المشتركة ،كلّ حلقات هذه السلسلة الكبيرة التى تجسّدها البروليتاريا يجب أوّلا أن تصفّي حسابها مع طبقتها الحاكمة.
و الثورات البروليتارية المختلفة فى الشكل بإعتبار المهام المختلفة للإنجاز حسب الظروف الملموسة السائدة فى البلاد المعني ، ثورات أممية فى جوهرها. و حيثما وجد تنظيم بروليتاري ، فإنّ الماركسية-اللينينية-الماوية هي التى تقوده.
و الأممية هي جوهر نضال البروليتاريا. و ليست الإختلافات التى تظهر وفق الظروف الملموسة و التى تحدّد المهام التى يترتّب إنجازها لكلّ حلقة من السلسلة، سوى إختلافات فى الشكل. لكن ينبغى تنظيم البروليتاريا كفصيل للبروليتاريا العالمية. و بالطبع ليس من الخطإ الإشارة إلى الجغرافيا السياسية لحزب ما فى إسمه ، بيد أنّ ذلك ليس ضرورة مطلقة أيضا.
و الماوية ليست كيانا منفصلا عن الماركسية-اللينينية ،و إنّما هي مرحلة جديدة نوعيّا. و اليوم لا يمكن تبنّى الماركسية-اللينينية أو الدفاع عنها دون الدفاع عن الماوية. و إضافة صفة الماوي فى إسم الحزب أمر مهمّ بوجه الخصوص لإنّه خطّ تمايز سياسي. لذلك غيّر المؤتمر إسم الحزب الشيوعي التركي ( الماركسي- اللينيني) إلى الحزب الشيوعي الماوي. و إلى ذلك نشير إلى أنّ الحزب الشيوعي الماوي يمثّل إستمرارا للحزب الشيوعي التركي (الماركسي-اللينيني) و تقدّما و تعميقا له على أساس الماوية.
و مثلما هو معروف جدّا ، فإنّ الجيش الذى يقوده حزبنا كان يحمل إلى الآن إسم جيش العمّال و الفلاحين لتحرير تركيا ) . و التحالف عمّال/ فلاحين فى ظلّ قيادة البروليتاريا ( و بصورة خاصّة الفلاحين الفقراء) TIKKO (
هو المحور الرئيسي الرئيسي لسياساتنا فيما يتصل بالتحالفات الثورية. و من هنا فصاعدا ،سيتضمّن جيشنا الثوري قوى ).HKO شعبية أخرى و من ثمّة جرى تغيير إسم جيشنا ليصبح "جيش التحرير الشعبي" (
و كذلك قرّرنا تغيير إسم تنظيمنا الشبابي الذى كان يسمّى فى السابق رابطة الشباب الماركسي-اللينيني فى تركيا إلى رابطة الشباب الماوي ، إنسجاما مع إسم حزبنا. MGB
الحزب الشيوعي الماوي معلم تاريخي للماركسية-اللينينية-الماوية :
لقد بلغ علم الثورة البروليتارية العالمية مستوى الماوية مع الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى. و رغم أنّه على كلّ حلقة من حلقات سلسلة الأجيال الماوية أن تواجه الظروف الإقتصادية و السياسية و الإجتماعية المختلفة ، يظلّ صحيحا أنّه كان للثورة الثقافية البروليتارية الكبرى التأثير الكبير فى بروز الماوية. ذلك أنّه دون هذه الثورة التى سمحت بظهورالماوية ، لم يكن الحزب الشيوعي التركي ( الماركسي-اللينيني) ليوجد ،شأنه فى ذلك شأن كافة الأحزاب الشيوعية الماوية الأخرى.
من الأكيد أنّه كان بإمكان أحزاب تدّعى تبنّى الشيوعية مواصلة التواجد و كان بإمكانها أن تقول إنّها تدافع عن الماركسية-اللينينية و تتبنّاها ، غير أنّه لم يكن من الممكن أن تقول إنّها ماوية.
إنّ الأحزاب البروليتارية ليست سوى نتاجا للظروف الموضوعية و قاعدتها الفعلية الموضوعية هي البروليتاريا. إلاّ أنّ الظروف الموضوعية لا تولّد آليّا حزبا شيوعيّا إّ هو عامل واعي و ذاتي. و نظرا لطبيعتهم ، يخفق الماديون الميكانيكيون و الإقتصادويّون المبتذلون فى فهم ذلك.
لا يمكن أن نعتبر الحزب كشيئ معطى ، إذا لم نحدّد الطريق الملموس للثورة و خطّها المرشد ما يعنى التسلّح بالماوية- الإيديولوجيا المشتركة و العالمية للبروليتاريا العالمية- و تطبيقها بشكل خلاّق فى كلّ جزء من العالم.
لقد أُنشأ حزبنا فى خضمّ الإنتشار السريع لعلم الثورة البروليتارية العالمية و للنضالات البطولية للشعب ،و بصورة خاصّة للطبقة العاملة فى بلادنا، و كان إفرازا للثورة الثقافية البروليتارية الكبرى. و قد شدّد الرفيق كايباكايا على هذا الواقع. دون ماركسية-لينينية- ماوية ، لا تستطيع الوقائع الموضوعية لوحدها آليّا و مباشرة أن تؤدّي إلى إنشاء حزب شيوعي.الحزب الشيوعي التركي (الماركسي-اللينيني) معلم تاريخي للماركسية-اللينيني-الماوية شكّلته الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى.
و الحزب الشيوعي الماوي الذى يمثّل إستمرارا و تقدّما نسبة للحزب الشيوعي التركي (الماركسي-اللينيني) ،واعي تمام الوعي بأنّ من أنشأه هي الماوية و طريق كايباكايا- خطّنا الإستراتيجي و السياسي العام ،وهو تطبيق للماوية على الظروف الملموسة لتركيا و شمال كردستان.
لا يمكن للماركسية اليوم أن تكون ببساطة تكرارا لما قاله ماركس و كذلك لا يمكن فهم اللينينية و تطبيقها كمجرّد تكرار لما قاله لينين.إنّ علم الثورة البروليتارية العالمية سلاح حيّ و صارم. لا هو بجامد و لا دغمائي ، بل هو مرشد عمل.
لا يمكن أن نكون شيوعيين دون أن نكون ماويّين. و لا يعنى أن نكون شيوعيين أن تقتصر على الدفاع عن دكتاتورية البروليتاريا فقط. هذا درس من دروس الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى. فالصراع الطبقي يتوصل خلال كافة المرحلة الإشتراكية لأنّ وجود الطبقات يتواصل. و الصراع بين البروليتاريا و البرجوازية واقع يمتدّ على طول المرحلة الإشتراكية. و هذا ليس إختيارا إعتباطيّا بل هو ضرورة لكون واقع الإشتراكية ذاته لا يمكن أبدا تحليله دون أخذ الطبقات و البرجوازية بعين الإعتبار.
و اليوم يمثّل التقدّم بالثورة البروليتارية بلا هوادة إلى بلوغ الشيوعية ،عبر دفع الثورةالثقافية ، قمّة التجربة الجماعية للبروليتاريا العالمية. لقد ظهرت الماوية كمواصلة و تعميق للماركسية-اللينينية. و ليست تكرارا مبتذلا لهاز فقد رفعت علم الثورة البروليتارية العالمية إلى مرحلة جديدة نوعيّا ، معتمدة على التحليل الخصوصي لما كان يحدث آنذاك. لقد أبرزت الماوية ضرورة الثورات الثقافية التى صار مغزاها مذّاك فصاعدا عالميّا بالنسبة للسير صوب الشيوعية. الماوية هي الأداة الرئيسية التى ينبغى الإمساك بها.
و أثبتت تجربتنا الخاصّة أن الإنحرافات بهذا الصدد أدّت إلى إنقسامات. و أفضت بنا الخطوط اليمينية او اليسارية التى إتبعتها القيادات المتتابعة لحزبنا و عدم القدرة على الإستيعاب الحقيقي للماوية إلى إنقسامات و إنحرافات فى الأسس التى قام عليها حزبنا.مردّ جميع أزماتنا الماضية هو إبتعادنا عن الماركسية-اللينينية-الماوية و ليست الماركسية-اللينينية-الماوية سببها.
المسك بالماركسية-اللينينية -الماوية و إستيعابها و تطبيقها : هذه هي المسألة الرئيسية. إن لم يقع القيام بذلك ، فإنّ النقاش حول هذا الخطإ أو ذاك و حتى إتخاذ بعض الإجراءات الصحيحة و الإيجابية لإصلاحها ، لن تكفي للمعالجة الراديكالية للمشكل.
و المسألة الرئيسية هي مسألة الماوية. و لا يمكن للحزب و للجماهير أن تتسلّح إلاّ من خلال النضال حول المسألة الرئيسية ، و ليس من خلال نضال حول النتائج. لقد عمّق المؤتمر فهمنا للإيديولوجيا التى نسترشد بها. و على هذا الأساس تطوّرت حركة قويّة جدّا وسط الحزب لتصفية حساب الأخطاء و فضحها و فضح أسبابها.
و قد ندّد المؤتمر الأوّل بالإنتقائية و الوسطية. و تبنّى النقد العلمي الذى وجّهه ماو تسى تونغ لستالين و للكومنترن. و شجب القاعدة المشتركة للتحريفية المعاصرة و للتحريفية الدغمائية التى تبنّت أخطاء الرفيق ستالين - معلّم البروليتاريا العالمية- فى نفس الوقت الذى نبذت فيه عقيدته العلمية الرئيسية و الخالدة.
لقد رفعت الماوية تماما مستوى الماركسية-اللينينية-الماوية إلى مرحلة جديدة ، ثالثة وهي تمثّل مساهمات ماو تسى تونغ الجديدة و النوعية فى علم الثورة البروليتارية العالمية. و الماركسية و اللينينية و الماوية ليست منفصلة الواحدة عن الأخرى . و قد بلغ علم الثورة البروليتارية العالمية مرحلة الماركسية-اللينينية -الماوية على قاعدة الصراع الطبقي و الإنتاج و التجربة العلمية و بهذه الخلاصة أرسي مرشدا هو أساس إيديولوجيا البروليتاريا.
الحركة الأممية الثورية :
تمثّل الحركة الأممية الثورية مرحلة نوعية أخرى فى السير نحو أممية شيوعية جديدة .فقد بُنيت على أساس الماركسية-اللينينية-الماوية. و فى الظروف الراهنة ، تمثّل الحركة الأمية الثورية نواة مركز الحركة الشيوعية العالمية. ليست الحركة الإممية الثورية تحالفا و قد قدّمت مساهمة نوعية فى النضال من أجل أممية شيوعية جديدة ، على قاعدة صراع الخطين و مع مجمل القوى الماركسية-اللينينية-الماوية ،تمثّل الحركة الأممية الثورية مجهودا لجعل الماركسية-اللينينية-الماوية تقود الموجة الجديدة من الثورة البروليتارية التى تتراأى فى الأفق حاليّا ، من خلال حرب الشعب.
و عمليّا ، ترفع الحركة الأممية الثورية راية حرب الشعب و منخرطيها هم منظمات مثل الحزب الشيوعي النيبالي (الماوي) و الحزب الشيوعي البيروفي و الحزب الشيوعي الماوي ، إلى جانب منظمات أخرى مثل الحزب الشيوعي الهندي (الماركسي-اللينيني) نكسلباري و المركز الشيوعي الماوي ( الهند) و الحزب الشيوعي الإيراني ( الماركسي-اللينيني-الماوي) و قوى أخرى.
وهي تسعى إلى التوحّد مع قوى ماركسية-لينينية- ماوية اخرى على أساس الماوية ،مثلما يمكننا رؤية ذلك عمليّا فى تنسيقية المنظمات و الأحزاب الماوية فى جنوب آسيا. و الصراع ضد العدوّ المشترك كقيادات متقاربة مع القوى الماركسية-اللينينية-الماوية الأخرى ،ومواصلة صراع الخطين ، تجربة هامّة.
و بيان الحركة الأممية الثورية الذى اعلن تشكلها سنة 1984 و كان حزبنا من مؤسسيها ،وثيقة ماركسية-لينينية-ماوية. و قد وقع إصلاح بعض نقاط ضعفها فى 1993 بوثيقة " لتحي الماركسية-اللينينية-الماوية!".
ومع تأكيد الطابع الماركسي-اللينيني-الماوي لوثائق الحركة الأممية الثورية ، يشدّد مؤتمرنا كذلك على أهمّية و ضرورة خوض صراع الخطين بروح رفاقية ، تبعا لضوابط الحركة الأممية الثورية و مبادئها التنظيمية. و قد أنجز المؤتمر نقدا لأخطاء حزبنا فى هذا المضمار.
و كانت للرسائل التى وردت علينا من لجنة الحركة الأممية الثورية و من الرفيق براشندا ، رئيس الحزب الشيوعي النيبالي (الماوي) ، دلالة إضافية لمؤتمرنا...إنّنا نقدّر تقديرا عاليا إحترام التجارب المنجزة صلب الحركة الأممية الثورية. و قد تعلّم منها و إستفاد مؤتمرنا الكثير .
و يوجه مؤتمرنا الأوّل تحيّاته البروليتارية لكافة منظمات و أحزاب الحركة الأممية الثورية و كذلك إلى القوى الماركسية-اللينينية-الماوية الأخرى ، من خلال صوت لجنة الحركة الأممية الثورية. و يعلن أنّ الراية العظيمة لحرب الشعب التى يقودها الحزب الشيوعي النيبالي ( الماوي) هي رايته، و يشاطر الحماس الذى أثاره خطاب الرئيس غنزالو يوم 24 سبتمبر 1992 ،و يعيد تأكيد إرادته أن يخوض صراعا مصمّما لوضع حدّ لعزلة الرفيق غنزالو و سجنه من طرف الطبقات المهيمنة ،و بالمناسبة يندّد بالخطوط الإنتهازية و التصفوية و الإستسلامية حيثما ظهرت.
أهمّية حرب الشعب :
كفصيل من البروليتاريا العالمية ، يتمسّك حزبنا بتقديم مساهمته فى جعل القرن الواحد و العشرين ، قرن الماوية و حرب الشعب الماوية. إنّ حرب الشعب الماوية أحد الأدوات الرئيسية التى ورثها المضطهدون عن ماو تسى تونغ ، إضافة إلى مساهماته النوعية فى مسائل الفلسفة و الإقتصاد السياسي و الإشتراكية.
و قد أثبتت الممارسة الطابع العلمي لإستراتيجيا محاصرة المدن إنطلاقا من الريف فى البلدان المضطهَدة .ولكن هذا ليس المساهمة الوحيدة لما وفى العلم العسكري البروليتاري. فالتطوّر الذى قام به للمبادئ الأخرى ثمين هو الآخر ، لا سيما منه : الشعب كعامل رئيسي فى الحرب الثورية ؛ و العلاقة بين الجماهير كنقطة إنطلاق النضال ؛ و قيادة الحزب المظهر الرئيسي و مبدأ التعويل على الذات و الأهمّية الحيوية لصحّة الخطّ السياسي و الإيديولوجي ،و خاصة مسألة السلطة السياسية الجديدة،و العنف الثوري كقانون شامل ، ضروري لإفتكاك السلطة و قانون رئيسي فى كلّ ثورة.
و نقد مؤتمرنا الأوّل وواجه العفوية المتعارضة مع روح حرب الشعب،و تعلّم الكثير من تجربتي النيبال و البيرو اللتان تعكسان تطبيقا عمليّا مؤثّر للمساهمات الإيديولوجية و السياسية لماو.
و شدّدنا على التكتيك المتمثّل فى التقدّم بحذر ،وفق مخطّط حرب إستراتيجي.
يعتقد البعض أنّه بسبب التفوّق التكتيكي للإمبريالية و الأفضلية فى التسليح و التكنولوجيا و عمليّات سحقه الدامية ، من غير الممكن شن ّ حرب الشعب. هذا تفاهة تامة. صحيح أنّ النظام الإمبريالي " المعولم" جعل العالم أصغر إلاّ أنذ التقدّم التكنولوجي و منتهى مركزة رأس المال ،كما نعلم ، قد عمّقا الإختلافات الطبقية و لم يقضيا عليها. ما فعلته الإمبريالية هو عولمة الفقر وهي بذلك أعدّت الأرضيةالمناسبة أكثر للثورة و مساهمته فى إنضاج القواعد المادية للنضال من أجل الشيوعية.
صار من الواضح اليوم أنّ آسيا و أفريقيا و أمريكا اللاتينية غدت مراكز الإعصارات الثورية.و هذا الواقع مرتبط بالتناقض الرئيسي و المتمثّل فى التناقض بين الإمبريالية من جهة و الشعوب و الأمم المضطهدة من جهة أخرى. و تصريح ماو بهذا المضمار بأنّ من فوهة البندقية تنبع السلطة السياسية يمثّل مبدأ عالميّا.
يمكن سحق الخطّ الإستسلامي الذى يعرضه منظّرو " قوى الإنتاج" و الذى يعتمد فى النهاية على الأسلحة و التكنولوجيا لإعلان أنّ الإمبريالية لا يمكن هزمها، بفضل العلاقة بالجماهير.
لن تولد الثورة آليّا إنطلاقا من مستوى معيّن من تطوّر قوى الإنتاج. ينبغى أن نقطع مع إنتهازية الأممية الثانية حول هذه المسألة التى تحرّف فكرة الثورة. نحن فى حاجة إلى الممارسة التى طوّرها ماو تسى تونغ و التى تركّز الصراع الطبقي كمظهر رئيسي.
إنّنا نحيى الماوية التى لا تعتمد على التقنيين ،و الأسلحة و الأخصّائيين ،و إنّما على الخطّ السياسي الصحيح ،و على الحزب و الجماهير.
و الحزب وحدة أضداد.
و الصراع بين الخطين حقيقة لا يمكن إنكارها . و لا يعنى تبنذى صراع الخطين و تطبيقه عمليّا أنّنا ننكر أن يكون الحزب مقادا بمركز واحد. فى الحزب الماوي ، لا يمكن للسلطة ان تبرّر الهيمنة بالعصا ،كما لا يجب للمعارضة أن تبرّر الإنشقاق.
و قد ندّد مؤتمرنا بكافة أشكال الإنتقائية بشأن المسائل العالمية. و تبنّى كذلك خطّ وحدة مع الحزب الشيوعي التركي / الماركسي-اللينيني [ وهي منظّمة أخرى منبعها الحزب الشيوعي التركي (الماركسي-اللينيني) ] و شدّد على أنّ الصراع بين الخطّين و الماوية هما اللذان يجب أن يكونا أساس تطوّره.
و من الأكيد التشديد على تولّي النقاشات المعتمدة على مبادئ صراع الخطين فى صفوف القوى الشيوعية. ووقع التشديد بصفة خاصة على سياسة الوحدة على أساس المبادئ الماوية. و الإنشقاقات مثل تلك التى حصلت فى تاريخ حزبنا لا يمكن تخطّيها إلاّ بواسطة الماوية. إستيعاب الماوية و المساعدة على إستيعابها و تطبيقها ، هذه هي الراية التى رفعناها فى مؤتمرنا.
و يمثّل الطريق المقترح من قبل إبراهيم كيباكايا قاعدة النظرة البرنامجية لحزبنا. و بالإعتماد عليها ، تبنّى المؤتمر برنامج الحزب. و تمّ تجديد القانون الأساسي للحزب لتجاوز هناته السابقة، و تعمّق فهمنا للمسائل المتعلقة بالإيديولوجيا و بالخطّ السياسي العام الإستراتيجي و العسكري ،و كذلك فهمنا للبرنامج .
و انجز حزبنا تقييما جدّيا للوضع الراهن فى العالم و فى بلادنا- تركيا و كردستان- و بصفة خاصة الشرق الأوسط. و ضبط مخطّطا لإنجاز مهامنا.
إنّ غزو أفغانستان جزء من المخطّط الإستراتيجي للهيمنة العالمية التى تتطلّع إليها الولايات المتحدة. و العراق ،نظرا لثرواته النفطية و أهميته الإستراتيجية ، هو الآخر جزء من هذا المخطّط للتدخّل الأمريكي. و تركيا و دولة إسرائيل شرطيّا الإمبريالية الأمريكية فى المنطقة.
و ندّد مؤتمرنا بهذه الإستراتيجيات الإمبريالية الرجعية. و أكذد على أهمّية وحدة البروليتاريا العالمية و الشعوب و الأمم المضطهَدة ،تحت راية الثورة البروليتارية العالمية.
الثورة البروليتارية العالمية هي الحلّ الوحيد :
ليس لظاهرة " العولمة" إختلاف نوعي عن الإمبريالية و تنظيم رأس المال على النطاق العالمي ، رغم أنّ الإمبريالية قد تعمّقت فعلا مقارنة بالماضي. لقد غيّرت ديناميكية رأس المال التوسعية و المشتدة بإستمرار حاجيات النظام الرأسمالي العالمي و أدّت إلى وحشية لم يسبق لها مثيل. و تعتمد سياساتها الملموسة على الدمج مع المراكز الإمبريالية و على الخوصصة. بيد أنّ هذه السياسات قد عمّقت الأزمة الرأسمالية.و مع كونها أزمة محلية إلاّ أنّها تأثّر على العالم قاطبة.
تمثّل السياسات الإقتصادية الكبرى لصندوق النقد الدولي و البنك العالمي تدخلات مباشرة للإمبريالية.
و التناقضات بين القوى الإمبريالية ما تنفكّ تحتدّ. و يتعمّق التناقض الرئيسي على النطاق العالمي ، بين الإمبريالية من جهة و الأمم و الشعوب المضطهَدة من جهة أخرى. و الصراع الطبقي و الثورة ليسا من الماضي بتاتا، إنّهما يمثّلان اليوم القوة المحرّكة للتقدّم.
و تتفاقم الأزمة الراهنة بسبب مخطّطات الهيمنة العالمية للولايات المتحدة. و الحلّ الوحيد لهذه الأزمة هو الثورة البروليتارية العالمية.
يولّد " النظام العالمي الجديد" الإمبريالي ، وهو جوهريّا لا يختلف فى شيئ عن النظام الإمبريالي القديم ، اليوم موجة جديدة من الثورة فى صفوف المضطهَدين. و نتيجة للمخطّط الهيمني الأمريكي لن تحتدّ التناقضات مع معسكر المضطهَدين فحسب ، بل سيؤدّى إلى نزاعات أحدّ بين المتنافسين الإمبرياليين. و تسكب االأزمة الإمبريالية الزيت على نار التناقضات بين القوى الإمبريالية.
و الإتجاه الرئيسي هو إتجاه الثورة. و الحزب الشيوعي الماوي واع تمام الوعي بهذا الوضع ، يرفع راية الثورة البروليتارية العالمية .
الخاتمة :
نرجو أن يفهم الرفاق أنّه من الصعب أن نقدّم تلخيصا شاملا لكافة وثائق مؤتمرنا الذى أنجز تلخيصا لثلاثين سنة من تجربة حزبنا. و مثلما أشرنا إلى ذلك سابقا، وثائق المؤتمر- إيديولوجيا،خطّ سياسي و عسكري ، برنامج ، تقييم تاريخي، دروس تاريخ الحركة الشيوعية العالمية ، خطّنا العالمي و الحركة الأممية الثورية ، سياسة القيادة و الكوادر.، المسألة الوطنية ،الوحدة السياسية للماويين، تقييم الوضع العالمي الحالي ،و فى تركيا و شمال كردستان ،و مهامنا – ستوضع مستقبلا بين ايدي الرفاق و الجماهير ليتفحصوها.
وسنبلغ مستوى وحدة أرقى بإستعمال منهج صراع الخطين ،و مهامنا ستنجز فى خدمة الثورة العالمية ، و بروح تهدف غلأى الحثّ دائما على مزيد القفزات إلأى الأمام ، على أساس الماوية.
إنّ الراية الحمراء التى تخفق على جبال ساغرماثا ( ألفرست) و جبال الأنديز ،و على الهمالايا و فى الفليبين هي رايتنا! وهي ذات الراية التى تخفق فى تركيا و فى شمال كردستان ، على جبال منزور.
الطريق كتعرّج لكن المستقبل وضّاء.
لأنّنا نملك الماركسية- اللينينية –الماوية ، الجماهير الثورية معنا. لهذا نحن متحمّسون و متفائلون.
نحن لا نتقدّم من أجل السلطة السياسية فحسب، و إنّما من أجل الشيوعية!
بتسلّحنا بالماوية ن الإنتصار مضمون!
عاشت الماركسية-اللينينية-الماوية!
عاشت الأممية البروليتارية!
عاشت الحركة الأممية الثورية!
عاش الحزب الشيوعي الماوي !
إلى الأمام على درب تحويل القرن 21 إلى قرن حرب الشعب بقيادة الماركسية-اللينينية –الماوية!
المكتب الدولي للحزب الشيوعي الماوي.
=========================================================
-4 - الوثيقة الخامسة :
غيفارا ، دوبريه و التحريفية المسلّحة
================================================
غيفارا ، دوبريه و التحريفية المسلّحة
ليني وولف
كلمة للمترجم :
بمناسبة عيد العمّال العالمي ، غرّة ماي ، نضع بين أيديكم هذه الترجمة للمساهمة فى مزيد ترسيخ الوضوح الإيديولوجي و السياسي لدى الشيوعيين الماويين عربيّا و لنشر حقيقة غيفارا و الغيفارية و التحريفية المسلّحة . فصحّة او عدم صحّة الخطّ الإيديولوجي و السياسي هي المحدّدة فى كلّ شيئ كما قال ماو تسى تونغ .
لقد لاحظنا منذ سنوات إنتشارا و أي إنتشار لصور غيفارا فى صفوف مناضلين و مناضلات يصرّحون بتبنيهم للشيوعية و حتى فى صفوف مناهضين للإمبريالية و صار شائعا أيضا إرتداء لباس يحمل صورة لغيفارا و تعليق ملصقات له على السيارات و الدرّاجات النارية لدى الشباب على وجه الخصوص و نادرة هي المسيرات التي لا نرى فيها رايات و أعلام رسمت عليها هذه أو تلك من صور غيفارا الشهيرة، هذا فضلا عن إكتساح هذه الصور الأنترنت على نحو لافت.
و مثّلت هذه الملاحظة و خاصّة تأكّد أنّ حتى بعض تعليقات و مقالات ماويين من الأقطار العربية لا تنمّ عن فهم عميق و صحيح لغيفارا و الغيفارية ، مثّلت حافزا لنا على الإنكباب على ترجمة مقال عثرنا عليه على الأنترنت ،و إن كان قد كتب فى أواسط ثمانينات القرن الماضي فهو ،فى تقديرنا ، يستحقّ الإطلاع عليه و دراسته إذ هو يتطرّق لغيفارا و الغيفارية بعمق و شمولية ، من منظور بروليتاري ثوري ، ليرسم خطوط التمايز بين الماركسية-اللينينية-الماوية بما هي علم الثورة البروليتارية العالمية من جهة و "الفوكية" كتحريفية مسلّحة من جهة ثانية و يجلى حقيقة و تاريخ أفكار غيفارا و ممارساته التي ما إنفكّت إلى اليوم تلهم عددا من الحركات " اليسارية" ، لا سيما فى أمريكا اللاتينية.
و " على الشيوعيين أن يكونوا مستعدّين فى كلّ وقت للتمسّك بالحقيقة ، فالحقيقية ، أية حقيقة، تتفق مع مصلحة الشعب و على الشيوعيين أن يكونوا فى كلّ وقت على أهبة لإصلاح أخطائهم، فالأخطاء كلّها ضد مصلحة الشعب."( ماو تسى تونغ، " الحكومة الإئتلافية " ( 24 أبريل-نيسان 1945) ، المؤلفات المختارة ، المجلدّ الثالث).
-------------------------
[ نشر هذا المقال فى مجلّة "الثورة" عدد 53، شتاء/ ربيع 1985 ،وهي مجلّة كان يصدرها الحزب الشيوعي الثوري ، ] http://www.bannedthought.net : الولايات المتحدة الأمريكية. و لمقال متوفّر بالأنجليزية على موقع الفكر الممنوع
" و قد تجلى هذا الإنحراف التحريفي فى الماضي فى شكل "يساري " أو فى شكل يميني مفضوح . و لطالما نادى التحريفيون الجدد ب " الإنتقال السلمي للإشتراكية " (و خصوصا إلى حدود الماضى القريب ) و سعوا إلى دعم القيادة البرجوازية فى نضالات التحرر الوطني و لكن هذه التحريفية اليمينية التى لا تخفى سياستها الإستسلامية ، كانت دائما ما تجد صداها فى شكل آخر للتحريفية تتقاطع معها اليوم أكثر فأكثر : نوع من التحريفية المسلحة " اليسارية " تدعو لها فيمن يدعو لها ، من حين لآخر القيادة الكوبية و تؤدى إلى سحب الجماهير بعيدا عن النضال المسلح و التى تدافع عن فكرة دمج كل مراحل الثورة و عدم القيام إلا بثورة واحدة، ثورة إشتراكية مزعومة. و تؤدى هذه السياسة عمليا إلى محاولة دفع البروليتاريا إلى أفق محدود جدا و إلى إنكار واقع أن على الطبقة العاملة أن تقود الفلاحين و قوى أخرى وأن تسعى بذلك إلى تصفية كاملة للإمبريالية و للعلاقات الإقتصادية و الإجتماعية المتخلفة و المشوّهة التى يتمّعش منها رأس المال الأجنبي و التى يجتهد فى تدعيمها . و يمثل هذا الشكل من التحريفية اليوم واحدة من الوسائل الرئيسية التى يستعملها الإمبرياليون الإشتراكيون للإندساس فى نضالات التحرر الوطني و مراقبتها ." ( " بيان الحركة الأممية الثورية "لسنة 1984، ضمن فقرة " المهام فى المستعمرات و أشباه المستعمرات (أو المستعمرات الجديدة ) ").
لا تزال صورة تشى غيفارا و لأكثر من 15 سنة بعد إغتياله على أيدى جنود دربتهم وكالة المخابرات المركزية الأمريكية - السي أي أي- ، تتمتّع بنوع من الجاذبية فى صفوف الثوريين ،و لا يزال غيفارا يبدو بالنسبة للكثيرين رجل عمل قطع مع الأخطاء اللامتناهية لأحزاب أمريكا اللاتينية التحريفية ذات الخطّ القديم .و عديدون هم الذين يعتقدون أنّ هناك إختلافات هامّة بين غيفارا و كاسترو الذي سار بكوبا أكثر فأكثر إلى عناق مفتوح و متحمّس مع الإتحاد السوفياتي فى فترة ما بعد موت غيفارا. و قد وصل آخرون إلى حدّ عقد مقارنة بين غيفارا و ماو تسى تونغ (1) فيها تفضيل لغيفارا. ومع تأثير "الفوكية"، نسبة إلى الفوكو – الغوارية، لازال تأثيرالمذهب السياسي و العسكري الذى طوّره و حاول زرعه غيفارا و الذى صيغ فى كتاب "ثورة داخل الثورة" الذى ألّفه معاون غيفارا سابقا، ريجيس دبوريه ، تأثيرا كبيرا.
و مع ذلك فإنّ مظاهر و باطن النظرية التي تقود غيفارا يقفان على طرفي نقيض . فبرغم أنّ غيفارا كان دائما على إستعداد لنقد و فضح التحريفية فى المحافل العمومية ،فإنّه شيّد مشروعه كلّه على مساندة الأحزاب التحريفية و الإتحاد السوفياتي؛ مثيرا الإنتباه بإستمرار إلى ضعف الولايات المتحدة الأمريكية أمام المبادرات الثورية، لم يشأ أبدا الإلتحاق بأكثر القوى الثورية صلابة و شعبية ، التى كانت تتعزّز فى أمريكا اللاتينية و بذلك وضع تشى غيفارا نفسه فى النهاية فى تعارض مع الثورة عالميا.
و لأنّ إسمه قد إرتبط بالنهوض الثوري فى الستينات و لأنّه قد سقط برصاص أعوان الإمبريالية الأمريكية ، فإنّ هذا التأكيد لا يمكن إلاّ أن يحرّك المشاعر غير أنّه يجب أن تترك الأحاسيس و المشاعر جانبا. لا تزال الظاهرة الغيفارية تتمتّع بتأثير كخطّ سياسي وبينما يتجه السوفيات (و الكوبيون ) على نطاق عالمي إلى التعويل على عناصر داخل الجيش و القوات المسلّحة لتحقيق إستراتيجيتهم التحريفية المسلّحة فإنهم مقابل ذلك يعيرون عناية ليست بالقليلة لتوجهات و نشاط المجموعات الغيفارية الجديدة .و خاصة فى أوضاع أزمة سياسية حادة، يقومون بأقصى الجهود لرعاية هذه القوى الغيفارية الجديدة و دفعها بأكثر دهاء إلى المشروع التحريفي الشامل. لهذا كلّه فإنّ الغيفارية ( و غيفارا ذاته) تتطلّب تقييمات علمية فيما يتعلّق بدورها الإجتماعي. و هذا المقال سيتفحّص موضوعيا الخطّ العسكري و السياسي للغيفارية ؛ و فهمها للثورة و جذورها الإجتماعية و المادية. و جوهريا سيكشف تناقض غيفارا الذى يبدو خصما للتحريفية ، حاقدا عليها جدّيا فى حين نجده يعوّل عليها فى النهاية.
-----------------------------------------------------
1
-------------------------------------------------
إستقدم كلّ من فيدال كاسترو و تشى غيفارا ريجيس دوبريه (2) سنة 1965 إلى كوبا و ذلك بهدف إجراء نقاشات معه حول حرب الأنصار و طلب الكوبيون منه أن يكتب نصّا نظريا جداليا يلخّص تجارب الثورة الكوبية و يجعل منها عقيدة عسكرية و خطّا سياسيا يتماشيان بصفة خاصة مع أوضاع أمريكا اللاتينية. و كانت حصيلة النقاشات كتاب دوبريه "ثورة داخل الثورة" الذى يعتبر إلى حدّ الآن العرض الوحيد الأكثر تركيزا للغيفارية و يمكن تلخيص الأطروحات الجوهرية للغيفارية كالتالى:
1- لقد تأجّلت الثورة فى أمريكا اللاتينية لأنّ الثوريين بقوا مرتبطين بهذا الخطّ أو ذاك من الخطوط و التيارات الخاطئة أو "المفاهيم الخاطئة المستوردة" .
2- لا يمكن للخطّ الماوي لحرب الشعب أن ينطبق على أمريكا اللاتينية لأنّ هذا الخطّ يعتبر أن ّ النضال المسلّح يخاض بالتعويل على جماهير الفلاحين و إعتماد قواعد الإرتكاز و يعدّ ذلك عنصرا جوهريا فى حرب الشعب فى عديد مساحات "العالم الثالث" و لا يصلح هذا النمط - حسب دوبريه- لأمريكا اللاتينية نظرا للأوضاع الموضوعية المختلفة و خاصّة الوضع الأكثر تطوّرا للريف و سمة التناثر و التفرّق و ما هو عليه من سلبية لامبالاة بالنضال تطبع الفلاحين.
3- إنّ موقف الأحزاب الشيوعية (الواقعة تحت تأثير موسكو كان يوظّف النضال المسلّح فقط كمساعد للمناورات القانونية البرلمانية ) لا يختلف فى شيء عن موقف التروتسكيين (الذين إتّبعوا خطّا فوضويّا نقابويا للدفاع الذاتي للعمّال) و رغم تكريس هذه الخطوط لعقود لم تحصل الثورة.
4- يتمثّل إذن المفتاح الحقيقي للثورة فى أمريكا اللاتينية فى دراسة المثال الكوبي كأنموذج حيث بنت مجموعة صغيرة من المقاتلين وحدة مسلّحة فى الريف فى إستقلال عن الفلاحين و نمت عبر خوض المعارك ضد جيش النظام الحاكم.
و يمكن و يجب أن يعاد إنتاج هذه الفوكية /الغوارية العسكرية عبر أمريكا اللاتينية ،و حسب هذا ، حدّد دوبريه أن هذا الخطّ قدّم "جوابا ملموسا لإشكالية كيف تتمّ الإطاحة بسلطة الدولة الرأسمالية؟...توفّر الثورة الكوبية جوابا لبلدان أمريكا اللاتينية الأخرى التى يجب دراسة حيثياتها التاريخية: بوسائل البناء البطيء كثيرا او قليلا ،و عبر حرب أنصار مخاضة حسب مناطق ريفية يقع إختيارها من قبل قوّة إستراتيجية متحرّكة تعتبر بمثابة نواة للجيش الشعبي و "الدولة الإشتراكية المستقبلية "..."( ريجيس دوبريه، "ثورة داخل الثورة " 1967، صفحة 24). "
لقد ركّز كتاب "ثورة داخل الثورة" هجومه الرئيسي على الخطّ العسكري لفهم ماو تسى تونغ لحرب الشعب و خاصّة لتأكيده على تعبئة الفلاحين و بناء قواعد إرتكاز منها تخاض الحرب (ووراء ذلك يكمن إختلاف جوهري حول دور الجماهير فى الحرب الثورية عموما).
لنبدأ بتفحّص الحجج الأساسية فى هذا الشأن.
دور الفلاحين :
ينطوى خطّ الفوكية ، مثلما أُشير إلى ذلك، على رفض جوهري لأيّ توجّه نحو الفلاحين كقوّة ثورية جوهرية ذلك أنّ دوبريه قد شدّد على ذلك أيما تشديد و كذلك نبذ الثورة الصينية و الفتنامية حيث كتب :" إنّ الكثافة السكّانية العالية للفلاّحين و الكثافة السكّانية العالية جدّا للقرى و المدن و الهيمنة البادية للفلاحين على سكّان المدن تسمح للدعاة الثوريين بأن يختلطوا بسهولة بالشعب مثل السمك فى الماء" أمّا فى امريكا اللاتينية على العكس فإنّ "فوكو الأنصاريين الذين شرعوا فى البداية فى نشاطاتهم تركّزوا فى مناطق سكّانها متفرّقون جدّا و متباعدون نسبياّ فلا أحد و لا قادم جديد يمرّ دون ملاحظته فى قرية الهنود الحمر مثلا، بل و أكثر من ذلك كلّ غريب عرضة لعدم الثقة ، فالكتشوا أو الكاكشكال (المايا) الفلاحون لهم أسبابهم فى عدم الثقة ب"الدخلاء"،"الرجال البيض"، فهم يعرفون أنّ الكلمات الحلوة لا يمكن أن تُأكل و لا تحميهم من القنابل ، والفلاح يعتقد قبل كلّ شيئ فى السلطة بداية من سلطة فعل ما يقوله ، فنظام الإضطهاد دقيق و قد وجد منذ زمن سحيق وهو قارّ ومتخندق و قويّ.وللجيش و الحرس الريفي و الشرطة الخاصة لٌلإقطاعيين و أصحاب "القبّعات الخضر" و الحرس ، لكلّ هؤلاء صيت و سمعة كبيرة جدّا ؛ و نظرا لدونية وعي الفلاح فإنّ هذا الصيت يمثّل الشكل الرئيسي للإضطهاد ،فهو يجمّد المحتجين و يدفعهم للصمت و يجرّهم لإبتلاع الإهانات بمجرّد رؤية بدلة عسكرية" ( دوبيه ، صفحة 50-51 )
وما يستخلص من هذا الإستشهاد شيئ لا يكاد يصدّق بالمرّة بالنسبة للفلاحين و للتاريخ. فمن قراءة ذلك لا يمكن التعرّف إلى أنّه كانت لهؤلاء الفلاحين فى أمريكا اللاتينية تقاليد ثورية غنية، فجهة ميلاد كاسترو ذاته –الأورينتى- كانت مركز ثقل فى إنتفاضة للفلاحين بين 1900 و 1959 ،و فى بوليفيا حيث كان تشى غيفارا يمارس أفكاره مثّلت إنتفاضة الفلاّحين القوّة القتالية الأساسية فى ثورة 1952/1953 ، امّا بالعودة إلى الوراء فإنّنا نجد طبعا إنتفاضة هامة قادها ساندينو فى نيكارغوا فى الثلاثينات ، كما نجد أيضا إنتفاضات الفلاحين فى السلفادور فى نفس الفترة، إذ خلالها و على إثرها قتل 30 ألف فلاّح جراء القمع الذى تلا هذه الإنتفاضة و جراء الثورات المتتالية ،و أغلب الثورات فى المكسيك فى أوائل القرن العشرين كانت من صنع الفلاحين.(3)
إنّ عدم تماشى الفلاحين مع النضال الثوري بحسب النظرية الغيفارية ، ليس مسألة يسيرة فذلك يعود إلى قلب الخطّ السياسي لهذا التيّار ، و قد تعرّض لذلك دوبريه مرارا و تكرارا مستشهدا ب" القواعد الذهبية الثلاث لغيفارا" : الإنتباه المستمرّ و عدم الثقة المستمرّة و الحركة المستمرّة. و يواصل الكاتب ليقول إنّ :" عدّة إعتبارات معقولة تستدعى الحذر تجاه المدنيين و الإبقاء على نوع من البعد نظرا لوضعهم ذاته فالمدنيون معرّضون للقمع و الحضور و الضغط المستمرّ للعدو الذى سيحاول أن يشتريهم و أن يرشيهم و ان يستخرج منهم و بالقوّة ما لا يمكن شراؤه. و نظرا لعدم مرورهم بسيرورة من الإنتخاب و التدريب التقني عكس ما عليه المقاتلون الأنصاريون، يكون سكّان منطقة عمليات معينة أكثر عرضة للإختراق أو للإرتشاء الأخلاقي من قبل العدوّ "( دوبريه، صفحة 43).
هل كان دوبريه و غيفارا يهدفان و ببساطة إلى تشويه الفلاحين دون أي أساس لهذا الموقف؟ من الصعوبة تصديق ذلك ، فبرغم إستمرار الأفكار المتخلفة إجتماعيا و كذلك القمع الموجّه ضد الذين يقاومون و إرث تواصل العلاقات الإقطاعية وهي كلّها مسائل واقعية ، سواء كان ذلك عبر نزعة أو بسبب مشاكل ميكانيكية و التفكير المناهض للجدلية، فإنّ غيفارا و دوبريه أمسكا مظهراواحدا للحقيقة ليخفيا جوهر المسألة وهو القدرة الثورية الكامنة لدى الفلاحين، وهي مسألة كان الإعتراف بها تاريخيا نقطة تمايز بين اللينينية و الإشتراكية الديمقراطية و التروتسكية و التحريفية . و لقد إستعمل ماو تسى تونغ على وجه الخصوص الجدلية للتمييز بين شرائح مختلفة فى الريف و لفهم تناقض حركتها و قدراتها. وقد طوّر مقاربة التعويل على الفلاحين الفقراء فى الوقت الذى يجب النضال فيه من أجل كسب العناصر الأكثر وسطية و محايدة، بل و فى أوضاع متنوّعة يجب النضال من أجل تحييد الفلاحين الأغنياء (و كلّ من يعتقد أنّ ماو تسى تونغ كان مثاليّا و مفرطا فى التفاؤل و لا يملك أي فهم لصعوبات إستنهاض الفلاحين و رفع مستوى فهمهم ووعيهم السياسي ، يحتاج فقط إلى قراءة كتاباته بهذا الصدد).
لقد كانت هذه المسألة و لا تزال أساسية للغاية لبقاء العلاقات الإقطاعية و شبه الإقطاعية و آثارها فى أمريكا اللاتينية و النتيجة الهامّة للثورة الزراعية بالنسبة إلى الثورة ككلّ فى بلدان تلك المنطقة. وهو أمر صائب برغم التحوّلات الهامة التى طرأت على الفلاحة الإقطاعية فى أمريكا اللاتينية منذ الحرب العالمية الثانية (4).
و النقطة الأساسية هنا هي أنّ المجتمعات المعنيّة يجب أن تعتبر ضمن الأمم المضطهَدَة التى صارت مندمجة فى إطار علاقات تبعيّة للبلدان الإمبريالية فالفلاحة فى كلّ من شكليها الإقطاعي/ شبه الإقطاعي و "الرأسمالي" فى الأمم المضطهَدَة (شأنها شأن قطاع الصناعة) مندمجة فى شبكة المراكمة العالمية التى هي أساسا تحت سيطرة الرأسمال المالي ذى الجذور العميقة فى الدول الإمبريالية. و يفرز هذا الإندماج تشويها أخرق و عدم تكامل القطاعات و النشاطات الفلاحية لهذه الأمم المضطهَدَة حيث طوّر الرأسمال المالي بعض المناطق( سواء عبر الإستثمار المباشر أو فى غالبية الأحيان عن طريق القروض و إعانة الدولة و غير ذلك من أشكال التدخّل ممرّرة عبر الرأسماليين االكمبرادوريين البيروقراطيين المحليين فى قطاع الدولة و/أو الإقطاعيين الكبار) و حيث بالمقابل أبقى قطاعات أخرى راكدة و متعفّنة . و حتى فى هذه المناطق التى إندمجت ضمن سيرورة مراكمة رأس المال المالي عادة ما يُبقى رأس المال المالي على العلاقات الإقطاعية و يقع تعزيزها فى حين يشتدّ إستغلال الفلاحين لتلبية طلبات السوق العالمية.
هكذا تبدو أرياف أمريكا اللاتينية كمراكز لأنواع عدّة من علاقات الإنتاج ،فهناك مزارع إقطاعية ( كبرى و صغرى) من النوع القديم و أخرى على شاكلة الكولاك ومزارع الشركات الإتكارية و مزارع تنتج للسوق العالمية و لكنها تظلّ مع ذلك بين أيدي الملاّكين الإقطاعيين القدماء. ورغم ذلك يظلّ الفلاحون مستغلّين بأشكال تختلف قليلا عن ما قبل . و كالعادة تُحكم طبقات الملاّكين العقاريين الإقطاعيين قبضتها القمعية على أغلب الريف باثّة الرعب فى الفلاحين بالحرس الريفي و الشرطة المحلّية و الأمر كذلك حتى فى القطاعات التى تغيّرت فيها العلاقات إلى علاقات رأسمالية فجوهر العلاقات ظلّ ذاته بل وقع تعزيزه بهدف كبح جماح عدم الإستقرار الناجم عن هذا التحوّل الذى حصل . و يعبّر القمع الشديد و المتواصل للمرأة فى الريف و قمع شعوب الهنود عن بقاء هذه العلاقات الإقطاعية و شبه الإقطاعية فى النشاطات الزراعية و أساسا فى كلّ من البنيتين الفوقية و التحتية، مثلما ينعكس ذلك فى إستمرار سلطة الطبقات الإقطاعية على المؤسسات المفاتيح فى حياة الدولة و الحياة السياسية بما فى ذلك الجيش.
و بالتوازي مع ذلك ، يظهر فلاحون لا يملكون أرضا و بروليتاريا ريفية إلى جانب ما بقي من المزارعين الملاّكين و المزارعين أنصاف المستقلين و الذين بالكاد يحققون إكتفاءهم الذاتي . و من الناحية السياسية فإنّ الفلاحين و حتى فى بداية سيرورة البلترة يظلّون مادة حريق ثوري مشتعل و خاصة أولئك الذين أُفتكّت منهم أرضهم مثلما تبيّن فى حركة إحتلال الأراضي فى مقاطعات إنتاج سكّر مثلما حدث فى الأورينتى بكوبا فى السنوات الخمسين.
و يبرز كلّ هذا الأهمّية المستمرّة للثورة الزراعية فى تقريبا كلّ بلدان أمريكا اللاتينية كما يبرز الأساس الموضوعي الذى يجب أن يُركّز عليه لإستنهاض الجماهير الريفية كحليف إستراتيجي و اساسي ( و يعتبر فى عديد الأحيان أهمّ قوّة قتالية) للثورة. و يشير كذلك إلى العلاقة العضوية بين النضال الثوري ضد العلاقات الإقطاعية و شبه الإقطاعية و بقاياها و النضال من أجل التحرّر الوطني :إنهما ضربان من النضال متلازمان.
و برغم أهمّية نظرية دوبيه بخصوص إنخفاض الكثافة السكّانية فى عديد مناطق ريف أمريكا اللاتينية و النسبة العالية أحيانا لسكّان المدن، فإنّ هذا لا يلغى ضرورة تعبئة جماهير الفلاحين و القيام بالثورة . و يشير بيان الحركة الأممية الثورية لسنة 1984 إلى ذلك " و يطرح نمو مستوى التطور الرأسمالي فى بعض البلدان المضطهَدة مشكلا هاما جدا فى خصوص الأهمية النسبية للمدن بالنسبة للريف على المستويين السياسي و العسكري . وفى بعض هذه البلدان من الصائب أن يفجر الكفاح المسلح بدءا بالإنتفاضات فى المدن و عدم إتباع الرسم القائل بمحاصرة الريف للمدن . بالإضافة إلى ذلك و حتى فى البلدان التى يتبع فيها طريق الثورة محاصرة الريف للمدن يمكن أن تظهر وضعيات تندلع فيها تمردات جماهيرية تؤدى إلى إنتفاضات فى المدن و على الحزب أن يكون مستعدا للإستفادة من هذه الوضعيات فى نطاق إستراتيجيته الشاملة . و فى كلتا الحالتين يرتبط نجاح الثورة إلى حدّ بعيد بقدرة الحزب على تعبئة الفلاحين و دفعهم إلى المساهمة فى هذه الثورة تحت قيادة البروليتاريا . " ( بيان الحركة الأممية الثورية "لسنة 1984، ضمن فقرة " المهام فى المستعمرات و أشباه المستعمرات (أو المستعمرات الجديدة ) .)
لكن غيفارا ودوبريه أهملا و/أو أنكرا هذه الحقيقة الجوهرية حول أهمّية الفلاحين . ويظهر موقفهما الخاطئ تجاه الفلاحين و معاديا للثورة فى موقفهما بشأن المسألة الوطنية للهنود فى مجتمع أمريكا اللاتينية .إذ لا يعالج دوبريه هذه المسألة إلاّ بصورة عرضية (و يمكن إستنتاج ذلك من موقفه بخصوص تأخّر الفلاحين و تخلّفهم ) وما يدعو للأسف هو أن يرى دوبريه وجود سكّان هنود مسحوقين بصورة كبيرة متجذّرة فى أرياف (خاصة) غواتيمالا و الأمم الهندية كعراقيل للثورة ( و قد عكست ممارسة غيفارا التى سنعالجها لاحقا ، فى بوليفيا هذه الرؤية ذاتها). و يبدو هذا الموقف تمثّلا لنظرة القوى البرجوازية المقموعة فى أمريكا اللاتينية أو فى أحسن الحالات تماثُلا معها ، هذه القوى التى تقاوم فى بعض الأحيان الإضطهاد الوطني الذى تعانى منه من قبل الولايات المتحدة الأمريكية (و بعض الإمبرياليين الآخرين) و لكنّها تحاول فى ذات الوقت منع الجماهير المضطهَدَة من "الخروج عن السيطرة " و من الفعل و تبقيها خاضعة ، محافظة على إمتيازاتها القومية [هذه القوى البرجوازية الوطنية] على حساب الجماهير.(و بالفعل ستستغل مثل هذا الإضطهاد القومي إذا ما نجحت فى أن تحلّ محلّ الكمبرادوريين الذين تقاتلهم و تناضل ضدّهمّ). و دون تصوير الهنود كقوى ثورية مثالية، يجب أن يسجّل أنّ غالبية بلدان أمريكا اللاتينية التى شهدت إنتفاضات أنصارية هامة خلال الستينات بما فى ذلك البيرو و غواتيمالا و كولمبيا ، كانت المسألة الهندية فيها هامة للغاية و قد مثّل الهنود خلال ذلك قاعدة إجتماعية هامّة و نسبة كبيرة من القوى المقاتلة . لذلك لا يمكن لأية ثورة حقيقية ضد العلاقات الإجتماعية السائدة أن تنكر أو تتنكّر لهذه المسألة الهامّة او أن تسمح لنفسها أن تقف بعيدا عن هذا القطاع الهام من الجماهير و نضالاتها. بيد أن نظرة دوبريه تجاه الهنود ليست سوى إفرازا و إنعكاسا للخطّ العام الغيفاري الذى يقف دون الفلاحين و يعارض الإطاحة بالعلاقات الإقطاعية المتخلفة بصفة جوهرية( بما فى ذلك الإضطهاد القومي فى أمريكا اللاتينية).
لتلخيص هذا : ترتبط هيمنة الإمبريالية بالطابع المشوّه للفلاحة فى الأمم المضطهَدَة بما فى ذلك بقايا أشكال متنوّعة من العلاقات الإقطاعية و آثارها ذلك أنّ التشويه المتواصل و بقايا الإقطاعية يسمحان بإعادة إنتاج و تعزيز علاقات الهيمنة هذه مقابل ذلك . هذا من جهة و من جهة أخرى ،عن مثل هذا الإضطهاد الحاد و الهيمنة تترتّب حتميّا مقاومة ينهض بها الفلاحون و البروليتاريا الفلاحية و شبه البروليتاريا فى الريف،مقاومة ينبغى توجهها و تقودها البروليتاريا نحو الثورة.
و تعنى محاولة القفز على الحاجة لإستنهاض الفلاحين و قيادتهم للقيام بثورة زراعية ، فى نهاية الأمر ، الإبقاء على تلك الهيمنة على حالها. و حتى و إن حلّ نظام جديد فإنّ الشكل يمكن أن يتغيّر ( بيروقراطيو الدولة ، أنصاريون سابقا ، يعوّضون أولئك الذين كانوا قبلهم يديرون المزارع الأكثر ربحا) بيد أنّ هيمنة الإمبريالية ستتواصل. و ستستمرّ فى حالة ركود قطاعات الفلاحة الأقلّ ربحا و ستبقى مخطّطات و هيكلة الإنتاج و التجارة كما هي فى حين يستمرّ سجن الجماهير و إستغلالها و تبقى دار لقمان على حالها رغم ما يبدو عليها من مظاهر الإختلاف ،وهو بالضبط ما حصل فى كوبا و فى أثيوبيا و أنغولا( مزيدا من هذا لاحقا).وعندما يريد الذين يقفون دون إستنهاض الجماهير و خاصة الفلاحين من أجل الثورة و حرب الشعب، الحديث عن الثورة فإنّهم لا يعنون فى الحقيقة فى حديثهم إلاّ صعودهم هم لا غير للسلطة ؛ و حتى إن حصل ذلك بإسم الإسراع فى القيام بالإنتفاضة مثلما أراد دوبريه و غيفارا إنجاز ذلك فإنّ التحويل الحقيقي للعلاقات الإجتماعية – تفجير المجتمع وفق مصطلح ماركس- لا يمكن أن يعتبر ضمن حسباتهما و تقديراتهما.
وثمّة تبعات أخرى أخطر لهذا الخطّ حول الفلاحين وهي : إذا ركّز المرء قوّة مسلّحة فى الريف دون مساندة نشيطة من قبل الفلاحين- مع محاججته بشدّة ضدالإستنهاض السياسي لجماهير الفلاحين- فعلى من يجب إذن التعويل؟ بينما لم يوضّح دوبريه و غيفارا مخطّطاتهما فى هذا الصدد فإنهما كانا يرتئيان مراكز الفوكية على أنّها تسير على رأس تحالف الأحزاب التحريفية و البرجوازيين الراديكاليين و البرجوازيين الصغار الديمقراطيين ، هذه القوى مثلما إرتأى غيفارا ، يمكن أن تُجمع معا للإطاحة بالأنظمة القديمة و إفتكاك السلطة و إنجاز إصلاحات بإسم الجماهير و بالتالى السير نحو تعزيز هذا التحالف سياسيا.
قواعد الإرتكاز :
يفرد دوبريه فى كتابه "ثورة داخل الثورة" جزء هاما للجدال ضد الهدف الإستراتيجي ، بناء قواعد إرتكاز للقوى الثورية فى الريف على الأقلّ إلى أن تصبح قوى الثورة قريبة من إفتكاك السلطة السياسية على المستوى الوطني. وقد عزى دوبريه فشل عديد محاولات حرب الأنصار بالريف فى أمريكا اللاتينية فى بداية الستينات إلى البناء المبكّر لقواعد الإرتكاز.
بادئ ذى بدء ، من الأكيد أن تكون القوى التى أشار إليها دوبريه و لم يحدّدها تحديدا واضحا قد حاولت فعلا إستنهاض الجماهير ، كما يمكن أن تكون هذه القوى قد تأثّرت بماو تسى تونغ إلاّ أنه من غير السليم أن تقع معاملتها كما لو أنّها كانت قوى ماوية سعت إلى وضع مفاهيم ماو حول قواعد الإرتكاز فى حرب الشعب موضع الممارسة و التنفيذ.(و حتى و لو كانت هذه القوى كذلك ،فإنّ هذا الأمر وحده لا يمكن أن يحدّد و يؤكّد عدم صحّة الخطّ المعتمد كما كتب ماو ذاته: " فى خضمّ الصراع الطبقي ، يمكن للقوى الممثّلة للطبقة المتقدّمة أن تمنى بالفشل أحيانا لا للأن أفكارها غير صحيحة و إنما لأنها فى ميزان القوى المتصارعة لا تملك قوّة مثل قوّة الرجعية و بالتالى فإنها فشلها مؤقت و لكنّها ستنتصر عاجلا أم آجلا"( ماو تسى تونغ، 1971) .
كانت الغاية من قواعد الإرتكاز مثلما إرتآها ووضعها موضع الممارسة الحزب الشيوعي الصيني بقيادته أن تكون " حصونا عسكرية و سياسية و إقتصادية منها يتمّ قتال الأعداء الوحشيين الذين يستعملون المدن لمهاجمة المقاطعات الريفية " ( ماو ،المجلد2 من "مؤلفات ماو تسى تونغ المختارة " ). و مع ذلك فإنّ ظروف و سمات قواعد الإرتكاز هذه تنوّعت كثيرا عبر التاريخ ( بما فى ذلك فى إطار الثوة الصينية ذاتها ) إلاّ أن حجر الزاوية فيها يظلّ تركيز السلطة السياسية للجماهير عبر الكفاح المسلّح . و على هذا الأساس تستعمل القوى الثورية قواعد الإرتكاز هذه كنقاط إنطلاق لمزيد القضاء على فيالق العدوّ و توسيع المناطق المحرّرة و الإعداد لإفتكاك السلطة السياسية على المستوى الوطني /القومي. إنّ تركيز السلطة السياسية للجماهير و تلازمها مع بداية الثورة الزراعية فى كلّ من البنيتين التحتية و الفوقية يجعل قواعد الإرتكاز هذه تختلف كمفهوم إستراتيجي عن الأشكال الرخوة من المساندة أو حتى مجرّد توزيع الأرض على الجماهير الريفية مثلما عرف هذا السلوك الرخو فى الثورة المكسيكية و نضال سندينو فى العشرينات و الثلاثينات من القرن العشرين أو ماحدث فعلا فى هذا السياق فى الثورة الكوبية ذاتها .إنّها تجسّد التحوّل من نطاق العفوية إلى الوعي.
ما من شكّ فى أنّ هذا المفهوم العميق لماو تسى تونغ حول قواعد الإرتكاز يجب أن يُكيّف مع الظروف و المهام الخاصة لأمريكا اللاتينية مثلما وقعت الإشارة إلى ذلك، فحتّى فى الصين ذاتها كانت الظروف المختلفة للثورة خلال 22 سنة قد أفرزت تعبيرات متعدّدة و قد دفع ماو ذاته ثورييى أمريكا اللاتينية فى الستينات إلى الإبتعاد عن محاولات التطبيق الميكانيكي و نقل ما كان يبدو "فعّالا" فى مكان آخر و تطبيقه آليّا على ظروفهم الخاصّة. كيف يكون التعامل مع البنية التحتية التى هي أكثر تطوّرا عموما فى بلدان أمريكا اللاتينية ،ما هي طبيعة أجهزة السلطة المناسبة للمناطق المحرّرة ، كيف يقع التعامل ، فى ظروف يومنا هذا ، مع التهديد المتواصل للحرب بين القوى الإمبريالية فيما بينها و الذى يجب أخذه فى الحسبان: كافة هذه الأسئلة أثارت وما تزال تثير تحدّيات عاجلة نظريا و عمليا أمام القوى الثورية فى القارّة.
و كي نتحلّى بالوضوح ، ينبغى أن نأخذ فى الإعتبار أن تركيز قواعد إرتكاز لا يجب أن يُنظر إليه كخطوة أولى مطلقة الضرورة فى حرب الشعب،و كذلك القدرة على المحافظة عليها منذ البدايات الأولى لا يجب النظر إليها كركيزة قارة سيؤدّى غيابها إلى عرقلة خوض مثل هذه الحرب. وفي عدّة أوضاع يمكن أن تدخل القوى الثورية فى حرب مع فيالق العدوّ العسكرية عبر حرب الأنصار حتى قبل أن تركّز قواعد إرتكاز .و لقد أعار ماو تسى تونغ أهمّية كبرى ل "مناطق حرب العصابات" وهي مناطق لم تتمكّن فيها القوى الثورية بعدُ من إقامة سلطة سياسية و لكنّها تمتلك فيها درجة مساندة من الجماهير تمكّنها من العمل ضد العدوّ على شكل أنصار. إلاّ أن ماو رأى أنّه من الضروري العمل على تحويل هذه المناطق إلى قواعد إرتكاز و ذلك فى أقرب الفرص التى تسمح بها الظروف، فقواعد الإرتكاز هذه هي هدف إستراتيجي للنضال المسلّح .
و فى الواقع، سوف يبدو للبعض أن هناك إختلافا هاما فى ما يتعلّق بالمفهوم المقصود بقواعد الإرتكازبصورة مضبوطة، وبعض هذا الخلط يبدو جليّا لدى دوبريه حين يعطى مثلا أهمية لقواعد الإرتكاز فى الوقت الذى تصل فيه قوى الثورة إلى نقطة معيّنة. وهو يستخلص درسا حذرا من التجربة الكوبية لمّا واصف محاولة تشى غيفارا فى أواخر 1957 تركيز قاعدة إرتكاز فى السيرا مايسترا . " لقد ركّز قاعدة قارة : بنى فرنا للخبز و حانوت لتصليح الأحذية و مستشفى و كانت لديه آلة طباعة نشر بفضلها الأعداد الأولى من " الكوبي الحرّ"، و حسب كلماته ذاتها، بدأ يخطّط لمولّد كهربائي صغير على جانب الجبل". غير أنّ مخطّطات غيفارا ذهبت أدراج الرياح بمجرّد أن هاجمته القوات الحكومية. و بعد ذلك بالضبط،كتب دوبريه أنّه أمكن للأنصاريين تركيز قاعدة قادرين على حمايتها و قاموا بذلك سنة 1958 فى شهر أفريل:" الرقعة الصغيرة للقاعدة كانت حينها مساحة أسس عليها مستشفى الميدان و صناعات تقليدية صغيرة و حوانيت إصلاح عسكرية و محطّة إذاعية و مركزا لتدريب المنتدبين و مركز للقيادة ،و سمحت هذه القاعدة الصغيرة للأنصاريين بمقاومة الهجوم العام لصائفة 1958 من مواقع متخندقة" ( دوبريه ، ص63-64).
ما يطفو من نقاش دوبريه لهذه المسألة هو تركيزه على المهام العسكرية البحتة لقواعد الإرتكاز (و حتى فى هذا المجال تظلّ نظرته ضيقة!) فأين هو إستنهاض الجماهيرهنا ؟ و أين أجهزة السلطة السياسية ؟ و ما هي التجربة السياسية المراكمة فى هذا الصدد؟ واضعين جنبا تفسير دوبيه لسبب التمكّن من تأسيس قواعد الإرتكاز حينها( سنعود إلى المسألة لاحقا) لا نعثر فى هذه التجربة التى تحدث عنها دوبريه منطلقا من تجربة تشى غيفارا على أيّة علاقة ضمنها بين قواعد الإرتكاز و السلطة السياسية الحمراء التى يجب أن تركّزها القوى الثورية تجسيدا للثورة التى يجب أن تقوم فى الريف. يبدو أن ريجيس دوبريه وقع فى الخلط بين مفهوم قواعد الإرتكاز و مفهوم قاعدة معسكر قار!
إجمالا، رام دوبريه من خلال تعرّضه لمسألة قواعد الإرتكاز ليس عرض المشاكل و التحدّيات الحقيقية بل الخروج بإستنتاج إستحالة خلق قواعد إرتكاز و إستمرارها إنطلاقا من الأمثلة المتناثرة فى أمريكا اللاتينية، و جعل هذه "الإستحالة" ذريعة و تعلّة ضد حرب الجماهير.
فى ضوء حجج دوبريه عن عدم إمكانية تطبيق نظرية ما وفى أمريكا اللاتينية ،تقوم تجربة الحزب الشيوعي البيروفي اليوم مهمّة للغاية. فنجاحات هذا الحزب الأولى فى تطبيق الخطّ الماوي و التوجّه الماوي فى هذه المسألة لها دلالة كبيرة. فقد خاض هذا الحزب – إلى حدّ كتابة هذه الأسطر- حرب الأنصار ضد الحكومة طيلة سنوات أربع بنسق تصاعدي ممّا إضطرّ ملاحظى البرجوازية اليوم إلى الإعتراف بانّ للثوريين سندا هامّا فى صفوف الجماهير و أنّ أزمة النظام تستفحل.
و الأسس الموضوعية و الذاتية لهذا الصراع التى يجب تسجيلها و التأكيد عليها هي : بداية، صاغ الحزب الشيوعي البيروفي و توحّد بقوّة حول خطّ سياسي صحيح. ثمّ، ركّز هذا الحزب قوّة قادرة على قيادة الجيش الثوري و قام ببحث عميق و عمل سياسي بالمناطق التى شرع بالنضال المسلّح فيها. و يضاف إلى ذلك أنّ الطبقات الحاكمة فى البيرو تعرف عديد الإنقسامات خاصة الآن و ذلك بين العناصر الموالية للولايات المتحدة داخل الطبقة الحاكمة تقليديا و القوى الموالية للسوفيات فى الجيش . و قد تعمّق هذا الإنشقاق بفعل الإنتفاضة .و فى النهاية باتت البيرو تتخبّط فى أزمة إقتصادية عميقة تتمثّل فى الديون المتزايدة لفائدة البلدان الإمبريالية بما يفرز من تعاسة حادة للجماهير وعدم إستقرار سياسي. و مثل هذا الوضع متوفّر فى امريكا اللاتينية كلّها تقريبا و يصعب على حكّام البيرو تجاوزه. إنّه تعبير عن نوع الفرص المتوفّرة فى المرحلة الحالية.
على عكس تشى غيفارا ، ركّز الحزب الشيوعي البيروفي ذاته على اساس تعبئة الجماهير و إستنهاضها من أجل حرب الشعب. و فى تناقض عميق و حادّ مع توجهه مثلما سنرى ، لا تحاول الثورة فى البيرو ربط علاقات مع السوفيات و الأحزاب التحريفية المحلّية أو الإنزلاق نحو مسانتهم لها ، بل مستغلين التناقض بين الإمبرياليات ، يتقدّم الثوريون فى البيرو بالنضال المستقلّ للبروليتاريا لقيادة الفلاحين.
------------------------------------------------------------------------------------------
-2 -
============================================================
ليس الأمر كما لو أنّ بعض النقاط السابقة لم تواجه خطّ غيفارا/ دبوريه بشكل أو آخر. لكن دوبريه شعر بأنّ بإمكانه مغالطة أي من هذه الإعتراضات باللجوء إلى ما يعتبره افضل الحجج : "لقد نجحت فى كوبا ". يستهلّ دوبريه كتابه كلّه بالمحاججة ضد جملة " "الثورة الكوبية لا يمكن أن تُعاد فى أمريكا اللاتينية " وهو فى مسائل حيوية يؤكّد نظريته إعتمادا على أمثلة من هذه الثورة. و إن كان بالتأكيد غير خاطئ أن ندرس الممارسة الثورية الجديدة لنستنتج نظرية جديدة منها ، فإنه من الأكيد أيضا( و الجيّد أيضا) أن تقود السيرورة دوما إلى إعادة النظر - إن لم يقع عبر القطع مع السائد- فى بعض ما يمكن أن يصير" فكرا متعارفا عليه" لدى الحركة الماركسية .المسألة هنا ببساطة هي: ما الذى تؤكّده ممارسة الثورة الكوبية واقعيا و هل أنّ دوبريه و غيفارا خرجا بالإستنتاجات الصحيحة الصائبة.
لقد إعتقد دوبريه و غيفارا أنّ الجيش الثوري لا يحتاج إلى - بل لا يجب عليه فعليا- أن يقوم بعمل سياسي فى صفوف الجماهير. محاججا ضد "الدعاية السياسية المسلّحة" ( أي تقسيم القوى المسلّحة إلى وحدات صغيرة لتسيطر مؤقتا على قرى و تحاكم الطغاة المحلّيين و تقوم بإجتماعات سياسية لمدّة قصيرة ) ، لاحظ دوبريه منذ البداية التأثير السياسي الأكبر للمعارك العسكرية الحيوية ضد القوات المسلّحة للعدوّ: " تحطيم عربة نقل فيلق أو محاكمة شرطي جلاّد على الملأ هي أهمّ دعاية فعلية بالنسبة للمتساكنين المحلّيين من مئة خطاب " و يقدّم دوبريه مقابل ذلك حجّته الأكبر وفق رأيه وهي :" جزئية هامة : خلال سنتين من الحرب ، لم يقم فيدال كسترو بأي إجتماع سياسي فى منطقة عمليّاته" ( دوبريه ، صفحة 53-54) .
إنّ أوّل ما يفكّر فيه المرء عند قراءة مثل هذه الأمور و المواقف هو لماذا يُقيم دوبريه ثنائية بين العسكري و السياسي بهذا الشكل المكثّف. لقد مارس الذين إتبعوا خطّا ماويا النشاط السياسي و العمل العسكري فى إرتباط وثيق. وصحيح بالطبع أنّه حين تصل القوى الثورية إلى نقطة يمكن لها فيها أن تصارع من اجل إفتكاك السلطة السياسية أو حتى أن تُنزل بجيش البرجوازية بعض الهزائم العسكرية ، فإنّ عديد الجماهير التى كانت إلى حدّ ذلك الوقت متذبذبة أو رافضة للتفكير فى الثورة تستيقظ سياسيا بسرعة ، لكنّه يبدو أن الظرف الذى يتحدّث عنه دوبريه و الذى يتخيله فى ذهنه ظرف مفارق للواقع و شيئ من طبيعة الأعمال الخارقة بدلا من السيرورة الطويلة من سحق قوات العدوّو بناء مناطق سلطة سياسية. و زيادة على ذلك ، إذا لم يوظّف أي نجاح عسكري و يقاد خدمة للخطّ و البرنامج الثوريين الصحيحين و إذا لم يوجد حزب يرفع أنظار الجماهير و يستنهضها نحو الحركة فليس من اليسير حدوث السيرورة المتواصلة للقضاء على فيالق العدوّ و بناء سلطة سياسية فإنّ قناعة دوبريه و توجهه سيتوحوّلان بالضرورة وعن قصد أو دونه إلى منطق تطويرفرق قتال لحساب شريحة برجوازية أو أخرى أو لحساب الإمبريالية الحامية ( بما فى ذلك الإمبريالية الإشتراكية) . وهذا ما حصل فعلا مرارا و تكرارا.
أمّا فى ما يخصّ المسألة المتعلّقة بتقسيم القوى فإنّ على الجيش الشعبي أن يجمّع رئيسيا قواه من أجل معارك القضاء على العدوّ ،و مع ذلك فقد أشار ماو تسى تونغ إلى دور (ثانوي و لكنه هام) تقسيم الجيش إلى مجموعات صغيرة أحيانا لإستنهاض الجماهير . و هذه المسألة ليست فى شموليتها مسألة إقتراح إختياري كما يريد دوبريه أن يجعلها لكنها تظلّ مسألة فهم جدلي للعلاقة بين مظهري العلاقة المتناقضة ، الرئيسي منها و الثانوي ( بين العمل العسكري و العمل السياسي ، بين تجميع القوى و تقسيمها إلخ ).
و مع ذلك يواصل دوبريه محاولة تحليل جذور "هذا الفهم الذى يحوّل الأنصاري ببساطة إلى داعية مسلّح". ما الذى يفسّر ذلك؟ "قراءة مغلوطة للثورة الكوبية - وهي ثورة معروفة جدّا فى جانبها الخارجي جزئيّا و لكنّ محتواها الداخلي لم يُدرس بعد بما فيه الكفاية -هي التى لعبت دورا هاما فى ذلك... مئة رجل يلهبون حماس سكّان الجبال بخُطب ، يتداعى النظام الذى يتملّكه الرعب تحت ضربات المُلتحين الذين يحتفى بهم الشعب.
على هذا النحو يخطئ المرء فى التمييز بين فهم فوكو عسكري- كقوّة محرّكة لحرب شاملة - و فوكو الدعاية السياسية، و يبدو أنه قد نُسي أنّ كوبييى حركة "26 جويلية" قد قاموا أوّلا بحرب دون أية هدنة من جانب واحد و ذلك خلال بضعة أشهر فقط من سنة 1958 وأنّ الجيش الثوري خاض أكثر معارك من الجبهات الأمريكية اللاتينية الأخرى خلال سنة أو سنتين و أنّ الثوّار أفشلوا فى شهرين الهجوم الأخير الذى شنّه جيش باتستا؛ و أنّ 300 أنصاري ردّوا و أفشلواهجوما مضادا ل10 آلاف رجل ثمّ قاموا بهجوم مضاد شامل " (دوبريه ،صفحة 57).
هنا يقترف دوبريه ذاته "قراءة خاطئة" و تبسيطا مبالغ فيه خدمة لأغراضه، ففيالق كاسترو مثّلت طبعا القوّة العسكرية الحيوية فى الإطاحة بباتستا لكنّ الأزمة التى كانت تواجه باتستا تعّقت مع التحدّي الذى مثّله الفوكو له بنشاطاته بزعامة كاسترو. لقد أمسك باتستا بالسلطة سنة 1952 عبر إنقلاب و لم يتعرّض لأية مقاومة فعلية من الأحزاب الكوبية الأساسية -الأرتودكسية أو الأصليين- و بعد الإنقلاب تراجعت فرص إستثمار البرجوازية الكوبية بشكل مهول فى حين إرتفعت الإستثمارات الأمريكية الجديدة فى الجزيرة بسرعة. و تجمعت شرائح من البرجوازية الكوبية الناشئة و إتجهت إلى الخارج و قد كانت المسألة أحدّ خاصة بالنسبة للبرجوازية الصغيرة العريضة نسبيا و يتطرّق كتيّب "كوبا : اسطورة تبخّرت" الموقف و المأزق السياسيين لهتين الطبقتين :
" لقد مثلت البرجوازية الصغيرة فى الخمسينات أكثر الطبقات الكوبية حركية . فقد كانت المجموعات السياسية التى ظهرت من صلبها الأكثر تنظيما للقتال من أجل مصالحها .و حركة كاسترو "26 جويلية" مرجعها البرجوازية الصغيرة المدينية ب25% من سكّان كوبا، وعشرات الآلاف من رجال الأعمال دون أعمال وتجار دون تجارة و أساتذة دون عمل، محامون و أطباء و مهندسون لم يحصلوا إلاّ على القليل من العمل". و فى "البيان البرنامج" سنة 1956، حدّدت الحركة ذاتها ك "حركة مقادة بافكار الديمقراطية القومية و العدالة الإجتماعية ... لديمقراطية جيفرسون". و صرّحت أيضا :" لا يمكن للديمقراطية أن تكون حكم عنصر أو طبقة أو دين بل يجب أن تكون حكم الشعب بأسره".
و كان برنامج الحركة العملي يهدف إلى محاصرة الولايات المتحدة الأمريكية و الملاكين العقاريين و القضاء على نظام المحاصصة الذى تسيطر بمقتضاه الولايات المتحدة الأمريكية على إنتاج قصب السكّري الكوبي و كذلك للقضاء على هيمنة الملاكين العقاريين الكبار على المزارعين المتوسطين و ذلك بتوزيع أراضي المزارع غير المستغلّة أو المسروقة على الفلاحين الصغار و نظام تقسيم الأرباح على العمّال فى المدن بهدف توسيع سوق الصناعات المحلّية و الإستثمار الجديد" ( " كوبا: أسطورة تبخّرت "، الحزب الشيوعي الثوري ،الولايات المتحدة الأمريكية ، صفحة 9 ،سنة 1983).
لقد محا نظام باتستا أية فرصة أمام هذه القوى كي تتحرّك سياسيا لتحصل على تنازلات. وإزداد الضغط .
شرع كاسترو بالعمل ضد باتستا بالهجوم على مخيمات الجيش فى مونكادا فى جويلية 1953 و إستغلّ فرصة محاكمته ليلقى بخطابه الشهير" سينصفنى التاريخ" و فعلا يشبه الخطاب وثيقة ديمقراطية مسيحية و ينطوى على إشارة طفيفة إلى دور الولايات المتحدة الأمريكية فى الوضع الكوبي وفيه وقع التركيز على فساد باتستا و عدم شرعية النظام و تجاوزات القانون و الدستور إلخ...إلاّ أن حادث مونكادا و خطابه جعلا من كاسترو وجها وطنيا و بعد بضعة أشهر وقع إطلاق سراحه من السجن و نُفي إلى المكسيك.
و كذلك رغم النهاية العسكرية المأساوية فإنّ نيّة كاسترو المعلنة فى المكسيك و التي كانت تتجه نحو القيام بثورة فى 1956 جعلت منه أكثر من مركز إستقطاب بالنسبة إلى المعارضة المتصاعدة المعادية لباتستا .و بدأت هذه المعارضة تتطوّر لا محالة حتى بإستقلال عن كاسترو. فالنضالات الواسعة النطاق للطلبة زعزعت هافانا سنتي 1955 و 1956 . و قد هاجم تنظيم عسكري معروف بإسم "المجلس الثوري" عسكريا القصر الرئاسي فى مارس 1957 و فتحت مجموعات مختلفة جبهات أخرى فى جبال إسكمبراي و بينار دلديلو فى حين لم ينجح لإضراب العام الذى سعى لتنظيمه تحالف من القوى من ضمنها حركة كاسترو مع غياب الحزب الشيوعي الكوبي. إذن لم يكن بكلمة واضحة ، سقوط باتستا ونظامه من صنع 300 أنصاري فقط مقابل 10 آلاف من فيالق النظام.
هام هو فهم هذا الأمر حتى نعرف لماذا تمكّن كاسترو من أن يرسي قاعدة إرتكازه-أو بالأحرى بصفة أدقّ- مخيمه القار إثر بضعة أشهر من فشل غيفارا فى ذلك.و بينما لا يفسّر دوبريه ذلك فإنّه يلمح إلى أنّ القوّة القتالية المراكمة هو السبب الرئيسي لذلك. وهو يتناسى الأزمة الشاملة التى كانت حينها تعصف بالمجتمع الكوبي بصفة تصاعدية ومنعت باتستا من حرّية تجميع فيالقه فى الريف ( فتشتعل هافانا ) أوحتى حرّية التعويل عليها لقتال القوات المتمرّدة أصلا.
وهناك أيضا طبيعة الأورينتى حيث تمركزت قوات كاسترو الأساسية . و لاحقا فى الكتاب ، حين يريد دبوريه إقناع القارئ بأنّه بقدر ما يتقدّم النضال العسكري بقدر ما تذهب الجماهير بدرجة أو بأخرى بإتجاه الثورة ، يستشهد برسالة فيدال كسترو سنة 1956 التى كتب فيها :" الآن أعرف من هو الشعب، أراه فى تلك القوّة التى لا تقهر و التى تحيط بنا حيثما كُنّا، أراه فى مجموعات من 30 أو 40 رجل منيرين طريقهم بالفوانيس ينزلون إنحدارات وحلية فى الثانية أو الثالثة ليلا و على ظهورهم 30 كلغ بهدف أن يزوّدونا بالغذاء، من نظّمهم على هذا النحو الرائع؟ من أين تحصّلوا على هذه القدرة و الإرادة و الشجاعة و التضحية بالنفس؟ لا أحد يعلم ، إنّه تقريبا سرّ غامض" ( دوبريه ، صفحة 113).
فى الواقع لم يكن الأمرعلى مثل هذا الغموض و هذه السرّية ، ففلاحو الأورينتي كانوا أكبر فلاّحى العالم تجربة سياسية. لقد قاتلوا من أجل السوفياتات الريفية فى الثلاثينات و دافعوا عنها وعندما توجّه كاسترو و رجاله فى أواخر الخمسينات إلى الأورينتى كان الفلاحون يخوضون نضالا متفجّرا لإحتلال الأرض.
و من المفيد تكوين فكرة عن الوضع فى الأورينتى: مكان خيضت فيه عديد النضالات و اكبر مكان مساندة للثورة . إنّه يحتوى على أوسع مزارع قصب السكّر فى كوبا يعمل فيها جمهور البروليتاريا الريفية و نصف الريفية كما كان الفلاحون الصغار يمتلكون بعض المزارع إلاّ أنهم لم يكونوا فى مأمن من إنتزاع أرضهم منهم مثلما جرت العادة. و لقد حصلت تاريخيا حوالي 20 إنتفاضة فلاحية بين 1902 و1951 فى هذه المنطقة. و يشير مؤرّخ إلى الوضع بقوله :" كان فلاّحو السيرا مايسترا لفترة طويلة منتظمين فى مجموعات ليحموا أنفسهم ضد الملاّكين العقاريين الذين حاولوا طردهم ،و المجموعات خليط من صعاليك و محتجين ،و كان الشكل الذى إتخذه هذا التنظيم الإجتماعي و السياسي لصالح الفلاحين و حين ظهرت جماعة كاسترو فى تلك المنطقة إلتحقت بها مجموعات الفلاحين هذه التى رات دون شكّ فى الأنصاريين حلفاء لها". ( دومنغاز 1970 ، صفحة 436-437).
وقد كتب ملاحظان آخران ناقدين دوبريه سنة 1967 ،مشيرين إلى أنّ "كاسترو حين إلتحق بالأورينتى كانت لا تزال هناك مواجهة مسلّحة مباشرة بين الفلاحين و الجيش الذى كان يسند الملاكين العقاريين ( بالسيف و الطرد والعنف ضد جماهير الفلاحين ...و إتخذت المواجهات السياسية طابع الصراعات المباشرة بين الجيش و الفلاحين" ( هوبرمان و سويزى ،صفحة 56، سنة 1967). للثورة الكوبية درسها الخاص المتمثّل فى الإمكانيات السياسية المتوفّرة و الإنفجار المسلّح لفلاّحي الشعوب المضطهَدَة ، فى كوبا سنة 1956 أين وجدت رسملة واسعة النطاق و تمدّن نصف السكّان وهو عكس ما ذهب إليه دوبريه و الغيفاريين الجدد حاليّا.
و إذا كانت الثورة الكوبية قد أكّدت شيئا فهو ليس بالتأكيد أنموذج دوبريه عن الفوكو الغريب عن الفلاحين و الذى أدّى بمفرده و لوحده إلى أزمة عميقة و أطاح بحكومة باتستا بضربة واحدة عنيفة. كذلك ما تشير إليه هذه التجربة هو الدور القوي الذى يمكن أن تلعبه قوّة ثورية مسلّحة فى ظرف أزمة سياسية و بوجود فلاحين( بروليتاريا فلاحية و شبه بروليتاريا) مستعدّين لرفع البنادق ضد مضطهديهم . و تشير هذه التجربة بصورة أفضل إلى التفاعل الجدلي بين ما هو ذاتي (القوة المسلحة فى هذا المثال) و ما هو موضوعي ( أزمة النظام و أحاسيس الجماهير و نضالها).
و لا يعنى هذا المثال أنّ القوّة المسلّحة لا تلعب أيّ دور فى دفع الإنتفاضة و تعميق الأزمة السياسية و لا يعنى أيضا أنه ليس بإمكان أو من واجب المرء خوض النضال المسلّح فى الأمم المضطهَدَة إلاعندما تكون مثل هذه الظروف متوفّرة ( رغم أنّ توفّرها ضروري جدّا من أجل نهاية مظفّرة). غير أنّ الغيفارية تحاول الإنكار التام لأهمّية الوضع الموضوعي فى طافة مراحل الكفاح المسلّح و تفضّل العمل كما لو أنّ الوضع"معطى"و أنّ كلّ ما ينقص ليس سوى الشجاعة و تكتيكات الثوريين المناسبة.
و يتناول "بيان الحركة الأممية الثورية" لسنة 1984 هذه المسألة بالكيفية التالية:
" و كقاعدة عامة، تجد بلدان أفريقيا و آسيا و أمريكا اللاتينية المضطهَدة نفسها بإستمرار فى حالة وضع ثوري ولكن من الهام فهم معنى ذلك فهما جيدا : لا يتبع الوضع الثوري مسارا مستقيما بل يشمل حركات مدّ وجزر و على الأحزاب الشيوعية أن لا يغيب عن أنظارها هذا الجانب من المسألة . عليها ألا تنظر إلى المسائل بصفة إحادية الجانب و تؤكد أن تفجير الحرب الشعبية و الإنتصار النهائي فى هذه الحرب لا يرتبطان إلا بالعمل الذاتي ( أي عمل الشيوعيين ) فى هذه الحرب و هي طريقة فى النظر إلى الأشياء تنسب عادة إلى" اللينبياوية ". ورغم أن شكلا معينا للنضال المسلح يكون عموما مجديا و ضروريا لتحقيق مهام الصراع الطبقي فى كل الأوقات فى مثل هذه البلدان ، فإنه يمكن أن يكون الكفاح المسلح شكل النضال الرئيسي فى بعض الأحيان و أحيانا أخرى تكون الحالة غير تلك.( فقرة "المهام فى المستعمرات...").
إنّ ما يجعل هذه المسألة بالذات على غاية من الخداع - ما يضاف إلى نداء غيفارى إلى أولئك الذين يتحرّقون فعلا للقيام بالثورة- هو أنّ عديد أحاسيس الثوريين و مبادراتهم قد تراجعت بسبب التحريفية التقليدية وتعلّتها "الظروف الموضوعية". و لن تفيد معارضة ذلك عن طريق نكران الأهمية الحيوية للوضع الموضوعي و خصوصا رمي المادية من الشبّاك، لذلك على الثوريين عوضا عن ذلك أن يعارضوا بالمادية الجدلية المادية الميكانيكية المستعملة من قبل التحريفيين . لقد حدّد لينين فى كتاب له حول ماركس الإختلاف بصفة جيّدة :
"إنّ حسبان الحساب بشكل موضوعي لمجموع العلاقات بين جميع الطبقات، فى مجتمع معين ،دون إستثناء ،و بالتالى، حسبان الحساب للدرجة الموضوعية لتطور هذا المجتمع و للعلاقات بينه و بين سائر المجتمعات، يمكنله وحده أن يكون أساسا لتكتيك صحيحللطبقة المتقدّمة .و عليه، يُنظر إلى جميع الطبقات و جميع البلدان، لا من حيث مظهرها الثابت ، بل من حيث مظهرها المتحرك، أي لا فى حالة الجمود ، بل فى حالة الحركة ( الحركة التى تنبثق قوانينها من الشروط الإقتصادية لمعيشة كلّ طبقة) و الحركة بدورها يُنظر إليها لا من وجهة نظر الماضى و حسب، بل من وجهة نظر المستقبل أيضا،و فضلا عن ذلك ، يُنظر إليها لا وفقا للمفهوم المبتذل "للتطوّريين"الذين لا يلاحظون سوى التحولات البطيئة ، بل وفقا للديالكتيك.فقد كتب ماركس إلى إنجلز يقول:" فى التطورات التاريخية الكبرى ، ليست عشرون سنة أكثر من يوم واحد،مع أنه قد تأتى ،فيما بعد،أيّام تضمّ فى أحشائها عشرين سنة".( لينين : " كارل ماركس"، الطبعة العربية)
بناء على هذا الفهم ، شدّد بوب آفاكيان لعديد السنوات الماضية على ضرورة حزب طليعي يعوّل عليه لتطوير العناصر الثورية فى أي ظرف معطى ، و الجدلية المعنية بالقول هنا هي فعل أقصى ما يمكن للإعداد للإنتفاضة الثورية ( أمّا فى خصوص الأمم المضطهَدَة حيث النضال المسلّح يمكن أن يكون قد شرع فيه،الإعداد لإستراتيجيا هجومية شاملة و حيوية) أو كما قال بتأكيد على ذلك ماو تسى تونغ "ندفع النضالات و نترقّب التغيّرات فى الوضع الأممي و التداعي الداخلي للعدوّ" ( ماو ، المجلد2).
تنتهى الإرادية التى تقف وراء طريقة غيفارا و دوبريه لأنّها تحاول دحض المادية بالمادية الميكانيكية و المثالية الموضوعية (5) إلى السقوط فى بعض أخطاء الإنتظارية ذاتها المميّزة للمادية الميكانيكية. و يظهر ذلك فى محاولة دوبريه معالجة الطرق التى جعلت الثورة الكوبية خارقة للعادة أو "لايمكن أبدا أن تعاد" فهو يشير مثلا إلى شكّ الولايات المتحدة الأمريكية و إلى تراخيها تجاه نوايا الثوريين غير قابل بالمرّة لأن يعاد فى أي مكان آخربأمريكا اللاتينية. لكن فى حين جعلت الثورة الكوبية الولايات المتحدة الأمريكية أكثر يقظة لا يتعلّق الأربأن تستطيع الولايات المتحدة دائما أن تفعل كلّ ما تريد فعله لتحطيم الثورات حتى حين تكون نوايا الثوريين واضحة وضوح الشمس مثلما حصل فى الصين و الفتنام! تتجاوز الظروف حتى قوّة الجماهير و لها فعلها و تـاثيرها و ذلك حتى فى أمريكا الوسطى الحصن الحليف و الخلفي للولايات المتحدة الأمريكية. فمثلا، قد صرّح آلكسندر هيغ فى مذكّراته الأخيرة بأنّ وينبورغر و آخرون فى إدارة ريغن رفضوا مقترحه سنة 1981 الداعى إلى التدخّل المباشر فى السلفادور و نيكاراغوا و ذلك خوفا من أن يتضارب ذلك مع ما يعتبرونه اولوية مطلقة تتمثّل فى إعداد القوات المسلحة الأمريكية( و الرأي العام الأمريكي) لحرب كونية ضد الإتحاد السوفياتي. و مع ذلك فإنّ إرادية دوبريه لا تقوده فقط إلى نكران أهمّية الظروف الموضوعية للثوريين بل كذلك إلى التغاضي عن الحاجيات الواقعية التى تدفع كذلك الإمبرياليين و تتحكّم بمواقفهم. و مثل هذه النظرة ستنتهى إلى غضّ النظر و تجاهل مكامن ضعف هامة فى معسكر العدوّ.
هذا من جهة و من جهة أخرى ،لا يأخذ دوبريه بعين الإعتبار عدّة عوامل أخرى منها مثلا إضطرار باتستا إلى العمل على تخفيض إمكانيات الإنفجار فى هافانا والإنقسامات داخل البرجوازية الكوبية حول "إستراتيجيا الحصن" أي تركيز فيالقه فى أماكن آمنة عوض إرسالها فى مهام بحث و سحق. و مكّن ذلك الثوريين من تدريب قواتهم و إعدادها. إلاّ أنه سيكون من الغباء بالنسبة إلى الثوريين التعويل على تطوّر وضع مماثل. قد يحصل ولكنه بعيد عن أن يكون أوتوماتيكيا، وعلى المرء أن يستعدّ لقتال شديد و متواصل كقانون للصراع . ويضاف إلى ذلك فى المثال الكوبي عدم وضوح أهداف الثورة الكوبية لدى الولايات المتحدة الأمريكية لأنّ المجموعة القائدة لم تكن بالفعل مندفعة فى ثورة إلى النهاية و لم تكن تهدف إلى القطع مع الولايات المتحدة الأمريكية ،لذلك لم يحصل دمار كبير و لم تقع حرب أهلية خلال الثورة الكوبية. وهذا يجعلها مغايرة لما وقع فى روسيا و الصين و فتنام و يجب إعتبارها مثالا جاذّا لا يحتذى به ( لا سيما بالنسبة للثورات التي ترمى إلى القطع فعلا مع الإمبريالية و تغيير العلاقات الإجتماعية). و هكذا لا بدّ من الإنتباه إلى الدروس الهامة التي يمكن إستنتاجها( دور الفلاحين و البروليتاريا الفلاحية و الحركية السياسية للبرجوازية الصغيرة المدينية و غير ذلك) و دلالتها العالمية الممكنة.
لا يستنتج دوبريه إلاّ تلك الدروس التى تتماشى والنمط الفوكي الذى يدافع عنه آنذاك ثمّ يجعلها مطلقة الصلوحية. و مجدّدا ما هو هذا النمط؟ إنّه مجرّد مجموعة صغيرة تعوّل على تكتيكات عسكرية ذكيّة للإطاحة بجيش مسنود من قبل الإمبريالية مع تعبئة سياسية للجماهير من المفروض أن تتبع عندما تسجّل إنتصارات عسكرية حيوية. أمّا الإجراءات المرتبطة بحرب الشعب- بما فى ذلك تعبئة الفلاحين و إستنهاضهم و التعويل عليهم و تركيز قواعد إرتكاز كهدف هام للنضال العسكري و الشروع فى الثورة الزراعية- فقد تجاهلها دوبريه و عارضها بفجاجة على أنّها غير قابلة للتطبيق فى امريكا اللاتينية. إنّه يعدّ الفلاحين ليس كإحتياطي للثورة بل كجماهير مُخبرين ممكنين، و ينظر إلى قواعد الإرتكاز كمخيّم عسكري قار ، و لذا يقع إبعادهالأنها عنصر إلهاء فى نظر دوبريه . و الثورة الزراعية تمّ تجاهلها و عدم الإعتراف بها.
من أجل تعميق النقاش ،لنقبل جدلا من الغيفارية تعليلها الجوهري ألا وهو أنّ مجموعة من النصاريين تظلّ بعيدة إلى النهاية عن الفلاحين يمكن أن تدفع إلى الإطاحة الثورية بالنظام القديم. حتى عند السّماح بمثل هذه المبالغة الموجودة فى " ثورة داخل الثورة" ألا تنطوى على بعض الحقائق ؟ ألم يقد كاسترو مجموعة رجاله إلى القيام بالثورة فى كوبا؟ ألم تنجح الغيفارية فى كوبا؟
يعتمد كلّ هذا على ما نعنيه "بالنجاح".صحيح أنّ كاسترو قد حقّق فعلا إفتكاك السلطة و أن نظام باتستا قد أطيح به و أنّ تغييرات كثيرة حصلت فى المجتمع الكوبي. إلاّ أنّه فى ما يتعلّق بالمشاكل الأساسية للمجتمع الكوبي- و نعنى بذلك موقع هذا المجتمع فى العلاقات العالمية كأمّة مضطهَدَة و تابعة بكلّ ما يعنيه ذلك من تفرّعات - فقد كان التغيير فى الشكل أكثر منه فى المضمون. وفى ما يخصّ مسألة الأرض يمكن قول إنّ نظام كاسترو أتمّ بالأساس السيرورة التى شرع فيها نظام باتستا: فالإثنان حوّلا فلاحة كوبا إلى عملية جماهيرية مبلترة متجهة نحو إنتاج السكّر .و نعم وضعت المزارع القديمة التي كانت مملوكة مباشرة سواء للشركات الأمريكية أو الكمبرادورية الكوبية بأيدى الدولة. بيد أنّ الجماهير فى قطاع الفلاحة ظلّت مجرّد بروليتاريا لا تتحكّم أو تشرف البتّة على عملها و هيكلة الفلاحة الكوبية ذات التوجّه الواحد ( التوجّه إلى انتاج سلعة مهيأة للتصدير هي السكّر) و دخول إنتاج السكّر الكوبي ضمن متطلبات و انساق الرأسمال الإمبريالي (حتى و إن كانت الإمبريالية السوفياتية ) ظلّت كلّها على حالها. و لا يتمثّل الإختلاف إلاّ فى التحديات و الأتعاب التى ستتكبّدها فى البداية المجموعة الجديدة من الإداريين و التى تتمثّل فى اللغة التى سيستعملها السادة الإمبرياليون الجدد لإملاء أوامرهم.
إنّ تجربة كوبا ( وهنا ندعو القرّاء مرّة أخرى إلى العودة إلى "كوبا : أسطورة تبخّرت " لأجل تحليل أعمق و معطيات أشمل) تُشير مرّة أخرى إلى أنّ الإمبريالية فى غالبية الأمم المضطهَدَة لا يمكن أن يقضى عليها نهائيّا دون إستنهاض الفلاّحين و البروليتاريا الفلاحية و اشباه البروليتاريا و ذلك لإجتثاث جذور الإرث الإقطاعي الإضطهادي فى الريف و إعادة هيكلة الفلاحة شيئا فشيئا من الأسفل إلى الأعلى و من تحت إلى فوق بهدف كسر سلاسل التبعية و خدمة للثورة العالمية. و مسألة الأرض فى هذه البلدان مسألة جدّ جوهرية و جدّ مرتبطة بالهيكلة العامة للهيمنة الإمبريالية حتى تحُدّ نوعا ما أو تعالج أساسا عبر تأميم المزارع الكبرى.
و حتى و إن قبِل المرء بجميع تعليلات الغيفارية ( المشكوك فيها) و حتى إن تجاهل الدور الإنفجاري لدى الفلاحين( للإتحاد مع ما سيكونون الأعراف الجدد) ،و حتى إن تخلّينا عن جوانب من ما حدث فى كوبا من 1953 إلى 1959، فإنّ الأمر هو أنّ هذا الطريق لا يمكن أن يقود إلى تحرير حقيقي. هنا يقدّم طريق مختصر.نحتاج فقط إلى إستجماع الشجاعة و إعادة النظر بشأن التكتيكات العسكرية و مواجهة العدوّ. و تمتدّ كذلك هذه العقلية المبنية على "إختصار الطريق" إلى مكوّنات أخرى من الغيفارية أي نظرتها لدور الحزب فى الحرب الثورية و للعلاقة بين الحزب و الجيش .و تبعا لذلك يظهر أمر آخر هو ما يعكسه السؤال التالى و إجابة كلّ من كاسترو و غيفارا و دوبريه عليه وهو : إذا لم يكن الفلاّحون تحت قيادة العمّال فتحت قيادة من سيكونون؟
------------------------------------------------------------------------------------------------------------
3
==============================================
تطفو مسائل كثيرة على السطح عند دراسة الخطّ الغيفاري حول مسألة علاقة الحزب بالجيش فى الآن نفسه الذى تبدأ فيه أسس إيجابات على مسائل أخرى بالظهور. لقد دافع غيفارا و دوبريه عن أنّ فوكو الأنصاريين يجب أن يكون مستقلاّ تماما عن مراقبة الحزب و قد علّلا ذلك بأن النضال المسلّح يقع فى الريف و عليه فإنّ القيادة ينبغى أن تكون مركّزة فى الريف و ذلك لغاية مزدوجة هي التوجيه الجيّد للنضال و تجنّب وقوعها فى يد البوليس؛ و إلى جانب هذا التعليل شدّدا على أنّ النضال و التكوين الإيديولوجي و النضال السياسي فى صفوف جيش الثورة ليس فى أحسن الأحوال سوى لهو غير مجد و أمّا فى أسوئها فهو لهو قاتل. و بالنسبة لدوبريه ،الوحدة السياسية الضرورية ستبنى فى خضمّ المعركة و سوف تصاغ الإستراتيجيا و التكتيكات الضرورية للإنتصار من الدروس التى توفّرها كلّ معركة مع العدوّ .
هل تحاجج الغيفارية هنا من أجل الخطّ العفوي الكلاسيكي- مستهزئة بالدور المفتاح القيادي للحزب؟ فى حين يبدو أنّ ذلك هو شكل المسألة فإنّ هناك بعض الإختلاف الذى يجسّده المقترح العملي للتعايش مع بعض الأحزاب التحريفية الموجودة؛ و لفهم الشكل و الجوهر و علاقة هذا بذاك يصبح من الضروري الشروع فى فحص أهمّ نقاط دوبريه بصدد علاقة الحزب و الجيش كما يطرحها .
يسعى دوبريه لإستخلاص الدرس من تجربة الإنتفاضات الأنصارية التى فشلت فى بداية الستينات و يستعرض العديد من مشاكل الفشل لينتهى إلى السماح بإستقلالية الفوكو. فمثلا واحد من المشاكل الحادّة فى هذه الإنتفاضات كان القبض على القادة و قتلهم. و يشير دوبريه إلى التنقلات الخطيرة التى قام بها هؤلاء القادة إلى المدن بهدف التربية السياسية و توفير المساندة .و مقابل ذلك يرى أنّ الأنصاريين طالما ظلّوا بالجبال فإنّ القبض عليهم أمر غير ممكن تماما و كلّ ما يستطيع أن يفعله البوليس و المستشارين الأمريكان هو الإنتظار فى مجالهم حتّى يأتى قادة الأنصاريين إلى المدن"( دوبريه ، صفحة 69).
و فوق ذلك، يجادل دوبريه أنّ" غياب السلطة السياسية (محيلا فى هذا السياق على سلطة الفوكو فى تحديد خطّه السياسي و العسكري الخاص) يقود إلى إرتباط لوجستيكي و عسكري لقوى الجبل بالمدن.و عادة ما يفضى هذا الإرتباط إلى تخلى المدن و قياداتها عن القوات الأنصارية " (صفحة 69) و يعيد دوبريه رواية تجربة إحدى الحركات غير المسماة فى أمريكا اللاتينية و التى كان قائدها العسكري يتحصّل على مئتي دولار سنويا فقط من قبل القيادة المركزية بالمدينة و ذلك لكي يشتري بها السلاح و المؤن إلخ .وهذا نقد غير مباشر للحزب الشيوعي الفنزويلي الذى تخلّى سنة 1965 عن حركة الأنصاريين التى كان طرفا فيها .و نقد دوبريه أيضا تلك الأحزاب التى وظّفت أجنحتها المسلّحة فى شتى المناورات البرلمانية . و من جديد يفهم المرء النقد الضمني الموجّه للأحزاب الشيوعية فى أمريكا اللاتينية التي لا تزال تشارك فى بعض النضال المسلّح فى تلك الفترة.
تعبّر الكثير من محاججات دوبريه دفاعا عن سلطة الفوكو/ الجبل و إستقلاليته عن إشمئزاز عديد الثوريين الشرفاء من الأحزاب التحريفية السخيفة و مساهماتها فى النضال المسلّح (إن فعلت ذلك) و هي عادة ما تتراجع عنه. و سرعان ما إنتهى هذا الإشمئزاز من التحريفية فى شكلها الكلاسيكي- ممثلة فى اللعبة البرلمانية - إلى معارضة دوبريه لأية تربية سياسية مهما كانت، فهو يعارض بقوة وجود مفوّضين سياسيين فى وحدات الجيش و المدارس العسكرية لتدريب الكوادر. و يستشهد هنا بكاسترو: " على أولئك الذين يبيّنون قدرة عسكرية أن يتحمّلوا المسؤولية السياسية "( دوبريه ،صفحة 90)
هنا تجمعت الكثير من التناقضات المتنوّعة بما فى ذلك التناقض بين المدينة و الريف خلال فترة الحرب و التناقض بين الحزب و الجيش و التناقض بين اشكال النضال البرلماني و المسلّح فلنحاول و لو بإيجاز فرز الأمور:
أوّلا: أين يجب أن يكون مركز الحزب خلال فترة حرب الأنصار؟ إذا ما تركّز فى الريف كما يجب و كما كان ذلك بالفعل خلال الحرب الثورية فى الصين، فبالتالى ألا تكون معارضات غيفارا حول الحصول على السلاح العسكري فى إرتباط بالسياسي -و على الأقلّ حول تلك المعارضات المتعلّقة بسلامة القادة العسكريين و عدم قدرة كوادر المدينة على فهم " أدنى أهمّية لشحم بندقية أو لقطعة قماش"- قد بدأت تتضح بل تؤكّد على ضرورة توفير القيادة السياسية للنضال العسكري حيث هو ؛ يقول دوبريه فى البداية إنّ الحزب (و يفهم من الحزب وجوده فى المدينة) و الفوكو يجب أن يكونا قادرين على القيام كلّ بعمله.لماذا يعارض بشدّة خوض نضال إيديولوجي و سياسي حول مسائل ،كما يجب أن يكون أي تركيز حقيقي لعمل الحزب، خوض الحرب الثورية أو الإعداد لخوضها ؟
أمّا فى ما يتصل بالعلاقة بين الحزب و الجيش فإنّ دوبريه يشير إلى أنه يناهض "التصنيف العالمي الشامل للتجربة" بما فى ذلك الثورة الروسية و الحروب الشعبية التى خيضت فى الصين و فيتنام و معارضته أيضا لقيادة الحزب للعسكري وهو يرفض التطرّق لأسباب توصّل الماركسية العالمية لذلك الإستنتاج.
لكلّ ذلك علاقة وطيدة بكيفية رؤية المرء لدور الحزب و مهام البروليتاريا فى الثورة . فعلى الحزب أن يعمل كطليعة ثورية للبروليتاريا فى كلّ المجالات. و هذا يتطلّب القيام بتحليل أساسي للوضع الأممي ووضع الطبقات داخل البلد المعيّن و يتطلّب تطوير برنامج و إستراتيجيا ثورة على ذلك الأساس ة تربية الجماهير على هدف النضال و طريق الإنتصار و تطوير خطّ عسكري صحيح و بناء جهاز عسكري للقيادة الفعلية للنضال المسلّح. والمهمّة الأخيرة حيوية للغاية و لذلك لا يمكن أن تقاد هذه العملية على أساس صحيح دون القيام بالتحليل الأساسي للوضع الطبقي و العالمي و دون تطوير إستراتيجيا و برنامج للثورة. و إذا لم تستنهض الجماهير خلال الحرب و لم يرتفع أيضا وعيها حول ضرورة خوض الحرب و كيف يمكن أن يقع إعدادها ( الجماهير) لإفتكاك السلطة السياسية ،بالتالى ما هو هدف خوض الحرب حالئذ؟ كيف ستفتكّ الجماهير السلطة السياسية؟ لقد لخّص بيان الحركة الأممية الثورية بدقّة كاملة التجربة التاريخية لهذه النقاط كما هي مطبّقة عمليا فى الأمم المضطهَدة:
" و من أجل تتويج ثورة الديمقراطية الجديدة، يترتب على البروليتاريا أن تحافظ على دورها المستقل و أن تكون قادرة على فرض دورها القائد فى النضال الثوري وهو ما تقوم به عن طريق حزبها الماركسي -اللينيني-الماوي . و قد بينت التجربة التاريخية مرارا و تكرارا أنه حتى إذا ما إشتركت فئة من البرجوازية الوطنية فى الحركة الثورية فإنها لا تريد (ولا تستطيع ) قيادة ثورة الديمقراطية الجديدة و من البداهة إذا ألآ توصلها إلى نهايتها. كما بينت التجربة التاريخية أن "جبهة معادية للإمبريالية " (أو "جبهة ثورية " أخرى من هذا القبيل ) لا يقودها حزب ماركسي-لينيني – ماوي لا تؤدى إلى نتيجة حتى إذا ما كانت هذه الجبهة (أو بعض القوى المكوّنة لها ) تتبنى خطا "ماركسيا" معينا أو بالأحرى ماركسيا كاذبا . و بالرغم من أن هذه التشكيلات الثورية قد قادت أحيانا معاركا بطولية بل و سدّدت ضربات قوية للإمبريالية ، فإنها أظهرت أنها عاجزة على المستوى الإيديولوجي و التنظيمي ،عن الصمود أمام التأثيرات الإمبريالية و البرجوازية. و حتى فى الأماكن التى تمكّنت فيها هذه العناصر من إفتكاك السلطة، فإنها بقيت عاجزة عن تحقيق تغيير ثوري كامل للمجتمع فإنتهت جميعا ، إن عاجلا أم آجلا ، بأن قلبتها الإمبريالية أو أن تحولت هي نفسها إلى نظام رجعي جديد يعمل اليد فى اليد مع الإمبرياليين.. .
ويتعين على الحزب الماركسي -اللينيني- الماوي لا فقط أن يسلّح البروليتاريا و الجماهير الثورية بوسائل فهم طبيعة المهمّة الموكولة للإنجاز مباشرة (إنجاح الثورة الديمقراطية الجديدة ) و الدور و المصالح المتناقضة لممثلى مختلف الطبقات (الصديقة أو العدوّة ) و لكن أيضا أن يفهمهم ضرورة تحضير الإنتقال إلى الثورة الإشتراكية وواقع أن الهدف النهائي يجب أن يكون الوصول إلى الشيوعية على مستوى العالم . "( "بيان الحركة الأممية الثورية "، فقرة "المهام فى المستعمرات..." ).
و لا يعنى هذا فى شيئ الإنتقاص من ضرورة أن يشدّد الحزب على المسائل العسكرية .فالمرء يحتاج فقط إلى الإطلاع على الكتابات العسكرية المطوّلة لماو تسى تونغ (الذى طوّر بالفعل الفهم الفعلي و الحقيقى الشامل للنظرية العسكرية الماركسية) فالصراع حول الخطّ العسكري الذى كسبه فى الأخير ماو فى كنفيرنس تسونين 1935 قد ركّز كلّ الصراعات بين الخطين داخل الحزب الشيوعي الصيني على هذه المسألة و لم يكن الأمر حدثا عابرا فقد كانت البندقية الشكل الرئيسي للنضال و فى ذلك الوضع بات الخطّ العسكري هو التعبير المكثّف للخطّ السياسي.
و مع ذلك فإنّ دوبريه يصوّر الصراع حول الخطّ السياسي كلهو و ليس أكثر من تعلّة لتجنّب المسألة المركزية ألا وهي خوض الإنتفاضة. و لا شكّ فى أنّ قلّة من التحريفيين قد مثّلوا أساس مثل هذه الصورة الكاريكاتورية غير أنّ دوبريه حاول أن يغطّي ما كان ماو تسى تونغ يشدّد عليه دائما : إذا لم تكن القيادة لخطّ فإن خطّا آخر سيتولى حتما القيادة. و الخطّ البروليتاري لم يتولى أبدا القيادة دون صراع . و قد شدّد لينين أيضا على ذلك فى مؤلفه "ما العمل؟" وهو الكتاب الذى يعرض فيه العلاقة بين الحزب و الحركة الثورية و الإعداد للإنتفاضة المسلّحة حيث كتب :" ولمّا كان من غير الممكن أن تكون موضع بحث "إيديولوجية مستقلّة يضعها العمّال أنفسهم فى مجرى حركتهم،" فليس يمكن أن تطرح المسألة إلاّ بالشكل التالى : إمّا إيديولوجية برجوازية و إمّا إيديولوجية إشتراكية . و ليس وسط بينهما ( لأنّ البشرية لم تصنع إيديولوجية "ثالثة" ،وفى مجتمع تمزذقه التناقضات الطبقية ، لا يمكن أن توجد أية إيديولوجية خارج الطبقات أو فوق الطبقات). و لذلك فإن كل إنتقاص من الإيديولوجية الإشتراكية و كلّ إبتعاد عنها هو فى حدّ ذاته بمثابة تمكين للإيديولوجية البرجوازية و توطيد لها...
و قد يتساءل القارئ لماذا إذن كانت الحركة العفوية ، حركة الإتجاه نحو أهون السبل ، تؤدى على وجه الدقّة إلى سيطرة الإيديولوجيا البرجوازية؟ ذلك لمجرد كون الإيديولوجياة البرجوازية من حيث منشؤها ، أقدم من الإيديولوجية الإشتراكية بكثير و لأنها مبحوثة بصورة أكمل من جميعالوجوه،و لأنها تتصرف بوسائل للنشر أكثر بما لا يقاس". ( لينين:"ما العمل؟"، فقرة "تقديس العفوية "رابوتشايا ميسل")
و فى ذات السياق، يجب أن نتحدّث عن تخلى دوبريه عن التربية السياسية للجنود . أليس هذا فعلا مخطّطا لإستعمال الجماهير كبش فداء؟ المفهوم الخاطئ القائل بأنّ "الجماهير ستعرف ما الذى تناضل من أجله" يجهل التاريخ المرير للقوى البرجوازية الجديدة العاملة من أجل مصالحها الخاصة الضيقة و يجهل توق الجماهير إلى رفع السلاح ضد مستغلّيها. وحتى دوبريه عند كتابته كان سيعترف بصحّة ذلك بالنظرلما حدث فى الجزائر مثلا فى حين يوفّر التاريخ أمثلة أخرى كإيران و نيكاراغوا. أن نبقي عمدا على أهداف الثورة ضبابية وننكر تسليح الجماهير بالوسائل النظرية الضرورية لتحرّرها و نحبط بالتالى مبادراتها مع تشجيع مبادرات أولئك الذين يهدفون إلى أن يكونوا مخلصين هو فى نهاية المطاف توفير فرص لحكّام جدد( "مستنيرين") .
فكيف يرتبط تأكيد لينين و ماو على حزب ممركز مع حاجة القادة المحلّينين للتمتّع بقدر من الإستقلالية؟ لم يخطئ غيفارا و دوبريه عند تأكيدهما على ذلك المظهر من الإستقلالية و لكن الأمر ليس بالضرورة متعارضا جوهريا مع الحاجة لحزب قويّ ، فماو تسى تونغ نفسه أولى أهمّية كبرى لذلك ذلك أنّ المبادرة هي المفتاح فى الحرب و القادة المحلّيين يستطيعون و بصعوبة المسك بها إذا ما تعيّن النظر و إعادة النظر فى كلّ مخطّط . و تظلّ مسألة أيّ أساس لتلك الإستقلالية مطروحة. إذا كانت هذه الإستقلالية ستغذّى النضال المسلّح ككلّ فعلى القادة أن يكونوا متّحدين جيدا حول الخطّ العسكري الأساسي للحزب و مبادئ العمليّات المرسومة لكافة الحزب و المفاهيم الإستراتيجية العامة و الخاصّة بمختلف الميادين إلخ. و فى الأخير يجب أن يستند كلّ هذا على الخطّ السياسي و أهداف الحزب و إلاّ فإنّ عمليات الأنصاريين ستصبح بغير هدف و جداولا لا تقود إلى أي نهر و من الممكن أن تنضب.
بيد أنّ غيفارا و دوبريه لمّا تناولا التأكيد المشدّد على تطلّب النضال المسلّح للإستقلالية ، نفيا مرّة واحدة أهمّية القيادة و الوعي السياسي معا. لماذا لم يتحدّثا بدلا من ذلك عن مسألة أي نوع من الأحزاب يتعيّن بناؤه ليقود فعلا النضال المسلّح؟
وفى الأخير نعرّج على المسألة السياسية للعلاقة بين النضال البرلماني و النضال المسلّح. فعادة ما كانت الأحزاب الشيوعية التحريفية - فى تلك الفترة - ترى ، و إن كان بعضها يخوض الكفاح المسلّح، أنّ هذا النشاط ليس سوى سند لمختلف المناورات البرلمانية (6).و قد عارض دوبريه و غيفارا هذا التوجّه. لكنّ حلمهما كان إستقلالية الفوكو وهو مرّة أخرى سقوط فى الخطإ و يمكن أن نسألهما : لماذا لا يخاض نضال فى صفوف الثوريين حول الطريق الصائب إلى الأمام؟ لماذا يقع الإصرارببساطة على هذا النوع من التوجّه :"تفعلون ما تشاؤون و نفعل ما نشاء"؟
بعد كلّ شيئ ،إن لم تعد الأحزاب التحريفية فى أمريكا اللاتينية مع الثورة و تآكلت و على النطاق العالمي ما زالت أحزاب شبيهة لها لم يصبها التآكل و التحوّل إلى عداد المعادين للثورة فلم لا يقام نضال صريح و لا يقع القطع مع هذه و تلك فى كلّ المجالات إيديولوجيا و سياسيا و عسكريا و تنظيميا وعلى هذا الأساس يشكّل حزب طليعي جديد؟ و مثل هذا الصراع كان فى تلك الفترة يخاض بالملموس و عالميا و داخل القارة الأمريكية اللاتينية من قبل القوى الماركسية-اللينينية التى ساندت ماو تسى تونغ فى نضاله ضد التحريفية العالمية غير أن غيفارا و دوبريه عارضاه بعنف فلماذا؟
أوّلا، و مثلما أشير إلى ذلك سابقا، لم يكن فى ذهنيهما نوع من الثورة التى يحتاج إنجازها إلى طليعة لينينية حقّة ، فقد كانا يرميان إلى مجرّد تحريك للوضع و إلى أن "يحرّك محرّك صغير محرّك كبير" وبالتالى التوجه للشروع من هناك كما أكّد ذلك دوبريه. فالتوجه هو إحداث ازمة داخل النظام الحاكم و محاولة عقد إتفاق مع القوى البرجوازية الأخرى و شنّ إنتفاضات شعبية - إلى حدود - ثمّ ركوبها إلى السلطة أو إلى دور فى تحالف حكومي .و لقد كان هذا "المثال الكوبي" الحقيقي هوالمتحكّم بأذهان هذه القوى. لذلك إن لم تكونوا تحاولون إستنهاض الجماهير للإجتثاث الحقيقي للعلاقات الإجتماعية القديمة و التغيير الإجتماعي الواعي ، و إن لم تكونوا تنتظرون إنجاح حرب الشعب وفق هذا الهدف ، فلماذا تحتاجون حقيقة إلى حزب لينيني؟
ثانيا، و فى إرتباط بديهي بهذا فإنّ البرنامج و الإستراتيجيا الخاصين الذين كان غيفارا و دوبريه يدفعان بإتجاههما و الطريقة التى كانا ينظران بها إلى القوى المتشكّلة فى أمريكا اللاتينية و على نطاق أممي قد حكما موقفهما من أية محاولة لبناء حزب جديد فى تناقض مع الأحزاب الشيوعية التحريفية .إنّهما سيناضلان من أجل الإستقلالية و سيطرحان أحيانا مسألة الهيمنة لكنّهما كانا يقظين للغاية لعدم المخاطرة بخلط أوراق لعبة التحريفية عامّة.
وسيبرز ذلك بصفة أجلى عند تناول الوضع العالمي آنذاك و كيف أنّ غيفارا و دوبريه (و كاسترو أساسا) قد صاغا مواقفهما فى هذا المضمار.
----------------------------------------------------------------------------------------
4
=======================================================
ظهرت الغيفارية فى وضع أممي متميّز و إرتبط محتواها بديناميكية ذلك الوضع .فخلال الستينات من القرن العشرين كان توجّه الإمبريالية و على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية نحو مزيد الإستغلال للأمم المضطهَدة و ضدّ مقاومة جماهير تلك البلدان. وهو ما مثّل التناقض الرئيسي فى العالم حينها وهو الذى حدّد سياسات ذلك العقد وتجسّد فى مقاومة الأشاوس الفتناميين لعدوان الولايات المتحدة الأمريكية بما جعل هذا التناقض يزداد إتساعا و حدّة خلال تلك الفترة التى كانت متميّزة كليا عن سابقتها.
و مع ذلك ،لم يكن هذا التناقض الوحيد فى العالم و الوحيد العاصف بأحداثه ،فقد كان هناك طابع خاص لنزاع السوفيات مع الولايات المتحدة الأمريكية خلال تلك الفترة، إذ أن السوفيات إتبعوا أساسا سياسة وفاق مع الولايات المتحدة من أجل مصالحهم الإمبريالية . فرضت عليهم الضرورة و بصفة تكتيكية محاولة تأمين جيوب من التأثير هامة –وحتى السيطرة -أحيانا و بالخصوص على حكومات العالم الثالث بينما يتمّ تجنّب الصدام المباشر مع أمريكا التى كان تفوّقها العسكري آنذاك لا يقبل الشكّ فيه. و كان ذلك إعدادا لهجوم أشدّ على الولايات المتحدة الأمريكية عندما تسمح الظروف المتغيّرة بذلك فقوى الثورة و المعارضة حينذاك لم تكن على حال اليوم شديدة الإرتباط بالتحريفية السوفياتية بل كانت تنزع إلى الصين الإشتراكية أو إلى شعارات التحريفية السوفياتية الخاصة (أو إلى الإثنين معا ) من أجل إيجاد السبيل الذى بواسطته تنهض بالسلاح ضد الإمبريالية الأمريكية التى تعانى منها الأمم المضطهَدة.
و بدوره يشير هذا إلى التناقض الهام القائم بين الصين الإشتراكية حينئذ و كلّ من الكتلتين الإمبرياليتين معا . فقد واصلت الولايات المتحدة الأمريكية عدوانها ضد الصين منذ الخمسينات و بداية الستينات ،و قد ألهم رفض الصين الإستسلام ملايين لا تحصى من الجماهير فى العالم بأٍسره.و حاول التحريفيون السوفيات طوال أواخر الخمسينات و بداية الستينات السيطرة على الصين و إتخذت هذه المحاولة شكل التخريب الإقتصادي و تشجيع القوى المعادية للماوية داخل القيادة الصينية ،فى محاولة منهم لعزل الصين مدّعين أنّ موقفها المتصلّب ضد الإمبريالية الأمريكية قد نمّى أخطار حرب عالمية ( و قد قام السوفيات فعلا فى أواخر الستينات بهجمات عسكرية على الحدود الصينية و أجروا مناورات بحرية لهجوم نووي على مدن الصين)، وأدّى كلّ هذا إلى حدوث "تنافس" بين الصين و السوفيات حول مساندة نضالات التحرّر الوطني خاصة ضد الولايات المتحدة الأمريكية .و سعت الصين إلى التأثير فى هذه الحركات فى إتجاه ماركسي- لينيني حقيقي. ومن هذه التناقضات العالمية المتداخلة برز مرّة أخرى التناقض بين الأمم المضطهَدة و الإمبريالية معبّرا عن ذاته بموجة قويّة من نضالات التحرّر الوطني التى مثّلت العامل الرئيسي وأرضية ظهورت الغيفارية كإجابة سياسية (و إيديولوجية) خاصة بطبقة معيّنة.
عندما نحلّل أمريكا اللاتينية التى ظهرت فيها بالذات الغيفارية و كان لها تأثير كبير فى أوساط الجماهير و الطبقة البرجوازية الوطنية و البرجوازية الصغيرة، نفهم أهمّية الثورة الكوبية فى تبلور الغيفارية داخل هذه القارة أساسا. لقد ردّت الولايات المتحدة الأمريكية ،عدوّة الأمم المضطهَدَة، على الثورة الكوبية بالغزو و الإستخبارات و المحاولات الدبلوماسية لعزل نظام فيدال كاسترو إعدادا لعملية عسكرية ووصل الضغط على كافة حكومات أمريكا اللاتينية إلى حدّ طرد كوبا من منظمة الدول الأمريكيةفكان ذلك أكثر الأحداث درامية (الإنفجارات السياسية) بهذا الصدد. و ولّد كلّ هذا تعاطفا واسع النطاق فى صفوف الجماهير مع كوبا و كذلك ضمن شريحة هامة من البرجوازيين الديمقراطيين الثوريين داخل القارة . كانت الأنظمة الكمبرادورية فى أمريكا اللاتينية تطالب وفق تبعيتها للإمبريالية الأمريكية بمعاقبة حكومة البلد الوحيد فى القارة الذى كان يقف ضد امريكا. و عزّزت هذه الوضعية القوى المعتبرة ثورية أو راديكالية ديمقراطية برجوازية (7) و جعلتها تتقزّز من سلوك حكوماتها و من مواقفها الخاضعة للإمبريالية الأمريكية.
و نظرا إلى الإستقطاب الذى حصل ، دُفعت هذه القوى إلى خوض حروب ثورية فى عدد هام من بلدان أمريكا اللاتينية، حيث شهدت فينيزويلا مثلا سنة 1962 ولادة حركة أنصارية بقيادة حركة اليسار الثوري التى إنشقّت بإمتعاض عن الحزب الحاكم سنة 1960 و تعزّزت صفوفها فيما بعد برجال عسكريين إنتفضوا عام 1963 . و قد كانت غواتيمالا أيضا مجالا لحركة أنصارية إنطلقت سنة 1962 و لهذه الأخيرة جذور ذات دلالة كبيرة فى البرجوازية العسكرية فقد كان عنصران من عناصر قيادتها ، يون سوسا و لويس تورثيوس ،قد شاركا فى إنتفاضة نوفمبر 1960 ضمن الجيش ضد وجود قاعدة تدريب للإستخبارات الأمريكية تعدّ الكوبيين المنفيين لغزو باي أندريس . و فى البيرو ،ظهرت أيضا مجموعات أنصارية بعد بضعة سنوات و جميع قادتها يعودون إلى منظّمة مسمّاة أيضا حركة اليسار الثوري وهي إنشقاق عن حزب أبرا الحاكم أمّا فى كولمبيا فقد إستمدّ جيش التحرير الشعبي قوته السياسية من عناصر منشقّة عن الحزب الليبرالي البرجوازي.
و فى نفس الوقت ، كانت الأحزاب التحريفية لأمريكا اللاتينية تشهد مخاضا كبيرا، إذ أصبحت بعض هذه الأحزاب غير قانونية أو عرضة لقمع غير عادي مع نهوض الثورة الكوبية بما فى ذلك أحزاب فينيزويلا و كلومبيا .هذا من جهة و من جهة أخرى ،أثار إنتصار الثورة الكوبية مقابل فشل هذه الأحزاب طيلة 40 سنة مسائلا كثيرة فى صفوف الجماهير و مارس ذلك ضغطا كبيرا على التحريفيين حيث كان الشباب يطالبون بالتحرّك .
وفى النهاية، تأثّرت قطاعات هامة من هذه الأحزاب بالإنقاشات و الجدال الصيني ضد تشديد السوفيات على مبادئ "الطرق السلمية الثلاثة" ( التعايش السلمي و التحوّل السلمي إلى الإشتراكية فى البلدان الرأسمالية و التنافس السلمي لإنتصار الإشتراكية على الرأسمالية على النطاق العالمي ) . و قد حصل هذا الضغط الحاد الداخلي فى وضع إتّسم و لعدّة سنوات من بدايات إلى أواسط الستينات بالمراحل الأولى للإنتفاضات فى كلّ من فنزويلا و غواتيمالا، هذا ما جعل التحريفيين السوفيات يعتقدون فى ان الأنموذج الكوبي للثورات يمكن أن يحدث فى بلدان أخرى من امريكا اللاتينية،و قد أصبح هذا الخطّ أكثر وضوحا و صراحة بعد فترة سقوط خروتشاف و لذلك وُجد دفع قوي لهذه الأحزاب التحريفية فى القارة لخوض النضالات المسلّحة التى كانت تبزغ فى أمريكا اللاتينية.
منذ 1965 ، طفقت الأمور تأخذ منعرجا آخر إنعكس على هذه القارة حيث قامت الإمبريالية المريكية بمبادرة كبرى شاملة محتوية "التحالف من اجل التقدّم" من جهة و على التدريب الواسع للضباط العسكريين و على التوسع المهول لنشاطات السي آي آي و على القيادة الممكنة للحركة الديمقراطية المسيحية . و سنة 1964 ، حدث إنقلاب فى البرازيل ضد غولارت( و ذلك بالأحرى بتنسيق مفتوح مع وكالة الإستخبارات الأمريكية السي آي آي) و كذلك غزت الإمبريالية الأمريكية الجمهورية الدومينيكية و منذ 1965 صار الأمر أوضح إذ أصبحت الولايات المتحدة الأمريكية مستعدّة لإستعمال كلّ ما بوسعها ضد أية مبادرة حتى و إن كانت نصف وطنية (فما بالك إن كان الأمر تحدّيا ثوريا عاصفا).
وفى نفس الوقت وفى علاقة بهذا الوضع ، أخذت حركات الأنصاريين تدخل فى إضطراب فلم تعد الإنتفاضات فى غواتيمالا و كلومبيا تتقدّم ،و تلقى ثوريّو البيرو ضربة عنيفة أمّا فى فنيزويلا فقد رفعت الحركة رأسها قليلا فقُتل كلّ من فبريسيو أوخيدا و كامليو تورس و ألقي القبض على لويس دولابوانت و حكم عليه ب20 سنة سجنا و إستسلم بعض القادة الديمقراطيين الثوريين (مثل دومنغو إنغال وهو أهمّ قائد لحركة اليسار الثوري) الذى تخلّى عن النضال المسلّح .
و قد قيّم الإمبرياليون السوفيات الفترة على أنّها لا تعدُو بشيئ كثير فأقاموا وفق ذلك تحويرا فى سياساتهم و قرّروا ربط علاقات دبلوماسية و إقتصادية مع الأنظمة القائمة مستعملينها كشكل للتدخّل نتائجه أزيد من مساندة الثورات التى لم تعد تبدو قادرة على الإنتصار و التى حتى و إن إنتصرت فإنّه (من وجهة نظر السياسة الواقعية للسوفيات)من الصعب الدفاع عنها ضد الإمبريالية الأمريكية العاملة بسرعة متجدّدة .كما أنّ النزاع الصيني /السوفياتي أضحى آنذاك واقعا لا مفرّ من مواجهته و قد حدثت إنشقاقات تبعا لذلك داخل عديد الأحزاب الشيوعية فى القارة لذلك تراجع السوفيات عن المساندة الجريئة لهذه النضالات الثورية خشية تغلغل النفوذ الصيني من جهة و حفاظا على هذه الأحزاب التحريفية خاصة و أنّ الإنشقاقات قد تمّت فى صفوفها.
وأدّت كافة هذه العوامل- إضافة إلى عروض عفو جديد عن الأحزاب الشيوعية التحريفية - إلى جعل تقريبا كلّ هذه الأحزاب تتخلّى عن النضال المسلّح سنة 1965 و قد حدث هذا بالأساس فى فنيزويلا حيث كان النضال أكثر تقدّما .كان للحزب الشيوعي الفنيزويلي أكبر دور فى هذا النضال و قد جرى التراجع فى أفريل 1965 عن الجبهة الأنصارية و التخلّى عن النضال المسلّح من قبل القيادة و قد ادّى هذا إلى إنقسام هام فى صفوف الحزب على إثر خروج قائد الحزب دوغلاس برافو عن صفوفه.
فى هذه الفترة - 65/69 - لعبت كوبا دورا نسبيا فى محاولة قيادة هذه النضالات فقد وفّرت المساندة و المنفى و منحت النصيحة و بعض التدريب، إلاّ انّها مع ذلك لم تقم باية محاولة واقعية لتكوين مركز للثورة فى القارة. و لم يتوجّه تشى غيفارا الذى غادر كوبا سنة 1964 إلى بلدان أمريكا اللاتينية ، بل عوض ذلك ، قصد الكونغو أين حاول أن يربط علاقات مع حركة الأنصاريين التى كانت قائمة هناك.
ولكن الوضع تغيّر فى 1965/1966 بعد إستدعاء غيفار اللعودة إلى كوبا وعاد وكان الهدف إشعال فتيل الثورة فى أمريكا اللاتينية. و إحتضنت كوبا سنة 1966 أوّل ندوة لمنظّمة تضامن أمريكا اللاتينية.و عندما تمّ إستدعاء الأحزاب التحريفية لأمريكا اللاتينية لهذه الندوة، كانت كوبا قد خطّطت على قاعدة أنّ هذه الأحزاب مركز للقوى الراديكالية الديمقراطية غير الموالية و ليست مركزا للأحزاب الشيوعية المهتمّة بخوض النضال المسلّح ( لذلك طُردت كوبا تقريبا كلّ الأحزاب المناصرة للصين من الندوة وهو طرد ستفهم اسبابه لاحقا). و فى الوقت نفسه ، وقع جلب دوبريه إلى كوبا لكتابة مؤلّفه و قام غيفارا بتحضيرات البعثة إلى بوليفيا سنة 1966/1967.
لماذا حصل هذا التحوّل؟ لقد علّق كاسترو أهمّية كبرى على أحداث 1965 و ذلك من منطلق مصلحته ووفق زاوية نظره الخاصة. لم تكن كوبا لتخاف فقط من الإعتداء الأمريكي المتصاعد فى العالم (لا سيما فى أمريكا اللاتينية) بل كانت مستاءة أيضا من تراخى السوفيات إزاء الولايات المتحدة الأمريكية عندما بدأت بقذف فيتنام الشمالى بالقنابل فى فيفري 1965. و قد كانت لكاسترو نظرة متأنّية و جادة تجاه وعود السوفيات بمعاملة كوبا ك " جزء من الكتلة الإشتراكية لا يقبل الإعتداء عليه حتى و إن قامت الولايات المتحدة بإنزال فى هافانا..." فشمال فتنام لم يكن لا يقبل الإعتداء عليه فحسب بل كان أكثر قربا من منطقة نفوذ السوفيات. وقد علّق خوان بوش وهو ضحية سياسية لغزو الولايات المتحدة الأمريكية للدومينيك و عند قراءته لكتاب دوبريه أن أمريكا كانت سياسيا مصيبة و أكّد على أنّ على المرء أن يفهم أن " ينتظر فيدال كاسترو هجوما من الولايات المتحدة ، إنه ينتظر ذلك يوما بعد يوم و يخشى أن لا تقف روسيا إلى جانبه عسكريا حين يحصل ذلك ، و لا يأمل كاسترو أن يجعل " من شيوعييى العالم وطنيين كوبيين متحمّسين و ربما لم يكن يصدّق كليّا وطنية الشيوعيين الكوبيين،و يبدو فيدال كاسترو حسبما يمكن إستنتاجه مما يقول و يفعل معوّلا أكثر على وطنية شباب أمريكا اللاتينية أكثر مما يعوّل على الأحزاب الشيوعية فى القارة التى يراها تتراجع فى مساندتها لتنظيم الأنصاريين فى كلّ القارة كما أنّه يخشى أن تتبع هذه الأحزاب المتكوّنة خلال الفترة الستالينية الخطّ الروسي للتعايش السلمي مع الولايات المتحدة الأمريكية و التى لن تقوم بأي مجهود جدّي للحيلولة دون هزيمة كوبا لو حصل هجوم أمريكا الشمالية"( هوبرمان و سويزي ، 1967، صفحة 104).
وتجد هذه الرؤية الإستراتيجية تعبيرا عنها فى فهم غيفارا للوضع العالمي و ذلك بصفة جدّ ساخرة فى رسالته المضمّنة لندائه الشهير " فيتنامان ، ثلاثة فيتنامات ، عديد الفيتنامات" و قد شخّص غيفارا بصفة صحيحة التناقض الرئيسي بين الإمبريالية الرأسمالية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية و بين الأمم المضطهَدة و أكّد على أن حرب الفتنام تدخل ضمن هذا التناقض غير أنّه قام بتحليل ذلك وفق طريقته الخاصة:
" هذه هي الحقيقة المُرّة : فيتنام أمّة تمثّل طموحات و آمال كلّ شعوب العالم المنسيّة ، فيتنام يوجد ماساويا وحده،على هذه الأمّة أن تتحمّل الهجمات المسعورة لتكنولوجيا الولايات المتحدة ، لا إمكانية للردّ فى الجنوب و بعض الدفاع فى الشمال، لكنه يظلّ دائما وحده، و اليوم تشبه مساندة كلّ القوى التقدّمية فى العالم لشعب فيتنام الموت المرّ للمواطنين العاديين الرومانسيين المشجعين للعبيد فى قتالهم حتى الموت فى ساحات روما ،و ليست المسألة مجرّد تمنّى النصر لضحية العدوان بل تقاسم المصير و على المرء أن يذهب معه إلى موته أو إلى الإنتصار.
إنّنا حين نحلّل وضعية فيتنام الذى يجابه شعبه العدوان وحده يتملكنا الحزن جرّاء هذا الذهول غير المنطقي الذى تعيشه الإنسانية اليوم"( بوناتشيا و فالديس 1969، صفحة 172).
فى حين كان النضال فى الفتنام ضد الإمبريالية يتشعّب و يصبح أصعب و فى حين كان الإتحاد السوفياتي يشيح بوجهه عن الإشتراكية و تبعات ذلك من بيع لنضالات التحرّر الوطني ، رأى غيفارا أن ّ ذلك يجعل من فيتنام "مأساويا وحيد" وهو تفسير خاطئ و خاطئ للغاية ينمّ عن حالة من الإحباط الذى قد تنجم عنه المغامراتية. و حسب خطإ هذا التفسير يكمن أوّلا فى أنّ الفيتنام كان فى نضاله مسنودا مباشرة من قبل الصين التى ضمنت له الساحة الخلفية .و ثانيا ، أنّه ثمّة عدد لم يسبق له مثيل من نضالات التحرّر الوطني المخاضة فى العالم حينها (إضافة إلى الإستفاقة الثورية التى كانت فى بدايتها فى الحصون الإمبريالية ذاتها مثل إستفاقة شعب السود فى الولايات المتحدة الأمريكية و تعدّد إنتفاضاتهم ) و إن لم يصل أي نضال من النضالات بعدُ إلى قمّة ما وصلت إليه الفيتنام، فإنّ ذلك لا يمكن أن ينتقص من أهمّية الرياح الحقيقية التى كانت تعصف بالإمبريالية و إحتمالات العواصف القادمة التى قد تكون أكثر جدّية لو كانت الحركة الثورية فى موقع اقوى وهو أمر يتحمّل فيه كلّ من غيفارا و كاسترو درجة هامة من المسؤولية . أمّا غيفارا فإنه حين تحدث عن النضالات الأخرى فإنّه إعتمدها لتأكيد خطّة "مأساويا وحيد" فى التفكير ف "النضال ضد البرتغال يجب أن يحقّق النصر" مثلما قال ، لينتهى إلى أن "البرتغال لا تعنى شيئا على مستوى الإمبريالية" ( بوناتشياو فالديس 1969 ، صفحة 176) .
يندّد موقف غيفارا بنفس الدرجة بالإتحاد السوفياتي و بالصين لتخليهما عن دورهما الأممي ، السوفيات لعدم تجرّئهم على مواجهة الولايات المتحدة الأمريكية فيما يتعلّق بقنبلة فيتنام الشمالي ،و الصين لإستمرارها فى جدالها ضد السوفيات ( وبالتالى شقّها المفترض لصفوف "الكتلة الإشتراكية") . و بخصوص نقده للسوفيات فإنّ غيفارا كان يعكس الإهتمام الكوبي بالتعويل على الضمانات السوفياتية لإستقلال كوبا التى يقول عنها السوفيات إنهم إفتكوها من كينيدي مقابل إستسلامهم خلال أزمة الصواريخ سنة 1962.وهو يقصد أن يتحرّك السوفيات بعدوانية أكبر فى تحقيق مصالحهم الإمبريالية .و هذا يفسّر ترحيب فيدال كاسترو عام 1968 بغزو السوفيات لتشيكوسلوفاكيا . و لنعالج بإقتضاب سبب هجمات غيفارا علي الصين.
لقد كانت المسألة بالنسبة إلى القيادة الكوبية مسألة ملحّة و إستعجالية إذ كانت ترى أن بقاءها فى السلطة و على قيد الحياة مرتهن بإعادة إحياء حركة الأنصاريين ، ومن المهمّ إدراك أنّ هذا الفهم الوطني الضيّق هو الذى قاد الكوبيين إلى تشجيع مبادرة غيفارا (8) ذلك أنّه إذا توصّلت أيّ من حركات الأنصاريين إلى السلطة فإنّه سوف يكون لكوبا حليف على القارة و ذلك حتى لو لم تنتصر هذه الحركات فى أقرب وقت فإنّه يوجد على الأقلّ تهديد حقيقي لأمريكا التى ستكون فى ذات الوقت قواتها مشتّتة فى تصدّيها لنضالات الأنصاريين و بالتالى سيخفّ ضغطها على النظام فى كوبا و كذلك ستوجد إمكانية التنازلات عن طريق التفاوض مقابل تنازلات أمنية نتيجة ترجيح حركات الأنصاريين كفّة كوبا. ( مع أنّ هذه الإمكانية تحمل الكثير من اللاأخلاقية من جهة الحركة الكوبية التى ما فتئت تعلن عن مثلها العليا فى حين أنّ فيدال كاسترو لم ينبس ببنت شفة بشأن إغتيال الحكومة المكسيكية لمئات الطلبة خلال إنتفاضة 1968،لأن حكومة المكسيك آنذاك كانت الحكومة الوحيدة فى القارة التى تربطها علاقات بكوبا).
لقد إرتأى غيفارا بناء هذه الحركات من القوى البرجوازية الراديكالية و من مساندي الأحزاب التحريفية فتلك هي القوى التى بإمكانها أن تتحرّك فى ظرف وجيز لتحقّق هذا المشروع المخطّط له و الموجّه لكلّ القارة، أمّا الظرف الزمني الوجيز فقد كان مفتاح الأفق الكوبي لأن الكوبيين شعروا فعلا بأنّ التهديد الأمريكي لهم تهديد حقيقي و حالي.
فكيف كان لهذا التحالف أن يبنى إذن؟ أوّلا ، أتت دعوة البرجوازية الديمقراطية الراديكالية إلى ذلك بحكم قوّة الحاجة الملحّة و لذلك يجب الربط مع الفترة السابقة من حركات الأنصاريين و نضالاتهم وهذا جزء من المهمة الموكلة لكتاب دوبريه "ثورة داخل الثورة"(9)، و ثانيا ، كان الراديكاليون على علم بخيانة الأحزاب التحريفية و متأكّدين من أنه من الضروري إدراك أنّ هذه الأحزاب ستظلّ مرتبطة بموسكو و تظلّ لها هيكلتها و تنظيمها رغم إنهيارها الإيديولوجي و ردّتها ،إنهيار لم يكن تاما. لذا كانت القوى الراديكالية ترى ضرورة أن تحافظ على المساعدة السوفياتية التى تعتبرها لازمة لأية محاولة للقطع مع الولايات المتحدة الأمريكية أو كسب أي موقع تفاوضى أفضل تجاه الإمبريالية الأمريكية.وقد كانت القوى البرجوازية الراديكالية تدرك أنّه إن أمكن جرّ الأحزاب الشيوعية لأمريكا اللاتينية إلى تحالف فإن مساندة الإتحاد السوفياتي تغدو واردة و ممكنة أكثر. هذا فضلا عن ضمانة الكوبيين المجربين لقيادة المعركة العسكرية ( بما فى ذلك قيادة غيفارا شخصيا). و كلّ هذه المعطيات كانت فاعلة فى المحصلة النهائية لتقديرات هذه القوى البرجوازية الديمقراطية الراديكالية.
أمّا فى ما يتصل بالأحزاب التحريفية ، فقد أمل الكوبيون فى خلق ضغط كاف من أجل تحييدها إن لم يقع جرّها إذا أمكن الأمر لتقديم الإعانة اللوجستية بإتفاق مع الأنصاريين. و من هنا جاءت هجمات كاسترو اللاذعة على الحزب الشيوعي الفنيزويلي و مواقفه فى ندوة أولاس شاجبة الخطّ القديم للأحزاب التحريفية و خالقة أبهة لكتاب دوبريه ذاته وكلّ ذلك بهدف شقّ صفوف هذه الأحزاب . هذا من جهة و من جهة أخرى، أمل كاسترو أن تساعد الإعانات المقدمة إلى بعض الأحزاب على تحقيق إنتصار سريع يساهم فى إيجاد لحمة لهذا التحالف ( أعطى مباشرة 25 ألف دولار إلى قيادة الحزب الشيوعي الفينيزويلي مثلا) .
هذه الأوضاع جميعها تفسّر لماذا لم يدفع كلّ من غيفارا و دوبريه بالصراع الإيديولوجي ضد الأحزاب التحريفية إلى أقصاه و تفسّر لماذا عوضا عن ذلك خيّرا الإنطلاق من بديل و تحالف معها ؛ فالنضال الإيديولوجي يمكن أن ينتهى إلى القطع مع هذه الأحزاب وهو ما سيجعل الأمر غير ممكن فى ما يتصل بما يحتاجه الغيفاريون بصفة ملحّة و عاجلة من الخطّ القديم للتحريفيين؛ فلم يكونوا يأملون تحطيم هذه القوى و لا جعلها تغيّر توجّهها و أقصى ما كان يريده غيفارا منها هو شبكة عمل فى المدن يمكن أن يعوّل عليها الأنصاريون و بعض القدرة على إرسال فئات من مجموعاتها الشبابية إلى فرق الأنصاريين (تحت قيادته طبعا).(و يمكن أن يكون غيفارار قد أمل أيضا أن يتمكّن من إستغلال علاقات الأحزاب الشيوعية بالحكومات التحريفية و الحكومات البرجوازية أساسا فى دفع إنقلاب لصالح المصالح الكوبية .فعلى سبيل المثال كان لأحد قادة الحزب الشيوعي البوليفي أخ ذو مكانة هامة و مرموقة فى القوات الجوية و كان يستعمل من قبل الحكومة البوليفية كرجل ربط فى علاقة بواشنطن /موسكو/ لاباز. و هذا التعويل يبرز ذا دلالة منذ تلك السنوات خاصة بعد الإنقلاب الذى حدث فى البيرو سنة 1969 و الذى سمح بتأثير أكبر لكلّ من موسكو و كوبا فى العلاقات مع البيرو.)
و هناك سبب آخر أكثر وجاهة فيما يخصّ العلاقات المتبادلة بين كوبا و الإتحاد السوفياتي. و قد كان تشهير كاسترو بالإتحاد السوفياتي طوال فترة 65/67 يعكس بعض التناقضات الكامنة بينهما. فقد كانت كوبا مثلما وقعت الإشارة إلى ذلك تخشى عدم إلتزام السوفيات بالدفاع عنها فى حالة هجوم عليها و كانت تسعى إلى إحراج السوفيات أمام الملأ حتى تجرّهم إلى تأكيد ذلك الإلتزام و ممارسته، حيث رفض كاسترو مثلا التوقيع على إتفاق مشترك مع كوسيغين حين حطّ فى كوبا بعد أن زار رئيس الولايات المتحدة الأمريكية آنذاك جونسون فى غلاسبور بنيويورك سنة 1967. لم يعجب الكوبيين أيضا تحوّل موسكو نحو البحث عن العلاقات الدبلوماسية و الإقتصادية و العسكرية مع الأنظمة المركّزة فى القارة و المعادية لكوبا طبعا و نصيحة أحزاب هذه البلدان بالتراجع عن الكفاح المسلّح و مواصلة عاداتها البرلمانية . و بكلّ هذه المبادرات فى ىفترة ما بين 65/67 ،لم تكن كوبا ترمى إلى القطع من الأساس مع الإرتباط بالسوفيات الذى نتج عن سياساتها السابقة ، بل كانت ترمى بهذه المبادرات إلى تحسين ظروف التفاوض.
و تبعا لذلك سيتحمّل الإتحاد السوفياتي الكثير من نظام كاسترو لأسباب متعدّدة :
أوّلا، لم يكن بوسع السوفيات فعل الكثير ثمّ إنّ ما يمكن أن يقوم به السوفيات فى إجاباتهم على الهجمات الكوبية قد يعرقل جهودهم للمّ صفوف ما تبقى من حركتهم الأممية غداة الجدال الكبير مع الصين و قد يؤثّر أيضا على دفع كوبا بعيدا عن الموقف السوفياتي مع إمكانية المخاطرة بعلاقاتهم و بأشكال قد لا تعرف نهايتها. و أيضا كان الضغط الإقتصادي الذى سيصل قمته (10) فيما بعد يُرى حينها سابقا لأوانه،و لذلك من المفروض الإنتظار حتى تتحسّس كوبا نتائج المخططات الطائشة لكاسترو و تمرّغ الوعود بالتراب،و بإختصار فقد أراد السوفيات فى هذا الشأن مزيدا من فعل الرافعة و إحتاجوا إليه.
ثانيا، طالما بقي تيّار "النهوض الثوري " المنتشر فى هافانا محدودا فإنّه خدم السوفيات أكثر ممّا أضرّ بهم،فالمسألة الرئيسية بالنسبة إلى السوفيات كانت تتعلّق بالحركة الأممية و تتركّز على الصين و التفكير فى عزلها و هذه المشاغل الإستراتيجية فرضت على السوفيات ألاّ يتحدّوا الإمبريالية الأمريكية عبر مساندة الحركات الثورية فى أماكن هيمنة الولايات المتحدة إلاّ أنّ هذا قد أعطى حينها إمكانيات واسعة لتأثيرالصين فى أماكن مفاتيح مثل فلسطين و الخليج الفارسي و اجزاء أخرى من افريقيا و آسيا كلّها تقريبا ،و لم يوقف تقديم كوبا ذاتها كمركز ثوري آخر واضعة نفسها بديلا يساريا مهاجما بشراسة الصين تأثير الخطّ الماوي بل مكّن السوفيات من مسالك هامة لهذه الحركات و الفئات عبر العالم باسره. و لقد كان جزء من التفاوض مع السوفيات أن يضع الكوبيون أنفسهم فى ركاب السوفيات عبر توجيه نارهم الأساسية ضد الماويين و كذلك أن يحاول مشروع غيفار عزلهم عزلا كلّيا و لذلك وقع طرد الأحزاب الماوية من ندوة أولاس بينما سمح ببقاء الأحزاب الموالية لموسكو. و تندرج فى هذا الإطار دعوة غيفارا إلى عدم العمل مع الماويين فى بوليفيا و هجومه على النقاشات فى موقفه الموجّه إلى التريكنتيننتال . و يتجسّد هذا فى كتاب دوبريه حين يعتبر الإتجاه الماوي فى أمريكا اللاتينية إتجاه أنشأه "مجانين و خونة". المسألة واضحة ألا وهي إنّ للتحريفيين مشاكلهم و لكن هؤلاء الثوريين يجب أن يظلّوا خارج ذلك.
لا نقول إنّ هذه الصبغة العدائية تجاه الماويين كانت شيئا مفروضا من السوفيات على الكوبيين بل إنّ هناك نظرتين متعارضتين للثورة كانتا فى تضارب من أجل الهيمنة و كانتا بالتالى تتصارعان ، فبالنسبة إلى غيفارا كان من الضروري لكي يمارس مفهومه الخاص للثورة أن يصارع ضد الخطّ البرولبيتاري الثوري الذى يتبنّاه الماويون ،وهذا المفهوم لا يمكن فى ذات الوقت عزله عن الدور الذى إرتآه للإتحاد السوفياتي و الأعمال التى طلبها منه و الإتفاقيات التى كان يسعى لعقدها معه.
لقد كسب السوفيات وقتهم بدل الهجوم المفتوح على غيفارا أو الردّ على شتائم كاسترو، فقد فتحوا جرائدهم للأحزاب التحريفية الأكثر أورتودكسية فى أمريكا اللاتينية التى كانت تسعى للردّ على هجمات كاسترو عليها و تمثّل الأمر فى النقد اللاذع للقيادة الكوبية
أمّا بالنسبة لغيفارا ، فإنّ دفعه نحوالإنفصال المفتوح عن هذه الأحزاب لم يكن مقبولا لأسباب عدّة ذلك أن إيديولوجيا السوفيات و كاسترو لم تكن فى المقام الأوّل مختلفة حول صيغتها للثورة الإشتراكية. و بشأن الموقف من الجماهير، كان موقفهما متماثلا فالجماهير فى نهاية تحليلهما ليست سوى أدوات تسعمل على حدّ سواء من قبل مجموعة متمرّسة أو من قبل ديماغوجيين حسب الوضع. و لهذه المسألة صداها فى إستراتيجيا غيفارا / دبوريه للثورة التى يتمحور فيها كلّ شيئ حول جرأة حفنة من الأبطال و خبرتهم .و إضافة إلى هذا السبب الجوهري كانت هناك مسألة أخرى وهي : إن مثل هذه القطيعة ستسقط كلّيا مخطّط غيفارا إذ ما زال للتحريفيين دور واسع يجب أن يلعبوه حسب تقديره ،لأن مثل هذه المبادرة ستصبح القطرة التى تدفع السوفيات إلى أن يضعوا أرجلهم فى العربة التى يقودها غيفارا مسنودا بالسلطة الكوبية ، أمّا السوفيات فقد سمحوا للكوبيين بأن يحطّموا هذه الأحزاب التى خدمت القيادة الكوبية نفسها و خدمت أنموذج هذه الثورة الخيالية حسب نظرتهم و لكنهم أجّلوا هذا التحطيم حتى لا يضرّوا بالقوى التى يعوّلون عليها داخل الحركة الأممية و فى مجمل المهام لتحقيق إستراتيجيا المناورات السياسية التكتيكية فى عديد البلدان.
فى نهاية التحليل كانت الدعوة إلى الصراع الإيديولوجي ستدفع إلى تعزيز التيّار الماوي و هذا ما يجب تجنّبه قدر الإمكان وفق إستراتيجيا السوفيات لأنّه حين يُشرع فى مثل هذه الصراعات فإنّ النهايات مضمونة ذلك أنّ بعض القوى المنجذبة إلى قطب غيفارا قد تدفع إلى الماركسية-اللينينية -فكر ماو تسى تونغ الحقيقية فى صورة توفّر مناخ من الصراع الإيديولوجي المفتوح.
و كذلك ستجعل الدعوة إلى تكوين حزب جديد على أساس وحدة إيديولوجية الوحدة مع الديمقراطيين الراديكاليين على الطريقة التى يتطلّع لها غيفارا غير ممكنة. فهذه القوى لا ترغب فى هيمنة الحزب الشيوعي على حركات التحرّر، بل هي قوى لم تكن صراحة فى أغلب الأحيان ماركسية وبالتالى لم تكن لها فائدة فى صراع يضعها وجها لوجه مع الأحزاب الشيوعية حول المضمون الحقيقي للماركسية. و لذلك فعديد الذين يمكن توحيدهم على المدى القصير حول حمل البندقية قد يبتعدون بمثل هذا الصراع ، وبالفعل فإنّ جانبا من جذب هذه القوى يتمثّل فى إمكانية نجاح ميزان القوى مع القدرة على إستعمال الأحزاب التحريفية بطريقة تقليدية و ذلك دون إبتلاعها بفضل الهيمنة المرتآة للغيفاريين. و رّبما كانت هجمات دوبريه على الأحزاب التحريفية بصراحة و بكلمات معادية للشيوعية -من قبيل "مفاهيم مستوردة" و "عدم معرفة ظروف أمريكا اللاتينية" و غيرها - تهدف على الأقلّ و لو جزئيا إلى التأكيد بإخلاص و بعنف كبير وطنية غيفارا و من معه و ذلك لكسب ثقة الديمقراطيين الراديكاليين كلّما كان التحالف يبدو ممكن الخطورة و مشكوكا فيه.
(ومن المهمّ هنا أن نسجّل أنّه رغم كلّ الإعتراضات فإنه إذا ما إندلعت الإنتفاضة الغيفارية فإنّ السوفيات لن يكونوا بالضرورة غير قادرين على إيجاد طريقة لإستعمال مثل هذه الحركة إلاّ أن ما سيؤول إليه الأمر و المصير الأخير للغيفاريين يبقى سؤالا مفتوحا ،فإثر موت غيفارا ببضعة سنوات نظّم كاييتانو كربيو من الحزب الشيوعي السلفادوري إنتفاضة جبلية . و عقب سنوات من النضال و تغيرات هامة فى الوضع العالمي و فى أمريكا الوسطى ، ظهر وضع أصبح فيه هذا التحالف حقيقة قائمة. و هذه المرّة صار التحالف بين التحريفيين و الإصلاحيين تحت راية إشتراكية ديمقراطية وطنية مع قوى كربيو الغيفارية ،و كانت لكربيو اليد العليا فى هذا التحالف و له القيادة فى البداية . و مع ذلك فإنّ مقاومة كربيو للمفاوضات خدمة لإستراتيجيا الإلتزام التاريخي للسوفيات فى السلفادور قادت إلى سعي مشترك إلى الإطاحة به و بقيادته. وحسب التاريخ الرسمي الوارد من نيكارغوا فإنّ كربيو إغتاله كادر موال للسوفيات فى منظّمته ثمّ حسب ما زعم و ما راج لاحقا كربيو إنتحر. إذا كانت أهدافك ترتكز على إيجاد شيئ بجلب سيّد قويّ فلا تتعجّب حين يقرّر سيّدك أن مشروعك سيكون أحسن فى غيابك! ).
كانت مقاربة دوبريه المعادية للنظرية مفتاحا لتوحيد عناصر هذا التحالف المرجوّ من الأحزاب الشيوعية التحريفية مع البرجوازيين الديمقراطيين الوطنيين الأكثر تقليدية ،و قد خدم رفض دوبريه النقاش من أجل قيادة أحزاب ماركسية-لينينية حقيقية هذا التحالف لكن هل كان البحث عن التوحّد مع هؤلاء البرجوازيين الديمقراطيين خطأ؟ إن الإجابة على هذا السؤال تقتضى أن يرسم خطوط التمايز بين التوحّد معها من ناحية و التعويل عليها من ناحية أخرى .
لمثل هذه القوى الطبقية فعلا تناقض مع الإمبريالية ويمكن حسب الظروف أن تتمّ معها وحدة من أجل طرد الإمبريالية، غير أنّه إذا ما وقع التعويل عليها أساسا كما فعل غيفارا فإنّ الثورة ستعكس حتما مصالح هذه القوى الطبقية و التى تظلّ أحلاما برجوازية مقموعة يدفعها الشوق الوطني لتطوير البلاد تطويرا رأسماليا مستقلاّ كليا. و حتى حين يستطيع الحزب جذب البروليتاريا و إقامة تحالف عمّالي فلاحي كركيزة و قاعدة للحركة الثورية فإنّ المشاكل التى تطرحها قطاعات من البرجوازية الوطنية - كيفية إقامة الوحدة إلى الدرجة الممكنة دون التضحية مطلقا بإستقلالية برنامج الحزب الشيوعي و كذلك كيفية إرساء قاعدة التقدّم التالي نحو الإشتراكية داخل مرحلة الثورة الديمقراطية الجديدة -و ما هي الوسيلة الكفيلة بالمحافظة على القوّة المستقلّة المطلوبة (سياسيا و عسكريا) ل"جرّ" هذه القطاعات "اتقبل" بقيادة البروليتاريا فهي مسائل فى منتهى التعقيد.و يجب ان تعالج دون التذيّل للبرجوازية الوطنية.و غالبا ما عولجت بالتذيّل للبرجوازية الوطنية ( مع أنّ دوبريه و غيفارا أكثرا من ترديد جمل "يسارية" فقد تواصل التذيّل للبرجوازية الوطنية لديهما، مثلما مرّ بنا) . وكلّ هذا يؤكّد بصفة شاملة ضرورة حزب راسخ إيديولوجيا.
لقد حاول غيفارا الإلتفاف على هذه المسائل بطريقة إثنين فى واحد مدمجا معا مرحلتي الثورة الديمقراطية الجديدة و الإشتراكية و كذلك بهجوم يساري ظاهري على البرجوازية الوطنية فالثورة يجب أن تكون من أجل الإشتراكية . و قد صرّح دوبريه منذ البداية أن على الثورة أن تقطع مع مفهوم أنّ للبرجوازية الوطنية أي دور تلعبه ضد الإمبريالية.
لكن ما هي النظرة التى تقدّم هنا للإشتراكية ؟ إنّها بالأساس إشتراكية الغولاش المنشورة من قبل خروتشاف و تتمثّل فى دعوة العمّال لمساندة نظام سيوفّر لهم أو على الأقلّ يعدهم بتوفير بعض المكاسب الإقتصادية و إصلاحات إجتماعية مقابل السلبية السياسية التى يجب أن يظهروها و كانت كوبا المثال فى ذروة "الحوافز المادية و المعنوية" و كان غيفارا يعد بمستوى عيش يشبه مستوى السويد فى الستينات إن أنفقد الجماهير جهدها فى العمل التطوّعي كما يجب.
و الأهمّ من ذلك أنّ هذه النظرة للإشتراكية كانت ترمي إلى جذب قطاع من البرجوازية الوطنية و البرجوازية الصغيرة، سيكون حسب هذه النظرة مراقبا لقطاعات كبيرة تابعة للدولة ؛ و قد حدث هذا فى كوبا ( خاصة فى فترة إقتسام قدماء حركة" 26 جويلية " للسلطة مع جهاز الحزب الشيوعي و لكنه إثر ماساة العشرة ملايين طن أصبح الحزب الشيوعي مهيمنا بصفة كلّية. وفى التجارب العديدة فى كوبا لم تستثن البرجوازية الصغيرة من الزعامة) .( وإعتبرها دوبريه قد إنتهت كطبقة لأنه حاول تحديد هذه القوى بعيدا عن البرجوازية و البرجوازية الصغيرة مدّعيا أن المشاركة فى حرب الأنصار قد تكفّلت بمحو الإختلافات الطبقية إلخ ).
و تظهر هذه الصيغة يمينية فى مسعى لتجاوز المرحلة الديمقراطية الجديدة للثورة بمضمونها المعادي للإقطاعية ، ففى كوبا إفتكّ قطاع الدولة وسائل الإنتاج و ادار مباشرة الأغلبية الساحقة من المزارع الكبرى وواصل مصادرة المزارع المتوسّطة و بعد ذلك إعتبر دوبريه و غيفارا أن ذلك هو أكثر البرامج التاريخية راديكالية من حيث الإصلاح الزراعي.وفى الحقيقة كان التغيير فى مستوى الفلاحة الكوبية لا يتجاوز أن يكون شكليا فقد صار العمال فى المزارع تحت إشراف رؤساء مختلفين يقولون لهم متى و كيف يزرعون السكّر و حصيلة هذه الزراعة ترسل مباشرة كلّها إلى الإتحاد السوفياتي بدلا من الولايات المتحدة الأمريكية . لكن نموذج الزراعة المختصّة التابعة و سيرورة إنتاج السكّر ظلّت على حالها و لم يتمّ إستنهاض البروليتاريا الزراعية و الفلاحين ليتجاوزوا خطوة خطوة العلاقات القديمة و ليغيروها إذ قيل لهم ثمّ أُجبروا فقط على العمل بمزيد من الجهد.
لا يمكن تحديد بقايا الإمبريالية فى الأمم المضطهَدَة بشيئ بسيط ( متجذّر فى التوزيع) كالتبادل غير المتكافئ ، بل إنّها تمتدّ إلى الهيكلة الفلاحية ذاتها بما فى ذلك ما ينتج ،و الطرق التى وقع بها تغيير الإقطاعية (خدمة للرأسمال المالي) . فى البلدان المضطهَدَة ، جرى الإحتفاظ بالعلاقات الإقطاعية (و خدمة للرأسمال المالي مرّة أخرى) يجرى الإنتقال من مزارع دولة كبيرة إلى مزارع تعاونية ثمّ إلى مزارع أقلّ حجما فى البداية تحت بين أيدى الفلاحين و عمّال المزارع المبلترين أخيرا و ذلك كجزء من المخطّط العام فى حين ينبغى ان يقع تغيير علاقات الإنتاج و ان تقطع الفلاحة مع مخطّطات و هيكلة الهيمنة الإمبريالية وأن يتمّ حثّ الفلاحين عبر مراحل التعاون فالتعاضد وصولا إلى ملكية الدولة على أساس مختلف نوعيّا. بيد أنّه لا يمكن القيام بهذا العمل الثوري إلاّ بفلاحين وقع إستنهاضهم سياسيا بقيادة بروليتاريا قوية وواعية لها طليعة قوية و هذه هي إعادة الهيكلة الشاملة للفلاحة بعيدا عن الهيمنة الإمبريالية و القيام بالتوعية السياسية للفلاحين و تعزيز قيادة البروليتاريا و حزبها و هذه أمور ممنوعة أصلا لدى الغيفاريين.
وبصدد مسألة الوحدة مع البرجوازية الوطنية ، فإنّه عندما يكون هناك أساس يعود إلى التناحر بين شرائحها و الإمبريالية ، فإنّ الوحدة الجبهوية يمكن فعلا تحقيقها بنجاح و ذلك لمّا يكون واضحا للبروليتاريا أنّ مثل هذه الوحدة تحمل معها صراعا حول مسائل عديدة هامة بخصوص الأهداف و القيادة و إسترتيجيا الثورة فى كلّ مرحلة من مراحلها.
أمّا التحريفيين و السعي إلى الوحدة معهم فهذه مسألة غاية فى التعقيد غير أنّ هناك مبادئ ثورية واضحة يتجاوزها الغيفاريون بهدف التوحّد مع هؤلاء. تمثّل الأحزاب التحريفية مباشرة مصالح الإمبريالية ( خاصة الإمبريالية الإشتراكية) فى صفوف الحركة الثورية ،و هذا ما يجعلها خلافا للبرجوازية الوطنية قوى لا يمكن التحالف معها فى مرحلة الثورة الديمقراطية الجديدة بقيادة البروليتاريا بل هي جزء من أعداء المرحلة. و هكذا لا يمكن إعتبارهم وبأي شكل من الأشكال حلفاء إستراتيجيين و بالتالى فإنّ الوحدة معهم مثلما أراد دوبريه خاطئة أصلا. و مع ذلك و فى غالب الأحيان فى وضع البلدان المستعمرة أو التابعة على النضال الثوري أن يندلع ضد القوى الإمبريالية و كتلة عملائها و لكن يمكن أحيانا وجود شكل معيّن من التحالف مع الأحزاب التحريفية إن لزم الأمر. و قد وقع التطرّق إلى هذه المسألة فى وثيقة " المبادئ الساسية للوحدة الماركسية –اللينينية و لخطّ الحركة الأممية الشيوعية" على النحو التالي:
" فى ظروف معيّنة ، لاسيما حين تقوم قوّة أو (كتلة) إمبريالية بغزو أو تحاول أن تحتلّ بلدا مستعمرا أو بلدا تابعا معيّنا يمكن أن يمسي من الضروري و الصحيح لا فقط توجيه رأس حربة النضال ضد تلك القوّة ( أو الكتلة) الإمبريالية عينها و لكن أيضا التحالف مع – أو على الأقلّ تحييد- بعض القوى الرجعية المحلّية المرتبطة بإمبرياليين آخرين و تخدم مصالحهم ( خاصة الكتلة الإمبريالية المناهضة).
فى مثل هذه الأحوال، يصبح من الهام للغاية فضح الطابع الطبقي و المصالح الطبقية لهذه القوى و روابطها بالإمبريالية و النضال المستميت ضدّها و الإطاحة بخيانتها فى الصراع ، لا سيما محاولاتها قمع الجماهير مع التشديد و التركيز على الدور القيادي البروليتاري و إستقلالية و مبادرة حزبها عبلا الصراع و كذلك مواصلة رفض سياسة افلتحاق بأية قوّة أو كتلة إمبريالية أو مساندتها و يجب التذكير الواضح بقيادة البروليتاريا و الجماهير الشعبية نحو هدف الإنتصار لا فقط فى المرحلة الراهنة ( أو المرحلة الأولى) لكن أيضا فى الثورة الديمقراطية المعادية للإمبريالية ككلّ و عبر ذلك نحو الثورة الإشتراكية فى وحدة مع البروليتاريا الأممية و النضال العالمي" ( " المبادئ..."الحزب الشيوعي الثوري الشيلي و الحزب الشيوعي الثوري ،الولايات المتحدة الأمريكية ،صفحة 43 ، سنة 1981).
تتطلّب هذه المسائل الأهمّ - طبيعة الوضع العالمي ، و الطبيعة الطبقية للإتحاد السوفياتي و مهام الثورة فى علاقة بالإمبريالية و التحليل الطبقي للأمة و فهم العلاقة بين مرحلتي الثورة - حزبا شيوعيا يكون له أساس إيديولوجي راسخ وواضح حتى يتمكّن من معالجة هذه القضايا . و قد مثّل الخطّ الغيفاري بصدد الحزب ،و خاصة المعارضة الشديدة للصراع على قاعدة المبادئ التى تميّز بين الماركسية الثورية و التحريفية ،مثّل محاولة لإجهاض السيرورة اللازمة لصياغة أجوبة لهذه المسائل .و لهذا الخطّ طبعا أجوبته حول التحالف مع الأحزاب التحريفية و بعض قطاعات البرجوازية الوطنية لدفع البلاد عبر النضال المسلّح إلى كتلة الإتحاد السوفياتي لكنّ أصحاب هذا الخطّ لم يتجرّؤوا على توضيح أهدافه ما جرّهم إلى عدم خوض النضال الإيديولوجي الذى أرادوا تجنبه وهو ما جرّ بعض القوى الديمقراطية الأكثر بلاهة أو الأكثر طيبة إلى خارج كتلتهم.
فى نهاية التحليل ، الغيفارية لم تكن و ليست طريقة مغايرة لخوض الحرب .بل هي إستراتيجيا مناقضة لحرب الشعب و أكثر من ذلك متعارضة مع نوع الثورة الضرورية فى الأمم المضطهدَة .
لخّص" بيان الحركة الأممية الثورية " كلاّ من مضمون هذه الثورة و علاقتها بإسترتيجيا حرب الشعب فى المستعمرات و أشباه المتعمرات:
" فى هذه البلدان تمثل الإمبريالية الأجنبية و كذلك البرجوازية البيروقراطية "والكمبرادورية " و الإقطاعيون- بإعتبار الطبقتين الأخيرتين طبقات تابعة و مرتبطة بقوة بالإمبريالية- مرمى الثورة (هدفها ). و تعبر الثورة فى هذه البلدان مرحلتين : ثورة أولى هي الثورة الديمقراطية الجديدة التى تؤدي مباشرة فيما بعد إلى ثورة ثانية هي الثورة الإشتراكية . و طبيعة و هدف و مهام المرحلة الأولى من الثورةتخوّل للبروليتاريا وتقتضى منها إقامة جبهة واسعة متحدة تجمع كل الطبقات و الشرائح الإجتماعية التي يمكن كسبها لمساندة برنامج الديمقراطية الجديدة .و مع ذلك ، فإن البروليتاريا تسعى إلى بناء هذه الجبهة المتحدة بما يتفق مع مبدأ تطوير و دعم قواها الذاتية المستقلة وهو ما يستتبع مثلا أنه على البروليتاريا أن تكون لها قواتها المسلحة الخاصة متى حتمت الظروف ذلك و أنه عليها أن تفرض دورها القيادي تجاه قطاعات الجماهير الثورية خاصة تجاه الفلاحين الفقراء. و يتخذ هذا التحالف كمحور أساسي له تحالف العمال مع الفلاحين كما يجب أن تحتل الثورة الزراعية (أي النضال ضد الإستغلال شبه الإقطاعي فى الريف و /أو شعار " الأرض لمن يفلحها") مكانة مركزية فى برنامج الديمقراطية الجديدة .
فى هذه البلدان ، تتعرض البروليتاريا و الجماهير إلى إستغلال قاس وتمارس ضدها بإستمرار الإهانات الراجعة إلى الهيمنة الإمبريالية وتكرّس الطبقات المسيطرة دكتاتوريتها عامة بصورة مباشرة و عنيفة و تكون هذه الدكتاتورية مقنعة بالكاد حتى حينما تستعمل هذه الطبقات شكل النظام الديمقراطي البرجوازي أو البرلماني . و كثيرا ما تدفع هذه الوضعية البروليتاريا و الفلاحين و قطاعات جماهيرية أخرى إلى خوض نضالات ثورية و تتخذ هذه النضالات فى عديد الأحيان شكل النضالات المسلحة . ولكل هذه الأسباب ( بما فى ذلك واقع أن التطور المشوّه و غير المتوازن أبدا يخلق صعوبات جمّة للطبقات الرجعية التى تجد صعوبة فى الحفاظ على إستقرار أنظمتها و فى توطيد سلطتها فى كل أنحاء البلاد و أرجاءها ) كثيرا ما تتخذ الثورة شكل الحرب الثورية الطويلة الأمد تتمكن من خلالها القوى الثورية من النجاح فى إقامة شكل من أشكال قواعد الإرتكاز فى الريف و فى تطبيق الإستراتيجية الأساسية المتمثلة فى محاصرة المدن إنطلاقا من الريف . " ( "بيان الحركة الأممية الثورية " لسنة 1984، فقرة "المهام فى المستعمرات...")
و مع ذلك فإنّ الغيفارية تجعل من الإبتعاد عن إستنهاض الفلاحين مبدأ و تنظر بإستهزاء إلى القدرة القتالية للبروليتاريا و ما التحالف الطبقي الذى تبحث عن عقده و الذى تعوّل عليه إلاّ ذلك الذى يتمثّل فى الذين يتحرّكون تحت راية التحريفية و البرجوازيين الديمقراطيين الراديكاليين. لم يقم الغيفاريون بالثورة الزراعية فى الريف و لم يدفعوا بالبروليتاريا إلى الصراع حول المسائل الحيوية الملحّة من أجل تطويرها إلى طبقة قيادية، بل خطّطوا عوضا عن ذلك للصعود السريع إلى السلطة و إفتكاك مقاليد قطاع الدولة (الرأسمالي) بإسم الشعب و بسرعة .
أممية الغيفاريين تتمثّل فى نداء الطموحات الثورية للجماهير لإستعمالها فقط كقاذفة مدفعية إلى جانب السوفيات فى إطار الصراع بين الكتلتين ( فى حال غيفارا ذاته ، كان الهدف هو بناء حركة ثورية إنطلاقا من وجهة النظر الضيقة للمصالح الكوبية). إنّ الثورة التى يعد بها خطّ غيفارا /دوبريه ليست ثورة بتاتا ،وهي ليست كذلك على الأقلّ بمعنى التغيير الجوهري للعلاقات الإجتماعية و إنّما هي على الأرجح إقرار بعض الإصلاحات فى ظلّ الرعاية السوفياتية ،و فى سياق كلّ هذا تُنكر مهام الطليعة ذاتها فى قيادة الجماهير لإعادة تشكيل كلّي للمجتمع لا للإطاحة بالرأسماليين فحسب بل كذلك للتقدّم نحو مواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا و الإنتقال إلى الشيوعية ؛ تُنكر هذه المهام لتعوّض بإرادة مجموعة صغيرة مستندة إلى قوّة إمبريالية عظمى.
نهاية المغامرة البوليفية :
لقد وجدت نظرية غيفارا - دوبريه-كاسترو تعبيراتها فى بوليفيا بعد مدّة قصيرة من نشر كتاب "ثورة داخل الثورة " فقد شرع سنة 1966 جمع من المتعاطفين البوليفيين مع الخطّ الغيفاري فى تركيز قاعدة أنصارية فى المنطقة الجبلية من البلاد، وفى نهاية تلك السنة وصل غيفارا مع عدد من أعضاء الحزب الشيوعي الكوبي إلى بوليفيا. و قد كان المخطّط العاجل ضمّ البوليفيين إلى القوة و تدريب أرجنتينيين و بيروفيين عبر ممارسة المعركة لتشكيل مجموعات فوكو/بؤر غوارية فى بلدانهم. و كانوا يأملون تطوير إنتفاضة فى بوليفيا و إلى درجة معيّنة التحوّل من هناك فيما بعد إلى البلدان المجاورة.
كما هو معلوم، كان المشروع تقريبا كارثة بأتمّ معنى الكلمة فقد هزمت بؤرة الأنصاريين بعد ستّة أشهر فى الميدان و تمّ إقتفاء أثرها و سحقها الجنود البوليفيون المدرّبون و الذين تمتّعوا بقيادة السي ىي آي و ذلك بعد خوض معركة واحدة. كان الفوكو مشغولا بصراع حادّ من أجل الغذاء و الملجإ .و فى شهر فيفري كان غيفارا يلاحظ بمرارة و كآبة فى مذكّراته الصراعات من أجل الغذاء فى القاعدة كما تراجعت همّة بعض الرجال المعروفين من الحزب الشيوعي الكوبي ،و لا تذكر مذكرات غيفارا تقريبا أي نقاش أو تربية سياسية داخل الفوكو و كذلك لا ذكر لأدنى فكر سياسي خلال الحملة.
وفى شهر أفريل ، رأى دوبريه الذى كان مع الفوكو أنّه من الأفضل التخلّى عن الفيالق و الذهاب إلى أوروبا لتنظيم المساندة ، فأوقف تقريبا فى الحال. و على ما يبدو قدّم ،هو الذى كان ينعت بمرح الثوريين ب"الخونة"، معلومات مفيدة للسلط حول طبيعة الفوكو ( لقد كان الفرنسي يتحدّث أكثر ممّا يجب ،هذا ما أشار إليه غيفارا فى مذكّراته).
فى جوان ، كانت بوليفيا تشهد أزمة سياسية إذ أضرب عمّال المناجم القاطنين مدن الصفيح و فى 24 جوان تدخّل الجيش وإحتلّ المناجم و خلّف الصراع المنجرّ عن ذلك ما يناهز المئة قتيل فى صفوف المنجميين و دخلت بوليفيا فى إضطراب خاصة فى المدن و المركبات الجامعية. و فى بيان موجّه للمنجميين إعتبر غيفارا عمل الجيش "إنتصارا تاما" و دعا إلى الإلتحاق بالفوكو ،و لعلّه لم يكن خطأ إصدار هذا البيان بإعتبار أن جيش الأنصاريين لحظتها كان تحت قيادة توجّه و خطّ صحيحين بالأساس فى صراعاته. لكن ما كان يفتقر إليه هو فهم كيفية إستغلال الأزمة السياسية العاصفة بالحكومة البوليفية و كيفيّة التقدّم و تغيير ما أفرزته حركة الجماهير إلى حركة ثورية.فرغم التعاطف الواسع مع الفوكو بقيت الإنتفاضة و بقي الفوكو ذاته على ضفتين مختلفتين فلم يلتحق به أي بوليفي.
خلال الصائفة ، تشتّت الفوكو جراء المرض و الفرار و الموت و الحوادث أو جراء نار العدوّ و فى أكتوبر وقع إيقاف غيفارا ثمّ قتله فى كستودى بإشراف واضح لرجل من السي آي آي .
لا تؤّكد هذه الهزيمة فعليا أن خطّ غيفارا كان خاطئا فى الأساس إذ لا يمكن الحكم على أيّة نظرية سياسية بالإزدهار أو الإنهيار إنطلاقا من تجربة عملية واحدة . و إضافة إلى ذلك من السهل القول إنّ بوليفيا لا تمثّل أحسن مثال للغيفارية و على المرء أن ينظر إلى كوبا عوض بوليفيا . و إذا كان ذلك صحيحا فإنّ التجربة البوليفية تنطوي على بعض الدروس الهامة و اولها يبيّن أنّ نظرة غيفارا للحرب الإنتفاضية تقوم على العلاقات المخادعة التى كان يحاول إقامتها مع الحزب الشيوعي التحريفي و فى النهاية مع الإتحاد السوفياتي.
لم يعلم الكوبيون الحزب الشيوعي البوليفي بأنّ غيفارا ذاته سينزل ببوليفيا ليقود حركة تحرّر وطني و تحدّث كاسترو فى بداية 1966 عندما إلتقى مع قائد الحزب ماريو مونخى عن آفاق نضال تحرّر وطني و اعطاه 25 ألف دولار مقابل وعد عام بإقامة التحضيرات لذلك. و كانت نيّة الكوبيين ( كاسترو) شراء موافقة مونخى لتقديم نوع من شبكة المساندة و السماح للكوادر بالإلتحاق بالأنصاريين. و حين أعلم قائد الحزب مونخى رسميا بحضور غيفارا خلال لقاء السنة الجديدة فى معسكر الأنصار سنة 1967 ، رفض التعاون مشترطا على غيفارا أن تكون القيادة للحزب الشيوعي البوليفي و لعدم حصوله على هذا السند ما عاد لغيفارا أي مكان البتّة إليه يتوجّه.( 11).
أمّا النقطة الثانية و المرتبطة بالأولى فتتعلّق بالنظرة الغيفارية للجماهير. فقد دخل غيفارا بوليفيا فى نوفمبر 1966 للشروع فى التحضيرات المباشرة لحرب الأنصار إلاّ أنّه إرتأى فى هذا التحضير التعرّف على جغرافيا المكان و حفر الخنادق و إعداد المخابئ و السير لمسافات طويلة إلخ. و لم تقع أية دراسة حقيقية لبوليفيا كما لم يجر تحليل طبقي ولو أوّلي. كانت الجماهير غائبة تماما من حساباته إلى درجة أنّ الدروس الأوّلية نفسها المعطاة للأنصاريين بلغة الكتشوا كانت غير نافعة بل ربّما كان هنود المنطقة يتكلّمون لغة مختلفة كلّيا عن الكتشوا . و إن لم تكن الأرضية دون أهمّية فالرئيسي ( كما اشار ماو تسى تونغ فى عديد المناسبات و كما تشهد عليه التجربة الكوبية ذاتها ) هو الطابع السياسي للمكان و درجة وعي الجماهير و تجربتها فى النضال و الإستقرار السياسي للحكّام المحلّيين و عدّة عوامل مماثلة أخرى، و مثلما حدث فإنّ المكان تكشّف غير مناسب عسكريا للأنصاريين و هذا فى حدّ ذاته شاهد مرير على مشاكل نظرة عسكرية بحتة للثورة و شاهد مرير حتى على المسائل العسكرية ذاتها.
فى ضوء ما تقدّم، إنّ الذين يتتبّعون الآثار الملموسة تقريبا للإكتئاب فى مذكرات غيفارا لإخفاقه فى جذب الجماهير إنما هم بصدد قراءة تأويلاتهم الخاصة للأشياء . و تبعا للمذكرات كانت العناية مركّزة أكثر على تراجع همّة الفيالق، فالجماهير بالكاد ذكرت و مع إتضاح نجاح مونخى فى قطع السند ، بات النقص الشامل فى القيادة و الإندفاع يتأكّد فى كتابات غيفارا.
تشير هذه النقاط إلى إختلاف جوهري بين فشل غيفارا فى بوليفيا و المحاولات الحقيقية لتطوير حرب الشعب فى تلك الفترة و التى ستمنى العديد منها بالفشل أيضا. و على خلاف غيفارا، كانت القوى الأخرى تتّجه رأسا ضد التحريفية -إيديولوجيا و سياسيا وتنظيميا و (عادة عسكريا) و تحاول قيادة الجماهير نحو القيام بثورة تناهض كلا الكتلتين الإمبرياليتين فى حين علّق غيفارا مثلما وقعت الإشارة إلى ذلك ، أهمّية على إستعمال الحركات الثورية لدفع السوفيات نحو إتخاذ موقف أكثر ثورية أو عداوة إزاء الإمبريالية الأمريكية ، و كانت خلافاته مع السوفيات تكتيكية . و فى غالب الأحيان كانت القوى الماركسية-اللينينية الحقيقية على عكس ذلك تماما، فقد رفعت السلاح لتطيح بكلّ الإمبريالية مهما كان غطاؤها السياسي.
و علاوة على هذا ، - فى تضارب واضح مع غيفارا- إستنهضت هذه المحاولات الأصيلة الشعب رافعة من وعيه السياسي وموجّهة إياه صوب الشروع فى إجتثاث جذور العلاقات الرجعية المتغلغلة و الناجمة عن الهيمنة الإمبريالية، فالجماهير توحّدت و تنظّمت لتعي المرحلة السياسية و ضرورة أن تكون البنادق مرفوعة . و لكلّ هذه الأسباب و مهما كانت نتائجها تصنّف المحاولات الماوية لخوض حرب الشعب فى تلك الفترة مغايرة نوعيا لمغامرة تشى غيفارا حتى فى بوليفيا . و يشير "بيان الحركة الأممية الثورية" إلى أنّ :
" و تمكنت القوى الماركسية -اللينينية - الماوية ، فى عديد البلدان ، من تجميع جزء معتبر من السكان تحت راية الثورة و من تأمين إنقاذ الحزب الماركسي -اللينيني- الماوي و القوات المسلحة الشعبية رغم قمع رجعي دموي . وطبعت هذه المحاولات الأولى لبناء أحزاب ماركسية-لينينية- ماوية جديدة و شنّ الكفاح المسلح بالضرورة بصبغة بدائية معيّنة مبرزة لبعض النواقص الإيديولوجية و السياسية و من البديهي أن لا غرابة فى أن الإمبرياليين و التحريفيين قد قفزوا على هذه الأخطاء و النواقص من أجل إدانة الثوريين ناعتينهم ب"اليساريين" أو أنكى . و مع ذلك تستحق هذه المبادرات عامة الدفاع عنها بإعتبارها عناصر هامة من إرث الحركة الماركسية -اللينينية- الماوية ساعدت على وضع أسس تقدم لاحق."
( "بيان الحركة الأممية الثورية " لسنة1984 ، فقرة "المهام فى المستعمرات...") .
و راقب السوفيات فشل غيفارا دون تعليق فى الوقت الذى دفعوا فيه أحزابا تحت هيمنتهم إلى الصراخ و العويل ( فالمجريون مثلا نعتوا ما وقع ب"الحزين") . ذلك أنّ موت غيفارا جلب إليهم عدّة منافع و عزّز الأحزاب ذات الخطّ التحريفي القديم من جهة و من جهة أخرى ،و إثر ما حدث ببوليفيا يجب الإشارة إلى أنّ إستراتيجيا السوفيات فى "الإلتزام التاريخي" صارت فى الواجهة فى أمريكا اللاتينية ، فقد كان السوفيات يسعون لكسب أماكن فى دول مجال تأثير الولايات المتحدة عبر الدخولفى تحالفات مع الحكومات القائمة و إعانتها . و قد كسب السوفيات من إنقلاب 1969 بالبيرو عبر ربط علاقات هامّة بالجيش و من إنتخاب سلفادور آلندي فى الشيلي سنة 1970 الذى إمتاز بمشاركة و مناورات الحزب الشيوعي الشيلي فى الحكومة الجديدة؛ التى لقيت تشجيعا على أنّها نماذج جديدة لأمريكا اللاتيتنية و لكن نماذج لمن؟ و الجواب لمن هم دون مشروع كاسترو ذاته.
أمّا بالنسبة لكاسترو فإنّ رؤيته حقيقة ما آل إليه غيفارا مسألة تظلّ مطروحة .و يرى البعض أنّه ساعد غيفارا وتوقّع فشله منذ إعلان وجود غيفارا فى بوليفيا رغم أنّ هذا الأخير على ما يبدو كان يعتقد ( فى مذكّراته) أنّ ما قام به يدخل ضمن مخطّطات سابقة. و من الممكن أيضا أن يكون كاسترو شعر مبكّرا بانّ مخطّط غيفارا سينتهى إلى فشل و لم ير سببا لتعريض كوبا لخطر ردّ فعل عسكري أمريكي أو ردّ فعل منظّمة الأولاس . و مهما يكن من أمر فإنّ الفشل فى بوليفيا قد مثّل نهاية الإنتفاضة الوجيزة لكاسترو ضد السوفيات فمع 1968 كان القائد الكوبي يرحّب بغزو السوفيات لتشيكوزلوفاكيا و فى 1969 كانت كوبا تشارك فى الندوات الهامة المعادية للصين،و فى 1971- عقب الفشل الذريع لمشروع العشر ملايين طن- ، صارالسوفيات يتحكّمون فى الهيكلة الإقتصادية و السياسية الكوبية.
و يمكن للجماهير الثورية أن تستخلص إستنتاجا واحدا ووحيدا هو أنّه لا مجال للتخلّى عن النضال المسلّح لأنّ فرص مثل هذا النضال تفتح أبوابها عريضة و ستغدو أكبر على نطاق لم يسبق له مثيل فى قادم السنوات،و لا بدّ أيضا من القطع مع الطرق السريعة الوهمية المرتبطة بالتحريفية لأنّ مثل هذه الطرق السريعة لا تؤدّى إلاّ إلى هيمنة إمبريالية متجدّدة و متشكّلة من جديد و لكنّها تظلّ جوهريا متشابهة ، هذا هو الدرس العميق المستخلص من الغيفارية. /.
===============================================
الهوامش :
1- تشخيص متداول لدي مثقفين برجوازيين فى فترة 66/70 فى كوبا (فترة ماو- غيفارا) أو الكتابات الثورية لجورج جاكسن الذى يشير إلى أنّ الذين قرؤوا ماو ، تشى و فانون" كعتاصر ثورية ضمن المسجونين.
2- لم يعد دوبريه طبعا يدافع عن المواقف التى صاغها فى كتابه، و مع ذلك فبما أنّه العرض أل:ثر تركيزا و الأكثر تأثيرا للغيفارية، فإنّ جزءا كبيرا من النقاش سيأخذ بالضرورة عديد المواقف فى كتبه " ثورة داخل الثورة " بصورة خاصة. و نشير إشارة عابرة إلى أنّ السيد دوبريه يُستعمل الآن عادة كوجه هام فى نظام ميتران. فقد سافر أخيرا إلى نيكارغوا ليشير بإسم ميتران إلى "تجاوزات الحكومة الساندينية للسيرورة الديمقراطية" والكتاب الأخير لدوبريه هو إحتفال بالدور التقدّمي للقومية الفرنسية فى العالم.
3- فى مكان آخر يشير دوبريه عرضا إلى حركة الفلاحين الكلومبيين خلال القمع الدموي للحرب الأهلية فى أواخر الأربعينات و بداية الخمسينات و يلمح فى نقطة اخرى إلى إنتفاضة الهنود الأصليين ضد الإسبانيين فى البيرو بقيادة توباك آمارو لكن حتّى هذه الأمثلة ذاتها كانت قدّمت بصفة إحادية الجانب لبيان عدم توافقها مع حرب الفلاحين للتحرير فى أمريكا بما أنّها لم تتوصّل هي ذاتها بديهيا للتحرير.
4- أدّت هذه التغييرات بالبعض - بمن فيهم الغيفاريين الجدد اليوم - إلى إدّعاء أنّ الفلاحة الآن تقريبا كلّيا رأسمالية فى أمريكا اللاتينية. و يوظّفون هذا كحجّة أخرى ضد الحرب الثورية المعتمدة على الفلاحين. لم يلتجأ لا غيفارا و لا دبوريه إلى هذه الحجّة الخاصة رغم أنّه يمكن العثورة على بصمات لها فى كتاب دبوريه. و يبرز الطابع اليمني لهذا الخطّ عند ربطه إنكار العلاقات الإقطاعية / شبه الإقطاعية بالمعارضة التامة للحرب الثورية للجماهير فى بلاد حيث تخوضها؛ أنظروا مثلا "الديمقراطية الرأسمالية فى البيرو" لتبراس ، و مورولي و هانتس فى "مجلّة اليسار الجديد" عدد 142، فيه يهاجم الكتّاب النضال المسلّح بقيادة الحزب الشيوعي البيروفي على أنّه "يقطع الفرص على اليسار و ربّما يفضى إلى هجوم عسكري بغض النظر عن الإحتقار الشعبي للقوات المسلّحة".
5- المثالية الموضوعية تدافع عن أنّ أفكار ومعتقدات الأشخاص تخلق الواقع المادي أو بصفة أعمّ تحدّد طابع ذلك الواقع أكثر من العكس. و بينما تلعب الأفكار دورا كبيرا و يمكن أن تتحوّل إلى قوّة مادية جبّارة نفإنّ هذا يعتمد على مدى عكسها للواقع الموضوعي و إدراك قوانين الحركة و التطوّر الكامنين فيه.
6- و اليوم فى امريكا اللاتينية ، يشاهد التحريفيون متقدّمين أو متموقعين بهدف المفاوضات لأجل إقتسام السلطة مع مختلف الحكومات الإستعمارية الجديدة المرتبطة بالولايات المتحدة.
7- بالكاد كانت هذه القوى موازية فى موقفها و رؤيتها لحركة 25 جويلية فى كوبا كما سبق وصفها.
8- لنكن واضحين ، لا نتّفق مع نقد غيفارا على أنّ سبب فشله و عرقلة محاولته دفع إنتفاضة هنا يعزى لكونه لم يكن بوليفيا. كان هذا النقد ردّا "بصفة غير رسمية من بعض العناصر اليمينية فى الصين و التى ذهبت إلى حدّ إتهامه ب "تصدير الثورة" !. إنّ الثورة البروليتارية ثورة عالمية و على الثوريين أن يعملوا فى كلّ الحالات إنطلاقا من هذا الأفق و أن يقوموا بمساهمتهم حيث سيكون لها أكبر تأثير و صلوحية أممية ،و لا نرى أي خطإ بالتأكيد فى "تصدير الثورة" ( طالما مثلما أشار بوب آفاكيان ، أنّ هناك من يستوردها، فالمسألة عند غيفارا تطرح إنطلاقا من طبيعة البديل و ليس إنطلاقا من الأممية و إنّ ما جعله أخيرا شهيرا يعود إلى الأفق المخفي الذى قاده ألا وهو المصلحة الوطنية للدولة الكوبية.
9- يهاجم جوبريه أيضا فكرة يدافع عنها ضمن آخرون الفوضويون و التروتسكيون وهي أنّ الثورة يمكن القيام بها بالإعتماد على العمليات المسلّحة للدفاع عن الذات من قبل الجماهير كنقطة إنطلاق للثورة و مثال حركة من هذه الحركات إفتكاك عمّال مناجم الصفيح للمناجم فى بداية الثورة البوليفية سنة 1952 ( وكذلك لفترة إثر الثورة و خيانتها). بحقد عبّر دوبريه عن أنّ هذا الإتباع للعفوية لا يمكن إلاّ أن يفضي إلى الهزيمة و أنّ جيشا فعليا يجب أن يتكوّن للقيام بالثورة و أنّ ما يرمى إليه من دفع العمّال فى إنتفاضتهم لوحدهم ضد بنادق الدولة هو عموما إضعاف عميق للمعنويات .و مع ذلك ما تجنبه دوبريه هو نقاش كيف يمكن إستغلال هذه الإنتفاضة من قبل حركة ثورية حقيقية ،و مهما يكن فإنّ هذا يمثّل عنصرا ثانويا فى كتاب دوبريه و ليس وثيق الصّلة بهذه النقاط الساسية موضوع النقاش هنا.
10- شرع السوفيات فى مثل هذا الضغط سنة 1968 عندما قلّصوا من السلع المشحونة بالسفن من الزيت الموعود إلى كوبا،و فى نفس القت رفعوا كمية السلع المشحونة إلى البرزيل و التشيلي،و شهدت هذه الفترة شروع كاسترو فى التراجع إلى طريق "الجادة" التى إنتهت بع إلى رعياة (هيمنة) السوفيات للإقتصاد الكوبي خلال أزمة العشر ملايين طن و تحوّل بذلك كاسترو من المنشقّ من النوع خاص إلى نوع التحريفية السوفياتية القائمة.
11- تمثّل ممارسة الحزب الشيوعي البوليفي أثناء هذه العملية عرضا لأكثر الطرق الأرتودكسية تحريفية فمونخى ذاته يقال عنه إنّه إعترض بعض عناصر مجموعة شبابية تعمل مع فيالق الأنصاريين فى محطّة حافلات و هدّدها أن يشي بها إلى الشرطة إذا إقتربت من الحافلة .قال باقوا ، ريتشرد هاريس،( وهو كاتب متعاطف بصفة خاصة مع غيفارا ) فى كتابه : "موت ثائر " إنّ عديد الكوادر الوسط فى الحزب الشيوعي حاولت أن تبيع معلومات عن وجود غيفارا إلى السي آي آي ،و بالفعل قدّمت معلومات ذات قيمة حول عملية أنصارية بما فى ذلك الحجم الصحيح و المكوّنات و الإستراتيجيا و منابع الإسناد. و أصبغ هاريس كذلك المصداقية على ما نقله جورج كولى ، قائد سامى من الحزب الشيوعي الذى كان له أخ فى قيادة القوات الجوية البوليفية إستعمل ك"رابط بين النظام البوليفي وواشنطن من جهة و الشيوعيين الأرتودكسيين و موسكو من جهة ثانية ( هاريس 1970، صفحة 162) ، من أنّ الحزب الشيوعي البوليفي لم يعارض الغيفارية بصفة مفتوحة و لكنّه كان يمارس تجاهها سياسية قطع السند بصمت. /.
References
Bonachea, Rolando E. and Nelson P. Vaidés, eds. 1969. Che: Selected Works of Ernesto Guevara. Cambridge, MA.: MIT Press.
Debray, Régis. 1967. Revolution in the Revolution? New York: Grove Press.
Dominguez, Jorge I. 1978. Cuba: Order and Revolution. Carnbridge: Harvard University Press.
Harris, Richard. 1970. Death of a Revolutionary. New York: W.W. Norton.
Huberman, Leo and Paul M. Sweezey, eds. 1967. Régis Debray and the Latin American Revolution, A Collection of Essays. New York and London: Monthly Review Press.
Lenin, V.I. 1970. Karl Marx. Peking: Foreign Languages Press. Originally published in 1914.
________. 1975. What is to be Done? Peking: Foreign Languages Press. Originally published in 1902.
Mao Tsetung. 1967. “The Chinese Revolution and the Chinese Communist Party.” Selected Works, in five volumes. Peking: Foreign Languages Press. (Volumes 1-4, 1967; volume 5, 1977.) Originally published in 1939.
________. 1971. “Where Do Correct Ideas Come From?”, Selected Readings. Peking: Foreign Languages Press. Originally published in 1963.
Revolutionary Communist Party, USA. 1983. Cuba: The Evaporation of a Myth. Chicago: RCP Publications. Third printing.
Revolutionary Communist Party of Chile and the Revolutionary Communist Party,USA. 1981. Basic Principles for the Unity of Marxist-Leninists and for the Line of the International Communist Movement. Available from RCP Publications, Chicago.
Revolutionary Internationalist Movement. 1984. Declaration of the Revolutionary Internationalist Movement. Available from RCP Publications, Chicago.
Bibliography
Avakian, Bob. 1979. Mao Tsetung‟s Immortal Contributions. Chicago: RCP Publications.
________. 1981. Conquer the World? The International Proletariat Must and Will. Published as special issue number 50 of Revolution magazine. Chicago: RCP Publications.
________. 1982. If There is to be a Revolution, There Must be a Revolutionary Party. Chicago: RCP Publications.
Castro, Fidel. n.d. History Will Absolve Me. New York: Center for Cuban Studies.
Communist Party of Peru. 1984. Develop Guerrilla Warfare. Berkeley: Committee to Support the Revolution in Peru.
Guevara, Che. 1967, Guerrilla Warfare. New York and London: Monthly Review Press.
________. 1968. The Complete Bolivian Diaries. Daniel James, ed. New York: Stein and Day.
Gott, Richard. 1971. Guerrilla Movements in Latin America. Garden City, N.Y.: Doubleday.
Karol, K.S. 1970. Guerrillas in Power. New York: Hill & Wang.
Lévesque, Jacques. 1978. The USSR and the Cuban Revolution. New York: Preager.
Lin Piao. 1965. Long Live the Victory of People‟s War. Peking: Foreign Languages Press.
Mao Tsetung. 1972. Selected Military Writings. Peking: Foreign Languages Press.
Mesa-Lago, Carmelo and Cole Blasier, eds. 1979. Cuba in the World. Pittsburgh: University of Pittsburgh Press.
Palacios, Jorge. 1979. Chile: An Attempt at Historic Compromise. Chicago: Banner Press.
Silverman, Bertram, ed. 1971. Man and Socialism in Cuba. New York: Atheneum.

======================================================================















الجزء الثاني :
الثورة فى البلدان الإمبريالية – الحزب الشيوعي الثوري ،الولايات المتحدة الأمريكية
================================================
-1 - الوثيقة الأولى : بصدد إستراتيجيا الثورة
===================================
بصدد إستراتيجيا الثورة
بيان للحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية (فيفري 2011)
فى ظلّ هذا النظام الرأسمالي ، كثيرون هم في هذا المجتمع و عددا كبيرا من البشر مضطرّون إلى تحمّل مصاعب كبرى و معاناة و إستغلال و لامساواة و عنف ، بينما تهدّد الحروب و التدمير الجاري للبيئة الطبيعية مستقبل الإنسانية ذاته. لقد قدّم حزبنا فى " دستور الجمهورية الإشتراكية الجديدة لشمال أمريكا (مشروع)" رؤية ملهمة و إجراءات ملموسة لبناء مجتمع جديد ، مجتمع إشتراكي غايته الأسمى عالم شيوعي حيث يتحرّر الناس في كلّ مكان من كوكبنا من علاقات الإستغلال و الإضطهاد و النزاعات العدائية الهدّامة و يصبحون من المعتنين بكوكب الأرض بيد أنّه لتحويل هذه الإمكانية إلى واقع نحتاج إلى ثورة.
يؤكّد العديد من الناس أنّه " لا يمكن أن تقع ثورة في هذه البلاد فالسلطة القائمة قوية للغاية و الشعب منغمس كثيرا و غارق إلى حدّ كبير فى مسايرة الأمور وحجم القوى الثورية صغير للغاية " .هذا خطأ – الثورة ممكنة فعلا.
بالطبع ليس بوسع الثورة أن تحدث في الظروف و بالشعب الراهنين. لكن الثورة يمكن أن تحدث مع تغيّر في الظروف و تغيّر فى وعي الشعب و تنظيمه بفعل التطوّرات في العالم و بفضل نشاط الثوريين... مع توصّل الشعب إلى رؤية أنّ الأمور لا يجب أن تكون على ما هي عليه... مع توصله إلى إدراك لماذا الأشياء على هذه الحال و كيف يمكن لها أن تكون مغايرة جذريّا... و مع إلهامه و تنظيمه للإلتحاق بالحركة الثورية و مراكمة القوى.
لن تحدث ثورة بالنشاط نشاطا غير معقول- محاولة الإطاحة بهذا النظام القويّ بينما لا توجد بعدُ قاعدة لذلك- أو بمجرّد إنتظار " اليوم المناسب" يوم تصبح الثورة بمفعول سحريّ نوعا ما ممكنة. فالثورة تتطلّب عملا مستمرّا في بنائها و إنطلاقا من فهم جدّي و علمي لما يقتضيه عمليّا بلوغ نقطة الثورة و كيف تتوفّر فرصة حقيقية للإنتصار.
كي تكون الثورة ثورة حقيقية ينبغى أن توجد: أزمة ثورية و شعب ثوري ، يعدّ الملايين بقيادة حزب ثوري عالي التنظيم و الإنضباط و يتمتّع ببعد النظر. بوضوح ، هذا غير متوفّر واقعيّا الآن. لذا ، كيف يمكن لهذا أن يوجد ؟ و ما هي الخطّة الإستراتيجية لتحقيق ذلك؟
تكمن إمكانية أزمة ثورية في صميم طبيعة النظام الرأسمالي ذاته- بتقلّباته الإقتصادية المتكرّرة و بطالته و فقره و لامساواته العميقة و تمييزه العنصري و إنحطاطه و عنفه و تعذيبه و حروبه و تسيّبه الهدّام .كلّ هذا يتسبّب فى عذابات هائلة. و أحيانا يؤدّى إلى أزمة على مستوى معيّن أو آخر- و رجّات و إنهيارات مفاجأة في " السير العادي" للمجتمع يدفع العديد من الناس إلى التساؤل و مقاومة ما كانوا إعتادوا الرضوخ له. ليس بوسع أي كان أن يتنبّأ مسبّقا و على وجه الضبط ما الذي سيستجدّ في هذه الأوضاع- درجة تعمّق هذه الأزمة، و طرق ومدى رفعها تحدّيات أمام النظام ككلّ، و درجة و كيفية دفعها إلى الإضطراب و التمرّد في صفوف الناس الذين عادة ما يكونون أسيري هذا النظام أو عادة ما يشعرون بأنّه لا قدرة لديهم على الوقوف ضدّ عمل هذا النظام. لكن هناك نقطتان هامتان هما :
1- مثل هذه "الإنقطاعات" فى " السير العادي" للأمور حتى و إن لم تتطوّر تماما إلى أزمة جوهرية بالنسبة للنظام ككلّ ، تنشأ أوضاعا فيها يبحث عدد أكبر فأكبر من الناس عن أجوبة و يصبحوا أكثر تقبّلا للتغيير الجذري. و العمل من أجل بناء حركة ثورية ينبغي أن يتمّ بإستمرار في كافة الأوقات إلاّ أنّه في هذه الأوضاع من الإنقطاعات الحادّة فى " السير العادي" هناك إمكانية أوفر و إحتمال أكبر للتقدّم. و يجب الإعتراف بهذا تمام الإعتراف و البناء على هذا الأساس إلى أبعد الحدود الممكنة حتى تحصل خلال هذه الأوضاع قفزات فى بناء الحركة و تنظيم قوى الثورة، مشيّدين على هذا النحو قاعدة أقوى إنطلاقا منها نعمل من أجل مزيد التقدّم الأعمق.
2- و في أوضاع معيّنة ، قد تقع أحداث كبرى، أو تغيرات كبرى في المجتمع و العالم و يمكن أن تتكثّف فتهزّ النظام و أسسه هزّا ... ويمكن أن تحصل إنهيارات عميقة و تتوسّع لتشمل صفوف الهياكل و المؤسسات الحاكمة... و يمكن فضح علاقات الإضطهاد الفظّة بشدّة ...و يمكن أن تتعمّق النزاعات بين القوى السائدة بحيث لن تتمكّن من معالجتها بسهولة و يغدو أصعب بكثير بالنسبة لها أن تمسك الأمور بقبضة واحدة و أن تسحق الشعب. فى وضع من هذا القبيل ، يضع الكثير من الناس موضع السؤال جدّيا و مباشرة " شرعية" النظام القائم و حقّ و قدرة القوى الحاكمة فى الإستمرار فى الحكم و يتلهّف الملايين من الناس لتغيير جذري لا يمكن أن تحدثه سوى الثورة.
نحتاج إلى تعلّم المزيد و سنفعل، المزيد بشأن كيف يمكن للنضال الثوري أن ينتصر عندما تنشأ هكذا ظروف ، لكن الرؤية و المقاربة الإستراتيجية الأساسيتين قد وقع تطويرهما من أجل إلحاق الهزيمة بالقوى المضطهِدة و مؤسسات هذا النظام و تفكيكها فعليّا- و إنشاء مؤسسات جديدة لنظام جديد ثوري- حينما تتوفّر أزمة ثورية و شعب ثوري.( و هذه الرؤية و المقاربة الأساسيين جرى تقديمهما فى " بصدد إمكانية الثورة " – وهي أيضا مدرجة ضمن كرّاس " الثورة و الشيوعية : أساس و توجّه إستراتيجي" من منشورات حزبنا).
لكن إمكانيات الثورة لن تنضج حقّا إلاّ إذا كان الذين يقرّون بالحاجة إلى ثورة يعدّون الأرضية لذلك سياسيّا و إيديولوجيّا من الآن: يعملون قصد التأثير على تفكير الناس فى إتجاه ثوري و تنظيمهم في النضال ضد هذا النظام و كسب أعداد متزايدة للمساهمة بنشاط في بناء حركة ثورية. هذا هو الشغل الشاغل لحزبنا و ما نقصده بقول إنّنا " نسرّع بينما ننتظر" التغييرات التي تجعل الثورة ممكنة. هذا هو مفتاح إختراق الوضع حيث ليست توجد بعدُ الظروف و القوى اللازمة للقيام بالثورة، بيد أنّ هذه الظروف و هذه القوى لن تولد أبدا بمجرّد إنتظار ظهورها.
طوال الطريق ، فى كلّ من " الأوقات العادية" و لا سيما فى أوقات إحتداد الإنقطاعات فى " السير العادي" ، من الضروري العمل بلا هوادة لمراكمة القوى- لإعداد الأذهان و تنظيم الناس بأعداد متنامية - من أجل الثورة فى صفوف الملايين و الملايين الذين يعيشون جهنّم كلّ يوم فى أقسى أشكالها فى ظلّ هذا النظام|؛ لكن أيضا فى صفوف عديد الآخرين الذين يمكن ألاّ يشعروا ، على أساس الحياة اليومية ، بالثقل الساحق لهذا النظام الإضطهادي لكنهم في ذُلّ و محتقرون و مغتربون و غالبا ناقمون على ما يفعله بهم هذا النظام و على العلاقات التي يشجّعها بين الناس و يعزّزها و أيضا على العنف الذي يجسّده.
كيف ننجز هذا العمل؟
مقاومة السلطة و تغيير الناس من أجل الثورة : هذا شطر كبير من الإجابة. يحتاج الناس إلى المقاومة و بالفعل نراهم يقاومون العديد من طرق إستغلال البشر و البيئة و إحتقارهم و تدميرهم و حتى تحطيمهم من قبل هذا النظام. غير انّه لجعل تلك المقاومة أشدّ – و مزيد المضي بها قدما نحو القضاء على كلّ هذا – يحتاج الناس إلى تعلّم أنّ المشكل الجوهري هو النظام الرأسمالي و أنّ الحلّ هو التخلّص منه و إيجاد نظام جديد ، إشتراكي هدفه الأسمى هو عالم شيوعي. ومقاومة السلطة و تغيير الناس من أجل الثورة جزء مفتاح فى مقاربتنا الإستراتيجية يوفّر لحزبنا طريقة للتوحّد مع و قيادة الناس بإتجاه تغيير أنفسهم و هم يساهمون في النضال في سبيل تغيير العالم...لرفع رؤوسهم و توسيع نظرتهم بغية التعرّف على نوع العالم الممكن، و مصالحهم الحقيقية و من هم أصدقاؤهم الحقيقيون و أعداؤهم الحقيقيون ، و هم ينهضون ضد هذا النظام... ليتبنّوا نظرة ثورية و قيم و أخلاق ثورية مع إلتحاقهم بآخرين في مقاومة جرائم هذا النظام و بناء أساس للنضال الثوري الشامل لكنس هذا النظام نهائيّا و إيجاد طريقة جديدة لتنظيم المجتمع ، طريقة جديدة كلّيا للحياة... و التحوّل إلى محرّري الإنسانية.
كي يحدث كلّ هذا و كي تتمكّن الثورة من الحصول على فرصة حقيقية للإنتصار ، القيادة أمر أساسي. و هذه القيادة متوفّرة غير أنّ الكثير من العمل ينتظرنا :
دعم حزبنا و تعزيزه كقيادة شاملة لهذه الثورة : بقدر ما تنتشر وجهة النظر و الإستراتيجيا الثوريتين لحزبنا ، بقدر ما تكسب تأثيرا عبر المجتمع... وبقدر ما يتوصّل الناس إلى فهم غاية حزبنا و القبول بها و الإنضمام إلى صفوفه على ذلك الأساس...بقدر ما يبلغ" تأثير" الحزب كلّ ركن من أركان البلاد ... و بقدر ما تنمو قوّته التنظيمية و قدرته على الصمود و قيادة الشعب في السير إلى الأمام في مواجهة قمع الحكومة الهادف إلى سحق المقاومة ووأد الثورة ، بقدر ما يتمّ الإعداد للثورة و إمكانية الإنتصار تكون أكثر مواتاة.
التعلّم من رئيس حزبنا ، بوب آفاكيان، و نشر معرفة و تأثير قيادته ذات الرؤية الثاقبة، و الدفاع عن هذا القائد النادر و الثمين و حمايته: لقد كرّس بوب آفاكيان حياته منذ الستينات لقضية الثورة و الشيوعية. وهو يقدّم القيادة العملية للحزب و الحركة الثورية ، درس بعمق و لخّص التجربة التاريخية العالمية للثورة الشيوعية و البلدان الإشتراكية التي نشأت عنها – المكاسب العظيمة و كذلك الأخطاء الجدّية- و درس عديد مجالات التجربة و المعرفة الأساسيتين . لقد تقدّم بعلم الشيوعية و أنجز إختراقات حيوية في النظرية و المنهج و إستراتيجيا الثورة و الهدف النهائي للشيوعية عبر العالم. و من الحيوي لأعداد متنامية من الناس معرفة خطاباته و كتاباته و دراستها...و الدفاع عنه و حمايته... و المسك بالقيادة التي يقدّمها و التي تفتح دروبا جديدة للثورة.
ترويج جريدة حزبنا ، الثورة، بأكثر قوّة و شمولية : و لهذا دور محوري في إنجاز إستراتيجيتنا. و من خلال نشر أعمال بوب آفاكيان، و عبر عديد المقالات و الحوارات الصحفية و الرسائل و الصور و غيرها من الأشياء ، "الثورة " تمكّن الناس من الفهم الحقيقي و العمل على تغيير العالم جذريّا... تقدّم للناس صورة حيّة و تحليلا علميّا لما يحدث في العالم و لماذا ...و تفضح الطبيعة الحقيقية لهذا النظام و تبيّن كيف أنّ أحداثا كبرى في المجتمع و العالم تمثّل تعبيرا مركّزا عن التناقضات الأساسية لهذا النظام الإضطهادي و المتعفّن...و تبرز حيويّة الحاجة إلى الثورة و إمكانيتها و الحاجة إلى مجتمع و عالم جديدين كلّيا... ترفع من قدرات الأعداد المتزايدة من الناس ، فى كافة أنحاء هذه البلاد ،على النشاط سياسيّا بشكل موحّد، و للصراع و المساعدة على إيجاد حلول لمشاكل حركتنا، على أساس وعي ثوري متنامى... إنّها الأداة المفتاح فى تطوير شبكة سياسية منظّمة في صفوف الأكثر إضطهادا و الفئات الأخرى من الناس ، الذين يمكن أن يكون لهم التأثير المتنامي على المسرح السياسي و المجتمع ( و العالم) ككلّ، بانين قوى الثورة و مأثّرين حتّى في أعداد أوسع من الناس...إنّها توفّر أساسا ووسيلة لنشر " تأثير" الحركة الثورية و بناء قواعد لهذه الحركة - في الأحياء حيث يعمل الناس و يدرسون فى المعاهد و حيث يتجمّعون- و بخاصة حيث يقاومون هذا النظام و يتمرّدون عليه.
كلّ هذا يمكن أن يسلّح الحركة الثورية ، و الحزب في موقع القلب منها ، لمواجهة الحواجز الحقيقية جدّا في طريقها و تخطّيها ...و التقدّم و النموّ ، عبر النشاط الجاري و عبر سلسلة قفزات حيوية في أوقات الإنقطاعات و الإنكسارات الفجئية ل"السير العادي"... و إعداد الأرضية و مراكمة القوى من أجل الثورة – و توفير فرصة حقيقية للإنتصار. كيف يمكن التقدّم بالآلاف و توجيههم و تنظيمهم و تدريبهم على نحو ثوري، بينما ندخل في تواصل مع الملايين و تأثّر فيهم ،حتى قبل وجود وضع ثوري ...ثمّ حينما يوجد وضع ثوري ، بإمكان هذه الآلاف أن تمثّل حجر الزاوية و القوّة المركزية فى كسب الملايين للثورة و تنظيمهم في النضال لإنجاز الثورة.
إلى الذين يتوقون إلى و يحلمون بعالم مغاير تماما،عالم خال من الجنون والآلام التي يتسبّب فيهم هذا النظام يوميّا...إلى الذين تجرؤوا على الأمل بإمكانية هكذا عالم – و حتى إلى الذين إلى الآن يرغبون في رؤيته لكنّهم قبلوا بأنّ هذا لن يحدث أبدا...نقول إنّ هناك مكان ودور، حاجة ووسيلة للآلاف الآن وفى النهاية للملايين ليساهموا في بناء هذه الحركة من أجل الثورة بشتّى الطرق المختلفة ،الكبيرة منها و الصغيرة- بالأفكار و بالمساهمة العملية ،بالدعم و بالأسئلة و النقد.نقول لهم إنضمّوا إلى حزبنا ، تزوّدوا بالمزيد من المعلومات عن هذه الحركة و كونوا جزءا منها و أنتم تتعلّمون ناشطين في وحدة مع آخرين في هذه البلاد ، و عبر العالم ، وغايتكم تحقيق الهدف الباعث على التحدّي الكبير والملهم و التحرّري – ونعم الممكن- ألا وهو هدف تحرير الإنسانية جمعاء عبر الثورة و التقدّم صوب العالم الشيوعي ، الخالي من الإستغلال و الإضطهاد.

================================================================
-2- الوثيقة الثانية :
دستور الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا (مشروع مقترح)
================================================================
دستور الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا (مشروع مقترح)
الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية – منشورات الحزب الشيوعي الثوري 2010 .
تقديم : حول طبيعة هذا الدستور و هدفه و دوره :
لقد تمّت صياغة هذا الدستور ( مشروع مقترح) و المستقبل فى ذهننا. هدفه هو تقديم نموذج أساسي و مبادئ و توجهات أساسية لطبيعة سير المجتمع و الحكومة فى تباين جلي مع الموجودين الآن: الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا ، دولة إشتراكية ستجسّد و تأسّس و تشجّع علاقات و قيم مغايرة بين الناس ؛ دولة إشتراكية غايتها النهائية و الجوهرية ستكون ، عبر النضال الثوري عالميّا ، بلوغ تحرير الإنسانية جمعاء و تدشين عصر جديد كلّيا فى تاريخ الإنسانية – الشيوعية- مع الإلغاء النهائي لكلّ العلاقات الإستغلالية و الإضطهادية ضمن البشر و النزاعات العدائية الهدّامة التى تولّدها هذه العلاقات.
لأجل أن تظهر هذه الدولة الإشتراكية الجديدة ، سيكون من الضروري أن نهزم بصورة تامّة الدولة الرأسمالية –الإمبريالية الأمريكية و نفكّكها و نقضى عليها؛ و هذا بدوره لن يكون ممكنا إلاّ بتطوّر أزمة حادّة فى المجتمع و ظهور شعب ثوري بالملايين و الملايين تقوده طليعة شيوعية ثورية وهو واعي للحاجة إلى القتال من أجل ذلك و مصمّم عليه. و العمل من أجل هذه الغاية – و التسريع بينما ننتظر هذا الظهور الضروري ، و هدف الثورة و فى النهاية الشيوعية واضح فى الذهن- توجّه إستراتيجي لدى الحزب الشيوعي الثوري الأمريكي .و كجزء هام من بعث الحياة فى هذا التوجّه الإستراتيجي و تكريسه ، ننشر " دستور الجمهورية الجديدة فى شمال امريكا" ( مشروع مقترح): كمساهمة فى سيرورة خلالها تفكّر الأعداد المتنامية من الناس و تتفاعل مع ما إذا و كيف و شكل وجود بديل حقيقي للنظام الرأسمالي-الإمبريالي الراهن و المعاناة و النهب اللذان لا يتصوران و المفروضان فرضا على الغالبية العظمى من الشعوب فى العالم ، على الإنسانية جمعاء و كذلك على البيئة و نسيج الأنواع المترابطة القاطنة على هذه الأرض ، لتقديم معنى ملموس اكثر عن طبيعة المجتمع الإشتراكي و هيكلته و تسييره الأساسيين و حكومته المقدّمة هنا و المبادئ و الأهداف الكامنة و المرشدة لهذا ، و لتمكين الناس من رؤية دقيقة موجزة لما هو فى الواقع تمايز جذري بين المجتمع و الحكومة المقدّمة هنا من جهة و النظام الرأسمالي –الإمبريالي الحاكم الآن فى البلاد و الذى يمارس الهيمنة على العالم بأسره بهذه التبعات الفظيعة ، من جهة ثانية.
مصطلح " الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا" إخترناه ليس لأنّه بالضرورة سيكون إسم مثل هذا المجتمع الإشتراكي الذى سيولد من الثورة فى هذا الجزء من العالم ( الإسم الشكلي سيُقرّره فى حينه التركيز الفعلي لهكذا دولة إشتراكية) ؛ بالأحرى يستعمل هذا المصطلح بغاية تركيز أنّ هذا مقترح لدستور دولة إشتراكية وقد ولدت حديثا وهي فى المراحل الأولى لوجودها ، بإنتصار الثورة التى وضعت نهاية للإمبريالية الأمريكية و عوّضتها بمجتمع ثوري جديد على طريق الإشتراكية. و بينما إرتأينا أن ننشر هنا ، بأكبر قدر ممكن ، المبادئ و المؤسسات و الهياكل و السيرورات الأساسية التى ستميّز المجتمع الإشتراكي الجديد ، و بصفة خاصّة سير حكومته ، فإنّ الكثير من هذه المظاهر الخاصّة لهذا ستتأثّر بالطبع بالوضع الموجود لحظة تركيز الدولة الإشتراكية الجديدة – بما فى ذلك عوامل كحجم المجال الجغرافي الذى تمّ تحريره من الإمبرياليين و ( من رجعيين آخرين) و تعزيزه كمجال جغرافي للدولة الإشتراكية الجديدة ، و الوضع العام السائد ، لا سيما بمعنى الصراع بين القوى الثورية و الرجعية ، فى هذا الجزء من العالم ،و فى العالم بأسره ،زمن تأسيس الدولة الإشتراكية الجديدة. و قد وقع الحديث عن شيئ من هذا فى الدستور ( مشروع مقترح) التالي ، لكن هناك بوضوح مظاهر هكذا وضع مستقبلي يمكن توقّع حصولها فقط بصيغة عامة و أخرى يمكن أن تظهر و لا يمكن أبدا توقّعها الآن. و مع ذلك ، غايتنا هي و قد إجتهدنا وسعنا لنقدّم كأوضح ما يكون المبادئ الأساسية التى ستتجسّد فى دستور دولة إشتراكية جديدة فى شمال أمريكا ،و غالبية الوسائل الخاصّة التى ستطبّق من خلالها هذه المبادئ لأجل تمكين الناس و تشجيعهم ، بطريقة جدّية و ملموسة ، على الرؤية المعروضة هنا لهذه الدولة الإشتراكية وما تمثّله من إمكانية مجتمع و عالم مغايرين جذريّا.و مجدّدا هدفنا من نشر هذا المشروع المقترح هو أن نحفّز بأوسع ما أمكن التفاعل الجذري و المادي مع المشروع المقترح ،و النقاش و الجدال الحيويين حول ما يقدّمه كنوع من المجتمع و العالم ليكون ليس فحسب متصوّرا و إنّما ليناضل من أجله بنشاط.
و نقطة أخيرة : كمشروع مقترح دستور دولة إشتراكية جديدة ، تركّز هذه الوثيقة على و تعتنى أوليّا بتناول أهداف الحكومة و طبيعتها و غاياتها و تسييرها فى المجتمع الجديد و لا تسعى إلى أن تناقش بأي عمق الفكر الفلسفي الإيديولوجي و السياسي الإستراتيجي المتعلّق بضرورة بعث مثل هذه الدولة إلى الوجود و أساسه ووسائله. و من أجل خلفية فى علاقة بهذا ، نقترح بقوّة خطابات رئيس حزبنا ، بوب آفاكيان ، و كتاباته و كذلك منشورات حزبية أخرى ، بما فيها : " العصافير ليس بوسعها أن تلد تماسيحا ، لكن الإنسانية بوسعها أن تتخطّى الأفق" ؛ " الثورة و الشيوعية : أساس و توجه إستراتيجيين" ، " القانون الأساسي للحزب الشيوعي الثوري للولايات المتحدة الأمريكية" ، " الشيوعية : بداية مرحلة جديدة : بيان من الحزب الشيوعي الثوري، الولايات المتحدة الأمريكية".
الحزب الشيوعي الثوري، الولايات المتحدة الأمريكية – 20 أكتوبر 2010
========================================================
دستور الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا (مشروع مقترح)

يشمل هذا الدستور مدخلا و ستّة أبواب:
الباب الأوّل: الحكومة المركزية.
الباب الثاني: الجهات و المناطق و المؤسسات الأساسية.
الباب الثالث: حقوق الناس و النضال من أجل إجتثاث الإستغلال و الإضطهاد كافة.
الباب الرابع: الإقتصاد و التطوّر الإقتصادي فى الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا.
الباب الخامس: تبنّى هذا الدستور.
الباب السادس : تنقيحات هذا الدستور.
-------------------------------------------
مدخل :
لن يمكن لهذه الجمهورية الإشتراكية الجديدة أن تولد إلاّ نتيجة للنضال البطولي و لتضحيات ملايين و ملايين الناس الذين إضطرّوا للعيش فى ظلّ نظام إستغلال و إضطهاد فى الولايات المتحدة الأمريكية السابقة ، الذين لم يعودوا قادرين على تحمّل الفظائع و الظلم المتواصلين الذين يقترفهما النظام الرأسمالي- الإمبريالي و هياكل و مؤسسات السلطة و القمع التى فرضت كلّ هذا بالعنف و القمع و كذلك الأكاذيب و الإحباط ، الناس الذين رفضوا أن يستمرّوا بعدُ فى القبول بأن ذلك هو أفضل مجتمع و عالم ممكنين، و كانوا بصفة تصاعدية واعين و ملهمين بإمكانية مجتمع و عالم مغايرين و أفضل جذريّا ؛ و الذين نهضوا بالتالى بقيادة الحزب الشيوعي الثوري لإلحاق الهزيمة بالنظام الإمبريالي فى الولايات المتحدة الأمريكية سابقا و بمؤسساته و جهازه القمعي و عنفه ، و القضاء عليهم و تفكيكهم. و فى نفس الوقت ، لم تستطع هذه الدولة الإشتراكية الجديدة أن توجد إلاّ نتيجة سيرورة شاملة من العمل و النضال الثوريين فى خضمّ النظرية و كذلك النشاط السياسي العملي للحزب الشيوعي الثوري كطليعة للسيرورة الثورية ، لتمكين كلّ من الحزب ذاته و أعداد واسعة متنامية من الجماهير من الإستعداد ثمّ من إستغلال فرصة ظهور وضع ثوري لهزم النظام القديم و الإضطهادي و تفكيكه و تركيز الدولة الإشتراكية الجديدة. و فى هذه السيرورة جميعها ، يمثّل التفاعل و التعزيز المتبادلين بين الدور الطليعي للحزب الشيوعي الثوري – بأساسه القائم على علم الشيوعية و مزيد تطوير هذا العلم عبر الخلاصة الجديدة التى أنتجها بوب آفاكيان- و الوعي المتنامي و النضال المتصاعد التصميم لجماهير الشعب ، عنصرا حاسما فى مسار الثورة و تأسيس دولة إشتراكية ثورية جديدة. و يواصل دستور الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا و يعطى تعبيرا و مبادرة أعمق ، فى ظروف المجتمع الجديد ، للمبادئ الجوهرية و القوى المحرّكة التى تمثّل قاعدة تركيز هذه الدولة الإشتراكية الجديدة.
على العكس من الطريقة التى من خلالها تخدم الدولة الرأسمالية- الإمبريالية و تعزّز مصالح مجموعة حاكمة صغيرة من المستغلّين ، فإنّ الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا ، بقيادة متواصلة من الحزب الشيوعي الثوري ، تعتمد و تنطلق من المصالح الجوهرية لأكثر المستغَلين و المضطهَدين بمرارة فى ظلّ النظام القديم و على الجماهير الشعبية بصورة أوسع، و توفّر لها مجال النهوض بدور يزداد إتساعا فى ممارسة السلطة السياسية و تسيير المجتمع بإتفاق مع هذه المصالح ، لخوض الصراع قصد تغيير المجتمع و إجتثاث كافة العلاقات الإضطهادية و الإستغلالية فى صفوف البشر و النزاعات العدائية الهدّامة التى تنجم عنها و فى النهاية القضاء عليها.
هذه سيرورة و هدف لا يمكن جوهريّا و فى نهاية المطاف بلوغهما إلاّ على النطاق العالمي و تقدّم الشيوعية عبر العالم. أمميّون هم توجه و مبادئ هذه الدولة كما يتجسّد ذلك فى هذا الدستور: بينما نشدّد كما ينبغى على تلبية الحاجيات المادية و الفكرية و الثقافية و على تشجيع مزيد تغيير هذا المجتمع لمواصلة إجتثاث اللامساواة الإجتماعية و المظاهر الباقية للإستغلال و الإضطهاد، فإنّه على الدولة الإشتراكية أن تولي الأولويّة المركزية لتقدّم النضال الثوري و للهدف النهائي للشيوعية ، عبر العالم ، و ينبغى أن تتبنّى و تكرّس سياسات و تحرّكات تكون متناسقة مع هذا التوجّه الأممي و تفعّله.
بصرف النظر عن هذه الإختلافات ، حتى الإختلافات الكبيرة و النوعية ، فى هياكلها و مؤسساتها السياسية و مبادئها المرشدة ، للدول جميعها مضمون إجتماعي و طابع طبقي محدّدين. إنّها تعبير عن العلاقات الإجتماعية السائدة و بصفة أكثر جوهرية عن العلاقات الإقتصادية ( علاقات الإنتاج) التى لها دور حاسم و فى النهاية محدّد فيما يتصل بكيفية سير مجتمع معيّن و كيفية تنظيمه. دور الدولة هو حماية هذه العلاقات و توسيعها و فرض مصالح المجموعة الإجتماعية - الطبقة الحاكمة- التى تحتلّ الموقع المهيمن فى المجتمع ، نتيجة لدورها فى الإقتصاد، و على وجه الخصوص ملكيتها و سيطرتها على اهمّ وسائل الإنتاج ( بما فى ذلك الأرض و المواد الأوّلية و الموارد الأخرى،و التقنية و الهياكل المادية من مثل المصانع و ما إلى ذلك.) فى المجتمع الرأسمالي ، الطبقة الرأسمالية هي الطبقة التى تحتلّ موقع الهيمنة: هياكل الحكومة و سيروراتها- و قبل كلّ شيئ أجهزة الدولة كأداة حكم و قمع طبقي ( القوات المسلّحة و الشرطة و المحاكم و السجون و السلطة التنفيذية و البيرروقراطيين) – تهيمن عليها الطبقة الرأسمالية كوسيلة لممارسة حكمها للمجتمع و قمعها للقوى التى تتعارض مصالحها معها بصفة هامة و / أو التى تقاوم حكمها. بإختصار ، كلّ الدول أجهزة دكتاتورية – إحتكار للسلطة السياسية مركّز كإحتكار ل " شرعية" إستعمال القوات المسلّحة و العنف الذى يمارس من قبل طبقة ضد أخرى و فى مصلحة طبقة ضد أخرى. و كلّ ديمقراطية تمارس فى هذا الوضع ديمقراطية بإسم الطبقة الحاكمة و ممارستها للدكتاتورية تخدم جوهريّا مصالحها. و سيظلّ أمر وجود دولة و أن الدولة تمثّل دكتاتورية من نوع أو آخر، فى خدمة مصالح طبقة حاكمة أو أخرى، طالما أنّ المجتمع منقسم إلى طبقات ( و مجموعات أخرى) ذات مصالح جوهريّا عدائية- إنقسام متجذّر فى العلاقات الإجتماعية الكامنة ، و فوق كلّ شيء فى علاقات الإنتاج المهيمنة فى المجتمع المعيّن.
و الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا ، شأنها فى ذلك شأن كافة الدول شكل من الدكتاتورية – دكتاتورية البروليتاريا- ما يعنى أنّه فى طابعها الأساسي و مبادئها و هياكلها و مؤسساتها الجوهرية و سيروراتها السياسية ، يجب أن تعبّر عن المصالح الجوهرية للبروليتاريا و تخدمها، و البروليتاريا طبقة إٍستغلالها هو محرّك مراكمة الثروة الرأسمالية و سير المجتمع الرأسمالي ، طبقة تحريرها من وضع إستغلالها لا يمكن أن يحدث إلاّ عبر الثورة الشيوعية و هدفها القضاء على كافة علاقات الإستغلال و الإضطهاد و بلوغ تحرير الإنسانية جمعاء. و فى توافق مع هذا ، فإنّ الأجهزة و السيرورات الحاكمة لهذه الدولة الإشتراكية ، على جميع الأصعدة ، ينبغى أن تكون أدوات تعميق للثورة الشيوعية و كبعد مفتاح لهذا ، يجب أن توفّر الوسائل للذين كانوا مستغَلّين و مضطهَدين فى المجتمع القديم – و كانوا بالفعل مبعدين عن ممارسة السلطة السياسية و تسيير المجتمع ، و كذلك الجهد الثقافي و الإشتغال على الأفكار عموما- لتساهم بصفة تصاعدية على هذه الأصعدة بهدف التغيير المستمرّ للمجتمع بإتجاه الشيوعية. و يتمّ التعبير عن كلّ هذا من خلال المبادئ و المقاييس و المؤسسات و الهياكل و السيرورات التى تعرض و المنصوص عليها فى هذا الدستور.
و فى نفس الوقت ، يعدّ دستور الجمهورية الإشتراكية فى شمال أمريكا مواصلة للتوجّه الإستراتيجي للجبهة المتحدة فى ظلّ قيادة البروليتاريا ، فى ظروف المجتمع الجديد الذى نشأ عن النضال الثوري. و هذا يعنى أنّه بينما ينبغى الإعتراف بأنّ الطبيعة الأساسية و المبادئ و السيرورات الجوهرية لهذه الجمهورية موجّهة وفق مصالح البروليتاريا كطبقة ، فإنه بالمعنى الأكثر جوهرية و الأوسع- القضاء على كافة علاقات الإستغلال و الإضطهاد من خلال التقدم نحو الشيوعية عبر العالم- لا يمكن للنضال أن يبلغ هذا الهدف و لن يبلغه إذا خاضه البروليتاريون فحسب على غرار ما يتصوّر البعض بمثالية و بمعنى سطحيّ و خطّي " كتجسيد تام للمبادئ الشيوعية ". و مثلما شدّدت الخلاصة الجديدة التى صاغها بوب آفاكيان ، سيرورة القيام بالثورة ، ثمّ مواصلة الثورة فى ظلّ الدولة الإشتراكية الجديدة صوب الهدف النهائي للشيوعية ينبغى أن تشمل المشاركة النشيطة لأوسع صفوف الجماهير ، من مختلف الفئات، و ستمرّعبر " قنوات" عديد متنوّعة تعمل على تشريك عدّة قوى متنوّعة فى صفوف الشعب فى شتّى مجالات النشاط الإنساني، ليس فقط أولئك المرتبطين أكثر سياسيّا أو علائقيّا ، فى زمن معطى ، بسير و أهداف قيادة الثورة و الدولة الإشتراكية الجديدة ؛ و التوجه و الهدف الذى يتبنّاه بوعي أعداد مضاعفة من الناس ، ينبغى ان يكون العمل فى سبيل تمكين كلّ هذا من المساهمة ، فى آخر التحليل ، فى النضال من أجل مزيد تغيير المجتمع بإتجاه الشيوعية.
بإتفاق مع هذا التوجّه و هذه الأهداف ، يتعيّن تطبيق مبدأ " اللبّ الصلب، مع الكثير من المرونة ".و هذا يعنى أنّه يجب ، من جهة، أن يوجد توسّع مستمرّ للقوّة فى المجتمع ، و الحزب الشيوعي الثوري كعنصره القيادي، وهو فى النهاية مقتنع بالحاجة إلى التقدّم نحو الشيوعية و ملتزم بعمق بالمضي فى خوض النضال ، عبر جميع الصعوبات و الحواجز؛ و على أساس من ذلك و فى نفس الوقت مع التعزيز المستمرّ لهذا " اللبّ الصلب " ، ينبغى أن تتوفّر مقاييس و يتوفّر مجال لتنوّع كبير فى التفكير و النشاط ، فى صفوف الشعب عبر المجتمع، " فى عديد الإتجاهات المختلفة " ، متعاطين و مجرّبين الكثير من الأفكار و البرامج و حقول النشاط المتنوّعة و مجدّدا يتعيّن أن" يشمل" كلّ هذا الحزب الطليعي و " اللبّ الصلب" بالمعنى الشامل و يجب التمكّن من المساهمة ، من خلال طرق مغايرة عديدة ، فى التقدّم على طريق عريض صوب هدف الشيوعية .
و يتجسّد هذا التوجّه و تتجسّد هذه المقاربة فى دستور الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا.
الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا دولة متعدّدة القوميّات و اللغات، قائمة على مبدأ المساواة بين مختلف القوميات و الثقافات وأحد أهدافها الجوهرية هو التخطّى التام للإضطهاد و اللامساواة القوميين اللذان مثّلا جزءا أساسيّا من الإمبريالية الأمريكية عبر التاريخ. و فقط على قاعدة هذه المبادئ و الأهداف يمكن تجاوز الإنقسام فى صفوف البشرية إلى بلدان و أمم تجاوزا تاما و يمكن إيجاد مجتمع عالمي لتجمّع حرّ للبشرية. و يتجسّد هذا التوجّه أيضا فى مختلف مؤسسات الدولة و فى تسيير الحكومة فى الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا .
لقد ظهر إضطهاد النساء مع ظهور الإنقسامات الطبقية الإستغلالية قبل آلاف السنين من الآن، و جرى تكريسه و بات متجذّرا بعمق فى كافة المجتمعات التى تحكمها الطبقات المستغِلّة و بات مظهرا مميّزا للولايات المتحدة الأمريكية الإمبريالية و هيمنتها و تأثيرها على العالم. و القضاء على كلّ ذلك و إجتثاثه هو أحد أهمّ أهداف الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أفريقيا. و يجد هذا تعبيره ليس فحسب فى مساواة تامة قانونية بين النساء و الرجال ، و إنّما أبعد من ذلك فى التوجّه و السياسة المعلنين للجمهورية لتخطّى كافة " القيود التقليدية " المتجسّدة فى الأدوار و التقسيمات الجندرية التقليدية و فى كافة العلاقات الإضطهادية المرتبطة بذلك ، فى جميع مجالات المجتمع و تمكين النساء تماما مثل الرجال ، من المساهمة و المشاركة فى كلّ مظهر من مظاهر النضال من أجل تغيير المجتمع و العالم ، فى سبيل إجتثاث العلاقات الإضطهادية و الإستغلالية كافة و القضاء عليها و تحرير الإنسانية جمعاء.
بمعنى شامل، و فى إنسجام مع مبادئ هذا الدستور و مقاييسه، يوفّر الحزب الشيوعي الثوري قيادة للدولة و مؤسساتها المفاتيح. و يكرّس أعضاء الحزب ، على الأصعدة جميعها، أنفسهم لرفع راية القانون الأساسي للحزب و كذلك راية دستور الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا و نشرهما و تطبيقهما. وبينما توجد إختلافات بين القانون الأساسي و الدستور – بما أنّ جوانب وجهة النظر و الأهداف و مسؤوليات أعضاء الحزب مثلما هي فى القانون الأساسي تتجاوز ما هو معروض فى دستور الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا- هناك وحدة جوهرية بين مبادئ القانون الأساسي و الدستور ؛ يلتزم الحزب و كافة أعضائه بعدم إرتكاب تجاوزات و بالعكس عليهم بصراحة أن يعملوا على أساس و فى إنسجام مع دستور الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا.
و كما أثبتت التجربة التاريخية، سينطوى المجتمع الإشتراكي – لمدّة زمنية غير وجيزة- و يولّد بالفعل عناصر إستغلال و لامساواة و إضطهاد إجتماعيين تكون لا محالة موروثة عن المجتمع القديم ولا يمكن إجتثاثها و القضاء عليها مرّة واحدة، أو بأسرع وقت إثر تركيز الدولة الإشتراكية. و فضلا عن ذلك ، ستكون بالأحرى فترة مديدة خلالها توجد الدولة الإشتراكية الوليدة فى وضع محاصرة ، إلى هذه الدرجة أو تلك ، من قبل الدول الإمبريالية و الرجعية التى ستواصل ممارسة تأثير و قوّة هامين ، و يمكن أن تحتلّ حتى موقعا مهيمنا فى العالم لفترة من الزمن. و ستسفر هذه العوامل ، لفترة زمنية طويلة و بصورة متكرّرة عن قوى صلب المجتمع الإشتراكي ذاته، و كذلك صلب أجزاء من العالم الواقعة تحت هيمنة الإمبريالية و الرجعية ، و التى ستسعى للإطاحة بأية دول إشتراكية لإعادة تركيز الرأسمالية هناك. وقد بيّنت التجربة التاريخية أنّه نتيجة لهذه التناقضات ، ستظهر قوى فى صفوف الحزب الطليعي ذاته ، بما فى ذلك فى صفوف قياداته العليا ، ستصارع من أجل خطوط و سياسات ستؤدّى عمليّا إلى تقويض الإشتراكية و إعادة تركيز الرأسمالية. و كلّ هذا يشدّد على أهمّية مواصلة الثورة داخل المجتمع الإشتراكي ، و على أهمّية القيام بذلك فى إطار شامل من النضال الثوري عبر العالم و بتوجه أممي لإعطاء الأولوية الجوهرية لتقدّم هذا الصراع العالمي بإتجاه تحقيق الشيوعية ،وهو أمر ممكن فقط على النطاق العالمي - و أهمّية هذا النضال داخل الحزب ذاته ، مثلما فى المجتمع بأسره، للحفاظ على الطابع و الدور الثوريين للحزب و تعزيزهما للإستمرار فى تحمّل مسؤوليات العمل كقيادة مواصلة الثورة نحو الهدف النهائي للشيوعية ، و إلحاق الهزيمة بمحاولات تحويل الحزب إلى نقيضه، إلى أداة لإعادة تركيز المجتمع القديم الإستغلالي و الإضطهادي.
مع القضاء النهائي على التقسيم الطبقي و كافة العلاقات الإستغلالية و الإضطهادية الأخرى فى صفوف الناس ، عبر العالم ، ستظلّ هناك بعدُ حاجة إلى حكومة ، بمعنى توفير إطار منظّم لإتخاذ القرارات و إدارة الشؤون العامّة للبشر الذين يشكّلون المجتمع ، على مختلف أصعدته ، و لإتباع الأفراد و المجموعات داخل المجتمع نزعاتهم و خياراتهم و شؤونهم الخاصّة فى إطار السير التعاوني الشامل لمكوّنات المجتمع. بيد أنّ الحاجة و أساس الدولة – كأداة حكم طبقي و قمع للطبقات و المجموعات المعارضة عدائيّا للطبقة الحاكمة - تكون قد وقع إلغاؤها و تكون الدولة قد إضمحلّت. فى هذه الظروف ، قاعدة مجموعة منظّمة من الناس الذين يمارسون تأثيرا غير متكافئ فى مجال الحكم و المجتمع بأسره و الحاجة إليها، يكون قد تمّ تجاوزهما ، و الأحزاب الطليعية و دورها الخاص فى حكم المجتمع، ستكون قد إضمحلّت. و التقدّم صوب هكذا مجتمع شيوعي ، و إيجاد الظروف التى تجعل ذلك ممكنا و قابلا للتحقيق – عبر مواصلة النضال الثوري لتغيير كافة مجالات المجتمع ، ضمن دولة إشتراكية خاصة و فى العالم بأسره- هدف جوهري للدولة الإشتراكية و للحزب الطليعي الذى ينهض بدور قيادي صلب تلك الدولة. وفى حين نعترف بالطابع المعقّد و الطويل الأمد للنضال لتجاوز العلاقات و الإنقسامات التى تجعل من دولة و حزب طليعي ضروريين، على الدولة الإشتراكية و حزبها القيادي، فى مرحلة من هذه السيرورة ، ليس فحسب أن ينشروا هذا الهدف لكن أيضا أن يشجعوا إجراءات ملموسة تصبّ فى هذا الإتجاه و يفعّلوها.
يمثّل ما سبق أساسا و قاعدة للفصول القانونية التالية فى دستور الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا هذا.
----------------------------
الباب الأوّل : الحكومة المركزية
القسم الأوّل : السلطة التشريعية :
1- تشكل السلطة التشريعية فى الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا جهاز سنّ القوانين بالنسبة للجمهورية قاطبة. يجب أن تتمتّع بسلطة سنّ القوانين للجمهورية قاطبة ، على أساس و بإتفاق مع المبادئ و المقاييس المعروضة فى هذا الدستور. و ينبغى أن يشمل هذا بتصويت أغلبية أعضائه سلطة أن تمضي حكومة الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا معاهدات. و هكذا معاهدات بعد إمضائها ، ينبغى أن تصبح و تكتسب قوّة القانون فى هذه الجمهورية. و كلّ القوانين بما فى ذلك المعاهدات يمكن إعادة النظر فيها من طرف المحكمة العليا، و محاكم أخري قد تركّز و تكون صلوحيّات قانونية ( أنظروا القسم الثالث من هذا الباب) ؛ لكن طالما لم يتمّ إيقاف العمل بقانون صادر عن السلطة التشريعية المركزية من قبل جهاز قانوني مناسب لكونه متعارض مع الدستور ، ينبغى أن تكون له سلطة القانون ( وهذا يتعيّن أن ينطبق كذلك على القوانين الصادرة عن الأجهزة القانونية ، عن طريق سلطة سنّ قوانين يمكن أن تركّز فى مناطق أخرى من الحكم ضمن هذه الجمهورية). و إذا لم تقع الإشارة فى هذا الدستور – أو إذا لم يقع التنصيص عليها بقوانين و سيرورات تبنتها السلطة التشريعية فى إنسجام مع هذا الدستور- فإنّ القوانين المصادق عليها و التدابير الأخرى المتخذة من قبل السلطة التشريعية ينبغى أن تتطلّب فقط مجرّد تصويت بالأغلبية. و ينبغى نشر القوانين و أيضا الوثائق الحكومية الرسمية الأخرى بكلا اللغتين الأنجليزية و الإسبانية. و فى سيرورات السلطة التشريعية المركزية يمكن إستعمال كلّ من الإسبانية و الأنجليزية مع توفير ترجمة فورية من لغة إلى أخرى. و إذا وجدت مناطق حيث لعدد هام من السكّان لغة أخرى غير الإسبانية و الأنجليزية كلغة أولى ، ينبغى أن تكون السياسة المتوخّاة هي إيجاد أساس لنشر القوانين و الوثائق بتلك اللغة التى يجب إستعمالها خلال السيرورات التشريعية و يمكن أن ينسحب هذا بصورة خاصة على بعض الجهات و مناطق الحكم الذاتي التى قد تركّز.
و يتعيّن على السلطة التشريعية المركزية أن توفّر أيضا تركيز السلطة و الإدارة الحكومية المناسبة فى الجهات و مناطق أخرى و مؤسسات ضمن الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا.( ويشمل هذا مناطق الحكم الذاتي و مناطق حكم ذاتي أخرى يمكن أن تركّز حيث يوجد عدد هام من سكّان أقلّية او قوميّات مضطهَدة سابقة – أنظروا القسم الثالث من الباب الثاني ).
2- يتعيّن إختيار السلطة التشريعية المركزية بالتصويت الشعبي النسبي ، المباشر و غير المباشر ( أنظروا الجزء الثالث من هذا القسم).و كقاعدة عامّة ، ينبغى أن تجري إنتخابات السلطة التشريعية ، كلّ خمس سنوات، بعد أن تقع أوّل إنتخابات من هذا القبيل فى غضون ستّة أشهر من تأسيس الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا ، و ستنظّم من قبل مجلس حكم مؤقت يركّزه الحزب الشيوعي الثوري. و قبل أوّل إنتخاب لهذه السلطة التشريعية، ستكون القوانين قد صدرت و المؤسسات قد أوجدت لتطبّق القوانين و لحكم الجمهورية و إدارتها من طرف مجلس حكم مؤقّت ، بإتفاق مع مبادئ و مقاييس الدستور ( الذى يجب أن يكون كذلك قد تبنّاه مجلس الحكم المؤقّت- أنظروا الباب الرابع). و عقب إنتخابها ، على السلطة التشريعية الأولى أن تراجع القوانين و التدابير الأخرى المتخذة من طرف مجلس الحكم المؤقت و يمكن على أساس هذا الدستور و بإتفاق معه أن يعاد النظر فى ما تمّ القيام به من طرف مجلس الحكم المؤقّت. و على السلطة التشريعية ( أو ، فى مجال أوّل إنتخاب للسلطة التشريعية، و مجلس الحكم المؤقّت) أن تحدّد نسبة المنتخبين إلى المنتخِبين فى إنتخاب السلطة التشريعية ، لكن حجم السلطة التشريعية يجب ، فى كلّ الأحوال، أن لا يكون من 500 عضو. و هذه السلطة التشريعية يجب أن تقرّ هي ذاتها صلوحية الإنتخابات و الذين إنتخبوا للعمل فى السلطة التشريعية ؛ و هذه القرارت الصادرة عن السلطة التشريعية، بشأن صلوحية الإنتخابات و سيرورة الإنتخاب يمكن أن تعرض على المحكمة العليا، لكن إلى أن تقع إعادة النظر فى قرار السلطة التشريعية بهذا الشأن يجب الإبقاء عليه و إدخاله حيّز التنفيذ. و السلطة التشريعية ، بتصويت ثلثي أعضائها أو أكثر ، يمكن كذلك أن تؤدّي إلى إجراء إنتخابات قبل نهاية الخمس سنوات منذ آخر إنتخاب للسلطة التشريعية.
و أوّل إجتماع لكلّ سلطة تشريعية يتعيّن أن يعقد فى غضون شهرين من تاريخ الإنتخاب. و على السلطة التشريعية أن تلتقي على الأقلّ مرّة فى السنة وعندما تقدرّ هي ذاتها ضرورة ذلك. و كمسألة توجّه و سياسة جوهريين ، يجب أن تكون جلسات السلطة التشريعية مفتوحة للعموم و يجب تشجيع وعي الرأي العام بسيرورات السلطة التشريعية و تسهيله ؛ و الإستثناء الوحيد لهذا يجب ان يكون حيث قد يتطلّب أمر معقول متعلّق بأمن هذه الجمهورية و شعبها سيرورات غير علنية لكافة أو أجزاء من السلطة التشريعية ، غير أنّ أوضاعا من هذا القبيل لا يجب أن يسمح لها بأن تقوّض أو تضع فى خطر جوهريّا التوجه و السياسة العامين بأن تكون جلسات السلطة التشريعية مفتوحة و الرأي العام على علم بها. و يمكن كذلك دعوة السلطة التشريعية لعقد إجتماع من قبل السلطة التنفيذية ( أنظروا القسم الثاني من هذا الباب).
و إثر إنتخاب السلطة التشريعية ( فى غضون ستّة أشهر بعد تأسيس الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا) و بدء أشغاله ، له سلطة تحديد تاريخ معيّن للإنتخابات التالية ، لكن بإستثناء ظروف طوارئ إستثنائية ( أنظروا الباب الثالث) ، لا يمكن للمدّة الممتدّة بين الإنتخابات إلى السلطة التشريعية المركزية أن تكون أطول من خمس سنوات.
و على السلطة التشريعية أن تنتخب من ضمن أعضائها رئيسا لتولّى رئاسة جلساتها و مكاتبها الأخرى التى يمكن أن تعتبر ضرورية و مناسبة لسيره. و يجب أن تتمتّع السلطة التشريعية بسلطة إتخاذ التدبير اللازمة لتوفير الرفاه لأعضائها بينما يقدّمون خدمات فى السلطة التشريعية و يجب على المعايير الأساسية المتخذة هكذا أن تطبّق بصورة أعمّ على موظّفى الحكومة فى شتّى المستويات و شتّى المجالات طالما يتوافق هذا مع معايير معقولة ، متماشية مع المجتمع عموما و بإتفاق مع هذا الدستور ككلّ.
بإمكان كلّ مواطنى الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا الذين بلغوا سنّ 18 سنة أن يصوّتوا فى إنتخاب السلطة التشريعية، بإستثناء الذين يكونون قد حرموا من حقّ التصويت مدى الحياة أو لمدّة زمنية معيّنة ، من خلال سيرورة قانونية تنسجم مع هذا الدستور ( بهذا المضمار أنظروا القسم 3 من هذا الباب ، لا سيما الباب الثالث) كلّ المواطنين الذين بإمكانهم التصويت يجب كذلك أن يتمكّنوا من الترشّح إلى إنتخابات السلطة التشريعية و إن تمّ إنتخابهم يجب أن يعملوا فى إطار السلطة التشريعية للمدّة النيابية التى إنتخبوا من أجلها.
3- ينبغى تنظيم التصويت الشعبي النسبي كوسيلة لإنتخاب السلطة التشريعية المركزية و تطبيقه بإتفاق مع المقاييس و السيرورات المركزية من قبل السلطة التشريعية ( إلاّ أنّه فى حال السلطة التشريعية المنتخبة الأولى فى الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا ، يجرى ذلك من طرف مجلس الحكم المؤقت). لكن الآتى ذكره يجب أن يكرّس فى إنتخاب السلطة التشريعية المركزية :
أ- يجب أن تحدّد 20 بالمائة من مجموع المقاعد عبر تصويت أجهزة الحكم فى أماكن العمل و الأحياء و المؤسسات التربوية و المؤسسات الأساسية الأخرى للمجتمع ( و يجب أن تكون أجهزة الحكم ذاتها منتخبة بالإقتراع الشعبي – أنظروا القسم الثاني من الباب الثاني ).
ب- يجب أن تحدّد 20 بالمائة من مجموع المقاعد عبر تصويت أجهزة الحكم فى المناطق و الجهات المحلية ، بما فى ذلك أية جهات حكم ذاتي و مناطق حكم ذاتي يمكن أن تنشأ ( و يجب أن تكون أجهزة الحكم هذه كذلك منتخبة بالإقتراع الشعبي- أنظروا القسم الأوّل من الباب الثاني ).
ت- يجب أن تحدّد 30 بالمائة من مجموع المقاعد عبر التصويت و الإقتراع الشعبي المباشر ، مع انّ الإنتخاب تجريه الدوائر المركّزة من قبل السلطة التشريعية المركزية ( أو ، فى حال أوّل سلطة تشريعية ينتخبها مجلس الحكم المؤقت) بغاية إنتخاب هذه السلطة التشريعية. و كلّ من يتمتّع بحقّ التصويت و العمل فى السلطة التشريعية يمكن أن يترشّح للإنتخاب فى هذه السيرورة.
ث- يجب أن تحدّد 30 بالمائة من مجموع المقاعد عبر التصويت و الإقتراع الشعبي المباشرالذى تنظّمه الدوائر بذات الطريقة و بذات متطلبات الأهلية للإنتخاب كما وصفت فى الفقرة أعلاه( ت)، مع إختلاف أنّ فى هذه السيرورة سيكون الذين يترشّحون للإنتخاب يعيّنهم مجلس تعيينا يقيمه و يقوده الحزب الشيوعي الثوري ( يجب أن يكون التوجه العام للمجلس ، و للحزب فى إرسائه و قيادته ، أنه حيثما و كلّما كان ذلك ممكنا يجب أن تعيّن أكثر من مجموعة من المترشّحين و أن يعكس الذين يعيّنون تنوّع وجهات النظر ضمن الإطار العام للمبادئ و الأهداف المعروضة فى المدخل و غيرها من الأماكن فى هذا الدستور.
ج- بينما يجب على السلطة التشريعية – أو فى حال الإنتخابات الأولى للسلطة التشريعية ، على مجلس الحكم المؤقّت- أن يحدّد نسبة المنتخَبين للمنتخِبين فى التصويت للسلطة التشريعية، فإنّ النسب المائوية المعروضة فى النقاط أ إلى ث أعلاه يمكن ألاّ تتغيّر و العدد الجملي لأعضاء السلطة التشريعية يمكن ألاّ يتجاوز 500 و لا يقلّ عن 300 عضو.
ح- يجب توفير مساحات لوسائل الإعلام الحكومية ووسائل الإعلام العمومية الأخرى ، على أساس المساواة ، لكافة المترشّحين للإنتخاب المباشر ( كما هو معروض فى 3ت و 3ث أعلاه) و يجب تشجيع وضع حيث يستطيع كافة المترشّحين التعريف برؤاهم وما ينوون القيام به فى جوّ يؤدّى إلى إعمال الفكر و النقاش و الجدال الجدّيين فيما يتصل برؤى المترشّحين و مراميهم.
القسم الثاني : السلطة التنفيذية :
1- على أساس هذا الدستور و القوانين المصادق عليها فى إنسجام معه ، يجب أن تتمتّع السلطة التنفيذية بالسلط الضرورية لإتخاذ سياسات بشأن حكم المجتمع و توجهه و تطبيقها و كذلك الدفاع عن هذه الجمهورية و عن أمن شعبها و حقوقه.
2- يجب أن تتشكّل السلطة التنفيذية من مجلس تنفيذي تنتخبه السلطة التشريعية ، من ضمن أعضائها ، حسب القوانين و الإجراءات التى تصدرها السلطة التشريعية بهذا المضمار ، عبر إنتخاب أغلبية بسيطة من أعضائه ، مع السهر على أن تكون هذه القوانين و هذه الإجراءات متوافقة مع الدستور . و ينبغى أن يكون إنتخاب المجلس التنفيذي أوّل عمل تقوم به السلطة التشريعية المنتخبة حديثا. و يجب القيام بذلك بعد النقاش المستفيض و لكن بأسرع وقت ممكن على ذلك الأساس – فى غضون ثلاثة أشهر من إنتخاب السلطة التشريعية الخاصة - و على المجلس التنفيذي الجديد أن يضطلع بمهامه بكلّ السلط المخوّلة له فى أقرب وقت من إنتخابه من قبل السلطة التشريعية. و إلى أن يتمّ إنتخاب المجلس التنفيذي الجديد من قبل السلطة التشريعية و يشرع فى العمل ، ينبغى أن يظلّ المجلس التنفيذي السابق قائما و له الصلوحيات و السلط التامّة فى عمله ( فى الظروف السائدة قبل الإنتخاب اوّل للسلطة التشريعية ، و يكون نفوذ السلطة التنفيذية و مهامها قد قد حدّدهما و طبقهما مجلس الحكم المؤقّت، بإتفاق مع المبادئ الأساسية التى يجسدها هذا الدستور). يجب أن تحدّد السلطة التشريعية حجم مجلس السلطة التنفيذية التى تنتخبه، آخذة بعين الإعتبار أن هذا المجلس جهاز إداري و ليس جهازا تشريعيا : ينبغى أن يكون واسعا بما فيه الكفاية لإجراء عمل جماعي و توزيع العمل الضروري و المناسب لأدواره ، لكن ليس جدّ واسع فيكون من الصعب تسييره لثقله. و يجب ان يكون مبدأ مرشدا عموما أن يمزج مجلس السلطة التنفيذية بين أناس من مختلف الأجيال و التجارب الخاصة ، لكن يجب أن يكون كافة العناصر بعمر يسمح لهم بالإنتخاب. و على هذا المجلس التنفيذي أن ينتخب بدوره من ضمن أعضائه رئيسا له و أية وظائف أخرى قد يراها ضرورية و مناسبة لأهدافه و أدواره. و عندما يقع الإنتخاب يجب أن يتولّى المجلس التنفيذي العمل إلى أن يتمّ إنتخاب مجلس تنفيذي جديد من قبل السلطة التشريعية و يشرع فى العمل ( يجب أن تتمتّع السلطة التشريعية بسلطة إعادة النظر فى المجلس التنفيذي. ووسيلة هكذا إعادة نظر و لضمان إستمرارية السلطة التنفيذية فى حال إعادة النظر ، تناقش أدناه).و يجب على المجلس التنفيذي ذاته أن يتمتّع بسلطة تحديد مدّة رئاسته و أية وظائف أخرى قد ينشئها و يمكن أن يغيّر و يعوّض هذه الوظائف فى أي وقت، بتصويت أغلبية بسيطة من أعضائه.
يجب أن تكون السلطة التنفيذية مستقلّة عن السلطة التشريعية ،عدا كونها منتخبة من قبل السلطة التشريعية من ضمن أعضاء السلطة التنفيذية ، و يمكن أن تتمّ إعادة النظر ، أو إتّهام أعضاء السلطة التنفيذية من قبل السلطة التشريعية. و خلال مشاركتهم فى المجلس التنفيذي ، على أعضاء هذا المجلس ألاّ يعملوا كأعضاء من السلطة التشريعية ، و لا يتمتعون بحق المساهمة أو التصويت على المسائل المعروضة أمام السلطة التشريعية – بإستثناء إذا كان التصويت فى السلطة التشريعية يؤدّى بصلة ،و إثر تكرّر محاولات معالجة المسألة عبر تصويت جديد تحصل النتيجة ذاتها و ليس بوسع السلطة التشريعية أن تكسر هذا الخلاف المستحكم، على رئيس المجلس التنفيذي أن يدلى بالتصويت المحدّد فى هذه المسألة.
و كقاعدة عامّة ، على المجلس التنفيذي أن يعمل طوال مدّة قيام السلطة التشريعية التى تنتخبه غير أنّ المجلس التنفيذي يمكن أن يعاد النظر فيه و ينتخب مجلس تنفيذي جديد من قبل السلطة التشريعية ( حتى قبل الإنتخابات التالية للسلطة التشريعية). و إعادة النظر فى المجلس التنفيذي على هذا النحو يتطلّب تصويتا على الأقلّ بثلثي أعضاء السلطة التشريعية، بينما فى حال حدوث هكذا إعادة نظر يجب على السلطة التشريعية أن تجري فورا إنتخابات مجلس تنفيذي – فى غضون 48 ساعة. و إلى أن يتمّ إنتخاب مجلس تنفيذي و يقوم بوظيفته ، فإنه ينبغى أن يتولّى رئيس السلطة التشريعية مسؤولية المهام التنفيذية للحكومة ، مستعملا مؤسسات و أجهزة الإدارة التى وقع تركيزها لعمل السلطة التنفيذية. و لمزيد ضمان إستمرارية وظيفة السلطة التنفيذية و الحكومة ككلّ ، على السلطة التشريعية كذلك أن تركّز، كإجراء من إجراءاتها الأولى- فى غضون 48 ساعة إثر إنعقاد الإجتماع الأوّل للسلطة التشريعية، يتولى مهام حكم السلطة التنفيذية ، فى حال إعادة النظر فى المجلس التنفيذي و ظروف أخرى فيها المجلس التنفيذي القائم لم يعد قادرا على العمل و رئيس السلطة التشريعية غير قادر على تولى مهام السلطة التنفيذية.
فى حال صدور أعمال تمثّل، حسب تقديرها، خروقات للدستور و / أو للقانون يمكن للسلطة التشريعية كذلك أن توقف عناصر المجلس التنفيذي. و يحتاج الشروع فى مثل هذه الإجراءات القانونية لإتهامهم موافقة على الأقلّ ثلثي أعضاء السلطة التشريعية ، و يحتاج الحكم أصوات على الأقلّ ثلاثة أرباع الأعضاء. و فى حالات الإتهام ، على عنصر من المحكمة العليا تختاره أن يترأس الجلسات. و ذات المبادئ و الإجراءات الجوهرية يجب أن تطبّق فيما يتعلّق بإتّهام أعضاء السلطة التشريعية ذاتها، أو السلطة القضائية ( فى حال إجراءات إتهام واحد أو أكثر من أعضاء المحكمة العليا ، يجب مع ذلك أن يترأس عضو من المحكمة من المستوى الأدنى التالي). و بما أنّ الإتهام مسألة جدّية للغاية ، لا يجب إتخاذه إلاّ فى حالات تجاوز الدستور و/ أو القانون . إثر الإتهام و صدور حكم ضدّهم ، فإن هؤلاء الناس قد لا يتولّون أية وظيفة عمومية لمدّة على الأقلّ عشر سنوات، و بعد ذلك يجب أن يحصلوا على موافقة غالبية السلطة التشريعية المركزية قبل أن يمكن لهم أن يتولوا أية وظيفة ؛ و يمكن كذلك تتبّعهم إجراميّا لتجاوز القانون.
3- و فى نفس الوقت الذى يقع فيه إنتخابه- و يمكن إعادة النظر فيه أو إتهام أعضائه- من قبل السلطة التشريعية، يعمل المجلس التنفيذي كذلك وفق مبدأ قيادة الحزب الشيوعي الثوري. و تمارس هذه القيادة ليس كثيرا و لا جوهريّا بأغلبية عددية لأعضاء الحزب فى المجلس التنفيذي- و بالفعل التوجه و المقاربة العامين للحزب هو عدم البحث عن الهيمنة على المجلس التنفيذي، أو تفعيل تأثيره على المجلس ، بالتعويل على وسائل تنظيمية و ضمان غالبية فى المجلس. بالأحرى ، مهما كان عدد أعضاء الحزب المنتخبين فى وقت ما و العاملين فى المجلس التنفيذي ، فإنّ قيادة الحزب لهذا المجلس ستفعل أولا و جوهريّا عبر التأثير العام لخطّ الحزب السياسي و الإيديولوجي فى المجتمع و بصورة أخص و مباشرة عبر مقترحات و توصيات يمكن أن يجعل الحزب المسائل المتصلة بالمجلس التنفيذي و بتصرفاته و إجراءاته العامة للمجلس التنفيذي و النقاش و تشريك ممثلى الحزب و المجلس التنفيذي بشأن هذه المقترحات و التوصيات، و كذلك الوضع فى المجتمع و العالم قاطبة. و يجب أن تدار مثل هذه النقاشات بصفة منتظمة خلال المدّة النيابية للمجلس التنفيذي ، و لكن دور الحزب فى هذا المضمار دور إستشاري جوهريّا؛ ليس مفروضا على المجلس التنفيذي و أعضائه ، قانونيّا أو بأية صفة أخرى ، أن يتبنّوا مقترحات أو توصيات الحزب ، ويجب أن تكون روح و توجّه تنظيم هذه النقاشات تفحّص المشاكل و المشاغل و التعلّم المتبادل كلّ من الآخر. و لا يجب التعاطي مع مبدأ قيادة الحزب الشيوعي الثوري ،مثلما طبقه المجلس التنفيذي ، بطريقة تتعارض مع المبادئ و المقاييس التى تركّز فى السلطة التشريعية سلطة إنتخاب و إعادة النظر و إتهام المجلس التنفيذي و أعضائه أو تقوّضها- بالأحرى يجب أن يتمّ العمل فى وحدة جوهرية- و أن تقوّم فى الوقت المناسب مسائل عمل هذا المجلس التنفيذي ، و سير أعمال الحكومة و شؤون الدولة بصورة أعمّ ، و الوضع فى المجتمع و العالم بأسره ،على ضوء بالمبادئ و الأهداف الواردة فى هذا الدستور و فى إرتباط بها.
4- لإنجاز مهامه فى ظروف طوارئ خارقة للعادة ، للمجلس التنفيذي سلطة و مسؤولية دعوة السلطة التشريعية المركزية للإجتماع ( أنظروا الباب الثالث) . و بإمكانه كذلك ، فى إتفاق و تنسيق مع العاملين المناسبين فى السلطة التشريعية ، دعوة السلطة التشريعية إلى الإجتماع لغاية أخرى.
5- يجب أن يقدّم المجلس التنفيذي تقريرا عن عمله و مسائل ذات صلة بصلوحياته و سلطاته على الأقلّ مرّة فى السنة إلى إجتماع السلطة التشريعية كي تبقى السلطة التشريعية على علم بشأن هذه الأمور. و ينبغى أن يشمل هذا تقريرا عن وضع مالية الأجهزة الحكومية و الميزانيّات المركزية و الجهوية و الأجهزة الحكومية الأخرى ، فى علاقة بالحاجيات الخاصة و لفترات تعتبر السلطة التنفيذية ضرورية و مناسبة. يجب تطبيق هذه الميزانيّات بمبادرة من السلطة التنفيذية، إلاّ إذا جرت معارضتها بتصويت على الأقلّ ثلثي أعضاء السلطة التشريعية. يجمّع التمويل العمومي لتسيير السلطة التنفيذية و الحكومة بوجه عام فى مختلف المستويات ، عبر الدور المركزي و التعديلي للدولة فى الإقتصاد و يوزّع وفقا لميزانية تسطّرها السلطة التنفيذية. و طبعا تغطّى هذه الميزانية كافة المدّة النيابية للمجلس التنفيذي ، رغم الإبقاء على التخطيط الإقتصادي الإشتراكي و الحاجيات الأوسع للمجتمع و الحكومة ، و يمكن أن تبرمج و توفّر إعتمادات لمصاريف على المدى البعيد. و بما أن جميع التمويل الحكومي يعتمد فى النهاية على مبادرة و عمل الشعب يدويّا و فكريّا ، يجب أن تولي عناية جدّية و منظمة لإستعمال هذه التمويلات على أفضل وجه، وفق المصالح الجوهرية لجماهير الشعب و فى خدمة المبادئ و الأهداف الواردة فى هذا الدستور. و يجب أن يكون التوجه العام للسلطة التنفيذية و الحكومة بأسرها تجنّب الديون أو التقليص قدر الإمكان منها و العمل دون عجز مالي .
6- كمسألة توجه جوهري- و بينما نبقى فى أذهاننا الأمور الأمنية المشروعة لهذه الجمهورية و شعبها – يجب توفير التقارير التى يقدّمها المجلس التنفيذي للسلطة التشريعية للسكّان عموما عبر مختلف وسائل الإعلام ،و يجب أن يكون توجها جوهريّا للمجلس التنفيذي أن يعلم أفراد المجتمع ، بطريقة متواترة و على نحو يشجّع و ييسّر المشاركة النشيطة و المتصاعدة لجماهير الشعب ، على أساس معلومات ، بشأن سير الحكومة و شؤون الدولة و عامة سيرورة تغيير المجتمع و العالم وفق المبادئ و الأهداف الواردة فى هذا الدستور.
7- و على أساس هذا الدستور و القوانين الصادرة عن السلطة التشريعية فى إتفاق مع هذا الدستور ، فإنّ السلطة التنفيذية مسؤولة عن – و يمكن أن ترسي شتّى الهياكل والوسائل و الأجهزة الأخرى تحت قيادتها الشاملة ، لتطبيق سياسات متعلّقة بمختلف مجالات الحكم و المجتمع بما فيها المجالات التالية :
أ- الإقتصاد :
1- طبيعة الإقتصاد و أهدافه و تطوّره معروضة فى الباب الرابع. و هنا من المهم أن نشدّد على أنّ تطوّر الإقتصاد وفق خطوط إشتراكية هو قاعدة إنجاز مهام الحكومة و تسيير شؤون الدولة خدمة لمصالح أوسع جماهير الشعب، فى ظلّ الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا وفى العالم قاطبة. و الهدف الجوهري هو إنجاز تطوير الإقتصاد و تغيير العلاقات الإقتصادية و العلاقات فى المجتمع و العالم بأسره ، على نحو يقضى على جميع أشكال الإستغلال و الإضطهاد و يجتثّها كيما فى النهاية تصبح وسائل الإنتاج ( وهي مختلفة عن سلع الإستخدام و الإستهلاك الشخصيين) ملكية مشتركة و مصدرا للثروة للمجتمع بأسره و فى الأخير للإنسانية جمعاء، فى تناغم مع كون الثروة المنتجة عامة هي جوهريّا نتيجة العمل الذهني و اليدوي للناس عبر العالم. و مع بلوغ الشيوعية عالميّا ، ملكية وسائل الإنتاج من قبل الناس جميعا ستكون مباشرة أي دون حاجة إلى أو وساطة دولة ( رغم أنّه مرّة أخرى ستبقى هناك حاجة لحكومة و لدورها فيما يتصل بالإقتصاد و كذلك الجوانب الأخرى للمجتمع، مثلما جرى نقاش ذلك فى مدخل هذا الدستور). إمتلاك المجتمع لوسائل الإنتاج فى بلد إشتراكي معيّن ، قبل بلوغ هدف الشيوعية على نطاق عالمي – و ذلك كذلك خاصة فيما يتعلّق بالمراحل الأولى من الإنتقال الإشتراكي إلى الشيوعية الذى يتناسب الآن مع الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا و الدستور المجسّد لمبادئ هذه الجمهورية - سيعبّر عنه قبل كلّ شيئ و بأكثر جوهرية بواسطة الدولة الإشتراكية و دورها الهيمني المتصاعد فى ملكية وسائل الإنتاج و الإقتصاد الإشتراكي بأسره، حتى و الدولة ذاتها تتغيّر بإستمرار بإنسجام مع و فى إتجاه بلوغ الشيوعية.
2- مصادر تطوير الإقتصاد الإشتراكي هي التعويل على المبادرة و العمل الفكري و اليدوي لجماهير الشعب و لأعضاء المجتمع بصورة واسعة، فى ظروف متحرّرة تصاعديّا من علاقات الإستغلال، وبهدف تجاوز كافة بقايا و مظاهر مثل هذه العلاقات و تبعاتها، ليس فحسب فى هذا المجتمع بل فى كلّ زاوية من زوايا الأرض. وبإتفاق مع هذه الأهداف وهذا التوجّه، الدولة هي العنصر المركزي و القيادي فى تطوير الإقتصاد الإشتراكي الجديد و ملكية الدولة لوسائل الإنتاج هي الشكل الأوّلي فى تطوير الإقتصاد – بينما مثلما أشرنا فى المبادئ و الأهداف الواردة فى هذا الدستور، فإنّ الدولة الإشتراكية ليست فقط بعدُ مختلفة جذريّا عن كافة أشكال الدولة السابقة التى جسّدت مصالح الرأسماليين و الطبقات الإستغلالية الأخرى و عزّزتها و إنّما توجهها مجدّدا هو إستمرار تغيير الدولة فى علاقة و بتناسق مع تغيير المجتمع و العالم قاطبة نحو هدف تجاوز الإنقسامات التى تجعل الدولة ضرورية و فى النهاية تتوفّر الظروف التى تمكّن من إضمحلال الدولة و تعويضها بالمشاركة العامة للبشر دون إختلافات فى الطبقة أو القومية أو أية علاقات أخرى تجسّد بذور إستغلال و إضطهاد أو تنطوي عليها.
3- للحفاظ على هذا التوجه و هيمنة ملكية الدولة و تخطيطها لتطوير الإقتصاد الإشتراكي الجديد ، أحد الأهداف الرئيسية هو إلغاء الملكية الخاصة الرأسمالية و العلاقات الناجمة عن الإستغلال فى شكل العمل المأجور؛ وبينما لفترة زمنية مديدة سيكون من الضروري أن يحصل الناس المشتغلين فى المؤسسات ووحدات أخرى من الإقتصاد الإشتراكي على أجور- و أن تلبّى مختلف حاجياتهم الخاصّة ، إلى درجة ذات دلالة بواسطة المال ، سيكون من الممكن و سيكون التوجه فى فترة زمنية أقصر بكثير هو إلغاء الظروف و الأوضاع التى يضطرّ فيها الأفراد إلى العمل لأنهم لايملكون رأسمالا خاصا. وتبعا لذلك يجب منع الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج و رساميل أخرى و إكتراء رأسمال خاص للعمل المأجور ، إلاّ على أساس إنتقالي و على نطاق ضيّق و بشكل خاص فى إطار المخطّطات و السياسات الشاملة لتطوير الإقتصاد الإشتراكي و فى الحدود التى ترسمها هذه المخطّطات و هذه السياسات. و فيما يتعلّق بمالكي وسائل الإنتاج على النطاق الضيّق ، بينما يتمّ تجميع عملياتهم ضمن المخطّطات و السياسات الشاملة لتطوير الإقتصاد الإشتراكي ، فإنّ التوجه يجب أن يكون تطوير هذه العمليّات بإتجاه الإلتحاق بالتعاونيّات ذات الوظائف الإقتصادية التابعة للدولة و فى مدّة وجيزة نسبيّا و فى إرتباط بالتطوّر العام للإقتصاد و تغيير المجتمع، لإقتناء هكذا عمليّات خاصة و إدماج ملكيتها ضمن المصادر الموارد العام للدولة و إدماج المالكين السابقين فى صفوف الشغّالين فى المؤسسات المملوكة للدولة و غيرها من المؤسسات ووحدات التعاونيات الإقتصادية ضمن الإطار العام لتطوّر الإقتصاد الإشتراكي الذى تهيمن عليه ملكية الدولة و تخطيطها يجب أن يوجد أيضا ، لمدّة معيّنة ، تطوير تعاونيّات و اشكال ملكية و عمل إقتصادي جماعيين؛ على مستويات متنوّعة و بمشاركة أعداد متنامية من الناس و قد يشمل هذا إدماج وحدات الملكية الخاصة و الرأسمالية السابقة فى هكذا أشكال تعاونيّات آخذين بعين النظر هذا البعد الإقتصادي كذلك، يجب أن يكون التوجه و الهدف التحويل المتصاعد لهذه التعاونيات و الأشكال التعاونية بإتجاه ملكية أوسع فأوسع تدمج بصفة مفتوحة فى القطاع الإقتصادي المملوك من قبل الدولة، كجزء من التطوّر الشامل صوب ملكية المجتمع بأسره لوسائل الإنتاج. و يجب تطبيق هذا التوجه فى الميدان الفلاحي كما فى الميدان الصناعي و قطاعات أخرى من الإقتصاد فى حين يجب أيضا إيلاء إهتمام خاص لكل قطاع من قطاعات الإقتصاد و كذلك إلى الإختلافات بين الجهات و عوامل أخرى يمكن أن تأثّر على الطرق الخاصة التى يجب عبرها أن يطبّق عمليّا هذا التوجه و أن تطبّق السياسات النابعة منه.
ب) البيئة:
1- فى تطوير الإقتصاد الإشتراكي ، و فى السير الشامل للحكومة ، ضمن الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا أو فى علاقاتها العالمية ، لا يجب ان يكون فقط التوجه و المبادئ الجوهرية للأممية البروليتارية متبنّاة بصراحة و مكرّسة عمليّا لكن مطابقة بصفة إستعجالية لمقتضى الحال البيئي. و إضافة لذلك و بمقاييس أبعد من الدمار الذى لحق بالبيئة فى الفترات السابقة من التاريخ ، فإنّ الحركية الجوهرية و العمل الشامل للنظام الرأسمالي – الإمبريالي فى هذا الميدان – ليس أقلّها الحروب و دمار شامل آخر تنجم بصفة متكرّرة عن هذا النظام و يتسبّب فيها بإستمرار – أدّت إلى أزمة بيئية مشكّلة حقّا و بصفة متصاعدة وضعا ملحّا حادا ، و سيشتدّ هذا و يحتدّ بصورة مستمرّة ، طالما أنّ النظام الرأسمالي- الإمبريالي يواصل هيمنته أو يمارس تأثيرا و قوّة هامين فى العالم. و تركيز الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا، من خلال هزم الدولة الإمبريالية الأمريكية ، بينما لم يكن ليحدث دون إطلاق العنان لمزيد من العنف و أعمال تدميرية من قبل تلك الدولة الإمبريالية التى مضى عهدها ، مع ذلك يمثّل حقّا خطوة جبّارة فى إتجاه تحرير الإنسانية و فى علاقة بالقدرة على مزيد المواجهة المباشرة و الشاملة و معالجة الوضع الملحّ الحرج للبيئة الذى يهدّد الإنسانية و الأنواع الأخرى و النظام الكوني ( الشبكات المعقّدة من التأثير و التأثّر و الترابط الحيوي) على كوكب الأرض. و معترفة تماما بهذا ، ستكرّس الجمهورية الإشتراكية الجديدة ذاتها لتطوير الإقتصاد الإشتراكي فى كافة ميادين الحكم و النشاط الإجتماعي ، و فى علاقاتها العالمية ، ستكرّ س ذاتها – و مبادرة الشعب و معرفته و طاقاته و إبداعه حجر زاوية فى هذه الجمهورية – لمعالجة هذه الحالة الإستعجالية البيئية ، بمختلف أبعادها، و ستبحث عن وسائل القيام بذلك من خلال تعاون متصاعد و جهد مشترك مع العلماء و الناس من كافة مجالات الحياة ، فى كلّ جزء و ركن من العالم، مناضلين و متجمّعين فى النضال من أجل تجاوز الحواجز أمام هكذا جهود بفعل النظام الرأسمالي- الإمبريالي و عمل الدول الإمبريالية و الرجعية الأخرى.
2- بعدُ فى الفترة السابقة للثورة و التى أدّت إلى تركيز الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا ، نشر الحزب الشيوعي الثوري ( فى ما كان سابقا الولايات المتحدة الأمريكية الإمبريالية) فى عدد خاص من جريدته " الثورة " ( عدد 199، 6 أفريل 2010) تحليلا لمدى و عمق و إلحاحية الأزمة البيئية حينها و العناصر و المبادئ الجوهرية لبرنامج يعالج هذه الأزمة. و إحدى المظاهر المميّزة للجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا هي تصميمها على تطبيق المبادئ التى صاغها حينئذ الحزب الشيوعي الثوري – و ما تمّ تعلّمه مذّاك ، مع مزيد تعمّق الأزمة البيئية و فى العالم بصورة أعمّ- من أجل المساهمة بكلّ ما فى وسعه فى معالجة هذه الأزمة البيئية و إلى أكبر قدر ممكن ، إصلاح تبعاتها الفظيعة و المتعدّدة و تدشين عصر جديد فيه يمكن للبشر و مجتمعهم أن يكونوا حقّا معتنين بالأرض.
ت ) الدفاع و الأمن :
1- تكون المكوّنات و الهياكل الجوهرية للقوات المسلّحة و المليشيا و الأجهزة الأخرى للدفاع العام و أمن الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا قد وُلدت عبر سيرورة من النضال الثوري من أجل السلطة ، عندما تكون ظروف النضال من أجل ذلك قد ظهرت: تطوّر أزمة ثورية حادّة و ظهور شعب ثوري بالملايين و الملايين ، تقوده طليعة شيوعية ثورية وهو واعى للحاجة إلى تغيير ثوري و مصمّم على القتال من أجلهما. ومع إرساء هذه الجمهورية ، ستتطوّر أكثر هذه المؤسسات للدفاع العام و الأمن حسب هدفها و دورها الأساسيين: الدفاع عن الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا و أمن و حقوق شعبها و صيانتهما ، و التقدّم بأهداف هذه الجمهورية و دعم جماهير الشعب فى المضيّ قدما فى التغيير الثوري للمجتمع و المساهمة قدر الإمكان فى هذا التغيير عبر العالم.

2- و هذا الهدف والدور فى الذهن ، و فى إنسجام مع التوجه الأممي ، ستفكّك الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا كافة المعاهدات و الإتفاقيّات ، العسكرية و غير العسكرية ، التى فرضتها الدولة الإمبريالية على بلدان و شعوب أخرى و التى إستعملت فى كلّ الأحوال لفرض السياسة الإمبريالية الأمريكية و تعزيزها. و تنبذ الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا جميع الحروب العدوانية و الهيمنية وكلّ إحتلال لبلدان أخرى بحثا عن هكذا هيمنة و عدوان و لن توقف قواتها ، و لن تركّز قواعدا ، فى بلدان أخرى إلاّ فى ظروف حيث من الواضح أنّ ذلك يتفق مع طموحات الجماهير الشعبية فى ذلك البلد و حيث هكذا عمل سيكون عمليّا تعبيرا عن التوجّه الأممي و المبادئ و الأهداف الجوهرية الأخرى المرسومة فى هذا الدستور و ستساهم فى تقدّم النضال الثوري فى العالم وفق هذه المبادئ و الأهداف.

3- لن تطوّر الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا و لن تستعمل أسلحة نوويّة أو أية أسلحة دمار شامل أخرى. ستخوض صراعا صارما و متعدّد الأوجه لتخليص العالم من كافة أسلحة الدمار الشامل – و ستقوم بذلك كجزء من النضال الأوسع الشامل لإلحاق الهزيمة بجميع الدول و القوى الإمبريالية و الرجعية و تفكيكها و للتقدّم نحو تحقيق الشيوعية عبر العالم، ما سيجعل فى آخر المطاف ممكنا تحقيق طموحات و أحلام أعداد لا تحصى من البشر عبر التاريخ، و المصالح الجوهرية للإنسانية ، من أجل عالم دون حروب.

4- فى كلّ مظهر من مظاهر عملها و إجراءاتها ، يجب على القوات المسلحة و المليشيا و الأجهزة الأخرى للدفاع و الأمن العامين للجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا أن تتحرّك إنطلاقا من المبادئ الواردة فى هذا الدستور و القوانين المستندة إليه ( بما فى ذلك المعاهدات التى تتحوّل إلى قوانين نتيجة المقاييس الواردة هنا). و فى ظروف الحرب ( أو ظروف أخرى من العدوان) يجب أن ينطبق هذا على معاملة السجناء و غيرهم الموقوفين تحت طائلة السلطة القضائية للقوات المسلّحة و مراقبتها ، و المليشيا أو المؤسسات الأخرى للدفاع و الأمن العامين: لا يمكن تعذيب أي سجين أو إنسان آخر أو تعريضه لأشكال أخرى من القسوة و العقاب غير العادي ، و لا أن يُعامل بأية طريقة أخرى تخرق المعايير العليا التى ينبغى صيانتها فى إنسجام مع طبيعة هذه المؤسسات الدفاعية و الأمنية و هدفها و دورها ، مثلما صيغت فى هذا الدستور.

5- فى إنتداب عناصر القوات المسلّحة ، و أجهزة أخرى للدفاع و الأمن العامين ، ستعطى الأولوية للناس – المواطنين و غيرهم الذين مُنحوا الإقامة فى هذه الجمهورية- الذين ،على قاعدة تكريس الذات لقضية الثورة و المبادئ و الأهداف الواردة فى هذا الدستور، يتطوّعون للإلتحاق بها. و حيث و إلى مدى تكشّف أنّ ذلك ضروري للدفاع عن هذه الجمهورية و عن الأمن العام ، بإمكان السلطة التشريعية أن تسنّ قانونا لإنتداب مؤسساتي للقادرين جسديّا من المواطنين و المقيمين فى الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا الإناث منهم و الذكور الذين هم فى السنّ المناسبة ؛ لكن فى هذه الحالات أيضا ستعطى الأولويّة و سيتمّ التعويل على إنتداب المتطوّعين وفق المعايير و المقاييس المشار إليها هنا. و يجب تركيز مليشيات على شتّى الأصعدة الإجتماعية – المناطق ، بما فيها المناطق ذات الحكم الذاتي ( ومناطق حكم ذاتي أخرى ) يمكن إرساؤها و المناطق ووحدات ومؤسسات أساسية – مستقية عناصرها من ذوى 18 سنة فأكثر ، بهدف توفير التدريب و التنظيم العسكريين ، و كذلك التوجه السياسي و الإيديولوجي لصفوف أوسع و متنامية من الناس ، على قاعدة ووفق ما ورد فى هذا الدستور.( بشأن حقّ الأفراد فى حمل السلاح ، أنظروا الباب الثالث).

6- يجب على القوات المسلحة و المليشيا و أجهزة أخرى للدفاع و الأمن العامين أن تكون تحت نظام قيادة عامة تمزج بين المجلس التنفيذي المركزي و الحزب الشيوعي الثوري مع أنّ مسؤولية القيادة العليا تقع على عاتق الحزب. لهذا ينبغى تشكيل لجنة دفاع و أمن يتمّ إختيار أعضائها بالتشاور بين المجلس التنفيذي و الحزب الشيوعي الثوري. و يجب على هذه اللجنة أن تراقب أعمال القوات المسلّحة و المليشيا و الأجهزة الأخرى للدفاع و الأمن العامين ، بما فيها عقيدتهم و مبادئهم العملية ؛ و بوسعها أن تغيّر الهيكلة العامة و سلسلة القيادة فى هذه المؤسسات و كذلك مواقع مختلف العاملين فيها فى سلسلة القيادة ، لا سيما فى مستوياتها العليا. و يجب على المجلس التنفيذي أن يراقب عمل هذه اللجنة وبإمكانه أن يعيد النظر فيه بالتشاور مع الحزب و فى الحالات النادرة حيث لا يمكن التوصّل لتوافق من خلال هكذا تشاور فى مسائل تخصّ دور القوّات المسلّحة و المليشيا و الأجهزة الأخرى للدفاع و الأمن العامين و عملهم ، تكون الكلمة الفصل فى النهاية للحزب.

7- قيادة الحزب الشيوعي الثوري للقوات المسلحة و المليشيا و الأجهزة الأخرى للدفاع و الأمن العامين وسيلة مفتاح فى النضال ضد توجهات هذه المؤسسات التى تتركّز بها سلطة الدولة للتحوّل إلى قوّة لا تقف فقط فوق الجماهير الشعبية و المبادئ و الأهداف المرسومة فى هذا الدستور بل تصبح فى علاقة عدائية معها.و بينما لا يمكن لقيادة الحزب ذاتها أن تكون ضامنا ضد هكذا تطوّر – و بالفعل يجب أن يوجد صراع مستمرّ فى صفوف الحزب ذاته، و كذلك فى المجتمع بشكل أوسع ، للنضال ضد هذه النزعات و تحوّل الحزب إلى نقيضه، من طليعة للثورة إلى قوّة مناهضة للثورة ، فيصبح أداة لإعادة تركيز الرأسمالية- يظلّ الحال أنّه طالما أنّ رؤية الحزب و توجهه و برنامجه و سياساته ( الخطّ ) ثورية ، ستكون قيادة الحزب حاسمة فى الحفاظ على و مزيد تطوير القوات المسلحة و المليشيا و الأجهزة الأخرى للدفاع و الأمن العامين كحماة لأكثر مصالح البروليتاريا جوهرية و أوسعها ، حماة سلامة الشعب و حقوقه و أجهزة مفاتيح فى التقدّم على طريق الإشتراكية نحو الهدف النهائي للشيوعية. و يُعبّرعن قيادة الحزب الشيوعي الثوري للدولة الإشتراكية و يترجم بطريقة مركّزة من خلال الخطّ الشيوعي الثوري للحزب و سياساته و أعماله التى هي تعبيرات و تطبيقات ملموسة لذلك الخطّ.و فيما يخصّ القوات المسلّحة و المليشيا و المؤسسات الأخرى للدفاع و الأمن العامين ، تتحقّق قيادة الحزب ، مثلما مرّ بنا ، ليس فحسب فى كون للحزب الكلمة الفصل فى النهاية فى الأمور المتعلّقة بهذه المؤسسات ، لكن حتى بأكثر حسم فى التأثير الإيديولوجي و السياسي لخطّ الحزب صلب هذه المؤسسات ( و كذلك فى المجتمع بصورة أوسع). بهذه الغاية ، بالتشاور مع القيادة المناسبة و بالتنسيق معها على مستويات مختلفة لهذه المؤسسات ، يجب تركيز آليّات ( والحفاظ عليها و تطويرها حيث توجد بعدُ) عبرها بمقدور الحزب أن يشجّع على التربية و التوجه الإيديولوجي و السياسي ، فى كافة الأقسام و على كافة المستويات فى هذه المؤسسات ، بصدد طبيعة هذه المؤسسات و هدفها كوسائل مفاتيح لدى الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا ، بإتفاق مع ما ورد فى المدخل و أماكن أخرى من هذا الدستور ، بما فى ذلك هذا القسم.
8- و فى الوقت نفسه ، وهم تحت القيادة الشاملة و النهائية للحزب الشيوعي الثوري ، الجيش و المليشيا و أجهزة الدفاع و الأمن العامين ملتزمون بدستور الجمهورية الإشتراكية الجديدة و لا يمكنهم بأي حال من الأحوال أن يخرقوا هذا الدستور؛ و بالعكس عليهم ،فى جميع الأحوال ، و منها حالات الطوارئ الإستثنائية ، أن يعملزا بطريقة متسقة مع المبادئ و المقاييس الواردة فى الدستور و القوانين الصادرة وفقه. يجب على القوات المسلّحة و المليشيا و الأجهزة الأخرى للدفاع و الأمن العامين فى شتّى المستويات أن تكون تحت قيادة لجنة الدفاع و الأمن و الدور القيادي النهائي للحزب و أن تركّز قوانينها و إجراءاتها و ضوابط السلوك و المساواة ، طالما أنّ هذه الأخيرة فى إنسجام مع دستور الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا (إضافة إلى أية طرق يمكن أن يعوّل عليها فى العمل فى ظلّ هذه القوانين و الإجراءات و ضوابط السلوك و المساواة ، يمكن متابعة أعضاء القوات المسلّحة و المليشيا و الأجهزة الأخرى للدفاع و الأمن العامين فى المحاكم العادية [" المدنية"] لخرق قوانين الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا الواردة فى هذا الدستور).
9- يجب الدفاع عن ممارسة المساواة وتشجيعها بين النساء و الرجال و بين مختلف القوميات و الثقافات و اللغات و تكريس ذلك ضمن القوات المسلّحة و المليشيا و المؤسسات الأخرى للدفاع و الأمن العامين.و التمييز ضد الناس على أساس التوجه الجنسي ممنوع فى هذه المؤسسات ( و كذلك فى المجتمع بأسره – أنظروا الباب الثالث).

10- و يجب على مبادئ و إجراءات و تسيير القوات المسلّحة و المليشيا و الأجهزة الأخرى للدفاع و الأمن العامين ان تشجّع أوثق وحدة ممكنة بين الموجودين فى موقع مسؤوليات قيادية و أوسع الصفوف. و ستظلّ الإختلافات فى الرتب قائمة فى صفوف القوات المسلحة و المليشيا و قوات الأمن لكن يجب أن تبسّط قدر الإمكان و يجب أن تقلّص التعبيرات الظاهرة عن هكذا إختلافات ( مثلا ، فيما يتصل بالأزياء و الشعارات و العلامات الأخرى للرتب ، و كذلك فيما يتعلّق بموقف أناس و سلوكهم تجاه الرتب و السلط العليا) فى إتفاق مع هذه المؤسسات للدفاع و الأمن العامين و هذا الدستور ككلّ. و أشياء مثل التحية و " حاضر سيدى " متعارضة مع توجه هذه المؤسسات و هدفها و روحها فى الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا ، بما أنّها تنحو نحو تشجيع العبودية و ليس الإنضباط و الولاء الواعيين. و الوحدة و الإنضباط داخل هذه المؤسسات ذات أهمّية كبرى و يجب أن يلتزم بهما و بتطويرهما بإستمرار ، ومن مهام كلّ فرد فى صفوفها أن يطبّق الأوامر فى الوقت المطلوب، و بخاصّة فى ظروف حرب أو حالة طوارئ إستثنائية. لكن يجب التشجيع على وسائل إيجاد نقاش دائم و التشجيع عليه فى صفوفها حول طبيعة هذه المؤسسات للدفاع و الأمن العامين و أهدافها ، و يجب إيجاد جوّ و الحفاظ عليه ، جوّ حيث- بالطرق المناسبة ووفق المبادئ الواردة هنا و القوانين و الإجراءات و الضوابط السلوكية التى يمكن تبنّيها من قبل هذه المؤسسات ، بإتفاق مع هذا الدستور- يشعر أعضاء هذه المؤسسات ، على جميع الأصعدة بالحرّية ،و يشجّعون على إثارة الأسئلة و الإختلاف فى الآراء و نقد سياسات و نشاطات هذه المؤسسات و الأشخاص الماسكين بالمناصب القيادية و السلطة العليا داخلها.
فضلا عن ذلك ، توجه و مبادئ هذه المؤسسات و سياساتها و نشاطها نابعة منهما و يجب أن يشجّعا علاقات الوحدة و الرفاقية ليس فحسب فى صفوفها و إنّما أيضا بينها و بين أوسع الجماهير الشعبية فى المجتمع برمته. و يجب على كافة الأعضاء فى كافة مستويات هذه المؤسسات للدفاع و الأمن العامين ألاّ ينسوا أبدا – و يجب أن يوجد تشجيع متواصل للتربية و النقاش و الصراع عبر هذه المؤسسات و ضمن كافة أعضائها لتركيز و تعميق فهم و توجه أنّ هذه المؤسسات قائمة لحماية إنتصارات الثورة و الدولة الإشتراكية الجديدة الناشئة عن هذه الثورة ، على قاعدة صراع الجماهير الشعبية الأقسى و التضحية بالذات ؛ للمساهمة فى مزيد تقدّم هذه الثورة ؛ و صيانة أمن و حقوق الشعب و المساعدة على خلق وضع و جوّ فيهما ستتمكّن صفوف متنامية من الناس و ستشارك فى سيرورة التفاعل على نحو نشيط و فى جوّ حيوي ، مع المسائل الحيوية المتعلّقة بالدولة و الحكم و توجه المجتمع و الظروف و مستقبل الإنسانية.

ث – العدالة و حقوق الشعب :

1- مسؤولية فرض القوانين و الدفاع عن الدستور من قبل أجهزة الأمن العام تقع على عاتق المجلس التنفيذي ، و القيادة الشاملة و الكلمة الأخيرة للحزب الشيوعي الثوري .و المجلس التنفيذي مسؤول كذلك عن إرساء الأجهزة التى تقوم بمتابعة الذين يتهمون بتجاوز القانون وهو مسؤول أيضا على توفير التمويلات و الإعتمادات الضرورية لذلك. و يجب أن يشمل هذا تركيز – بالتشاور مع السلطة التنفيذية على كافة مستويات الحكم القائمة حسب هذا الدستور- مؤسسات تكون مسؤولة عن تتبّع تجاوزات القوانين فى هذه المجالات الأخرى و السلطة التشريعية فى الإطار العام للجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا ( أنظروا كذلك الباب الثالث). و فى نفس الوقت ، تتولّى السلطة التنفيذية كذلك مسؤولية الحفاظ على حقوق الشعب ، على قاعدة هذا الدستور ، و بخاصة مراقبة سير أجهزة الأمن العام ، و المسؤولين عن تتبّع الجرائم، لضمان أن تكون سياساتها و أعمالها فى توافق مع الدستور و القانون و حقوق الشعب القائمة على ذلك الأساس ( أنظروا القسم الثالث فى هذا الباب و فى الباب الثالث).

2- و كجزء مفتاح من توفير أتمّ الصيانة لحقوق و حرّيات الشعب، و بالأخصّ الدفاع عن حقوقهم فى أوضاع حيث يتهمون بالجرائم و كذلك إجراءات أخرى حيث المواطنون أو مقيمون فى هذه الجمهورية يواجهون الحكومة فى نزاع قانوني و لهم حقّ التمثيل القانوني – يجب أن يوجد قسم من الدفاع و المرافقة القانونيين ، ينبغى أن تبعثه الحكومة كجزء من الميزانية الشاملة المعدّة للمجلس التنفيذي ، لكن ينبغى أن يكون بكلّ الطرق الأخرى مستقلاّ ، و يعمل بإستقلالية عن الحكومة. و فروع هذا القسم من الدفاع و المرافقة القانونيين مموّلة من قبل الميزانية العامّة للحكومة و يجب كذلك أن تركّز فى مختلف المناطق بما فى ذلك أية منطقة ذات حكم ذاتي ( أو أماكن أخرى ذات حكم ذاتي) يمكن أن تركّز ، و مجالات أخرى تقع مسؤوليتها و إدارتها على كاهل الحكومة. و الأموال و الإعتمادات الممنوحة لهذا القسم من الدفاع و المرافقة ، بما فى ذلك شتى فروعه يجب أن تكون على الأقلّ متساوية مع تلك الممنوحة للمستويات المشابهة لها لدى الحكومة ، لتتبع الجرائم. و على هذا القسم للدفاع و المرافقة القانونيين و شتى فروعه أن يشغّل بالإعتمادات المرصودة من الحكومة ، الموظّفين و الهياكل و الإجراءات اللازمين لإنجاز المهام الموكلة إليه فى الإطار الشامل لما ورد فى هذا الدستور.

ج – العلاقات العالمية :
1- تميّز تطوّر الولايات المتحدة الأمريكية كقوّة رأسمالية إمبريالية لقرون و قام على التوسع عبر العبودية و الغزو و الهيمنة و النهب ، بأبعاد إبادة جماعية. لكلّ هذا – ناشرة بوسائل نظامها الإستغلالي على نطاق واسع من أمريكا الشمالية و قطاعات واسعة من العالم ، تبعات هدّامة بالنسبة للذين كانوا مباشرة ضحايا طاغوت إضطهادها و بالنسبة للإنسانية قاطبة. و تمثّل هزيمة دولة الإمبريالية الأمريكية و تفكيكها و تأثيراتها البعيدة المدى فى الإستغلال الخانق لآلة قتلها و تدميرها الهائلة ، ضربة عظيمة تساهم فى تحرير الشعب فى كلّ مكان من العالم و تعزّز قواعد مزيد التقدّم و الطفرات فى النضال الثوري عالميّا نحو تحقيق الهدف النهائي للشيوعية. و مع ذلك تظلّ هناك حاجة كبيرة للقيام بالكثير و الكثير لكسب المزيد من الإنتصارات و كذلك للدفاع عن ما قد كسبناه بعدُ ، و واجب الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا أن تواجه هذا التحدّى و تضطلع بهذه المسؤولية.
2- فى علاقاتها العالمية ، ستعطى الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا الأولوية لتجاوز الإرث الرهيب من إستغلال و نهب الإمبريالية الأمريكية و للمساهمة بكلّ ما تقدر عليه فى تقدّم عالم يكون قد تمّ فيه القضاء على الغزو و النهب و الهيمنة و كافة الإستغلال. فى علاقاتها فى المجال العالمي بما فى ذلك علاقاتها مع دول اخرى ، ستتعاطى وفق جميع هذه المبادئ و الأولويّات. و يجب على الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا ، بصورة أكثر جوهرية أن تكون قاعدة إرتكاز و مصدر دعم و إلهام للثورة العالمية. ( فى إرتباط بهذا و ما يتبع ههنا ، أنظروا كذلك الجزء ت أعلاه فى هذا الباب و الباب الرابع). و سيترجم هذا أوّلا و قبل كلّ شيئ فى دعم القوى و الحركات الثورية عبر العالم ، بهدف التقدّم نحو عالم شيوعي كمبدأ قائد جوهري.
3- و يجب أن لا تكون العلاقات مع الدول الإمبريالية و الرجعية الأخرى ، فى أيّ وقت من الأوقات فى تضارب جوهري مع او مرتبطة بتطوّر و تغيير الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا ذاتها على طريق الإشتراكية ، و فوق كلّ شيئ يجب التقدّم بالنضال عالميّا بإتجاه هدف الشيوعية. و المعاهدات و الإتفاقيات بصدد التجارة و جوانب أخرى من العلاقات بين الدول يجب أن تتوافق مع هذا التوجه و هذه المبادئ. ( كما وردت فى القسم 1 من هذا الباب ، كلّ المعاهدات و الإتفاقيات المشابهة الممضاة من قبل حكومة الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا يجب أن تصادق عليها السلطة التشريعية المركزية بتصويت أغلبية بسيطة و عندما تقع المصادقة عليها تصبح لها فعالية و قوّة القانون).
4- مع بلدان إشتراكية أخرى يمكن أن توجد او تولد يجب أن يكون توجه الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا تطوير علاقات التعاون و الدعم المتبادلين و الجهود المتبادلة فى دعم النضال الثوري عبر العالم.
5- و فيما يتصل باللامساواة بين القوميات و الجهات ( و كذلك اللامساواة الأخرى) فى الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا التى نشأت عن التطوّر التاريخي و مسار الولايات المتحدة الأمريكية الإمبريالية ، فإنّه على الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا أن تعطي الأولوية لتطوير الإقتصاد و هيكلة و تسيير الحكومة و بطرق أخرى ، لتجاوز هذه اللامساواة، كجزء حيوي من تطوّر هذه الدولة الإشتراكية الجديدة تبعا للمبادئ و الأهداف الواردة هنا و فى أماكن أخرى من هذا الدستور.
ح – التعليم :
1- يجب أن يعتمد التعليم فى الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا على المبادئ و الأهداف الواردة فى هذا الدستور و أن يكون فى إنسجام معها و أن يساهم فيها. و كلّ التعليم يجب أن يكون عموميّا متوفّرا عبر منح تقدّمها الحكومة المركزية و مستويات أخرى من الحكومة ، فى ظلّ التوجّه العام للمجلس التنفيذي للحكومة المركزية. و يوفّر التعليم ليس فقط تعلّم القراءة و الكتابة و قدرات أساسية أخرى لكن أيضا يعمل على ترسيخ العلوم الطبيعية و الإجتماعية و كذلك الفنّ و الثقافة و مجالات أخرى ، و القدرة على الإشتغال بالأفكار عموما، و كلّ هذا يجب أن يتوفّر على حساب الحكومة و يجب أن يكون التعليم إجباريّا لكافة الأطفال ( مواطنين و مقيمين) ضمن الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا وفق السياسات و الخطوط العريضة التى يجب أن تتبنّاها الأجهزة الحكومية المناسبة لهذا الغرض. و يجب أيضا توفير التعليم المتقدّم بمزج الإختصاص بالتواصل العام و الجيّد التأطير للتعليم ، على حساب الحكومة للذين تنطبق عليهم معايير و مقاييس هذا التعلّم الأكثر تقدّما، كما وردت فى السياسة و الخطوط العريضة المطوّرة من طرف الأجهزة الحكومية المناسبة ، وفق المبادئ و الأهداف المجسّدة فى هذا الدستور. و على أساس و حسب نسق تطوّر الإقتصاد الإشتراكي و المجتمع ككلّ ، يجب أن يكون توجّه الدولة أن توفّر هكذا تعليم متقدّم لأعداد متصاعدة من السكّان الكهول . و تعميقا لهذه الأهداف ، فإنّ المتاحف المرتبطة بالتاريخ ، و التاريخ الطبيعي و العلم و الفنّ و مجالات أخرى ، و أيضا مؤسسات و برامج أخرى ، يجب أن تتطوّر حسب المبادئ و الأهداف الأساسية الواردة هنا، و يجب أن تكون بشكل واسع فى متناول السكّان جميعهم.
و التعليم بينما يقيّم و يعبّر عن الظروف و الجوّ المناسبين و الموصلين للتعلّم و البحث العلمي- مصادر تطوير الإقتصاد الإشتراكي هي التعويل على المبادرة و العمل الفكري و اليدوي لجماهير الشعب و لأعضاء المجتمع بصورة واسعة، فى ظروف متحرّرة تصاعديّا من علاقات الإستغلال، وبهدف تجاوز كافة بقايا ومظاهر مثل هذه العلاقات و تبعاتها ، ليس فحسب فى هذا المجتمع بل فى كلّ زاوية من زوايا الأرض. و بإتفاق مع هذه الأهداف و هذا التوجّه ، الدولة هي العنصر المركزي و القيادي فى تطوير الإقتصاد الإشتراكي الجديد و ملكية الدولة لوسائل الإنتاج هي الشكل الأوّلي فى تطوير الإقتصاد – بينما مثلما أشرنا فى المبادئ و الأهداف الواردة فى هذا الدستور، فإنّ الدولة الإشتراكية ليست فقط بعدُ مختلفة جذريّا عن كافة أشكال الدول السابقة التى جسّدت مصالح الرأسماليين و الطبقات الإستغلالية الأخرى و عزّزتها و إنّما توجهها مجدّدا هو إستمرار تغيير الدولة فى علاقة و بتناسق مع تغيير المجتمع و العالم قاطبة نحو هدف تجاوز الإنقسامات التى تجعل الدولة ضرورية و فى النهاية تتوفّر الظروف التى تمكّن من إضمحلال الدولة و تعويضها بالمشاركة العامة للبشر دون إختلافات فى الطبقة أو القومية أو أية علاقات أخرى تجسّد بذور إستغلال و إضطهاد أو تنطوي عليها.
2- و واحد من أهمّ أهداف النظام التعليمي فى الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا هو تمكين الطلبة (و الناس بصورة عامّة ) من المعرفة العميقة على أساس ذلك لواقع إضطهاد شعوب بأسرها و الهيمنة على النساء و إضطهادهن، فى الولايات المتحدة الأمريكية السابقة و عبر العالم حيث كانت المجتمعات قائمة على الإستغلال و تحكمها الطبقات الإستغلالية – و على هذا الأساس ، و بعمق تكريس الذات و المساهمة النشيطة فى النضال لإجتثاث و إلغاء كافة علاقات المساواة و الإضطهاد. و نفس المقاربة يجب ان تقود بصدد التمييز ضد الناس و إضطهادهم إعتمادا على النزعة الجنسية وهي مرتبطة وثيق الإرتباط بالأدوار الجندرية التقليدية و بإضطهاد النساء.
3- و كتعبير عن الطابع المتعدّد القوميات و المتعدّد اللغات للجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا و للتاريخ و للتكوين الراهن لسكان هذه الجمهورية ، و توجّهها الأممي و هدفها تجاوز كافة اللامساواة بين القوميات و الثقافات و القضاء عليها ، يجب على كافة التعليم أن يجري بالإسبانية و الأنجليزية معا ، كمسألة سياسة حكومية. (و مثلما تمّت الإشارة إلى ذلك فى القسم الأوّل من هذا الباب ، يجب على كافة القوانين و الوثائق الرسمية الأخرى للحكومة أن تنشر باللغتين) . و فى كلّ منطقة حيث لقطاعات من السكّان لغة أخرى كلغة أم ، فإنّه ينبغى بذل الجهد و الإعتمادات لتوفير التعليم بتلك اللغة كذلك. و إلى جانب هذا ، يجب على هدف الدولة أن يكون تشجيع و دعم الناس فى المجتمع ككلّ ليتكلّموا جيّدا بالأنجليزية و الإسبانية ،و قدر الإمكان ، يتعلّموا لغات أخرى ، لا سيما تلك التى تتكلّمها مجموعات هامّة من سكّان هذه الجمهورية و كذلك اللغات التى تستعملها أعداد هامّة من الناس فى أنحاء أخرى من العالم.
4- يجب على النظام التعليمي للجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا أن يمكّن الناس من البحث عن الحقيقة مهما كان المكان الذى تؤدّى إليه ، بروح فكر نقدي و فضولية علمية ، و بهذه الطريقة المعرفة المستمرّة للعالم لإمتلاك قدرة أفضل على المساهمة فى تغييره وفق المصالح الجوهرية للإنسانية. لهذا، فى دراسة المجتمع الإنساني و تطوره التاريخي، و فى المجتمع و كذلك فى العلوم الطبيعية عموما ، البحث عن الحقيقة ، عبر مراكمة الوقائع و الدلائل الملموسة و تلخيص هذا عبر التفكير المنطقي و الخطاب المنطقي ، بما فى ذلك ، إختبار الأفكار فى الواقع ، يجب أن تكون الهدف و المعيار. و النظريات العلمية و غيرها التى تستجيب لهذه المقاييس و أكّدتها بوضوح و أثبتها المنهج العلمي ( مثل التطوّر الذى هو أحد أكثر الأمور الشائعة تأكيدا و أكثر الوقائع رسوخا فى العلم كافة) يجب أن تقدّم كما هي – تفكير صحيح و فهم سليم للواقع- و يجب أن يمثّل أساسا منه ننطلق لمزيد التعلّم و تغيير العالم ، بينما فى الوقت ذاته ، يجب أن يلقى تطبيق المنهج العلمي التشجيع و الدعم لأجل مواصلة التعلّم أكثر بشأن ديناميكية السيرورات مثل التطوّر و العالم الطبيعي – المادي عموما. والفهم المادي الجدلي بأنّ الواقع برمّته متكوّن من مادة فى حركة، من مختلف الأنواع ، ولا شيء آخر، و تطبيق هذا الفهم و هذه المقاربة على جميع مجالات الطبيعة و العلوم الجماعية يجب أن يكون أساس التعليم و " لبه الصلب". و فى نفس الوقت ، كتطبيق ل " المرونة على أساس اللبّ الصلب " يجب أن توجد مقاييس لعرض وجهات نظر أخرى معارضة ، بما فى ذلك المدافعين الشرسين عنها ، كجزء من برامج التعليم العام. بهذا المضمار أيضا يجب أن يطبّق توجه البحث عن الحقيقة و تحديد ما إذا كان الأمر يناسب أم لا الواقع الموضوعي كمقياس و معيار للحقيقة، وفى نفس الوقت يجب تشجيع جوّ لا يتمّ فيه خنق الأفكار الجديدة و غير المعتادة أو قمعها بل، عوض ذلك ، يُتعامل معها بجدّية مع الإعتراف بأنّ ذلك كان الحال عبر التاريخ و سيظلّ الحال هكذا فى المستقبل ، و أنّ الحقيقة عادة ما "تمسك بها أقلّية " و ينطبق هذا بصورة خاصّة على الفهم الجديد المكتشف للواقع.
يجب أن يشجّع التعليم فى حقل الفنّ و الثقافة بوجه خاص ، و كذلك كمسألة توجه و مقاربة عامين فيما يتعلّق بالتعليم عموما ، جوّا ينمّى الخيال و يحثّه هو و الإبداع و تنوّع واسع من الإبداعات الفنية و غيرها ، و صراع صحّي بشأن الأفكار ووجهات النظر. و فى حين يجب أن يوجد أساس محدّد و " لبّ صلب" فى النظام التعليمي ، كما نقاشنا أعلاه، و بينما سيروّج الحزب الشيوعي الثوري بنشاط و حيوية نظرته و برنامجه فى صفوف المجتمع، يجب فى ذات الوقت أن يتوفّر ليس فحسب للتلامذة و الطلبة بل لأوسع المواطنين خزّان غني بالأعمال السياسية و الفلسفية و العلمية و التاريخية و الفنية و غيرها، معبّرة عن تنوّع وجهات النظر وعاكسة لها. و هذا هام و بالفعل جزء ضروري من تمكين الطلبة و أوسع الناس ، من الإندفاع و صياغة و إثراء فكري و ثقافي و البحث عن الحقيقة مهما كان المكان الذى تؤدّى إليه ، بروح فكر نقدي و فضول علمي ، و هكذا مواصلة تحصيل المعلومات عن العالم و التمكن بصفة أفضل من المساهمة فى تغييره وفق المصالح الجوهرية للإنسانية.
خ- العلم و البحث العلمي:
1- يهدف تشجيع العلم و البحث العلمي و دعمه بنظر الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا إلى تنمية مستمرّة للمخزون المعرفي العلمي و الترويج الواسع النطاق للروح و المنهج العلميين لصالح الإنسانية. و بُعد هام من هذا هو تعميق تطوّر الإقتصاد الإشتراكي و الأساس المادي لإنجاز تحويل المجتمع و العالم نحو الهدف النهائي الشيوعية و تحرير الإنسانية. لكن دور العلم و هدفه لا يمكن حصره فى هذا ، مهما كانت أهمّيته و حيويته. أبعد من ذلك ، تشجيع الفضول بصدد العامل الطبيعي بأبعاده المتعدّدة ، بما فى ذلك المجتمع الإنساني و تطوّره التاريخي و فى نفس الوقت تشجيع إستعمال الوسائل العلمية الصارمة و تطبيقها تطبيقا خلاّقا لإكتشاف كلّ هذا و معرفته ، جوهري للإزدهار التام للبشر و لقدراتهم على المساهمة فى التقدّم نحو عالم شيوعي.
بهذا التوجه ، يجب على الحكومة ، لا سيما من خلال السلطة التنفيذية ، أن تساند كلاّ من المشاريع و البحوث العلمية المرتبطة بأهداف و سياسات الحكومة و التى يمكن أن تساهم بأكثر مباشرة فيها ، فى أي وقت معطى و التجريب العلمي و البحث و الإستكشاف النظري الذين يمكن ألاّ تكون لهم علاقة مباشرة بتلك الأهداف و السياسات لكن يمكن أن تنطوي على إمكانية أو تمثّل إمكانية إنجاز إختراقات جديدة فى الفهم العلمي أو المساهمة فى السيرورة التى عبرها يمكن لهذه الإختراقات أن تحدث و التى تساهم فى كلّ الأحوال فى دفع الروح العلمية و المنهج العلمي.
2- يجب أن يكون من توجهات الحكومة و يجب بذل الجهود الملموسة ليس فقط لتشجيع المنهج العلمي بل لتقاسم الإكتشافات و الإختراقات العلمية ، و المعرفة العلمية عموما، مع العلماء (و أوسع المواطنين) فى أنحاء أخرى من العالم، و لجعل هذا جزءا من المخزون العام للمعرفة الإنسانية ككلّ ، إلى أبعد حدّ ممكن، بينما يُعار كذلك الإنتباه الضروري ، حيث يكون فعّالا ، للشؤون الأمنية للجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا و لشعبها.
3- و فى حين توفّر الوسائل و الظروف و الجوّ الضروريين و الموصلين للعمل العلمي ، بما فى ذلك البحث و الإستكشاف النظريين ، يجب كذلك بذل الجهود ليس فحسب لكي توفّر للتلامذة و الطلبة و للناس بصورة أوسع ، عبر النظام التعليمي و بطرق أخرى ، معرفة علمية أساسية و الإعتماد على المبادئ العلمية و المنهج العلمي و لكن أيضا لتشريك أعداد متزايدة من الناس فى البحث و التجريب العلميين و من ذلك فى المشاريع حيث يعملون معا يقودهم علماء محترفون يعملون لكامل الوقت و للإنطلاق من أوسع تجارب الناس و معارفهم المراكمة فى المجتمع كمصدر ثمين للبحث العلمي.
ح – الصحّة و الطبّ :
1- هدف الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا فيما يتصل بالصحّة و الطبّ هو تشجيع الصحّة و الرفاه الشاملين للناس و كبعد مفتاح فى هذا ، أن توفّر للناس فى المجتمع ككلّ الرعاية الصحّية بكلفة منخفضة و فى النهاية مجانا – و أن تطوّر بإستمرار الرعاية الصحّية و تحسّنها. و تعمل حكومة هذه الجمهورية كذلك على ضمان تلبية الحاجيات الغذائية للسكّان.
و ستقام البحوث و الأعمال لتوقّع قدر الإمكان ، إندلاع أمراض و أوبئة و منع هذا الإندلاع بأكبر قدرة ممكنة ، و إكتشاف مثل هذه العدوى و الأوبئة و معالجتها بأسرع و أكثر فعالية ممكنة أينما و كلّما لا يمكن منع إندلاعها.
2- و بإتفاق مع هذا التوجه العام ، بينما يُولى الإنتباه لمعالجة المرض ، بما فى ذلك المعالجة العالية الإختصاص ، و للبحث العلمي ، ( و بهذا الصدد ستكرّس المبادئ المناقشة أعلاه فيما يتصل بالعلم و البحث العلمي ) و سيقع التشديد على الوقاية من المرض عبر التشجيع على التغذية الصحية و الرياضة و كذلك وسائل أخرى و على إكتشاف قبلي و معالجة المرض بأكبر قدر ممكن.
3- متشبّثين بالمقاربة العلمية و كذلك بالتوجه الأممي ، يجب تقاسم البحث و التطوير، و التطويرات العملية ، فى الحقل الطبّي ، أتمّ تقاسم ممكن مع الناس فى هذا الحقل ( و الحقول المرتبطة به) فى نواحي أخرى من العالم ، و يجب تشجيع التعاون و تفعيل إكتشاف و مواجهة إندلاع أمراض و أوبئة و الوقاية منها و كذلك معالجة المرض، و التطوّر الشامل للعلم الطبّي و تطبيقاته العملية عبر العالم.
4- و التوجه الذى يجب تشجيعه و تركيزه كمعيار للمحترفين و غيرهم فى المجال الطبّي هو خدمة الشعب. وفى معالجة المرض و فى مظاهر أخرى من الطبّ يجب أن تأخذ بعين الإعتبار الأحاسيس و كذلك تجارب معرفة المرض لدى الناس بصورة أوسع و إعتمادها تماما كأساس لازم و مصدر أساسي فى ممارسة الطبّ و تطوّر علم الطبّ و تطبيقه.
د- وسائل الإعلام :
1- بإتفاق مع التوجه و المبادئ الإشتراكيين بصدد تطوّر الإقتصاد - و التوجه و المبادئ الواردة فى هذا الدستور ككلّ- ملكية و إستعمال أكبر وسائل الإعلام فى الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا يجب أن تكون بين أيدى الحكومة و فى النهاية تحت قيادتها و خاصة بأيدى المجلس التنفيذي للحكومة المركزية. و فى نفس الوقت ، مثلما سنناقش أدناه ، يجب على الحكومة المركزية ليس فحسب ان تسمح بوجود وسائل إعلام مستقلّة عنها و لكن إلى درجة هامة أن تموّلها ( و فيما عدا ذلك) ان تسهّل عملها من خلال عمل المجلس التنفيذي و الوكالات الأخرى التى يمكن أن تنشأها لهذا الغرض ( أنظر 4 أدناه).
2- و يجب أن يكون توجه وسائل الإعلام المملوكة و المسيّرة مباشرة من قبل الحكومة أن توفّر الحقيقة و المعلومات الهامة و تطوّرات أخرى هامة فى المجتمع و العالم للناس فى المجتمع. و عند تجميع و تقديم هذا الإعلام و تحليله من قبل وسائل الإعلام الحكومية ، يجب أن يطبّق التوجه و المبادئ التى وقع التشديد عليهما أعلاه ( فى الأقسام ح و خ ، المتعلّقة بالتعليم و العلم ) فى علاقة بالبحث عن الحقيقة و معايير هذه الحقيقة ، ما يكتسى أهمّية خاصة بما أنّ هدف تقديم هذا الإعلام و التحليل هو المساهمة بطرق هامة فى تمكين الناس من الفهم و العمل على تغيير المجتمع و العالم لمصلحة الإنسانية.و خدمة لهذا الهدف ذاته، إضافة إلى إنشاء و تسهيل عمل وسائل إعلام بديلة مستقلّة عن الحكومة ، فإنه يجب السماح بدرجة هامة بتقديم وجهات نظر و تحاليل متنوّعة بما فى ذلك تلك التى تختلف و تتعارض مع التى تقدّمها الحكومة وممثّلوها ، و توفير الوقت و الفرصة لذلك عبر وسائل الإعلام ذاتها.و سيكون كلّ هذا فى إنسجام مع تطبيق مبدأ " اللبّ الصلب مع الكثير من المرونة ".
3- و إضافة إلى نشر الإعلام و تحليل الأحداث الراهنة و شؤون الدولة و تطوّرات هامة أخرى فى المجتمع والعالم ( " برامج جديدة " و " وسائل إعلام جديدة " ) ، فإنّ وسائل الإعلام المملوكة للحكومة و المسيّرة من قبلها يجب أن توفّر كمّا و نوعا من الموسيقى و الدراما و الكوميديا و أعمال فنية أخرى متزايدين بهدف أن تكون من أرقى نوعية فنّية و بمضمون يتناسق مع المبادئ الواردة فى هذا الدستور. ( أنظروا القسم ر أدناه ، فيما يتعلّق بالفنّ و الثقافة).
4- و فضلا عن وسائل الإعلام المملوكة للحكومة و المدارة تحت قيادتها ، فإنّه يجب تعيين مقاييس و أن تمنح الإعتمادات و مصادر تمويل أخرى لتركيز و عمل وسائل الإعلام المستقلّة عن الحكومة و التى يمكن أن تقدّم وجهات نظر و آراء تتعارض مع تلك الصادرة عن الحكومة فى أي وقت معطى عبر وسائل إعلامها ( و بطرق أخرى ). لهذا الغرض ، يجب تعيين أجهزة متنوّعة ووكالات أخرى تحت القيادة النهائية لمجلس السلطة التنفيذية لمراقبة تطبيق المقاييس و الرخص الممنوحة و الميزانية و الإعتمادات الأخرى لمثل وسائل الإعلام المستقلّة هذه. وفى تحديد تطبيق المقاييس المعتمدة يجب أن لا يكون مقياس منحها هو الإتفاق مع الحكومة بل بالعكس ، يجب تسهيل تنوّع الرؤى و الآراء و تشجيعها و نشرها مع تمثيل هام لرؤى و لآراء تذهب ضد رؤى الحكومة و آراءها فى أي وقت معطى ، بما فى ذلك بعض التى يمكن أن تعارض ليس فقط سياسات و أعمال معينة للحكومة لكن أيضا المبادئ و الأهداف الأساسية للجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا. و فى إرتباط بهذا ، ما يقع نقاشه فى القسم الثاني من الباب الثالث ، حرّية التعبير و حقوق أخرى لها أهمّية خطّ مرشد أساسي.
5- و زيادة على وسائل الإعلام التى تلقى تمويلا من الحكومة و مصادر أخرى لكنّها تسير بإستقلالية عن الحكومة ، ستوجد أيضا و سيسمح لعديد وسائل الإتصال المختلفة المملوكة لأفراد ، بما فيها تلك المرتبطة بالأنترنت ، و مختلف الوسائل الناشئة عن جهود ومصادر فردية. و إضافة للطرق التى يمكن أن تستعمل كوسيلة تعبير خاص لمختلف الألوان ، يمكن ايضا أن تساهم فى الجوّ الأعم من التبادل الحيوي و الملموس للأفكار و النظريات المختلفة و الصراع حولها.وفى تناقض مع التوجه و المبادئ الواردة هنا، فإنّ وسائل الإعلام التى أنشأها الأفراد و التى هي عموما مستقلّة عن الحكومة ، يمكن أن تبحث عن تمويل و تحصل على دعم ، إلى جانب التمويل الممنوح من قبل الحكومة ، طالما أنّ هذه الأموال و المصادر التمويلية تستعمل فقط لتشغيل هذه الوسائل الإعلامية و لا تؤدّى إلى و لا تعنى مراكمة رأسمال خاص و تشغيل أناس كعمّال مأجورين، بإستثناء ما يحصل على رخصة خاصة عبر المخطّط الإقتصادي للدولة أو جهاز حكومي مخوّل له اخذ هكذا قرار فى إطار المخطّط الإقتصادي العام.
6- من خلال التمويل و المصادر الأخرى التى توفّرها الحكومة – و لا تتجاوز نصف القيمة الممنوحة لوسائل الإعلام الخاصة المناقشة أعلاه- و عبر الدعم الذى تحصل عليه مباشرة من أعضائها و غيرهم بصورة أشمل فى المجتمع، بإمكان الحزب الشيوعي الثوري كذلك أن يركّز أو يحافظ على وسائل إعلام تحت قيادته المباشرة لنشر برامجه ووجهة نظره التامين و مبادئ و مناهج الحزب ذاته و تطبيقها على مختلف المجالات الإجتماعية و العلاقات العالمية. و لتحليل الأحداث الراهنة و التطوّرات الهامة فى المجتمع و العالم و مسائل كبرى أخرى مرتبطة بالسياسات و كذلك بالفلسفة و العلم و الفنّ و الثقافة و بالمسائل العامّة ذات الأهمّية بالنسبة للمجتمع و الناس و التقدّم صوب الشيوعية.
7- و كلّ هذا من جديد، تطبيق لمبدأ " اللبّ الصلب مع الكثير من المرونة "، وهو وسيلة مفتاح فى تمكين أوسع الجماهير الشعبية من مواجهة أفكار ووجهات نظر متنوّعة و نقاشها و " تمحيصها " ، لأجل المساهمة بعمق أكثر و بلوغ فهم للعالم و تغييره لمصلحة الإنسانية. و مرّة أخرى ، يجب التعاطي مع كلّ هذا ب " اللبّ الصلب" – مع الحزب الشيوعي الثوري كأكثر العناصر القيادية حسما- للتمكّن من المشاركة عبر طرق شتى فى التقدّم على الطريق العريض نحو الهدف الشيوعي.
ز- الفنّ و الثقافة :
1- مجال الفنّ و الثقافة يلبّى حاجة عميقة لدى البشر الذين لا يمكن بالفعل أن يعيشوا ببساطة ب " الخبز" ( أهمّ الحاجيات الأساسية للحياة ) وحده وهو كذلك مجال هام فيه تصاغ وجهات النظر و القيم الإيديولوجية و تنعكس أو تمرّر و فيه يجرى صراع إيديولوجي حول وجهات النظر و القيم المختلفة. و كلّ هذا ينهض كأساس و إطار لمقاربة الفنّ و الثقافة فى الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا.

2- و مثلما سبقت الإشارة إلى ذلك فى هذا القسم ، سيُولي إنتباه و توفّر إعتمادات هامين للإبداع و تطّويره و نشر الحكومة للفنّ و الثقافة فى صفوف الشعب ، و تقع على عاتق المجلس التنفيذي المركزي كل المسؤولية عن ذلك. وعليه أن يهدف إلى أرقى الأنواع الفنية ذات المضمون المتناسق مع المبادئ الواردة فى هذا الدستور. و يجب تكريس هذا من خلال تطوير و منح الفنّانين المحترفين و الإنتاجات الفنّية – أفلاما و مسرحا و ادبا و موسيقى و رسما و نحتا و فنونا بلاستيكية و انتاجا سمعيا بصريا عموما و مجالات أخرى من الثقافة و كذلك كفرق لجزء من الوقت و "هواة " و إنتاجات ثقافية عبر المجتمع - إعانة و دعما من الأجهزة الحكومية الراجعة إليها بالنظر فى مختلف المناطق ، بما فيها أي مناطق ذات حكم ذاتي ( أو جهات أخرى ذات حكم ذاتي ) يمكن تركيزها ( حيث سيعكس الفنّ و الثقافة و تجسّد عناصر هامة من التطوّر الثقافي التاريخي الخاص للقوميّات) و المناطق و الوحدات الأساسية للمجتمع و الحكومة.

3- و مثلما هو الحال مع وسائل الإعلام ، يجب كذلك ان تقدّم الحكومة المنح و الإعتمادات على المستوى المركزي و أيضا على المستويات الأخرى لدعم الفنّ و الثقافة المستقلّة عن الحكومة و التى يمكن أن تعبّر عن و تعكس أفكارا و نظرات تتعارض مع سياسة و أعمال الحكومة فى أي وقت معطى ، أو حتى مع المبادئ و الأهداف الجوهرية للجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا.
هنا مرّة أخرى ، نقاش حرّية التعبير و الحقوق الأخرى فى القسم الثاني من الباب الثالث مناسب . و فى نفس الوقت ، بما أنّ لحقل الفنّ و الثقافة خصوصياته – و خاصة بما أنّ أحد ميزاته الأساسية هي إستعمال الإستعارات و التعابير البلاغية ، و غالبا ما يعنى " الإنحراف" عن الواقع و تصوير الأمور بلغة و أشكال ليست و ليست ترمى إلى إعادة إنتاج تام للحياة اليومية بل هي تعبيرات مركّزة عن مظاهر من الحياة على نحو يجب أن يكون " أرقى من الحياة " – من الضروري ليس فحسب الإقرار بقيمة و أهمّية التجريب و عدم الخضوع للعادة فى هذا المجال بل كذلك عدم الخلط فى الفنّ و الثقافة و تقييمهما وفق ذات المعايير و التحريض السياسي و المناصرة فى حدّ ذاتها.و هذا مهمّ كمبدأ عام لكن أيضا مهمّ بصدد الفنّ و الثقافة اللذان هما " معارضان " بطريقة أو أخرى و هذا الفهم يجب أن يخدم كتوجه مرشد هام آخر لدى أجهزة الحكومة فيما يتصل بالفنّ و الثقافة.

4- و إلى جانب تطوير و دعم فنانين محترفين و مزيد من الأعمال و الإنتاجات الفنّية- لكلّ من الذين يوجدون فى قيادة الأجهزة الحكومية المنشأة لهذه الغاية و الذين هم صراحة مستقلّون عن الحكومة- يجب كذلك على الحكومة و المجلس التنفيذي المركزي له المسؤولية العليا ، أن تشجّع و تحثّ و تدفع و تدعم ، فى صفوف اوسع الناس، ذائقة فنّية و ثقافية و أن تشركهم فى الجهود و الإبداعات الفنّية ، تبعا لما ناقشناه فى القسم الأوّل أعلاه.

5- و مع وسائل الإعلام ، فى حقل الفنّ و الثقافة يمكن لفرق مستقلّة و مسرح " هواة " و فرق و جمعيّات فنّية أخرى أن تبحث عن تمويل و تتحصّل على إعتمادات أبعد من تلك التى يمكن أن تمنحها الحكومة ، طالما أنّ هذه الأموال و الإعتمادات تستعمل فقط لنشاطاتها و لا تؤدّى إلى أو تعنى مراكمة رأسمال خاص و تشغيل أناس كعمّال مأجورين ، بإستثناء ما يمكن أن يسمح به بصورة خاصة المخطّط افقتصادي للدولة أو وكالة تخوّل لها الحكومة إتخاذ قرار فى هذا الإطار العام للمخطّط الإقتصادي.
و كذلك ، عبر أموال و مصادر تمويل توفّرها الحكومة - و لا تتجاوز نصف قيمة ما تمنحه للفنّ و الثقافة المستقلّين - و عبر الدعم تحصل عليه مباشرة من أعضائها و آخرين بصورة أوسع فى المجتمع ، سينتج الحزب الشيوعي الثوري و يعمل على أن تنشر فى صفوف الشعب إبداعات فنية متنوّعة تسعى جهدها إلى تلبية حاجيات الناس إلى الثقافة بأنواع فنية راقية بينما تلهم أيضا الناس بالنظرة و القيم الشيوعية ، كما تطوّرت أكثر من خلال الخلاصة الجديدة التى طوّرها بوب آفاكيان.

6- إضافة إلى حقل الفنّ و الإبداع القنّي ، يجب على الحكومة ( و للمجلس التنفيذي المركزي المسؤولية التامة ، بينما يركّز وكالات و أجهزة لهذا الغرض تعمل مع الحكومة على مستويات أخرى ) أن تشجع و تدعم التظاهرات و النشاطات الرياضية لتوفّر التدريب و الترفيه و تشجّع الصحّة و اللياقة البدنية لدى المجتمع. و ينبغى أن يشمل هذا بعض الفرق الرياضية و الروابط المحترفة ، بينما فى الوقت ذاته يقع التشديد على أوسع مشاركة للناس ، لا سيما الشباب ، فى الرياضة من مختلف الأصناف. و سيُعترف بدور المناظرات الرياضية و تعطى مكانة مناسبة ، لكن الأولوية الأساسية و العامة فى الرياضة ستعطى لتشجيع روابط الصداقة و الرفاقية و الجماعية و التعاون و تقاسم تجربة و فرح الرياضة ، إلى جانب المساهمة فى الصحّة و اللياقة البدنية – و التشجيع على الأممية ، لا سيما فى النشاطات الرياضية التى تقام مع أناس من بلدان أخرى.

7- لمزيد توفير الترفيه للناس ، و لتشجيع حكمهم على طبيعة و معنى التمتّع بروعة شتى مظاهرها ، يجب على الحكومة أن تنشأ الحدائق الوطنية و مناطق أخرى مخصّصة لهذه الغاية و ان تحافظ عليها من أجل صيانة هذه المناطق و عديد الأنواع المختلفة من الحيوانات و النباتات لا سيما تلك التى يمكن أن تتعرّض للخطر و الأنظمة البيئية الحيوية و البيئة ككلّ ، و كذلك من أجل إثراء ثقافة الناس.

8- فى مختلف الأبعاد المشار إليها هنا ، و فى حقل الفنّ و الثقافة ككلّ ، هدف حكومة الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا هو تلبية الحاجيات الفكرية و الثقافية و خدمة أوسع مصالح الجماهير الشعبية ، لتشجيع و دعم التطوّر الشامل للشعب عبر المجتمع و للمساهمة فى تطوير الناس عبر العالم ، و خيالهم و إبداعهم و مبادرتهم و مواهبهم، و قدراتهم ألهمها و أطلق العنان لها إنتاج علاقات جديدة بين الناس ، و العالم الجديد أين يمكن للبشر أن يزدهروا بطرق و بأبعاد لم يسبق تصوّرها ، بروح و روابط تعاون دون قيود الإنقسامات الإضطهادية و الأنانية و ضيق الأفق و منع الأفكار ، و طرق التفكير النابعة من هذه الإنقسامات و المعزّزة لها.

القسم الثالث : السلطة القضائية و الأحكام القانونية:
1- يجب أن توجد ضوابط متجانسة لدى الجمهورية ككلّ ، متمثّلة فى قوانين تسنّها السلطة التشريعية المركزية كما ينصّ عليها هذا الدستور. ( أنظروا ، بوجه خاص ، القسم الأوّل من هذا الباب). و يمكن للسلطة التشريعية فى مختلف الجهات بما فيها الجهات ذات الحكم الذاتي ،و المناطق ووحدات حكومية أخرى ، أن تسنّ قوانينا خاصّة بمجال سلطتها ، بيد أنّه لا يمكن لهذه القوانين أن تدخل فى تعارض مع الدستور أو مع القوانين الصادرة عن السلطة التشريعية المركزية ، بإتفاق مع الدستور. و إن وُجد نزاع بين القوانين الصادرة عن السلطة التشريعية المركزية و القوانين الصادرة عن الأجهزة الحكومية فى كافة مستويات المجتمع ، فإنّ قوانين السلطة التشريعية يجب أن تكون لها العلوية وهي التى تطبّق طالما أنّها تتناغم مع الدستور. و يجب أن يطبّق الدستور و القوانين المتناغمة معه فى الجمهورية الإشتراكية الجديدة على جميع مواطني هذه الجمهورية و على كافة المقيمين ضمن مجالها الترابي .
2- يمكن إعادة النظر فى القوانين القائمة فى مستوى من مستويات الحكومة و أعمال الحكومة على أي مستوى من خلال النظام القضائي الذى يتمتّع بسلطة تحديد دستورية هذه القوانين و الأعمال من عدمها.و للمواطنين و المقيمين فى الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا حقّ الطعن فى القوانين السارية فى كافة مستويات الحكومة و الأعمال التى تقوم بها الحكومة ، على كافة الأصعدة. مع ذلك ، بإستثناء السيرورات القانونية التى يمثّلون فيها لسان دفاع - و فى هذه الحالات يجب أن يتمتّع الأشخاص بحقّ دفاع قانوني يوفّره قسم الدفاع و المرافقة القانونية فى المستوى المناسب ، و حقّ التعقيب على قرارات المحاكم و كذلك دستورية القوانين التى طّبّقت فى تلك السيرورات الخاصّة- على المواطنين و المقيمين فى الجمهورية الإشتراكية الجديدة أن يقدّموا عند تقديمهم طعن خاص بدستورية قانون أو عمل حكومي ، طعنهم لجهاز قانوني يجب أن يكون قد تركّز فى مختلف أنحاء هذه الجمهورية ، لا سيما عقد الجلسات و الحكم فى هذه الطعون ؛ و فى هذه السيرورة الخاصّة ، لن يكون للذين يقدّمون هذا الطعن حقّ التمتّع بالتمثيل القانوني من قبل قسم الدفاع و المرافقة القانونية بل يجب أن يتابعوا قضيتهم على حسابهم الخاص. و إذا صدر حكم قانوني لصالح الطعن ، يمكن حينها أن يلجأ إلى المحكمة المختصّة و فى متابعة الشخص ( أو الأشخاص) لقضيّة الطعن الحقّ فى التمثيل القانوني المقدّم من قبل قسم الدفاع و المرافقة القانونية. و إذا كان الحكم الإبتدائي الصادر عن الجهاز القانوني ضد الطعن ، حينئذ قد لا يتواصل بعد الطعن إلاّ إذا إلتحقت به نسبة من السكّان ، فى سنّ 18 سنة فأكثر، فى المجال المناسب على نحو تحدّده السلطة التشريعية فى ذلك المجال ، أو من قبل السلطة التشريعية المركزية ( مثلا، بطلب من عدد معيّن من الإمضاءات الصالحة على عريضة مأذون بها). و هذه النسبة المائوية محدّدة هنا ب 10 بالمائة ، ومع ذلك يمكن تغيير هذا عبر إجراء جهاز السلطة التشريعية المناسب رغم أن النسبة المائوية يمكن ألاّ تركّز على الأقلّ من 5 بالمائة و لا أكثر من 20 بالمائة ، إلآّ عبر تعديل فى هذا الدستور ( أنظر الباب الرابع). و إن إلتحق العدد المطلوب من الناس بهذا الطعن ، بواسطة الطرق اللازمة ، يمكن أن تتمّ متابعة هذا الطعن و عرضه على المحكمة المناسبة و القوانين و الإجراءات العائدة إليها بالنظر ، و يجب حفظ بما فى ذلك حقّ الذين يقدّمون الطعن فى التمثيل القانوني الذى يوفّره الجهاز المناسب من قسم الدفاع و المرافقة القانونية.
3- أعلى المحاكم فى الجمهورية الإشتراكية الجديدة هي المحكمة العليا. و يجب أن تتمتّع هذه المحكمة بسلطة إعادة النظر النهائية و تحديد دستورية القوانين و أعمال الحكومة من عدمها. و يجب أن تحدّد السلطة التشريعية المركزية الحجم الحقيقي للمحكمة العليا و عدد قضاتها يجب أن يكون غير متعادل ، لا يتجاوز 15 و ليس أقلّ من 9. و كي تغدو أحكام المحكمة العليا رسمية تحتاج إلى أصوات لا تقلّ عن غالبية أعضائها الحاضرين أثناء المحاكمة ،ممثّلين على الأقلّ 40 بالمائة من العدد الجملي لأعضاء المحكمة .
فى سير أشغال جلسات المحكمة العليا ( وسير أشغال أعمال قانونية أخرى) يمكن إستعمال كلّ من الإسبانية و الأنجليزية ، مع توفير ترجمة فورية من لغة إلى أخرى ، و يجب أن توفّر ترجمة إلى لغات مناسبة أخرى مناسبة إن تبيّن أنّها لازمة و ضرورية.
4- يتمّ تعيين أعضاء المحكمة العليا من طرف مجلس السلطة التنفيذية للحكومة المركزية. و هذه التعيينات قابلة لإعادة النظر فيها و المصادقة عليها من قبل الحزب الشيوعي الثوري أو من قبل جهاز ( أو أجهزة) يرسيها الحزب فى الغرض. و هذه التعيينات قابلة أيضا لإعادة النظر فيها من قبل السلطة التشريعية المركزية و يجب أن يحظى المعنيّون بالمحكمة العليا بمصادقة غالبية السلطة التشريعية. و بعد إختيارهم، على أعضاء المحكمة العليا أن يعملوا طوال حياتهم او إلى أن يحالوا على التقاعد - إلاّ فى حالات خرق الدستور أو حكم لجرم أو سلوك مناف لدور المحكمة ، كما حدّدته إجراءات الإيقاف.
5- فيما يتعلّق بأعضاء الطبقة الحاكمة للولايات المتحدة الأمريكية الإمبريالية و موظّفيها السابقين و أولئك الناشطين بإسمها ،المتهمين بإرتكاب جرائم حرب و / أو جرائم أخرى ضد الإنسانية ، يمكن إرساء محاكم خاصة من قبل السلطة التشريعية المركزية - أو من قبل المجلس المركزي للسلطة التنفيذية ، بموافقة أناس من هذا القبيل بسبب تلك الجرائم، وفق المبادئ و المقاييس و الإجراءات و السيرورة القانونية اللازمين و التى وقع عرضها أوالتى يجب أن تكون فى كلّ الأحوال فى توافق مع الدستور. و الذين أدينوا فى المحاكمة - من خلال إجراءات هذه المحاكم الخاصة أو إجراءات قانونية أخرى بسبب جرائم الحرب هذه و / أو جرائم أخرى ضد الإنسانية ، يجب حرمانهم من حرّيتهم و معاقبتهم حسب مدى بشاعة الجريمة التى من أجلها أحيلوا على المحكمة- لكن هذا أيضا ينبغى أن يكون فى توافق مع قوانين هذا الدستور و مقاييسه، و يمكن أن لا يتضمّن عقابا قاسيا أو غير عادي ، أو أعمال أخرى ممنوعة فى القسم الثاني من الباب الثالث من هذا الدستور.
و فى حال أناس أدينوا فى المحاكمة لإرتكابهم جرائم حرب و / أو جرائم أخرى ، فإنّ العقاب يجب أن ينزل فقط بالذين أدينوا على هذا النحو و يمكن ألاّ يطال آخرين لمجرّد إرتباطهم بهؤلاء المدانين ، بما فى ذلك أعضاء عائلاتهم و أبنائهم- الذين يمكن أن يعاقبوا بسبب هذه الجرائم فقط إذا جرت إدانتهم هم ذاتهم بسبب هذه الجرائم من خلال السيرورة القانونية اللازمة و فى إتفاق مع المقاييس الواردة فى هذا الدستور.
6- و مثلما وقعت الإشارة إلى ذلك فى القسم الثاني من هذا الباب ، يمكن للسلطة التشريعية المركزية ، بتصويت على الأقلّ ثلثي أعضائها، ان تطلق إجراءات الإتهام ضد أعضاء من المحكمة العليا. و يجب على عضو من السلطة القضائية فى المستوى التالي ، أدنى من مستوى المحكمة العليا ، أن يترأّس هذه السيرورات. و تتطلّب الأحكام فى هذه الإجراءات على الأقلّ ثلاثة أرباع أصوات أعضاء السلطة التشريعية المركزية. و عضو المحكمة العليا الذى تقع محاكمته ينبغى عزله من وظيفته. و كذلك بإمكان السلطة التشريعية ، فى إتفاق مع ذات الإجراءات و المعايير ، أن توقف أعضاء من المحاكم الأدنى ، أو أن تفوّض لسلطة تشريعية من مستوى أدنى سلطة القيام بذلك ، سواء مع قاضى من المحكمة العليا - أو فى جميع الحالات قاضى من مستوى أعلى من السلطة القضائية من الشخص الذى يقع إتهامه- لترأس هكذا محاكمات. و فى حال إتهام شخص من السلطة القضائية ، فإنّه ينبغى كذلك تطبيق عقوبات و ما يتطلبه المسك بوظيفة عمومية ،و كذلك يمكن مقاضاة الشخص المتهم و المحاكم لخرقه للقانون ( مثلما نوقش ذلك فى القسم الثاني من هذا الباب ) - بإستثناء إضافة إلى ذلك ، أن يكون أي شخص من السلطة القضائية وقع إتهامه و وقعت محاكمته و لا يمكنه الحصول على مرتبة فى مجلس قانوني بأية صلوحية ، بإستثناء فى محاكمة (ممثّلا ذاته) أثناء الإجراءات القانونية التى هو معني بها شخصيّا بصفة مباشرة أو غير مباشرة.
7- و فى حالات خاصة بالعلاقات و المعاهدات الدولية و مسائل متعلّقة بشرعية الإنتخابات للسلطة التشريعية المركزية و الأعضاء القائمين على تلك السلطة ، يجب أن يعرضوا على المحكمة العليا كأوّل محكمة و فيما يتصل بكافة المسائل ضمن إطار سلطتها العامة و النهائية ، بإمكان المحكمة العليا أن تقرّر ، سماع أو عدم سماع الدعوى المعروضة عليها من المحاكم الأدنى و عوض أن تستمع لهذه الدعوى بذاتها يمكن للمحكمة العليا أن تحيلها على محكمة أدنى.
8- يمكن للسلطة التشريعية أن تركّز حاكما من المستوى الأدنى ، و فى القيام بذلك يتعيّن على السلطة التشريعية أن تتشاور مع الجهاز التشريعي المناسب فى المنطقة المعيّنة، و يمكن أيضا لأجهزة السلطة التشريعية فى مختلف المستويات و المناطق أن تركّز أيضا محاكما إضافية و تحدّد مجال صلوحياتها، طالما أنّ ذلك يقع ضمن الإطار العام الذى أرسته السلطة التشريعية المركزية و ينسجم مع هذا الدستور. و يجب على السلطة التشريعية المركزية و مرّة أخرى بالتشاور مع السلطة التشريعية فى المستويات الأدنى المناسبة ،أن تركّز الهيكل الأساسي للعلاقات بين المحاكم على مختلف الأصعدة، بما فى ذلك قنوات محاكم التعقيب فى شتى المستويات ، و المحكمة العليا هي محكمة التعقيب الأخيرة.
9- الحقوق الأساسية للناس - المواطنين أو المقيمين فى الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا - حينما يقع إتهامهم أو تتبعهم بسبب جرائم ، أو على نحو ما يكونون موضوع تتبعات عدلية ، مضمّنة فى الباب الثالث من هذا الدستور و يجب الإعتراف التام بها و توقيرها و حمايتها و تطبيقها فى كافة التتبعات العدلية.

الباب الثاني : الجهات و المناطق و المؤسسات الأساسية
القسم الأوّل : الحكومة فى الجهات و المناطق و المجالات الأخرى ضمن المجال الترابي الشامل للجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا :
1- مثلما ورد فى الباب الأوّل ، من واجب السلطة التشريعية المركزية أن توفّر تركيز السلطة و الإدارات الحكومية المناسبة فى الجهات و المناطق و المجالات و المؤسسات الأخرى ضمن الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا. ( و يشمل هذا جهات حكم ذاتي أو مناطق حكم ذاتي أخرى ، يمكن تركيزها حيث يوجد عدد هام من السكّان من أقلّيات قومية مضطهَدة سابقا- أنظروا القسم الثالث).

2- بإستثناء ما أشير إليه فيما عدا ذلك فى هذا الدستور ، ينبغى على الحكومة فى مختلف هذه المستويات أن تتبع النموذج الأساسي للمستوى المركزي ، مثلما ورد فى الباب الأوّل ، مع إعارة الإنتباه اللازم لخصوصيات الجهة و المنطقة أو المؤسسة ( بما فى ذلك جهات ذات حكم ذاتي أو مناطق أخرى ذات حكم ذاتي يمكن إرساؤها) ضمن الإطار العام للجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا ، بإتفاق مع هذا الدستور.

فى الجهات ، منها جهات الحكم الذاتي ( أو مناطق حكم ذاتي أخرى ) وفى المناطق التى ينبغى أن تكون السلطة التشريعية المركزية قد عيّنتها كمناطق ضمن مجال نفوذ الحكومة و إدارتها ، يجب إنتخاب السلطة التشريعية وفق ذات الإجراءات العامة، و بإتباع الإجراءات العامة ذاتها ( و ضمنها تلك المتعلّقة بالأهلية للتصويت و تولى الوظيفة) كما يجرى العمل فى علاقة بالسلطة التشريعية المركزية ( مع بعض الإختلافات المشار إليها فى الجزء الثالث من هذا القسم). و أبعد من ذلك ، ضمن الهيكلة العامة للجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا و بتلاؤم مع هذا الدستور ، من الواجب على السلطة التشريعية فى هذه المناطق أن تكون بدورها مسؤولة عن و لها صلوحية أن إنتخاب ( أو إعادة النظر أو إتهام) مجلس تنفيذي و أعضائه لهذه المنطقة وفق ذات المقاربة و الإجراءات الأساسية المعمول بها فى إختيار مجلس السلطة التنفيذية المركزي من قبل السلطة التشريعية المركزية؛ و على ذات الأساس ، و فى ذات الإطار الشامل ، يجب على السلطة التنفيذية فى هذه المناطق أن تتمتّع بصلوحية تفعيل الوظائف الإدارية الواردة فى القسم الثاني من الباب الأوّل لهذا الدستور، بالطرق المناسبة لهذه المناطق الجهوية و المحلّية. و يجب أيضا أن تكون لدي السلطة التشريعية فى هذه المناطق ، ضمن الهيكلة العامة للجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا ، و بالتعاون مع و بإدارة عامة للسلطة التشريعية المركزية ، سلطة تركيز محاكم ذات سلطة قضائية فى هذه المناطق ، بتلاؤم مع القسم الثالث من الباب الأوّل و مع هذا الدستور ككلّ.و مبدأ قيادة الحزب الشيوعي الثوري للسلطة التنفيذية المركزية ( مثلما نوقش فى القسم الثاني من الباب الأوّل ) و إعادة النظر و مصادقته على المعيّنين للسلطة القضائية ( مثلما نوقش فى القسم الثالث من الباب الأوّل) يجب كذلك أن ينطبق على السلطة التنفيذية و المحاكم فى هذه المناطق. و يجب أن يطبّق مبدأ قيادة الحزب الشيوعي الثوري للقوات المسلّحة و المليشيا و أجهزة أخرى للدفاع و الأمن العامين كما وردت فى القسم الثاني من الباب الأوّل.

3- و يجب أن تكون الإنتخابات للسلطة التشريعية فى المناطق الجغرافية موضوع هذا الباب بالنسب التالية
( مع معيار إضافي للمجالس التشريعية فى الجهات و المناطق ذات الحكم الذاتي التى يمكن تركيزها ، مثلما جاء ذلك فى القسم الثالث) :
أ- ينبغى تحديد ثلث مجموع المقاعد عبر تصويت أجهزة قيادة الوحدات الأساسية للمجتمع فى هذه المناطق- مراكز العمل، و الأحياء و المؤسسات التعليمية ، و مؤسسات أخرى تعيّنها السلطة التشريعية على المستوى المركزي و / أو السلطة التشريعية للمنطقة ( أنظروا القسم الثاني من هذا الباب).
ب- ينبغى تحديد ثلث مجموع المقاعد عبر الأصوات المدلى بها خلال الإقتراع الشعبي المباشر ، بتصويت المحافظات ( أو مجالات جغرافية مشابهة) المقام بهدف إنتخاب مثل هذه السلطة التشريعية للمنطقة. و يمكن أن يترشّح فى هذه السيرورة كلّ المؤهلين للتصويت و لمسك هذه الوظيفة.
ت- ينبغى تحديد ثلث مجموع المقاعد عبر الأصوات المدلى بها خلال الإقتراع الشعبي المباشر ( شأنه فى ذلك شأن ما ورد فى النقطة ب أعلاه ، بما فى ذلك مسألة المؤهلين) ، مع إختلاف أنّ المترشّحين للإنتخاب ضمن نسبة الثلث هذه سيعيّنهم مجلس تعيين ينشئه و يقوده الحزب الشيوعي الثوري ( كما فى إنتخابات السلطة التشريعية المركزية ، يجب أن يكون التوجه العام لهذا المجلس و للحزب فى إرسائه و قيادته أنّه حيثما و كلّما أمكن ذلك أكثر من مجموعة واحدة من المترشّحين ينبغى تعيينها و أن يعكس المعيّنون تنوّع وجهات النظر ضمن الإطار العام للمبادئ و الأهداف الواردة فى مدخل الدستور و غيرها من الأماكن).
4- يجب على أعضاء هذه السلط التشريعية أن يخدموا مدّة نيابية تمتدّ على أربع سنوات. و المبادئ و المقاييس الأساسية فيما يتعلّق بإتهام أعضاء السلطة التشريعية المركزية و كذلك السلطة التنفيذية و القضائية ، يجب أن تطبّق على هذه المستويات أيضا ، و مجدّدا مع إعارة الإنتباه لخصوصيات الجهة أو المنطقة.
القسم الثاني : المؤسسات الأساسية :
1- من الواجب تركيز أجهزة حكومية و قيادية فى كافة المؤسسات الأساسية للمجتمع ، كما ركّزتها السلطة التشريعية المركزية و / أو السلطة التشريعية على مستويات أخرى. و هذه الأجهزة الحاكمة و القيادية ينبغى أن تمارس كلّ من إتخاذ القرار و الوظائف التنفيذية و ينبغى ان تعمل بتنسيق و تعاون وثيقين مع الذين تقودهم.
2- و يجب إنتخاب هذه الأجهزة القيادية كما يلى :
أ- يجب إنتخاب النصف بصفة مباشرة بالإقتراع الشعبي من ضمن المترشّحين المعيّنين من الحزب الشيوعي الثوري ( أو جهاز يعيّنه الحزب للغرض) . و هنا أيضا يجب تطبيق المبادئ المناقشة أعلاه بشأن التوجه و المقاربة المتصلين بتعيين هؤلاء المترشّحين.
ب- و الذين يترشّحون للإنتخابات - وفق النقطة أ أعلاه – يجب أن يقيموا أو يعملوا فى أو يحضروا بإنتظام أو يشاركوا بإنتظام فى المؤسسة الخاصة ( حسب طبيعتها) و يجب أن يكون عمرهم 18 سنة فأكثر / ما عدا فى المؤسسات التعليمية ( و غيرها) أين يوجد عدد كبير من الناس تحت سنّهم أقلّ من 18 سنة وهو إجراء ينبغى إتـخاذه ( من قبل قيادة الجهاز المعني ) لإختيار نسبة مائوية من هؤلاء الأشخاص و تشريكهم فى الجهاز القيادي شرط أن لا يتجاوز هذا ثلث الجهاز القيادي.
3- يجب على هذه الأجهزة القيادية أن تخدم لمدّة نيابية تدوم سنتين.
4- يجب على هذه الأجهزة القيادية من خلال الإجتماعات و الإجتماعات العامة و بطرق أخرى أن تقدّم تقاريرا عن عملها و تنظّم نقاشات لهذا العمل- و لأمور أخرى بهذا الشأن ليس فقط بشأن المؤسسة الخاصة المعنية لكن بشأن المجتمع الأوسع و العالم- مع الذين هم بإنتظام معنيين بهذه المؤسسة. و بهذه الطريقة و غيرها من الطرق ، يجب على هذه الأجهزة القيادية و على أعضائها أن يجتهدوا لبناء علاقات وثيقة و الإستماع للآراء و النقد و التعلّم فى نفس الوقت من هذه المؤسسات الأساسية ، و المجتمع ككلّ. و هذا المبدأ و هذه المقاربة يجب أن تطبقهما القيادة عموما على كافة أصعدة المجتمع و الحكومة.
5- يمكن أن تتمّ إعادة النظر فى الأجهزة القيادية لهذه المؤسسات الأساسية بتصويت على الأقلّ ثلثي المؤهلين للتصويت فى إنتخابات هذه الأجهزة القيادية (التصويت بصدد مثل إعادة النظر هذه يجرى بتلاؤم مع ما ورد فى النقاط أ2 و ب2 أعلاه).
القسم الثالث : الأقليات و القوميات المضطهَدَة سابقا :
1-على ضوء الجرائم الفظيعة و الإضطهاد و الظلم المقترفين من قبل الطبقة الحاكمة و الحكومة السابقتين للولايات المتحدة الأمريكية ضد مختلف الأقليات القومية ، لتجسيد الوحدة الطوعية و الوحدة النامية بين أناس مختلفين ضمن الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا و لتكريس أكثر فاعلية للمبادئ و الأهداف الواردة فى هذا الدستور، يجب أن يُجرّم قانونيّا و يمنع التمييز ضد الأقليّات القومية ، فى كافة مجالات المجتمع ، بما فيها فى السكن و التعليم و المجالات الأخرى ، و يجب إتخاذ إجراءات ملموسة و تكريسها من قبل الحكومة المركزية و على المستويات الأخرى ، لتجاوز آثار التمييز و الميز العنصريين و كافة الإرث الإضطهادي الذى تعرّض له هؤلاء الناس.
و كأحد أهمّ الأبعاد ، فى المناطق ،( أو فى مجالات أخرى ) ذات التجمّع السكّاني الهام للأقلّيات القومية التى كانت مضطهَدَة ضمن حدود الإمبريالية الأمريكية السابقة ، يجب أن يتمتّع الناس من هذه الأقليات بحق الحكم الذاتي – فى شكل حكم ذاتي ضمن المجال الترابي و الإطار و الهيكلة العامين للجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا و إقتصادها الإشتراكي و نظامها القانوني و قوّاتها المسلّحة و إدارتها للعلاقات الخارجية.
و القرارات المتعلّقة بتركيز حكم ذاتي فى جهات مختلفة ( من عدمه) يجب إتخاذها من خلال الإنتخابات - التى تعقد تحت إشراف لجنة تعيّنها السلطة التشريعية المركزية ، بالتشاور مع أناس من شتى القطاعات المتنوّعة من القوميات المعنية- فى غضون شهر من تأسيس الجمهورية الإشتراكية الجديدة . و فى مثل هذه الإنتخابات ، فقط أعضاء القومية المعنية مؤهلون للتصويت فى إنتخابات هذه الجمهورية. و إذا صوّتت أغلبية الذين يشاركون فى مثل هذه الإنتخابات لصالح تركيز جهة ذات حكم ذاتي ، فإنّ تلك الجهة ذات الحكم الذاتي يجب تركيزها ، فى غضون سنة بعد مثل هذا الإنتخاب ، بإتفاق مع ما ورد فى هذا الدستور. و فى حال تصويت الغالبية ضد تركيز مثل هذه الجهة ذات الحكم الذاتي ، يمكن أن يجري إنتخابات حول هذه المسألة مجدّدا بعد خمس سنوات؛ بإتفاق مع المقاييس الواردة هنا. و كذلك ، إذا كان أقلّ من الأغلبية لكن أكثر من ثلث الذين يشاركون فى إنتخاب خاص بجهة ذات حكم ذاتي، صوّتوا لصالح تركيز مثل هذه الجهة ذات الحكم الذاتي ، يمكن للسلطة التشريعية المركزية ، بتصويت على الأقلّ ثلثي أعضائها أن تركّز هكذا جهة - و فى سياق هذا التوجه و هذه المبادئ و الأهداف الواردة فى هذا القسم ، و طوال هذا الدستور حيث تركّزت هذه الجهات ذات الحكم الذاتي ، توفّر إمكانية للناس من القومية المعنية للحياة فى مناطق ذات تجمع سكّاني هام من هذه القومية ، إن إختاروا ذلك ، لكن لن يطالبوا بالحياة فى مثل هذه المناطق و من جديد يجب أن يكون توجه الحكومة و سياستها و هدفها العملي على كافة الأصعدة ، العمل على تجاوز تبعات التمييز و الميز العنصريين الذين تعرّضت لهما هذه القوميات و عموما التشجيع على الإندماج و الوحدة ضمن مختلف القوميات عبر المجتمع على قاعدة المساواة.
2- و الحكومات فى أية جهات ذات حكم ذاتي تركّزت يجب أن تتهيكل و تختار تبعا للمبادئ و المقاييس الأساسية المعمول بها بالنظر إلى الحكومة المركزية و الحكومات فى عديد المجالات المختلفة الأخرى ضمن الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا ككلّ بينما سيكون لهذه الحكومات للمناطق ذات الحكم الذاتي كذلك حقّ إنشاء هياكل و إتخاذ إجراءات مؤسساتية إضافية قد تكون ضرورية لحسن سير الحكم الذاتي، لا سيما فيما يتصل بلغة القوميات و ثقافتها ، طالما أن هذا متلائم مع دستور و قوانين الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا.و حيث يمكن أن يوجد تضارب بين قانون أو سياسة فى جهة ذات حكم ذاتي و قوانين و سياسات الحكومة المركزية ، فإنّه على الموجودين فى الحكومة المركزية ، طالما كان الأمر فى إتفاق مع هذا الدستور ، أن يكونوا مبادرين و فعالين ؛ لكن فى غير هذه الظروف يجب توفير مجال أوسع للحكومات فى جهات الحكم الذاتي فى السياسة و القانون ، لا سيما فيما يتصل باللغة و الثقافة.
3- يجب إجراء الإنتخابات للسلطة التشريعية و بدورها إنتخابات السلطة التشريعية للسلطة التنفيذية و المحاكم ، فى الجهات ذات الحكم الذاتي مثلما تمّ التنصيص عليه فى هذا الدستور، و من ذلك خاصة فى القسم الثاني من هذا الباب ، مع إضافة معيار أنّ فى هذه الجهات ذات الحكم الذاتي يجب أن يولى إهتمام لضمان أنّ الأغلبية او على الأقل معظم ممثلى السلطة التشريعية فى هذه الجهة متكوّنة من أناس من القومية التى من أجلها ركّزت فى الأصل هذه الجهة.
4- يمكن للسلطة التشريعية فى أية جهة ذات حكم ذاتي بالأغلبية البسيطة من أصوات أعضائها أن تطلق سيرورة من خلالها المؤهلون للإنتخابات فى تلك الجهة ذات الحكم الذاتي سيصوّتون على بقاء تلك الجهة ككيان حكم ذاتي ، ضمن الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا ككلّ ، أو إلغائها و الإندماج فى الهياكل الحكومية ضمن تلك التابعة للجمهورية الأوسع ككلّ.و فى هذه الإنتخابات ، يمكن أن يُتخذ القرار بتصويت أغلبية بسيطة.
5- ناظرين إلى أبعد من الإنتخابات الأولى التى ينبغى أن تتمّ فى غضون سنة من تأسيس الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا - فيما يتصل كذلك بتركيز ( أو عدمه) لجهات ذات حكم ذاتي، يجب أيضا أن ترسى السلطة التشريعية المركزية إجراءات ينبغى أن توفّر إمكانية إيجاد جهات حكم ذاتي فى المستقبل، وفق ما ورد فى هذا القسم ،و فى هذا الدستوربرمته. و يجب على السلطة التشريعية المركزية بالتشاور مع السلطة المناسبة لجهة ذات حكم ذاتي ، أن توفّر أيضا وسائل و إجراءات للإرساء الممكن للحكم الذاتي فى المناطق الأصغر من الجهات ، حيث ثمّة تجمّع هام من الناس من القومية المضطهَدَة سابقا. وينبغى أن تحكم مثل هذه المناطق ذات الحكم الذاتي كما يمكن أن تركّز فى تلاؤم مع المبادئ و المقاييس المنصوص عليها فى هذا القسم و غيره من هذا الدستور ، و فى نفس الوقت تأخذ بعين الإعتبار الوضع و الحاجيات الخاصة للناس فى مناطق الحكم الذاتي.
6- السياسات إزاء قوميات و مهاجرين خاصين:
أ- الأفروأمريكيون[ الأفارقة- الأمريكيون] :
1- إذا ما تركّزت جهة ذات حكم ذاتي بإتفاق مع ما ورد أعلاه فى هذا القسم و فى هذا الدستور بصورة عامة ، يجب أن تكون جهة الحكم الذاتي ضمن ما كان يشكّل الجزء الجنوبي للولايات المتحدة الأمريكية الإمبريالية السابقة ، مكان أين للعبودية ثمّ لإستمرار إضطهاد السود ضمن تلك الدولة الإمبريالية أساسه و جذوره التاريخيين الأكثر رسوخا و أين واصلت أعداد كبيرة بعدُ الحياة زمن الثورة التى قضت على الدولة الإمبريالية و أنشأت الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا.
2- أبعد من ذلك ، يجب أن يوفّر حق الأفروأمريكيين فى تقرير المصير بما فى ذلك حقّ الإنفصال عن الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا و تشكيل بلد منفصل بحكومة مستقلّة ، فى ذات المجال الترابي أين ستركّز الجهة الأفريقية- الأمريكية ذات الحكم الذاتي ضمن الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا. و إذا ما نادا بذلك على الأقلّ ثلثي أعضاء السلطة التشريعية فى جهة الحكم الذاتي الأفريقية الأمريكية ، فإنّ حقّ الإنفصال و تشكيل بلد منفصل سيعرض للتصويت و بهذا التصويت يقرّر الأفرو- أمريكيون المقيمون فى مجمل أراضى الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا و المؤهلون للتصويت فى إنتخابات فى هذه الجمهورية مصيرهم ،و يجب أن يكونوا المؤهلين الوحيدين لهذا التصويت. و نتيجة للتصويت حول مسألة الحكم الذاتي ( كما وردت أعلاه فى هذا القسم) ، إذا لم يقع تركيز جهة حكم ذاتي أفرو- أمريكي ستتمّ الدعوة إلى إستفتاء بشأن الإنفصال الأفرو- أمريكي من قبل السلطة التشريعية المركزية ، عبر تصويت ثلثي أعضائه أو أكثر من الثلثلين منهم- و تطالب السلطة التشريعية بالتصويت على ما إذا ستدعو لمثل هذا الإستفتاء إن إستدعى الأمر القيام بذلك بعلى الأقلّ ثلث أعضائها.
وفى حال وقوع هذا الإستفتاء على الإنفصال ، فإنّ الإجراءات المتصلة به ، يجب أن تتمّ تحت إشراف لجنة مشتركة تركّزها السلطة التشريعية المركزية و السلطة التشريعية الأفرو- أمريكية للجهة ذات الحكم الذاتي ( إذا ما جرى تركيز مثل هذه الجهة ذات الحكم الذاتي) وهي متكوّنة من عدد متساوي من الأعضاء المعيّنين من قبل هتين السلطتين التشريعيتين. و نتيجة للتصويت على مسألة الحكم الذاتي ، إذا تمّ تركيز جهة حكم ذاتي أفروأمريكي ، يجب تعيين لجنة لإشراف على الإستفتاء على الإنفصال ، من قبل السلطة التشريعية المركزية بالتشاور مع الناس من قطاعات مختلفة و متنوّعة للسكّان الأفروأمريكيين. و يجب أن تكون اللجنة متشكّلة على الأقلّ من خمسين بالمائة من الأفروأمريكيين و هذه اللجنة ، بعد تعيينها ، يجب أن تكون مستقلّة و يجب أن تعمل بإستقلالية عن السلطة التشريعية. و الإجراءات الخاصّة بالإستفتاء على الإنفصال يجب أن تتضمّن توفّر متساوى لوسائل الإعلام الحكومية ، ضمن جهة الحكم الذاتي الأفروأمريكية ( إذا كانت هذه الجهة موجودة) و ضمن الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا ككلّ ، لممثّلي وجهتي النظر فى هذا الإستفتاء.
و بما أنّ قرار الإنفصال قرار بالغ الأهمية و قرار لا يمكن التراجع عنه بسهولة - و بالتالى وجب توفير حيّز واسع من الزمن و الفرص للتفكير و النقاش و التقرير و إعمال الفكر الجدّيين بشأن هذا الأمر - سيجرى التصويت على هذا الإنفصال على النحو التالي : الإستفتاء الأوّل سيتم سنة بعد الدعوة إليه من خلال الإجراءات المشار إليها أعلاه. و المؤهلون للتصويت فى هذا الإستفتاء ( مثلما وقع التنصيص على ذلك هنا ) سيصوّتون لصالح إمّا البقاء ضمن الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا أو الإنفصال عنها. و إذا صرّح خمسون بالمائة أو أكثر من أصوات هذا الإستفتاء بأنّهم مع الإنفصال ، حالئذ سيعقد إستفتاء ثاني بعد سنة، بنفس معايير التأهيل للتصويت و نفس الإجراءات الأساسية . و فى هذا الإستفتاء الثاني، إذا صرّح خمسون بالمائة أو أكثر من هؤلاء المصوّتين من جديد معلنين أنهم يساندون الإنفصال، حالئذ سيدخل الإنفصال حيّز التنفيذ. و فى هذه الحال، على حكومة الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا أن تعمل ، قدر طاقتها فى ظلّ الظروف و فى إتفاق مع المبادئ و الأهداف الواردة فى هذا الدستور ، على إرساء علاقات مع البلد الجديد القائم نتيجة هذا الإنفصال و على تشجيع ، و قدر الإمكان مساندة و دعم ، هذا البلد الجديد كي يتبع طريق الإشتراكية و يساهم فى النضال الثوري العالمي فى سبيل الغاية الأسمى : عالم شيوعي.
على الرغم من الصعوبات و التعقيدات التى يمكن أن تظهر ، ستظلّ أيضا الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا منفتحة و سترحّب بوحدة فى دولة واحدة مع البلد القائم نتيجة ذلك الإنفصال، طالما أنّ ذلك ينسجم مع المبادئ و الأهداف الواردة فى هذا الدستور.
3- و فى تلاؤم مع المبادئ و المقاييس الواردة أعلاه فى هذا القسم و فى الدستور جميعه ، يمكن إنشاء مناطق حكم ذاتي و العمل فى مدن و مناطق أخرى ضمن الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا تتميّز بتجمعات هامة من الأفروأمريكيين.
ب – المكسيكيون- الأمريكيون:
1- ما كان منطقة الجنوب الغربي للولايات المتحدة الأمريكية السابقة إستولى عليه هذا البلد – كجزء من توسّع النظام العبودي و علاقات إستغلال و إضطهاد أخرى ، عبر الغزو المسلّح ، ومنه الحرب ضد المكسيك فى القرن 19. و نظرا لهذا التاريخ ، و بعد فترة طويلة تميّزت بهيمنة المكسيك و إستغلاله و إستغلال شعبه من قبل الولايات المتحدة الأمريكية الإمبريالية فإنّ أعدادا كبيرة من ذوى الجذور المكسيكية و نسلهم قد عاشوا لعدّة أجيال فى هذه المنطقة و توسّعت صفوفهم بإستمرار بمهاجرين جدد إضطرّوا إلى مغادرة المكسيك بسبب التأثيرات المتواصلة لهيمنة الولايات المتحدة الأمريكية و إستغلالها. لقد إنضمّت إليهم أعداد نامية من الناس من بلدان أمريكية لاتينية أخرى كانت هي الأخرى عُرضة لنفس نوع الهيمنة و النهب على أيدى الولايات المتحدة الأمريكية الإمبريالية. و بالنظر إلى هذا و كتعبير عن الأممية البروليتارية و مبادئ و أهداف أساسية أخرى واردة فى هذا الدستور ، يجب أن يكون التالى توجه و سياسات الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا فيما يخص هذه الجهة.
2- يجب على العلاقات مع المكسيك و السياسة إزاء منطقة الجنوب الغربي للولايات المتحدة الأمريكية السابقة منذ تأسيس الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا و سنواتها الأولى ، يجب عليها أن تأخذ بعين الإعتبار طبيعة المجتمع و الحكومة- و مستوى و طبيعة النضال الثوري- فى المكسيك و كذلك الإمتداد الفعلي للمنطقة الترابية التى تحرّرت من خلال الثورة التى قادت إلى هزيمة دولة الولايات المتحدة الأمريكية الإمبريالية و تفكيكها و تأسيس الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا. و فى نفس الوقت ، ينبغى إيلاء الإنتباه الضروري للوضع العالمي بأسره ، فى تحديد كيفية التعاطى مع هذه المنطقة. و فى هذا الإطار العام و كذلك مع أخذ مشاعر سكّان تلك الجهة و طموحاتهم ، لا سيما ذوى الأصول المكسيكية و نسلهم ، مسألة تركيز من عدمه فى أجزاء من هذه الجهة لبلد منفصل عن كلّ من المكسيك و الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا ، يجب أن تتولاّها الحكومة.
3- على كلّ حال ، ضمن هذه الجهة - أو جزء منها يظلّ ضمن الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا - يجب الإعتراف بحقّ الحكم الذاتي للمكسيكيين- الأمريكيين و يجب التعاطى معه إنطلاقا من المبادئ و الأهداف الواردة فى هذا الباب و فى هذا الدستور ككلّ.
4- بإتفاق مع المبادئ و المقاييس الواردة أعلاه فى هذا القسم ، و فى هذا الدستور بأسره، يمكن تركيز مناطق حكم ذاتي فى مدن و مناطق أخرى ضمن الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا ذات التجمّعات الهامة للمكسيكيين -الأمريكيين.
ت- الأمريكيون الأصليون :
1- كان للغزو و الهيمنة و النهب وإستغلال قاتل من قبل الإستعمار الأوروبي فى أمريكا- ومنهم المستعمرون الأوروبيون الذين اسّسوا الولايات المتحدة الأمريكية و وسّعوا نفوذهم إلى شمال القارة الأمريكية بالقوّة و العنف ،و كذلك الخداع و طرق أخرى- كان لها تأثير المذابح الجماعية الكبرى ، و تفكيك و تدمير السكّان الأصليون للقارة الأمريكية. و بما ان حدود الولايات المتحدة الأمريكية لم تكفّ عن التوسّع عبر الغزو - و قتل أعداد هائلة من الأمريكيين الأصليين و توفوا نتيجة هذا التوسّع و التدمير المسلّحين على نمط حياتهم ، و إنتشار الأمراض الشائعة بين الأوروبيين لم تكن للسكّان الأصليين لأمريكا مناعة ضدّها و عوامل أخرى - فإنّ غالبية الأمريكيين الأصليين الذين ظلوا قيد الحياة إضطرّوا إلى العيش فى محميات محاطة و مراقبة من قبل قوات الدولة الأمريكية.
2- لقد فتحت هزيمة هذه الدولة الإمبريالية المجال لتجاوز تأثيرات و إرث هذا التاريخ الفظيع. و كأحد التعابير المفاتيح للأهمّية التى يكتسيها هذا ، يجب على الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا أن تضمن حق الحكم الذاتي لشعب الأمريكيين الأصليين ضمن هذه الجمهورية ، و أبعد من ذلك ، حيث يمكن تركيز جهات حكم ذاتي للأمريكيين الأصليين فى الجوار العام للأوطان التاريخية لمختلف الأمريكيين الأصليين ، ستعمل الحكومة المركزية كذلك على ضمان ليس فقط ان تكون هذه للجهات ذات الحكم الذاتي المجالات الترابية الضرورية بل أيضا الموارد التى ستسمح بإزدهار فعلي لهذه الشعوب، ضمن الإطار العام للجمهورية الإشتراكية الجديدة. و ستتولى الحكومة المركزية للجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا تقديم المساندة و الدعم الخاصين لكلّ جهة ذات حكم ذاتي للأمريكيين الأصليين ، على قاعدة المبادئ و الأهداف الواردة فى هذا الدستور.
3- و يجب أن تكون هذه المساندة و يكون هذا الدعم مهمّا بصفة خاصة فيما يتصل بالجهات ذات الحكم الذاتي للأمريكيين الأصليين فى المناطق المدينية و أنحاء أخرى من هذه الجمهورية - أين يمكن لمناطق ذوى الأصول الأمريكية كذلك أن تركّز- و فى علاقة بالسكّان الأمريكيين الأصليين جميعهم. و مثل هذه المساندة و هذا الدعم سيكونان بالغي الأهمّية و يجب توسيعهما لجميع الشعوب المضطَهدَة سابقا و أي جهات و مناطق ذات حكم ذاتي لهذه الشعوب ، ضمن الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا.
ث-
فى علاقة بالأقلّيات القومية الأخرى داخل الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا يجب تطبيق التوجّه و السياسات الأساسية لعدم تشريع و منع و تجاوز تبعات التمييز و الميز العنصريين . و عندما ترى ذلك ضروريّا ، بإمكان الحكومة المركزية أن توفّر وسائلا تمكّن من تركيز مناطق حكم ذاتي فى أماكن حيث هناك أعداد هامّة من هذه الأقليات القومية ، مطبّقة المبادئ الأساسية المعمول بها فيما يتصل بالحكم الذاتي ضمن الجمهورية الأوسع.
ج- أمّة البرتوريكو و البرتوريكييون ضمن الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا:
1- تعرّضت برتوريكو وتعرّض شعبها إلى غزو عنيف و هيمنة- أوّلا من قبل الغزاة الإسبانيين ثم من قبل الإمبريالية الأمريكية التى أمسكت بالبرتوريكو بقوّة فى نهاية القرن 19- بتبعات هدّامة و حتى مذابح جماعية للسكان الأصليين للجزيرة و الإستغلال العبودي .و خلال هذه السيرورة ،مع ذلك ، تشكّلت أمّة برتوريكية على تراب تلك الجزيرة حتى مع تواصل بقاء برتوريكو ملكا إستعماريا للولايات المتحدة الأمريكية الإمبريالية. و نتيجة للثورة التى نشأت عنها الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا ، جرى كسر السلاسل الإمبريالية الأمريكية المقيّدة لبرتوريكو و حقّها فى تقرير مصيرها. و فى الوقت ذاته ، تعمل الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا على قاعدة التوجه الأممي و المبادئ و الأهداف الأخرى الواردة فى هذا الدستور، و تظلّ منفتحة لإمكانية وحدة مع أمّة البرتوريكيين فى دولة إشتراكية أوسع ، على هذه القاعدة.
2- و فيما يتصل بالبرتوريكيين ضمن المجال الترابي للجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا ، فإنّه ينبغى تطبيق المبادئ و السياسات التى تنسحب على الأقليات القومية التى كانت مضطهَدَة و عرضة للتمييز ضدّها فى الولايات المتحدة الأمريكية الإمبريالية ، بما فى ذلك، حقّ تركيز مناطق حكم ذاتي فى المدن و الأماكن الأخرى أين توجد أعداد هامة من البرتوريكيين.

ج- هاواي و مناطق أخرى محتلّة سابقا :

1- هاواي أيضا سرقتها من السكّان الأصليين هناك الإمبريالية الأمريكية التوسعية بالقوّة و الخداع أيضا. وأثناء أكثر من مائة سنة من الهيمنة ، أدمجت الولايات المتحدة الأمريكية هاواي ضمن دولتها الإمبريالية بينما أبقت عليها كأحد أكبر القواعد العسكرية ، مضطهدَة بإستمرار السكّان الأصليين و محِطّة من مظاهر ثقافتهم و الجمال الطبيعي الرائع لهاواي، إلى سلع رأسمالية. و بالنتيجة صار السكّان الأصليون للهاواي أقلّية نسبة لسكّان جزر الهاواي بينما بسبب ذات العوامل - و خاصّة الحضور الكبير للجيش الإمبريالي فى هاواي- وجد ترابط وثيق بين النضال الثوري فى هاواي وفى الولايات المتحدة القارية ضد نفس النظام الإمبريالي. و مع إنتصار الثورة المؤدّية إلى هزيمة دولة الولايات المتحدة الأمريكية الإمبريالية و تفكيكها ، تعترف الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا و تدعم حقّ السكّان الأصليين لهاواي فى الحكم الذاتي و لعب دور حيوي فى تحديد توجه المجتمع فى هاواي و تطوير أوثق وحدة ممكنة مع الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا ، و من ذلك إمكانية تشكيل جزء من هذه الجمهورية ، على قاعدة المبادئ الواردة فى هذا الدستور.
2- و يجب تطبيق نفس التوجه و المقاربة الأساسيين فى المناطق الأخرى ، خارج شمال أمريكا ، التى إستولت عليها الولايات المتحدة الأمريكية الإمبريالية و حافظت عليها تحت هيمنتها ك " مجالات" تابعة لإمبراطوريتها.
خ-
و أينما قد تظهر تناقضات بصدد المجالات الترابية للجهات و المناطق ذات الحكم الذاتي لقوميات مختلفة المقامة ضمن الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا ، يجب معالجة هذه التناقضات عبر التشاور بمشاركة الحكومة المركزية و القوميات المعنية ، بإتفاق مع المبادئ الأساسية الواردة فى هذا الدستور.
د- المهاجرون ، المواطنة و المنفى :
1- طوال تاريخها و تطوّرها إلى قوّة إمبريالية ، إرتبطت الولايات المتحدة الأمريكية بالإستغلال أحيانا فى أقسى الظروف لأجيال من المهاجرين الذين يعدّون الملايين و الذين دُفعوا إلى الولايات المتحدة الأمريكية جرّاء الإضطهاد و الفقر و الحرب و التمرّد.و هؤلاء المهاجرين - منهم أولئك من أوروبا الذين أتوا إلى الولايات المتحدة الأمريكية خلال الجزء الأخير من القرن 19 و الجزء الأوّل من القرن العشرين، أو على الأقلّ عديد الأجيال منهم- تعرّضوا أيضا إلى التمييز و المعاملة المهيمنة لهم ، و لو أنّه بعد فترة زمنية جرى إدماج العديد من هذه المجموعات من المهاجرين ضمن السكان الأوسع " البيض الأوروبيين" فى الولايات المتحدة الأمريكية و على ذلك الأساس من التوسع و الغزو من قبل الإمبريالية الأمريكية ، و الغنائم المتحصّل عليها بهذه الطريقة ، إستطاع الكثيرون أن ينتقلوا من صفوف الطبقة العاملة و الفئات الفقيرة من السكّان و صاروا جزءا من " الطبقة الوسطى الأمريكية " ، بمكانة متميّزة نوعا ما فى علاقة خاصّة بالفئات الأدنى و الأكثر إستغلالا من البروليتاريا و جماهير السود و اللاتينو و آخرون مجمعين و بالقوّة مضطرّين إلى البقاء ضمن الحدود المهيمنة و القمعية للمدن الداخلية لأمريكا الإمبراطورية الأخيرة. و فى نفس الوقت ، و بطريقة شديدة إلى نهاية القرن العشرين و الجزء الأوّل من القرن 21، بفعل هيمنة الإمبريالية الأمريكية و نهبها لمعظم ما يسمّى بالعالم الثالث بصورة خاصة ، و الدمار و التفكّك الهائلين الناجمين عن ذلك و المرافقين له، دُفعت أعداد كبيرة من المهاجرين من المكسيك و أماكن أخرى فى أمريكا اللاتينية ، دفعا إلى الولايات المتحدة ، و الكثير منهم لم يقدروا على ضمان الدخول القانوني و بالتالى أجبروا على الحياة فى الظلّ و البقاء عرضة للإستغلال الفاحش و أيضا للميز العنصري و العنف و إرهاب الدولة و زمر تشجعهم السياسات و الأعمال و المواقف الرجعية للحكومة و موظفيها.و القوى الحاكمة للإمبريالية الأمريكية إستغلت هذا الوضع لمزيد التضييق فى المراقبة و لإطلاق مزيد الإرهاب ضد هؤلاء المهاجرين و لتعريض العديد منهم إلى إستغلال فاحش أكثر ، بينما تثير جوّ من الكراهية و الفاشية ضد المهاجرين .
لقد غيّرت هزيمة الإمبريالية الأمريكية و أليتها للتدمير و القمع العنيفين ، غيّرت جذريّا هذا الوضع. و فى هذا النضال الثوري و إنتصاره ، نهض عدد من المهاجرين و كذلك من جماهير السود و قوميات مضطهَدة أخرى فى الولايات المتحدة الأمريكية السابقة بدور حيوي و يمكن و يجب أن يواصلوا لعب دور حيوي فى إستمرار تغيير المجتمع و العالم بأسره كجزء من حجر زاوية الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا.
2- و فى نفس وقت تركيز الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا ، كلّ المقيمين على تراب هذه الجمهورية - بإستثناء الذين إضطلعوا بدور قيادي فى معارضة الثورة التى أنشأت هذه الجمهورية و/ أو الذين يمكن أن يكونوا مدانين لإرتكابهم جرائم حرب و /أو جرائم أخرى ضد الإنسانية - يجب أن يمنحوا المواطنة فى هذه الجمهورية، بحقوق و واجبات المواطنين ، بإتفاق مع هذا الدستور. و مذّاك فصاعدا ، كلّ المولودين على تراب الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا ، و كذلك كلّ الذين ، مهما كان مكان ولادتهم ، لهم على الأقلّ أحد الوالدين مواطن فى هذه الجمهورية ، يجب أن يكونوا مواطنين فى هذه الجمهورية.
3- توجه الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا هو الترحيب بالمهاجرين من كافة أنحاء العالم الذين لديهم رغبة جدّية فى المساهمة فى أهداف هذه الجمهورية و غاياتها، كما وردت فى هذا الدستور و فى القوانين و السياسات المرسومة و المتبعة فى إنسجام مع هذا الدستور. و منذ تأسيس الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا ، كلّ مقيم خارج تراب هذه الجمهورية و يرغب فى دخول البلاد ، و كلّ شخص يرغب فى ألاّ يصير مواطنا أو مقيما دائما بهذه الجمهورية ينبغى أن يتبع القوانين الجاري بها العمل التى سنّت على أساس هذا الدستور. و كلّ من يطلب اللجوء السياسي فى هذه الجمهورية عبر الإجراءات المطلوبة التى إتخذت لهذا الغرض ،و يتبيّن أنّه وقع إضطهاده أو لديه خشية صلبة الأساس من الإضطهاد لمشاركة فى نضالات عادلة ضد الدول الإمبريالية و الرجعية أو قوى رجعية اخرى أو لبحوث علمية و فنّية أو غيرها وضعتهم فى نزاع مع القوى و المؤسسات الرجعية ، يجب أن تمنح لهم الجمهورية الإشتراكية الجديدة اللجوء السياسي ، طالما يتعهّدون بالعمل وفق دستور هذه الجمهورية. و إن لم يقوموا بتجاوزات جدّية لقوانين هذه الجمهورية ، فإنّ للذين منحوا اللجوء السياسي حقّ البقاء ضمن الحدود الترابية للجمهورية للمدّة التى يختارونها و يجب أن يتمتّعوا بذات حقوق المواطنين ، بإستثناء أنّه طالما لم يصبحوا مواطنين ، لا يمكن أن يصوّتوا فى الإنتخابات أو يُنتخبوا او يعيّنوا فى الوظيفة العمومية. و بعد فترة ، يجب أن يتمتّعوا بالحقّ الذى حدّده القانون ليصبحوا مواطنين فى هذه الجمهورية بذات حقوق و واجبات كافة المواطنين الآخرين.
و سيرورة الحصول على المواطنة و كذلك إعادة النظر فى وضع اللجوء السياسي لجميع الذين منحوه ، يجب أن تسير وفق القوانين و الإجراءات الصادرة فى الغرض.
4- و كلّ من يكتشف أنّه دخل المجال الترابي للجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا دون اللجوء إلى القوانين و التراتيب الجاري بها العمل ، يجب أن يقع إيقافه و أن يتمّ على الفور إستنطاقه من قبل مؤسسات الحكومة المكلّفة بالمسألة لتحديد أسباب وجودهم فى هذه الجمهورية. وفى علاقة بهذه السيرورة ، يمكن لمثل هذا الشخص أن يطلب اللجوء السياسي أو يبحث عن إقامة على بعض الأسس الأخرى و هذه المطالب يبتّ فيها على ضوء التوجه و المبادئ الجوهرية الواردة هنا. و مع ذلك، إذا برزت أدلّة قد تشير إلى أنّ الشخص أو الأشخاص المعنيين قد دخلوا التراب الوطني لهذه الجمهورية ليس فقط بوسائل تخرق القانون لكن أيضا فى محاولة لمزيد خرق القانون ضمن سعي تخريبي أو فيما عدا ذلك إلحاق الضرر بهذه الجمهورية و شعبها ، عندئذ يجب إتخاذ الإجراءات المعمول بها ضد المجرمين ، ضد هذا الشخص أو هؤلاء الأشخاص ، بما يتلاءم مع القوانين و التراتيب المعمول بها على أساس هذا الدستور.

الباب الثالث : حقوق الشعب و النضال من أجل إجتثاث كلّ الإستغلال و الإضطهاد:
1-القسم الأوّل : الحق الأساسي للشعب ، هدف الحكومة و دورها و التناقضات بين الشعب و الحكومة فى الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا :
1- أهمّ حقّ أساسي للبروليتاري بمعية الجماهير الشعبية العريضة ، فى الجمهورية الإشتراكية الجديدة ، هو حق تحديد توجه المجتمع و الإلتحاق بالنضال مع الآخرين عبر العالم فى سبيل القضاء النهائي على علاقات الإستغلال و الإضطهاد و النهوض بدور متصاعد محدّد فى إيجاد حكومة كأداة لبلوغ هذه الأهداف.

2- هدف حكومة الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا هو العمل وفق المبادئ و الأهداف الواردة فى هذا الدستور لأجل تلبية الحاجيات الأساسية و قبل كلّ شيئ مصالح البروليتاريا الأكثر جوهرية و الأوسع نطاقا ، إلى جانب الجماهير الشعبية العريضة فى هذه الجمهورية و فى النهاية فى العالم بأسره، بغاية المساهمة قدر الإمكان فى تحرير الإنسانية جمعاء ، من خلال التقدّم صوب الشيوعية.

وفى نفس الوقت نظرا للتناقضات الباقية و العميقة بعدُ داخل هذه الجمهورية و فى العالم قاطبة - بما فيها التناقضات بين هذه الجمهورية و الدول الإمبريالية و الرجعية ، وأيضا التناقضات بين علاقات الإنتاج الإقتصادية والعلاقات الإجتماعية، و إنعكاس كلّ هذا فى مجالات السياسة و الإيديولوجيا و الثقافة فى هذا المجتمع ذاته - سيوجد، و لبعض الوقت سيتواصل وجود تناقضات بين الشعب و الحكومة فى هذه الجمهورية و هناك إمكانية أن تعمل الحكومة ، أو خاصة مجموعات أو أشخاص ذوى سلطة داخل الحكومة ، فى تعارض مع الهدف و الدور الصحيحين لهذه الحكومة.
لهذه الأسباب ، يجب التمسّك بالإجراءات التى ينبغى إتخاذها للسماح للناس فى هذه الجمهورية بحماية ذاتهم ضد سوء تصرّف الحكومة و تجاوزاتها. و يجب أن توضع بوضوح خطوط عريضة جوهرية حسبها يمكن تقييم سياسات الحكومة و أعمالها فيما يتصل بحقوق خاصة و قبل كلّ شيئ الحقّ الأكثر أساسية للشعب فى هذه الجمهورية .

القسم الثاني : الحقوق القانونية و المدنية و الحرّيات:

1- فى تناغم مع ما ورد فى هذا الدستور ككلّ ، و خاصة فى القسم أعلاه من هذا الباب ، يجب أن يكون توجه الحكومة ، و التوجه المشجّع فى المجتمع بأسره ، ليس فقط السماح بالمعارضة بل تثمينها و كذلك تثمين الصراع و التنوّع السياسي و الفلسفي و عموما الفكري و الثقافي، و التشجيع و البحث عن جوّ يمكّن كلّ هذا من الإزدهار. و هذا يجب أن يجد تعبيراته و تجسيده فى سياسات الحكومة و أعمالها لا سيما تلك الهادفة لحماية الحقوق و الحريات القانونية و المدنية للشعب فى هذه الجمهورية. فى الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا ، جرت الإطاحة بالنظام الرأسمالي ، و يقع بناء نظام إقتصادي إشتراكي - يضمن حقّ الشغل و الدخل- و هناك إستمرار للتغيير ليس فحسب فى الإقتصاد و لكن أيضا فى المجتمع قاطبة ، بما فى ذلك فى المجال الثقافي و الإيديولوجي ، بأخلاق جديدة جذريّا تتقدّم بما يتلاءم مع هدف إجتثاث الإستغلال و الإضطهاد : لهذا قد توقفت " الجرائم العامة " عن أن تكون مشكلا إجتماعيّا مثلما كانت فى الولايات المتحدة الأمريكية السابقة. لكن لم يصبح بعدُ ممكنا القضاء على جميع هذه الجرائم ،و أكثر جوهرية، لأسباب أشرنا إليها أعلاه فى هذا الباب، تظلّ موجودة تناقضات بين الشعب و الحكومة. و طالما كان الحال كذلك ، ثمّة أفق جرائم سياسية ضد هذه الجمهورية و حكومتها ، لكن ثمة أيضا إمكانية إتهامات لا أساس لها من الصحّة و خاطئة و إضطهاد لأناس بدعوى إرتكابهم لجرائم سياسية و كذلك " عامة ". لهذا مثلما ورد فى القسم الثاني من هذا الباب ، يجب تركيز قسم الدفاع و المرافقة القانونيين ، على المستوى المركزي و على مختلف المستويات الأخرى للحكومة و المسؤولية الإدارية، و يجب على هذا القسم فى كافة شؤونه الأخرى أن يكون مستقلاّ و أن يعمل بإستقلالية عن الحكومة، فى تمثيل المواطنين و المقيمين فى الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا و كذلك فى إجراءات قانونية أخرى فيها يواجهون الحكومة فى موقف نزاع و لهم حق التمثيل القانوني.

2- لا يجب حرمان أي شخص فى الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا من الحقوق الواردة فى هذا الدستور ، إلاّ عبر السيرورة القانونية المطلوبة. خلال النضال الثوري الذى أدّى إلى هزيمة الولايات المتحدة الأمريكية الإمبريالية و الذى نشأت عنه الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا و نتيجة لذلك وقع إنزال العقاب المناسب بأعضاء و مسيّري الطبقة الحاكمة الإمبريالية السابقة و حكومتها و جهاز دولتها- لا سيما أولئك الذين كانوا مسؤولين عن أبشع الجرائم ضد الشعب وضد الإنسانية- وفق ضرورات و متطلبات النضال الثوري و المبادئ الجوهرية التى قادته ووجهته.
و أيضا ، مع تقدّم ذلك النضال الثوري، و مع إفتكاك أراضي بشكل تصاعدي من تحت سيطرة الإمبرياليين ، فإنّ أعدادا متنامية من الناس الذين سجنوا فى ظلّ هؤلاء الإمبرياليين صاروا ضمن الإطار القضائي للقوى الثورية المتقدّمة. فى هذا الوضع ، سياسة القوى الثورية بشأن هؤلاء السجناء كانت الإلغاء الفوري للظروف غير الإنسانية التى كانوا عرضة لها و الشروع معهم فى سيرورة من خلالها يمكنهم مزيد المعرفة بأكثر شمولية للعالم و للنضال من أجل تغييره و يمكن أن توفّر لهم أفضل الأسس لتغيير نظرتهم الخاصة للعالم و التحوّل إلى أنصار واعين للقضيّة الثورية. وإلى الدرجة الممكنة ، حسب قوّة القوى الثورية و الوضع العام، فإنّ الذين سُجنوا فى زنازن الإمبرياليين و الذين صاروا بالفعل أنصارا للثورة ، توفّر لهم وسائل التحوّل النشيط فى أثناء هذه الثورة بتلاؤم مع مبادئها الأساسية.

منذ تأسيس الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا ، توجه حكومة هذه الجمهورية و سياستها كانا تمكين أكبر عدد ممكن من الذين سجنوا فى ظلّ النظام الإمبريالي السابق ليس فقط من التحرّر من السجن و الإندماج فى المجتمع الجديد بل أيضا من المساهمة بوسائل متنوّعة فى مواصلة الثورة و مزيد تغيير ذواتهم فى خضمّ السيرورة. لأجل هذا ، تشكّلت أجهزة خاصّة لإعادة النظر بأسرع ما أمكن فى حالات و أوضاع أولئك الذين سجنوا فى ظلّ النظام الإمبريالي السابق و الذين ظلّوا سجناء زمن تأسيس الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا. و قد ادّى هذا ، فى فترة وجيزة نسبيّا، إلى إطلاق سراح الغالبية العظمى - بإستثناء الذين إقترفوا فظائعا حقيقية فى الماضي و لم يبدوا إشارات حقيقية تبرز إرادتهم و نيّتهم و تصميمهم على إعطاء أنفسهم فرصة أن يغيّروا أنفسهم، مع إنتصار الثورة و تأسيس مجتمع ثوري و أن يساهموا فى تغيير المجتمع الأوسع، بهدف إجتثاث علاقات الهيمنة و الإضطهاد و الإستغلال و طرق التفكير المتماشية مع كلّ هذا. و ضمن الغالبية العظمى من الذين أطلق سراحهم ، مثّل هذا عموما مرحلة إنتقالية خلالها وقع مزج المراقبة من قبل السلط المختصّة مع الدعم و المرافقة النشيطين ، بما فى ذلك ، التدريب العملي و كذلك السياسي - مع الطابع المديد و الخاص لهذه السيرورة الإنتقالية المحدّدة إنطلاقا من التاريخ و الحاجيات الخاصين لمختلف الأفراد. و كذلك جرى تطبيق التربية السياسية و الصراع الإيديولوجي فى المجتمع بأسره للمساهمة فى جوّ يفهم فيه الناس بصورة واسعة الأسباب و الدواعي الفعلية للجريمة فى المجتمع القديم و أهمّية إيجاد ظروف و جوّ فيهما يمكن الترحيب بالذين كانوا فى السجون نتيجة عمل إجرامي فى ذلك المجتمع القديم و مساندتهم على تكريس طاقاتهم و إبداعهم و مبادراتهم و تصميمهم على بناء المجتمع الثوري الجديد و المضيّ قدما فى السيرورة الثورية فى هذه الظروف الجديدة جذريّا. و كانت النتيجة أنّه إضافة لعدد هام من الناس الذين تمّ إكتشاف أنّه تمّت مقاضاتهم و جرى سجنهم خطأ فى ظلّ النظام القديم، ووقع بالتالى فورا إطلاق سراحهم و مدّهم بوسائل التحوّل إلى المشاركة بنشاط فى المجتمع الجديد و تغييره ثوريّا، تحديدا ملايين الرجال و النساء الذين حُرموا العيش الكريم فى المجتمع القديم ، الذين شاركوا فى أعمال إجرامية نظرا لظروفهم اليائسة عادة و فى عديد الحالات لتأثير النظرة و القيم السائدتين فى ذلك المجتمع القديم الذى شجّع بإستمرار و بطرق شتّى تجيز تقديم المصالح الخاصّة على حساب الآخرين و الهيمنة عليهم؛ و الذين إعتبروا دون مستوى الإنسانية ووضعوا فى ظروف لا إنسانية من قبل حرّاس النظام القديم و فارضيه، قد إسترجعوا إنسانيتهم و أكدوها عبر المساهمة النشيطة فى المجتمع الثوري الجديد ، و العديد منهم قد إلتحق بصفوف الثورة لإعادة صياغة العالم بأسره خدمة لمصالح الإنسانية.
فقد وقع تركيز هذه الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا و تبنّى دستورها و تطبيقه و تعمل حكومتها على مختلف الأصعدة بإتفاق مع هذا الدستور: مذّاك فصاعدا ، يمكن ، كمسألة قانونية فقط و عبر السيرورة المطلوبة ، سجن الناس أو فيما عدا ذلك حرمانهم من حقوقهم و حرّياتهم . و يجب أن ينطبق هذا على الذين- بما فيهم الأعضاء و المسيّرين السابقين للطبقة الحاكمة الإمبريالية الأمريكية و دولتها و جهازها الحكومي - الذين يوجدون ضمن مجال السلطة القضائية لهذه الجمهورية و يمكن أن يتهموا بكونهم إقترفوا فى الماضى ، أو يمكن أن يتهموا مستقبلا ، بإقتراف جرائم حرب و جرائم أخرى ضد الإنسانية : سواء أحيلوا على محاكم خاصّة أنشأت للنظر فى جرائم الحرب و جرائم أخرى ضد الإنسانية ( كما وردت فى القسم الثالث من الباب الأوّل) أو فى سيرورات قانونية أخرى ، يجب معاملة كافة المتهمين بالجرائم وفق القوانين و السيرورة القانونية المطلوبة.

3- و يجب تطبيق التالى على الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا و على المقيمين على أرضها :
أ- حرّية التعبير و التجمّع و التنظيم ،و المعارضة و الإحتجاج لا ينبغى تحديدها ، إلاّ فى حالات خرق القانون و عبر السيرورة القانونية المطلوبة.
لا يجب منع التعبير عن معارضة هذه الجمهورية و دستورها و حكومتها - بما فى ذلك الدعاية للإطاحة بهذه الجمهورية و تعويضها بنوع آخر من المجتمع و من الحكم - و بالعكس ، يجب السماح بذلك و حمايته ، إلاّ إذا عني الأمر إرتكاب أو مؤامرة لإرتكاب أو الدعاية المباشرة أو غير المباشرة لأعمال عنف ليست للدفاع عن النفس ، ضد الحكومة أو أعضاء الحكومة ، أو آخرين مقيمين فى هذه الجمهورية ، أو لأعمال اخرى تخرق القانون ( لكن من جديد ، التعبير عن معارضة هذه الجمهورية و حكومتها ، أو مجرّد الدعاية لتعويض هذا الشكل بشكل آخر من المجتمع و الحكم ، لا ينبغى أن يعلن و يعامل كخرق للقانون).
ب- حق ّ الإضراب :
فى حال الإضراب ، لا سيما إضراب يخصّ قطاعات مملوكة للدولة ، على الحكومة أن تعمل على إيجاد حلّ يلبّى على أفضل وجه حاجيات الناس المعنيين و مطالبهم، على قاعدة و بتلاؤم مع حاجيات المجتمع و الشعب بأسره و المبادئ و الأهداف الواردة فى هذا الدستور. فى كافة الأحوال، لا يمكن إستعمال الوسائل العنيفة لإنهاء إضراب أو قمع المضربين ، إلاّ إذا كان من الضروري فى حال خرق القانون ، و عموما فى السعي إلى معالجة مثل هذه الأوضاع، و يجب التعويل جوهريّا على وسائل الإقناع و أوسع مصالح البروليتاريا و جماهير الشعب .
ت- حق التنقّل :
المواطنون و المقيمون فى الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا أحرار فى التنقّل إلى أي مكان فى هذه الجمهورية و لا يمكن تحديد حقّهم فى مثل هذا التنقّل بعمل أو جهاز من أجهزة الحكومة، على أي مستوى ، بإستثناء القيام بذلك وفق القانون و السيرورة القانونية اللازمة ( لكن لا يمكن إصدار قوانين هدفها الأساسي أو الأوّلي تحديد الإنتقال ضمن هذه الجمهورية ، إلاّ إذا جرى خرق لقانون آخر). و فيما يتعلّق بالتنقّل من هذه الجمهورية إلى بلدان أخرى و أنحاء أخرى من العالم - و العودة إلى هذه الجمهورية- لا يجب منعه أو التدخّل فيه إلاّ وفق القوانين و التدابير الأمنية الشرعية التى يجب أن تتخذها و تعمل وفقها أجهزة الحكومة على أساس و فى إتفاق مع هذا الدستور بصدد الهجرة إلى الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا. و إلى جانب ما ورد من مقاييس فى هذا الدستور بصدد الهجرة إلى الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا و اللجوء السياسي و الإقامة ، و بالنسبة للمواطنين من بلدان أخرى و أنحاء أخرى من العالم الذين يرغبون فى الدخول و البقاء لمدّة معينة فى هذه الجمهورية ، لغرض أو آخر ، يجب أن يكون التوجه العام لحكومة هذه الجمهورية هو الترحيب و السماح بمثل هذا التنقّل طالما ، من جديد ، أنّ هذا ينسجم مع القانون و التدابير الأمنية الشرعية. و يجب إتخاذ إجراءات معقولة ،وفق هذه المبادئ ، من قبل الحكومة و أجهزتها لتنظيم التنقّل من و إلى هذه الجمهورية.
ث- يمكن لأشخاص عمرهم 18 سنة فأكثر أن يملكوا أسلحة نارية للإستعمال الشخصي ، طالما أنّ هذا يتلاءم مع القواعد المضبوطة فى هذا المضمار ، و قوانين أخرى صادرة بإتفاق مع هذا الدستور.
ج- لا يجب أن يتعرّض أحد لمنع أو تحديد حقوق أو حرّية أو لتمييز عنصري ، على أساس القومية و الجندر أو النزعة الجنسية ، أو الدينية أو معتقدات أخرى.
ح- لا يجب منع حق العقيدة الدينية و ممارسة الشعائر الدينية أو تحديدها ، إلاّ فى حال خرق للقانون و عبر السيرورة القانونية اللازمة. و فى الوقت ذاته ، لا يجب أن يستعمل الدين و أن تستعمل الشعائر الدينية لإستغلال الناس و مراكمة رأسمال خاص ، فى خرق للقانون ، أو لخرق القانون بطرق أخرى ؛ و لا يمكن للأشخاص أو المجموعات أو المؤسسات الدينية أن تمنح حقوقا أو إمتيازات لا يتمتّع بها الناس عامة فى هذه الجمهورية.
يجب كذلك الدفاع عن حق عدم ممارسة الدين أو عدم الإعتقاد فى دين و حق نشر الإلحاد [الفكر اللاديني].و يجب الدفاع عن فصل الدين عن الدولة و تكريسه : لا يمكن لأية أجهزة حكومية أو ممثّل حكومي أن يقوم بالدعاية أو يروّج و يشجّع دينا ، هذا من ناحية ، و من ناحية ثانية لا يمكنه أن يقمع أو يحدّد العقيدة و الشعائر الدينية ، إلاّ وفق إجراءات واردة هنا و فى أماكن أخرى من هذا الدستور و القوانين المنسجمة معه. لا يمكن أن تقام أعمال او تصدر قوانين للدولة بإسم الدين أو من قبل أناس أو مؤسسات تتوسّل سلطة دينية.
و يجب تكريس مبادئ الحكومة و سيرها فى مختلف المجالات ، بما فى ذلك النظام التعليمي بوجه خاص - و تشجيعه للمنهج و المقاربة العلميين ، و الروح النقدية و التفكير المنطقي ، و البحث عن الحقيقة و عكسها الواقع الموضوعي كمعيار للحقيقة - بإتفاق مع ما جاء فى هذا الدستور، و لا يمكن التدخّل فى هذا على أساس عقيدة أوشعائر دينية أو عبر دعاوى الإستثناء إستنادا للعقيدة و الشعائر الدينية. و فى النظام التعليمي ، يجب تحليل العقائد و الشعائر الدينية و نقاش مضمونها الإجتماعي و الثقافي و دورها و كذلك جذورها التاريخية و تطوّرها - بنفس الطريقة و بإتفاق مع ذات المقاربة والمقاييس ، مثلما تطبّق بصدد كافة الظواهر الإجتماعية و التاريخية الأخرى.
وبصفة خاصة، بالنظر إلى القوميات المضطهَدَة الأخرى، فيما يتصل بجوانب العقيدة و الشعائر الدينية المتشابكة مع الثقافة التى طوّرها الناس تاريخيا ، يجب أن يكون توجه الحكومة و مقاربتها البحث عن الفصل بين العقيدة و الشعائر الدينية و مظاهر ثقافة الشعب المتفقة مع المصالح الأساسية للشعب و يمكن أن تساهم فى إثراء حياتهم و ليس فحسب حياة قومية معيّنة و إنّما حياة الناس عامّة ، و التى يجب الحفاظ عليها و تطويرها فى إنسجام مع ما جاء فى هذا الدستور ، بينما يتمّ الحفاظ على الفصل بين الدين و الدولة.
و إضافة إلى دور الحكومة فيما يتعلّق بالتعليم و العلم و المجالات الأخرى ، سيروّج الحزب الشيوعي الثوري بحيوية و يدعو لوجهة النظر الشيوعية للعالم، وهي مؤسسة على المادية الجدلية و التاريخية ، و كجزء هام من هذا ، سيروّج بنشاط و حيوية الإلحاد و يطلق نقاشا حيويّا مع أتباع وجهات النظر الدينية و غيرها المتعارضة مع وجهة النظر الشيوعية للعالم.
خ- و بخصوص القانون و الإجراءات القانونية و العقاب وفق القانون ، يجب تطبيق التالي :
أ- التحرّر من الإتهامات و التتبعات الإستبدادية و غير المعقولة- و من التعدّى على الحقوق و الحريات الأساسية من قبل أجهزة أمن عام أو مؤسسات حكومية أخرى ، إلاّ على أساس القانون و السيرورة القانونية اللازمة.
ب- الوقاية ضد السجن و العقاب غير القانونيين ، بما فى ذلك عبر حقّ الحرمة الجسدية ، أي حقّ المتهمين و الموقوفين فى عرضهم على المحكمة - تبعا للقانون و السيروة القانونية اللازمة - بالنسبة للإتهامات الموجّهة ضدّهم، فى الوقت المطلوب ( فى غضون 48 ساعة من الإيقاف). و مع ذلك ، يمكن تعليق هذا الحقّ أو تحديد تطبيقه ، فى ظروف حالة طوارئ ( مثلما نوقش ذلك فى النقطة د، أدناه).
ت- لا يجب أن يتعرّض أي شخص ل" محاكمة متكرّرة " لتهمة جري تتبعه بسببها- أي بعد محاكمته و تبرئته، لا أحد يمكن محاكمته ثانية لذات الجريمة. و كذلك لا يجب أن يوجد أي تطبيق بمفعول رجعي للقانون: لا يجب توجيه إتهام لأي أحد أو تتبعه لعمل لم يكن ضد القانون فى الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا زمن القيام بذلك العمل لكن يمكن بعد ذلك منعه قانونيا.
ث- يمكن للسلطة التشريعية المركزية - و السلط التشريعية فى المستويات الأخرى ، ضمن إطار هذا الدستور و قوانين هذه الجمهورية - أن تسنّ قوانينا " تشرّع التحديدات" ( زمن لم يعد يمكن بعده تتبع المرء) بالنسبة لمختلف خروقات القانون.
ج- لكلّ متّهم بجريمة و موقوف، الحقّ فى التمثيل القانوني الذى يوفّره الفرع المناسب لقسم الدفاع و المرافقة القانونيين ، الذى تركّزه و تموّله الحكومة لكنّه يعمل بإستقلالية عنها بإسم الذين يمثّلهم ( أنظروا القسم الثاني و القسم الثالث من الباب الأوّل). و يمكن للمتهمين فى هذه الحالات كذلك أن يمثّلوا انفسهم، بمرافقة أو دون مرافقة المجلس القانوني إلاّ إذا تحدّد ، فى جلسة محكمة علنية، انّهم غير قادرين على أن يدافعوا بصفة مناسبة عن أنفسهم، و فى هذه الحال ، يجب أن تكون المرافقة القانونية للمجلس إجبارية. و يجب إعلام المتهمين و الموقوفين فى الحال بإتهامهم و بحقّهم القانوني فى المجلس و حقّ إلتزام الصمت. و إذا لم يقع إعلامهم على الفور بهذه الحقوق، أو إذا تمّ خرق هذه الحقوق بأية طرق أخرى من قبل الذين أوقفوهم عندئذ لا يمكن إعتماد أي دليل ضدّهم جرى الحصول عليه نتيجة مثل هذه الخروقات.
ح- إلى جانب حقّ الحرمة الجسدية و الإجراءات الأخرى لمنع الإيقاف غير القانوني و الحرمان من الحقوق و الحرّية ، للمتّهمين فى الحالات الإجرامية حقّ محاكمة فى الوقت المناسب و إمكانية الإخراج من السجن بكفالة معقولة قبل المحاكمة، مثلما حدّدتها جلسة محكمة برئاسة قاضي. و هذه الجلسة التى تنظر فى هذه الإمكانية يجب أن تعقد فى الوقت المناسب عقب الإيقاف. و يجب أن يكون التوجه الأساسي بصدد إمكانية الإخراج من السجن بكفالة أن يكون مع " ترجيح البراءة ". و مقاربة إمكانية إخراج من السجن بكفالة يجب أن تأخذ بعين الإعتبار الإختلافات الباقية فى المداخيل و العوامل المرتبطة بها ، بالنسبة لمختلف المتهمين، حتى لا ينجرّ عن مثل هذه العوامل حرمان بعض المتهمين عمليّا من إمكانية الإخراج من السجن بكفالة، فى حين أنّه لهم الحق فيما عدا ذلك. و بينما يتعيّن إصدار مقاييس لضمان ظهور المتهم خلال السيرورات القانونية حيث يلزم ذلك ، فإنّه كمبدأ عام يجب توفير إمكانية الإخراج من السجن بكفالة حسب الوضع الخاص بالمتهم و فهم أنّ السجن فى ظروف لم يقع إتهام شخص بجريمة تعدّى غير مبرّر على حقوق الشخص و عرقلة تمكين المتهم من أفضل دفاع ممكن إزاء التهمة و التتبّع من قبل اللجنة المختصّة فى الجريمة- إلاّ فى حالات تبيّن بوضوح ، عبر التمشّى القانوني المناسب ، أنّ إخلاء سبيل متّهم يمثّل خطورة فعلية لأمن هذه الجمهورية و شعبها. يمكن رفع قضية ضد الحرمان من إمكانية الإخراج من السجن بكفالة و مثل هذا الإلتماس يجب أن يستمع إليه فى الوقت المناسب ، فى غضون 48 ساعة ، إلاّ فى ظروف إستثنائية- من قبل المحكمة المختصّة.

7- يجب أن يترأّس قاضي المحاكمات المعنية بتتبّع هجمات إجرامية ، ينبغى أن يعيّن لذلك وفق القسم الثالث من الباب الأوّل و أماكن أخرى من هذا الدستور. و القواعد و الإجراءات الأساسية للتمشّى القانوني الخاص بالجريمة ( و غيرها) يجب أن يضعها الجهاز التشريعي المناسب. و يجب أن تتضمّن هذه القواعد و هذه الإجراءات حقّ المدّعى عليهم فى " ترجيح البراءة " أي ، لا يمكن إدانتهم بجريمة إلاّ إذا أثبت قبل كلّ شيء أنّهم مذنبون و مسؤولون عن تلك الجريمة ( و يجب إعلام هيئة المحكمة و تذكيرها بهذا المبدأ)؛ وحقّ الأشخاص فى عدم التجريم ، بما فى ذلك حقّ عدم تقديم الشهادة فى إجراءات قانونية هم فيها متهمون بخرق القانون؛ و حق المدّعى عليهم فى المحاكمة العلنية و تقديم كافة الشهود و الأدلّة ضدّهم و حقّ ( يمارسونه هم مباشرة و / أو عبر تمثيل المجلس القانوني ) فى مساءلة و مكافحة الشهود و الطعن فى الأدلّة. و تكريسا للتوجه الجوهري المصاغ فى القسم الثالث من الباب الأوّل ، بشأن إستعمال مختلف اللغات و الترجمة أثناء المحاكمات و الإجراءات القانونية لجميع المدّعى عليهم فى الإجراءات القانونية الإجرامية حق المرافقة التى يحتاجون إليها من المترجمين ، من أجل الفهم و المشاركة التامين فى هذه الإجراءات القانونية و فى الممارسة التامة لحقوقهم التى تكفلها هذه الإجراءات. فى الإجراءات الإجرامية للمتّهم الحق فى محاكمة من طرف قاضي مختار من ضمن السكّان الكهول عامة فى سنّ الإنتخاب فى مجال السلطة القضائية المناسبة ، بإتفاق مع القوانين و الإجراءات المتخذة فى تطابق مع الدستور. ويمكن لمدعى عليه فى قضية إجرامية أن يختار كذلك التقدّم لحكم قضائي و إستصدار حكم عن طريق قاضي.

خ- يجب أن يوفّر القانون و أن توفّر السيرورة القانونية اللازمة التعقيب فى حالات إدانة إجرامية. و فيما يخص سيرورة التعقيب ، بقدر ما تكون الجريمة جدّية بقدر ما يجب أن توفّر سبل التعقيب. و يجب أن يوفّر قسم الدفاع و المرافقة القانونيين التمثيل القانوني بطلب من المدعى عليهم ، او من القاضي فى السلطة الراجع إليها بالنظر فى التعقيب و فى المحاكمات الإجرامية.
د – بالنسبة لكافة الذين جرت محاكمتهم و صدر حكم بمعاقبتهم لخرقهم للقانون ، التوجه الأساسي بصدد هذا السجن يجب ان يكون إعادة تاهيل المحكوم عليهم و السجناء ، و إطلاق سراحهم و إعادة إدماجهم كأعضاء منتجين فى المجتمع الأوسع، بأسرع وقت ممكن ، بإتفاق مع تقييم أنّ ذلك لا يشكّل مجازفة أو خطرا غير مقبول على المجتمع و الناس ، و لا يتعارض مع ما جاء فى هذا الدستور. لهذا ، التعليم ، فى تلاؤم مع المبادئ الواردة أعلاه فى هذا الدستور- و بوجه خاص مبدأ " اللبّ الصلب مع الكثير من المرونة " بما فى ذلك التدريب على الرؤية الشيوعية للعالم و القيم الشيوعية لكن أيضا توفير طائفة متنوّعة واسعة من الأعمال السياسية و الفلسفية و العلمية و الأدبية و غيرها ، تعبّر عن تنوّع وجهات النظر - يجب توفيره للسجناء. و يجب أن توفّر لهم وسائل المشاركة فى العمل المنتج للمساهمة فى تطوّر المجتمع ، فى ظروف ليست فقط إنسانية لكن أيضا تتطابق مع المقاييس العامة للعمل فى المجتمع بصورة أعمّ. و لا يمكن بأيّة حال إبقاء الناس فى السجن لفترة أطول من تلك التى يضبطها القانون و من خلال تراتيب السيرورة القانونية اللازمة.
- يجب منع العقوبة الوحشية و غير العادية، و من ذلك التعذيب.
- و قد تركّزت الجمهورية الإشتراكية الجديدة و أرست أجهزة حكم عملية - منها المحاكم و المؤسسات الأخرى المتعلّقة بالقضاء و القانون و الأمن .
و مذّاك فصاعدا ، ينبغى إلغاء حكم الإعدام و منعه، إلاّ فى ظروف طوارئ إستثنائية ( كما جرى نقاش ذلك فى د، أدناه). و عند تجاوز مثل ظروف الطوارئ الإستثنائية هذه ، يمكن العودة للسير العادي للمجتمع و الحكم، و يجب من جديد منع حكم الإعدام. و حتى فى ظروف طوارئ إستثنائية، لا يجب إصدار حكم الإعدام إلاّ فى حالات قصوى ، و حيث أمكن ذلك يجب تعطيل تنفيذ هذا الحكم فى إنتظار نهاية حالة الطوارئ الإستثنائية ، و حينها يدخل من جديد منع حكم الإعدام حيّز التنفيذ.
ذ – فى حال حرب، غزو أو إنتفاضة موجهة ضد الدولة أو ظروف إستثنائية أخرى، إذا كان حكمه يمثّل تهديدا مباشرا للأمن أو حتى الوجود ذاته للجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا ، يمكن للمجلس التنفيذي المركزي أن يعلن " حالة طوارئ أمنية "و إن رأى ذلك ضروريّا، يمكن أن يعلّق مؤقّتا الحقوق و التراتيب الواردة فى هذا الباب و غيره من أبواب هذا الدستور، بما فى ذلك منع حكم الإعدام. لكن، مهما كانت الظروف لا يمكن اللجوء إلى التعذيب أو وسائل أخرى من العقاب الوحشي و غير العادي ويجب التمسّك بمبدأ المعاملة الإنسانية للسجناء، من كافة الأنواع. وفى حال مثل هذا التعليق لبعض الحقوق و الترابيب من هذا الدستور، فى غضون أقصر فترة زمنية ممكنة بعد التعليق - أسبوع او أقلّ، إلاّ إذا منعت ذلك مطلقا الظروف، و فى الأحوال فى أقرب وقت ممكن للقيام بذلك - ينبغى مراجعة هذا الإجراء الذى قامت به السلطة التنفيذية من قبل المحكمة العليا التى ينبغى أن تكون لها صلوحية تحديد ما إذا كان أي جزء من هذا الإجراء من قبل مجلس السلطة التنفيذية المركزية أو الإجراء برمته ، تطلّبته فعلا الظروف وهو متلائم مع هذا الدستور .
و بالنسبة لأية تفاصيل فى مثل هذا الإجراء أو الإجراء برمّته تجد المحكمة العليا انّها تخرق الدستور: يجب وضع حدّ فوري لها وفق هذا التقدير. و أبعد من ذلك ، إلى أن يعود الوضع العادي و السير العادي للمجتمع و الحكم ، يجب تكرار إعادة نظر المحكمة العليا فى أعمال و سياسات السلطة التنفيذية. وفى تنفيذ تراتيب الطوارئ، بما فيها من تعليق للحقوق و الحرّيات الميدانية و القانونية، بفترات متواترة لأكثر من 30 يوما، قصد تحديد ما إذا كانت الظروف لا تزال تبرّر هذه السياسات و الإجراءات. و فوق ذلك، يجب على السلطة التشريعية المركزية أن تحاط علما بدوافع هذه الإجراء من قبل مجلس السلطة التنفيذية و يجب أن يدعى للإنعقاد لنقاش الإجراء و لتقديم نصيحته لمجلس السلطة التنفيذية، فى أسرع وقت ممكن لا يتجاوز 15 يوما ، إن كان ذلك ممكنا ، و يجب أن يكون التوجه و المعيار بالنسبة لهكذا حالات طوارئ : أن يتمّ تحديد فقط إلى الدرجة الضرورية حقّا لحقوق و حريات الناس خلال حالات الطوارئ هذه لوضع حدّ لها فى أقرب وقت ممكن و عقب إنهاء حالات الطوارئ هذه ، الإعادة التامة لحقوق الشعب و حرّياته ، وفقا لما جاء فى هذا الدستور.

القسم الثالث : إجتثاث إضطهاد النساء :

1- لقد ظهر إضطهاد النساء قبل آلاف السنين من تاريخ الإنسانية مع إنقسام المجتمع إلى طبقات مستغِلّة و مستغَلّة وهذا الإضطهاد حجر الزاوية فى كافة المجتمعات القائمة على الإستغلال. و لذات السبب للنضال للإجتثاث النهائي و التام لإضطهاد النساء أهمّية عميقة و سيكون قوّة دفع حيوية فى المضي قدما بالثورة نحو الهدف النهائي الشيوعية و إجتثاث كافة الإستغلال و الإضطهاد عبر العالم. و إنطلاقا من هذا الفهم، تعطى الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا أعلى مرتبة فى الأولويات ليس فحسب لتركيز المساواة القانونية التامة للنساء و تكريسها عمليّا- و للحقوق و الحريات الأساسية الجوهرية لتحرير النساء تمثل حرّية التناسل ، و من ذلك حقّ الإجهاض و كذلك مراقبة الولادات- و إنّما أيضا لمشاركة النساء المتصاعدة التحرّرية بصفة متنامية ، وبمساواة مع الرجال، فى جميع مجالات المجتمع و فى الترويح و النشر الشعبيين للحاجة إلى و لأهمّية إجتثاث و تجاوز كافة التعبيرات و المظاهر الباقية للنظام الأبوي و التفوّق الذكوري، فى العلاقات الإقتصادية و الإجتماعية وفى حقول السياسة و الإيديولوجيا و الثقافة ،و لتشجيع بلوغ هدف التحرير التام للنساء و الدور المحوري للنضال من أجل هذا التحرير فى التغيير الشامل للمجتمع و العالم قاطبة. و هذا التوجه و هذه السياسات و القوانين الناجمة عنها، يجب تطبيقها و الحثّ عليها و تشجيعها و دعمها بقوّة الحكومة و نفوذها و تأثيرها التامين سياسيّا و قانونيّا و أخلاقيّا ، على جميع الأصعدة ، فى الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا.

القسم الرابع : إجتثاث الإضطهاد القومي و تخطّى الفروقات الكبرى بين الجهات و إختلافات كبرى أخرى :
1- مثلما ورد فى الباب السابق من هذا الدستور، يجب إيلاء توجه حكومة الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا و قوانينها و سياساتها بالغ الإهتمام- و يجب ان تبذل قصارى الجهود إلى أبعد و لأتمّ حدّ قوّة الحكومة و نفوذها و تاثيرها السياسي و القانوني و الأخلاقي – لتحقيق المساواة التامة بين القوميات فى صفوف هذه الجمهورية و تجاوز التاريخ الكامل و التأثيرات المتواصلة للإضطهاد القومي ، ليس فقط فى هذا المجتمع بل عالميا.
2- كما بدا بديهيّا من التجربة التاريخية للقوميّات المضطهَدَة فى الولايات المتحدة الإمبريالية ( و من التجارب حول العالم) فإنّ تخطّى اللامساواة بين الجهات وثيق الإرتباط بإجتثاث الإضطهاد القومي. لهذا حكومة الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا ستولى ،على وجه الخصوص ،إهتماما و جهودا و إعتمادات خاصة لتطوير الجهات التى ظلّت جراء حكم الطبقات المستغلة و الديناميكية الرأسمالية ، و عوامل أخرى ، فى ظلّ النظام القديم ، فى وضع أكثر تخلّفا ، و لتجاوز الإختلافات بين الجهات ، و كذلك الإختلافات الكبرى بين المناطق المدينية و الريفية ( بهذا الصدد ، أنظروا الباب الرابع).
القسم الخامس : التناقض بين العمل الفكري و العمل اليدوي :
1- ممتدّ فى التاريخ و عميق الجذور هو التقسيم بين العمل الفكري و اليدوي و بين الذين يشاركون بداية فى هذا أو ذاك ( تناقض بين العمل الفكري و العمل اليدوي) ، وهو مرتبط بالتقسيم العدائي للمجتمع إلى مستغِلّين و مستغَلّين ، و يحمل هو ذاته بذور هذا التقسيم العدائي. ولأجل مواصلة تطوير الإقتصاد و تغيير ليس علاقات الإنتاج فحسب بل المجتمع بأسره ،على طريق الإشتراكية نحو الهدف النهائي العالم الشيوعي ، من الضروري أن تعالج التناقضات المرتبطة بهذا التقسيم و المتداخلة معه معالجة صحيحة - لا الإستخفاف بالمجال الفكري و لا تعزيز التقسيم الإضطهادي بين العمل الفكري و العمل اليدوي و تأبيده - كي يتمّ فى النهاية تخطّى عالم توجد فيه مثل هذه الإنقسامات التى تكبّل البشر و كي تنشأ مجتمعا من البشر المتجمعين بحرّية و القادرين على إنجاز كلّ من العمل اليدوي و الفكري و على تحقيق ذواتهم و هم ينجزون ذلك.
2- يجب أن يعبّر توجه حكومة الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا و قوانينها و سياساتها و أعمالها عن هذه الأهداف و عن هذا النضال لبلوغها.
القسم السادس :
ما ورد فى الأقسام السابقة من هذا الباب، إلى جانب المبادئ الواردة فى الباب التالى (الرابع) بشأن تطوّر الإقتصاد وفق الخطوط الإشتراكية ، حيوي بمعنى ممارسة أهمّ الحقوق الأساسية للشعب فى هذه الجمهورية وفى مواصلة النضال للإجتثاث النهائي و تجاوز كافة علاقات الإستغلال و الإضطهاد، فى هذا المجتمع و فى العالم برمته - وهو جوهري و يجب ان يكون فى موقع القلب و قوّة دفع فى الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا. و فى كلّ هذا لدور الحزب الشيوعي الثوري و قيادته الأهمّية الحاسمة.

الباب الرابع : الإقتصاد و التطوّر الإقتصادي فى الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا:
القسم الأوّل :
إقتصاد الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا إقتصاد إشتراكي مخطّط ، فى ظلّ توجيه الدولة و قيادة الحزب الشيوعي الثوري ، فى إنسجام مع المبادئ و المقاييس الواردة فى القسم الثاني من الباب الأوّل و غيره من الأماكن فى هذا الدستور. و الإنتاج الإجتماعي و التطوّر الإقتصادي موجه و يسير حسب المقاييس الثلاثة القمم التالية :
1- التقدّم بالثورة العالمية لإجتثاث كافة الإستغلال و الإضطهاد و تحرير الإنسانية جمعاء ؛
2- تلبية الحاجيات الإجتماعية و إيجاد ثروة مادية عامة تساهم فى التطوّر الشامل للمجتمع و الأفراد المكوّنين له و تتجاوز التقسيمات الإضطهادية بين العمل الفكري و العمل اليدوي ، و المدينة و الريف و مختلف الجهات و القوميات و الرجال و النساء؛
3- المحافظة على النظام البيئي و التنوّع البيولوجي على الكوكب و صيانته و التشديد عليه من أجل الأجيال الراهنة و القادمة.
القسم الثاني :
يعتمد الإنتاج الإجتماعي على علاقات و قيم العمل الجماعي بين الناس و يشجعها من أجل الصالح العام و من أجل مصالح الإنسانية فى هذا العالم. و يجب على علاقات الإنتاج الإشتراكية أن تخوّل لجماهير الشعب أن تكسب تحكّما جماعيّا متصاعدا فى السيرورات الإقتصادية. و فى نفس سياق هذا التوجه و هذه الأهداف ، يمنع إستغلال عمل الإنسان و بيع و شراء قوّة العمل ، إلاّ إذا كان ذلك مسموحا به و متوفّرا ، لمدّة محدودة من الزمن على أساس إنتقالي ، و على نطاق ضيّق ، ضمن الإطار العام لتطوّر الإقتصاد الإشتراكي و وفق التخطيط الإشتراكي لإنجاز هذا التطوّر.
القسم الثالث :
لأجل تطوير الإقتصاد وفق الخطوط الإشتراكية من الضروري أن ترسم السياسات الثورية فى المصاف القيادي للشؤون الإقتصادية. و لتحقيق الأهداف و معالجة مشاكل الإنتاج، يجب على الدولة أن تستنهض النشاط الواعي للشعب تبعا للمبادئ و الأهداف الواردة هنا و فى أماكن أخرى من هذا الدستور. ويجب أن تُشجّع المبادرة و الإبداع للتقدّم بالمصلحة العامة.
القسم الرابع :
1- يسير الإقتصاد الإشتراكي وفق مبادئ " التطوّر الإشتراكي المستديم ". و يعتمد " بُعد النظر" لما هو ضروري لمصلحة الإنسانية و الكوكب و ينظّم الإنتاج و النموّ و يحدّدهما على أساس الوعي بأنّ الثروات الطبيعية محدودة و متشابكة مع النظام الكوني. و يشدّد على مصادر الطاقة السليمة و المتجدّدة.
2- تقرّ دولة الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا بمسؤوليات أمميّة لتقاسم المعرفة و التقنية ورصد إعتمادات و تشجيع مبادرات لحماية بيئة كوكبنا- و لمساعدة الناس فى أنحاء العالم الأخرى ، لا سيما ما يسمّى بالعالم الثالث ، على القدرة على مواجهة الضرر الذى لحق بها جرّاء السلب و النهب البيئي الإمبريالي.
القسم الخامس: نظام الملكية العامة للدولة هو أساس الإقتصاد الإشتراكي الجديد:
1- يُركّز هذا النوع من الملكية المصالح العليا للبروليتاريا و جماهير الشعب والثورة التى تجسّد هذه المصالح. وهو يمكّن المجتمع من أن يستعمل بوعي و جماعيّا و ان يطوّر قوى الإنتاج الإجتماعية بغية تغيير المجتمع و العالم و يمكّن الإنسانية من أن تصبح حقّا حامية للكوكب.
يجب مصادرة وسائل الإنتاج و غيرها من الرأسمال و الثروات الخاصة للطبقة الحاكمة الرأسمالية- الإمبريالية السابقة للولايات المتحدة الأمريكية ، دون تعويض و تحويلها إلى ملكية دولة/عامة ( أو أشكال أخرى من الملكية فى توافق مع تخطيط الدولة و تطوّر الإقتصاد تبعا للخطوط الإشتراكية). و بالنسبة للآخرين الذين لم يكونوا جزءا من تلك الطبقة الحاكمة و لم ينهضوا بدور نشط فى معارضة الثورة التى أدّت إلى تركيز الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا - سيتمّ التعامل مع وسائل الإنتاج التى كانوا يملكونها زمن تأسيس هذه الجمهورية، فى إطار التخطيط العام للدولة و التطوّر العام لوسائل الإنتاج التابعة للدولة/ عامة ، لكن يجب تقديم التعويض المناسب لهم مقابل وسائل الإنتاج التى يملكونها و التى تُحوّل إلى ملكية الدولة/عامّة. و فى إنسجام مع المقاييس التى حدّدها القانون ، يجب ان يكونوا مخوّلين لفترة زمنية معيّنة للحفاظ على الأرض ( و المنازل و ممتلكات أخرى تابعة مباشرة لهذه الأرض) التى كانت على ملكيتهم زمن تأسيس هذه الجمهورية ، بقيمة معينة ، رغم أنّه لن يسمح لهم ببيع هذه الأرض و الملكية التابعة لها - و يمكن إستعمالها فقط لأغراض خاصّة و ليس كوسيلة إنتاج أو رأسمال آخر- إلاّ بترخيص من تخطيط الدولة : بعد فترة منصوص عليها قانونيّا يمكن للدولة أن تمارس السلطة لشراء هذه الأرض و ممتلكات أخرى تابعة لها مقابل تعويض مناسب ، محوّلة إيّاها إلى ملكية دولة / عامة، تماشيا مع الحاجيات و التطوّر العامين للإقتصاد الإشتراكي. وفى إنسجام مع هذه المبادئ و الأهداف الأساسية ذاتها ، يجب سنّ قوانين تحدّد اللازم لإرث الملكية الخاصّة ، ضمن حدود معيّنة ، بينما كذلك تضمن أن لا تتحوّل الملكية الخاصة إلى رأسمال خاص ، إلآّ إذا سمح تخطيط الدولة بذلك ، و أن لا يتعارض هذا الإرث و إستعمال الملكية الخاصة جوهريّا مع تطوّر الإقتصاد و المجتمع بأسره ، على الطريق الإشتراكي و لا يقوّضه.
2- يمكن لأكبر وسائل الإنتاج - المصانع و التجهيزات الصناعية - الفلاحية ذات النطاق الواسع- و الإتصالات و أنظمة النقل و التخزين الصناعي – الفلاحي و أنظمة التوزيع إلخ ، و كذلك الأرض و المواد الأوّلية – المملوكة للدولة / ملكية عامّة ( و التى لفترة زمنية يمكن أن تعوّضها أشكال تعاونية جماعية من الملكية يشارك فيها جزء من السكّان ، فى إنسجام مع تخطيط الدولة فى إطار شامل من التطوّر الإشتراكي للإقتصاد) ، بإستثناء حيث ، وكذلك فى إنسجام مع تخطيط الدولة و فى إطار عام من التطوّر الإشتراكي ، يمكن السماح ببعض الملكية الخاصّة لوسائل الإنتاج. و النظام البنكي- المالي تملكه الدولة و توجهه.
3- الأرض و المياه والغابات والناجم و المورد الطبيعية الأخرى تمّ الحفاظ عليها و التصرّف فيها على أنّها " ممتلكات عامّة ". وهي تقع ضمن إطار ملكية الدولة / ملكيةعامة. و تعترف ملكية الدولة الإشتراكية بمسؤوليتها فى الحفاظ على " المشترك" – الغطاء الجوّي و المحيطات و الحياة البرّية و ما إلى ذلك- من أجل الإنسانية جمعاء و من أجل المستقبل.
4- من اللاقانوني أن تحوّل وسائل إنتاج الدولة/العامة إلى ملكية خاصّة للمضاربة او بيع و شراء مثل وسائل الإنتاج هذه كملكية خاصة. و يتعرّض من يحطّم ملكية الدولة و ينهب الموارد الطبيعية إلى العقاب كما ينصّ عليه القانون ووفق السيرورة القانونية اللازمة.
5- تمارس الدولة فى الجمهورية الإشتراكية الجديدة مراقبة صارمة على جميع قنوات التجارة الخارجية.
6- الملكية التعاونية - الجماعية معترف بها كشكل ثانوي إنتقالي من الملكية خاص ببعض قطاعات التجارة و الصناعات التقليدية و بعض الأشكال على نطاق ضيّق و محلّى من الفلاحة و الإنتاج الصناعي.
القسم السادس : الإقتصاد الإشتراكي يمارس التخطيط الشامل و الموحّد :
1- تطوير المعرفة و الخبرات و القدرات و الموارد لدى الشعب و المجتمع خدمة لما يفيد و يهمّ تحسين وضع الإنسانية فى العالم.
2- يمزج الإقتصاد الإشتراكي مخطّطات طويلة الأمد و قصيرة الأمد لتوجيه التطوّر وفق الأهداف الثورية الواعية. و يبحث عن معالجة و موازنة المصالح البعيدة المدى و الآنية.
3- ترسم المخطّطات و تراجع و تحوّر على أساس التشاور مع الجماهير و عبر النقاش الجماهيري، و الجدال الواسع و الصراع السياسي حول توجّه المجتمع.
4- يجب تطبيق المخطّطات بيد أنّه يجب كذلك أن تكون مرنة و أن توفّر مجالا واسعا لإدخال التعديلات و التغييرات.
5- يرشد مبدأ " اللبّ الصلب مع الكثير من المرونة " نظام التخطيط الإقتصادي. و يعمل نظام التخطيط من خلال آليات المركزية و اللامركزية. و المركزية تعنى القيادة العامة فى رسم المخططات و فى تنسيق الإقتصاد، و تحديد الأولويات المفاتيح الإقتصادية و الإجتماعية و البيئية ؛ و إعارة الإنتباه إلى متطلبات الإستثمار الكبرى و التوازنات التقنية و القطاعية و الجهوية و البيئية ؛ و تحديد مركزي للأسعارو السياسة المالية ، ومبادئ موحّدة للإدارة ؛ و إعارة الإنتباه إلى التناسق و التوجه العامين لتطوّر الإقتصاد و حاجيات الثورة العالمية. و تعنى اللامركزية الإدارة و المبادرة المحلّيين، و أقصى و أكبر درجة من المشاركة الجماعية و أخذ القرار فى المستويات الأساسية للمجتمع، و توفير مجال واسع للتجريب و التأقلم ضمن الإطار العام للمخطّط.
6- تدمج الوحدات و المؤسسات الخاصة للإقتصاد الإشتراكي فى المخطّط الشامل و يجب ان تعمل بشعور بمسؤولية إجتماعية اوسع و أعمّ.
7- يجب إثارة أخطار وسائل التخطيط البرجوازية- البيروقراطية و " تضخّم الإدارة " من ناحية ووحدات القطاعات و المستويات الأدنى " تعمل كما يحلو لها " بإستقلالية عن المصالح العليا للثورة ، من ناحية ثانية ، أمام المجتمع و يجب النضال ضدّها.
8- لا يجرى التطوّر الإقتصادي الإشتراكي على منوال ساعة ميكانيكية ، من التنسيق و المراقبة. التخطيط يقوده خطّ ثوري وهو سيرورة نضال و تغيير و إكتشاف و تعلّم- وهو وثيق الإرتباط بالحركات الإجتماعية و النضالات الإجتماعية التى تظهر بفعل التناقضات التى لم تحلّ بعدُ فى المجتمع الإشتراكي.
9- تتخذ الدولة فى الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا و الإقتصاد المخطّط فى ظلّ قيادتها إجراءات خاصة ل " رفع الأدنى إلى الأعلى " و هذا المبدأ يخدم المهمّة الحيوية لتجاوز اللامساواة التاريخية التى تعرّضت لها القوميات المضطهَدة السابقة و إختلافات عميقة أخرى فى المجتمع. و ستجرى تعبئة المجتمع بأسره لتخطّى هذه اللامساواة. و سيقود هذا المبدأ أولويات توزيع السلع الإجتماعية و الخدمات اللازمة ( مثل الصحّة و السكن). و سيُولى الإقتصاد الإشتراكي أولوية أيضا لتجاوز الإختلافات الكبرى بين الجهات الأوفر تطوّرا و المناطق الأقلّ تطوّرا.
لإزالة حيف نزع الملكية المنظّم للأرض و إفلاس فلاحة السود و فلاحين آخرين من أقلّيات قومية معينة ، ستمنح حكومة الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا بعض الأرض كملكية خاصة، فردية / عائلية للذين تضرّروا و الراغبين فى العودة للعمل فى هذا الشكل من أشكال الإنتاج و فلاحة الأرض و ستسمح بتواصل الملكية/ الفلاحة الخاصة للمزارع من قبل مزارعي الأقليات القومية الذين حافظوا على هذا النوع من النشاط و يطمحون لمواصلته. سيمثّل هذا إجراءا إنتقاليا و سيحقّق فى إطار التطوّر الإشتراكي العام لإقتصاد ، ما سيتمّ تشجيعه و الحثّ عليه ضمن المزارعين ، و كذلك قطاعات أخرى من الشعب، مع التمسّك بواقع أنّ التعيير الإشتراكي للفلاحة و الإقتصاد ككلّ ، أمر جوهري لإيجاد مجتمع و عالم حيث جماهير الشعب بما فيها السود المضطهَدين سابقا و مزارعين من أقلّيات قومية أخرى ، وفى النهاية سيقع التحرّر من الإضطهاد و علاقات الإستغلال سيقع القضاء عليها.
10- يأخذ الإقتصاد الإشتراكي بعين الإعتبار الحاجيات الخاصّة للنساء بينما فى ذات الوقت يمنع و يحدّد التمييز العنصري ضد النساء، و يشجّع على تغيير كافة العلاقات و القيم و طرق التفكير الأبوية ، بهدف الإلغاء النهائي لهذه العلاقات و القيم و طرق التفكير و بالتالى التحرير التام للنساء.
القسم السابع : إستمرار وجود الطبقات و الصراع الطبقي فى المجتمع الإشتراكي :
1- للأسباب التى جرى الحديث عنها فى أماكن أخرى من هذا الدستور ، تنشأ من جديد العلاقات البرجوازية فى المجتمع الإشتراكي و ستبحث القوى البرجوازية الحديثة الولادة عن إعادة تشكيل المجتمع بإتجاه الرأسمالية.
2- من حق الناس و مسؤوليتهم فى هذا المجتمع أن يسألوا و يناقشوا و يخوضوا صراعات حول المضمون الفعلي لملكية الدولة الإشتراكية و تخطيطها و النظرة و السياسات و الإيديولوجيا القائدة للإنتاج و التطوّر الإجتماعيين.
القسم الثامن : التشغيل و العمل، النسيج الإجتماعي و العلاقات بين المدن و الأرياف :
1- حق الشغل و الدخل مضمونان. يسمح الإقتصاد الإشتراكي للأفراد ذوى القدرات و الميولات المختلفة بالمساهمة فى تطوير مجتمع تحرّري و فى كسب المعرفة و القدرات. ويسعى التخطيط الإقتصادي الإجتماعي جهده لإيجاد ظروف عمل له معنى محقّق للذات يربط الناس و إبداعهم بعضهم ببعض و بغاية تحرير الإنسانية.
2- منح العمل الإجتماعي فى إقتصاد إشتراكي مخطّط يمزج التطوّع و التعيين للعمل و المهام ، بهدف تلبية اكبر حاجيات المجتمع الجديد و التقدّم بالنضال الثوري العالمي. و يمكن للناس أن يتطوّعوا أو يطالبوا بالعمل فى شتّى حقول و مجالات الإقتصاد و المجتمع و بينما يُأخذ هذا بعين الإعتبار إلى درجة معيّنة ، فى معنى شامل و أخير يجب إتخاذ القرارات فيما يتصل بمنح العمل و تعيين المهام على قاعدة المخطّط و المبادئ المفاتيح لتطوّر الإقتصاد الإشتراكي. وتوجه " تعبئة كافة العوامل الإيجابية " - مطلقين العنان للخبرات و التجديد و تصميم أوسع فئات المجتمع و البحث عن توسيع التعلّم إلى أكبر حدّ و التفاعل بين مختلف قطاعات المجتمع. سيطبّق هذا و يحدث فى جوّ فيه تناقش حاجيات المجتمع و أولويّاته ويتمّ الجدال حولها و تكون محور صراع على نطاق واسع. وعلى هذا الأساس، سيكون الناس بصورة متصاعدة متحمّسين للعمل تطوّعا و عن وعي من أجل العالم العام الأوسع. و فى الوقت ذاته ، ستتخذ إجراءات و سيسمح لأشخاص متنوعين و كذلك مجموعات عمل بأن تبادر و تنطلق فى الإكتشاف و التجريب الخلاقين ، فى الإطار الشامل و فى توافق جوهري مع مبادئ التخطيط الإقتصادي الإشتراكي و تطوير الإقتصاد ، و المجتمع ككلّ، وفق خطوط إشتراكية : هذا مبدأ و منهج هامين بالنسبة للإقتصاد و كذلك العلم و المجالات الأخرى.
3- يجب على أعضاء الحزب الشيوعي الثوري أن يقودوا التموقع فى الصفوف الأولى و تولّى أصعب التعيينات و المهام.
4- مكان العمل ليس مجرّد وحدة إنتاج. مكان العمل موقع سياسي- إيديولوجي و ثقافي ؛ موقع صراع لإعادة تشكيل المجتمع. يجب نقاش المسائل الحيوية - من الشؤون العالمية للسياسة التعليمية - للنضالات لتجاوز اللامساواة القومية إلى تحرير النساء.
5- يبحث الإقتصاد الإشتراكي عن تجاوز تأثير التقسيم الإضطهادي للعمل للمجتمع الرأسمالي القديم، المخدّر و المسبّب للإغتراب. و ستكون للأشخاص فى وحدات العمل مسؤوليات خاصة ، لكنّهم سيتقلّبون بين المواقع و المهام. و ستقوم بعثات من مختلف وحدات و قطاعات الإقتصاد بالتبادل مع الوحدات و القطاعات الأخرى. و مع إنتشار الثورة و تقدّمها عالميّا ، سيجرى هذا التبادل بصفة متصاعدة على النطاق العالمي.
6- و يهدف الإقتصاد الإشتراكي إلى تحطيم الحواجز بين وحدات الإنتاج و الحياة الإجتماعية المحيطة و إلى مزج العمل مع الإقامة و التجمّع السكّاني. و يسعى التخطيط الإقتصادي- الإجتماعي جهده لتشجيع مدن يمكن أن يُحافظ عليها و أن تزدهر على نمط جديد من " المجال الإجتماعي" يخوّل للناس التفاعل ذو المغزى التام و التنظّم السياسي و إبداع الثقافة و التمتّع بها ، و الترفيه و الراحة. و يبحث التخطيط الإقتصادي - الإجتماعي عن دمج الفلاحة و الصناعة ، إلى جانب النشاطات المدينية و الريفية - بوسائل جديدة- وربط الناس وثيق الإرتباط بالأرض الفلاحية و بالطبيعة.
7- يجب أن يساهم الإداريون فى الإنتاج ، و يجب تركيز أشكال للإدارة الجماعية بتشريك المنتجين المباشرين ، و الناس بأسرهم يتبادلون بنسق متصاعد المهام الإدارية و العمل المنتج. و يجب أن تخدم الضوابط و القوانين التنظيم الإجتماعي الواعى للإنتاج.
8- للمواطنين و المقيمين قانونيّا حق الإضراب ، إلى جانب الحقوق الأساسية الأخرى الواردة فى الباب الثالث و أماكن أخرى من هذا الدستور.
9- فى مسائل الأجور و المداخيل ، تطبّق الدولة الإشتراكية المبدأ الأوسع :" من كلّ حسب قدراته / قدراتها ، إلى كلّ حسب عمله/ عملها ". و يتمّ تحديد الأنواع الخاصّة و سلّم الأجور مركزيّا.و يجرى التزوّد بجزء كبير من السلع الإستهلاكية ، لمدّة من الزمن، من خلال الأسواق الإستهلاكية، و لو أنّ هذه الأسواق ستنظّمها الدولة فإنّ الإستهلاك سيظلّ يعنى الإقتناء و التملّك الفرديين. تصون الدولة حقّ الناس فى دخلهم من العمل و مدّخراتهم ووسائل أخرى قانونية للمعاش.
10- وبينما تقع مأسسة المبدأ الإشتراكي للأجر مقابل العمل، فإنّ الدولة الإشتراكية تسعى جهدها ، خطوة خطوة، للتقليص من الإختلافات فى الدخل و الأجر. و تقود نضالات ضد القيم المتخلّفة للربح عبر المنافسة و مراكمة الثروة و تشجع نظرة " خدمة الشعب " والتقدّم بالثورة. و توسّع مجال إستهلاك السلع و الخدمات ، مثل السكن و الرعاية الصحية ، حسب الحاجة الإجتماعية و عبر وسائل جماعية شتى( فى أماكن العمل و الأحياء إلخ).
11- وفيما يتعلّق بالذين بسبب المرض او جراح أو العجز، غير قادرين على العمل فى مجالات أخرى ، ستوفّر لهم فرص المساهمة فى المجتمع و حاجيات الحياة، بما فى ذلك الفكرية منها و الثقافية و كذلك الحاجيات المادية ، وفق المعايير العامة السائدة فى المجتمع ككلّ؛ و سيعار الإنتباه و ترصد الإعتمادات لتلبية حاجياتهم الخاصة، بينما فى نفس الوقت سيدمجون فى الحياة الإجتماعية و السياسية الأوسع للمجتمع. و المقاربة الأساسية ذاتها ستطبّق على الناس الذين بلغوا سنّ التقاعد. مسألة توجه أساسي و مبدأ لدى الدولة الإشتراكية ، كالجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا ، أنّه فى حين أنّ الذين لهم السنّ المناسب ، و هم قادرون جسديّا و ذهنيّا على القيام بذلك، يجب أن يعملوا لكسب دخلهم- و أكثر جوهرية ، لأجل المساهمة فى تطوير المجتمع و العالم قاطبة و تغييرهما ، تبعا للمبادئ الواردة فى هذا الدستور - جميع الناس منذ الولادة و خلال حياتهم ، يجب أن يتمتّعوا بكامل فوائد و حقوق الحياة فى هذه الدولة ، و بينما تأخذ بعين الإعتبار الوضعيّات الخاصّة لمختلف الأفراد ، يجب أن تتوفّر للجميع أتمّ الفرص الممكنة ليكونوا عناصرا ناشطة و منتجة فى هذا المجتمع و للمساهمة فى تحقيق أهدافه. و مواصلة لهذا التوجه ، بالنسبة خاصة للأكثر عرضة للأذى فى المجتمع، يجب أن يتمتّعوا بحقّ أن توفّر لهم حاجياتهم الأساسية- و الإدماج إلى أكبر درجة ممكنة فى مسار المجتمع. و إضافة إلى المعوقين جسديّا و ذهنيّا و الطاعنين فى السنّ ، فإنّ هذا يجب أن ينسحب على الذين ، بصورة خاصة فى المراحل الأولى من هذه الجمهورية ، يمكن أن يكونوا مؤقّتا دون مأوى أو يتامى، و أي أناس آخرين فى حاجة إلى نوع ما من المساعدة الإضافية ليساهم على أتمّ وجه و بالمقابل إثراء بطرق عديدة ، المجتمع الأوسع و العالم الجديد الذى يولد.
القسم التاسع : الدولة الإشتراكية كقاعدة إرتكاز للثورة العالمية :
1- ينسحب هذا التوجّه على الهياكل الإقتصادية للدولة و نظام تخطيطها و أولويّاته ، و كذلك قدراتها على إرسال سريع لموارد و أناس إلى مختلف أنحاء العالم للإضطلاع بمهام و مسؤوليات أمميّة متنوّعة.
2- فى كافة العلاقات الإقتصادية العالمية ، توضع الأممية البروليتارية و حاجيات الثورة العالمية فى المصاف الأوّل.
3- مع دول إشتراكية اخرى قائمة أو وليدة ، ستجرى التجارة فى ظلّ مبادئ الأممية البروليتارية ، للمساعدة على بناء الإشتراكية فى هذه البلدان و على الثورة العالمية.
4- و بالنسبة للدول الإمبريالية و الرجعية ، لن تضع الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا المبادلات و الإتفاقيات الإقتصادية فوق مسؤوليتها فى دعم الحركات الثورية فى هذه البلدان.
5- و التجارة مع الأمم و البلدان التى تظلّ تحت هيمنة الإمبريالية و إضطهادها يجب كذلك أن تتمّ على أساس الأممية البروليتارية و تـأخذ بعين الإعتبار علاقات التبعية المفروضة من قبل الإمبراطورية الأمريكية- ما يتطلّب ، فى بعض الحالات، أن تقدّم لهذه البلدان و لزمن محدّد قطع الغيار و المؤن و التجهيزات و إعانات أخرى. لكن هذا يجب أيضا أن يأخذ بعين الإعتبار طبيعة هذه البلدان و حكوماتها و طبقاها الحاكمة و الصراع الطبقي داخلها و دور هذه البلدان عالميّا.
6- هيكلة الإنتاج و الموارد الأساسية للإقتصاد الإشتراكي لا يمكن أن ترتهن بعمل و مواد من بلدان أخرى - و أقلّ من ذلك بالإستغلال و الهيمنة. لا يجب أن يعني تطوّر الإقتصاد الإشتراكي تصدير رأسمال - مثلا، بناء مصانع ، أو تقديم قروض من أجل الفوائد. و يجب أن لا يعيد الإقتصاد الإشتراكي إنتاج علاقات هيمنة ولامساواة فى العلاقات الدولية. و هذه المسألة أيضا يجب أن تبسط أمام الشعب ، كجزء من تعميق فهمه و العمل إنطلاقا من المبادئ الأساسية التى تأسّست عليها الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا و التى وفقها يجب أن تسير.
7- يجب على الإقتصاد الإشتراكي أن يمارس الإعتماد على الذات و على قدرة البقاء و فى نفس الوقت يدعم نضالات المستغَلين و المضطهَدين فى العالم.
8- يجب أن يكون الإقتصاد مخطّطا و أن يتطوّر على نحو يوفّر مقاييس و عمليّا يرصد الموارد و التقنية الضروريين لأمن المجتمع و الدولة و الدفاع عنهما ضد الإستفزازات و عدوان و هجمات الإمبرياليين و قوى رجعية أخرى. و فى ذات الوقت ، يجب القيام بذلك فى إنسجام مع المبادئ الواردة فى هذا الدستور- بما فى ذلك خاصة تلك المتصلة بالدفاع و الأمن- دون السماح للمقاييس و الوسائل الضرورية للدفاع و الأمن بأن تشوّه جوهريّا أو تقوّض تطوّر الإقتصاد و المجتمع بأسره، وفق خطوط إشتراكية و النهوض بالمسؤوليّات الأممية. يجب على القوات المسلّحة فى كافة المستويات أن تسعى جهدها للإقتصاد فى المصاريف و حيث أمكن ذلك و فى تناغم مع التخطيط الإقتصادي الشامل، أن تنهض بنشاطات إنتاجية يمكن أن تساهم فى التزوّد الذاتي .
القسم العاشر : الإقتصاد الإشتراكي و التقدّم نحو الشيوعية :
1- يعكس نظام الملكية و العلاقات فى صفوف الشعب فى الإنتاج و توزيع منتوجات العمل البشري ، التطوّر المادي و الإيديولوجي للمجتمع الإشتراكي. لكن يجب أن تشهد ثورة مستمرّ و أن تساهم فى حركيته و تطوّر لمزيد تعميق النضال الثوري لتحقيق مستوى أرقى من المجتمع- الشيوعية- عبر العالم.
2- فى المجتمع الشيوعي ، سيقع تجاوز تبعية الفرد العبودية لتقسيم العمل ؛ و الإنتاج و التبادل السلعي عبر المال سيتمّ تعويضهما بالتوزيع المباشر للمنتوجات الإجتماعية ،على أساس التخطيط الشامل، و مبدأ " من كلّ حسب قدراته/ قدراتها إلى كلّ حسب حاجياته/ حاجياتها " سيكون التوزيع على قاعدة قفزة فى التطوّر المادي و الإيديولوجي للمجتمع؛ و سيتمّ بلوغ شكل أرقى من الملكية و التخطيط الإجتماعيين الذين لا يتطلّبان بعدُ وساطة الدولة.
3- يجب على المجتمع الإشتراكي و الإقتصاد الذى يقوم عليه أن يتحرّك و يقاد فى هذا الإتجاه- نحو هدف الشيوعية. يجب أن يغذّي الإقتصاد الإشتراكي المخطّط بذور تحويل العالم و إعادة تشكيله شيوعيّا.

الباب الخامس : تبنّى الدستور:
القسم الأوّل:
لقد وزّع الحزب الشيوعي الثوري هذا الدستور و شجّع على نقاشه و الجدال حوله لفترة كاملة ، كجزء مفتاح فى بناء حركة ثورية ؛ ثمّ مع التغيّر النوعي فى الوضع و ظهور الظروف اللازمة ، جرى هذا فى إرتباط بالنضال الذى أدّى إلى هزيمة القوى الإمبريالية الأمريكية و جهاز دولتها للعنف و القمع و تفكيكهم، و تأسيس الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا.
يجب تبنّى هذا الدستور ، قبل كلّ شيئ ، من قبل مجلس الحكم المؤقّت المركّز فى ظلّ قيادة الحزب الشيوعي الثوري، بعد الإعلان عن تأسيس الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا عن طريق بيان رسمي من الحزب. ويجب ان يجتمع مجلس الحكم المؤقت هذا و يتداول فى الأمر و يقرّر تبنّى هذا الدستور، بأسرع وقت ممكن، إنسجاما مع الحاجة الملحة لتركيز دولة ثورية جديدة على أساس دستوري واضح و صلب. و أعضاء المجلس يجب أن يكونوا من الذين يساهمون مباشرة و كذلك من الذين يساندون بنشاط النضال الثوري الذى أفرز تأسيس هذه الجمهورية، لكن يجب أيضا أن يشرّك آخرون من مختلف فئات الشعب. و إثر نقاش المدخل و مختلف أبواب هذا الدستور ، يجب على هذا المجلس أن يصادق على هذا الدستور و أن يتبنّاه ( مع إدخال أية تعديلات يراها ضرورية و مناسبة ) بأغلبية بسيطة من أصوات أعضائه.
القسم الثاني :
وقد وقع تبنيه من قبل مجلس الحكم المؤقّت المشار إليه فى القسم الأوّل ، يجب أن تكون لهذا الدستور قوّة و فعالية عبر الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا.

الباب السادس : تنقيحات هذا الدستور:
القسم الأوّل :
يمكن إقتراح إدخال تنقيحات على هذا الدستور، و تنطلق سيرورة النظر فى هذه التنقيحات من قبل السلطة التشريعية المركزية أو السلطات التشريعية فى الجهات ، بما فيها أية جهة ذات حكم ذاتي ( أو مناطق أخرى ذات حكم ذاتي) يمكن تركيزها و فى أماكن أخرى من هذه الجمهورية. و يمكن أن تنطلق كذلك هذه السيرورة من إقتراحات يُقدّمها المجلس المركزي للسلطة التنفيذية.

القسم الثاني :

1- فى حال إقتراح تنقيحات مباشرة من السلطة التشريعية المركزية او من واحد أو أكثر من أعضائها، فإنّ الأمر يجب أن يقرّر بتصويت ذلك الجهاز.إذا صوّت على الأقلّ ثلاثة أرباع أعضاء تلك السلطة التشريعية لصالح التعديل ، يجب عندئذ إعداد إستفتاء للتصويت فى إنتخاب عام، بذات الطريقة، ووفق ذات السيرورات المحدّدة الأساسية ، كما يجب أن ينطبق على إنتخاب السلطة التشريعية المركزية ، مثلما ورد فى القسم الأوّل من الباب الأوّل- مع إختلاف تتضمّنه النقطة الثانية أدناه.

2- إذا صوّت الإستفتاء بنعم على الأقلّ بثلثي الأصوات المدلى بها تبعا للسيرورات المناقشة فى النقطة الأولى أعلاه، يجب تبنّى التعديل و يجب أن يصبح جزءا من هذا الدستور بعد 30 يوما من جدولة هذا التصويت و إعلان النتيجة النهائية.

3- فى حال إقتراح المجلس المركزي للسلطة التنفيذية تنقيحات ، يجب تقديمها للسلطة التشريعية المركزية ثمّ يجب التصويت على المسألة من قبل المجلس المركزي للسلطة التشريعية. و إذا تمّ قبوله من قبل على الأقلّ ثلاثة أرباع أعضاء تلك السلطة التشريعية، فإنّ الأمر يجب أن يتبع ما ورد أعلاه فى هذا القسم من هذا الباب.
4- فى حال إقتراح التنقيحات من قبل عضو ( أو أعضاء) فى السلطة التشريعية لمنطقة ، بما فى ذلك جهة حكم ذاتي ( أو منطقة حكم ذاتي أخرى) أو محافظة ، فإنّ التنقيح يجب أوّلا أن تصوّت عليه السلطة التشريعية المعنيّة. و إذا صوّت على الأقلّ ثلثي أعضاء تلك السلطة التشريعية لمساندة مقترح التنقيح هذا ، يجب عندئذ أن يقدّم للسلطة التشريعية المركزية و من هناك تسير الأمور تبعا لما جاء أعلاه فى هذا القسم من هذا الباب.
================================================================================================================================













ملحق
================================================
دور الديمقراطية و موقعها التاريخي .
( الشيوعيون الثوريون الألمان)
( مجلّة " العامل" عدد 11- جويلية 2007، مجلة الحزب الشيوعي النيبالي (الماوي) )
إن الديمقراطية فى آن تعبير عن وجود الطبقات المتناحرة و أمر ينبغى أن نناضل بوعي من أجل تخطيه هو و المجتمع الطبقي ذاته وهي فى نفس الوقت وسيلة نحتاجها لأجل بلوغ ذلك الهدف.
و فيما يتصل بالأسئلة التى أثيرت حول الديمقراطية و دورها فى المجتمع الإشتراكي كتبنا :
هل من الصحيح القول إن التنافس السياسي فى شكل ديمقراطية تعدد الأحزاب مفتاح الحيلولة دون ظهور التحريفية ؟ هل من الممكن أن يوجد ضمان ضد صعود التحريفية إلى السلطة فى بلد إشتراكي بالتثبيت القانوني لديمقراطية التنافس السياسي الذى يمكن من خلاله للجماهير أن تعوض الطليعة الشيوعية بقيادة أخرى ؟
نظرا لأن إكتشاف الحقيقة الموضوعية يتطلب التطبيق الواعي للمبادئ الأساسية للمادية الجدلية و المادية التاريخية فى إطار السيرورة الجدلية لربط النظرية بالممارسة ، كيف يمكن لديمقراطية التنافس المثبتة قانونيا أن تمثل العلاقة المفتاح التى تخول للثوريين و للجماهير أن تدرك بشكل أوسع الحقيقة و أن تمارس بناءا عليها ؟
و فى الوقت نفسه ، بإعتبار أن الماركسية –اللينينية –الماوية و الحزب الطليعي ليس لهما مثلما أكد ماو إحتكار الحقيقة ، ما هي الطريقة الصحيحة للتعاطي مع المعارضة فى المجتمع الإشتراكي ( مثلا ، هل يعنى هذا أنه يتعين كذلك تشجيع المعارضة ؟ ).
نظرتنا هي أن تعزيز دكتاتورية البروليتاريا فى بلد محدد يعنى جوهريا جلب الجماهير بصورة متزايدة نحو سيرورة الإدارة المباشرة لكافة مجالات النشاطات الإجتماعية فى إطار السيرورة الشاملة لتقييد الحق البرجوازي و لاحقا القضاء عليه. و هذه السيرورة ذات أوجه متعددة فى خضمها تزداد قوى الإنتاج تطورا على قاعدة التحويل الثوري لعلاقات الإنتاج و التوزيع، إلى جانب تثوير تفكير الجماهير ذاتها و تتضمن خطوة خطوة إلغاء جميع أشكال اللامساواة و تقسيم العمل المميزين للمجتمع الطبقي. و يحدث كل هذا فى علاقة جدلية بتقدم السيرورة الثورية على النطاق العالمي.
أي نوع من الآلية الشكلية أو المؤسساتية بمستطاعها فعلا أن تضمن فى الممارسة العملية أن يكون للجماهير حق تعويض الحزب حتى و إن تحول إلى حزب تحريفي ؟ و هذه المسألة ذاتها تستدعى فعليا مسألة أهم هي كيف سيمكن للجماهير حتى أن تعلم أن الحزب قد تحول إلى حزب تحريفي؟ كيف ستقدر على التمييز الصحيح بين الماركسية و التحريفي؟ لو وجدت أحزاب مختلفة فى المجتمع تتنافس فإنها ستدّعى جميعها أنها تعمل لمصلحة الجماهير. كيف يمكن حينئذ لآلية مؤسساتية أن تضمن قدرة الجماهير على التمييز بينها ؟ ما الذى على الشيوعيين القيام به لو قررت الجماهير أن تنتخب التحريفيين ليمضوا فى الثورة المضادة ؟ واضعين جانبا أولئك الذين سيشجعون بصراحة الثورة المضادة ، عادة ما يدعى التحريفيون أنهم شيوعيون حقيقيون يعملون لمصلحة الجماهير. و حق إزاحتهم من مناصبهم لن يعني أن الشعب سيفهم أولا أنهم تحريفيون.
ثانيا ، أبدا لم تسمح أية طبقة حاكمة رجعية بأن تزاح من السلطة بالإنتخابات. إذا غيّر الحزب الشيوعي لونه و كسب الخط التحريفي القيادة العامة فإن مثل هذه العملية الإنتخابية لن تحصل قط ( أو سيجرى تجاهل نتائجها ، إلا إذا كسبها التحريفيون). و عندما يكون التحريفيون قد إفتكوا المواقع القيادية فى الحزب و الدولة ستكون لهم السيطرة التامة على وسائل الإعلام و النظام التعليمي و الثقافة إلخ. عقب الحصول على ذلك و حسب الظروف الملموسة فى بلد معين سيكون بإمكانهم الحصول على غالبية ستنتخبهم فعلا. مرة أخرى ماذا سنفعل إزاء ذلك، هل نقبل بالقرار الديمقراطي للجماهير؟
بمجرد أن يكون الحزب قد إستطاع أن يقود الجماهير فى إفتكاك السلطة عبر البلاد، فإن ذلك لا يعنى أنه سينال على الدوام مساندة غالبية الشعب لخطه و برنامجه. فهذه المساندة ينبغى النضال بصورة متكررة لإكتسابها. و بصفة خاصة فى لحظة خطر كبير تتعرض له الثورة و فى زمن منعرجات تشهدها الشؤون الوطنية و العالمية ، عادة ما تكون الحقيقة بداية بأيدى قّلة قليلة. لقد قال ماو تسى تونغ إنه حين قرّر ضرورة إطلاق الثورة الثقافية فى الصين ، كان الوحيد فى اللجنة المركزية الذى أمسك بتلك الحقيقة. ما الذى كان عليه القيام به ؟ هل كان عليه التخلى عن الفكرة ؟ بالطبع لا. لئن تخلى عن الفكرة لأجل الإحتكام لإستفتاء الجماهير ، هل كان سيحصل على موافقة الغالبية ؟
[ يسجل التاريخ أن ماو ناضل بكل ما أوتي من جهد و تأثير لإقناع غالبية اللجنة المركزية و بعد جهد جهيد حصل على الأغلبية البسيطة لشن الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى التى تعتبر الآن أعلى قمة بلغتها تجربة دكتاتورية البروليتاريا العالمية. و لو لم يسر ضد التيار لما قامت أصلا تلك الثورة الأعظم بالنسبة للبروليتاريا العالمية إلى حد اليوم و الشيئ نفسه يمكن أن يقال بشأن ما فعله لينين حينما أمسك فى أفريل 1917 بحقيقة ضرورة الإعداد العاجل لشن الثورة الإشتراكية و وجد نفسه أقليا ضمن اللجنة المركزية للحزب البلشفي و كان عليه السير ضد التيار و خوض صراع قاس لإقناع حزبه بالتوجه نحو الإعدادات الأخيرة للثورة فى الحال و لولا ذلك لتم التفريط فى الفرصة التاريخية و لما إندلعت و إنتصرت ثورة أكتوبر العظيمة - المترجم]
فى أساس كل هذا تقع مسألة الحقيقة و تناقض قيادة/ مقادين. إذا وجد واقع موضوعي و حقيقة موضوعية ، كيف يمكن للشعب أن يفهمها و أن يغير الواقع ثوريا ؟ هذه سيرورة تحتاج إلى قيادة. و إذا كان للقيادة خط و منهج صحيحين رئيسيا ستتقدم السيرورة الثورية. و مظهر حاسم فى هذه القيادة هو القدرة على الرفع المتزامن لمستوى وعي الجماهير و قدرتها على أن تمارس بمهارة الماركسية-اللينينية-الماوية و أن تميز بين الماركسية و التحريفية ، بين الصحيح و الخاطئ إلخ.
لو غير الحزب لونه ، سيحتاج الثوريون و ستحتاج الجماهير أن تتمرد و كجزء من هذا التمرد ينبغى تشكيل حزب جديد يقود المضي قدما.
و يحمل المجتمع الإشتراكي بالضرورة بقايا المجتمع الإستغلالي الذى من صلبه ولد. و جزء من الواقع الملموس للمجتمع الطبقي هو أولا و لمدة طويلة نسبيا ، أن فقط أقلية هي التى ستدرك بوعي مبادئ الماركسية-اللينينية -الماوية و ستطبقها. و إلغاء القيادة المؤسساتية يعنى فى آخر التحليل إلغاء الطبقات و كافة الإختلافات الطبقية و كل من الأساسين المادي و الإيديولوجي لوجود الطبقات أصلا. و لا يمكن التوصل إلى هذا إلا ببلوغ الشيوعية فى العالم بأسره. و فى نفس الوقت، ينبغى التقدم فى هذه السيرورة بوعي و خطوة خطوة، إلى أبعد مدى ممكن فى كل وقت فى بلد معين وعبر العالم. كيف القيام بذلك ؟ إلى أي مدى يمكن أن يصل هذا ؟ ما هي الخطوات التالية التى ينبغى قطعها ؟ كل هذا كان و سيكون مجالا مركزيا للصراع الطبقي. و قد أثبتت التجربة الصينية هذا كأفضل ما يكون الإثبات. و هذا ترجمة لتحليل ماو القائل بأن فى المجتمع الإشتراكي الصراع الطبقي هو العلاقة المفتاح فى البقاء على الطريق الإشتراكي. و يتخذ الصراع الطبقي شكله الأكثر مركزية فى الصراع فى صفوف الحزب و المجتمع ككل حول الخط الذى سيقود.
ما هو الدور الذى على الإنتخابات أن تنهض به فى ظل الإشتراكية ؟ الإنتخابات بديهيا جزء من الديمقراطية فى كل من داخل الحزب و فى المجتمع برمته. فى صفوف الحزب دوريا ينتخب أعضاء الحزب القيادة أثناء المؤتمر الذى يمثل بدوره المندوبين المنتخبين على مختلف المستويات بداية من الخلايا القاعدية. لذا تكون القيادة بهذا المعنى تحت مراقبة و بالفعل يختارها الأعضاء . و يقع هذا طبعا فى إطار سيرورة تواصل فيها القيادة القائمة النهوض بالدور القيادي . و إن كان هذا فى الواقع الفعلي بالأحرى من الصعب إن لم يكن من المستحيل إستبعاد قيادة تحريفية متخندقة فى الحزب عبر طرق الإنتخابات داخل الحزب ( بالرغم من أن هذا ممكن الحدوث). و هكذا عندما سيسيطر التحريفيون على حزب على الأرجح سيتوجب على الشيوعيين الثوريين أن ينشقوا عن الحزب قصد تركيز طليعة ثورية جديدة . هل يمكن وصف مثل هذا كأرقى شكل من الإنتخابات ، أم الإقتراع بالأرجل؟ هنا مرة أخرى ، نرى أن الخط الإيديولوجي و السياسي محدد فى كل شيئ. أهم طريقة فى إسداء قيادة حزب ليست الإنتخابات و إنما عبر صياغة و تطبيق خط إيديولوجي و سياسي : ما هو خط الحزب و هل يتمسك به ، بما فى ذلك هل تتمسك به القيادة ذاتها . تضطلع الإنتخابات بدور فى هذا بيد أن المحدد فى النهاية هو الخط ، المضمون الفعلي للخط القائد.
و الشيئ عينه صحيح على نطاق المجتمع بصورة أوسع. فى ظل الإشتراكية ، ستوجد و يجب أن توجد إنتخابات برلمانية ( مهما كان شكل وجودها) ، و فى مستويات متنوعة من الحكم و فى مجالات إجتماعية أخرى على غرار اللجان الثورية [خلال الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى] ( أو أية أشكال أخرى يجرى تطويرها ) التى تقود المصانع و المعاهد و الكمونات إلخ . الإنتخابات طريقة تختار عبرها الجماهير القادة و تراقبهم . لذا تنهض بدور فى التطبيق الفعلي للديمقراطية ضمن الجماهير و فى المجتمع بصورة أوسع . و نعتقد أنه ثمة حاجة كذلك لإستكشاف الدور الممكن للتنافس الإنتخابي و أيضا كيفية مساهمة ذلك فى تكريس الديمقراطية ضمن الجماهير و بالفعل ، هل هي أهم عناصر الديمقراطية فى المجتمع الإشتراكي؟ و يبدو أن الإجابة هي بلا على كلا السؤالين.
مثلما شددنا على ذلك ، لا تضمن الإنتخابات ذاتها و ليس بمستطاعها أن تضمن التعبير عن المصالح الموضوعية للجماهير. فضلا عن ذلك ، يمكن و ينبغى أن تتم قيادة كل إنتخاب. من يسيطر على وسائل الإعلام و من يختار المترشحين أو على أي أساس يجرى إختيار المترشحين ؟ و كيف تنظم الحملة الإنتخابية و تقام إلخ ، كافة هذه الأمور تحدد نتائج الإنتخابات. و عليه ، مجددا عندما نتحدث عن الإنتخابات والسيرورة الإنتخابية لا يمكننا تجنب مسألة كيفية قيادتها و من قبل من و حسب أي خط.
فى الواقع ، ليست الإنتخابات أهم شكل من أشكال الديمقراطية فى المجتمع الإشتراكي فالديمقراطية تفيد جوهريا المشاركة المتزايدة للجماهير ذاتها فى القيادة المباشرة لجميع مجالات النشاط الإجتماعي بما فى ذلك الدولة . إنها تعنى أنه يتم بالفعل الإستماع إلى أفكارها و آرائها و نقدها و مقترحاتها و تأخذ بعين الإعتبار فى صياغة الخط الإيديولوجي و السياسي و برنامج تكريس التغيير الثوري لمجتمع معين و العالم قاطبة. فى "نقد الإقتصاد السوفياتي " صاغ ماو تسى تونغ ملاحظته الشهيرة بصدد حق الجماهير فى المجتمع الإشتراكي : " ...نجد نقاش الحقوق التى يتمتع بها العمال [ فى المجتمع الإشتراكي ] ،غير أنه لا وجود لحق العمال فى إدارة الدولة و مختلف المؤسسات و التعليم و الثقافة و فعلا هذا أهم حق من حقوق العمال فى ظل الإشتراكية و أكثرها جوهرية فدونه لا وجود لحق الشغل و لا لحق التعليم و لا حق التلقيح إلخ".
المسألة البالغة الأهمية بالنسبة للديمقراطية فى ظل الإشتراكية هي هل يتمتع العمال بحق إخضاع القوى المعادية و تأثيراتها ؟ مثلا ، من يسيطر على الجرائد و المجلات و الإذاعات و السينما ؟ من ينقد؟ هذا جزء من مسألة الحقوق . لئن كانت الأشياء بين أيدى الإنتهازيين اليمينيين [ الذين هم أقلية] فإن الغالبية الساحقة للأمة التى تحتاج بصورة ملحة لقفزة إلى الأمام ستجد نفسها محرومة من هذه الحقوق ... من يسيطر على الأجهزة و المؤسسات يتصرف فى مسألة ضمان حقوق الشعب. إذا كان الماركسيون –اللينينيون- الماويون يسيطرون ، ستضمن حقوق الغالبية الساحقة و إذا كان اليمينيون و الإنتهازيون اليمينيون مسيطرين، يمكن لهذه الأجهزة و المؤسسات أن تتغير نوعيا و لا يمكن لهم أن يضمنوا حقوق الشعب. بإختصار، ينبغى أن يكون للشعب حق إدارة البنية الفوقية. و لا يجب أن تفهم حقوق الشعب على أنها تعنى أنه يتعين أن تدار الدولة من طرف قطاع من الشعب فقط و أن الشعب يمكن أن يتمتع بحقوق العمال و حق التعليم و حق الضمان الإجتماعي إلخ فى ظل إدارة أشخاص معينين فحسب.
و هكذا أكثر حقوق الجماهير أهمية فى ظل المجتمع الإشتراكي ليس حق الإنتخابات و إنما هو حق إدارة المجتمع ، حق الإطاحة بالبرجوازية الجديدة و إسترجاع أجزاء السلطة التى وقع الإستيلاء عليها و القيام بالثورة. لكن بالنسبة لسيرورة التقدم جميعها و بالنسبة لنتيجة المصالح الطبقية الفعلية للبروليتاريا و الجماهير الأوسع التى يعبر عنها أثناء هذه السيرورة ، يجب أن توجد قيادة ، قيادة ماركسية- لينينية- ماوية. و دلل كل من البحث العلمي و الممارسة الإجتماعية أنه لا طريق سوى هذا الطريق.
خلاصة القول،
أيها الرفاق نحتاج إلى تعميق و حتى تجديد نظرتنا للعالم الشيوعي. و مثلما كتب ماركس و إنجلز فى "بيان الحزب الشيوعي " قبل أكثر من 150 سنة ، فإن الثورة الشيوعية ثورة لا يمكن بلوغ أهدافها سوى بالإطاحة بالقوة بكل الظروف الإجتماعية السائدة. كتبا إن الثورة الشيوعية، هي القطيعة الأكثر جذرية مع علاقات الملكية المُتوارثَة، و لا غرابة في أن تقطع في مجرى نموها، بجذرية أشدّ، صلتها بالأفكار المتوارثة.
دون هذا التعميق و التجديد لن نفلح فى تشكيل أحزاب ماوية جديدة ،أو حيث توجد لن نفلح فى بنائها و توطيدها حتى تقدر على الشروع فى حرب الشعب فى أقرب وقت ممكن وفق الظروف الخاصة بالبلد المعني. نحتاج أن نجد طرق نشر و تشجيع هذه النظرة الراديكالية فى صفوف الجماهير المضطهَدة عبر العالم و على هذا الأساس نوقد حماسة الشعب و نلهمه بهذه النظرة لكسبه للإلتحاق بهذا النضال، مع كل ما يمكن أن يجلبه من عناء و مشقة ، و بالقيام بهذا تنجز الإختراقات و القفزات الثورية المطلوبة بإلحاح. قالها ماركس و إنجلز منذ زمن بعيد ، غير أنها لا تزال صالحة اليوم مثلما كانت صحيحة حينها " ليس للبروليتاريين ما يخسرونه سوى أغلالهم ، و لهم عالم يربحونه !".
======================================================================= إنتهى 2011==================
================================================



#شادي_الشماوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الديمقراطية فى المجتمع الإشتراكي : -دور الديمقراطية و موقعها ...
- المؤتمر الأوّل للحزب الشيوعي الماوي ( تركيا وشمال كردستان) – ...
- الماوية تحيى و تناضل ، تكسب و تواصل الكسب.- (الحزب الشيوعي ا ...
- لن ننسى الرفيق إبراهيم كايباكايا. ( مقتطف من - الماوية : نظر ...
- - النموذج - التركي و تناقضاته.
- الباب الثالث من دستور الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أ ...
- الباب الرابع من دستور الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أ ...
- الباب الأوّل من دستور الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أ ...
- الباب الثاني من دستور الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أ ...
- دستور الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا (مشروع مقت ...
- بصدد إستراتيجيا الثورة - بيان للحزب الشيوعي الثوري ، الولايا ...
- قراءة في شريط – العدو على الأبواب - ستالينغراد (Enemy at th ...
- الحرب العالمية الثانية: من هزم هتلر؟ المقاتلون الحمر بستالين ...
- رسالة مفتوحة إلى الشيوعيين الثوريين و كلّ شخص يفكّر جدّيا فى ...
- إعادة تصوّر الثورة و الشيوعية : ما هي الخلاصة الجديدة لبوب آ ...
- الشيوعية كعلم- RCP,SA
- حول القادة و القيادة RCP,SA
- القانون الأساسي للحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأم ...
- من أجل تحرير النساء و تحرير الإنسانية جمعاءRCP ,SA
- الثورة التى نحتاج ...و القيادة التى لدينا – رسالة و نداء من ...


المزيد.....




- الفصائل الفلسطينية بغزة تحذر من انفجار المنطقة إذا ما اجتاح ...
- تحت حراسة مشددة.. بن غفير يغادر الكنيس الكبير فى القدس وسط ه ...
- الذكرى الخمسون لثورة القرنفل في البرتغال
- حلم الديمقراطية وحلم الاشتراكية!
- استطلاع: صعود اليمين المتطرف والشعبوية يهددان مستقبل أوروبا ...
- الديمقراطية تختتم أعمال مؤتمرها الوطني العام الثامن وتعلن رؤ ...
- بيان هام صادر عن الفصائل الفلسطينية
- صواريخ إيران تكشف مسرحيات الأنظمة العربية
- انتصار جزئي لعمال الطرق والكباري
- باي باي كهربا.. ساعات الفقدان في الجمهورية الجديدة والمقامة ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - شادي الشماوي - الثورة البروليتارية فى أشباه المستعمرات والمستعمرات الجديدة و فى البلدان الإمبريالية – تركيا و الولايات المتحدة الأمريكية.=الماوية : نظرية و ممارسة - 10 -