أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حميد حران السعيدي - الليبرالية و الربيع العربي















المزيد.....

الليبرالية و الربيع العربي


حميد حران السعيدي

الحوار المتمدن-العدد: 3590 - 2011 / 12 / 28 - 17:28
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ليس سهل ان تصبح ليبراليا مثقفا بمجرد ادعائك بذلك لنفسك , فهي ليست صفة مظهرية بقدر ما هي بنية فكرية و نسق سلوكي ووعي خاص ببرامج ادارة الدولة مقرونة بمطلبية محددة من اجل وضع هذة البرامج قيد التنفيذ وصولا الى دولة الرفاه التي يتحقق فيهل للانسان اكبر قدر من مستحقاته الاقتصادية و التعليم و الصحة و الضمان الاجتماعي و التمتع الكامل بحقوق المواطنة , كالحرية و حق الترشح و الانتخاب و الحقوق القانونية و المساواة بين الجنسين و الغاء تام للتمييز بين الناس على اساس العرق و الون. اليبرالية هي التزام تخلاقي بحقوق الانسان و احترام الاخر و ضمان حقوق الاقليات الدينية و العرقية و ايمان كامل بهذة الثوابت يصقل داخل النفس البشرية لتشربه و تتشبع بمبادئة الاساسية التي خضعت منذ عصر الانوار الاوربية حتى يومنا هذا للعديد من التطورات الفكرية و الاخلاقية. و كان مفرزها الاكثر وضوحا على صعيد الواقع هو البلدان الديمقراطية التي تتميز بسجل رائع في المجالات المشار اليها لعلاه. و في بلدان مثل بلادنا العربية و الاسلامية تبتعد البنية الاساسية للدولة بفواصل زمنية طويلة عن بلاد الديمقراطية العريقة في اوربا و امريكا, مع ذلك يمكن للانسان ان يصبح ليبراليا بفكره و سلوكه و يمكن له ان يتبنى مشروع خاص في الاصلاح, و يمكن له ان يثقف النخب البشرية بمشروعه هذا ليوسع قاعدته المبنية لاهدافه غير ان الواقع الحالي قد اظهر الكثير ممن يدعون الليبرالية و لايتبنونها منهجا , فلمجرد خروج هذا او ذاك في جزئية محدودة عن الثوابت العامة لخلفيتة الفكرية (قومية او اسلامية) ادعا لنفسه الليبرالية و بدأ يتمسك بأهدابها ظاهريا و يطلق عقيرته بذلك , رغم ان كل الشواهد تشير الى انه سيسقط في اول امتحان لما يدعي به ... و لا شك ان طريق اليبرالية الدولي مع عدم تقيدها بأديولوجية محددة تسهل مثل هذا الادعاء , ومن التشوهات الفكرية الواضحة في سلوك بعض دعاة الليبرالية في المجتمعات المتخلفة حضاريا هو سقوط هذا البعض بفخاخ السذاجة الفكرية و النرجسية العالية حيث يحلم هذا البعض بنمو طبقة من الاثرياء حتى لو كان ذلك على حساب حياة الملايين – فلتعاني هذة الملايين كل غوائل الجوع و الفاقة و المرض و الموت الزؤام – لكي تنمو في المجتمع طبقة من الاغنياء تستطيع ( بعد حين من الدهر ) ان ترفع من مستوى دخل الفرد ( ان ضل فرد ) و تحقق دولة الرفاه من خلال توظيف ما تملك من رساميل !! , لاشك ان هذا تخبط فكري يستل من الميكافلية مبدأ ( الغاية تبرر الوسيلة ) , و قد تكتمل العتمة عندما يتبنى هذا البعض المفاهيم ( الكارثية ) في اليات اختيار النخب السياسية بصناديق الاقتراع بدساتير و قوانين قاصرة عن قرائة الواقع و يعيده عن ملامسة حاجات الاغلبية المطلقة من السكان – وهي الضحية الاولى للانظمة الدكتاتورية و الاكثر تأثرا بقوانين طوارتها – و يفترض ان تكون هي المستفيد الاول من تساقطها غير المأسوف عليه. ان بناء دولة المواطن , و هي دولة متسامحة توفر الحريات للجميع و تؤمن بالتعددية الثقافية و الفكرية و تعدد الاديان و الطوائف و القوميات و الاعراق و الالوان , و تعمل جاهدة على تحقيق النمو الاقتصادي على الصعيد الوطني مع زيادة معدلات مداخيل الافراد و الاسر و ضمان الصحة و التعليم للجميع و توفير السكن الائق و البيئة الصحية و فصل السلطات و وضع القوانين التي تحافظ على الدولة و الملكية العامة و تشرع ما يجعل السلطة خادمة للمجتمع و راعية لمصالح جميع افراده , و تعمل بمقتضيات التداول السلمي للسلطة و تحرص على تطبيق لائحة حقوق الانسان و الأعلان العالمي لحقوقه , و ميثاق الامم المتحدة ببنوده التي تنص على ذلك , يجب ان يكون هو الهدف الاسمى و الاول.

مما يزيد التوجس ان من يتلبسون الليبرالية موديلا قد تدفع بهم القادير الى مصادر صنع القرار ففي مثل هذه المواقع فلا بد من التشجيع بالزاد المعرفي و الاضافة بمنجزات الفكر البشري طيلة سنوات من الابداع في شتى ميادين الفكر و سيصبح اصحاب الموديل قوى طارئة متطفلة لاتجيد العمل بما لا تحيط به علما لذا فان كل ما يولد في ازماتها ستكون مسوخ لاترقى الى ما ينجزه الفكر البشري في العالم الحر فهي اعجز ما تكون عن وضع اللبنة الصحيحة فيما نأمل من بناء يعالج ما عانيناه من هدم متعمد في كل الميادين و خاصة في فترات حكم العسكر لاكثر البلدان العربية حيث كانت الشعارات ( حربية ) و الايرادات مكرسة لشراء الاسلحة و الشبان تحت اهبة الاستعداد للانخراط في سلك الجندية و لانقلابات تتوالى و المومارسات العسكرية تعزف الاناشيد و تتغنى بحب القائد الفذ و جلهم لما يخلف بعده الا الخراب لانهم ( ابطال تحرير ) فضاعت على ايديهم فرص التقدم في الصناعة و الزراعة و تنمية القدرات البشرية في جميع الاختصاصات.
ثمة حقيقة اساسية اشار لها راسل جاكوبي في كتابه ( نهاية السيوتوبيا ) و أن العمود الفقري لليبرالية هو اليسار و كان محقا فما ان يكون اليسار نشطا فعلا في بلاد الله الديمقراطية حتى تكون الليبرالية في ذلك البلد على درجة عالية من الفعالية في مجال تبني حقوق الانسان و الدفاع عن الشرائح التي تعاني الحيف و بمقدار ما يكون هناك تدني في هذة الحقوق يكون مستوى مطلبية القوى الليبرالية عال جدا و يكون ترابطها مع القوى السياسية و النقابات العالمية و التنظيمات الحقوقية و ثيق و جدي . . . الا ان الفارقة المؤلمة في بعض البلدان المتخلفة و خاصة في البلدان العربية ان هناك تباعد بين الكثير من اليبراليين و قوى اليسار رغم التدني الواضح و الكبير في ملفات حقوق الانسان فنجد ان من يدعون باليبرالية في هذه البلدان يبتعدون عن اي تحالف مع اليسار ان لم يكونوا قد وقفوا ضده , على ان مقتضيات هويتهم التي يدعون تلزمهم ان يكونوا اكثر تئنيا لمشروعاته , و هنا موقع عقدتهم و ضيق افقهم و تداخل خلفياتهم مع الثقافات السطحية التي اختارت دمغ اليسار بما تشتهي من الصفات لغرض ابعاده و زيادة نفور الناس عنه من خلال الصاق التهم الكاذبة , و موقع الخشية الاكثر هو ما يرافق الربيع العربي و ثورات الشباب في ساحاته من محاولات التفاف لقوى غير قادرة – بسبب الخلفية الفكرية – على التحالف مع اليسار رغم ان كل شعارات الشباب العربي متطابقة مع شعارات اليسار منذ زمن بعيد مما يهدد بموت سريري مبكر لهذ الثورات من خلال حرف مساراتها على وقع ما تشتهيه نفوس القوى الافعوانية و استعدادها الواضح للتفريط بجهد الشعوب و دماء الشهداء بسبب قنية خمر تباع في هذا السوق او أمرأة غير محجبة تعمل في الدائرة الفلانية أو ... أو ... , مما يعني اخراج هذه الثورات من دائرة الاهتمام الفكري العالمي بثوابت ترعى حقوق الانسان و تضمن حقوق الاقليات العرقية و الدينية , و هي حقوق تؤثر في مفهوم العدل و المساواة ووضع الاليات الصحيحة لتطبيق الواقعي للديمقراطية التي كان غيابها – كليا او جزئيا – في مجتماعتنا العربية سبب رئيسي من اسباب قيام هذه الثورات.

ان ما نئمله ان يذهب الجميع الى حيث يتحقق التغيير الجذري الا شكلي . . . حالة التحالف بين القوى الاسلامية و العلمانية في تونس يعد اول انتخابات حرة ونزيهة بشهادة جميع المواقبين , بل وجود أمراة غير محجبة ضمن قوائم الترشيح لاحد الاحزاب الاسلامية و فوزها في الانتخابات كا عضو في المجلس التأسيسي على ملاك حزب النهضة هي ظاهرة تبعث على التفاؤل في نفس كل مراقب متحيز ( للكل العربي ) و نأمل ان لايكون ذلك تكتيكا مؤقتا و انما اقرارا بلأخر الشريك و ابتعاده عن محددات الهوية الحزبية الايديولوجية و اقتراب حقيقي من الشراكة الوطنية و الهوية الوطنية نتمنى ان يكون قد جاء نتيجة حقيقية للعناء المشترك لهذة القوى فأصبحت شراكتهم اقرب للزواج الكاثوليكي الذي يعمده حب الوطن و الانسان ويفتح الابواب على مصراعيها امام الحوارات الهادفة و الهموم المشتركة و الامال العريضة للجماهير التي عانت الأمرين.

تصريحات الكثثير من السلفيين المصريين عبر وسائل الاعلام جاءت متماهية مع ثوابت الديمقراطية و الحرية و عدم التهميش او أقصاء الاخر , لكن رجل دين معروف ييرعى هذا التيار مازال يترحم على صدام حسين و يلعن القذافي , و لم يترحم على ( البو عزيزي ) أبن سيدي بوزيد الذي اشعل جسده فأشعل الارض تحت اقدام الطغاة . . . فأيهما تصدق ؟

هل ستضمن نخب الغد للوطن العربي حق التفكير بصوت عالي ؟

لقد اشار صموئيل هنتنغتون في كتابه ( من نحن ) الى ظاهرة تحيز الامريكان من اصول لاتينية لاي فريق كروي يمثل دولهم الام عندما يلاعب فريق امريكي على الارض الامريكية رغم عيشهم على ارض امريكا و حملهم لجنسيتها و مثل هذه الحالة ظهرت عند العرب , حيث أنحاز الجمهور الكروي العربي في كل البلدان العربية للفريق الفرنسي عندما كان يضم لاعب جزائري الاصل فرنسي الجنسية ( زين الدين زيدان ) , هي ظاهرة الهوية , و من ما لا يتناطح فيه عنزان انها محببة للجميع في عصرنا الحاضر , على ان لا تكون مدخلا للتعصب الاعمى , فهل تستطيع نخبنا القادمة التكيف مع هكذا ظواهر و تكرس ثقافة الحوار بينها و بين الاخر مع الحفاظ على الهوية الوطنية و تنأئ بنفسها و بنا عن لغة العبوات و البنادق و استباحة الارواح . . . ؟ هل تستطيع ان تبني جهاز امن مهاب غير مرهوب ؟ هل ترقى دبلوماسية المستقبل في اوطاننا الى مستوى نظيرتها في البلدان المتقدمة ؟ و الغرب , هل سينتهي مقايضة انظمة الشرق المتخلفة بالامتيازات الخاصة لششركاته مقابل قفل الحنجرة الرسمية الغربية على انتهاكات في ملفات حقوق الانسان .؟ هل ستنتهي و الى الابد في بلداننا مثثل هذة الانتهاكات بحث لم يعد هناك سجين رأي ؟ ستشهد بلداننا أضرابات نقابية مطلبية دون ان تواجه ذهنية التحريم ؟ هل ستطلق ايدي منظمات المجتمع المدني بدون ان نطلب منها الانحياز للحاكم على حساب الهدف ؟
و اخيرا اقول لحاكم الغد العربي : ان حملة الافكار الوطنية كان اول ضحاياها حكام الامس , فأحتضنوهم و تعاونوا معهم و أحترموا امتيازاتهم و اطليقوا ايديهم و ان لم تستطيعوا ذلك فلا تلوثوا ايديكم بدمائهم لانها ستحفر قبوركم فأتعضوا بمن سبق .



#حميد_حران_السعيدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- محنة هوية ..... أم أزمة ثقة
- حكايات من زمن البسبس ميو ........ 8
- لست بحاجة لشهادتك
- حكايات من زمن البسس ميو.....7
- حكايات من زمن البسبس ميو-5-
- حكايات من زمن البسبس ميو (4)
- حكايات من زمن البسبس ميو 3
- حكايات من زمن البسبس ميو -2-
- حكايات من زمن البسبس ميو (1)
- انهيار الاصنام
- مارشال اسلامي
- ارحمونا يرحمكم الله
- دور المثقف في مواجهة الاخطاء
- ولكم في تساقط الدكتاتوريات عبر
- ما الذي قاله الهلالي في حديث الكف
- امال على ابواب الاستحقاق الانتخابي
- اقتلوهم انهم يحلمون
- اقتلوهم أنهم يحلمون
- العراق زراعيا
- جلد الشعب


المزيد.....




- نقار خشب يقرع جرس منزل أحد الأشخاص بسرعة ودون توقف.. شاهد ال ...
- طلبت الشرطة إيقاف التصوير.. شاهد ما حدث لفيل ضلّ طريقه خلال ...
- اجتياج مرتقب لرفح.. أكسيوس تكشف عن لقاء في القاهرة مع رئيس أ ...
- مسؤول: الجيش الإسرائيلي ينتظر الضوء الأخضر لاجتياح رفح
- -سي إن إن- تكشف تفاصيل مكالمة الـ5 دقائق بين ترامب وبن سلمان ...
- بعد تعاونها مع كلينتون.. ملالا يوسف زاي تؤكد دعمها لفلسطين
- السيسي يوجه رسالة للمصريين حول سيناء وتحركات إسرائيل
- مستشار سابق في -الناتو-: زيلينسكي يدفع أوكرانيا نحو -الدمار ...
- محامو الكونغو لشركة -آبل-: منتجاتكم ملوثة بدماء الشعب الكونغ ...
- -إيكونوميست-: المساعدات الأمريكية الجديدة لن تساعد أوكرانيا ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حميد حران السعيدي - الليبرالية و الربيع العربي