أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عمر جاسم محمد العبيدي - الهزل المقدس














المزيد.....

الهزل المقدس


عمر جاسم محمد العبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 3589 - 2011 / 12 / 27 - 10:05
المحور: الادب والفن
    


تبدو الأشياء عند النظر إليها من أول مرة غريبة،تحتاج إلى تفسيرات عقلية ومنطقية،وتكون متشابكة بحيث يصعب حلّها؛نتيجة التراكمات التي تركتها السنين عليها،فما عادت الشمس شمساً،حتى القمر الذي كان يظهر ليضيء للسائرين دروبهم لم يعد ذلك القمر ،بل تحول إلى آلة تعمل على الدوائر الكهربائية التي تستنفذ طاقاتها بمرور الزمن.وتبدلت أوراق الأشجار التي كانت تنتج غذاء الحياة إلى مستهلكة له، ولم تعد الأنهار تجري بماء عذب، بل بخمرٍ معتق يلذ للشاربين.
كان سلمان يبدو إنساناً بسيطاً بمكان انه لايكترث لما يحدث من حوله،فهو لم يعرف ماهي الإرادة قط،ولم يعهد نفسه مدركاً للحياة بلوحاتها وأنغامها الموسيقية العذبة،فهو في حالة أشبه باللاوعي،يلهو ويلعب ويفرح إذا ما وجد شيئاً يدعو للفرح،وفي حزنه كذلك،فما حوله يصعب عليه تفسيره ؛فهو لايمتلك من أدوات الإدراك البسيطة التي تؤهله لإيجاد تفسيرات منطقية لما حلّ به،ولكن رغم ذلك فقد كان يمتلك شيئاً أهلهُ للدخول في معترك الصراعات الدراماتيكية التي تُأدلِج من يدخلها،فهو ديالكتيكي منفرد من نوعه حتى"هيجل"نفسه يكاد يكون امامه لاشيء في جدله المادي ،ومع هذا فهو ماركسيٌ في عشوائيته ،لكنها عشوائية منظمة.
كان سلمان يقف على قارعة الطريق ليراقب الاحداث التي تمر امامه كل يوم،وكان يستخدم ديالكتيكهُ المكثف الذي بدأ يتصاعد تدريجياً مع نزول "بذور ايدلوجية" تتناثر على الأرض،والتي بدأت تغرس جذورها في اراضٍ خصبة وتسقي نفسها بخمر الأنهار الذي كان ماءاً،والتي بدأت اغصانها تظهر وازهارها تتفتح،لينبهر بها من يراها دون ان يرى مابداخلها،فكان سلمان يبحث عن طريقة للدخول الى ما يعتقده "مسرحاً" يحمي من بداخله من اثار تلك البذور التي انتشرت في المعمورة،فهذا المكان هو"مسرحٌ مقدس"كاتب المسرحيات فيه بمثابة ابن الاله الذي لايخالف في آرائه،والممثلين فيه هم جند الاله المخلصين،الذين يؤدون ادوارهم بوحي من الههم دون قراءة النص الذي يكتبه؛فهو يملي عليهم مايقولوه اثناء العرض المسرحي،حتى تكاد تقول انهم رجال يتحركون بواسطة خيوط تنزل من اعلى ستار المسرح،تماماً كـَ"الاراجوز"الذي يحركه صانعه من وراء جدار وفق مايريد،وتكاد تكون اغلب هذه المسرحيات ذات فصل واحد،وذات تراجيديا مفرطة ،تتحول بعد انتهاءها الى كوميديا مقدسة،فارواحهم ستصعد الى الطابق العلوي للمسرح ليلتقوا بمدير المسرح لينالوا الجائزة الكبرى نتيجة عرضهم المسرحي الرائع الذي أعطى المدير صورة واضحة عن مدى تفاعل الممثلين مع "النص المقدس"الذي كتبه لهم "ابن الاله"،لكن سلمان رغم انه يريد التمثيل في هذا المسرح الا انه لا يريد أن يحصل على الجائزة الكبرى وبالتالي لا يريد أن يلتزم بـِ"النص المقدس"؛فهو يريد ان يقدم عطاءه على فترات طويلة حتى ولو كانت متقطعة،او انها لاتحظى بالرضى التام لمدير المسرح.
على الجانب الآخر من الرصيف الذي كان سلمان واقفاً عليه،كان"المسرح المقدس"الذي يريد سلمان الدخول اليه، الا انه رغم قصر المسافة التي تفصل بين الرصيفين؛الا انها تستلزم وقتاً طويلاً للعبور من جانب لآخر،فما يمر خلال هذه المسافة القصيرة يزيدها بعداً،فالمركبات رغم انها تسير على اربع،الا انها تختلف في محتواها،وطريقة سيرها،فضلاً عما نبت في تلك الارض من ازهارٍ "زاهية الاشواك"وهذا مما يزيد الوضوح ضباباً اسود،ولكن رغم ذلك رأى سلمان"ابن الاله"واقفاً امام باب المسرح،الا انه لم يرى سلمان،لان عيناه كانت مصابة بـِ"قصر النظر"بمكان انه لايستطيع ان يرى اكثر مما امامه،وحتى جانبيه فهو لايرى منهما شيئاً،وهذا القصر لم يزعجه لانه لايهتم بالعبور الى الجانب الاخر او حتى النظر اليه،اما سلمان فلديه نظره الديالكتيكي الحاد الذي يقوده الى التطلع لشق الضباب المتزايد نتيجة تزايد الضباب جراء ما تحمله المركبات.
دخل "ابن الاله"وجنده المخلصين داخل"المسرح المقدس"،لكن سليمان سار متسلحاً بديالكتيكه الذي حال بينه وبين الازهار ذات الاشواك الجميلة؛علّه يجد منفذاً يخترق من خلاله ذلك الضباب،ليجد مسرحاً لايلتزم بنص مقدس ،ولايعطي جوائزه من أول عرض.



#عمر_جاسم_محمد_العبيدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عبد الرحمن الجبرتي مؤرخ الحملة الفرنسية يبشر بالعلمانية في م ...
- الكنائس والاديرة في الموصل العهد العثماني (1516-1918) ثنائية ...
- كيسنجر والصراع العربي-الاسرائيلي (رؤية لما قبل الربيع العربي ...
- نظام التعليم في فرنسا (ظهور العلمانية واختفاء الدين)
- دعوة مفتوحة لسلام شامل واستئصال مصطلحات النزاع الشامل
- العمل التطوعي ودوره في تنمية المجتمع ..تجارب شخصية في الموصل


المزيد.....




- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عمر جاسم محمد العبيدي - الهزل المقدس