أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صلاح الداودي - بمناسبة رأس سنة الشهداء: من كان على شهيد فلا يخافنّ غضب الشهداء















المزيد.....

بمناسبة رأس سنة الشهداء: من كان على شهيد فلا يخافنّ غضب الشهداء


صلاح الداودي

الحوار المتمدن-العدد: 3589 - 2011 / 12 / 27 - 09:56
المحور: الادب والفن
    


ألا يحق لنا بعد أقل من عام فقط أن نسأل الأطفال هل إذا كانوا ضحايا أم كانوا شهداء؟ فان كانوا ضحايا فواحد وكفى وشكرا لنا وان كانوا شهداء فلنسأل أطفالنا هل تعرفون وجوه الشهداء؟ فإذا قالوا عرفناهم فبأس الضحايا أطفالنا وإذا قالوا صدقا ما عرفناهم فعذرا يا أيها الشهداء بأسنا نحن فنحن الضحايا ونحن قتلة الشهداء. بلى يحق لأطفالنا السخرية: ها قد قسّموا شعب الشهداء إلى ضحايا والى ضحايا وأجلوا يوم الشهادة إلى ذكرى زائفة والذاكرة صنّفوها حقوقا تائهة أو لا ذاكرة. وحوّلوا المعركة من الصدور إلى اللافتات ومن اللافتات إلى لوائح الجدران ومن إلى الصناديق ومنها إلى انتصارات وانهزاميات ومن إلى احتفالات وتشريفات لا فرح لنا فيها ولا شرف. لم تعد أبدا معركة الضمائر ضد الأنياب بل معركة بين الذيول وبين الذيول ففي لعبة شد الذيول إلى بعضها أو من بعضها تطول الذيول من جديد والأنياب تنموا وتسموا كأنياب البراءة. وسوف تذبح الضمائر ذبحا حلالا وتعصر القلوب وتجفف الدماء في العروق كقرع الحطب على الحطب وقرع الخطب على الخطب واختلاط الطبول بالطبول. بعد أقل من عام بقليل غرّروا بالشعب والشعب عادة هو ذلك العدد الأصم من كثرة قرع لغة الطبول وهو محقّر إلى حدّ أن أي حل لأية مشكلة هو أصوات الشعب المبرّحة بضرب الصناديق على حبال الحناجر. وأما ما تبقى فأما حلف على الشعب هذا أو منافس للشعب الأوّل على نفس الشعب باسم الشعب الثاني وما إلى الشعب للشعب وما للشعب ليس له. لحسن الحظ لم يغرروا سوى بعشر الشعب مثلما غرر الثوريون بنفس العشر لأسباب وغايات أخرى أو غرّر العشر بالثوريين لنفس الأسباب والغايات. غرروا إذن بعشر الشعب تحت أنظار الأطفال واجبروه على إعادة النظر في ملفات الشهداء. لم يتوقعوا أن الدول التافهة تتهم بعضهم بالتزوير والفساد والتأخر عن الموعد وشهادة الزور والنقصان وتعدهم بالانتظار والانتظار بلا انتظار والانتظار بفائض الانتظار. لو كان الشهداء أيها الأطفال غير واثقين لما أعطوا حياتهم ولو كانوا سوف يسلمون أنفاسهم للدول لما فعلوا ولكنهم لكم انتم يشيرون إلى شعب آت، شعبهم هم بضمائركم أنتم. كأنّي أموت. وغدا يصبح الجرح بلا جريح والثوريّ بلا ثوريّة ومُواطن العصيان بلا وطن بلا طاعة. الشهداء اختاروا أنفسهم بأنفسهم ولم يختاروا أحدا. الشهداء لم يختاروا صناديقهم بل اختاروا كرامتهم بلا لعب ولا وعود ولا مهادنة ولا بيع ولا شراء ولا هدايا. الأطفال كذلك لم يصوّتوا لأحد ولم يقتسموا تواريخ ميلادهم مع أحد. والشهداء لم يقترحوا على أولي الأمر أجسادهم لترميم الانفجار عن طريق باعث الشعب أو باعث الدولة أو باعث الديون أو باعث الاستثمارات أو باعث الدستور أو باعث القناصة أو باعث عزرائيل. لا يختار الشهداء الحياة من اجل صغيرة ولا من اجل كبيرة. ولا يختارهم الله من اجل نقل بعض الناس من الأرض إلى السماء لاستكشاف أسرار الديمقراطية واستشراف أسباب الكون المقبل. ولا يختارهم من اجل تأويل نشأة الكون أو التوافق على أسرار الطبيعة ولا من اجل تلوين الأرض ولا من اجل الألم والحزن والبكاء. إن نسر الحقول الشريف لا يحرق الفصول في قلوب الناس طمعا في دودة قز ولا يحرق حقول الناس من اجل قشة. لا تقربا من آلهة الطير ولا شماتة في جلد جرذ ولا مغازلة لأنثى غراب أفقدته غريزته. بل النسر اللاّئق بصدق الشهداء يطير بأحلامهم فوق الرصاص وفوق تدافع الضباع على مراسم النهش المكيف. الشهداء لم يشهدوا لمجرد جولة خاطفة على شاطئ مقبرة الشهداء. ولا شهدوا من اجل مقبرة شهداء بلورية جديدة ومعلقة في الهواء لا جنازة رأت من تشيّع لها. لم يشهدوا لتغيير اللّوك ولا حبّا في تسريحة الشاشة الحمقاء ولا في مرهمها الناعم. بعد اقل من عام باعوا قلوبهم خدمة لوجوههم وطلّقوا الشمس من شرارتها وحرارتها والشجر من جذوره وجذوعه والظل من ظله قبل نهاية هذا العام البارد. هل من الطبيعي أن يمرّ العام الماضي بلا شتاء؟ ولذلك فهذا الشتاء مضاعف. إن قلب امرأة كانت أنبل من أيّة سلطة كانت ومن يبيع قلب امرأة دون رضاها فكأنما باع الدولة إلى الرياض أو غيرها. وان أيّ شعب لائق لا يصدّق أحدا يضحّي بغيره ولا يضحّى بنفسه. فمن أراد التضحية فليضحّي ولكن لا تقل انني أضحّي بحبيبة أو بأم من أجل الشعب، لن يقبلها طفل واحد ولا أم شهيد واحدة ولا جارة ولا أخت شهيد أو شهيدة. بعد أو قبل أقل من عام صغير مؤقت وقتيّ بحت أي لا وقتيّ أصلا أطلق الرصاص الصامت في كل اتجاه لإعادة تعمير الجثث بالجثث وإعادة تعبيد الجثث على الجثث. قالوا ان كل شيء يتغير بل كل ما يمكن أن يتغير، بل كل ما يستطيع أن يتغير، بل كل ما بدأ يتغير أو بدا متغيرا لن يتغير. أي كل شيء يتغير إلا ما يتغير. لكأن الشهادة أصبحت من عمل التأويل لا تغييرا لما يتغير وما لا يتغير. بعد أقل من عام بقليل حلقوا أذقانهم من جديد وأدخلوا اظفارهم الحمراء في حبرهم الأزرق فاخضر قلبي خزا وخزيا. خنقوا أكبادهم من جديد إذ ماذا تركوا للمستقبل. هل يشبه أحدكم مثلا أحد الشهداء؟ يعني من هم الشهداء الذين سوف يعرفهم أبناؤنا في المستقبل؟ هل سوف يصدّق أحد أن لا أحد يعرف الشهداء لأن زعماءنا الأفذاذ أكثر شهادة وأكثر شهرة وأبقى؟ من ذا الذي سوف يفهم أن الشهداء استشهدوا لأنهم ليسوا زعماء؟ ولأن لا أحد يعرفهم؟ هل صوّتم لأحد أيها الأطفال؟ يا أيها الأطفال هل تعرفون شهداؤكم؟ بعد عام مسبق أو مسقط عرفنا أحلام الشهداء وبعد عام قليل فقط عرفنا وجوه الشهداء وبعد عام قصير فقط نوايا الشهداء وصغير فقط جلسنا مكان الشهداء وأوجزنا العويّم نسبة لبقايا الشهداء؛ الله اكبر. وبعد اقل من عام ملخص في لمح الشهادة أصبح لدينا أنباء غاية في حق الشهادة. وبعد اقل من عدد الذين خرجوا في جنازات الشهداء أحصينا عدد الناخبين الأبطال في كل فنون السرعة وصادف أن كان مساويا لأصوات الثوريين الذين لم يصوت منهم احد وصدفة بعد أقل من صدفة عام سرق من أعمار أطفالنا أو اقل من حظ كان عدد النواب مع عدد الحكومة ومن لف لفها مساويا تمام التقريب لعدد الشهداء ومن نَقص، يا سبحان الله. كم من عدالة أكثر؟ كم تحولت معركة الضمائر إلى معركة ضد المصائر. أليست هذه هي الحياة المؤقتة بين موت وموت؟ بل هذا هو الانتقال من موت مفاجئ وبريء إلى موت مُضمر ومرتّب.
ولذلك فان أطفال بوزيّان الذين خرجوا في جنازة الأحلام يوم 24 ديسمبر صباح الشهداء مساء الشهداء كانوا على شهيد.
كلّ يوم أنتم. كل شهر أنتم. كل عام انتم. وكل أبدية وأنتم.
صلاح الداودي،



#صلاح_الداودي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سيدي بوزيد: المدينة العالم
- سيدي بوزيد
- أغاني الشهادة، من أبي القاسم الشابي إلى عصابة القناصة ووزراء ...
- أغاني الشهادة
- الى السيد 17 ديسمبر راشد الغنوشي ومن معه: احذر الأبويّة على ...
- ونحن السبيل الوحيد لحبّ الحياة
- أشهد الشهداء عليهم الرحمة أشهد الشاهدين لا زال حيا
- في ذكرى اندلاع المرحلة الثورية في تونس
- رسالة الى السيد محمد المنصف المرزوقي رئيس الجمهورية التونسية ...
- النضال التأسيسي حتى لا تموت الطاقات النضالية؟
- الجمهورية التونسية المؤقتة: شعير حرية كرامة بهيمية
- المثقف الثوريّ شيء ومثقف الخدمات شيء آخر
- كان يجب ان تموت
- دستور الأغلبية = الشهداء ⁺ (المقاطعين ₊ غير المش ...
- نداء إلى المعطلين عن العمل في تونس: لا افلاس ولا كساد يا عصا ...
- هيئات العمل الثوري باردو 2: لا لبرالية ملوّنة ولا دكتاتورية ...
- نداء هيئات العمل الثوري في اعتصام باردو 1: الوطن الآن
- بيت الشهيد
- ثورات شهيدة أم ديمقراطيات وليدة: الدول العربية المنتقلة إلى ...
- حول النقاب في الجامعة التونسية: حريتك أوسع عندما تقبل بحقوق ...


المزيد.....




- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...
- تابع HD. مسلسل الطائر الرفراف الحلقه 67 مترجمة للعربية وجمي ...
- -حالة توتر وجو مشحون- يخيم على مهرجان الفيلم العربي في برلين ...
- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صلاح الداودي - بمناسبة رأس سنة الشهداء: من كان على شهيد فلا يخافنّ غضب الشهداء