أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نصر حسن - الاستعصاء السوري !















المزيد.....

الاستعصاء السوري !


نصر حسن

الحوار المتمدن-العدد: 3588 - 2011 / 12 / 26 - 11:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الاستعصاء السوري!.
في شهرها العاشر تدخل ثورة الحرية والكرامة طوراً جديداً غاية في التعقيد والخطورة ومفتوحا على احتمالات متعددة ، أطرافه الأساسية أربعة ، أولها ثورة بدأت واستمرت سلمية مفصحة ًعن خيار مدني ديمقراطي حقيقي ،أصبح من المستحيل تراجعها ، قدمت آلاف الشهداء والمعتقلين والمشردين، قوامها معظم الشعب المضطهد المحروم ،الذي عانى من نظام شمولي أمني من الطراز الشاذ في بنيته ونهجه ووحشيته ، ثورة تدفع ضريبة كبيرة لتحررها من نظام أفرزته خدعة التوازنات الداخلية والإقليمية والدولية ،التي تقع مصلحة الشعب السوري في آخر اهتماماتها من جهة ، ومن أخرى وجود سورية في معطى جيوسياسي متعدد الثوابت والمتغيرات والحسابات المرحلية والإستراتيجية المتعلقة في الاستقرار، وأخيراً بعد طول مخاض بلورت الثورة واجهتها السياسية في المجلس الوطني .
وثانيها ،نظام أمني شمولي فائق الخصوصية ، مغلق بإحكام ، شديد المركزية، متصلب لم يبد أي مرونة تذكر ، لا يقبل أي شريك في السلطة أو القرار ، سطى على الدولة والمجتمع واحتكر عبر نهج منظم من العنف كل موازين القوى المادية بين يديه ( الجيش – الأمن – السلطة - الثروة – القرار ) ، ألغى دور الشعب والمجتمع المدني والتعبيرات السياسية، وحصر سورية في ثنائية ( إما أنا أو الخراب ) عبر دوائر متعددة متداخلة من القمع والفشل والفساد والسمسرة والخطاب الغوغائي الممانع ، وأيضاً عبر شبكة من التحالفات الإقليمية والدولية وفرت له غطاء ًوديمومة للبقاء، استغل دور سورية التاريخي وموقعها الجيوسياسي في خدمة بقائه في السلطة ، لعب على توازنات المنطقة ، وأدخل عليها الطرف الإيراني بشكله المذهبي وكل حساباته الإستراتيجية ومشروعه الإمبراطوري في غياب أي مشروع عربي ، مما زاد في تعقيد الصورة في سورية والشرق العربي .
وثالثها ،وضع عربي رسمي منهك هو الآخر،يرتجف خوفاً على سلطاته المريضة ، تعصف فيه رياح الثورات العربية ، تطيحها الواحدة تلو الأخرى ، حائر في معظمه من نتائج دومينو التغيير الديمقراطي الذي أطاح بثلاث أنظمة عربية إلى الآن والبقية تترنح على الدور ، وجامعة عربية تتجاذبها بقايا النظام العربي القديم ، مسلوبة الإرادة ،غير قادرة على فعل شيء سوى الفرجة على دماء السوريين وأشلائهم وإعطاء النظام القاتل المهلة تلو الأخرى، علَ الأمور تنتهي بأهون الشرين! ،أي تمكن النظام من حسم الأمور والقضاء على الثورة !.
ورابعها ، موقف دولي زكزاكي متردد مرتبك هو الآخر ، تحكمه عوامل شتى ، أولها حساب الربح والخسارة من التدخل ومن التغيير الديمقراطي في سورية ، وثانيها شكل مستقبل سورية بعد التغيير, وثالثها أمن المنطقة واستقرارها الإقليمي الاستراتيجي ، ورابعها ، صدقيتها ورصيدها الأخلاقي ومسؤوليتها في دعم الحريات والتنمية الديمقراطية واحترام شرعة حقوق الإنسان في العالم العربي .
أطراف أربعة مضافاً إليها مخفيات لعبة الأمم تتفاعل اليوم ، وسورية تحترق في دوامة عنف منفلت، يتعمد النظام ممارسته بوقاحة لإجبار الجميع على الرضوخ إلى خياره الانتحاري الوحيد ( إما أنا أو الخراب ) ، الخراب الذي بشَر فيه بشار أسد أكثر من مرة ، بما هو خراب عام متدحرج في كل الاتجاهات ، خراب في دمشق أحد مظاهرة الإستباقية فبركة تفجيرين ((قاعديين)) استقبالاً لوفد الجامعة ، خراب متعدد المستويات في سورية ومحيطها ، ليخلط الحابل بالنابل ويشل وفد الجامعة ويجعله غير قادراً على رؤية وحشيته ونتائج حربه على الشعب الأعزل ، ليحصر الجامعة في دائرته ويمنعها من أداء دورها المتواضع الذي تأخرت فيه شهور، سفك خلالها النظام مئات أرواح السوريين ، خراب يعمل النظام على أن يكون مدخلاً للانهيار الكلي في سورية !.
الخلاصة ، المشهد السوري في حالة استعصاء دموي ،هل يسبق انفراجاً ما ؟!، أم المضي في خيار النظام المجنون ، خيار الانتحار ؟!، ثمة جديداً دخل على المشهد وهو المجلس الوطني بعد انعقاد مؤتمره الأول في تونس ، نقول جديداً لأن المجلس حاول في مؤتمره أن يتجاوز حالة الاستعصاء الخاصة فيه ، ورغم ما تخلل مؤتمره من نواقص وقصور ، لكنه حاول ترتيب أولوياته بما يخص وحدة المعارضة وتثبيت هيكليته وتوضيح خطابه السياسي وتحديد برنامجه وآلية عمله ، ودون الخوض في التفاصيل التنظيمية والحوارات الساخنة وهي كثيرة ، جاء البيان الختامي متضمناً موقفاً واضحاً من أكثر القضايا إشكالية التي تواجه الثورة اليوم ، وهي اعتبار المجلس ممثلاً للثورة وتبني برنامجها وتفصيح مفهوم حماية المدنيين بكل الطرق الممكنة ،وانفتاحه على كافة أطراف المعارضة وترك بابه مفتوحاً لمن يتبنى مواقف الثورة بصراحة ودون مواربة .
وحتى يتمكن المجلس من القيام بدوره في تمثيل الثورة ودعمها ، وتقوية موازين قواها على الأرض تمهيداً للخروج من حالة الاستعصاء الدموية التي تعيشها سورية ، يتوجب على المجلس العمل على تقوية حوامله الداخلية ،والحيلولة دون إجهاض الثورة ، ورفع كفاءة أدائه السياسي ،والعمل على تغيير شروط المعادلة الداخلية ، وذلك بالانتقال السريع إلى حالة المبادرة وعدم السماح للنظام إلى جر سورية إلى ساحته، بل توسيع ساحة الثورة والحفاظ على مبادئها وأهدافها في الحرية ، والعمل على أن تكون ساحة عمل المجلس الرئيسية هي الداخل وإنضاج ظروف داخلية تجعل الخارج يسرع في حسم موقفه المتردد من النظام ،وذلك بتقوية الوحدة الداخلية والتناغم في عمل المعارضة والمحافظة على سلمية الثورة عبر دعمها على كافة الأصعدة ، وتقوية توازن العمل الوطني وترتيب الأولويات والعمل فيها على المستوى الداخلي والخارجي .
كلمة أخيرة بخصوص سلمية الثورة، وما يوصف بأنه اقتتال طائفي! الجميع يعرف أن الثورة بدأت بمطالب سياسية عادلة ومشروعة وهي مستمرة كذلك في شهرها العاشر، لكن النظام المجنون أصم أذنيه عن سماع رأي الشعب وواجهها مباشرة بالعنف المطلق، واستمرت الثورة في خياراتها السلمية رغم كل ذلك الكم المروع من العنف والوحشية ، والعالم كله يتفرج على عصابات همجية تقتل الأبرياء وتذبح الأطفال وتغتصب النساء ،وتدمر المدن والقرى بدون رادع وبدون مواقف موازية من العرب والعالم ، والثورة أبدت قدرة بطولية خارقة في امتصاص ذلك العنف المنفلت حفاظاً على سلميتها وتفوقها الأخلاقي ، وعدم الانزلاق إلى ما يريده النظام ، لكن على الجميع أن يدرك أن صفة "سلمية " ليست أغنية نرددها مع موسيقى الموت على أشلاء السوريين الذين يتفنن النظام المجرم في ذبحهم وتقطيع أجسامهم وارتكاب المذابح ضد مكونات معينة من الشعب السوري لنشر الفتنة وإشعال الحريق الداخلي ، بل إن سلمية الثورة ببساطة شديدة لها شروط وعوامل لابد منها يتطلب من الحريصين على سلميتها توفيرها على وجه السرعة باتخاذ المواقف العملية المناسبة لردع النظام القاتل ، ودعم الشعب السوري مادياً ومعنوياً وسياسياً ، حتى لا ينطبق على المنادين بسلمية الثورة القول:
(( ألقاهُ في اليمِّ ُثمَ قال لهُ ... إيّاكَ إيّاكَ أنْ تبْتلّ بالماءِ ))..!.
إن الخروج من حالة الاستعصاء هو الخيار الذي يفرض على الجميع توفير متطلبات نجاحه ، ومقدمة ذلك إجراءات عملية فورية لحماية المدنيين بكل الوسائل الضرورية لردع النظام ووقفه عند حده ، ودعم الثورة والشعب السوري بكل ما يساعده على استمرار ثورته سلمية حتى تحقيق أهدافها النبيلة .
د.نصر حسن



#نصر_حسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدم السوري المباح بين مهلة وأخرى!
- بيان التيار القومي العربي حول بيان الدكتور برهان غليون
- بيان التيار القومي العربي
- التمو البطل ...مشعل الحرية مضيئاً أبدا
- مبروك كبيرة ..تشكيل المجلس الوطني السوري
- مامعنى لاءات مؤتمر هيئة التنسيق الوطنية
- سموها جمعة البطل المقدم حسين هرموش
- في تكاثر المؤتمرات !
- مؤتمرات ولجان وخيام ... ونظام يذبح حماه ثانية ً!
- ثلاثة أشهر دامية ..وبشار ضاحكا ً...متى تعقل أيها الرئيس؟!
- النظام المقاوم يرتكب جرائم إبادة جماعية في جسر الشغور !.
- جرائم الكراهية في سورية !
- القتلة في حماه مرة أخرى !
- بن جدو اذ نطق !!!
- رصاصة وحنجرة ..
- تحية إلى الشباب - المندس - في سورية !.
- إلى من قال أن الشعب السوري سيبقى صامت !
- بشار أسد يغني على ليلاه ...
- مأساة حماه في شباطها التاسع والعشرين...جاء زمن العدالة
- سؤال برسم الإجابة ...مجرم برسم العقاب..


المزيد.....




- ماذا قال الجيش الأمريكي والتحالف الدولي عن -الانفجار- في قاع ...
- هل يؤيد الإسرائيليون الرد على هجوم إيران الأسبوع الماضي؟
- كوريا الشمالية تختبر -رأسا حربيا كبيرا جدا-
- مصدر إسرائيلي يعلق لـCNN على -الانفجار- في قاعدة عسكرية عراق ...
- بيان من هيئة الحشد الشعبي بعد انفجار ضخم استهدف مقرا لها بقا ...
- الحكومة المصرية توضح موقف التغيير الوزاري وحركة المحافظين
- -وفا-: إسرائيل تفجر مخزنا وسط مخيم نور شمس شرق مدينة طولكرم ...
- بوريل يدين عنف المستوطنين المتطرفين في إسرائيل ويدعو إلى محا ...
- عبد اللهيان: ما حدث الليلة الماضية لم يكن هجوما.. ونحن لن نر ...
- خبير عسكري مصري: اقتحام إسرائيل لرفح بات أمرا حتميا


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نصر حسن - الاستعصاء السوري !