أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد الحاج ابراهيم - الناصرية ـ خيار الديمقراطية















المزيد.....

الناصرية ـ خيار الديمقراطية


محمد الحاج ابراهيم

الحوار المتمدن-العدد: 1062 - 2004 / 12 / 29 - 06:57
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تميزت الحركة الناصرية بحضور كثيف متبلور في الساحة السورية إثر الانفصال واغتيال نواة الوحدة عام1961،فلجأت إلى العمل السري باعتبارها رائدة الحركة الوطنية لإعادة هذه الوحدة ،وهذه المهام وقعت على عاتقها كون مشروع الوحدة محددا مع مصر عبد الناصر ،وبقيت على هذا الحال حتى وفاة زعيمها عام1970،بعد ذلك وعلى أثر الخلافات في القيادة المصرية واعتقال وتسريح المجموعة الناصرية التي اختلفت مع أنور السادات (حسين الشافعي،شعراوي جمعه،علي صبري وغيرهم)، وتغير الوضع السياسي السوري ،بدأت تتنفس وتشارك السلطة الجديدة في سوريا حراكها لخلق وضع أفضل للحركة القومية العربية على نفس الأساس وهو إعادة الوحدة ،وكان هذا الاختبار بمثابة مخاض حقيقي للحركة الناصرية التي أنجبت وليدها الأول إثر الخلاف حول ميثاق الجبهة الوطنية التقدمية ،فكان هذا الوليد هو الاتحاد الاشتراكي العربي الذي لازال في الجبهة وخروج جمال الأتاسي منها .
كان خطاب الحركة الناصرية الفكري( إذا جاز التعبير )والسياسي المعتمد على الكمّ الجماهيري خطابا انقلابيا ككل الخطابات السياسية في المنطقة العربية ،لكن الشرخ الذي حدث بها نتيجة ميثاق الجبهة أضعفها وغير اتجاه القيادة المعارضة فيها،فلم يعد بمقدور بضعة دبابات احتلال الإذاعة وإعلان الثورة وإذاعة البيان رقم واحد ،مما حول الذهنية الالغائية للسير نحو الآخر المختلف معها لتشاركه العمل الوطني ،وكان ذلك بمثابة الخيار الجديد وعودة لأصالتها ومرجعيتها(عبد الناصر) ،الذي قال بتحالف قوى الشعب العاملة والاتحاد القومي من ثم الصياغة السياسية بالاتحاد الاشتراكي. ما حدث للحركة الناصرية أنهاصارت فصيلا متناحرا مع غيره على السلطة في سوريا بعد أن كانت جزء من الحركة القومية العربية صاحبة المشروع القومي ،عكس مشروع زعيمهم عبد الناصر الذي كان يدفع نحو الوحدة الوطنية التي ينتجها المجتمع والشعب العربي في الأقاليم بقواه الحية من مؤيدين ومعارضين ،لإدراكه أن الهجمة الاستعمارية تحتاج لتضافر كل الجهود لهذا المجتمع لتحقيق الوحدة المنشودة وما أكثر الأمثلة على ذلك .
برزت الآلية الجديدة من التفكير الحداثي للناصرية التي تبناها الدكتور جمال الأتاسي والتي قدمت مشروعا أصيلا للحركة الوطنية ،فكان وبسبب من مساهماتها تشكيل التجمع الوطني الديمقراطي في سوريا، وبذلك أُضيف كلمة الديمقراطي إلى اسم الحزب الذي كان يقوده الدكتور مع الاحزاب الاخرى، التي شكلت هذا التجمع فأصبح اسمه:(الاتحاد الاشتراكي العربي الديمقراطي).
من هنا تبدأ القصة الحقيقية لهذا الموضوع ،إذ أن الخيار الديمقراطي يُبنى على ثقافة ووعي ديمقراطي،ففي عام1979تأسس التجمع ،وكان الدكتور جمال أحد المؤسسين البارزين له ،وأيضاكان الاتحاد الديمقراطي أحد الاحزاب الرئيسية فيه ،والتجمع هذا تبنىّ المواطنة والديمقراطية داخل الاحزاب والتجمع والوطن والامه ،ونحن اليوم في عام 2004 عندما نسمع من أعضاء في هذا الاتحاد خطابا إلغائيا ،ولازال يمارس سياسة الاتهام والتخوين على شركائه في العمل السياسي والوطني ،أفهم من ذلك أن هناك اتجاهين في هذا الحزب ،لأنني أيضا أسمع خطابا وطنيا واسعا من أعضاء آخرين، وهذا مؤشر على أن البعض اختار الديمقراطية كونها خيار الدكتور دون أن يدرك مهامها، وأنه في ساحة عمل وطني وليس ساحة حزبية ضيقة ذات أفق محدود على طريقة الستينيات من القرن الماضي ،والبعض الآخر من الأخوة الناصريين اعتمدها ثقافة تحليلية بينت ضرورة العمل الوطني العام والعمل الحزبي بإطاره الوطني ومشاركة باقي القوى السياسية الوطنية وعيا وفكرا وممارسة ،هذه الثقافة كانت التعبير عن مشروع الدكتور الثقافي والسياسي ،لخلق مناخ وطني يعيد الحقوق المشروعة للمجتمع وأهمها السياسة ،التي تفتح الباب واسعا للمشاركة الجماهيرية الحقيقية على ضوء مصالحها، ذهنية الإلغاء هذه كانت مصدرا أساسيا للخلافات داخل التجمع كونها لم تتحرر من ثقافة الالغاء الحزبية القاصرة ،ولم تلقحها بثقافة وطنية أكثر شمولا وأوسع ،أسوة بغيرها من الأخوة الناصريين ،وهذا يقع على مسؤولية المشروع الثقافي الحزبي الذي ربما يكون قد قصّر في هذا الاتجاه أو ذاك من تطوير الوعي الوطني وتدريب كوادره على الثقافة الوطنية ، وخاصة تلك التي لازالت تعاني من التشويه الثقافي والسياسي بافتراضها أنها صاحبة المشروع الوحدوي التحرري والآخرين مجرد شركاء ثانويين في العملية السياسية ،ممايُبطىء في مسار الحركة الوطنية ويجعلها تتعثر في تقدمها نحو الأمام ،وهذابالمعيارالأخلاقي له توصيفاته المزعجة والتي لا نرضى عنها بتاتا ،لأننا نقتنع أن كل من يقدم جهدا للمساهمة في هذا البناء فهو وطني ،ولايمكن أن نسمح لأنفسنا بغير ذلك حتى لو كان سلوك البعض يحقق خللا في ذلك،فيمكن تحميل الشخص المحدد مسؤولية هذا الخلل ،وهذه مسؤولية الحزب بمعالجة مثل هذه القضايا التي أدت إلى توقف العملية السياسية أحيانا نتيجة الممارسات العدوانية لبعض المسؤولين الحزبيين من الاتحاد نحو آخرين من أحزاب أخرى ،فيفوضوا أنفسهم أوصياء عليهم وهذا مغاير للأسس التي انبنى عليها التجمع .
المسألة الثانية وهي علاقة متبني القضايا الوطنية في هذا التيار والتي لم تتضح رؤيتهم بما يتعلق بمشكلة الأقليات في الوطن العربي ،وهذه الأقليات هي صاحبة الحق في البقاع التي وجدت بها تاريخيا ومنها الكرد في الشرق والبربر في الغرب والجنجويد والأقباط في الوسط ،وكلها قبائل أو عشائر أو شعوب وُجدت في هذه الديار قبل أن تطأها أقدام العرب ،ولها الحق بالمواطنة في هذه الظروف ،وهذه حقوق حتى لو أنكرناها فإنها واقع لايمكن معالجته بالعنف ولا بالرفض ،والإقرار بحقوقهم ليس فضلا بل حق لهم إن لم نقرّه اليوم سنقرّه غدا،وما من شعب مظلوم ومضطهد إلاّ سينال حقه وحقوقه مهما طال الزمن ،لأن الشرعة الدولية تؤكد ذلك، وأبسط الحقوق لأبناء الأقليات في الوطن العربي المواطنة التي تعيد للإنسان كرامته ويتساوى فيها العربي بغير العربي ،ومن واجب الأوطان أن تحمي مواطنيها وأن تحترم حقوقهم أيضا كما تطلب منهم أداء واجبهم.
المشكلة الثالثة والتي تُعتبر من المشاكل الهامّة ،وهي اعتمادها الحالة التنظيمية الشعبوية وحشد الناس لإبراز قوتها الجماهيرية دون التركيز على الجانب المعرفي الوطني ،فتنتقل الناس بعقليتها الإلغائية تنظيميا إلى الحيز الديمقراطي بلا ثقافة ديمقراطية ولا وعي ديمقراطي ،ما ينسف هذا المشروع الميداني والنظري من أساسه ،فذهنية التكفير لدى هذا التيار لازالت قائمه للمنظم وغير المنظم ،والكارثة الحقيقية أن يكون المنظم مفوّتٌ وعيه أكثر من غيره ممن هم خارج الأطر التنظيمية ،ما يخلق بلبلة في المشاركة السياسية ويحكمنا التخلف السياسي من جديد بحكم هذا الأداء غير العقلاني لهذه الشريحة من التيار الناصري ،وكما قلتُ في إحدى الجلسات :نناضل سوية من أجل إلغاء البند(8) من الدستور السوري الذي ينص أن ((حزب البعث قائدا للدولة والمجتمع)) ،لكن يبدوا أنه لابد من مراجعة دقيقة في النظام الداخلي للتجمع ،خشية أن يكون هناك بندا لم نقرأه أو لم نراه يمنح الاتحاد أن يكون قائدا للمعارضة والمجتمع فنصبح كالمستجير من الرمضاء بالنار.
أن تنتمي إلى تيار عبد الناصر يعني أن تتمثل هذا الرجل بسلوكك الحياتي اليومي ،وإلاّ لن يكون لك علاقة به كيفما كان شكلها، عبد الناصر كان صادقا،أمينا،لا يثير النعرات،لايتّهم أحدا إلا على بيّنة،لايَنِمُّ أو يستغيب الآخرين ،لا يخون مواطنا،يقرأ ليزداد ثقافة،يسعى ليصافح لا ليعادي ،لا يرتشي ويخطب بالناس بالأخلاق والوطنية،لو عمل محاميا لا يخون موكله،وأخيرا لا يكذب وهو الأهم ،وكان صاحب المشروع القومي النهضوي الذي يبدأ من المنزل والحي والقرية والمدينة والوطن والأمة،مشروعه هذا أسسه على قاعدة الحب لكل مواطن بغض النظر عن انتماءه ،وليس على قاعدة الكراهية والنميمة والبلبلة، فمن توفرت به هذه الصفات سمي ناصريا ومن لم تتوفر به عليه الوقوف في الصفوف الخلفية يعالج نفسه ويحقق المواصفات التي اتصف بها عبد الناصر ليعود ناصريا ،لأن عبد الناصر ليس صورة تعلق في البيوت ولاجريدة حزبية ضيقة وميداليات تحملها الناس، بل مشروعا وطنيا نهضويا لكل من يعيش على هذه الأرض من البشر عربا وغير عرب هذا المشروع الوطني يُبنى على التقارب وليس التباعد، هكذا قرأنا عبد الناصر ولسنا بناصريين.
مَن تبنى الديمقراطية كمشروع فعليه منطقيا تحقيق مقومات هذا المشروع بشقيه النظري والميداني ،وما فائدة التنظير في الديمقراطية والوطنية طالما يُمارس نقيضهما،وما فائدة التنظير في الرأي والرأي الآخر طالما يتم قمعه وإلغاءه وتخوينه ؟، بتقديري إن لم يكن هناك تدريبا بالمعنى النفسي على الممارسة العملية لقبول الآخر ببناء علاقات طيبة مع المختلف معهم والتحرر من العدوانية القادمة من موروث نفسي وذهني واعتماد التربية القانونية لذهنية الناشط حتى لايضيع في متاهة الأحكام المسبقة وغير المثبتة لإدانة أي طرف كان ،فلن يستمر ولن ينجح أو يدوم هذا المشروع،ويتحمل مسؤولية ذلك الطرف المتبني عمليا لمقومات انهياره من زرع البغضاء وغيرها من مقومات الانهيار، إن المشروع الديمقراطي لو تم اعتماده بشقيه سيحقق الحرية والمواطنة التي تُفعّلُ المجتمع لينتج أسسه المتينة وبناءه الشاهق الحر وذلك باحترام الانسان وحقوقه البسيطة والمركبة لتتحقق مقومات الحياة الحرة الكريمة لبني البشر في كل الاصقاع والاتجاهات والانتماءات.



#محمد_الحاج_ابراهيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ذاكرة أُمّه ـ فوضى التخلف إلى أين؟
- أسامة أنور عكاشة على ذمة ثقافة الإلغاء
- أسئلة محرجة لبوش؟!
- الأغنية الشبابية ودور الاعلام
- حقوق الإنسان في سورية
- علاوي… أبكى العراقيين على صدّام وأيامه
- !!!!ماسرُّعلاج القادة العرب في الغرب؟
- قانون الطوارئ التداولي من صدام إلى العلاوي
- الزرقاوي في الفلوجه كأسلحة الدمار الشامل في العراق
- بن لادن ـ أمريكا
- المثقف السياسي بين التكفير والتحرير
- قانون الطوارئ _ من الإستثناء إلى القاعدة
- الإستبدادُ مقدّمةٌ للإحتلال
- القاع النفسي للتشكيل السياسي
- درس في الحرية والديمقراطية


المزيد.....




- فيديو غريب يظهر جنوح 160 حوتا على شواطىء أستراليا.. شاهد رد ...
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 1000 عسكري أوكراني خلال 24 سا ...
- أطعمة تجعلك أكثر ذكاء!
- مصر.. ذعر كبير وغموض بعد عثور المارّة على جثة
- المصريون يوجهون ضربة قوية للتجار بعد حملة مقاطعة
- زاخاروفا: اتهام روسيا بـ-اختطاف أطفال أوكرانيين- هدفه تشويه ...
- تحذيرات من أمراض -مهددة للحياة- قد تطال نصف سكان العالم بحلو ...
- -نيويورك تايمز-: واشنطن سلمت كييف سرّا أكثر من 100 صاروخ ATA ...
- مواد في متناول اليد تهدد حياتنا بسموم قاتلة!
- الجيش الأمريكي لا يستطيع مواجهة الطائرات دون طيار


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد الحاج ابراهيم - الناصرية ـ خيار الديمقراطية