أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - صادق الازرقي - الاغتيال الجماعي للعراقيين















المزيد.....

الاغتيال الجماعي للعراقيين


صادق الازرقي

الحوار المتمدن-العدد: 3587 - 2011 / 12 / 25 - 15:48
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


ما كان في نيتي ان أتأخر عن التعبير عن رأيي والإدلاء بدلوي، في الحادث الجلل الذي اقض مضاجع العراقيين يوم الخميس الماضي، غير انني كنت اهدف الى اعطاء نفسي فسحة من الوقت للتأمل في مواقف وردود فعل سياسيي العراق، الذين تفننوا في ضروب الكلام المنمق، في حين فشلوا في انجاز أي أمر ذي قيمة.
لم يكن يدور في اذهاننا ادنى شك، في ان السياسيين سيسحبون خلافاتهم التي تدور على المناصب والامتيازات، ليمعنوا قتلا في الناس الذاهبين الى اعمالهم في صباحات العراق البائسة، التي احالها السياسيون ذاتهم الى مكامن للبؤس والخراب والليالي الظلماء المقيتة، ولكن ماذا بيد من لا يجد لقمة يأكلها، او (بطانية) يُدفّيء بها جسد اطفاله غير انه يذهب باحثا عن اعمال بائسة، فيجد الموت بانتظاره في سيارات مفخخة ركنت ليلا بالتواطوء قطعا مع عناصر امنية، لتمنحه موتا سريعا مدويا ً وقد يعود الى اسرته ـ او لا يعود ـ جثة هامدة تندب مصيرها الذي قيّض لها ان تصدق ان الحكومة وفرت الامن للناس!.
كلما تصاعد الخلاف السياسي، وخشنت لهجة التخاطب، لدى زعماء الكتل، وممثليها كلما وضع الناس أيديهم على قلوبهم، استعدادا لموت جماعي آخر في إحدى صباحات بغداد المدخنة الكئيبة، والغريب ان مثل تلك الوقائع الدامية الكبرى، التي تكون الواحدة منها كفيلة بإسقاط انظمة وحكومات بأكملها، يتواصل في ظلها إصرار اكبر على التمسك بالمناصب، وتصميم اكثر لدى مؤسسات الدولة على التشبث بالفساد وربما وجد بعضهم، ان القتل الجماعي للعراقيين، هو فرصة نادرة لإخفاء ملفات الفساد التي يدور اللغط بشأنها مؤخرا، على وفق قاعدة رسموها لأنفسهم: اما ان تسكتوا او احيلكم الى اشلاء بالمفخخات.
لقد وجدنا اثر تفجيرات الخميس، ان معظم السياسيين اخذوا يتسابقون في محاولة مستميتة، لإعادة الوضع السياسي الى ما كان عليه قبل التفجيرات أي الى (المربع الاول) على وفق التسمية التي يحلو لهم ان يرددونها، و التي يثقلون اسماعنا بها، وهو ما استفز الناس وزادهم ايلاما ً، فعادت نغمة الحرص على (اللحمة) الوطنية والشراكة السياسية، بل عادوا الى مصطلح التوافق الذي حاولوا النأي عنه حين شكلوا حكومتهم الحالية، بعد مخاض عسير تواصل قرابة ثمانية أشهر ليلد حكومة عاجزة متخمة بالوزارات والرواتب، ووزراء لم يفلحوا الا في الاستمرار في وعودهم الكاذبة وامعانا في الفساد، ويبدو ان كثيرا ً من رموزها وحتى اجهزتها الامنية، وجدوا في استعادة مسلسل التفجيرات، والقتل الجماعي، فرصة عملية لمواصلة زخم النهب المنظم لثروات البلد، مستغلين صمت الشعب العراقي، وسكوته عن المطالبة بحقوقه والدفاع عن حياته، فماذا يضير السياسيين من التفجيرات؟ فهم بالمحصلة سيسلمون منها وسيراكمون اموالهم في اثناء دورتهم الانتخابية ليتمتعوا بها من ثم في دول اخرى يحمل معظمهم جنسياتها.
لابد لنا على ضوء الازمة التي تولدت عن الاتهامات الموجهة لنائب رئيس الجمهورية بالضلوع في الارهاب، ان نشخص بضعة مظاهر، جرت على غير ما يتطلبه المنطق والتصرف السليم، منها ان من وجهت اليه التهمة سارع الى ترك العاصمة والذهاب الى مكان آخر، وكان يفترض ان يبقى ويواجه القضاء بكل ثقة اذا كان بريئا، وقد ارتبط بذلك؛ ان شريط اعتراف اشخاص من مكتب نائب رئيس الجمهورية جرى اظهاره الى وسائل الاعلام بعد ذهابه بعيدا ً عن بغداد، وهو ما يلقي بظلال من الشك على مجريات الاحداث ويثير شكوك وتساؤلات الناس.
اما القضية الاخرى التي لم تحسن فيها الكيانات متطلبات العمل السياسي، فهو اعلان القائمة التي رأت انها مستهدفة بالاجراءات ضد نائب الرئيس، انسحابها من جلسات مجلس النواب، في حين ابقت على وزرائها، وهو تصرف غريب ونادر في العرف السياسي، اذ ان الشائع ان الوزراء في حكومة ما، هم الذين يقدمون استقالاتهم اذا رأوا ان الامور تسير بعكس ما قدموه من برامج ووعود، في حين يبقى النواب التابعين لأحزابهم في البرلمانات، ليعبروا عن مواقفهم ويوصلونها للرأي العام، والامثلة التاريخية في هذا المضمار كثيرة وليست بنا حاجة لذكرها، غير اننا وجدنا ان القائمة التي ينتمي اليها نائب الرئيس، تعلق عضويتها في مجلس النواب، في حين ابقت على وزرائها، ولم تعلن انسحابها من الحكومة، وكان يفترض العكس، وذلك برأينا جزء من الفوضى والتخبط السياسي، وعدم وضوح الرؤية وجزء من غياب الموقف السياسي للكيانات السياسية.
لقد قلنا في مقالات سابقة ان غياب أي معارضة حقيقة، في مجلس النواب يمثل احد الأسباب الرئيسة للأزمة وتواصل دوامة الموت والخراب في العراق، اذ يسعى السياسيون الى مواصلة التمسك بما يرون انها فرصتهم للكسب المالي، وليس عليهم بعد ذلك عندما يسيل الدم العراقي، إلا إرسال برقيات الاستنكار والتعزية الى المحطات الفضائية التابعة لهم وما اكثرها، ولقد خلقت حالة الشراكة في المناصب استشراء السرقات والتستر على الفساد والمفسدين وتعطيل بناء البلد والخدمات وادامة الارهاب والتستر ايضا ًعلى الارهابيين وتهريبهم من السجون.
كنا قد حذرنا من ان الشراكة او التوافق وغيرها من المصطلحات الوهمية وغير الحقيقية، ليست هي الاسلوب الامثل لبناء بلد مخرب، إذ أن وجود معارضة قوية في البرلمان وفي الشارع، يمثل البديل الشرعي لخلق حالة التوازن المطلوب ،وستكون المعارضة حينئذ رقيبا ًعلى عمل الحكومة ودافعا لها للتسريع في خطوات الاعمار وبناء البلد ومراقبة قضايا الفساد وتقديم المفسدين الى القضاء واذا شاءت فبامكانها ان تشكل حكومة ظل كما يجري في بلدان ديمقراطية عدة، اذ ان اشتراك الجميع في الحكومة، وغياب أي معارضة فاعلة يؤدي بالضرورة الى التنافس على الامول، والى نتائج كارثية على اوضاع الناس ولاسيما في بلد مدمر بحاجة الى الاعمار والتنمية مثلما هو عليه الحال لدينا في العراق.
من الامور الاخرى التي لوحظت في خطابات السياسيين ان الجميع حاول ان ينأى بنفسه عن التفجيرات الاجرامية، التي قتلت الابرياء من عمال المسطر وتلاميذ المدارس والمارة، واظهروا انفسهم وكأنهم فوجئوا بها بعد ان كانوا يحاولون الايحاء بان الانسحاب الامريكي سيجعل العراق ينعم بالامان والاستقرار المطلق، اذ كان الكثير منهم يزعم بانه هو الذي اخرج الامريكان وفي الحقيقة، فان بعض القوى السياسية العراقية هي التي تدير بنجاح مسلسل سرقة الاموال والممتلكات وانها مخترقة من قبل جهات وافراد يريدون ادامة ماكنة الموت، وليس ادل على ذلك ان نقل ادارة حقول النفط الجنوبية الى ايد عراقية قبل سنوات، ادى بالعكس الى تفشي مظاهر سرقة النفط وتهريبه الى دول الجوار وتعطيل العدادات، فكيف سيقنعنا السياسيون ان انسحاب القوات الامريكية سيؤدي الى تآخي غلاة المتطرفين وتوقف نزيف الدم العراقي عن طريق اعمال القتل اليومي ونحن نرى للتو اولى بوادر القتل العام التي تحصد ارواح الابرياء.
اننا نرى ان دوامة العنف والقتل لن يتوقف الا بإقامة عملية سياسية صحيحة، ويأتي في مقدمة ذلك تعديل الدستور، او حتى ارساء دستور جديد وتغيير النظام الانتخابي، باللجوء الى نظام التمثيل النسبي والقوائم الفردية، اذ ليس من المعقول ان يجهل الناخب من يصوت له عن طريق اختفائه في طيات القوائم التي ولدت لنا نظاما ً يحتفي بالمحاصصة الطائفية والسياسية، وهو ما لا ينسجم وطبيعة العراق، بل يحاول السياسيون ان يفرضونه علينا، وهو ما ادى ويؤدي الى خراب البلد، ولقد طالبنا منذ ظهور النتائج في الانتخابات العامة الاخيرة، بإقامة حكومة على اساس الاغلبية السياسية، في حين يبقى الآخرون في المعارضة، وحذرنا من مخاطر الابقاء على نظام المحاصصة.
وفيما يتعلق بالقضية التي اثارت الخلاف وتسببت في التفجيرات الاخيرة، فليس لنا ان نبدي رأينا في الآلية التي سيتبعها القضاء فتلك امور خاصة به او هي من مسؤولية المختصين بالمحاكمات، غير اننا نود ان نرى ان تعالج القضية بوساطة القضاء وحده، وان يصار الى الالتزام بذلك من جميع الاطراف لتنفيذ العدالة المرجوة، غير اننا نقول، ان غياب موقف الشعب الحقيقي من الأحداث والتزامه الصمت فيما يتعلق باحداث خطيرة تتعلق بحياته ومصيره، ومنها اعمال القتل التي يتعرض لها، يؤدي الى الامعان في انتهاك حقوقه، و تواصل دوامات الموت اليومي الذي لا نعتقد انه في طريقه الى الزوال، الا بتغيير مفاصل مجمل العملية السياسية.



#صادق_الازرقي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مسؤولون يسعون للاستيلاء على قصور صدام وتسجيلها بأسمائهم
- ضم مناطق جديدة الى بغداد تكريس للتخلف واعتراف بالفشل
- الأراضي والرواتب للوهميين، و الحسرة للآخرين
- هل يسترد فقراء العراق أموالهم المسروقة؟!
- الزحف الحكومي لاحتلال بغداد
- حقيقة أسعار شقق بسماية!
- رفقاً بالطلبة!
- مهنة متاعب .. أم مهنة سرقات؟!
- الكهرباء لعبة سياسية متقنة
- هل تحققت الديمقراطية في العراق؟
- نهاية عقيد
- مُتنفس النواب للفرار بالغنيمة
- تنمية الشعور بالمواطنة
- ثلاث صفقات تجارية فاسدة في عشرة ايام!
- آلية غير منصفة لتنفيذ القرارات
- سلف المالية وعود من دون إجراءات
- الكهرباء في قبضة الاحتيال
- (الفاو) و (مبارك) في خضم سباق المصالح
- لنغتنم فرص الارتقاء بالبلد
- التسويف في ترشيق الوزارات


المزيد.....




- صدمة في الولايات المتحدة.. رجل يضرم النار في جسده أمام محكمة ...
- صلاح السعدني .. رحيل -عمدة الفن المصري-
- وفاة مراسل حربي في دونيتسك متعاون مع وكالة -سبوتنيك- الروسية ...
- -بلومبيرغ-: ألمانيا تعتزم شراء 4 منظومات باتريوت إضافية مقاب ...
- قناة ABC الأمريكية تتحدث عن استهداف إسرائيل منشأة نووية إيرا ...
- بالفيديو.. مدافع -د-30- الروسية تدمر منظومة حرب إلكترونية في ...
- وزير خارجية إيران: المسيرات الإسرائيلية لم تسبب خسائر مادية ...
- هيئة رقابة بريطانية: بوريس جونسون ينتهك قواعد الحكومة
- غزيون يصفون الهجمات الإسرائيلية الإيرانية المتبادلة بأنها ضر ...
- أسطول الحرية يستعد للإبحار من تركيا إلى غزة


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - صادق الازرقي - الاغتيال الجماعي للعراقيين