أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علاء كعيد حسب - أمل وراء القضبان














المزيد.....

أمل وراء القضبان


علاء كعيد حسب
شاعر و كاتب صحفي


الحوار المتمدن-العدد: 3587 - 2011 / 12 / 25 - 00:03
المحور: الادب والفن
    


في الليل. وراء قضبان النافذة المطلة على الخارج، و التي تعلونا بأمتار، هناك أصوات افتقدناها نحن المعتقلين. زمزمة الرعد، نهيق الحمار، زغاريد النساء في المناسبات و ضجيج الشوارع. بينما مللنا أخرى كنباح الكلاب وصراخ حراس السجن، أصوات المصابين بدنف ما. و أنافت الملل قطرات يبصقها الصنبور الصدئ بوثيرة متتابعة في المرحاض المتمركز على الركن الأيسر للزنزانة، ذو الباب الخشبي الأحمر الذي صارت رائحته النتنة ميزة يعرف بها. المكان الوحيد الذي تجد فيه نفسك بينما أنت "مضفدع" تعصر أمعائك من طعام المعتقل المر، تفكر في المناخ النقي العذب و الطعام اللذيذ المتنوع و الحرية التي لن يمنعك منها أحد، و تحلم بكثير من التأثر، بالمرأة التي تسكنك.

الزنزانة المقسمة إلى ثلاثة صفوف، كل صف من عشرة معتقلين يقيمون في مساحة لا تتعدى خمس أمتار مربعة، تلتصق فيها الأجسام بعضها ببعض، وتفوح منها رائحة العرق. أغلب الوجوه ميتة المعالم. الصورة من الشبرين اللذين يحتوياني مثيرة جدا. الزنزانة كمقطع من مقبرة مهبوشة، الموت ممزوج بالحياة، و الحرية طيف يجوب العقول و المكان. فالمستقبل مبهم غامض، غد مقرر بأجل، حكم بجرة قلم مستبد. الإفراج سراب على ذاكرة المعتقلين اللذين مازال الأمل بداخلهم يفرض الانتظار. وهم لذلك مستمرون من داخل القضبان التي ينبعث منها الحقد، ندب الصرخة الأولى، شرارات الجنون، و نحيب الفراق غير المرغوب.

ربما تولدت هذه الرؤى، بعد أن عاد إلى وعيه بينما نلتف حول جسده المنهك. و هو يدقق في الوجوه التي تطل عليه، ممددا على أرض الزنزانة الباردة، رغم البطانيات التي تكسوها.
حملق في الوجوه المتسائلة التي رسمت تعابير مختلفة من شخص لأخر. فتح فمه الذي مازالت الجلطة التي أحدثتها الكدمات واضحة على شفتيه، و استنشق غصبا بعض الهواء المتعفن من تلك الزنزانة، بينما أحد المعتقلين يمسح بمنديل العرق عن جبينه. في محاولة للنشر الطمأنينة والأمان، في روح "عمار".
و سأله:
هل أنت بخير ؟
نظر إليه "عمار" و قال بصوت خافت بالكاد يسمع :
لابد من تأدية فريضة المبدأ في المعتقل. ثم تنفس بعمق كأنما يستجمع قواه و أتم بصوت مرتفع، ارتد بين الجدران:
لكنهم يجهلون أنهم بهذا يستنسخون داخلنا آلاف المتمردين الثوار.
تعالت الصيحات و التهليل. كان مشهدا مألوفا و اعتياديا، لكنهم في كل مرة يتفاعلون مع الحادث الذي عايشوه مرارا. كل واحد منهم ذاق ما ذاق "عمار" دون أن يظهر ألمه أو انهزامه و استسلامه. و تجده بعد حصة التعذيب يضحك و يمازح رفاقه، في انتظار شخص أخر تحل عليه لعنة مزاج الجلاد.



#علاء_كعيد_حسب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صراط العصفورة..وسام الشمس
- -بستان الملائكة- ق.ص.ج إلى بغداد
- سقوط
- -همسات ثائرة-..انتفاضة الأنثى
- وسام الشمس
- ديوان -ماء ريم- للشاعر المغربي -محمد بوعابد- فاكهة حب لمراكش ...
- التوحد السريالي بين اللون و الحرف عند لحسن لفرساوي
- شباب 20 فبراير : ساعات فقط تفصل وجودنا من عدمه
- شباب 20 فبراير : الآفاق و الاتهامات
- المجلس الجماعي لمدينة مراكش بين الأقوال و الأفعال
- سلاما لتونس و أهلها
- تونس و بداية العدوى
- المعضلة
- أوراق من هاوية الماضي ( الجزء الأول )
- الطفولة على الهامش
- صوت مفلس
- الشاعر السويسري برينو ميرسي و رحلة اكتشاف الآخر
- لحسن لفرساوي : سريالية اللون و الحرف
- شاعرية الماغوط و القارئ
- محمود درويش , الشاعر الحاضر فينا


المزيد.....




- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني
- وفاة الفنان صلاح السعدني عن عمر يناهز الـ 81 عام ….تعرف على ...
- البروفيسور منير السعيداني: واجبنا بناء علوم اجتماعية جديدة ل ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علاء كعيد حسب - أمل وراء القضبان