أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة - حميد طولست - إذا -المسحولة- سُئلَت بأي ذنب انتُهِكت؟















المزيد.....

إذا -المسحولة- سُئلَت بأي ذنب انتُهِكت؟


حميد طولست

الحوار المتمدن-العدد: 3586 - 2011 / 12 / 24 - 22:25
المحور: ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة
    


لم تتوقف وسائل الإعلام العالمية بمختلف أشكالها وألوانها وتوجهاتها، مند الخامس والعشرين من يناير تاريخ اندلاع الربيع العربي، عن نقل صور لأحداث تغني عن أي حديث ولا تحتاج لأي نقاش ولا تقبل أي تحليل أو مزايدة، وتصبح معها كل الشعارات لا قيمة لها، وخاصة بعد تدخل الكثير من مواقع التواصل الاجتماعي، المحلية والعالمية، وبثها للكثير من المشاهد المتنوعة والفريدة سواء منها تلك التي أبهرت العالم كله ورفعت من شأن المصريين، كمشهد محاكمة الرئيس المخلوع وحزبه ونظامه في محاكمة عادلة، والذي يحدث لأول مرة في العالم العربي. أو كمئات، بل آلاف من مشاهد القمع والقتل والتنكيل التي شهدها ميدان التحرير وغيره من الميادين المصرية الأخرى، وانتشرت على قنوات تلفزيونات الكون كله، والتي لم تعرف الإنسانية له نظيرا على الإطلاق، ولا أظن أن هناك إنسانا لديه شعور وحس إنساني لم يهتز لهول وقعها الذي أثب بما لا يدع مجالا للشك على أن حدوثها لإهانة المصريين بإصرار وتعمد، كمشهد الجندي الذي يجر جثة متظاهر كالخروف الميت، وصورة الجندي الآخر الذي وجّه سلاحه بزهو في وجه المتظاهرين العزل وكأنه عسكري إسرائيلي يواجه الفلسطينيين، والتي لا يمكن قبول أي حجج أو مبررات تسوٌغ حدوثها لبشاعتها الصادمة وانحطاطها المفرط، وتبقى صورة الفتاة المسحولة من أفظع المشاهد وأبشعها على الإطلاق، والتي احتلت صورتها الصفحات الأولى لكل جرائد ومجلات الأرض من أقصاها الى أدناها، وهي تهان ببشاعة وتنتهك حرمتها بهمجية صادمة، وتسحل وتنزع عنها ثيابها فى عرض الشارع، وعلى مرأى ومسمع من العالم أجمع، من طرف عدد من الجنود الأشاوس ممن يفترض فيهم أنهم حماة الأرض والعرض الذين لم يتوقفوا عند هذا الحد من الهمجية المقيتة، بل زادوا من بشاعة المشهد، بالتنكيل غير المبرر -والذي لا ترتضية الانسانية ويرفضه الضمير والعقل السليم- بكل من حاول من الثوار الشرفاء أن يدرأ العذاب عن زميلتهم في النضال، أو يستر جسدها الذي انتُهكت حرمته علنا.
سلوكيات حاقدة غير مهذبة يندى لها الجبين، وتصرفات مخزية في قمة الانحطاط الذي يخجل من مجرد مشاهدتها شرفاء العالم كله الذين لم يقفوا امام مشهد لم يستغرق أكثر من لحظة وجيزة لجسد عارٍ مسحول لفتاة عادية خرجت للضغط على المجلس العسكري لتنفيذ طلبات الثورة وإرجاع الكرامة المصرية المسلوبة واسقاط بقايا النظام البائد، بل وقفوا أمام حقيقة عارية هبت معانيها كريح قوية لم تصمد أمامها كل الأكاذيب والإدعاءات والإعتذارات عن هذا الفعل الإجرامي الذي نال من كبرياء المرأة المصرية وخدش شموخها وكرامتها المحفوظة مند غابر الأزمان كما قال ماكس ميللر:"ليس ثمة شعب قديم أو حديث رفع منزلة المرأة مثلما رفعها سكان وادي النيل"، واسألوا عن ذلك أسماء كثيرة من نساء مصر مثل: كليوباترا ونفرتيتي وحتشبسوت، وكيف كانت للمرأة في الحضارة المصرية القديمة منزلة رفيعة تختلف عن منزلتها في باقي المجتمعات القديمة، حيث كانت الأم المكرمة والزوجة الجليلة القدر إلى درجة أن أغلى قسم كان عند إخناتون، هو أن يقسم بزوجته نفرتيتي، الشيء الذي أذهل المؤرخ اليوناني الشهير هيرودوت ودفع بديدور الصقلي للقول: "إنها كانت تنال من السلطة والتكريم أكثر مما ينال الملك، ويرجع ذلك إلى الذكرى المجيدة التي خلفتها في مصر الإلهة إيزيس".
هكذا كانت المرأة في بر مصر، قبل أن تسحل في ميدان التحرير-قلب الثورة ومهدها المعبر عنها- لثنيها عن تحقيق المزيد من الانتصار على التخلف والرجعية والوصول إلى المناصب السياسية..
لم تتوقف بشاعة المشهد عند هذا الحد، ولكن ما تلى ذلك من نقاشات ومناظرات وتصريحات الكثير من الجهات لتبرير الأحداث، فجرت بداخل نساء مصر بركانا عارما من الغضب دفع بالآلاف منهن إلى النزول للميدان ليس للانتحاب على أحداث الثورة المتتالية والمتتابعة التي عرضت خيرة شباب مصر للموت والإصابة بالعاهات المستديمة كضريبة للتحرر، ومن بينهم الفتاة– الثائرة الحرة- التي داست أحذية رجال الشرطة والعسكر جسدها الذي تعرض للسحل والتعري رغم أنها لم تخن الوطن، ولم تكن من جنود أعداء البلاد.
لكن المرأة المصرية خرجت للاحتجاج على غياب ضمير فئة من أبناء مصر الذين لم يتحرك لهم ساكناً عندما أهينت إحدى بنات مصر بالتحرش والسب والضرب والركل والسحل والتعرية، لانشغالهم بتوفير الجهد والطاقة والأموال لشراء الأصوات للوصول إلى الحكم.
لقد خرجن بالآلاف إلى كل الميادين، لفضح جبن وازدواجية ونذالة بعض التيارات وسكوتها، بل وتواطئها الفاضح مع مخططات العسكر لتأميم ميدان التحرير، وإنهاء دوره كمنبر للثورة ورمزها المعبر الحقيقي -منذ غابر الأزمان وقبل 25 يناير وعلي مستوى العالم كله- عن طلبات ثواره، ومنعهم من التظاهر والاعتصام به ومواجهة كل محتج فيه بالقتل والضرب والسحل والإهانة.
خرجن لتعرية نفاق أولئك الذين لا يعرفون إلا لغة المصالح، الذين أخذتهم العزة بالإثم، على صدور "وثيقة السلمي" -قبل أسابيع- والتي مست بعضا من مصالهم الخاصة، فنزلوا في إحدى الجمعات في تظاهرة مليونية سمّاها البعض "جمعة فرد العضلات المليونية"، وقبلها ذلك بشهور، خرجوا علينا صارخين "وااااااااإسلاماه" مطالبين بالجهاد دفاعاَ عن شرف أخت مسلمة تناقلت الإشاعات أنها تركت المسيحية واعتنقت الإسلام، فحاربوا وأحرقوا ودمروا وقتلوا من أجل قضية شخصية لا يصح التدخل فيها بغض النظر عن صحتها أو كذبها.. فاذا كانت هذه الحركات التي ألفت المساومة على كل شيء وبكل شيء مهما كانت قيمته حريصة على الدين و الوحدة والوطن وحماية نسائه -كما يدعون- فلماذا غابت غوغاؤهم عندما انتهك عرض الفتاة المصرية البريئة بالسب والضرب والركل والسحل واختاروا الاصطفاف والتوحد بالمعتدي ولوم الضحية، بدل التوحد بالضحية والتنديد بالإجرام. لكنها الأقدار شاءت أن ينقلب السحر على الساحر، وقبل أن ينال التواطؤ الجبان مع الفعل الإجرامي، من كبرياء الفتاة المصرية الأبية وشموخها, عرى الحدث سوءتهم وافضح شدة قبح وبشاعة إدعائهم بـ"تكريم المرأة"، وجسد تعصبهم المقيت الذي لا يؤمن بالروح الحقيقية للأديان السماوية، وأظهر كم هم أناس منافقون في حقيقتهم، وأنهم يعيشون بلا أدنى شك من انفصام خطير في الشخصية، ويعانون من كل الأمراض الحضارية المتوطنة، والجروح السياسية المتقيحة، والأورام الأخلاقية المنتفخة، والدمامل الثقافية الصديدية، وعلى رأسها ثقافة لوم الضحية أكثر من لوم الجاني.
ولنتخيل لو حدث ذلك على أيدي آخرين غير مسلمين وفى مكان أخر غير أرض مصر الطاهرة، فلن يكون رد الفعل بهذا الخزي الذكوري المتعاطف مع الجاني باعتباره الأكبر والأقوى، والأهم من الضحية صغيرة لأنها الأنثى وهو الأب والذكر والجيش؟ ولأقام الناس الدنيا وأشعلوها حرباً تأكل أخضر ويابس مرتكبي تلك الجريمة الشنعاء التي تتساءل "المسحولة" بأي ذنب انتُهِكت حرمتها؟ والتي قد لا نستطع الإجابة عنها إلا بالعديد من علامات الاستفهام المحيرة، بخلاف عما يرد به شيوخ الدجل بالنيابة عنها حيث يقولون: "هي اللي جبتو لنفسها.. ما الذي أخرجها من بيتها.. مالها والمطالبة بالحُرِيَّة، تخليها للرجال؟ بعد أن خدوعها بالحجاب أو النقاب الذي لم يمنع الوحوش الآدمية من العبث بأعز ما تملك، حريتها التي لا تعوضها الاعتذارات التي لا تضمن عدم تكرار نفس الاعتداءات والسلوكيات المشينة، وكل التعديات والجرائم، مادام لا يحاكم المسؤولون عن ارتكابها..
حميد طولست[email protected]



#حميد_طولست (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كراسي الحكم وتجربة الإسلاميين .
- حكومة السيد بنكيران بين الهوية و التدبير.
- الإسلاميون يصلون إلى الحكم في المغرب.
- السلطة الخامسة
- المتقاعدون والانتخابات!!
- زحمة الشوارع.
- الدعاية الانتخابية La propagande
- طلب الجنس ليس عهرا مهما كانت الأعمار.
- الموت!!!
- سلوكات هجينة في عيد الأضحى المبارك
- العيالات!!
- نهاية طاغية..
- حتى لا تتحول-الكوظا- إلى ريع سياسي!
- الله يلعنها حرية!!!
- الحقد...
- °طلاسم فاتورة الكهرباء
- الوجه لا لباس له «il n’y a pas de vêtement pour le visage».
- التبركيك والفضول الفقهي.
- الخبث السياسي.
- هل الجمال قيمة كونية؟


المزيد.....




- “لولو بتدور على جزمتها”… تردد قناة وناسة الجديد 2024 عبر ناي ...
- “القط هياكل الفار!!”… تردد قناة توم وجيري الجديد 2024 لمشاهد ...
- السعودية.. امرأة تظهر بفيديو -ذي مضامين جنسية- والأمن العام ...
- شركة “نستلة” تتعمّد تسميم أطفال الدول الفقيرة
- عداد جرائم قتل النساء والفتيات من 13 إلى 19 نيسان/ أبريل
- “مشروع نور”.. النظام الإيراني يجدد حملات القمع الذكورية
- وناسه رجعت من تاني.. تردد قناة وناسه الجديد 2024 بجودة عالية ...
- الاحتلال يعتقل النسوية والأكاديمية الفلسطينية نادرة شلهوب كي ...
- ريموند دو لاروش امرأة حطمت الحواجز في عالم الطيران
- انضموا لمريم في رحلتها لاكتشاف المتعة، شوفوا الفيديو كامل عل ...


المزيد.....

- جدلية الحياة والشهادة في شعر سعيدة المنبهي / الصديق كبوري
- إشكاليّة -الضّرب- بين العقل والنّقل / إيمان كاسي موسى
- العبودية الجديدة للنساء الايزيديات / خالد الخالدي
- العبودية الجديدة للنساء الايزيديات / خالد الخالدي
- الناجيات باجنحة منكسرة / خالد تعلو القائدي
- بارين أيقونة الزيتونBarîn gerdena zeytûnê / ريبر هبون، ومجموعة شاعرات وشعراء
- كلام الناس، وكلام الواقع... أية علاقة؟.. بقلم محمد الحنفي / محمد الحنفي
- ظاهرة التحرش..انتكاك لجسد مصر / فتحى سيد فرج
- المرأة والمتغيرات العصرية الجديدة في منطقتنا العربية ؟ / مريم نجمه
- مناظرة أبي سعد السيرافي النحوي ومتّى بن يونس المنطقي ببغداد ... / محمد الإحسايني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة - حميد طولست - إذا -المسحولة- سُئلَت بأي ذنب انتُهِكت؟