أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - فؤاد النمري - عن أي يسار يكتب كتبة اليسار !؟















المزيد.....

عن أي يسار يكتب كتبة اليسار !؟


فؤاد النمري

الحوار المتمدن-العدد: 3586 - 2011 / 12 / 24 - 14:51
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


كان أن طُلِبَ إليّ أن أكتب عن اليسار فرفضت؛ رفضت ليس لأنني كنت كتبت عن بدعة اليسار أكثر من مرتين في " الحوار المتمدن " دون أن أجد أحداً ممن يصفون أنفسهم باليساريين يردّ عليّ أو يعترض على ما كتبت، وليس لأن الأخوة في هيئة تحرير الحوار المتمدن يعلنون أنفسهم يساريين وأن جريدتهم هي جريدة اليسار بامتياز وعليّ ألا أجرح كبرياءهم لأنهم يقومون بدور تقدمي رغم أنهم يساريين، وليس لأنني تراجعت وعدت راغباً في الكتابة عن اليسار، ليس لكل هذا أقوم الآن بالكتابة عن بدعة اليسار، بل فقط لأتساءل .. كيف يكتب جميع الذين كتبوا عن اليسار دون أن يعرفوا عمّا يكتبون !! ليعذرني جميعهم بينما أنا أتحداهم فرداً فرداً في أن يعرف أحد منهم عما يكتب بحدوده الدقيقة، عمّا يسمى باليسار دون تعميم.

ليقلْ لي أحدهم ما هي الطبقة التي يمثلها حضرته أو حزبه اليساري ويسعى لتحقيق أهدافها لأقلْ له ما طبيعة يساريته، بل وليتحقق هو نفسه من ماهية يساريته الزائفة !! ليس أحداً من الذين كتبوا عن اليسار ودور اليسار يجروء على تحديد تلك الطبقة التي يمثلها يسارهم. كلهم يخفون مراءاتهم وراء التعميم فيزعمون أنهم يمثلون " الجماهير العريضة " من الشعب، وهذا زعم باطل حيث أن الجماهير العريضة تمارس الإنتاج بوسائل مختلفة متعارضة الأهداف والمصالح وهو ما يحول دون وحدة تمثيلها. ربّ أحدهم يدعي تمثيل الطبقة العاملة لكن هذا الأحد يعارض ويرفض بقوة " دولة دكتاتورية البروليتاريا "، الرفض الذي يسمح له بالإتساق مع أطياف اليسار المتباينة ولولاه لما اتسق. كيف به يكون ممثلاً للطبقة العاملة وهو يعارض سلطتها ويحول دون انتصارها على أعدائها البورجوازيين!؟ مثل هذا اليساري يفتئت على الطبقة العاملة ويخونها؛ وليس ثمة شك في أن الطبقة العاملة ستنكر مثل هذا الممثل. الصيحة العامة التي يصيحها كل اليساريين دون استثناء، ومنهم للعجب من يدعي الشيوعية، تقول أنهم يمثلون " الجماهير الشعبية العريضة " ــ دون تحديد الطبقة ــ في سعيها لتحقيق " الديموقراطية " و " العدالة الاجتماعية ". لدى تفحص مثل هذه الدعاوى المعممة وإخضاعها للبحث العلمي، بعيداً عن التعميم، لا نجد لها أية مدلولات ثابتة ومحددة، لا للديموقراطية ولا للعدالة الاجتماعية، وهو ما يرتب علينا للأسف اتهام هؤلاء اليساريين بالمتاجرة بمصالح الشعب وبمستقبله؛ وهذا تهمة تخوينية خطيرة يرفضها بالطبع سائر اليساريين، لكن عليهم إثبات بطلانها كي يكون رفضهم صادقاً وصحيحاً؛ ولن يبطلها إلا البرهنة على أن للديموقراطية وللعدالة الاجتماعية مدلولين حقيقيين وثابتين.

علّة اليساريين العليلة هي التعميم. صيحتهم الأعلى هي الديموقراطية، والحق أنه لا يعنيهم من هذه الديموقراطية سوى جرسها الطَرِب ووقعها على الأسماع، أما مدلولاتها فهي آخر ما يفكرون فيه. ولسد الطريق على التفكير بمدلولات الديموقراطية الحقيقية يسارعون إلى القول أن مدلولات الديموقراطية هي " التعددية " و " تداول السلطة ". فعن أي تعددية وأي تداولٍ للسلطة هم يتحدثون معممين؟
من المعلوم تماماً أن الديموقراطية هي البناء السياسي للدولة، وهو البناء الذي لا يقوم إلا على أسس متينة راسخة هي الأسس الاقتصادية. والدولة هي بالنهاية جهاز أمني يقوم على حراسة أمن المجتمع كما هو ماثل بالهيكلة الطبقية التي تعكس علاقات الانتاج والملكية الخاصة والعامة. القانون العام والنافذ على الدوام هو أن المجتمعات تقيم الدولة على شاكلتها ولم يحدث قط عبر التاريخ أن مجتمعاً ما أقام دولة على غير ما هو، لتنقضه وتقلب عاليه سافله. حتى بالتبدل الثوري فالقوى المنتصرة بالثورة تقيم دولتها على شاكلتها. علة يساريينا هي أن مجتمعاتهم مسطحة بسبب أنها لا تنتج مواردها. اقتصاداتها هي اقتصادات ريعية تتكون بصورة رئيسية من ريوع المستخرجات المعدنية كالنفط والغاز وغيرهما من المعادن الأخرى؛ فمصر مثلاً، وهي أكبر الدول العربية، تعتمد مواردها على دخلها من عائدات النفط والغاز، وعائدات قناة السويس، وتحويلات المغتربين ويبقى غير ذلك النزر اليسير الذي ينتجه شعب تعداده أكثر من ثمانين مليوناً. ومع ذلك تجد في مصر أكثر من أربعين حزباً كاذبة زائفة لا تمثل قوى اجتماعية بعينها، وأكبر حزب فيها يعلن أنه يمثل " الله " المتواجد في الحياة الأخرى وليس الدنيا!! في الدول الريعية حيث مجتمعاتها لا تنتج مداخيلها لا تقوم أحزاب ذات مصداقية، أحزاب لها قواعدها المادية التي تبرر وجودها. ليس هناك من طبقة مكتملة النمو تنتج مورداً هاماً من موارد المجتمع كيما يكون لها دور سياسي يمثله حزبها، بل أكثر من ذلك ليس ثمة أفق مفتوح لتطور طبقة بعينها توكل حزباً يقودها. صحيح أن هناك أغنياء وفقراء لكن ذلك ليس بفعل الانتاج، بل إن الأغنياء يعملون أقل مما يعمل الفقراء، والأغنياء في مثل هذه الحالة هم دائماً من التجار، والتجارة لصوصية كما قال الرئيس الأميركي الأسبق المميز بنيامين فرانكلين. في المجتمعات المسطحة مثل المجتمعات العربية لا تقوم أحزاب حقيقية ذات مصداقية وبذلك تنعدم التعددية وينعدم بالتالي تداول السلطة. والحزب الذي لا يعتمد على قوى اجتماعية حقيقية يظل كسيحاً ولا يصل إلى أولى درجات سلم السلطة. يقوم ما يشبه الدولة في المجتمعات المسطحة على أسس بطريركية وإلا فدولة العصابة . إبّان ثورة التحرر الوطني 1946 ـ 1972 نهضت البورجوازية الدينامية تقود الثورة من أجل بناء إقتصاد وطني مستقل يحقق طموحاتها إلا أن شروط القوى الدولية آنذاك وانهيار المعسكر الاشتراكي حال دون ذلك وهمدت البورجولزية الدينامية وعادت المجتمعات العربية مسطحة ساكنة سكون مياه المستنقعات الآسنة. والمفارقة التي تثير السخرية حقاً هي أن اليسار المزعوم لم يطفُ على السطح إلا بعد أن سكنت المجتمعات العربية مسطحة آسنة. ليس لديّ أدنى شك في أن اليساريين بمختلف أطيافهم لن يستطيعوا تحريك مياه المستنقعات الراكدة الآسنة قبل أن تأسن أفكارهم.

الرياء والنفاق لم يرفعا شعاراً من طبيعتهما كمثل " العدالة الاجتماعية ". لِمَا لم يلتفت هؤلاء اليساريون إلى أن الليبراليين اليمينيين من أنصار اقتصاد السوق يرفعون ذات الشعار، شعار " العدالة الاجتماعية ". حجج الليبراليين اليمينيين في المناداة بما يسمى بالعدالة الاجتماعية هي أقوى وأكثر أصالة من حجج اليساريين التي تستند فقط إلى العواطف والحس الانساني الذي لا يعمل في البنيان الاقتصادي أكثر مما يفعله الله فوق السماء السابعة. يقول الليبراليون أن لكل فرد في المجتمع أن يرسل إنتاجه إلى السوق والسوق تحدد بدل إنتاجه منسوباً لإنتاج كل فرد آخر. ويؤكدون أن ليس أعدل من السوق في توزيع العوائد. فماذا يقول اليساريون في هذه الحجة؟ يقولون أن أفراداً كثيرين لا ينتجون ولا يحصلون بالتالي على أية عوائد وهناك أفراد أكثر لا يحصلون على عوائد كافية وهو ما يخالف الحس الإنساني. نعم، يخالف الحس الإنساني لكنه يتطابق تماماً مع مفهوم العدالة التي تحكم في أن يعطى كل ذي حق حقه. وأما أن يُعطى حقٌ لمن لا حق له فهذا مخالفة صريحة لمفهوم العدالة. وهكذا يمكن القول أن " العدالة الاجتماعية " اليساروية هي أقرب لأن تكون " الظلامة الاجتماعية " وليس العدالة الاجتماعية.

بعيداً عن المحاكمة العلمية والموضوعية لمفهوم العدالة الإجتماعبة والذي لا بدّ وأن يزعج اليساريين، نسأل هؤلاء اليساريين عن تلك الجهة التي ستقيم العدالة الاجتماعية وتأخذ من الأغنياء وتعطي للفقراء. ليس غير الدولة من يقوم بمثل هذا العمل الاستثنائي عبر التاريخ. عمل استثنائي لا بد أن تقوم به دولة استثنائية. لم تعرف البشرية طرازاً من طرز الدول المتباينة التي ظهرت عبر التاريخ قام بمثل هذا العمل الاستثنائي، باستثناء دولة دكتاتورية البروليتاريا بقيادة لينين وستالين، وهي الدولة المرفوضة بالطبع رفضاً قاطعاً من قبل اليسار. تصحّ صيحة اليسار لو كان لديه وصفة خاصة تصف إقامة مثل هذه الدولة الاستثنائية. في مثل هذه الحالة فقط يمكن تعميدنا يساريين في نهر معموديتهم. أما بغير ذلك والقول بأن وصفتهم الخاصة تقول بإقامة الدولة عن طريق الإنتخابات العامة فذلك لا يعني بأن دولة اليساريين ستكون مختلفة عن طراز الدولة القائمة اليوم في مختلف المجتمعات المعروفة وأفضل طراز منها هو الدولة الرأسمالية التي انهارت قبل ثلاثة عقود حيث أسبوع العمل لديها هو 42 ساعة عمل وأجرة العامل لا تتعدى بدل 36 ساعة. وعرفت البشرية أخيراً عن طريق الانتخابات العامة ما يسمى ب " دولة الرفاه " أي دولة الطبقة الوسطى والبورجوازية الوضيعة وهي الدولة التي أهلكت الزرع والضرع وأغرقت العالم في لجة الدين العام البالغ 70 تريليون دولار، ولذلك يترنح العالم اليوم على شفا الانهيار الكارثي. دولة الرفاه في المجتمعات الفقيرة من طراز الدولة التي أقامها اليسار في أمريكا اللاتينية هي أسوأ من نظيرتها في المجتمعات الغنية مثل بريطانيا وفرنسا وستكون نهايتها السريعة مثل نهاية اليونان وايرلندة والبرتغال وأخيراً إيطاليا، لكن دون أن تجد من يمد يد المساعدة إليها.
دولة الأغنياء وهي الدولة الرأسمالية المنقرضة التي لا تعطي الحق لمن لا يستحقه هي أفضل كثيراً للعالم من دولة الفقراء، دولة الرفاه التي تبذّر بالحقوق على سعتها. ثم لئن كانت وصفة اليسار هي دولة الرفاه فلماذا هم ينشطون في المعارضة في بريطانيا وفرنسا حيث الدولة فيهما هي دولة الرفاه.
لا يجوز أن يختتم القول في هذا السياق بغير مطالبة اليسار بإعلان وصفة حقيقية تبين تشكيل دولة تقيم العدالة الاجتماعية، وبغير ذلك تستوجب النصيحة إليهم بأن يستبدلوا رايتهم اليسارية المخادعة براية أخرى لا تخادع ولا تضلل.

www.fuadnimri.yolasite.com



#فؤاد_النمري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مواجهة مع أحد المرتدين
- نهاية إقتصاد السوق
- رفيقنا الشيوعي الأميز علي الأسدي
- ليست الأخطاء هي التي أفشلت الاشتراكية
- العمل الشيوعي في عالم خارج التاريخ
- في نقد الإشتراكية السوفياتية
- من الديموقراطية إلى الشيوعية
- خيانة الاشتراكية وانهيار الإتحاد السوفياتي
- دور النقد في انهيار الرأسمالية
- المثقفون وسقوط التاريخ
- اللغو البغو تلغيه وقائع التاريخ
- نذر الكارثة الإقتصادية تقرع طبولها
- الإفساد بالأدلجة
- نقد فظ لشيوعي ناعم
- ماذا عن وحدة اليسار
- الإشتراكية والديموقراطية
- لن تكون رأسمالية في روسيا
- إنتهت الرأسمالية إلى الإنحلال وليس إلى الثورة !!
- حاجة العالم للينين مرة أخرى
- ماركسيون بلا ماركس


المزيد.....




- الهجمة الإسرائيلية المؤجلة على إيران
- بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ...
- أصولها عربية.. من هي رئيسة جامعة كولومبيا بنيويورك التي وشت ...
- مصدر التهديد بحرب شاملة: سياسة إسرائيل الإجرامية وإفلاتها من ...
- الشرطة الفرنسية تستدعي نائبة يسارية على خلفية تحقيق بشأن -تم ...
- السيناتور ساندرز يحاول حجب مليارات عن إسرائيل بعد لقائه بايد ...
- إعادة افتتاح متحف كانط في الذكرى الـ300 لميلاد الفيلسوف في ك ...
- محكمة بجاية (الجزائر): النيابة العامة تطالب بخمسة عشر شهرا ح ...
- تركيا تعلن تحييد 19 عنصرا من حزب العمال الكردستاني ووحدات حم ...
- طقوس العالم بالاحتفال بيوم الأرض.. رقص وحملات شعبية وعروض أز ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - فؤاد النمري - عن أي يسار يكتب كتبة اليسار !؟