أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - نضال نعيسة - عروش بلا جيوش















المزيد.....

عروش بلا جيوش


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 3586 - 2011 / 12 / 24 - 12:05
المحور: كتابات ساخرة
    


كان أول قرار اتخذ عقب الاحتلال الأمريكي للعراق هو حل الجيش العراقي، وتسريح معظم ضباطه وتشريد قياداته، بالتوازي مع حملة مطاردة، وقتل وإغراءات لعلماء الذرة العراقيين في هذا البلد البابلي العظيم، الذي كان يسمى ذات يوم بـ"ألمان العرب" لكثرة ما فيه من العلماء والكوادر العليا المؤهلة تأهيلاً عالياً، والذي كان يشكل رقماً صعباً في معادلة الإقليم العسكرية، لاسيما بعد خروجه أكثر عدة وعتاداً وخبرة من حرب الثماني سنوات مع إيران، 1980-1988 وامتلاكه، بعد ذلك، لمنظومة صاروخية ضاربة بعيدة المدى، يمكنها حمل رؤوس نووية وكيميائية، هدد صدام حسين ذات يوم بحرق نصف إسرائيل من خلالها، في واحد من اشهر وأغرب تصريحاته، إذ لم يعرف لماذا، ولمن سيترك النصف الثاني، ربما كان ينوي تركه لطويل العمر حاكم أم القيوين الأشوس لإكمال المهمة القومية.

ويبدو أن عيون أمريكا وإسرائيل كانت، دائماً، على كل تلك الدول التي فيها جيوش قوية في المنطقة، أو تلك التي يمكن أن تشكـّل في يوم من الأيام تهديداً للدولة العبرية التي يجب أن تبقى القوة السوبر في المنطقة. وقد كان العدوان الأطلسي على ليبيا ضمن هذا السياق، فلقد كان هناك طموحات توسعية وعسكرية للعقيد، وكان ضرب وتدمير الجيش الليبي واحداً من أهم الأهداف للناتو وثوار مصطفى عبد الجليل، ولن تقوم قائمة بعد اليوم للجيش الليبي واختفى تماماً من المعادلة الليبية، بعد الإطباق الأطلسي عليه. وهناك اليوم حملة مركزة وقوية أيضاً على الجيش المصري لتأثيمه وشيطنته وتشويه سمعته ومكانته محلياً وعالمياً، تمهيداً لتفكيكه بطريقة ما، بغض النظر عن بعض تجاوزاته مؤخراً، إذ ما زال هذا الجيش يحتفظ بالكثير ممكنات الخطر على الدولة العبرية، وأن أي انقلاب سياسي دراماتيكي وجذري في مصر، قد يشكل مصدر خطر كبير للدولة العبرية نواته الجيش المصري الضارب، وتقع محاولا إضعاف وتهزيل وتفكيك مصر وإرباك جيشها في ذات السياق .

ولا يخفى على أحد، أيضاً، تلك القوة الضاربة والفعالة التي وصل إليها الجيش السوري، والذي اجتاز اختباراً ناجحاً في التماسك والانضباط والتكتيك والقدرات القتالية العالية، والذي كان محور وصمام أمان لسوريا في هذه المحنة والهجمة البربرية الأطلسية-الخليجية ضد الوطن السوري، ولاسيما بعد الكشف عن قدرات إستراتيجية مرعبة يستحوذ عليها من خلال منظومات الصواريخ التي تم اختبارها بنجاح في المناورات العسكرية التي أجراها مؤخراً، وهذا ما أجج نار الحقد والغضب والترصد والكيد ضده من قبل ذات الدوائر التي تشن حربها الباغية ضد سوريا، وحيث تضع تفكيك هذا الجيش وتدميره(1)، في مقدمة أولوياتها بعد وصول طلائع الفتح الغليوني الإخواني المبين إلى سوريا، وقد صدرت إشارات وتلميحات واضحة لا تقبل التأويل، من أكثر من جهة معنية بالملف السوري، حول مستقبل هذه المؤسسة الوطنية العريقة والقوية بعد انتصار "الثورة".

ويأتي استهداف مقر إدارة أمن الدولة في منطقة كفرسوسة، وفرع المنطقة للأمن العسكري في منطقة الجمارك بدمشق، في سياق ذات المحاولات المجرمة والآثمة لعملية تفكيك مكامن قوة هذا الجيش وهذا البلد، ونظراً لما حققته الأجهزة الأمنية(2) من نجاح نوعي في التصدي للهجمة البربرية ضد سوريا، فكان لا بد من الانتقام منها وبتلك الطريقة التي عهدناها في العراق أي الـ Al Qaeda-Style التي نالت اليوم، مع صنوها تنظيم الإخوان المسلمين، لقب الحليف الاستراتيجي الوحيد والكبير للأطلسي، وها هي المكافآت تغدق عليهم من خلال تسليمها زمام القيادة والسلطة في منظومة ربيع ابن ليفي.

يتبدى من خلال متابعة هذا الخراب والدمار الذي أطلق عليه برنار هنري ليفي بالربيع العربي، أن هناك إستراتيجية يمكن توصيفها بـ "إستراتيجية عروش بلا جيوش" في المنطقة، وكما هو الحال في منظومة الخليج الفارسي، المسماة بمجلس التعاون الخليجي، حيث يتم الاستعانة بقواعد عسكرية أمريكية، وكفى الله هذه المشبخات شر إنشاء جيوش وطنية قوية، قد تشكل في أي يوم من الأيام أي خطر على أي كان، حتى على العروش الكرتونية التي يتربعون عليها من دون خوف من زلازل الربيع العربي، والاكتفاء بقوات شرطة هي خليط هجين "خبيص" عجين من أسيويين وبتان وفيليبينيين وبنغال وباكستانيين، قوات لا في العير ولا في النفير، ولا تحل ولا تربط، ولا تهش ولا تنش، ينصـّب على هرمها أحد أبناء القبائل الحاكمة. وقد أثبتت بعض التجارب العسكرية الفاشلة في مشيخات الخليج الفارسي عن الشرخ البنيوي العميق في هذه المؤسسات، لاسيما إبان غزو صدام للكويت حيث احتلها خلال أقل من ساعة، وفرّ ضباطها وأمراؤها وضباطها وجنودها كالأرانب المذعورة أمام جيش صدام النوعي في حينه. وكذلك الأمر ينطبق على ما يسمى بالجيش السعودي الذي، وفي ذروة اندفاعه لنصرة حليفه الشاويش علي، ظهر في مظهر هزيل ومضحك ومفكك وعاجز أمام بضعة رجال من الحوثيين الذين تصدوا له وردوه على أعقابه، لا بل سيطروا واحتلوا عشرات القرى السعودية من بينها على ما أذكر المعرسة والجابري وخميس والملاحيظ وجبل الدود..إلخ، وما تلا ذلك من ظهور هزيل وركيك في شرح العملية لما سمي في حينه نائب وزير الدفاع والطيران خالد بن سلطان. ولن نتكلم عن باقي المشيخات التي لا يوجد لديها أي نوع من الجيوش الوطنية، بسبب الفقر والجفاف والقحط الديمغرافي الذي تعانيه، وبالكاد يشكل مجموع سكانها، سكان ناحية، أو حي سوري كبير، ومعظمها لم يكن موجوداً أو معروفاً قبل سبعينات القرن الماضي.

عروش وكروش بلا أظافر ولا أنياب ولا جيوش، وكلوا واشربوا وصلـّوا علينا، هذا هو المطلوب.

نعم هناك رغبة غربية بتعميم الأنموذج الخليجي للدول والجيوش التي يجب أن تعوض بالقواعد العسكرية وأن تكون بلا أنياب، وللديكور فقط، ولإحياء مهرجان الجنادرية الذكوري وفي أحسن أحوالها وتشكيلاتها جوقات موسيقية عسكرية متراصة ومتأهبة وبجاهزية عالية لاستعراض حرس الشرف عند استقبال وزيرات الخارجية الأمريكية من ألبرايت، مروراً بكوندي السمراء وليس انتهاء بهيلاري الشقراء التي كانت تشغل وظيفة ضرة مونيكا لوينسكي قبل أن ترقى إلى منصب الـ Secretary of State.

(1)-إن المحاولات الحثيثة لاستصدار قرار دولي ضد سوريا، ترمي بالمقام الأول لتدمير الجيش السوري، وإزاحته من المعادلة، ولننسى مؤقتا همروجة عشق أمريكا للحقوق الإنسان، وهي التي قتلت مليوني عراقي.
(2)- لا يخفى ها هنا بعض التحفظات على أداء بعض من هذه الأجهزة في زمن الحرب، وزمن السلم لاسيما لجهة حماية ودعم، وتحديداً ترشيح الفاسدين للمناصب العامة، ومع ذلك، وبالمجمل تبقى مؤسسات وطنية جنـّبت سوريا والسوريين الكثير من العواقب السوداء، وشكـّلت إحدى عوامل القوة السورية التي نعتز ونفخر بها جميعاً، وينبغي أن ترفع لكل جهاز وطني وناجح وفعال، كل القبعات.



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مفتي الناتو الجليل
- ورطة العرب في سوريا
- لماذا بق برهان غليون البحصة؟
- سوريا تشكّل العالم الجديد
- الجيش السوري في دائرة الاستهداف
- القرآن وأنبياء الربيع العربي
- وا برناراه!!!
- لا لعودة سفراء الأعراب لدمشق
- مرحباً بالمقاتلين الليبيين
- نعم لعقوبات عربية على هؤلاء
- جاييكم الدور
- سوريا ليست ليبيا2
- سوريا ليست ليبيا 1
- فضائح إعلامية إصلاحية سورية
- متى يتحضر العرب؟
- لماذا لا أخشى من الله؟
- أين عزمي بشارة؟
- مجازر إعلامية سورية
- لماذا لا يعتذر حزب البعث للسوريين؟
- السيد وزير الإعدام السوري: أنت متهم


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - نضال نعيسة - عروش بلا جيوش