أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جودت هوشيار - ستالين العراق















المزيد.....

ستالين العراق


جودت هوشيار
كاتب


الحوار المتمدن-العدد: 3585 - 2011 / 12 / 23 - 08:56
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يثير تركيز السلطة الشديد بيد رئيس الوزراء نورى المالكى و تفرده بأتخاذ القرار و تسخيره للقوى الأمنية و القضاء المسيس فى تصفية خصومه السياسيين ، قلقا بالغا ومشروعا لدى القوى السياسية الأخرى و الرأى العام العراقى و بخاصة فى الأوساط الليبرالية و العلمانية و اليسارية ، حيث تلوح فى الأفق مشروع دكتاتور جديد و نظام شمولى لا يقل عنفا و أستبدادا عن النظام السابق .
و رغم أنحسار اهتمام المجتمع الدولى و الأعلام العالمى بأحداث العراق ، الا أن أمرا واحدا ، اخذ يستقطب أهتمام المراقبين و المحللين السياسيين فى كثير من بلدان العالم ، و هو هيمنة المالكى الشديدة على السلطة و القوة و الثروات فى العراق .
ثمة من يقارن المالكى بصدام حسين ، من حيث التفرد فى أتخاذ القرار و قمع الحريات العامة و الخاصة و أنتهاك حقوق الأنسان و هدر ثروات البلاد ، و لكن المؤرخ و المحلل السياسى الروسى البارز " فاديم مكارينكو " يرى – فى مقال له تحت عنوان " ستالين العراق " الذى نشر فى أحد المواقع الألكترونية الروسية مؤخرا – ان طريق صدام الى السلطة ، كان مختلفا عن طريق المالكى ، و من الأصوب القول ، ان الملكى هو " ستالين العراق لوجود أوجه تشابه كثيرة بين الدكتاتورين .

. المالكى أفلت من الموت فى العهد الصدامى ، كما أفلت ستالين فى العهد القيصرى و أصبح على رأس السلطة بمحض الصدفة فى أوج العنف الذى كان يهدد بتقسيم العراق ، و قد قسمه فعلا فى واقع الأمر .فالعاصمة بغداد على سبيل المثال مقسم حاليا الى الى غيتوات طائفية مغلقة ، و هذا هو السبب الرئيس للتحسن الأمنى النسبى.
و يرى " مكارينكو " ان أوجه الشبه بين الرجلين نفسية فى المقام الأول ، ليس فقط من حيث الذاكرة المتشابهة و روح الأنتقام المتأصلة فيهما ، فكلاهما ، لا ينسى شيئا و لا يغفر لأحد ، و لهذا على وجه الحديد ، لا يستعجل فى توجيه الضربات لجميع خصومه فى آن واحد ، بل يختار الوقت المناسب لكل واحد منهم ، و ليس ذلك غريبا ، لأنهما توأمان ينتميان الى ثقافة واحدة أو متقاربة .( جورجيا - و طن ستالين - لا تبعد عن العراق كثيرا و تربطهما و شائج ثقافية و تأريخية ) .
كذلك فأن المالكى و ستالين يتشابهان فى أسلوب مواجهتهما للتحديات السياسية و الشخصية ، و يردان عليها بالطريقة ذاتها أى بتشديد الخناق على الخصم بقوة أكثر فأكثر و يفعلان ذلك بشكل تلقائى و غير واع . انها الطريقة الوحيدة لديهما للنجاة .
و المهمة الرئيسية للمالكى اليوم هى تعزيز سلطته الشخصية ، ففى العراق ( الجديد ) السلطة المركزية هى المالكى ، و المالكى هو السلطة المركزية .
فى الأزمة الوزارية الأخيرة ، حين تعثر تشكيل الحكومة العراقية لمدة ثمانية أشهر بعد الأنتخابات البرلمانية التى لم يفز فيها المالكى الا بالمرتبة الثانية ، رغم تسخير امكانات الدولة لشراء الذمم وحشد جموع المنتفعين من السلطة و بضمنهم شيوخ العشائر- الذين يدفع لهم المالكى رواتب مجزية من خزينة الدولة من اجل التصويت لصالحه فى الأنتخابات و القيام بالمهام ( القذرة ) عند الحاجة - و رغم الشعارات البراقة و الوعود المغرية .

و يؤكد " مكارينكو " ان تشكيل الحكومة تأخر لسبب رئيس و هو ان لا أحد كان يعرف كيف ينتزع السلطة من المالكى ، لأن كل الأدوات الفعالة و القوى الأمنية كانت بين يديه يوجهها كما يشاء . لم يقبل المالكى ترشيح شخص آخر حتى من داخل حزبه لرئاسة الحكومة ، ناهيك عن الأحزاب الأخرى المتحالفة معه ، رغم ترشيح بدائل عديدة له .
من الواضح لجميع العراقيين ، و مما يقلقهم كثيرا ، التركيز الشخصى المستمر للسلطة بيد المالكى وطغيان تأثيره على مفاصل الدولة بأسرها . و هذا أمر خطير، حيث لا توجد فى المناطق الخاضعة للسلطة المركزية ، .قاعدة أخرى للسلطة .
القوة الوحيدة فى العراق التى يمكنها مقاومة طغيان المالكى هى أقليم كردستان ، حيث تشكلت و قبل سقوط نظام صدام، سلطة تدير شؤون الأقليم الغنى بالثروات و لديها قوة مسلحة مدربة و تتمتع بتأييد شعبى و علاقات دولية واسعة .
تحت تصرف المالكى ثروات هائلة و لكن الثروات ليست مفتاحا للنصر فى الأنتخابات التى تجرى فى العراق
و فق استقطابات طائفية و أثنية ، و لكنها – أى الثروات - مفتاح للسلطة الفعلية و ضمان لها .
اليوم لا يحتل أتباع المالكى كل المناصب العليا فى الدولة ، بل ان عددا لا يستهان به من هذه المناصب ، منحت لقياديين من الأحزاب الأخرى ، من دون التمتع بأية صلاحيات حقيقية لأتخاذ القرار ، و لا عمل لهم سوى تمضية الوقت و التمتع بمظاهر الأبهة الفارغة ، التى تسبغها تلك المناصب عليهم ، و يقول " مكارينكو " أن أشغال منصب رفيع أجوف من دون عمل حقيقى ، أمر غير مخجل فى المجتمعات الشرقية ، لأن المنصب الحكومى الرفيع " قيمة " بحد ذاتها فى تلك المجتمعات ، مما يتيح للدكتاتور الزعم بوجود الديمقراطية و تمثيل القوى الأخرى فى الحكم .
فى العشرينات من القرن الماضى كان فى روسيا السوفيتية عدد كبير من مثل هذه المناصب الرفيعة التى لم تكن لها أية مهام ذات أهمية ، و لكن بمجرد قيام " القائد " بدعم هذا المنصب أو ذاك ، كان يتحول الى منصب ستراتيجى بالغ الأهمية .
فى حكومة المالكى الأولى حاول الوزراء السنة الحصول على بعض الصلاحيات لأتخاذ القرارات فى مجالات عملهم ، لكن لم تمنح لهم أية فرصة لتحقيق مسعاهم ، مما أضطرهم الى الأستقالة . و اليوم هنالك وزراء سنة و أكراد ، و و جودهم ضرورى و نافع لـ( القائد ) الى حين الأنسحاب الكامل للقوات الأميركية ،و ديكور دستورى و ديمقراطى . و يمكن بعد الأنسحاب الأستغناء عن خدمات هؤلاء الوزراء فى أى وقت يراه " القائد " مناسبا لذلك . ( 1 )
و يقوم المالكى حاليا بـحملة (تطهير) " كرملين بغداد " المسمى بـ " المنطقة الخضراء " من الخصوم و المنافسين السياسيين ، التى بدأها بأعتقال المئات من البعثيين السابقين ، و سوف تستمر مثل هذه الحملات الى أن يتم التخلص من كل من يعترض طريق " القائد الأوحد " الى السلطة الشمولية المطلقة . و هى حملات تذكرنا بحملات التطهير الستالينية المتكررة قبل عام 1934 . حملات المالكى على معارضيه تنفذ وفق قوائم معدة سلفا بأسماء المطلوبين للتصفية السياسية أو لألقاءهم فى غياهب السجون و هى تشمل كل من يعارض المالكى سواء أكان مذنبا أم بريئا .
فلسفة المالكى هى نفسها المتبعة فى كل تنظيم حزبى غير ديمقراطى : " من ليس معنا فهو ضدنا " و بتعبير المالكى : " لا مكان فى حكومتنا لمن ينتقدها ".
اليوم يحارب المالكى البعثيين و غدا سيحارب قوى سياسية مشاركة فى العملية السياسية و على هذا النحو ستستمر حملات التصفية و سيكون هنالك دائما عدو جديد ليحاربه .
ستالين كان يؤمن بالصراع الطبقى المستمر ، و بأن هذا الصراع يشتد بمرور الزمن ضد طبقته و يتخذ اشكالا جديدة ، و يدرك جيدا بأن لا بقاء له فى السلطة الا بمحاربة عدو جديد فى كل مرة عن طرق القيام بحمة تطهير جديدة بين صفوف النخبة الحاكمة.
و يعتقد " مكارينكو "ان مشكلة العراق الرئيسة هى أن ثروات بلد من أغنى بلدان العالم ، يتصرف بها شخص واحد لمصلحته و مصلحة حزبه ، حيث تحولت الدولة الى كيان يعمل من اجل حفنة من النخبة الحاكمة التى
تستأثر بالسلطة و المال و القوة و النفوذ و لن تتخلى عنها أبدا و لن يمنح " الأخ الأكبر " و النخبة الجديدة المنتفعة من حكمه ، أدنى فرصة لقوى سياسية أخرى بأنتزاع السلطة منه. ويمضى مكارينكو قائلأ : ان الولايات المتحدة كدولة عظمى مسؤولة عن العراق دمرت هذا البلد و تعهدت فى بادىء الأمر بأعادة بنائه أو تشكيله من جديد ، و كأن الأمر هو لعبة تفكيك و تجميع أشبه بلعبة المكعبات التى يمكن بعثرتها و من ثم تجميعها لتشكيل بناء جديد حسب الرغبة .
لقد أخفقت الولايات المتحدة فى تنفيذ الخطة الأولية المعدة لأعادة بناء الدولة العراقية و أقامة نظام حكم مؤسساتى تمتلك الآليات الضرورية لمنع المساعى الرامية الى أقامة نظام مركزى و حصرالسلطة بيد دكتاتور جديد . كانت الخطة تتضمن كحد أدنى أقامة نظام فدرالى تتمتع فيه الأقاليم بصلاحيات واسعة و كحد أقصى تأمين رعاية دولية ( أمنية و قضائية ) لفترة طويلة لنظام الحكم الجديد ، و لكن هذه الخطة تناثرت و ذهبت مع الريح .
المحافظات التى يشعر أبنائها بالغبن و الأقصاء و التهميش ، تطالب اليوم بأقامة أقاليم على غرار أقليم كردستان وكان الكرد سباقين الى دعوة الآخرين لأقامة أقاليمهم و لم تلق هذه الدعوة فى حينه الأستجابة اللازمة . و لكن القطار ذهب من دون رجعة و لم يبق فيه من كان بوسعه مساعدة المحافظات على تحقيق مطالبها . حقا كان هنالك بعض " المثاليين " و لكن تمت أزاحتهم بسرعة .
المالكى يرى فى أقامة الأقاليم مؤامرة بعثية رغم أن الدستور الذى أسهم فى أعداده يمنح مثل هذا الحق لكل محافظات العراق .
أن الخطأ الأكبر الذى أرتكبه الأميركان هو أنهم أرتخوا و تكاسلوا - بعد قيام المالكى بتوجيه الضربات الى منافسيه فى الميليشيات الشيعية فى بغداد و البصرة - و أضاعوا فرصة أستبدال المالكى بسياسى أقل سعيا و أندفاعا منه نحو الدكتاتورية و أقل لهفة للتحول الى " بونابارت " جديد .
كان الرئيس جورج بوش الأبن قد هنأ العالم ، بسقوط الدكتاتور صدام حسين و أنتهاء العمليات العسكرية ، و لكن خلفه اوباما ، مضطر اليوم أن يصافح دكتاتور العراق الجديد .
صحيح أن أميركا ستتوقف عن أنفاق المزيد من الأموال على عملية فقدت السيطرة عليها منذ زمن طويل و لكن لا بأس ، فأن هذا أيضا ، يعد ( أنجازا) !!.
ليس لدى الولايات المتحدة اليوم ما يمكن قوله للعالم ، لأن جراح العراق الآن أكثر عمقا و أيلاما من أى و قت مضى .

[email protected]



#جودت_هوشيار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القلق و ما بعده
- حول بعض التأويلات الخاطئة لمصطلح ال( كردولوجيا )
- غزل سياسى أم نفاق علنى
- الموقف الروسى من الصحوة العربية
- تولستوى و جائزة نوبل للآداب
- واحة الأمن و الأمان فى العراق المعذب -2
- واحة الأمن و الأمان فى العراق المعذب -1
- عودة الوعى الى المثقفين العراقيين
- صواريخ المالكى و أقماره الصناعية
- الأساطير الكوردية في الأدب العالمي
- أساس الأزدهار الثقافى الكردى
- روائع التراث الكردى بين رودينكو و وزارة الثقافة الكردستانية ...
- المالكى ... نفاق لا ينتهى
- قوة الضعفاء
- احتفال أمام نصب الحرية ببغداد
- نحو مفهوم جديد للرسالة الأعلامية
- من المآثر البطولية لكرد الاكز ( alagiz)
- سوبرمان العصر الرقمى
- اسطورة حب فرهاد و شيرين فى آداب شعوب الشرق
- الترجمة فى عصرالعولمة


المزيد.....




- سقط سرواله فجأة.. عمدة مدينة كولومبية يتعرض لموقف محرج أثناء ...
- -الركوب على النيازك-.. فرضية لطريقة تنقّل الكائنات الفضائية ...
- انتقادات واسعة لرئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي بسبب تصريح ...
- عقوبات أمريكية جديدة على إيران ضد منفذي هجمات سيبرانية
- اتحاد الجزائر يطالب الـ-كاف- باعتباره فائزا أمام نهضة بركان ...
- الاتحاد الأوروبي يوافق على إنشاء قوة رد سريع مشتركة
- موقع عبري: إسرائيل لم تحقق الأهداف الأساسية بعد 200 يوم من ا ...
- رئيسي يهدد إسرائيل بأن لن يبقى منها شيء إذا ارتكبت خطأ آخر ض ...
- بريطانيا.. الاستماع لدعوى مؤسستين حقوقيتين بوقف تزويد إسرائي ...
- البنتاغون: الحزمة الجديدة من المساعدات لأوكرانيا ستغطي احتيا ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جودت هوشيار - ستالين العراق