من أطلق سراح الصحفيين الفرنسيين جورج مالبرونو وكريستيان شينو ؟؟؟

فهد الارغا المصري

الحوار المتمدن-العدد: 1061 - 2004 / 12 / 28 - 09:32
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    

الوسيط المناسب ...!!
من أطلق سراح الصحفيين الفرنسيين جورج مالبرونو وكريستيان شينو ؟؟؟
بقلم : فهد الأرغا المصري
صحافي سوري مقيم في باريس
[email protected]
الوسيط المناسب ... ربما نعم وربما لا الأمر مرهون بمعرفة ماهية الوسيط وإن كان لوساطته ثمناً سياسياً ...!!؟؟ لكن هل أطلق سراحهما في الوقت المناسب ؟ الجواب نعم حتى ولو جاء متأخراً فالوضع الداخلي لفرنسا أصبح متوتراً لجهة شراسة حملة منظمة مراسلين بلا حدود ومن جهة أن قضية الصحفيين كريستيان شينو وجورج مالبرونو أصبحت قضية الرأي العام الفرنسي بلا منازع وليس من وقت أنسب للإعلان عن اطلاق سراحهما في مناسبة الاحتفال بأعياد الميلاد ورأس السنة من فرصة لامتصاص الإحتقان في الرأي العام لتبديد ما أسمي فشل الحكومة ورغم ماهو معروف عن لا مبالاة الفرنسيين عموماً بيد أن المعركة السياسية والإعلامية في مواجهة الحكومة بدأت بالتوجه لمعرفة خفايا وأسرار عملية تحرير الرهائن كيف ولماذا طالت 124 يوما ً .؟
مصادر أمنية تحدثت عن طائرة رسمية فرنسية توجهت إلى عمان أكثر من عشر مرات خلال الفترة الماضية لنقل الرهينتين الفرنسيتين بناءاً على وعود وسطاء عدة ورغم تنوع مآربهم ومشاربهم إلا أنها كانت كاذبة ولا تتمتع بالمصداقية أو لربما أحبطت جهودها لأشياء مجهولة ربما لا يعرفها الوسطاء أنفسهم!
إدارة المخابرات الخارجية الفرنسية والتي كلفت بمتابعة الملف أشرفت على كافة تفاصيل العملية بموازاة التحركات الدبلوماسية لوزير الخارجية ميشيل بارنييه على عدد من دول المنطقة و باستثناء دمشق والرياض وطهران !!!.
وبعيداً عن الأضواء الإعلامية وبسرية تامة تحرك جهاز الاستخبارات الخارجية و قام بالتعبئة العامة لخمسة عشر مكتب خارجي له لمحاولة التوصل لاتصال مباشر بالخاطفين أو إلى الوسيط المناسب وكرس للعملية أكثر من 100 عنصر حسب تصريح وزيرة الدفاع وعلى عدة خلايا عاملة منها خليتين في بغداد وعمان وبالتنسيق مع السفير الفرنسي في العراق برنار باجوليه الذي يتقن اللغة العربية ويتمتع باتصالات واسعة في الأوساط العراقية.
تواريخ وتساؤلات؟؟؟
في العشرين من شهر آب /أغسطس اختفى الصحفيان في العراق ليظهرا بعدها بأسبوع واحد كمختطفين على يد جماعة تطلق على نفسها إسم الجيش الإسلامي في العراق الذي يهدد بقتلهما إن لم تلغي فرنسا قانون حماية العلمانية القاضي بمنع الرموز الدينية في المدارس العامة ومنها الحجاب الإسلامي وللصدفة فقط وعلى مايبدو اتهمت واشنطن في تلك الأثناء فرنسا بعدم احترام الحريات الدينية لتنفي عن نفسها ماسمي بالحروب الصليبية ولتعلن إستياءها من القانون المذكور ومع كل ذلك يطبق القانون مع بداية العام الدراسي دون أية مشاكل تذكر سوى طرد 43 طالبة مسلمة محجبة من المدارس العامة حصيلة الربع الأول من السنة الدراسية والتي تعلن رسمياً وإعلامياً قبل أيام فقط من إطلاق سراح الرهينتين وكل هذا دون أن يعلن الخاطفون أي ردة فعل حيال ذلك رغم ما أعلن أن عملية الخطف سببها منع الحجاب.
30آب / أغسطس يعلن رئيس الحكومة العراقية المؤقتة إياد علاوي أن احتجاز الصحفيين يؤكد أن لا مجال للحياد في العراق !! هل أراد علاوي تلقين باريس درساً نيابة عن الإدارة الأمريكية نتيجة موقفها في معارضة الحرب ؟!!.
1أيلول / سبتمبر وفد من المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية يتوجه إلى بغداد للوساطة لكنه يعود بخفي حنين !! ورئيس المجلس دليل بوبكر والذي عين على رأس المجلس بناءاً على تزكية وزارة الداخلية ينفي أن تكون رحلة الوفد للعراق بناءاً على طلب من السلطات الفرنسية كما ينفي أن تكون حماية الوفد في العراق بيد القوات الأمريكية ورجح بعض المراقبون أن فشل مساعي الوفد تعود لعدم تمتع المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية بالمصداقية أمام الجالية الفرنسية المسلمة وخصوصاً بعد قبوله تمرير قانون منع الحجاب ومااعتراف نائب رئيس المجلس محمد البشاري بأن ضغوطاً مورست عليهم من وزارة الداخلية إلا لتؤكد ذلك بيد أن الخاطفون يعلنون في بيان أن أحد أسباب إطلاق سراح الرهينتين هو الاستجابة لتحركات مسلمي فرنسا بهذا الاتجاه .
2 أيلول / سبتمبر باريس وواشنطن تتفقان في مجلس الأمن الدولي على إصدار قرار يلزم سوريا بسحب قواتها من لبنان ووقف دعم مايسمى بالمنظمات الإرهابية ومنها حزب الله في تحول جديد للسياسة الفرنسية حيال سوريا ولبنان الأمر الذي فسره البعض على أنه تنازلات فرنسية للولايات المتحدة لصالح مشروع الشرق الأوسط الكبير على حساب سايكس بيكو لكن فيما لوصحت هذه النظرية فما هو ثمن تلك التنازلات ؟
3 أيلول/سبتمبر الرئيس العراقي غازي الياور يلغي زيارته لباريس في اللحظة الأخيرة لأسباب قيل أنها تتعلق بجدول الأعمال !!
29 أيلول / سبتمبر ديديه جوليا نائب برلماني فرنسي من التيار اليمني الحاكم يعلن في دمشق أنه وبعلم الرئيس جاك شيراك ووزير الخارجية يقوم بمهمة لتحرير الرهائن , المهمة مولها رئيس ساحل العاج لوران غباغبو الذي وضع تحت تصرف النائب وفريق وسطائه طائرته الخاصة !!! هل الصدفة دفعت لاندلاع الحرب بين غباغبو وشيراك والتي مازالت مستمرة حتى الآن ؟ وهل الصدفة دفعت بأنصار غباغبو لضرب القوات الفرنسية في ساحل العاج التي أسفرت عن مصرع 9 جنود فرنسيين ؟ وهل للصدفة رد شيراك الصاع صاعين عندما أمر بتدمير سلاح الجو العاجي ؟ وهل الصدفة أعلنت عن وجود دعم اسرائيلي لغباغبو ومحاولة اسرائيل تهريب السلاح لنظام أبيدجان متجاهلة قرار مجلس الأمن بحظر بيع وتصدير السلاح لغباغبو ؟!!
30 أيلول / سبتمبر رئاسة الجمهورية الفرنسية تنفي تكليفها النائب جوليا بأية مهمة وساطة والذي يعلن في اليوم التالي أن مساعده في طريقه إلى دمشق قادماً من بغداد مع الرهائن ثم ليعلن لاحقاً بأن القصف الأمريكي أعاق ذلك!!! ووزارة الداخلية الفرنسية تعلن نبأ انقطاع الاتصال مع الخاطفين نتيجة جهود جوليا !! إلا أن الصحفي جورج مالبرونو يعلن وبعد وصوله مع رفيقه كريستيان شينو إلى الأراضي الفرنسية يعلن كذب جوليا ويقوم بتحقيره أمام وسائل الإعلام و الملاحظ أن إدانة جوليا جاءت فور انتهاء رحلتهما من قبرص على طائرة فالكون الرسمية والتي رافقهما فيها المدير العام للمخابرات الخارجية بيير بروشون ووزير الخارجية ميشيل بارنييه الذي لقبه جوليا بالوزير الفاشل فيما يواجه جوليا مخاطر العقوبة البرلمانية وطرده من عضوية الحزب الحاكم الذي ينتمي إليه هو وشيراك وبارنييه.
11 تشرين الثاني / نوفمبر هل نشاهد سيناريو سينمائي ؟؟!!!! فالقوات الأمريكية تعلن أنها عثرت على محمد الجندي في الفلوجة والذي قيل أنه اختطف مع الرهينتين الفرنسيتين والمعروف وحسب التصريحات أن الجندي كان مرافقاً للرهينتين في العراق فلماذا احتجز الجندي أسبوعاً واحداً فقط معهما ومن ثم يطلق سراحه منفرداً لتعلن القوات الأمريكية نباً عثورها عليه من بين ملايين العراقيين وكيف تمكنوا من التعرف عليه هل هي الصدفة أيضاً ؟؟!! والنقطة الثانية لماذا يتحدث الجندي في باريس وتحديداً في باريس وأمام وسائل الإعلام بمنطق السياسي وليس السائق المرافق المختطف وليتحدث عن سوء المعاملة التي تلقاها لدى احتجازه لدى الأمريكيين ومن ثم ليعلن وعلى لسان أحد أقرباءه نيته في مقاضاة القوات الأمريكية ومن ثم قرار عدوله عن ذلك بناءاً على نصيحة البعض كما قيل كيف يمكن تصديق كل هذا السيناريو وماهي الدلائل والإثباتات على صحة أقواله وأقوال الأمريكيين حياله؟؟ وإن لم تكن هناك الاثباتات فمن يقف وراء الجندي؟ ولصالح من يعمل ؟ ولماذا وكيف اختار شينو ومالبرونو الجندي كمرافق وهو لا يعرف اللغة الفرنسية ورغم معرفة شينو على الأقل بشكل جيد باللغة العربية ؟؟؟؟؟ وماذا كان يعمل الجندي قبل الحرب وخلالها وبعد سقوط النظام العراقي ؟؟؟!!!!!!!!!!
16 تشرين الثاني / نوفمبر ميشيل بارنييه وزير الخارجية يلتقي في واشنطن نظيره المستقيل كولن باول ونظيرته المقبلة على كرسي الوزارة كوندليزا رايس مستشارة الأمن القومي في زيارة تعتبر الأولى لمسؤول فرنسي بعد تمكن جورج دبليو بوش من البقاء رئيسا للولايات المتحدةً
19تشرين الثاني / نوفمبر تلفزيون قناة المنار يوقع اتفاقاً مع المجلس الأعلى للإعلام المرئي والمسموع رغم الضجة التي أحدثها المجلس التمثيلي للجمعيات اليهودية الفرنسية ويصف بعض المراقبين الإتفاق بالفخ الذي نصب لقناة المنار لأنها بالتوقيع عليه إلتزمت بشروط معينة وفقاً للقوانين الفرنسية مما سيجعل منها هدفاً سهلاً أمام أية ضغوط وشكاوى جديدة محتملة .
8 كانون الاول / ديسمبر المجلس الاعلى للاعلام المرئي والمسموع يعلن الغاء الاتفاق مع قناة المنار من جانب واحد ويوقف بث المنارفي فرنسا واوربا على القمر الفضائي الاوربي يوتلسات بناءا على قرار مجلس الدولة الذي يلقى ترحيب ومباركة قادة اسرائيل وواشنطن تلحق خطوة فرنسا بمنع بث المنار لديها وتصنيفها على لائحة المنظمات الارهابية
21 كانون الاول / ديسمبر رئيس الحكومة البريطانية طوني بلير يزور العراق بشكل مفاجئ و للصدفة فقط تتزامن الزيارة المفاجئة مع اعلان نبأ إطلاق سراح شينو ومالبرونووالحديث يدور على أن تنسيقاً لوجستياً فقط تم بين فرنسا والقوات الأمريكية لتسهيل عملية إستلام الرهائن مباشرة من الخاطفين وأن فرقة مسلحة من المخابرات الخارجية الفرنسية والمتخصصة بالتدخل السريع في هكذا حالات قامت باستلام الرهينتين من الخاطفين المسلحين أيضاً بشكل مباشر في جو عصيب ومتوتر نقلا بعدها إلى سفارة باريس في بغداد ومن ثم قامت طائرة مروحية عسكرية وفرنسية بعملية النقل من بغداد إلى قبرص ومن ثم إلى باريس بالطائرة الرسمية وبرفقة وزير الخارجية ومدير المخابرات كما ذكرنا سابقاً .
طالما أن عملية إطلاق سراح مالبرونو وشينو تمت بشكل مباشر بين الخاطفين والمحررين الفرنسيين وأمام ماقيل عن التسهيلات الأمريكية لذلك فلماذا لم تقم الولايات المتحدة بإلقاء القبض على الخاطفين من الجيش الاسلامي في العراق والمعروف أن الجيش كان وراء نحر أمريكيين وبريطانيين وغيرهم من مواطني جنسيات أخرى ؟؟!! ألا تتفاخر الولايات المتحدة ومنذ سنوات طويلة بأن أنظمة التجسس والمراقبة لديها وخصوصاً في الفضاء قادرة على اكتشاف رصد تحركات صرصار مثلاً يسير في صحراء سيناء ذلك يعني أن أجهزة الرصد تلك قادرة على رصد تحركات الخاطفين في العراق خاصة أن حجم الخاطف يتجاوز حجم الصرصار آلاف المرات أي أنهم ليسوا بحاجة لوضع كافة تقنياتهم في الجاسوسية لاكتشاف الخاطفين وتطويقهم والقبض عليهم في إطار مايسمونه الحرب على الإرهاب والقبض على الخاطفين يعني الإمساك برأس الخيط المؤدي لشبكة القاعدة والزرقاوي والمطلوب أمريكياً كما يقال ؟! والتساؤل الآخر لماذا لم تقم فرنسا برصد تحركات الخاطفين بوسائلها في المراقبة ألم تعزز باريس قوتها الدولية في الفضاء بإرسال ستة أقمار جديدة للمراقبة والتجسس والتنصت والتصوير المرئي وعن قرب وبالأشعة فوق الحمراء أطلقتها قبل أيام فقط من عملية تحرير الرهائن ؟؟!!
22كانون الأول / ديسمبر في سابقة لامثيل لها الرئيس جاك شيراك ورئيس حكومته وعدد من الوزراء في استقبال الرهينتين إلى جانب عدد من أقرباءهم في مطار فيل لا كوبليه العسكري القريب من باريس الذي شهد مراسم توديع الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات ، وكان في استقبال الصحفيين محمد الجندي مرافقهما السابق في العراق ومن ثم ينقل الصحفيان إلى مكان مجهول للتحقيق معها ولكن بأسلوب الدول الديمقراطية .
أوائل العام الجديد 2005 زيارة للبيت الأبيض للرئيس الفرنسي جاك شيراك بعد رحلة العواصف والمطبات التي شهدتها العلاقات الفرنسية الأمريكية !! هل ستجد الشركات الفرنسية والألمانية طريقها إلى أسواق بغداد ؟ أم أن باريس ستحرم من قطعة من قالب الحلوى الأمريكي في العراق ؟ وهل زيارة سيد قصر الاليزيه لواشنطن ستطوي صفحة الخلافات مع سيد البيت الأبيض؟ وهل القضاة الذين سيحاكمون الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين سيحاكمون أيضاً من باعوه السلاح ؟

تكاد تكون التواريخ والتساؤلات محاولة لحل الكلمات المتقاطعة في صحيفة ما بيد أن الأحرف المتناثرة في الجدول أضاعت أو ضيعت جزءاً من الحلول ليبقى جواب الكلمات المتقاطعة أحرفاً تقيدها السرية الأمنية إن لم نقل أن سر الكلمة أصبح في عداد أسرار الأمن القومي !! ولتبقى قصة شينو ومالبرونو في ذاكرة الحرب والمتحاربين !. لكن ماهو مهم أن مالبرونووشينوعادا دون أن يمسسهما الأذى ودون أن يتلطخ حجاب الفتاة الفرنسية المسلمة بدماء الأيرياء.

#فهد_الارغا_المصري (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات