من اجل النهوض بالتعليم الابتدائي في تونس (8)

ظافر الصغير

الحوار المتمدن-العدد: 3585 - 2011 / 12 / 23 - 00:02
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    

-ب أسباب متصلة بالمتعلم

تعتبر الأسرة المدرسة الاجتماعية الأولى التي ينشأ فيها الطفل وهي المسؤولة عن تنشئته، لذلك فإن هذه التنشئة يمكن أن تساهم في نجاح المتعلم في دراسته أو فشله على حد السواء. و لعل هذا ما أكده الباحثون في مجال التربية حيث اعتبروا أن التحصيل المعرفي للمتعلم يتأثر إيجابا و سلبا بالمستوى الاجتماعي و الاقتصادي و الثقافي للعائلة .

أسباب اجتماعية

يعتقد كثير من الباحثين والدارسين أن المحيط الاجتماعي يلعب دورا مصيريا في نجاح المتعلمين أو إخفاقهم فالطفل المنحدر من وسط اجتماعي فقير تنعدم فيه المرافق الضرورية أو تكاد و لا يتمكن من إشباع حاجاته المادية من مأكل وملبس... ناهيك عن حاجاته المعنوية من ثقافة وترفيه بأنواعه يختلف تماما عن طفل ينحدر من وسط اجتماعي ثري يضمن إشباع الحاجات إلى حد التخمة أحيانا ولكن المفارقة هي أن الطفلين يرتادان نفس المدرسة ليتعلما نفس المحتويات بنفس الطريقة ويقيّمان بنفس أدوات ألقيس ولكن بمكتسبات معرفية وثقافية وذهنية متفاوتة تفاوتا يزداد عمقا بمرور السنوات الشيء الذي يمنع سيرهما بنفس النسق ويجعل وصول الأول إلى خط النهاية بطيئا متعثرا وقد لا يصل إليه تماما.

نسبة الأمية لبعض الولايات حسب الجنس : 10 سنوات فما فوق


الولاية ذكور إناث المجموع النسبة
جندوبة 40111 81585 121696 29.21%
سليانة 21392 42341 63733 27.23%
القيروان 59152 109077 168229 30.79%
القصرين 36649 78050 114699 28.82%
باجة 29079 53946 83025 27.26%
سيدي بوزيد 35842 75910 111752 28.25%
زغوان 14516 27801 42317 26.28%

لعل أهم استنتاج يمكن استخلاصه هو ارتفاع نسبة الأمية لدى الفتيات في هذه المناطق و هذا راجع للتفكير الذكوري السائد داخل المجتمع و الذي يقلل من شان المرأة و يعتبر أن مصيرها الزواج و ليست في حاجة إلى الدراسة.

توزيع السكان من الفئة العمرية من 10 سنوات فما فوق حسب الولاية و المستوى التعليمي


الولاية بدون تعليم المرحلة الأولى من التعليم الأساسي أو ما يعادلها
زغوان 41154 151599
جندوبة 121241 124136
سليانة 60739 71511
القيروان 157724 164150
القصرين 106974 122342
سيدي بوزيد 108524 110657

توزيع السكان حسب الولاية و الوسط


الولاية وسط بلدي وسط غير بلدي
جندوبة 27.3% 72.7%
سليانة 36% 64%
القيروان 31.8% 68.2%
القصرين 39.8% 60.2%
باجة 40.4% 59.6%
سيدي بوزيد 24.3% 75.7%

توزيع المساكن حسب عدد الغرف


الولاية غرفة واحدة
زغوان 12.2%
سليانة 11%
القيروان 15.2%
القصرين 12.5%
باجة 12.8%
سيدي بوزيد 11.1%

نسبة ربط المساكن بالكهرباء و الماء


الولاية الكهرباء الماء
زغوان 94.2% 67.1%
سليانة 92.9% 54.3%
القيروان 94.1% 53.4%
القصرين 89.1% 45.5%
باجة 94.9% 64.1%
سيدي بوزيد 91.3% 38.2%
جندوبة 95.2% 51.2%

*العلاقة بين الآباء:

- يبقى الجانب الأسري من الأسباب الأكثر إلحاحا، باعتبار الأسرة صمام الأمان لحياة الطفل بشكل عام. فحياة الطفل تبقى مستقرة مادام الوضع العائلي كذلك، و ما أن يحصل أدنى توتر في العلاقة بين الآباء حتى تتحول حيات الأطفال إلى كابوس. فالطلاق و الخصام المستمر بين الأب و الأم يخلق لدى الطفل حالة من الرغبة في إثارة اهتمام المحيط في أهميته داخل بنية العائلة. و قد يكون ذلك بمزيد من الشقاوة و الجنوح و التهرب من المدرسة و واجباتها. الذي يؤدي بشكل آلي إلى التكرار المستمر و بالتالي الانقطاع عن المدرسة وسط غياب الاهتمام لدى الأسرة و متابعتها لمسيرة الطفل الدراسية وكانت الإحصاءات وفقا لدراسة بوزارة شؤون المرأة والأسرة بتونس ثبت أن المشاكل الاجتماعية تتسبب بنسبة 48.3% بحالات الطلاق، والتي تشمل المعاملة السيئة، والعنف، وعدم الشعور بالمسئولية، والاختلاف في المستوى الثقافي والتعليمي، بينما 22.7% من الحالات تعود إلى عقم أحد الزوجين، أو الإصابة بإعاقة، بينما تتسبب المشاكل الجنسية، والخيانة، وقلة الثقة والغيرة في 15.8% من حالات الانفصال، في حين تسهم المشاكل المادية في 13.2% من تلك الحالات؛ بما حدا بالكثير من الجهات البحثية بعمل دراسات اجتماعية حديثة تدعو إلى ضرورة تضافر الجهود من أجل الوقاية من تفشي ظاهرة الطلاق عبر توعية الشباب المقبلين على الزواج.
* معاملة الآباء للأبناء:

إن لمعاملة الآباء للابنائهم اثر كبير على تحصيلهم الدراسي و هذه العلاقة تتراوح بين الحرية المطلقة أو المراقبة الصارمة و في كلتا الحالتين يتراجع أداء المتعلم بصفة ملحوظة.
- الحرية المطلقة:
 يبالغ بعض الأولياء انطلاقا من تصور خاطئ للحرية في رفع القيود أبنائهم في مجالين هما:
*حرية ربط العلاقات مع الأقران فتكون النتيجة بناء علاقات غير متوازنة ومضرة غالبا ما تنتهي بالانحراف والجنوح وإهمال الدروس.
*حرية تنظيم الأوقات فتكون النتيجة فشل التلميذ في تحقيق التوازن الضروري بين أوقات الدراسة وأوقات اللعب وممارسة الهواية خاصة في ظل تنامي الإدمان على وسائل الاتصال الحديثة...
هذه الحرية المطلقة في المجالين المذكورين تصبح خطيرة بل مدمرة عندما تعززها استقالة مطلقة من الآباء في المراقبة والمتابعة والتواصل مع المؤسسة التربوية.
و هنا لابد من الإشارة إلى أن التزامات الآباء الشغلية جعلتهما يخيران هذه الطريقة من المعاملة لأبنائهم و ما تفشي ظاهرة المحاضن في المدن إلا دليل على استقالة الآباء لذا من الضروري مراجعة الزمن الاجتماعي كاعتماد نظام الحصة الواحدة بالنسبة لعمل الوالدين .

- المراقبة الصارمة: 

يبالغ بعض الأولياء ــ انطلاقا من خوف مرضي على الأبناء – في السيطرة عليهم وتوجهيهم ومراقبتهم ومتابعتهم وحرمانهم من أبسط هامش للحرية أو الاستقلال بالرأي والقرار... ويستفحل هذا السلوك العدواني للآباء زمن الامتحانات فيحولون البيت إلى ثكنة عسكرية صارمة يُطالَب فيها الأبناء بالغرق في المراجعة والمذاكرة والحفظ ثم يكرسون كل وقتهم لمتابعة سير الامتحانات و المبالغة في السؤال عن النتائج والأعداد والمعدلات وقد يصل الأمر إلى التهديد والوعيد وأحيانا إلى الضرب والتعنيف والإهانة فتصبح الامتحانات كابوسا لدى بعض المتعلمين لما يسلط عليهم من ضغط رهيب فتذهب معلوماتهم أدراج الرياح ويعجزون عن الإجابة أحيانا، فيلجؤون  إلى الغش والكذب لتغطية فشلهم ، كل هذا ناتج عن الحرص على النتائج عوض العمل الجدي   على توفير مقدماته وممهداته وعوامله . 

أسباب اقتصادية :

تعتبر الظروف الاقتصادية للعائلات احد الاسباب لتفشي ظاهرة الانقطاع عن الدراسة فكما تبينه الارقام فان المناطق التي ترتفع فيها نسبة الانقطاع عن التعليم هي نفسها التي تملك نسبة بطالة مرتفعة فيضطر الاولياء في هذه المناطق الى تشجيع ابنائهم على الانقطاع عن التعليم لمساعدتهم على مجابهة مصاريف الحياة.

نسبة البطالة من 18 الى 59 سنة حسب الجنس


ذكور الاناث المجموع
زغوان 19.8 24.7 21.2
سليانة 16.4 25.4 18.4
جندوبة 20.6 20.5 20.5
باجة 14.6 21.9 16.4
القيروان 13.7 19.3 14.9
القصرين 18 25.2 19.7
سيدي بوزيد 12.9 18.1 14.1

من الجدول السابق يتبين لنا ان المناطق التي تمتلك نسب امية مرتفعة تتجاوز فيها نسب البطالة النسبة الوطنية و هنا يتبين لنا دور الظروف الاقتصادية المتردية في عدم قدرة ابناء هذه الجهات على مواصلة تعليمهم و هم في حقيقة الامر ضحايا التنمية غير العادلة و خاصة في المناطق الداخلية لذا من واجب الدول بعث مشاريع في المناطق الداخلية لحل معظلة التنمية التي لها انعكاسات سلبية على ابناء الشعب على جميع المستويات.

نسبة امتلاك الأسر للتجهيزات المنزلية


الولاية مذياع تلفاز هوائي ثلاجة آلة مطبخ بالفرن آلة غسيل مكيف هواء
زغوان 69.9 86.4 28.3 72.5 38 21.3 2.2
سليانة 71.4 85.3 24 66.7 31.6 13 1.3
القيروان 72.9 81.9 28.2 63.5 26.5 14.3 1.3
القصرين 61.4 75.7 29.6 48.7 22.2 13 0.7
باجة 73.8 87.7 29.6 74.4 35.9 18.3 3.5
سيدي بوزيد 67.7 80.7 30.5 62.2 21.9 10.7 0.7
جندوبة 70.1 84.2 27.6 74.8 32.5 11.7 1.6

نسبة امتلاك الاسر لوسائل الاتصال الحديثة


هاتف قار هاتف جوال حاسوب
زغوان 17.2 37.9 2.7
باجة 22.4 32.2 3.3
جندوبة 18.2 33 2.5
سليانة 19.7 32.7 2.3
القيروان 17.5 29.5 1.7
القصرين 14.1 31.2 1.6
سيدي بوزيد 12.2 36.7 1.3

من خلال هذا الجدول يبين لنا ان الشعارات التي ترفعها وزارة التربية مثل التعلم عن بعد غير قابل للتحقيق باعتبار ان قلة قليلة تملك وسائل الاتصال الحديثة التي تمكنهم من ذلك وهذا ما يدل على ان الاجراءات التي تتخذها وزارة التربية هي في الحقيقة لفائدة اقلية من ابناء الشعب على حساب الاغلبية.
- أسباب صحية

منذ سنة 2004 شرعت وزارة التربية في ادماج المعوقين ضمن التعليم الابتدائي و ذلك بهدف مساعدتهم نفسانيا على تجاوز اثر الاعاقة التي يعانونا منها الا انه في بعض الحالات هذا الاجراء اثر سلبا على تعلم الاسوياء خاصة اذا كانت الاعاقة ذهنية لذا ضرورة التخلي عن عملية الحاقهم بمدراس الاسوياء و ضرورة تسجيلهم بمدار خاصة بهذه الشريحة مع افرادهم بنظام تعليمي خاص بهم.
فالدول المتقدم على مستوى التعليم قد خصصت مدارس لذوي الصعوبات النفسية و الذين لهم مشاكل اجتماعية فما بالك لذوي الاعاقات.

- أسباب نفسية

من أسباب الفشل المدرسي انخفاض الدافعية للتعلم و تتمثل الدافعية للتعلم في مجموعة المشاعر التي تدفع المتعلم إلى الانخراط في نشاطات التعلم التي تؤدي إلى بلوغه الأهداف المنشودة و هي ضرورة أساسية لحدوث التعلم ، وبدونها لا يحدث التعلم الفعّال ، و لا بدّ من الإشارة هنا إلى أن هناك مصادر متعددة لدافعية التعلم منها : 
أ- مصادر خارجية كالمعلم أو إدارة المدرسة أو أولياء المتعلمين أو حتى أصدقائهم . فقد يقبل المتعلم على التعلم سعيا" وراء إرضاء المعلم و كسب إعجابه أو إرضاء" لوالديه والحصول على تشجيع مادي أو معنوي منهما. 
ب- مصادر داخلية أي المتعلم نفسه حيث يقدم على التعلم مدفوعا" برغبة داخلية لإرضاء ذاته وسعيًا وراء الشعور بمتعة التعلم و كسب المعارف.

أما بالنسبة لانخفاض الدافعية للتعلم فهو السلوك الذي يظهر فيه المتعلمون شعورهم بالملل والانسحاب و عدم المشاركة في الأنشطة التعلمية التعليمية و المدرسية . و له مظاهر كثيرة .منها :
- تشتت الانتباه . 
- الانشغال بأغراض الآخرين. 
- الانشغال بإزعاج الآخرين حيث يثير المشكلات داخل الفصل. 
- نسيان الواجبات و إهمال حلها. 
- نسيان كل ما له علاقة بالتعلم من مواد و متطلبات من كتب و دفاتر و أقلام. 
- تدني المثابرة في الاستمرار في عمل الواجب أو المهمّات الموكلة إليه. 
- إهمال التزام بالتعليمات و القوانين الخاصّة بالقسم و المدرسة. 
- كثرة الغياب عن المدرسة .
- كره المدرسة حتى أنه يشعر بعدم ملائمة المقعد الذي يجلس عليه ، و بالتذمر من كثرة المواد الدراسية و تتابع الحصص و الامتحانات. 
- التأخر الصباحي و التسرب من المدرسة. 

أسباب مشكلة انخفاض الدافعية لتعلم و حلولها : 

أسباب قلة الدافعية كثيرة ولكن بداية لابد أن نؤكد على إن كل مرحلة دراسية لها ظروفها الخاصة وتختلف فيها نسبة الدافعية عن المرحلة الأخرى وكذلك تختلف الأسباب، ولكن يمكننا حصر هذه الأسباب في المحاور التالية : التلميذ نفسه ، المعلم ، الأسرة ، البيئة .
أسباب تعود إلى التلميذ نفسه : 
1- عدم توفر الاستعداد للتعلم من ناحيتين : الأولى طبيعية كأن يكون في سن أقل من أقرانه فلا تتوفر لديه الاستعدادات اللازمة للتعلم أو أن نموه بطيء بالمقارنة مع أقرانه ، أمّا الثانية فخاصة مثل عدم توفر المفاهيم و الخبرات القبلية الضرورية للتعلم الجديد . 
2- عدم اهتمام الطالب بالتعلم أساساً بالإضافة إلى عدم وضوح ميوله و خطط مستقبله ، حيث لا يدرك الطّالب أهمية الاستمرار في التعلم بل يهتم فقط بالمهنة التي تمنحه راتب مادي يعاش منه بأسرع وقت ممكن . 
3- غياب النماذج الحية الناضجة ليقلدها المتعلم و يستعين بها . 
3- الشعور بالضغط النفسي نتيجة القيود و القوانين المفروضة عليه من الخارج .
4- عدم إشباع بعض الحاجات الأسـاسية مثل :المأكل والملبس . 
الحلول : 
1- ترسيخ أهمية و حب العلم لدى التلاميذ من خلال الإذاعة و الإرشاد و التوجيه . 
2- تفعيل دور الأنشطة اللادراسية و الرحلات و المعارض و الألعاب الرياضية و المكتبة . 
3- إعطاء التلميذ قدراً من الحرية يخلصه من الضغط الذي يعيشه .
4- مساعدة المتعلم في تحديد هدفه المستقبلي باكراً ليكون ذلك حافزاً له للتعلم .
5- إشباع حاجات المتعلمين الأساسية.

#ظافر_الصغير (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات