أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رحاب ضاهر - فتنة المرايا















المزيد.....


فتنة المرايا


رحاب ضاهر

الحوار المتمدن-العدد: 1061 - 2004 / 12 / 28 - 09:55
المحور: الادب والفن
    


فتنة المرايا (3)
( 5 )

كلما تذكرته أهز رأسي رفضاً للواقع الذي يقبع خلف أسواري, واقع يبعد آلاف السنوات الضوئية عن خيال أمي الذي أعيشه, أسكنتني في مدينة بها شارع واحد, ومنزل واحد, وشخص واحد هو أنا, كنت إنسانة منطوية, وغارقة في سباتٍ عميق لا أفهم ولا أعي ما يدور خلف أسوار مدينتي الفاضلة.
ماذا أفعل باهتزازاتي وجهلي أمام "سعود" وغيره؟! الأفكار والأسئلة تحوم فوق رأسي وتختلط لترسم أشكالا مختلفة للشيطان في داخلي.
لماذا يجب أن أبقى داخل القوقعة الذهبية؟! و"سعود" هل سيتخلى عني وأنا أحبه ومستعدة لفعل أي شيء - إلا أن يبتعد عني- إنه العيون التي أبصر بها نور الحياة, أول قلم أمحو جهلي, فهل سيتركني أتسلق الأسوار وحدي دون أن يمد لي حباله السحرية؟! هل سيتركني معلقة بحبال من نار وتحتي سيل من لهب؟‍! هل أبقى في ظلمة الرتابة وأنا التي كلي لهفة لدخول عالمه؟! وجسدي الذي باتت رغباته الهائجة ترابط على ثغوره وأطرافه هل أستطيع أن أصلبه من جديد على خشبة الانتظار؟! هل أعود للانطواء على ذات أمي؟‍! هل أنساه وأفقد اتصالي بالعالم الخارجي؟!

هل اترك جسدي يصارع رغباته المكبوتة واكمم فم حياتي بتزمت امي التي لاترى للحياة سوى لون قاتم ؟!!
ذهبت اليه ليكسر القوقعة, ويزيل الأسوار من حولي.
كانت المرة الوحيدة التي أكون فيها ثابتة وغير معرضة للاهتزاز, قلت له بثقة:
- أريد أن أصبح "جاكي".
كل ما أذكره أنه رحب بالتقدم الذي أحرزته, وقال أنه سيجعلني أجمل من "جاكلين" لو نفذت أوامره دون اعتراض.
كان "سعود" خريج الرحلات السياحية الأوروبية والأمريكية, وأنا حبيسة العباءة والتقاليد البالية, فكيف لا أقول لحضارة " الهارد روك" نعم؟!
قلتها بانصياع وخضوع, أتبع كلماته وأنفذ أوامره بسرعة ودون تردد وكأني في سباق مع الوقت لتعويض ما فاتني معرفته والاطلاع عليه منقبل بداخلي رغبة جامحة للمعرفة والاكتشاف والتغيير واللحاق بركب الحضارة.
كان معه مفاتيح الحياة, كل يوم يفتح لي باباً لأنظر من خلاله إلى الناس والدنيا نظرة سحرية مغايرة لنظرتي القاتمة. كنت أخرج من الظلمات إلى النور وأرى ما حولي, أدخل عصر التنوير لأعرف ما يدور في الظلام وتحت الأقنعة, وخلف جدران العيون السوداء والخضراء والعدسات الملونة. كان يعرض أمامي برامجه ومعرفته وتجاربه, وكنت طبقاً لاقطاً يستقبل بثه وإشاراته بكل وضوح وسعة صدر.
أقضي ليلي أتقلب في صراع بين أمي, صندوق التقاليد والدين, وبين "سعود" نديم الشيطان, بل هو الشيطان الذي أتبعه بكامل وعيي وإرادتي, وأنفذ كل ما يطلبه مني وأستوعب نصائحه وإرشاداته دون تأفف أو ملل, ودون أن أستعيذ بكلمات الله التامات من شر الشياطين وأن يحضروا!
أضيع بين المعصية والطاعة, بين "نور" و"جاكي", بين جنة "سعود" وجنة الخلد. كانت أمي أول عقبة يجب أن أتخطاها وأقفز فوقها, وأدوس على سجادة التردد بثقة وثبات وأمشي في ممرات الكذب دون ارتباك أو تعرق, كانت وصاياه تتسرب إلي, ودينه الجديد يدخل قلبي فأنفذ شريعته باطمئنان وخشوع.
" جربي أن تكذبي على أمك".
نعم, نجحت التجربة, وشربت أمي محاليل الخداع ولم تصاب بالشك, تجاوزت أمي فهل بقي أمامي حواجز أصعب لأقفز فوقها دون أن أقع وأكسر عظامي!!
أخذني إلى أسواق ومراكز تجارية لم أدخلها من قبل, واختار لي ملابس جديدة على الموضة بدلاً من ملابسي التقليدية, ملابس لم أجرؤ من قبل أن أنظر إليها, فكيف سأرتديها؟!
" إن من تملك ساقين ذهبيتين مثلك لا يجوز أن تخفيهما تحت التنانير الطويلة, وهذا الخصر النحيل يجب أن تظهر استدارته بدلاً من أن يبقى مدفوناً تحت القمصان الواسعة"
أوامره ونواهيه تروق لي فلما أجتنبها وأعرض عنها؟! شرائعه تفتح لي أبواب الحياة فلماذا أغلقها؟!
لكن صورة أمي دائماً تظهر أمامي, أحاول أن أخفيها بأكياس الملابس وخلف أبواب الحياة, أحياناً أفلح, وأحياناً لا أقدر, سلمت رأسي للكوافيرة لتفعل به ما يريد "سعود", طلب منها أن تقص شعري الطويل قصة "الكاريه" الفرنسية, كأنه بذلك يزيل اخر الأسوار الطويلة عني.
بدوت جميلة, بل جميلة جداً, أصبحت أشبه "جاكلين" تحولت من فتاة بدائية بضفائر مجدولة إلى أنثى عصرية, أرتدي جينزاً ضيقاً يبرز شهوتي السرية, وبلوزة ملتصقة بصدري المستنفر, ويظهر من أسفلها بطني إن تحركت أو تكلمت, وشعري يرفرف حول وجهي بحرية وانطلاق.
وقفت أمام المرآة أتأمل "جاكي الزينة" كما يقول "سعود", دخلت مراياي التي صقلها وأزاح عنها العباءة القاتمة, وقفت أواجه ذاتي الجديدة فترة طويلة, أردت أن أتعرى من ملابسي لأرى هل نضج جسدي أيضاً, وأصبح له شكل جديد مثلي, هل قص ارتباكه وخوفه وتحرر مثل شعري؟!
وعدت نفسي عندما أعود إلى حصني, إلى غرفتي أن أتعرى لأكتشف ما نبت لي من أمنيات واشتهاءات على جسدي العائم على أبار الرغبات الخام.

عندما أخبرني أننا سنذهب إلى منزله بدت لي الفكرة مخيفة, لأنني سأكون أنا وهو والشيطان ثالثنا, بل سأكون مع الشيطان ذاته, عادت أمي للظهور في رأسي تنظر إلي بلومٍ وتقريع وتحمل بيدها شعلة من نار تلوح بها في وجهي, أخفي وجهي بيدي حتى لاتصله شرارات أمي, أحاول أن أخفيها في سراديب النسيان وأطمرها تحت ألواح وصايا "سعود", أرتبك والحيرة تؤرجحني بين قبول عرضه أو رفضه:
- أهم شيء يجب أن تتعلميه هو أن تستغلي الفرصة المتاحة لك ولا تدعيها تفلت منك, والذهاب إلى منزلي فرصة يجب استغلالها.
أجد نفسي مؤمنة بكل كلمة ينزلها علي, لكن أبقى حائرة بين الهروب منه والدخول معه إلى خلوته, إلى شقته, مشتتة بين "لا" و"نعم" دفع بي للدخول قائلاً:
- مابك لن أغتصبك, لا تخافي, صغيرتي "جاكي" إنسي محظورات والدتك القديمة والبائدة.
أمي؟ لماذا ذكرها أمامي ليوقد نار جهنم في صدري؟!
أمي؟ كيف سيكون عقابي ان علمت بذهابي إلى شقته بدلاً من حضور الندوة الأسبوعية في الجامعة, هل كانت تلك الداعية ستأتي على ذكر الرسول الكاذب, أو النبي السري "سعود", هل معها صحف تشبه صحفه؟!
أفقت من تساؤلاتي على صوته وهو يقول لي:
- هل تفضلين الأغاني أم مشاهدة التلفزيون؟
أغاني؟! أنا لم أسمع يوماً موسيقى لأنها مزمار الشيطان كما تقول أمي, كنت مشدودة وأنا أراقب القنوات الفضائية التي كانت أمي تقول عنها مصدر المنكر والفحشاء وترفض إدخال "الدش" إلى المنزل, سحبني من أمام الفضاء الخارجي داخل شاشة التلفزيون قائلاً:
- تعالي لأريك غرفة نومي.
غرفة نومه جعلتني أشعر بخجل جنسي, وارتباك إشتهائي, أردت الخروج لكنه منعني, أمرني أن أمشي أمامه, سرت عدة خطوات طلب مني أن أرفع كتفيّ ليبرز صدري, وأن أمشي على مهل وبتمايل خفيف فيه شيئ من الدلال, ثم جلس على السرير وشدني إليه.
أنفاسه تلهب أذني, ورقبتي ووجهي, بل تلهب جسدي البكر, كان ماهراً في إستدراج كبتي, ويعرف كيف يوقد جمر الرغبة في حواسي, يقترب مني أكثر وأكثر, أحاول أن أبتعد لكني لم أقدر, ولم أكن أريد, أشعر بقوة رجولته تطبق على أسواري فتفتتها, موجات ضوئية تنتقل منه إلي فتضيئ الممرات والزواريب المعتمة في روحي فتسيل الرغبات الدافئة على أطرافي, جسده أمواج بحرية ساخنة أتبعها حتى الغرق, شفتاه جذوة من نار تدخل فمي فيهتز جسدي ويربو, أغمض عيوني لأستسلم لأول قبلة تدخل فمي.
أول مرة أكتشف الرجل خارج اسوار الخوف والهرب من أمامه, لم يكن مخيفاً, فلماذا تهرب نساؤنا عندما يدخل مجلسهن رجل؟ ولماذا يخفين وجوههن عنه؟! لم يلتهمني, أو يمزق وجهي, على العكس فقد منح أنوثتي بصمة رجولية فاخرة.
قبلته, أنفاسه تحكم القبضة على جسدي وتفكيري, لكن فجأة تسقط قطرة ماء باردة على رأسي تكبر وتتسع لتتحول إلى مرآة تعكس صورة أمي بوجهها البسيط, ابتعدت عنه بسرعة, لكني كنت أشعر بالدوار, وقدماي لا تحملانني والدم توقف في عروقي وأغمى علي.
عدت إلى المنزل وأنا أشعر بالتعب والوهن وكأني جلدت مئة جلدة تظاهرت أمام أمي بالفرح والإبتسام وأنا أحمل أكياس الملابس وسألتها عن رأيها بقصة شعري فأبدت انزعاجها من تقصير شعري وشراء ملابس ضيقة لكني اقنعتها اني لن ارتديها الافي المنزل فابتسمت ودعت لي بالهداية وان يبعد وساوس الشيطان عن صدري، كلماتها أشعلت القلق في صدري, تراها وجدت أثراً لقبلة "سعود" على فمي وبقايا من قطرات عصير العنب على يدي؟! لماذا تشعرني نظراتها بأنني ارتكبت ذنباً لا يغتفر!! أم أنني أتوهم وأعاني عقدة الشعور بالذنب دائماً؟!
دخلت غرفتي, وارتميت على السرير وانخرطت في البكاء, بكاء لم أعرف سببه. لماذا أبكي؟! هل أنا مذنبة وعاصية لله؟‍! لماذا أنا حزينة؟! لأن "سعود" قبلني؟! ماذا في ذلك؟
مسحت دموعي ورحت أتأمل وجهي, أتحسس شفاهي, أرى "سعود" متمدداً فوقهما, ينزل على صدري قبلاً, أتعرى أمام المرآيا ليقبلني "سعود" كما أريد وكما يريد, أتحسس جسدي بأصابعي, أشعر به كتلة بركانية على وشك الإنفجار, وألسنة اللهب تخرج من المرآيا وتلاحقني, تلاحقني وحدي دون الآخرين!
لماذا أهوي وحدي في صقر؟! جميع الفتيات يقبلهن الشبان فلماذا لا يقبلني "سعود"؟ أنا الآن "جاكي" ولست نور الغبية الصغيرة التي تتعثر بضفائرها, أنا "جاكي" التي بدأ جسدها يطلق همساته, ويستجيب لنداءات "سعود" الصاخبة, فلماذا لا أقبله؟! لم أرتكب منكراً, أوكبيرة من الكبائر فلماذا أبكي بحرقة وكأن العالم سينهار أو يحترق؟!
أمي, أنا لم أفعل جرماً يضر بشرفي وسمعتي, فلماذا تطاردني نظراتك بقسوة؟! أحس أن عينيها معلقتين في سقف الغرفة تنظر إلي بعتب مفترس, أمي أرجوك لا تنظري إلي هكذا فسوف أختنق... أختنق.






( 6 )

كنت أنساق وراء "سعود", وأجري لاهثة أريد تسلق عالمه, واكتشاف دنيا جديدة أستوطنها مثل الآخرين , لكني كنت غير الآخرين, كنت دون تجربة أو خبرة, جملة رصيدي في الحياة موروثات بائدة, كنت هشة جداً, الهمسة تثيرني, والكلمة الرقيقة تأخذني إلى نجوم الأحلام.
بمشاعر صافية ونقية, أحببت "سعود" حباً إجتاحني كسيول جاءت إلى صحرائي بعد جفاف طويل, فنمت مشاعري الصغيرة, وتطاولت على جدران الصمت, مشاعر كنت أسمع عنها سراً من زميلاتي في المدرسة والجامعة, ويتردد إسم الجنس همساً في قلبي لا أجرؤ أن ألفظه, أردد " ج ن س" بحروف متباعدة ومتقطعة غير متصلة خوفاً من حدوث ماس كهربائي يفجر رغباتي, لم أكن أجرؤ يوماً أن أتخيل كيف شكل الجنس, ما لونه, ما طعمه, من أي الكائنات هو, من أين ينبع و أين يصب, اليوم أردد كلمة جنس بقوة, أكتبها على دفاتري, على الجدران, على المرآيا, أسمع لها جرساً موسيقياً عذباً, جنس , حروف متناغمة ومتشابكة لا تحدث حرائق في المنزل.
أتخيل "سعود" يرسم أشكالاً للجنس على جسدي, ويشرح لي ألوانه ومراحله وصفاته. فالحب هو الجنس, لا يعترف بالحب على "الناشف" كما يقول, الحب مباشرة الجنس دون الدخول في متاهات الحب المتعبة, لا يحب المرأة إلا بمقدار شبقها الجنسي, وبمقدار ما تقدم من جسدها وجبات دسمة على السرير. يقول إن الجنس هو الذي يحكم العالم, هو القوة الحاكمة التي تسيطر على البشر, بإمكان الإنسان أن الحصول على أعز وأثمن شيئ بواسطة الجنس, بل يمكن ترويض الوحوش الضارية بالجنس.
أمريكا تحكم العالم بالجنس, الحروب تشتعل وتخمد فجأة بالسطوة الجنسية, المخابرات العالمية تحصل على أخطر وأدق المعلومات عن طريق الجنس, الباب الأكثر رواجاً في الإنترنت باب الجنس, كان يقول لي: أنظري حولك كل شيئ يعطي إشارات جنسية صريحة أو غير صريحة, الفضائيات لا تنجح ولا تستقطب أكبر عدد من المشاهدين إذا لم تكن المذيعات فيها شهيات ومثيرات وشهوانيات ومستفزات لمشاعر الذكورة.
الجنس محور العالم, ونقطة إرتكازه, الأفلام السينمائية إن كانت لا تتضمن مشاهد تشعل الأجساد لا تكون أفلاماً ناجحة جماهيرياً, خذي مثلاً "نادية الجندي" إنها نجمتي المفضلة, أعشقها, أتابع أخبارها, هل لأنها فنانة مبدعة حقاً!! أبداً كل ما في الأمر أن رائحة الجنس تفوح من فخذيها, لذلك تنجح كل أفلامها والأغاني الا تعبر عن الشوق والعواطف الملتهبة؟! فماذا يمكن أن تكون هذه المشاعر المشتعلة سوى الجنس!! مالئ الدنيا وشاغل الناس, حتى الملابس التي ترتديها النساء, أليست كلها إثارة, ونداء لمتعة جنسية قادمة؟!
كان يحاول أن يخلصني من عقدة الجنس, العقدة التي ربطتها أمي بحبال التدلي إلى جهنم, أنا التقيت بالجنس في مكانٍ واحد.
قلت له بعفوية "أحبك" لم يهتم, قال أن الحب وحده لا يكفي يجب أن نعبر عنه بالجنس, وإلا فذلك نوع من العبث وإضاعة الوقت, العلاقة الحقيقية بين الرجل والمرأة الجنس أما باقي المشاعر فهي نوع من الأخوة, أو الأبوة, الحب الفعلي هو الجنس, لا يمكن أن تسمي ما بيننا حباً ما لم نمارسه على شراشف الشهوة, المعادلة سهلة جداً يا عزيزتي, إلكترون ذكري+ إلكترون أنثوي = تجاذب جنسي.
صوته الخفي, لمساته المحرقة على وجهي وعنقي, أصابعه تصهر صدري فيمتزج مع ألوان متعددة للجنس, الأضواء الخافتة, وساوس المرايا قرب جسدي كل ذلك يشجعني للإستجابة مع موسيقى جسده, رغبات تتولد في جسدي كموج البحر, وأحاسيس أنثوية مختلطة برعشات ذكورية تلقى في جسدي, فأشعر أنني ما تذوقت من قبل طعماً بهذه الحلاوة.
أشعر بجسدي يتمدد ويتطاول, وتزهر فروعه بشتى الألوان ولغات كثيرة تخرج من جسدي لم أتكلمها من قبل. يهمس باذني كلماتٍ سحرية لأهبط معه إلى أرض الأحلام, وينزع عني ملابسي قطعةً قطعة, أتهجى حروف الجنس على جسده حرفاً حرفاً, صوته الهامس بالرغبة وقبلاته المطعمة بشهد الحياة تنزل على بشرتي كرذاذِ مطرٍ دافئ, فأتعرى لأستحم تحته, وقفت أمامه عارية كورقة أخيرة على شجرة خريفية, أصابعه تصل إلى عظامي, وأنفاسه تلوح بشرتي بسمرة النشوة, يقبلني بغزارة, يقبل كل المواضع والجهات والزوايا, عندما وصل إلى أدفئ المواضع شعرت بتيار كهربائي لامسني, فاستيظقت على وجه أمي, صرخت وأبعدته عني, أهرب من نظراتها التي تخنقني, أضربه وأصرخ, أشعر أني أحترق, أحترق, حاول أن يعود إلى أسلوب التنويم معي, لكني قاومت, وسقطت على الأرض أخفي وجهي حتى لا يتفحم من النار, أغسل وجهي بالماء البارد, وأنظر إلى المرآة لأتأكد أنه غير محروق, أشد عباءتي على جسدي وأحكم الخمار على وجهي حتى لا يشاهدني الناس عارية, ستصبح سيرتي على كل لسان, أحس أن عيون كثيرة تنظر إلي. أين أختبئ لتخلص من هذه العيون؟! اين أدفن راسي لأتخلص من الفضيحة؟! "أين أخفي فضيحتي" كنت أصرخ بأعلى صوتي دون ان أدري.
- كفي عن سذاجتك, لم يحصل بيني وبينك أي اتصال, فاين الفضيحة؟! ومن شاهدك وأنت تدخلين معي, هل نسيتِ أن العباءة تخفي وجه المرأة وفضيحتها معاً؟! ما حصل بيننا أقل من عادي.
أقل من عادي؟! أحسه شيئاً فظيعاً, أحس أني ملوثة بالبقع المتقيحة, والدم ينفر مني بغزارة, لم أستطع أن أنظر إلى وجه أمي حتى لا ترى آثار الرغبة على وجهي, وبصمات الخطيئة على جسدي, أخاف إن نظرت إلي أن يتحول جسدي إلى مرآيا تعكس ما حصل معي, رؤيتها ستجعلني أنهار وأعترف لها بالوجه الآخر الذي نم لي, إنخرطت في البكاء وآلآم حادة تمزق وجداني, أسقط في صراع بين ما أريد, وما لا أريد, صراع بين وجه أمي وجسد "سعود", بين رغبتي في نسيانه والعودة إلى "نور" والتخلص من "جاكي", ورغبة مضادة في التحول الكلي إلى "جاكي", صراع بين ملامح وجهي الجديد الذي ينمو على صفحة وجهي القديمة.
دخلت في صراعات لا تنتهي أبداً, ولا تجعلني أنام, تطاردني كوابيس الحرائق ونار تلظى, أصحو مذعورة أنظر إلى وجهي وأتلمسه لأتأكد أنه لم يسوّد. ابحث عن حل يريحني ويرضي نفسي اللوامة, حلاً يمنحني حقي في أن استمتع بحياتي, و أعيشها دون خوف أو شعور بالذنب, ضائعة بين أن ألمس رقة الحياة بيدي, وبين الخوف من جمر الله الموقد, بين أن أقطع حبال التقاليد التي تربطني, وبين إطلاق رغباتي ومشاعري على سجيتها.
أصارع نزعات الجسد والدين و الحياة, الدين الذي يحرمني حتى من الإبتسامة إن لم تكن في سبيل مرضاة الله, وبين الجسد الذي يطوق إلى الحرية واكتشاف غاباته الكثيفة, بين الحياة بكل مباهجها وزينتها وتألقها وفتنتها ودعوتها لي أن لأعيشها, بين أمي التي تواظب على دروس الدين وتقبلها لكل الأوامر والنواهي بكل ما تحتوي من شوائب ورواسب دون أن تجرؤ أن تسأل لماذا؟ أو كيف؟
كيف ستتطاول على الله وتناقشه؟! هل تستطيع أن تقول أن الجنس ضرورة ملحة في حياتنا, وأن لغرائزنا علينا حق, كيف نلبي طلبات الجسد, كيف نملاء رغباتنا؟ كيف نشبعها ونرطبها, لا نكسرها ونجففها.
أردد بداخلي "إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر", أصلي كثيراً حتى لا أقرب الفحشاء وأخالط المنكر, ولكن هل علاقتي مع "سعود" فحشاء؟! يا الله أنت الذي خلقت المرأة والرجل, ومنحتنا الرغبات, ونفخت فينا الغرائز بكل أنواعها وأشكالها, وألوانها, فلماذا لا نتعرف إلى الألوان والأشكال, ولماذا تحرم التقاء الرجل بالمرأة؟!
أدخل مرآيا دائرية الأبعاد ومتداخلة الإنعكاسات, أحترق شوقاً إلى "سعود" وجسدي يصدر أصواتاً غامضة تغريني بتعقب خيط الحرير المحترق وتتبع بصمات " سعود على جسدي" وتذوق لذة التقاء جسدينا.
انظر الى وجهي في المرايا فلا اعرف ايهما هو وجهي ،ارفض جسدي القديم ، والجديد بعيد عني لااستطيع الدنو منه او الابتعاد عن مراياه المصقولة
اصبح لي جسد املكه ولو سرا ، ليلا ادخل الى اعماق جسدي اتحسس طراوة الرغبة وشراستها في نفس الوقت ونهارا اواظب على اوامر امي ونواهيها بطريقة روتينية اعتدت عليها منذ الصغر ، وسرا أكتفي بقبلات" سعود" ومداعباته لثغوري استمتعت بوجود رائحة رجل تدخل حياتي، تدخل في حواسي فأستنشق عبير ملونا لاتشبه رائحته رائحة الاحتراق والتفحم التي تخنقني منذ الصغر .
قسمت وقتي نصفين نصف لامي وماتريد مني من عبادات ونصف لي لسعود أذهب إليه, أمضي معه أوقاتاً ممتعة, أستمع إلى الأغاني وأتسائل إن كانت فعلاً الموسيقى مزمار الشيطان فإن له حس مرهف للغاية, أشاهد مايبث على القنوات الفضائية من برامج تسلية وترفيه وإثارة نعرات الفتنة, وغرائز القلوب المتعددة أقضي الساعات أتحدث مع "سعود" أسأله ويرد, أمسك بيده وأضمه إلي وكأنني أضم العالم إلى صدري, أغرق معه في قبلة طويلة لذيذة, أتمنى أن لا تنتهي أبداً, قبلة تفجر في جسدي آلاف النغمات والألحان العذبة, قبلة تبقى عالقة في شفتي طوال الليل, قبلة تشعرني أنني ملكت العالم, أنني أدير الكرة الأرضية بأصابعي أو بشفاهي لا فرق, المهم أني مع "سعود", لدي رجل خاصاً بي, رجل مكتمل الرجولة, مخلوق على أجمل هيئة, يحرث جسدي البور ويبذر فيه أنواع متعددة من البذور والشجيرات, لكن هو هل تكفيه هذه القبلات لاكتشاف جسدي من الداخل ؟! هل تبقى القبلة عالقة بين شفاهي وسريره؟! وهو الرجل الذي تربيت على الخوف من التصاقه بي وبي جسدي كيف اعرف صدى هذا التحذير واعرف طعم جسده ان لم يفتح بواباتي وتختلط انهار العسل الابيض بعصير العنب ؟!!
هل كنت أستطيع أن لا أمنحه جسدي ليمرر عليه شفاه الجنس والرغبة؟! والى متى سأبقى صامدة أمام جند إبليس وأعوانهم, وأقبض وحدي على الجمر والناس في سباق مع التحرر والعولمة والجنس ؟!
كان يجب أن أكسر قيود التخلف عن معصمي كما كان يقول سعود وأرتدي "مايوهات" التحرر وأدخل لعبة العولمة, عولمة الجسد.
......................................... يتبع



#رحاب_ضاهر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فتنة المرايا - 2
- فتنة المرايا-1
- سندريلا
- معرض بيروت للكتاب
- ايميلات عشق
- ايميلات عشق لرجل غائبا حتى في حضوره
- المتجردة
- حوار فضائي مع الشاعر سلطان الحداثة
- قارئة الفنجان
- عميلة!!
- سود شراشفنا
- new look
- خطان متوازيان
- أسئلة كثيرة يطرحها خالد غازي في نساء نوبل.. في دراسة عنهن
- مريم نور والنصب البديل
- خالتي ام مرهج
- بيضاء
- لنطفئ شمس بيروت -1
- وطن
- الساعة السادسة


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رحاب ضاهر - فتنة المرايا