أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى محمد غريب - الأديب والشاعر ميخائيل عيد الوداع الأخير والدمعة الخفية















المزيد.....

الأديب والشاعر ميخائيل عيد الوداع الأخير والدمعة الخفية


مصطفى محمد غريب
شاعر وكاتب

(Moustafa M. Gharib)


الحوار المتمدن-العدد: 1061 - 2004 / 12 / 28 - 09:29
المحور: الادب والفن
    


" العيشة صعبة صعبة.. وها الدنيا الكلبة.. صعبة.. ما بتسمع آهات الفقرا"

رحل الأديب الشاعر المترجم ميخائيل عيد عن عمره يناهزالثامنة والستين عاماً مخلفاً ورائه اعمالاً جليلة وأكثر من سبعين كتباً تناول فيها مختلف القضايا الثقافية والسياسية، فمن يتابع ميخائيل عيد الأديب السوري المعروف سيجد في شعره الكثير من الصور الجمالية وبخاصة تلك التي تتناول حياة الدراويش من الناس كما أنه سيجد في مئات القصص التي ترجمها عن البلغارية " لكيرك اوستوف وانجل كارالتيشوف وران بوسيلك وغيرهم" ثم العديد من الكتب ليوفكوف وخايتوف وغازروف وكارانفيلوف مثالاً ساطعاً على معنوياته الرائعة ومثابرته لرفد الثقافة العربية والسورية بالذات بالقيم والإبداع الجمالي في الأدب العالمي ولم يكن هذا العطاء الكبير الا الهاماً جريئاً لمكونات هذا الانسان الزاهد الذي عرف بالسليقة غول الفقر والجهل والظلم والاضطهاد الذي لازم المجتمعات العربية، غول القهر والتسلط في عالم يكاد ينقسم الى ثلاث اقسام الاول محطة للاغنياء في بروجهم وسلطانهم وتمتعهم بملذات الدنيا وحماية السلطات وأجهزتها الأمنية والثانية للفقراء الكادحين الذين يتغذون من عرق جباههم وتعبهم وشقائهم الطويل في هذه الدنيا الصعبة وهم تحت طائلة الجبرية وإلغاء الأخر والثالثة للموتى الجياع وان كانوا احياء ظاهرياً يتحركون كرابوتات مبرمجة تكاد تسقط بمجرد أي خلل غذائي ، فانتمى مخائيل الى القسمين الأخيرين بدون مُساءلة ولا خوف ولم يكن ابدأً مهادناً فيما ذهب إليه أو ما سيكون عليه وضعه ، وبدون أي عقبة فكرية ازدهى فكره نحو التقدم والحرية وحقوق البشر.. أي بشر ، بيض او سود بديانات ومذاهب وايديولوجيات مختلفة، فراح يََضْحك من اولئك الذين كانوا يحسبون خطواتهم بتؤدة غريبة ويرتقون عروشاً ( إن كانت عروشاً ) في الثقافة والادب فما غيرته تلك الحالات الوقتية التي بنيت على الدسيسة الايديولوجية المتطرفة لحد اللعنة في ترتيب الامور وتسمية الاسماء في جدل عقيم قوانينه الشك والريبة ووضع فوهة البندقية والسوط وباب الزنزانة على الافواه التي تهمس فكيف تلك التي تصرخ عالياً، فهل منح وساماً او مدالية او درعاً للجهود الثقافية الكبيرة التي بذلها وللعطاء المتوهج الثر الذي منحه على صعيد التأليف والترجمة؟..
مات الرجل المعطاء بعد مرض ألم به شهوراً وكأن الموت قدراً يذكرنا باولائك الذين يقدمون كل شيء ولا يحصلون على اي شيء في حياتهم وعندما يُلتفت إليهم بعد رحيلهم بعد ذلك يكون الوقت قد مضى بدون رجعة، هكذا هو عالمنا الثقافي العربي، أي احساس بالذنب يجب ان يشعر بها الضمير الثقافي والمثقفون في حالة كحالة ميخائيل عيد وغيره من المثقفين المبدعين الذين يجب ان يكرموا لدورهم الريادي والجهادي في سبيل ثقافة وطنية تقدمية ترى ان الانسان يجب ان يمنح حقه الكامل في الاختيار والتطلع والعيش بأمان بدون قيود ولا إرهاب مسلح أو إرهاب مالي أوإرهاب ثقافي، وكيف يمكن ان لا يعاقب الضمير الثقافي نفسه والمثقفون انفسهم لفساد فهمهم في التصنيف الذي يضعونه على قيمة ووجود وانتماء امثال ميخائيل عيد، التصنيف الذي يعلله المصطفون لنيل رضى الاسياد والاقوياء المتنفذين على المؤسسات السياسية والثقافية وهم يُرمّزون الرموز حسب اجتهاداتهم واقترابهم من ظلال الكراسي العالية.
اقول لك يا ابن ( مشتى الحلو ) ايها السوري الأصيل والجميل الزاهي الذي تشرد وتغرب من أجل الوطن بسبب ملاحقة السلطات الحاكمة حينذاك، حتى في رحيلك الأبدي فأنت تعيش في قلوب من عرفك وقرأ لك ، يا ذا الضحكة المعبرة الحلوة، والأريحية المتفتحة، والروح المتفانية المملوءة بنكران الذات وهي تقدم للآخرين كل ما يمكن من أجل المساعدة.. ايها الرجل القيم انك ستبقى اثراً خالداً في الثقافة السورية والعربية التقدمية الحرة، وسوف يأتي اليوم الذي ستكون في المكان الملائم الطبيعي على الرغم من فوات الآوان..حيث يكرمك الشعب والوطن على روحك الوطنية وأعمالك المبدعة.
اقول لك لن انسى تلك اللقاءات التي كانت مليئة بالنقاش المثمر والطويل ، بالحديث عن الهموم السياسية والثقافية، بامور عديدة كان البعض منها معقداً يبدو بدون حلول لا قريبة ولا بعيدة ومنها سقوط النظام الصدامي الشمولي لكننا كنا دائماً نتفق ان الشعوب سوف تنتصر وتطرد طغاتها وحكامها القتلة الذين يجثمون على صدورها.. لكن وللأسف الشديد ليس عن طريق العامل الخارجي والاحتلال الاجنبي فقد كان ذلك بعيداً كل البعد عن ذهننا وتفاؤلنا الكبير بشعوبنا وفي مقدمتهم شعبنا العراقي، كنا في كل لقاء نتحاور ونجادل حول مواقف فكرية كثيرة والموقف من الحرب العراقية الايرانية ومن مواقف النظام الشمولي تجاه القضايا الملحة، وفي ذلك الوقت وفي كل وقت كنت مقداما وخير صديق للكرد العراقيين في محنهم وبخاصة مأساة حلبجة وغيرها من المواقف النبيلة..
كم كنا نعتب على الدنيا التي ما انصفت الملايين من الفقراء والكاحين وبقت الى ذلك الوقت خادمة ذليلة لأصحاب الجاه والقوة الغاشمة.. " دقي صدرك يا أم حسين/ لكن خبي الدمعة الحمرا/ وخبي خبي/ يا أم حسين/ العيشة صعبة صعبة / وها الدنيا الكلبة/ صعبة/ مابتسمع آهات الفقرا"
لم يكتب ميخائيل عيد إلا وهاجس الناس يختلط بكتاباته حتى تلك القصائد الغزلية المرهفة كانت تحمل هموماً من نوعٍ آخر، وبقى إلى آخر رمقة يعيد صورة الحق الضائع في أمنيات الناس وبخاصة الكادحين منهم.. " وقفة الناس أمام الفرن/ دور الناس في السجن/ مواعيد الولادات/ الجنازات، الأغاني، والأماني/ كل شيء صار موزوناً مقفى/ فلماذا تكتب الشعر الحديث.. يا خبيث؟
لقد عاشت مراتع صباه معه ثانية ثانية ودقيقة ودقيقة ولكثرما حدثني وحدث الآخرين عنها.. " ودروب ضيعتنا أغاني حب
شوبيحب
ترديدا
وروحي صبية ضايعة ع الدروب
ومنديلها بإيدا "
لقد كانت ايها الرجل الظريف ( مشتى الحلو ) عبارة عن سنفونية لطالما ذكرتها في اشعارك الفصحى والعامية.. " أغصانها من بعيد تهتف مرحبا/ لضيوفها وبتميل مع ريح الصبا/ ومن كثر مامر الليالي عذبا/ اضلاع انحنيت على عشاقها/ يادلبة المشتى العظيمة عرّمي/ شاب الزمان حرام انت تهرمي/ أرواحنا مثل الفراش محوّمي/ حني عليها وخففي أشواقها"
هل هناك أجمل من تكريم مبدع في حضوره أو أثناء حياته لكي يحس بان الوطن الذي حمله في القلب وقدم له ولشعبه كل ما يستطيع من حب وتضحيات قد كرمه ومنحه المكانة التي يستحق، وإلا ما فائدة التكريم بعد الرحيل، وهو ان دل على شيء فهو يدل على الشعور بالذنب والخطيئة تجاه هؤلاء المبدعين، شعور بالندم والحسرة والتقصير لكن كما قلنا بعد فوات الآوان.



#مصطفى_محمد_غريب (هاشتاغ)       Moustafa_M._Gharib#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- علي الكيمياوي والبراءة من دماء ابناء حلبجة وغيرهم من العراقي ...
- وطـــــــن القيامة والنذور
- ما زال أزلام البعثفاشي يسرحون ويمرحون في دوائر الدولة ومفاصل ...
- الفــــــــــــرق
- هل صحيح أن - قناة الجزيرة الفضائية تسوق للأمريكان؟
- الحوار المتمدن والفكر التنويري التقدمي
- !! نقيب المحامين العراقيين كمال حمدون وضميره الحي
- أختلف مع رأي أياد علاوي .. كأن عمر و موسى وإيران وغيرهم يعرف ...
- هل يفتح باب المرفأ يا بغداد ؟
- وداعاً سيدتي... !
- خطر الانشقاق حول الانتخابات لن يخدم العملية الانتخابية بل سي ...
- هل انتصر تيار إبقاء القوات الأجنبية أطول فترة في العراق؟ وهل ...
- خولة بالاستعارة
- قناة الجزيرة الفضائية وسياسة تلويث العقل العربي...
- الشهداء ورود حمراء تتساقط ولكن لن تموت..الحزب الشيوعي العراق ...
- هجرت الاخوة المسيحيين العراقيين وتفجير كنائسهم فتنة أخرى للق ...
- المالح الثابتة في كل زمان ومكان
- لماذا اختيرت الفلوجة كقاعدة لارسال السيارات المفخخة وغيرها م ...
- الفرق الشاسع بين موت صدام حسين وموت الشيخ زايد وياسر عرفات
- تكرار الأحداث في التاريخ -مرة كمأساة ومرة ثانية كملها’ - حقي ...


المزيد.....




- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى محمد غريب - الأديب والشاعر ميخائيل عيد الوداع الأخير والدمعة الخفية