أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عزيز الحاج - الساسة يزرعون الأشواك وأكثرية الشعب تدمى..














المزيد.....

الساسة يزرعون الأشواك وأكثرية الشعب تدمى..


عزيز الحاج

الحوار المتمدن-العدد: 3583 - 2011 / 12 / 21 - 20:02
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كان بلا اختيار متعمد مني تحديد موعد الأحد من كل أسبوع للحديث مع شقيقتي، لطيفة الحاج، في بغداد. كنا نتداول في وضع أحدنا الآخر، ونتبادل الأنباء. كانت دائمة الشكوى من انقطاع الكهرباء، الذي يتسبب في الأذى، حرا وبردا، وفي المعنويات أيضا.

لكن الموعد الأسبوعي انقطع فجأة منذ تسعة أيام بعد أو وقعت لطيفة ضحية جلطة ضربت الرأس، وشلتها نصفيا، وأعاقتها عن الكلام.
عندما أنظر من بعيد لأوضاع شعبنا في العراق، تنتابني مشاعر وخواطر متضاربة: ما بين حزن عميق، وغضب عاصف، ومرارة اليأس من انفراج قريب. وعندما يخطب الساسة العراقيون ويصرحون، ويحاول هذا أو ذاك إلقاء المسئولية على الغير، مرة على أميركا، ومرة على ما تركه نظام صدام من خراب ثقافي واجتماعي وسياسي، ومرة على تخلف المجتمع العراقي، وأخرى على تكالب دول المنطقة، فإن ذكر كل هذه الأسباب مبرر ومشروع، ولكن لماذا يتناسون، وخصوصا من في أيديهم عتلات السلطة منذ سنوات، العامل الحاسم في وصول العراق لهذه الحالة من رخص القتل، وانعدام الخدمات، وانتشار الفساد، وشيوع الهوس الفرعي على حساب المبدأ الوطني العام والمشترك؟؟

إن وصولنا لهذا الجحيم لم يكن قدرا محتما لولا دور ثقافة وسياسات العنف والانتقام، وهوس السلطة والامتيازات، وميول إزاحة الأخر والسعي لاحتكار الساحة.
إن كل من عمل في الحياة السياسية، منذ العهد الملكي وصاعدا لليوم، يتحمل جزءا، مهما كان مقداره، من المسئولية عن أوضاع اليوم. وكما كتبت مرارا وتكرارا، فأنا من بين هؤلاء الساسة " المتقاعدين"، ممن لم يكن يرضيهم أي إنجاز، ولو كان محدودا، وأية خطوة إيجابية جزئية، تتخذها هذه الحكومة أو تلك، طالبين أن يتحقق كل ما نطلب مرة واحدة، ورافضين المرونة في السياسة، وقاعدة المرحلية وما لا ينال كله لا يترك ما يتيسر منه. وكنا نرفع راية الديمقراطية ولا نمارسها فعلا، سواء في الوسط أو اليسار، أو تحت شعارات الوحدة والعروبة. ومنا من كانوا يروجون لمنهج العنف باسم الكفاح المسلح والثورة. أما حكام اليوم، فقد ضربوا الرقم القياسي في السياسات المهلكة، المفرقة للصف، وغير المكترثة بالمواطن، وحيث سباق المناصب والثروات، والسماح بالتدخل الإقليمي واعتداءات دول في الجوار، بالقصف المدفعي ونهب المياه. سابقا، كان معظم الساسة الوطنيين يتبعون أهدافا وطنية وديمقراطية يؤمنون بها، وقد يضحي كثيرون منهم من أجلها دون طمع في منصب أو جاه. ولكن أوضاع السياسة اليوم هي العكس تماما- وا أسفاه.

لقد تحول اسم الشهيد الحسين إلى وسيلة تجارة ومزايدة باسم الطائفة، وأداة لتعطيل دوائر الدولة ومؤسسات التعليم. ولست مقتنعا بأن الحسين، لو كان حيا، كان سيرضى بما يجري باسمه من مزايدات ومتاجرة، بينما خدمات الناس منهارة وأموال الشعب تنهب جهارا- علما بأنني لم نر أحدا من المتاجرين، ساسة أو من كبار رجال الدين، من يخرج للشارع لاطما او شاجا رأسه بقامة!!! ولعل كتابا لمؤلف سني كطه حسين او العقاد، أبلغ في فهم شهادة الحسين وتمجيد ذكراه، من جميع مراسيم اللطم والتطبير.

لقد جعل تخبط الحكام وتقوقعهم الضيق، وصراعات الساسة، والتدخل الخارجي، مضافا لعواقب الخراب الاجتماعي والفكري الموروث من عهد صدام؛ أقول إن ذلك كله جعل من كل عراقية وعراقي مشروع شهيد، إما بالمفخفخات والكواتم، وإما مرضا بلا تطبيب ناجع، وإما فقرا أويأسا من الحياة. وكم أبكتني تلك المرأة المسيحية التي وجدت نفسها في تركيا بعد أن أعطت للوسطاء كل ما تملك لنقلها لبلد غربي، وحين ضاقت بها الحال وخشيت من الانزلاق الأخلاقي مع بناتها، صبت على نفسها البنزين لتنتحر لولا بكاء وتوسل البنات. وتلك المرأة البغدادية، التي كانت قد دفعت مبلغا ضخما لشراء بيت قرب المنطقة الخضراء، ثم قيل لها بعد سنوات إن البيت قد بيع لأحد المسئولين، وعليها أن تخرج. هي الأخرى صبت النفط على نفسها وأشعلت عود ثقاب لولا أن تداركوها وأنقذوها. وأما أحوال المهاجرين المسيحيين اليوم، فهي تتحدث عن مأساة هذه الشريحة من العراقيين من سكان العراق الأصليين، والذين لحقت " اللعنة" بمن بقي منهم في العراق حتى لدهوك وزاخو.

إنني لأشعر بالحزن لعجزي اليوم عن سماع صوت شقيقتي، وأشعر بعقدة الخطيئة لأنني على قيد الحياة والأحباء يرحلون الواحد بعد الآخر. ولعل آخرين مثلي من عراقيين المغتربات يشعرون بالحسرة والألم وهم في الدول الغربية، التي تعنى بهم وتحتضنهم، بينما يعرفون أن أهلهم وأصدقاءهم في العراق يعانون الأهوال. وخلافا لناكري جميل الديمقراطيات الغربية من بين المهاجرين واللاجئين العرب والمسلمين، فإنني أشعر بالامتنان للفرنسيين، الذين لولاهم لما بلغت أرذل العمر لعناية الأطباء مع أنني لم أشتغل لهم يوما، بل اشتغلت للدولة العراقية منذ 1947. ولكنها الديمقراطية وحقوق الإنسان وحماية اللاجئين والمهاجرين. وما أكثر من يتحدثون عن الديمقراطية العراقية والربيع العربي بعدا عن الواقع، وانسياقا وراء الأوهام!



#عزيز_الحاج (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رحلة مع تحولات مفصلية- الخاتمة: كتابات ...
- رحلة مع تحولات مفصلية ف10 ق2(الانتفاضات العربية.. مذهب بوش و ...
- رحلة مع تحولات مفصلية 10(الانتفاضات العربية)
- رحلة مع تحولات مفصلية 9 ف2 (هل الإرهاب مجرد -تكتيك-، أم أيدي ...
- رحلة مع تحولات مفصلية 9 ف1[الحرب الدولية الأخرى بعد الحرب ال ...
- رحلة مع تحولات مفصلية8 (اليسار في العراق والعالم العربي)
- رحلة مع تحولات مفصلية7 (القسم الثاني: النهر ساكن ولكن الجدار ...
- رحلة مع تحولات مفصلية 7 (القسم الأول: النهر ساكن ولكن الجدار ...
- رحلة مع تحولات مفصلية 6 (الصراعات في الحركة الشيوعية العراقي ...
- رحلة مع تحولات مفصلية 5 (ثورة 14 تموز)
- رحلة مع تحولات مفصلية4 (راح تتقسم، والله حرام!)
- رحلة مع تحولات مفصلية 3 (العسكر في السياسة..)
- رحلة مع تحولات مفصلية2 (من عميل خائن إلى رمز وطني)
- رحلة مع تحولات مفصلية - الفرات
- رحلة مع تحولات مفصلية- نقطة ضوء [مدخل]*
- هل يسير الشارع العربي فعلا نحو الحداثة والديمقراطية؟! [ مقال ...
- ملاحظات عن المسألة الديمقراطية [ 2 ]
- ملاحظات عن المسألة الديمقراطية.. [ المقال الأول]
- مقاربة عن الثقافة العربية ، والثقافة السياسية بالذات
- أيديولوجية الإسلام السياسي: استئصال الأخر وهدم الثقافة...


المزيد.....




- كوريا الشمالية: المساعدات الأمريكية لأوكرانيا لن توقف تقدم ا ...
- بيونغ يانغ: ساحة المعركة في أوكرانيا أضحت مقبرة لأسلحة الولا ...
- جنود الجيش الأوكراني يفككون مدافع -إم -777- الأمريكية
- العلماء الروس يحولون النفايات إلى أسمنت رخيص التكلفة
- سيناريو هوليودي.. سرقة 60 ألف دولار ومصوغات ذهبية بسطو مسلح ...
- مصر.. تفاصيل جديدة في واقعة اتهام قاصر لرجل أعمال باستغلالها ...
- بعد نفي حصولها على جواز دبلوماسي.. القضاء العراقي يحكم بسجن ...
- قلق أمريكي من تكرار هجوم -كروكوس- الإرهابي في الولايات المتح ...
- البنتاغون: بناء ميناء عائم قبالة سواحل غزة سيبدأ قريبا جدا
- البنتاغون يؤكد عدم وجود مؤشرات على اجتياح رفح


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عزيز الحاج - الساسة يزرعون الأشواك وأكثرية الشعب تدمى..