أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الغني سلامه - فهم أسباب الثورات العربية ونتائجها السلبية انطلاقا من فهم طبيعة المرحلة















المزيد.....

فهم أسباب الثورات العربية ونتائجها السلبية انطلاقا من فهم طبيعة المرحلة


عبد الغني سلامه
كاتب وباحث فلسطيني

(Abdel Ghani Salameh)


الحوار المتمدن-العدد: 3583 - 2011 / 12 / 21 - 13:07
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مقدمــة

بعد عقود من السكون والجمود، وعلى غير المتوقع، اندلعت في أكثر من بلد عربي ثورات شعبية عارمة، تمكنت من إسقاط أنظمة، وهز عروش أنظمة أخرى، وخلقت واقعا جديدا على المستوى السياسي والاجتماعي، لم تكن سرعة تشكّله وعمق تحولاته لتخطر على بال أكثر المراقبين تفاؤلا؛ وهي ما زالت في بداياتها وأمامها الكثير، فقد أطاحت بنظام بن علي في تونس، ومبارك في مصر، والقذافي في ليبيا، وعلى وشك الإطاحة بحكم صالح في اليمن والأسد في سوريا. وما زالت المنطقة العربية برمتها تموج بالأحداث الجسام والتغيرات الجذرية، بإيقاع خرج عن سيطرة الأنظمة، وتجاوز كل ما هو قائم من تشكيلات سياسية ونخبوية.

على المدى القصير، وإلى جانب نتائجها العديدة على مختلف الصعد، فقد أدت الثورات العربية إلى تنظيم ثلاثة انتخابات في ثلاث دول عربية، هي المغرب وتونس ومصر، وهي انتخابات تجري لأول مرة بصورة يمكن وصفها بالديمقراطية والحرة، لكنها انتهت بنتائج فاجأت الكثيرين، إذْ أحرزت الأحزاب الإسلامية فيها تقدما واضحا، الأمر الذي دعا البعض للتشكيك في هذه الثورات، أو لوصف ما جرى على أنه اختطاف لهذه الثورات من قبل حركات الإسلام السياسي، أو على أنها جزء من الفوضى التي تعقب وترافق أي ثورة شعبية، أو أنها تعبير عن فشل هذه الثورات وانحراف عن أهدافها. وحتى نفهم كيف ولماذا حصل ذلك، لا بد من فهم طبيعة المرحلة التي أنتجت هذه الثورات، ومن ثم فهم خصائصها وسماتها.

طبيعة الثورات العربية

البعض شبّه الثورات العربية بالثورات الكبرى التي غيرت وجه العالم كالثورة الفرنسية والأمريكية والبلشفية، إلا أنه من السابق لأوانه القفز لمثل هذه الأحكام. والبعض شبهها بالثورات التي أطاحت بالمنظومة الاشتراكية في نهاية العقد الثامن من القرن الماضي، ولكن الثورات العربية وإن تشابهت معها في بعض أسبابها وحيثياتها، خاصة فيما يتعلق بكبت الحريات والفساد وتدهور الأوضاع الاقتصادية، لكنها اختلفت معها في النتائج، حيث سلكت الثورات التي أطاحت بالشيوعية خطا متشابها، لأنها جاءت في سياق حدث سياسي واحد مميز هو بدء تهاوي المنظومة الاشتراكية، وقد انتصرت بسبب توقف الدعم السوفيتي للدكتاتوريات الحاكمة في أوروبا الشرقية، قبيل انهيار الاتحاد السوفيتي. بينما الثورات العربية أتت نتاج تغيرات اقتصادية، وسياسية، وثقافية، وقد اتخذت أشكالا ومعاني مختلفة في كل دولة عربية على حدة. لذلك يمكن أن تكون هذه الثورات أكثر شبها بالثورات التي اجتاحت أوروبا عام 1848، خاصة في النتائج.

الكاتبة "آن أبليبام" اعتبرت أن أفكار الليبرالية القومية والديمقراطية هي التي ألهمت الطبقة الوسطى الأوروبية للقيام بثوراتها في عام 1848، تماما كما يحدث مع مثيلاتها العربية حاليا. لكن ثورات 1848 اختلفت أهدافها في كل بلد أوروبي على حدة، وقد انتهت جميعها بالفشل آنذاك؛ رغم أنها بلغت لحظة انعطاف تاريخية، إلا أن هذا المنعطف مني بالفشل؛ حيث أخفقت ألمانيا في تحقيق الوحدة، وانهارت الجمهورية الفرنسية، وأعيد تنصيب نابليون إمبراطورا ، وكل الدساتير الجديدة ظلت حبرا على ورق، وأعيدت النظم الملكية مرة أخرى وهكذا. ومع ذلك فأن تلك الثورات كانت قد أسست لنجاحات ستؤتي أُكُلها فيما بعد، فقد تمكن الهنغاريون من طرد النمساويين بعد فترة وجيزة، وتحققت بعض المخططات الثورية التي صيغت في 1848 على أرض الواقع، لكن بعد مضي فترة طويلة من الزمن. فمع نهاية القرن التاسع عشر تمكن بسمارك من توحيد ألمانيا، وأقيمت في فرنسا الجمهورية الثالثة، وحصلت دول عديدة على استقلالها مع نهاية الحرب العالمية الأولى، واختفت دول أخرى عن المسرح مع نهاية الحرب الثانية (بروسيا)، بهذا المعنى يمكن النظر لثورات 1848 التي بدت حينها كارثية، على أنها كانت بداية تغيير تاريخي ناجح حصل فيما بعد.

وبهذا المعنى أيضا يمكن اعتبار المرحلة التي تمر بها الشعوب العربية في الوقت الراهن، بالمرحلة التي مرت بها أوروبا آنذاك؛ ومع مراعاة الاختلافات التي تفرضها خصوصية الواقع العربي، وسماته وخصائصه، يمكننا المجازفة بالقول أن الأمة العربية تمر اليوم بمرحلة تشكُّل تاريخية في غاية الخطورة، والمقبل من الأيام سيكون له بصماته البينة في تاريخ المنطقة ولأمد طويل.

سمات وخصائص مرحلة ما قبل الثورة

لماذا ثارت الشعوب العربية في هذا الوقت بالتحديد ؟ ما الذي تغير وجعلها تخرج عن صمتها ؟ إذا أردنا أن نبسط الإجابة ونختصرها، نقول أن التراكمات التي كانت تعتمل تحت السطح وفوقه قد بلغت مداها، وأن عوامل التفجير وصلت حدها الأقصى الذي لا يقبل مزيدا من التأخير، وصار من المحتم أن تعبر عن نفسها على هذا النحو الذي بدأ في تونس، ثم انتقل بسرعة إلى مصر لينتشر في المنطقة انتشار النار في الهشيم.

ثمة ثلاثة عوامل كان لها التأثير المهيمن على الواقع العربي طوال العقود الماضية، أي منذ أن تحررت الدول العربية من الاستعمار ونالت استقلالها السياسي، قد تبدو هذه العوامل متناقضة فيما بينها، إلا أنها متفقة ضمنيا على تكريس واقع التجزئة والتخلف والاستبداد الذي رسم ملامح الحقبة الماضية برمتها، وحرمت الشعوب العربية من استثمار طاقاتها وثرواتها، ومن تحقيق وحدتها ونيل حريتها، حرمتها حتى من بناء دولة مدنية ديمقراطية ينعم فيها المواطن بحقوقه الكاملة. هذه العوامل هي: الأنظمة العربية، الأحزاب الشمولية (ومنها تيارات الإسلام السياسي)، وأخيرا العوامل الخارجية؛ وهذه العوامل كان لها دور كبير في إنضاج الثورة.

ومع غياب الديمقراطية وانعدام أي شكل من أشكال تداول السلطة – باستثناء الانقلابات العسكرية – ومع تفشي الفساد وسيطرة زوجات الرؤساء وعائلاتهم على ثروات البلاد، وتعثر مشاريع التنمية، وفشل السياسات الاقتصادية، وانتشار البطالة والأمية والفقر في صفوف الجماهير، وغياب المشاركة الشعبية وانسداد الأفق السياسي نتيجة أعمال تزوير الانتخابات المتكرر على نحو بائس ومضحك، أدى هذا كله إلى تآكل شرعية الأنظمة، واتساع الفجوة بينها وبين الشعب.

استلمت الأحزاب الشمولية السلطة في أكثر من بلد عربي، وفي بلدان أخرى هيمنت على الحياة السياسية فيها دون أن تتبوأ السلطة، إما في صفوف المعارضة أو متحالفة مع النظام، وفي كل الأحوال السابقة أدى النهج الشمولي ألإقصائي لتلك الأحزاب إلى إسكات وقمع القوى الديمقراطية والتقدمية الأخرى، وإلى إرساء دعائم الدكتاتورية والاستبداد، ولكن تحت شعارات ثورية وقومية.

حركات الإسلام السياسي ظهرت لأول مرة في العصر الحديث في نهاية العقد الثاني من القرن العشرين، معبرا عنها بجماعة الإخوان المسلمين، وهي الجماعة التي توصف بأنها معتدلة، والتي تفرع عنها تيارات عديدة معظمها متشددة ومتطرفة، وكان بروز هذه الجماعات وتعاظُم قوتها في بداية الثمانينات، متأثرا ومستفيدا من الزخم الإعلامي والشحن العاطفي الذي أطلقته الثورة الإيرانية. ومع هذا فإن المراقبين يعتبرون أن صعود هذه الأصوليات كان نتاجا حتميا لحالة التراجع الثقافي العام، ونتيجة إخفاق القوى التقدمية في تحقيق أهدافها، فقد أدى فشل النخب الثقافية والقوى الثورية وانكفائها على ذاتها إلى خلق المناخات المواتية لنمو الحركات المتشددة والتي تسمي نفسها بالجهادية. ولكن هذا ليس السبب الوحيد لنموها، فهي لم تكن ناتجا عرضيا جاء في ظل ظروف سياسية معقدة، بقدر ما كانت أيضا نتاج جهد ذاتي لشرائح اجتماعية معينة دأبت على التعبير عن نفسها، وعلى بث أفكارها وتنشئة الأجيال الطالعة على مفاهيمها.

وإذا كانت قوى الإسلام السياسي في بداياتها حركات (سياسية اجتماعية) تعاني القهر، وتكابد الظلم، وتبحث عن فرصتها في التعبير عن ذاتها، إلا أن خَنْق صوتها وإغلاق أبواب الأمل أمامها، كان سببا كافيا لصدامها المسلح والعنيف مع السلطة؛ ومع تفشي الاستبداد والقمع السلطوي، كان حتميا أن يتولّدَ العنف المضاد، وأن تكتمل دورة العنف السياسي لتهيمن على الحياة العامة، ولتأتي نتائجه المدمرة.

بمعنى أن بذرة العنف (التي كانت من أسباب اندلاع الثورات) بدأت في أحضان النظم الاستبدادية، ونَمَتْ مع الخيبات والهزائم التي منيت بها الأمة، وكبرت مع الأزمات السياسية والاجتماعية، وقد رعتها دول وجماعات وقيادات تحمل مشروعا أمميا صار يعرف باسم مشروع الإسلام السياسي.

كما كانت طبائع الاستبداد واضحة في تركيبة الأنظمة؛ وملامح الحكم الثيوقراطي الشمولي واضحة في نظريات قوى الإسلام السياسي، كانت علامات التخلف في المجتمع العربي واضحة في كثير من مناحي الحياة، من أبرز ملامحها الركود والفقر والأمية، وسيادة الأنماط الغيبية في التفكير، والأساليب البدائية في الإنتاج، والعلاقات والولاءات القبلية والطائفية، والانعزال والخوف من التغيير ... وهنا لابد من التأكيد على أن العوامل الخارجية كانت سبباً مهماً في تثبيت وتعميق واستمرار هذا التخلف، منذ أن غَرس المشروع الاستعماري في جذور هذه الأرض أولى مداميكه، وحتى بعد أن خرج وترك وراءه ركائزه وأدواته وحلفائه .

مرحلة الغليان واشتعال الفكرة

الأمة العربية تمر الآن بمرحلة تاريخية انتقالية على غاية الأهمية والخطورة، تخوض من خلالها صراعا حضاريا ومواجهة شاملة بين قوى متناقضة: قوى التغيير ضد القوى المسيطرة المحافظة، قوى الطبقات الشعبية ضد الاستغلال، قوى التحرر ضد قوى الكهنوت. وهي بهذه المواجهة الشاملة إنما تعبر عن عملية انتقال بين عصرين تاريخيين: مرحلة العصور الوسطى ومرحلة القرن الحادي والعشرين، وبهذا المعنى فهي تجاهد للانتقال من عصر الإقطاع والعشائر إلى عصر الدولة المدنية، ومن عصر الأنظمة الاستبدادية السلطانية وحكم الحزب الواحد والقائد الملهم إلى عصر الديمقراطية وتداول السلطة، أي بجملة واحدة: من التخلف إلى الحداثة. عملية التشكل التاريخي التي تمر بها الأمة العربية بما فيها من تحولات جذرية أو بدايات في عمليات التحول، سيصيبها كل ما يصيب كل المجتمعات الإنسانية خلال مراحلها الانتقالية، بحيث تتميز بمظاهر الفوضى والعنف وحدية التناقض بين الأجيال، وبين الاتجاهات الفكرية والسياسية المختلفة. وطبعا دون ضمانات لنجاح هذه العملية.

وهنا لا يمكننا الفصل ما بين انطلاقة هذه الثورات بمضامينها الديمقراطية وبين أزمة غياب الديمقراطية التي شهدها العالم العربي خلال العقود الثلاثة الماضية. صحيح أن العديد من الأنظمة العربية قد شهدت بدايات تحول ديمقراطي، إلا أن هذه التحولات كانت شكلانية ولم تصب إلا القشرة الخارجية، ولم تؤد لإحداث تغييرات بنيوية في ثقافة واقتصاد المجتمعات العربية، ذلك لأنها جاءت نتيجة ضغوطات خارجية، أو أنها كانت تعبيرا عن إرادة نخب معينة وجدت في الديمقراطية شكلا يمنحها بعض الشرعية، أو يعوض ما فقدته من شرعيات دستورية أو دينية أو ثورية، التي تآكلت بفعل الزمن، وبفعل ممارساتها التي أبعدتها عن الجماهير وتطلعاتها، أو كانت وسيلة للأنظمة لتطويعها بما يخدم مصالحها.

انطلاقة عصر الثورات العربية

على ضوء التحليل السابق يمكن القول أن ثلاثة أسباب رئيسة كانت وراء اندلاع الثورات الشعبية في البلدان العربية، وهي باختصار: غياب الديمقراطية، والذي كان يعني سيطرة الحزب الواحد والرئيس المخلد الذي يورث الحكم لابنه من بعده، وانسداد الأفق السياسي الذي كان يحرم الجماهير من حقها في المشاركة السياسية، مع ممارسة القمع والتنكيل وتكميم الأفواه. وثاني الأسباب هو تردي الأوضاع العربية على نحو خطير في كافة المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، الأمر الذي كان يعني انتشار البطالة والفقر والتخلف واتساع الهوة بين العالم العربي والعالم الخارجي حضاريا وتقنيا. السبب الثالث كان فساد الأنظمة وغياب العدالة الاجتماعية، بشكل غير مسبوق وغير محتمل، حيث نشأ تحالف طبقي حاكم دأب على امتصاص دماء وعرق الشعوب واستغلالها، في الوقت الذي كان ينهب ويسرق ويراكم الثروات، بينما الناس تتضور جوعا وقهرا.

ولكن السؤال الذي يطرح نفسه، ألم يكن هذا الواقع قائما منذ زمن بعيد ؟! فلماذا تأخرت الشعوب العربية في التعبير عن رفضها لهذا الواقع الجائر ؟! وقبل الخوض في تفاصيل الإجابة، لا بد أن نتفق على أن الدول العربية وبالرغم من وجود العديد من السمات المشتركة فيما بينها، وتشابه ظروفها في ملامحها العامة، إلا أن لكل بلد خصوصيته وطابعه المميز والكثير من التفاصيل الصغيرة التي قد لا توجد بنفس القدر أو بنفس الكيفية في بلد آخر، وبالتالي من الخطأ أن نسقط نموذج ثورة ما في أي قطر عربي على أي قطر آخر، فإذا كانت العوامل التقليدية لاشتعال الثورة موجودة في أكثر الأقطار العربية، إلا أن الثورة كانت تحتاج عامل الزمن لتُنضج ظرفها الذاتي والموضوعي.

الفقر والبطالة لوحدهما لا يشكلان دافعا للثورة، إلا إذا اقترن وجودهما بحالة من الوعي، أي عندما يحس الناس بفقرهم ويدركوا أن الفقر ليس قدرهم، وأن هناك من يستغلهم. فساد الطبقة الحاكمة لم يكن مكشوفا للجماهير بهذا الوضوح وعلى هذا النحو السافر والمستفز. الجماهير المغلوبة على أمرها كانت مأخوذة بشعارات التحرير والإعداد للمعركة، ومصدقةً لما يقال عن دول الصمود والمقاومة والممانعة والمؤامرات الخارجية، ومن كان غير مصدق لتلك الشعارات، وأراد أن يعبر عن ذلك، فإن سجون النظام وجلاوزته تكون له بالمرصاد.

ولكن بعد عقود طويلة من التزييف وإسكات صوت الناس وهضم حقوقهم، مياهٌ كثيرة جرت تحت الجسر، وأحداث هامة جرت، ومتغيرات جذرية قلبت كل لموازين، وتغير العالم كليا، ولم تكن البلدان العربية بمعزل عن هذه المتغيرات، ولم يعد المشهد كما كان.

صحيح أن الأحزاب الوطنية والقوى الثورية لم يكن لها دور مباشر في انطلاق الثورات الشعبية، إلا أنه يجب أن لا ننسى أنه خلال العقود الماضية خاضت تلك القوى نضالا مريرا ضد أنظمة الاستبداد، ربما لم تكن الديمقراطية عنوانها الأبرز، ولم تكن الانتخابات وسيلتها المعتمدة لمقارعة السلطة الحاكمة ولاختبار مكانتها الجماهيرية، ولكن نضالها كان يصب في جوهر الديمقراطية، لأنه كان من أجل الحرية وضد الاستبداد، فقد قامت بالمظاهرات والاعتصامات، وحملت السلاح أحيانا، ودخل الكثير من أبنائها السجون، وقدمت شهداءها، ورغم أنها لم تحرز نصرا، إلا أنها راكمت إنجازات مهمة وساهمت في إثارة الرأي العام، وخلقت حالة من الغضب والوعي الجماهيري، ودفعت بتضحياتها الأنظمة للاقتراب أكثر من مأزقها ولمواجهة أزمتها التاريخية.

ولا شك أن ثورة المعلوماتية وتقنيات التواصل الحديثة وانتشار الفضائيات وشبكات الإنترنت والمدونات وغيرها قد سهلت الأمر على الشعب وعلى المناضلين، للتواصل على نحو أسرع وأوسع بعيدا عن رقابة السلطة وأجهزتها الأمنية، ومن ناحية ثانية ساهمت في تعميق الوعي السياسي وإدراك ما يدور من حولها في العالم، وإدراك حقوقها، وحقيقة أنظمتها التي بدأت تتكشف فضائحها شيئا فشيئا. ومع تراكم الكم كان لا بد من حصول تغيير نوعي في الكيف، بمعنى أنه مع تفاقم الأوضاع وتدهورها على كافة الأصعدة، وزيادة الوعي الجماهيري وتراكم غضبها وسخطها، وضعف القبضة البوليسية للأنظمة نتيجة تكشف عوراتها وظهور آثار ضعفها وانحلالها وشيخوختها، كان من الحتمي أن يكون الانفجار، بعد أن بلغت الأمور مداها ونضجت كافة ظروفها.



#عبد_الغني_سلامه (هاشتاغ)       Abdel_Ghani_Salameh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- استخدامات الطاقة البديلة والمتجددة في فلسطين
- ماذا بعد فوز الإسلاميين في الانتخابات ؟!
- المفاجئ والمتوقع في فوز الإسلاميين في الانتخابات
- في السعودية حرائق وعيون فاتنة
- مناقشة في أطروحات من يدعو لحل السلطة الفلسطينية
- حصاد خمسة سنوات من حكم حماس لغزة - الوضع الأمني والاقتصادي
- الحريات العامة في عهد حماس
- من هو فارس عودة ؟؟
- لسنا استثناءً على هذه الأرض
- المليار السابع
- التاريخ اليهودي بين الحقيقة التاريخية والرواية الدينية - الأ ...
- فلسطين بين الروايتين: التاريخية والدينية - الصراع على التاري ...
- فلسطين بين الرواية التاريخية والرواية الدينية - الصراع على ا ...
- 1 مقابل 1000 - من المنتصر في صفقة شاليط ؟!
- لمن نكتب !؟؟ وعن ماذا !؟
- عن جدوى صفقة شاليط، وأسئلة أخرى
- كيف كبرت أحزاب الإسلام السياسي ؟! ولماذا تعاظم دورها ؟!
- الإسلام السياسي والإرهاب
- ثقافة الموت وعوامل إزكاء العنف والتطرف
- كيف انفجر مرجل الإرهاب في مصر؟ وكيف انتشر لبقية العالم؟


المزيد.....




- تمساح ضخم يقتحم قاعدة قوات جوية وينام تحت طائرة.. شاهد ما حد ...
- وزير خارجية إيران -قلق- من تعامل الشرطة الأمريكية مع المحتجي ...
- -رخصة ذهبية وميناء ومنطقة حرة-.. قرارات حكومية لتسهيل مشروع ...
- هل تحمي الملاجئ في إسرائيل من إصابات الصواريخ؟
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- البرلمان اللبناني يؤجل الانتخابات البلدية على وقع التصعيد جن ...
- بوتين: الناتج الإجمالي الروسي يسجّل معدلات جيدة
- صحة غزة تحذر من توقف مولدات الكهرباء بالمستشفيات
- عبد اللهيان يوجه رسالة إلى البيت الأبيض ويرفقها بفيديو للشرط ...
- 8 عادات سيئة عليك التخلص منها لإبطاء الشيخوخة


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الغني سلامه - فهم أسباب الثورات العربية ونتائجها السلبية انطلاقا من فهم طبيعة المرحلة