أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - ظافر الصغير - من اجل النهوض بالتعليم الابتدائي في تونس(3)















المزيد.....

من اجل النهوض بالتعليم الابتدائي في تونس(3)


ظافر الصغير

الحوار المتمدن-العدد: 3583 - 2011 / 12 / 21 - 10:28
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    


*الطرق البيداغوجية:

عرفت الطرق البيداغوجية العديد من التعريفات منها ما قدمه كلا من Champy و Etév و اللذان يشيران إلى أن استعمال" طريقة بيداغوجية" يعد من الاستعمالات الواسعة في الأدبيات البيداغوجية ، حيث يمكن أن نميز بين ثلاث معان متداولة : المعنى الأول ، يشير إلى اعتبارها اتجاها بيداغوجيا يبحث عن دعم بعض الغايات التربوية ، فيؤدي إلى مجموعة واضحة من الممارسات ، مثل: طرائق تقليدية ، حديثة، فعالة... وما يوحد بين هذه الطرائق هو كونها تعمل على توظيف وضعيات ووسائل مختلفة تكون تابعة لمشروع تربوي واضح، المعنى الثاني يستعمل للإشارة إلى نوع من الأنشطة التي تهدف إلى إتاحة بعض أنواع التعليم ، أو إلى تنمية بعض القدرات ) الطريقة الكلية، طريقة المشروع ، طريقة التعليم المبرمج...( والشيء الموحد في هذه الطرق هو طبيعة النشاط في خصوصيته البيداغوجية ، حيث يستدعي وضعيات ووسائل محددة ، أما المعنى الثالث فيستعمل للإشارة إلى وسائل خاصة ذات استعمالات مضبوطة ترتبط بأهداف محددة جدا .
كما أن الطريقة البيداغوجية الحقيقية ، هي عبارة عن نموذج واضح، انطلاقا من الأسس المرجعية التي تستند إليها ،وانطلاقا من حرصها على تحقيق توازن بين متغيراتها الثلاث : الغايات، المرجعية العلمية ، الوسائل والأدوات ( Champy,Etév,1994) والطريقة حسب Leif هي مجموع المبادئ والوسائل والخطوات وقواعد الفعل التربوي أو البيداغوجي قصد تحقيق الأغراض والأهداف والغايات التي نحددها ).1974Leif.J) .
كما نجد بأن الطريقة حسب روكلان REUCHLIN هي مجموعة منظمة وواضحة من المقاصد والنتائج التربوية الموجهة نحو هد ف معلن بصفة ظاهرة أو ضمنية..
وبعد محاولتنا التعرف على معنى الطريقة ، سننقل الآن إلى تحديد أهم خصائص الطرائق البيداغوجية ويمكننا أن نتعرف بتدقيق أكثر على أهم خصائص الطرائق الرائجة في الأدبيات التربوية و لعل أهمها ما أورده الباحث المغربي محمد ألصدوقي في كتابه المفيد في التربية ، حيث يشير إلى أن الطرائق التربوية تتمثل في الطرائق التقليدية والطرائق الحديثة والطرائق النشيطة أو الفعالة.إن القاسم المشترك بين الطرائق التقليدية كونها قديمة ومتمحورة حول تبليغ المعارف وسلطة المدرس . ومبادؤها الأساسية تقوم على التبسيط والتحليل والتدرج من البسيط والجزئي إلى المركب والكلي من خلال تفريغ المادة وتجزيئها ، وتمتاز بالطابع الصوري ، حيث تعتمد على التسلسل المنطقي والتصنيف ، الاعتماد على الحفظ في التعلم وعلى التذكر عند التقويم ، الاعتماد على السلطة والعقاب ، والمنافسة للحصول على الجزاء ،التركيز على الحدس أي الاعتماد على أشياء مجسمة لإثارة الملاحظة والإدراك الحسي: كما أنها تنطلق من سيكولوجيا الملكات ، التي قوامها تنمية الملكات العقلية
أما الطرائق الحديثة فتتمحور بصفة عامة حول نشاط الطفل وتعلمه الذاتي ، ومن أهم مبادئها : تكييف المدرسة حسب حاجيات الطفل ، واعتبار نمو الطفل ونضجه وتكييف التعليم حسب كفاءات وقدرات المتعلم، الانطلاق من حوافز المتعلم واهتماماته ، تعلم الطفل عن طريق الملاحظة والتفكير والتجريد والنشاط الذاتي ، وتعتمد أيضا على تنشئة الطفل انطلاقا من حياته الاجتماعية .أما الطرائق النشطة أو الفعالة (وهي بالطبع جزء من الطرائق الحديثة)فهي تتمحور حول نشاط المتعلم والفعل الذي يتعلم من خلاله المعارف ويكتشفها ، حيث يصبح مشاركا بنفسه في بناء المعارف مستعملا مبادرته الإبداعية، بدلا من تلقي المعارف (من الخارج جاهزة) حيث تعتمد على المبادرة الشخصية والإبداعية والاكتشاف... فالنشيط يعتبر جماعة القسم جماعة منتجة ومتعاونة ، غير أن هذا الإنتاج هو إنتاج شخصي وفردي والمعايير التي تستند إليها هذه الطرق هي : النشاط والحرية، وحق المبادرة والتربية الذاتية التي تعتمد على النشاط والقرار الشخصي والاستقلالية . ومن مؤسسي الطرق الفعالة نجد كل منPestalogie و Dewy و Decroly و Ferrière ... وهي بصفة عامة تقوم على المبادئ التالية : تسعى إلى تكوين أطر متعودة على اقتراح أشكال جديدة من العمل وميالة إلى التجديد، وتجعل التلميذ صانعا لمعرفته من خلال مشاركته ، وتجعل القسم كمجتمع صغير قادر على تسيير نفسه بنفسه وفق قوانينه ومعاييره الخاصة والعيش بشكل تعاوني ، وتدفع إلى تعلم التعليم ، وذلك بجعل التلميذ يستشعر إلى معرفة العالم الذي يحيط به (معجم علوم التربية،2001). إن كل طريقة تربوية تؤطرها مرجعيات إيديولوجية معينة، لنرى ما هي الخلفيات الإيديولوجية والفكرية للطرائق .
إنه لايمكن فهم أية طريقة إلا إذا ثم الرجوع إلى خلفياتها وأسسها الفلسفية و السوسيو- ثقافية بالإضافة إلى تمثلاتها السيكولوجية للطفل وللخصوصيات النمائية .
لنبدأ أولا من الخلفيات الفكرية والأيدلوجية للطرق التقليدية : اعتمد ت هذه الطرق على بعض الأسس الفلسفية التي تجد مرجعيتها في الفلسفة الحسية Ph.Sensualiste التي التصقت بالفيلسوف والمربي الإنجليزي John loke في نهاية ق 18 م ، الذي كان يعتبر العقل صفحة بيضاء وأن الإحساس هو المدخل الأساسي لتأسيس كل مفهوم ومعرفة، وبالتالي فالأفكار والمعرفة ، حسب هذا التيار ،لايمكن أن تتأسس إلا عن طريق الإدراكات Perceptions الناتجة عن عمل مختلف الحواس ؛ وموقف هذا التيار هو موقف فلسفي خبري تجريبي empirique ، حيث يعتبر المعرفة مستقلة عن الذات، والوسط الخارجي هو المصدر الحاسم في تكوين المعرفة. ومن أهم ممثلي هذه الفلسفة التربوية الخبرية في القرن 19 في أوربا Codillac في فرنسا ، Herbart في ألمانيا الذي أثرت أفكاره في بعض رواد التربية الحديثة مثل Maria Montesseri .كما نجد الترابطية من بين المرجعيات الفكرية التي تأثرت بها الطرق التقليدية ، حيث إن أهم شئ فيها هو الترابط الموجود بين الأفكار (أرسطو) ، إذ أن عملية الترابط تتم بواسطة التشابه والتقابل والتجاور الزمني والمكاني. ومن بين الخلفيات السوسيو – ثقافية للطرائق التقليدية ، نجد بأن هذه الطرائق هي انعكاس لموقف اجتماعي وسياسي محافظ ، يعمل على إعادة إنتاج مجتمع بشكل سكوني وأحادي ، بحيث لا ينتج سوى نسخ مكررة من الأفراد والنماذج الاجتماعية والثقافية والقيمية التقليدية والمحافظة .
ومن بين الأفكار النقدية التي وجهت لهذه الطرق التقليدية ، نجد مثلا Clausse الذي يقول بأنها تعتمد على بيداغوجيا سلبية ودوغمائية ، حيث إنها تعتمد على تنظيم وتوجيه قبليين حسب أهداف وغايات قبلية ، متأثرة بنظرية نيوتن السائدة في القرن 19 ، التي كانت تتصور الكون تصورا ميكانيكيا محددا من خلال القوانين الثابتة للطبيعة ، وحيث عناصره وظواهره ترتبط فيما بينها سببيا ... كما نجد بأن Palmade ينتقد الأساس الترابطي لهذه الطرائق التي تختزل النشاط الفكري في عمليات التركيب بين الذرات النفسية الساكنة (الإحساس والصور ) .كما أن هذه الطرائق التقليدية تتبنى تمثلاث سلبية حول نمو الطفل وخصائصه ، حيث تعتبر الطفل " رجلا صغيرا" باستطاعته فهم الأشياء من منطق الراشد ، كما أن فهم مواد البرامج يتم عن طريق عملية التذكر والإكراه (حيث إن الطفل شرير بطبيعته)، والذكاء حسب هذه الطرائق إما أنه عبارة عن ملكة faculté معطاة دفعة واحدة ، أو أنه عبارة عن نظام من الترابطات تكتسب بشكل ميكانيكي عن طريق ضغط عناصر الوسط الخارجي . وبهذا الصدد يعتبر Palmade بأن مبدأ التذكر ومبدأ الشكلية يرتبطان بالسيكولوجيا الذرية والترابطية ، وبأن سيكولوجيا الملكات يمكن ربطها بفكرة أن التدريس ما هو إلا نوع من التدريب ، حيث الطفل يمتلك ملكات طبيعية تتيح له اكتساب المعارف والقدرات التي يتوفر عليها الراشد حسب هذه الطرق التقليدية .
أما بالنسبة للطرائق البيداغوجية الحديثة والفعالة ، فإنها اعتمدت على بعض الأسس الفلسفية التي تعود إلى نهاية القرن 18 م مع التوجه الإنساني لجان جاك روسو (1712-1778) ،حيث يعتبر مؤلفه Emile (1762) من أعمق مؤلفاته التربوية التي أحدثت ثورة كوبيرنيكية في التربية والبيداغوجيا وسكولوجية الطفل ، وذلك أنه جعل الطفل مركز كل الاهتمامات التربوية ، إذ دعا إلى احترام طبيعة الطفل، واعتمادها المرجع الأساس لكل تربية أو بيداغوجيا ، وإلى احترام إيقاع النمو الطبيعي لنشاطات الطفل ولقدراته واهتماماته ...وآراء روسو هي عبارة عن تأملات نظرية وفلسفية في الطبيعة الإنسانية والمجتمع وقد استلهمت أفكار روسو عدة مفكرين من بينهم الفيلسوف الألماني كانط الذي قال بأن أحسن أسلوب للفهم هو أن نقوم بفعل شئ ما ، فكل شئ نتعلمه وبشكل جيد ، هو ما نتعلمه تقريبا بأنفسنا . وكذلك المربي السويسري Pestalozzi الذي يعد من الأوائل الذي حاول تطبيق آراء روسو.
أما الأسس العلمية والسيكولوجية التي اعتمدتها الطرق الحديثة والفعالة فهي تعتبر نتيجة للتغيرات الجذرية التي عرفتها نهاية القرن التاسع عشر بخصوص المواقف والتصورات العلمية الجديدة ، لا من حيث المنهج والنظريات ، بما فيه ذلك تطورات البحث العلمي والتطورات في المجالات التقنية والصناعية التي انعكست على الميادين السياسية والتربوية... بحيث لم يعد ينظر إلى المجتمع والثقافة على أنهما أشياء ثابتة عبر الزمان والمكان، وإنما أصبح ينظر إليهما باعتبارهما بنيات دينامية خاضعة لمبدأ التطور والتجديد (فورادغار 1974) ومن الخلفيات البيداغوجية للتيارات العلمية الجديدة -خصوصا السلوكية- البحث في قوانين التعلم ،التي كانت تبنى على أسس مجردة ، وتعتمد على الطرائق المنطقية التي تم تعويضها بالطرائق السيكولوجية ، حيث إن علماء السلوك الإنساني تخلوا نهائيا عن المنهجية الغامضة وتبنوا تربية ملموسة وواقعية ترتبط أساسا ومباشرة بالحياة والاهتمام بالفروق الفردية؛ وقد أصبح ينظر إلى التعلم عند الإنسان وإلى الطرائق البيداغوجية نظرة عقلانية تهتم بما ينجزه التلميذ من سلوكات يستطيع المدرس ملاحظتها وضبطها والتحكم في توجيهها وقياسها.(6)
رغم كل البحوث و الدراسات في مجال الطرق البيداغوجية إلا أن المهيمن في مدارسنا الطرق التلقينية التي يلتجأ إليها الكثير من المعلمين بوصفها و سيلة سهلة و آمنة لتوصيل كثير من المعلومات في وقت قصير و ينظر إليها أنها أداة فعالة لإيصال المعارف و هذا ناتج لعدة أسباب منها عدم امتلاك العديد من المعلمين للتقنيات البيداغوجية و خاصة في صفوف المنتدبين الجدد من بين المتحصلين على الأستاذية في اختصاصات مختلفة هذا من ناحية أما من ناحية أخرى يمكن إرجاع اللجوء إلى مثل هذه الطرق راجع لصعوبة المفاهيم المقدمة أو قلة الوسائل .هذا مما أدى إلى تكوين أجيال شبيهة بالببغاوات تردد ما تسمع لان المدارس تحاسبهم على درجة حفظهم لدروسهم بدلا من أن يكونوا عقولا متشبعة بملكات النقد والتفكير و التحليل .
إن من واجب وزارة التربية مراجعة صيغة الانتداب و التركيز على تكوين المعلمين في هذا المجال لكن ما يمكن التأكيد عليه انه لا وجود لطريقة مجدية في المطلق بل العمل التربوي في حقيقة الأمر مزيج بين عدة طرق يقع المراوحة بينها



#ظافر_الصغير (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من اجل النهوض بالتعليم الابتدائي في تونس (2)
- وزارة التربية في تونس
- كيف يمكن النهوض بالتعليم الابتدائي في تونس


المزيد.....




- شاهد رد مايك جونسون رئيس مجلس النواب الأمريكي عن مقتل أطفال ...
- مصادر تكشف لـCNN كيف وجد بايدن حليفا -جمهوريا- غير متوقع خلا ...
- إيطاليا تحذر من تفشي فيروس قاتل في أوروبا وتطالب بخطة لمكافح ...
- في اليوم العالمي للملاريا، خبراء يحذرون من زيادة انتشارالمرض ...
- لماذا تحتفظ قطر بمكتب حماس على أراضيها؟
- 3 قتلى على الأقل في غارة إسرائيلية استهدفت منزلًا في رفح
- الولايات المتحدة تبحث مسألة انسحاب قواتها من النيجر
- مدينة إيطالية شهيرة تعتزم حظر المثلجات والبيتزا بعد منتصف ال ...
- كيف نحمي أنفسنا من الإصابة بسرطانات الجلد؟
- واشنطن ترسل وفدا إلى النيجر لإجراء مباحثات مباشرة بشأن انسحا ...


المزيد.....

- اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با ... / علي أسعد وطفة
- خطوات البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا ... / سوسن شاكر مجيد
- بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل / مالك ابوعليا
- التوثيق فى البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو ... / مالك ابوعليا
- وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب / مالك ابوعليا
- مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس / مالك ابوعليا
- خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد / مالك ابوعليا
- مدخل إلى الديدكتيك / محمد الفهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - ظافر الصغير - من اجل النهوض بالتعليم الابتدائي في تونس(3)