أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - ظافر الصغير - من اجل النهوض بالتعليم الابتدائي في تونس (2)















المزيد.....


من اجل النهوض بالتعليم الابتدائي في تونس (2)


ظافر الصغير

الحوار المتمدن-العدد: 3583 - 2011 / 12 / 21 - 09:15
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    


فمهما اختلفت التعريفات للفشل المدرسي فانه من الضروري البحث عن أسبابه و كيفية معالجتها لضمان تعليم جيد لكافة أبناء شعبنا.

2) أسباب الفشل المدرسي:

من بين العوائق التي تعرقل النهوض بالتعليم هو كثرة أسباب الفشل المدرسي و تداخلها مما يتطلب دراسة وضعيات المدارس حالة بحالة لان سبب الفشل لا يمكن أن يكون واحدا لكل ظواهر الفشل المدرسي وسنحاول في هذا المجال تحديد البعض منها حسب وجهة نظرنا.

1 أسباب تتعلق بالمدرسة :

1 المناهج

إن المنهج التربوي هو روح العملية التربوية و قلب المؤسسة التعليمية و مركز المادة الدراسية و هو ليس محصورا في المواد الدراسية التي تدرس تقليديا بل هو كل الخبرات التي يكتسبها المتعلم من خلال الأنشطة المتنوعة التي يمارسها في المدرسة و في القسم وفي قاعة المطالعة و في الحديقة المدرسية و في المطعم المدرسي....
أي أن المنهج هو الحياة المدرسية كلها و هو كل التعليم و التعلم الذي يتم بشكل في القسم أو خارجه في أثناء اليوم الدراسي .و قد وصف احد الباحثين التربويين المنهج بأنه "الأداة الموجودة بين يدي الفنان "أي المعلم " لتشكيل مادة " المتعلم " وفق مثله " غاياته و أهدافه "في دراساته "المدرسة "
إن المناهج التربوية في اغلب الدول العربية مقتبسة من مناهج تربوية غربية و كل ما يجري في اغلب الأحيان ترجمة تلك المناهج و فرضها بطريقة تعسفية على واقع دولهم.(1)
و من بين هذه الدول تونس فقد اعتمدت وزارة التربية في صياغة برنامج مدرسة الغد على
وثيقة مرجعية بلجيكية الأصل في الظاهر إلا انها في الحقيقة مشروع وقعت صياغته من طرف الدول الرأسمالية على اثر اجتماع الصناعيين الاروبيين سنة 1989 الذي صدر على إثره تقريرا بعنوان " التعليم و القدرة في اروبا " تقول فيه :" إن التطور التقني و الصناعي للمؤسسات الصناعية الاروبية يتطلب بوضوح تجديدا متسارعا للنظم التعليمية و برامجها " ثم تشير أن التربية و التكوين يعتبران بمثابة الاستثمارات الإستراتيجية الحيوية لنجاح المؤسسة في المستقبل " و هي تأسف لان الصناعة ليس لها سوى تأثير ضعيف جدا على برامج التدريس...."
و لتمرير هذا المشروع روجت العديد من المفاهيم عبر مشروع مدرسة الغد الذي تبنته السلطة التونسية من بينها "تعليم التعلم " أو التكون الذاتي " أو" التعلم من المهد إلى اللحد " هذا ما ادخل تغييرا على وظائف المدرسة العمومية مما يتماشى و مصالح الأعراف سواء من حيث متطلبات الخوصصة أو توسيع السوق الاستهلاكية أو صنع يد عاملة مرنة ومطاوعة.
وضمن الوظائف التعليمية تركز المدرسة على "تنمية المواهب وتطوير قدرات التلاميذ على التعلم الذاتي والانخراط في مجتمع المعرفة".فما هو مجتمع المعرفة المتحدث عنه؟
إن مجتمع المعرفة المتحدث عنه، هو المجتمع الأوروبي، إذ لا يمكن لعاقل أن يعلن بلوغ مجتمعنا نحن درجة المجتمع المعرفي. فمدرستنا ستؤهل تلاميذنا إلى الانخراط في المجتمع الأوروبي ضمن الفضاء التشاركي الأورو متوسطي. ومن خصائص هذا المجتمع تزايد تحكم الرأسماليين في مصادر المعرفة ضمن شبكات تجارة المعارف والمعلومات. ولكي تستفيد من هذه المعارف لا بدّ لك من شرائها وشراء الوسائط والوسائل التي تؤهلك إلى الوصول إليها. فالمعارف لم تعد مجانية في المدرسة العمومية - التي أصبحت آخر مصدر من مصادر المعرفة- بل أصبحت خاضعة لاحتكار تجار الخدمات التعليمية في حين يختص التعليم الأساسي العمومي بوظيفة تأهيل المستهلكين الجدد أو التلاميذ / الحرفاء بتطوير قدراتهم على التعلم الذاتي بعيدا عن المعلمين.
وضمن تلك الوظيفة التأهيلية تسعى المدرسة "إلى تنمية كفايات ومهارات لدى خريجيها حسب سن التلميذ والمرحلة التعليمية وتتولى مؤسسات التكوين المهني والتعليم العالي تطوير هذه الكفايات والمهارات لاحقا".
إن هذا "التكامل" بين المؤسسة التعليمية ومؤسسات التكوين المهني هو في الحقيقة خضوع الأولى لهيمنة الثانية. فتأهيل المدرسة يعنى خرطها ضمن نظام تكويني مهني يؤهل المتعلمين إلى أخذ الموقع المناسب لهم حسب وضعهم الاجتماعي. فإن سمحت لهم ظروفهم المادية استطاعوا تجاوز الكفايات الأساسية باستثمار التعليم الافتراضي الخاص رفيع الجودة؛ وإن لم تسمح تأهلوا بكفاياتهم الأساسية تلك، إلى مواصلة التدرّب ضمن التكوين المهني أي إلى تعلم حرفة تتناسب ووضعهم الاجتماعي. أما من لم يحصل حتى على تلك الكفايات فمآله الأمية والتهميش والبؤس. وهذا ما يعني إذن أن المدرسة الليبرالية- الجديدة المراد تأسيسها هي مدرسة طبقية بشكل سافر، إذ تحضّر التمايز بين المتعلمين/ الحرفاء بصورة واعية ومخططة لأن ذلك يتماشى مع هدفها المتمثل في برمجة إنتاج يد عاملة ذات مواصفات مطلوبة في عالم الصناعة والأعمال.
لكن المناهج يجب إن تتمحور حول المتعلم و حاجاته و ميوله و أغراضه و تكون بذلك وسيلة لخدمة الفرد و المجتمع لا غاية يطوع في سبيلها المتعلمين من اجل أغراض رأسمالية.(2)
و بناء على ما تقدم فان المناهج المعتمدة تعتبر كارثة حقيقية على مستقبل أبنائنا لذا من واجب وزارة التربية إعادة النظر فيها و تشريك كل الأطراف المتدخلة في العملية التربوية بما في ذلك المعلمين عبر هياكلهم النقابية من اجل صياغة مناهج وطنية تتماشى و ظروف عملنا وخصوصية شعبنا .

*المحتويات

تعتبر المحتويات التعليمية من بين الأسباب التي أدت إلى الفشل المدرسي و ذلك لوجود عدة ثغرات بها و على سبيل المثال و حسب ما قدمه السيد عادل بن عثمان متفقد المدارس الابتدائية أثناء مداخلته بالندوة التكوينية التي نظمتها النقابة الجهوية للتعليم الأساسي بتونس حيث أشار أن كتاب التنشئة الاجتماعية لتلاميذ السنة السادسة و تحديدا ضمن الجزء المخصص لمادة التاريخ انه يتضمن خللا في ترتيب الأحداث حيث يقدم الكتاب انتفاضة علي بن غذاهم سنة 1864 على إصلاحات احمد باي 1840-1864 ثم إصدار عهد الأمان سنة 1857. إن اختلال الترتيب الزمني يخل بمنهج تدريس التاريخ الذي يتطلب الانطلاق من الإطار التاريخي للحدث فلا يعقل أن يتعرض المتعلم إلى انتفاضة علي بن غذاهم و هو لا يعلم الإطار التاريخي الذي اندلعت فيه و لم يدرس بعد خصوصيات الفترة الهامة من تاريخ تونس المرتبطة بإصدار عهد الأمان 1857 ثم إعلان الدستور 1861.
كما أشار السيد عادل بن عثمان إلى الخلل الذي طرا على مواطن التخفيف بالنسبة لمادة التاريخ فقد وقع حذف مرحلة هامة من تاريخ الحركة الوطنية المتمثلة في الحركة النقابية ومساهماتها الهامة وكذلك الحركة الشعبوية "الفلاقة" فغابت إمكانية الوعي بتكتل جميع القوى الوطنية ضد المستعمر .و تعرف الآليات المعتمد في تأطير الجماهير .كما تم حذف الأسباب القريبة و البعيدة للاحتلال الفرنسي للبلاد التونسية .فهل يمكن فهم حقيقة الحركة الاستعمارية دون الوعي بالدواعي العميقة للتوسع الاستعماري ؟
كما لا يمكن أن نغفل عن التفاوت الموجود بين المحتويات الخاصة بكل سنة من سنوات الدراسة مثل الخلل الموجود بين محتوى السنة الثالثة للغة الفرنسية و السنة الربعة من نفس المادة حيث يلاحظ المتتبع لمحتوى السنتين أن هناك حلقة مفقودة بينهما و كأن سنة دراسية وقع تجاوزها.

*الكتب المدرسية

من بين الأدوات التي يستعملها التلاميذ الكتب المدرسية هذه الكتب التي لا تتلاءم والشعارات التي ترفعها وزارة التربية لتلميع صورة الكفايات الأساسية و لعل أهم هذه التضاربات يمكن حصرها فيما يلي:
-الدلالة :
تطالب وزارة التربية المعلمين بضرورة تقديم وضعيات ذات دلالة للمتعلمين أي أنها تكون مستمدة من واقعه المعاش إلا أن وزارة التربية باعتمادها نفس الكتاب في كل المدارس فهي تضرب في العمق ما تطالب به المعلمين لذا من واجبها السعي إلى توفير العديد من الكتب لنفس المستوى حتى نحترم هذا المبدأ و ترك الحرية للمدارس لاختيار ما يتناسب و محيطها.

-الوضعية الاستكشافية

يعتمد المتعلمون في القيام بعملية التدريس منذ الانطلاق بالعمل وفق المقاربة للكفايات تنطلق بالاستكشاف فالتعلم الآلي ثم التقييم وصولا إلى الدعم و العلاج . و ما يعرف عن الوضعيات الاستكشافية أنها تمتاز بالجدة في احد مكوناتها و من شروط انجاخ عملية الاستكشاف أن لا يكون المتعلم قد رآها من قبل فهل يعقل أن تقدم الوضعية الاستكشافية ضمن وثائق المتعلمين في أغلب المواد و الحال أن المتعلم يقتني كتبه من العطلة الصيفية كما لا يمكن أن نغفل عن حرص الأولياء على تدريس أبنائهم خارج المؤسسة التربوية .لذا فان اعتماد وثيقة المتعلم بشكل كلي يبدو غير ضامن لنجاح الدروس لذا يجب مراجعة الكتب المدرسية من حيث المحتوى و التوظيف .(3)

*الكتاب الكراس:

منذ انطلاق العمل وفق المقاربة بالكفايات وقع سحب طريقة العمل باللغة الفرنسية على اللغة العربية أي العمل بالوحدات و للتذكير أن وحدة اللغة العربية تدوم ثلاث أسابيع أي تتضمن تسع حصص للإنتاج الكتابي أي خلال الوحدة يمكن تقديم ثلاثة دروس باعتبار أن كل درس تخصص له ثلاث حصص (حصة للتدريب و حصة للإنتاج و حصة للإصلاح ) إلا أننا بالرجوع إلى كتاب التلميذ للسنة السادسة و بالتحديد الوحدة الخامسة فهو يتضمن أربعة دروس و بالتالي يمكن التساؤل هل الذين اعدوا هذا الكتاب غير متمكنين من المقاربة للكفايات؟ و هذا يضع المعلم أمام حيرة مما يؤثر سلبا على سير الدروس و على التحصيل التعليمي لدى المتعلم.

*المواد المدرسة

منذ الشروع في العمل وفق المقاربة بالكفايات الأساسية اعتبرت وزارة التربية العديد من المواد المدرسة كروافد رغم أهميتها في الارتقاء بمستوى المتعلمين ومساهمتها الفعالة في نحت شخصية المتعلم و من بينها:
- المحفوظات:

تعد المحفوظات نشاطا من النشاطات التي تسهم في تكوين المتعلم معرفيا ووجدانيا ونفسيا اجتماعيا ؛ فالمحفوظات من الناحية المعرفية تزود المتعلمين بمعارف عامة (ثقافة عامة ومعلومات خاصة)، وبمعارف لغوية، بالإضافة إلى خبرات مختلفة.
ومن الناحية الوجدانية تسهم المحفوظات في تغذية المتعلمين روحيا ووطنيا وقوميا، وتضطلع ببعث وتنمية الذوق الفني لديهم، فضلا عن اكتساب الثقة في النفس في حالات الإلقاء في حضور الأقران والأنداد.
أما من الناحية النفسية الاجتماعية تسمح المحفوظات بتقوية الذاكرة، وتنمية أداء المتعلم الشفوي، وصقل حواسه (تنمية حاسة السمع فيما يتعلق بإدراك الإيقاع والنغم)، وتقوية خياله، فضلا عن التبادل مع أقرانه (الاستظهار ومراقبة استظهار الآخرين)
و كل منا يتذكر أمهاتنا و آباؤنا ما يتذكرونه إلى يومنا هذا من قصائد تعلموها في المدارس.
-الترغيب في المطالعة:
يعتبر نشاط الترغيب في المطالعة ضمن الأنشطة الأساسية في وحدة اللغة العربية باعتبار أن الترغيب في المطالعة هو الحصيلة التعلمية لمواد اللغة العربية عندما يتوصل المتعلم إلى توظيف مكتسباته ومهاراته القرائية، لأن المطالعة هي عملية بصرية فكرية إدراكية تسمح له باختبار قدرة القراءة الذاتية والتعلم الذاتي.
ومن هنا وجب ترغيب المتعلم على المطالعة بواسطة السعي إلى جعلها سلوكا تلقائيا لديه ليستزيد منها ويستمتع بها عندما يتفاعل مع المقروء ويفهمه، وبذلك تصبح المطالعة نشاطا مركزيا في مسار التعلم وما بعد التعلم، مما تطلب التبكير بإدراجها في الحصص التعليمية قصد تدريب المتعلم عليها واكتسابها عادة حسنة تتسم بالإقبال عليها داخل وخارج المدرسة. وللترغيب في المطالعة أهداف عدة منها:
1-الترغيب المتدرج في مطالعة النصوص الطويلة..
2-فسح المجال أمام المتعلم لإبداء الرأي في بعض المواقف والأحداث التي تصورها القصة
3-التمكن المتدرج من تمثل بناء القصة كأن يتصور خاتمة أخرى لها أو يحول جزءا منها إلى حوار.
4-التحفيز على البحث عن المعاني والألفاظ من خلال استعمال القاموس لربط المطالعة بالفهم.
5-تربية التلميذ على سلوك المطالعة باستمرار.
6-تنمية حب الاستطلاع واكتشاف الجديد.
إن أهمية هاتين المادتين في الارتقاء بمستوى المتعلمين لا يدعو وزارة التربية إلى مراجعة خياراتها و رد الاعتبار لهاتين المادتين و اعتبارهما مادتين أساسيتين مثلهما مثل مادتي القراءة والإنتاج الكتابي.(4)
*تدريس اللغات الأجنبية انطلاقا من السنة الثانية

من بين الإصلاحات التي ستشهدها المنظومة التربوية التونسية خلال السنوات القادمة هو تدريس مادتي الفرنسية و الانقليزية للمتعلمين انطلاقا من السنوات الثانية و الثالثة و ذلك في إطار الارتقاء بأداء المنظومة التربوية فهل هذا الإجراء سيحقق فعلا نقلة في مستوى المتعلمين ؟
لقد بينت العديد من الدراسات أن البدء في تعليم اللغة الأجنبية في سن مبكرة له تأثيرات سلبية على تعلم اللغة الأصلية، فبعض الدراسات تشير إلى أن تعليم اللغة الأجنبية في المراحل الدراسية الأولى يمكنه التسبب في إهمال اللغة الأصلية، أو يؤدي إلى تداخل لغوي في ذهن الطفل.
وتعد سوريا أول الدول العربية التي قررت إلغاء تدريس اللغات الأجنبية من مناهج التعليم الابتدائي بحجة أنّ تدريس لغة أجنبية في هذه المرحلة التعليمية يعيق تحصيل الطفل لغته الأم.
وهناك دراسة أخرى كويتية أجريت على عينات من التلاميذ الدارسين العربية و الانجليزية معا وتمحورت حول أثر إدخال اللغة الانجليزية في مناهج التعليم الابتدائي على اللغة العربية. أثبتت هذه الدراسة أن مهارات بعض التلاميذ في لغتهم الأصلية، (اللغة العربية) قد تدنت.مع الإشارة أن البحث قد اختار بشكل عشوائي عينتين متكافئتين من التلاميذ، شملت المجموعة الأولى أطفالا درسوا حتى الصف الثالث ابتدائي دون التعرض إلى اللغة الأجنبية أي الانجليزية، فيما شملت المجموعة الثانية أطفالا درسوا اللغة الانجليزية منذ السنة الأولى ابتدائي إلى غاية السنة الثالثة ابتدائي.
وبعد المقارنة وتحليل النتائج، أظهر البحث أن التلاميذ اللذين لم يدرسوا اللغة الانجليزية بجانب اللغة العربية تفوقوا في تحصيلهم في مقرر اللغة العربية وكان الفرق بين تحصيل المجموعتين ذا دلالة إحصائية إذ أنه شمل جميع مهارات اللغة العربية مثل القراءة، الكتابة، القواعد والمفردات ودّل على تدن في تحصيل جميع تلك المهارات لدى المجموعة الثانية.
أما بخصوص التداخل اللغوي، فأكد البحث هذه الظاهرة على أكثر من مستوى، فعلى مستوى التداخل الصوتي أكد 35 % من المعلمين أن نطق التلاميذ أصبح أسوأ مما كان عليه قبل إدخال اللغة الانجليزية.
وبالإضافة إلى ذلك يقول عالم اللسانيات جون شومسكي " أنّ البرامج التعليمية التي تتبنى أسلوب التعليم باللغة الأم ثم بلغة ثانية أجنبية فيما بعد قد أثبتت نجاحا ملحوظا في العديد من مناطق العالم كما أنها حققت نتائج إيجابية هامة سواء على الصعيد النفسي أم الاجتماعي أم التربوي، وذلك لأنها تقلل من آثار الصدمة الثقافية التي يتعرض لها الطفل عند دخوله المدرسة، وتقوى إحساسه بقيمته الذاتية وشعوره بهويته، وترفع من إحساسه بإنجازه على المستوى الأكاديمي، كما أنها تساعده في توظيف القدرات و المهارات التي اكتسبها باللغة الأم في تعلم اللغة الثانية."
و يرى آخرون أنه من الثابت علميا أن المتعلمين الأكبر سنا أفضل من حيث معدل سرعة تعلم اللغة الأجنبية وتحصيلها النهائي، بينما الصغار يتفوقون في نمو النظام الصوتي فقط.أي (صحة النطق) غير أنه مشروط بضرورة الدراسة في بيئة لغوية أصلية حيث يستمع الطفل إلى اللغة من متحدثيها الأصليين ويمارسها معهم.
وتفيد البحوث أيضا أن المراهقة المبكرة هي أفضل عمر لتعلم اللغة الأجنبية سواء من حيث سرعة التعلم أو التحصيل النهائي.تدل على ذلك نتيجة البحث الذي شمل أطفالا كنديين انجليزيي اللسان، تتراوح أعمارهم بين 12 و13 سنة، كانوا يتابعون برامج للانغماس اللغوي (Immersion Programs) متقدمة في تعلم اللغة الفرنسية كلغة أجنبية، وهو البحث الذي أفاد بأن هؤلاء الأطفال قد أجادوا تعلم اللغة الفرنسية كلغة أجنبية بالمستوى نفسه الذي كان عليه أطفال المجموعة الثانية من ذوي الخلفية اللغوية نفسها والذين كانوا في برامج انغماسية مبكرة في تعلم الفرنسية كلغة أجنبية ومن شرعوا في تعلم اللغة الأجنبية في مرحلة الحضانة، وتلقنوها بحجم ساعي يساوي ضعف الحجم الساعي الذي استفاد منه أطفال البرامج المتقدمة.
ومن هنا تبين أن الاعتقاد الشائع بأن الأطفال أكثر قدرة على تعلم اللغة الأجنبية من الكبار تنبني على ملاحظات خاطئة. وإذا، فمسألة تفوق الأطفال في التعلم لا تمس إلا الذاكرة الحركية (motor memory). هذه الحقيقة التي يؤكدها احد خبراء اللغة، حيث يقول في كتابه مبادئ تعلم وتعليم اللغة " ما نعرفه حق المعرفة هو أن الأطفال والكبار على حد سواء
لديهم القدرة على اكتساب اللغة الثانية في أي مرحلة من العمر و يرى فريق أخر من الباحثين في الدول العربية أن قرار إدخال اللغة الأجنبية (الانجليزية) لتلاميذ المرحلة الابتدائية يؤدي إلى مزاحمة اللغة الأم (العربية) التي مازالت تعاني قلة استيعاب التلاميذ لها وضعف مستواهم فيها خلال هذه المرحلة الأولى من التعليم.
ويستند هؤلاء لما قررته نتائج بعض البحوث العلمية من خطر تعليم اللغة الأجنبية المبكر على اللغة الأصلية، والتي تؤكد في الوقت ذاته أن النجاح في تعلم اللغة الأجنبية لا يعتمد على العمر وحده، وإنما يتأثر بعوامل شتى منها أهداف تعليم اللغة الأجنبية واستراتيجيات التعليم، والسن التي يبدأ عندها التعليم فضلا عن دافعية المتعلمين.
ومن بين هذه الدراسات البحث الذي أجري بجامعة الزقازيق بمصر حول نوع التأثير الذي يحدثه التبكير بتعليم لغة أجنبية على مستوى النمو اللغوي في لغة الطفل الأصلية، و الذي توصل إلى أن مستوى النمو اللغوي في لغة الطفل الأصلية يتأخر لدى الأطفال الذين يدرسون لغات أجنبية في سن مبكرة عن أقرانهم الذين لا يدرسون لغات أجنبية.
زيادة على ذلك، أجريت دراسة في عام 1998 لمعرفة ايجابيات وسلبيات تعليم اللغة الأجنبية بالمرحلة الابتدائية خلصت إلى أن أنسب صف لتعليم اللغة الأجنبية هو الصف الرابع الابتدائي بعد أن يكون الطفل قد تمكن من مهارات تعلم لغته الأم.
وفي عام 2003 نشرت دراسة في مجلة التربية( جامعة أسيوط) حول أثر الازدواجية اللغوية على اكتساب تلاميذ المدرسة الابتدائية لمهارات اللغة العربية و تحصيلهم اللغوي، وقد توصلت إلى أن الثنائية اللغوية تؤثر بالسلب على المهارات اللغوية لدى الطفل.
وأجريت دراسات علمية بجامعة أكسفورد عن أثر العمر في تعليم لغة أجنبية خلصت إلى أن السن التي يشرع في تعلم اللغة الأجنبية فيها ليست عاملا حاسما في تعلمها، وأن الفروق التي وجدت بين متعلمي اللغة في أعمار مختلفة ليست نتيجة لعامل العمر، كما أن السن التي يبدأ فيها بتعليم اللغة الأجنبية يؤثر سلبا على التحصيل، و أكثر من ذلك كله أن تعلم الطفل لغة أجنبية في هذه السن المبكرة يكون له أثره السلبي على اللغة الأم(5



#ظافر_الصغير (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وزارة التربية في تونس
- كيف يمكن النهوض بالتعليم الابتدائي في تونس


المزيد.....




- ماذا قالت إسرائيل و-حماس-عن الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين ف ...
- صنع في روسيا.. منتدى تحتضنه دبي
- -الاتحاد الأوروبي وسيادة القانون-.. 7 مرشحين يتنافسون في انت ...
- روسيا: تقديم المساعدات الإنسانية لقطاع غزة مستحيل في ظل استم ...
- -بوليتيكو-: البيت الأبيض يشكك بعد تسلم حزمة المساعدات في قدر ...
- -حزب الله- يعرض مشاهد من رمايات صاروخية ضد أهداف إسرائيلية م ...
- تونس.. سجن نائب سابق وآخر نقابي أمني معزول
- البيت الأبيض يزعم أن روسيا تطور قمرا صناعيا قادرا على حمل رأ ...
- -بلومبرغ-: فرنسا تطلب من الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات جديدة ض ...
- علماء: 25% من المصابين بعدم انتظام ضربات القلب أعمارهم تقل ع ...


المزيد.....

- اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با ... / علي أسعد وطفة
- خطوات البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا ... / سوسن شاكر مجيد
- بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل / مالك ابوعليا
- التوثيق فى البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو ... / مالك ابوعليا
- وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب / مالك ابوعليا
- مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس / مالك ابوعليا
- خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد / مالك ابوعليا
- مدخل إلى الديدكتيك / محمد الفهري


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - ظافر الصغير - من اجل النهوض بالتعليم الابتدائي في تونس (2)