أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد السلام أديب - الشعب المغربي تحت الحصار















المزيد.....

الشعب المغربي تحت الحصار


عبد السلام أديب

الحوار المتمدن-العدد: 3583 - 2011 / 12 / 21 - 07:21
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


منذ خروج الاستعمار المباشر والشعب المغربي ينشد الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، من خلال ديمقراطية شعبية تمكنه من تقرير مصيره الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والثقافي. لكن شاءت الامبريالية وخدامها من البرجوازيات المحلية التابعة أن تحدث انقلابا على رغبة الشعب من خلال بناء نظام سياسي مغلق من أعلى بواسطة الدين والمقدسات والقهر البوليسي والعسكري والمخابرات، كما أنه مغلق من أسفل بالهيمنة على مختلف المقدرات الاقتصادية واطلاق اليد لنهب الأراضي واستغلال الكادحين وقهر المعارضين لهذا الانغلاق المزدوج.

ظل المغاربة منذ الاستقلال الشكلي رهينة بدساتير ممنوحة فوقية لا مكان فيها لفصل السلطات ورهينة أيضا للاستغلال والقمع المنهجي، وفي خضم المعاناة كانت الانفجاريات الاجتماعية تحدث عقب كل سكتة قلبية نتيجة احتدام تناقضات النظام، فجاءت انتفاضات الجماهير الشعبية مدوية في جل المدن من اجل إحداث التغيير الجذري سنوات 1965 و1981 و1984 و1990. لكن هذه الانفجاريات كانت تخمد بالقمع المنهجي وبتفريخ الأحزاب من كل نوع شكلا اليمينية واليسارية والاسلاموية والشوفينية لكنها من نفس الطبيعة مضمونا اي خدمة مصالحها من خلال التسابق على خدمة أهداف النظام الاستبدادية. غاية هذه الأحزاب والمركزيات التابعة لها هو تخدير الجماهير الشعبية وإلهائها عن عمليات الاستغلال والتفقير الجارية والدءوبة. وقد تطور الاستغلال نحو تسليع شروط الحياة والعيش الكريم بالكامل فتمت خوصصة جل المرافق العمومية وارتفعت أسعار فواتير الماء والكهرباء وتم تدمير قطاع التعليم العمومي ومحاباة التعليم الخاص كما تم تدمير الصحة العمومية فأصبح يعز على المواطن علاج نفسه بدون رشاوى أو بدون دفع تكاليف غالية لجهاز طبي جشع مجرد من الإنسانية لا هدف له سوى مراكمة الثروات.

الهجوم على القوت اليومي للمواطنات والمواطنين أصبح ينجز على عدة واجهات، من خلال تجميد الأجور وتمديد ساعات العمل لاستخلاص اكبر فائض قيمة ممكن. كما يتم هذا الهجوم من خلال التسريحات الفردية والجماعية للطبقة العاملة والتي تزيد من اتساع رقعة الفقر. ويتم أيضا من خلال عدم توفير أدنى شروط العمل داخل وحدات الإنتاج ومحرقة روزامور لا زالت شاهدة على ذلك. تجميد التوظيف وإتلاف حق الشغل تدريجيا راكم أعداد العاطلين من أبناء الطبقة العاملة فأصبح العامل يواجه مشاق جديدة في إعالة أبنائه العاطلين حتى من بين حملة الشهادات وذلك في جميع مدن وقرى المغرب.

بالإضافة إلى تجميد الأجور تكاترت القروض البنكية التي تؤدي إلى المزيد من تآكل هذه الأجور بسبب الفوائد على القروض والتي تشكل فائض قيمة إضافي ينتزع من الطبقة العاملة التي تضطر للاقتراض للاستمرار في الحياة. لن نتحدث عن الضرائب التي تفرض بمعدلات عليا على ذوي الدخل المحدود في حين يتم إعفاء ملاكي الأراضي الكبار وأصحاب رؤوس الأموال من مستحقاتهم الضريبية او يتم السماح لهم بالتهرب منها بسهولة، كما لن نتحدث عن مآل النفقات العمومية التي تخصص لمظاهر بدخ مافيات التحالف الطبقي الحاكم وبناء وتعهد الفيلات والقصور واقتناء السيارات الفارهة باهظة الثمن وصرف مبالغ طائلة بالعملة الصعبة على الأسفار الدائمة خارج البلاد مما يعمق بشكل خطير مظاهر التبذير والنهب للمال العام والشره الدائم للمزيد من الأموال الإضافية من خلال الاستدانة الخارجية لسد العجز المتفاقم وبناء مشاريع عمومية مقدرة بأكثر من كلفتها الحقيقية. ومع تراكم المديونيتين الداخلية والخارجية يزداد الهجوم على جيوب الكادحين مرة أخرى لسدادها بشكل مباشر من خلال اقتطاع ضرائب متزايدة من أجورهم الزهيدة والمتآكلة أصلا أو بشكل غير مباشر من خلال تقليص وإلغاء الاعتمادات المخصصة للمرافق العمومية الصحية والتعليمية.

عندما نؤكد أن الأحزاب السياسية بيمينها ويسارها وإسلامييها إضافة إلى المركزيات النقابية التابعة لها كونها متواطئة في هذا الهجوم على الحياة الكريمة للكادحين، فيتمثل ذلك جليا من خلال تناوبها على رئاسة الحكومات وممارسة نفس التخدير ونفس القمع ونفس النهب الذي تزاوله نظيراتها التي تنتظر في غرف انتظار مكيفة، بمعنى التي تعين مؤقتا في المؤسسات العمومية أو السفارات بالخارج إلى حين وصول لحظة تناوب جديدة على المقاعد الحكومية.
منذ 1990 أصبح المشهد السياسي والنقابي مغلقا على الانتهازيين والوصوليين والمتآمرين على الكادحين، وتقديم الوعود المعسولة عند كل استحقاقات نقابية لكي يتم نكتها مباشرة فيما بعد هذه الانتخابات ولكي يعود الاستغلال والنهب إلى سابق عهده وإلى طبيعته الأصلية. لكن المقاومة والغضب الشعبي يتعمق أكثر فأكثر مع تعمق الأزمة الثورية فتنفجر الانتفاضات في كل مكان حتى في ابعد المدن والقرى المغربية، والتي يتم في الغالب مواجهتها بالقمع الوحشي وبالمحاكمات الصورية وكأمثلة صارخة على ذلك مدن سيدي افني وصفرو وبوعرفة.

منذ أواسط التسعينات والنظام يحاول تفريغ تناقضاته وأزماته على كاهل الكادحين ومن خلال من كان بالأمس يتوعد بإصلاحات جذرية لفائدة الكادحين والطبقة الوسطى، فتم تجريب حكومة التناوب التي لعبت دورها التخديري كما كان منتظرا منها حيث تم تصفية ما تبقى من مرافق عمومية وتم إطلاق يد الباطرونا لتشديد استغلال الكادحين وتم تجميد التوظيف والأجور فتفاقمت عطالة حاملي الشهادات وتعمق فقر الكادحين.

ومع إطلالة الربيع العربي حاول الشباب المغربي تقليد تمرد الشعوب الاخرى على مستبديها وبالتالي جر الجماهير الشعبية بدورها للخروج إلى الشارع عن بكرة أبيها للمطالبة بالتغيير الحقيقي وإسقاط الفساد والاستبداد في البلاد، لكن التحالف الطبقي الحاكم عمل بسرعة من خلال أراجيزه من الأحزاب والنقابات، للالتفاف على تطلعات الشعب المغربي للحرية والانعتاق من الفساد والاستبداد. فتمت فبركة دستور ممنوح جديد اكثر استبدادا من السابق يتراجع عن ابسط الحقوق الاقتصادية والاجتماعية كحق الشغل وحق التعليم والحق في الصحة حيث استبدلت هذه الحقوق في الدستور بصيغ جديدة تفيد بتسهيل الدولة فقط للتمتع بهذه الحقوق. كما تم تنظيم انتخابات تشريعية في 25 نونبر 2011 لتكريس الدستور الممنوح والذي لم يحترم حتى من طرف واضعيه في العديد من احكامه وأيضا من اجل تموقع الأحزاب والمركزيات النقابية التابعة لها حول مختلف المنابر الشعبية سواع على مستوى الاغلبية الحكومية أو ما يسمى بالمعارضة.


فالمشهد السياسي عقب انتخابات 25 نونبر يؤكد هذه المحاصرة القوية التي يقوم بها النظام السياسي المغربي للشعب، فمن جهة الاغلبية الحكومية هناك الإسلاميين ممثلين في العدالة والتنمية ثم اليمينيين متمثلين في حزب الاستقلال والحركة الشعبية ثم الاشتراكيين متمثلين في حزب التقدم والاشتراكية. أما من حيث المعارضة فهناك الإسلاميين بزعامة العدل والإحسان ثم اليمينيين متمثلين في الأصالة والمعاصرة والحزب الوطني للأحرار ثم الاشتراكيين بزعامة الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية. فالدائرة حسب هذه المواقع أصبحت مغلقة على الشعب من الفوق ومن الأسفل من جديد فاينما ترنح الكادحون فسيصطدمون بنفس المافيات السياسية سواء على مستوى الأغلبية أو المعارضة. هذا الالتفاف الخطير على رقبة الشعب والذي يستهدف منعه من رفع شعار الشعب يريد إسقاط النظام، سيشكل هو نفسه احد أسباب السكتة القلبية القادمة والانفجاريات القادمة بسبب الضغط المتفاقم والتي لا نعلم متى ستندلع شرارتها.



#عبد_السلام_أديب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا سقط نظام بنعلي ولم يسقط النظام في المغرب؟
- الإدمان على الانترنت كالإدمان على المخدرات القوية!
- عودة نظرية المصدر الإلهي للسلطة
- الثورات العربية والمغاربية بين اليسار التحريفي واليسار الثور ...
- أزمة النظام الرأسمالي والحروب الامبريالية الجديدة
- البروليتارية العالمية تشكل طبقة من المهاجرين
- النظام الاقتصادي الرأسمالي على حافة الانهيار
- سنتتبع الانتخابات ونؤكد المسافة التي لا زالت تفصلنا عن الديم ...
- المغرب يعاني أزمة مالية آخذة في التعمق
- دور جمعية - المعطلين- في عودة الفعل النضالي للجماهير الشعبية
- دور البرجوازية الصغرى في الحراك الجماهيري المغاربي والعربي
- بركان الانتفاضات المغاربية والعربية
- كيف تتحرك الأشياء؟
- تعمق الأزمة الثورية عالميا ومواجهة البروليتارية لعملية تفريغ ...
- الأزمة الاقتصادية والثورة البروليتارية
- الانظمة الرجعية تشن الحرب على شعوبها الآن !!!
- الشعب يريد اسقاط النظام
- مسار الحراك الاجتماعي المغاربي والعربي
- احتجاجات حركة 20 فبراير وارتسامات المشاركين
- تعمق الصراع الطبقي وضرورات مواجهة الكادحين للثورة البرجوازية ...


المزيد.....




- -التعاون الإسلامي- يعلق على فيتو أمريكا و-فشل- مجلس الأمن تج ...
- خريطة لموقع مدينة أصفهان الإيرانية بعد الهجوم الإسرائيلي
- باكستان تنتقد قرار مجلس الأمن الدولي حول فلسطين والفيتو الأم ...
- السفارة الروسية تصدر بيانا حول الوضع في إيران
- إيران تتعرض لهجوم بالمسّيرات يُرَجح أن إسرائيل نفذته ردًا عل ...
- أضواء الشفق القطبي تتلألأ في سماء بركان آيسلندا الثائر
- وزراء خارجية مجموعة الـ 7 يناقشون الضربة الإسرائيلية على إير ...
- -خطر وبائي-.. اكتشاف سلالة متحورة من جدري القرود
- مدفيديف لا يستبعد أن يكون الغرب قد قرر -تحييد- زيلينسكي
- -دولاراتنا تفجر دولاراتنا الأخرى-.. ماسك يعلق بسخرية على اله ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد السلام أديب - الشعب المغربي تحت الحصار