أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - تونا الجبل : ميلاد مُتجدد للحضارة المصرية















المزيد.....

تونا الجبل : ميلاد مُتجدد للحضارة المصرية


طلعت رضوان

الحوار المتمدن-العدد: 3582 - 2011 / 12 / 20 - 14:19
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


تلقيتُ دعوة من د. مرفت عبدالناصرلحضورافتتاح المركزالثقافى الحضارى الذى أسّسته بمجهوها الفردى وتم إشهاره برقم 7659عام 2009باسم (مؤسسة د. مرفت عبدالناصرللإبداع والتنمية الثقافية) فى مدينة ملوى بمحافظة المنيا .
ونظرًا لأنّ د. مرفت تخصّصتْ فى علم المصريات على أسس علمية ، لذلك كان اختيارها للموقع عن تخطيط ووعى بتفرده وأهميته فى تاريخ الحضارة المصرية ، إذْ أنّ تونا الجبل ومعها آثارالأشمونين ، لهما دوربارزفى تاريخ مصرالقديمة ، حيث نشأ الارتباط باسم أحد أهم الرموز المصرية (تحوت) أوجحوتى وفق النطق اليونانى ، بصفته رمزالحكمة والفكروالكتابة. وكما جاء فى الملخص الذى وزعته د. مرفت فإنّ هذا الموقع فى تاريخ مصرالقديمة كان قلعة فكرية قصده الباحثون عن العلم من مختلف دول العالم القديم من أجل البحث عن المعرفة ، لدرجة أنّ فلاسفة اليونان أطلقوا عليه اسم هرموبولس نسبة ل (هرمس) المرادف الإغريقى ل (تحوت) كما أنه قريب جدًا من موقع يهتم به أبناء العالم المتحضرفى عصرنا الحالى ، أى مدينة أخيتاتون التى أخذت تسمية عربية (تل العمارنة) وهى المدينة التى اختارها آمن – حوتب الرابع (أخناتون) (1372- 1354ق.م) لنشرديانته الجديدة المؤسسة على فكرة الإله الواحد ، وهو ابن آمن – حوتب الثالث وزوج الملكة نفرتيتى . ورغم معارضة الآمونيين للآتونية التى بشّربها أخناتون ، فإنّ عهده شهد نهضة فكرية أثرتْ فى مجمل التراث العالمى ، بجانب نهضة بارزة فى مجال الفن التشكيلى . كما أنّ (تونا الجبل) قريبة جدًا من مقابرأسرالدولة الوسطى فى (بنى حسن) التى (تمتلك خصوصية متميزة بجدارياتها الفنية رفيعة المستوى وموقعها الجغرافى الرائع . وهذه المنطقة أيضًا ذات تراث قبطى / مسيحى ، له أهمية خاصة ، لارتباطه برحلة العائلة المقدسة إلى مصر، وأقدم الأناجيل فى العالم . ولهذا المكان صلات وطيدة بمكتبة نجع حمادى . كما أنّ موقع تونا الجبل له صلات بمدينة (أخميم) التى اشتهرتْ بعلمائها وفلاسفتها خاصة بعد الإسلام)
ظلّ هذا الموقع التاريخى ينبض بالحياة (فى حالة أشبه بالغيبوبة أوالموت السريرى) رغمًا عن صديد وصدأ الإهمال النابع من غياب الوعى القومى بمجمل التراث المصرى الذى تركه لنا جدودنا. ترتّب على هذا أنّ السياحة الآثارية فى هذه المنطقة ضئيلة لدرجة تقترب من العدم ، فالوصول إليها أشبه بمغامرة انتحارية ، حيث الصخوروالرمال فى طرق غيرمرصوفة وسط الجبال ، ولكن السبب الكارثة هوانعدام الدعاية المؤسسة على علمىْ المصريات والآثار. لذلك كانت د. مرفت محقة إذْ كتبتْ ((على الرغم من كل هذا الثراء الذى تتميزبه هذه المنطقة ، إلاّ أنه لايمكن بسهولة لأى مهتم بالأمرزيارة تلك الأماكن واستشعارعظمتها الفكرية والروحية. بل إنّ محافظة المنيا بأسرها ظُلمتْ كثيرًا سياحيًا ، خاصة فى الآونة الأخيرة ، مما كان لهذا الأمرأبلغ الأثرعلى المناخ الثقافى والاقتصادى للمنطقة. مناخ جعل منها تربة صالحة لنموالتطرف الدينى والنزاعات الطائفية))
عاشتْ د. مرفت أكثرمن 30سنة فى لندن : عملتْ فى جامعة كنجزكوليدج . حاصلة على زمالة الكلية الملكية للأطباء النفسانيين والدكتوراه فى الطب النفسى ، ولكنها تحوّلتْ إلى دراسة تاريخ الحضارة المصرية، خاصة بعد أنْ سألتْ ابن جارتها الانجليزية ((نفسك تكون إيه لما تكبر يا حبيبى)) فقال الطفل البالغ من العمرسبع سنوات ((نفسى أكون عالم مصريات)) أما الواقعة الثانية فكان حديث سائق تاكسى إنجليزى معها عن مصرالقديمة وأنّ 90% من الكتب فى مكتبته الخاصة عن الحضارة المصرية. ولإيمانها العميق بجوهرحضارتنا – بعد الدرسة المُتعمقة- كتبتْ عدة كتب عن التراث الحضارى والفلسفى لمصرالقديمة. وعندما قررتْ الإقامة الدائمة فى مصر، تفرّغتْ لمشروع تونا الجبل. فقاعة المحاضرات والمكتبة (متخصصة فى كل ما يتعلق بالتراث الخاص لمنطقة تونا الجبل) على نمط ما كان موجودًا فى مصرالقديمة. وغرف استقبال الزوار(شاليهات) على الطرازالمصرى القديم. والمبنى يتكوّن من 16جناح أخذتْ أسماء فلاسفة وكتاب لهم علاقة وطيدة بفكروفلسفة هذا المكان ، الذى يحمل ((سمات معمارية محلية تنم عن أصالة المكان وتوحى بالجمال والروحانية ، حتى يكون بمثابة المنتجع أوالملاذ الفكرى المساعد على القراءة والكتابة والإبداع)) وتتمنى د. مرفت أنْ يُحقق مشروعها الأهداف التالية :
* خلق بيئة ثقافية متميزة تتبنى العقول الإبداعية من أبناء المنطقة ورعايتهم وتزويدهم بكل ما
يحتاجون إليه من موارد ثقافية وتدريب .
* تفعيل الوعى بتراث مصرالحضارى وإظهارمقوماته والدورالذى يمكن أنْ يقوم به فى ربط وجدان المصرى المعاصربماضيه ، وتحقيق النهضة بالتعاون والحواربين مختلف الحضارات .
* الإهتمام بالسياحة الثقافية التنموية رفيعة المستوى ، لتعميق الوعى بالقيمة الأثرية والتاريخية للموقع وسكانه، بحيث يُصبح العائد المادى للسياحة مصدرًا للنهوض الثقافى والاقتصادى ، وهو
يُحقق التنمية المستدامة ، خاصة لأهالى المنطقة.
* تشجيع الحواربين أبناء شعبنا ، بترسيخ مبدأ (المواطنة) من خلال رحلات للطلاب .
* تشجيع الشباب على إحياء الحرف التقليدية ، مع خلق فرص عمل لهم .
* السعى ليصيرالموقع (محمية طبيعية) بجانب كونه (محمية ثقافية) عن طريق زراعة الأشجار
المصرية القديمة المُهددة بالانقراض واستخدام الطاقة الشمسية (رأيتُ جهازًا بالفعل فى الموقع
لتشغيل المطبخ كبداية) وإعادة تدويرالمخلفات ومعالجتها لاستخدامها كأسمدة طبيعية ، للنهوض بالوعى والثقافة البيئية الخضراء.
* تنمية الوعى بالتراث المعمارى لمصر، والمحافظة على ما تبقى فى المكان من أبنية لها سمات معمارية خاصة ، يتم استبدالها الآن بسرعة مخيفة بأبنية عشوائية تفتقد للجمال وللخصوصية. والعمل على تغييرالنظرة السلبية. وتشجيع اكتساب مهارات البناء التقليدى الذى أصبح نادرًا . مع ملاحظة أنّ بناء مركز(هرموبولس) الجديد روعى في تصميمه استخدام الأساليب التقليدية فى البناء ، من حيث مواد البناء والتصميم المعمارى .
قبل زيارتى لموقع تونا الجبل ، حدّثتنى د. مرفت عبدالناصركثيرًا عنه. ولكن كما يقول شعبنا فى أمثاله ((اللى يسمع بودانه غيراللى يشوف بعنيه)) لذلك عندما دخلتُ الموقع ، ومعى صديقى أ. سامى حرك (أحد مؤسسى حزب مصرالأم) المرفوض من لجنة صفوت الشريف لشئون الأحزاب ومن المصريين (العروبيين) زال تعب السفر بقطار(القشاش المكيف) الذى قطع المسافة من القاهرة إلى مدينة ملوى فى خمس ساعات وأربعين دقيقة ، فى حين أنّ السيارة تقطعه فى ثلاث ساعات ونصف على أكثرتقدير. المهم أنّ غبارالسفرومشقته انقشع ، كما لوأنّ بركات (تحوت) مسحتْ على قلبينا بنورها الروحى ، فحلتْ البهجة محل بؤس ونكد القطارالقشاش المكيف ، إذْ قبل الاقتراب من الموقع رأينا فوق المبانى (أهرامات) وعندما دخلنا الموقع اكتشفنا أنها (قباب) فوق المبانى وقد أخذتْ شكل الأهرامات المتجاورة ، وتُذكرالمُشاهد بالأهرامات الثلاثة فى منقطقة الهرم بالجيزة. وهكذا فى كل ركن من أركان الموقع شعرنا بنبض تراث جدودنا. وعندما حكيتُ لصديقى أنّ د. مرفت عانتْ كثيرًا فى الحصول على قطعة الأرض من محافظة المنيا ، والاجراءات البيروقراطية المعقدة ، ومشكلة الحصول على ترخيص بحفربئرللمياه ، واستغلال المقاول والعمال لها ، وكيف أنها ضحتْ بمدخراتها طوال ثلاثين عامًا فى لندن ، وأنها كانت تنام (وحدها) فى هذه الصحراء لمدة ثلاث سنوات، حتى تم الافتتاح أخيرًا ، فهتف صديقى (هذه هى معانى البطولة والنبل الإنسانى بلا دنى مبالغة) وكان تعقيبى : معك حق لأنّ ما قامتْ به هوعمل مؤسسى ، أى عمل لاتنهض به وتتولاه وتُموله وترعاه إلاّ مؤسسة كبيرة ، فكيف تحملتْ د. مرفت (كل) هذا الجهد وحدها ؟ لذلك فإننى أناشد السيد محافظ المنيا ووزارة الثقافة وقطاع الآثار، وقطاع السياحة. وكل من لايزال فى قلبه نبض الحضارة المصرية. وكل من يتمنى لمصرالمستقبل الازدهاروالرقى الحضارى والمادى، عليهم أنْ يُسارعوا ب (احتضان) مركزهرموبولس التراثى وتقديم يد المساعدة (كل حسب قدرته وموقعه) إذا كنا (بحق) نستحق الانتساب لجدودنا الذين أهدوا البشرية أقوى القوانين (الضمير) .
*****



#طلعت_رضوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ميس إيجيبت وجدل العلاقة بين الثقافتين المصرية والعربية
- سليمان فياض : الواحد المتعدد
- النص الدينى والتفسيرات المتعددة
- العالمانية والاستقرارالاجتماعى
- هل يؤمن الأصوليون الإسلاميون بالديموقراطية
- مأزق السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل
- الأدب واتعبيرعن التغيرات الاجتماعية
- لاتُصالح ودوائرالثأرالجهنمية
- كفيل مصرى لأى خليجى فى مصر
- رد بأن مقالى عن اللغة القبطية
- المشروع الفكرى للراحل الجليل بيومى قنديل
- سيناريو مُتخيّل عن استقالة شيخ الأزهر والمفتى
- قوى التقدم وقانون التغير الكيفى
- اذا كان المسيحيون مواطنين فلماذا الكتابة عن الجزية
- إرهاصات العالمانية فى مصر
- الحب والظلال للمبدعة إيزابيل اللندى
- الحرام بين النظرة الأحادية وتعدد المنظور
- الأدب التراثى وأنظمة الحكم وجهان لمنظومة واحدة
- جدل العلاقة بين البؤس الاجتماعى والميتافيزيقا
- دستور يحكم الثقافة ويحمى المثقفين


المزيد.....




- وفاة قيادي بارز في الحركة الإسلامية بالمغرب.. من هو؟!
- لمتابعة أغاني البيبي لطفلك..استقبل حالاً تردد قناة طيور الجن ...
- قادة الجيش الايراني يجددن العهد والبيعة لمبادىء مفجر الثورة ...
- ” نزليهم كلهم وارتاحي من زن العيال” تردد قنوات الأطفال قناة ...
- الشرطة الأسترالية تعتبر هجوم الكنيسة -عملا إرهابيا-  
- إيهود باراك: وزراء يدفعون نتنياهو لتصعيد الصراع بغية تعجيل ظ ...
- الشرطة الأسترالية: هجوم الكنيسة في سيدني إرهابي
- مصر.. عالم أزهري يعلق على حديث أمين الفتوى عن -وزن الروح-
- شاهد: هكذا بدت كاتدرائية نوتردام في باريس بعد خمس سنوات على ...
- موندويس: الجالية اليهودية الليبرالية بأميركا بدأت في التشقق ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - تونا الجبل : ميلاد مُتجدد للحضارة المصرية