|
شاليط في رام الله
شوقية عروق منصور
الحوار المتمدن-العدد: 3580 - 2011 / 12 / 18 - 20:08
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
أن تغطي الشمس بعباءة ، هذا مثل قد نلف به ضحكة أو نحاول خداع موقف كي نخرج منه بكرامة عابرة ، لكن أن يتحول المثل الى كتلة غبار تتحكم في العيون ، حتى تتجرأ وتقلع العيون ويصيبنا العمى ، فهذا الأمر بحاجة الى تفسير ، خاصة حين نقف ونؤكد ان الغبار ليست وسيلة لتجميل الوجه البشع، بل هو لمسح الوجه عن الوجود ، أو شهيق وزفير للزمن المريض الذي لا بد أن يزول، ولا بد أن نخضع لهذا الزمن حتى يشفى أو يموت .
قال أحدهم لمن عاتبه في تقليب الدنانير في يده ، دعنا منك ، فأنه لولا هذه - أشار إلى الدنانير - لتمندل بنا الناس تمندلا ، أي جعلوه كالمنديل يمسحون به أيديهم .
ونحن قلبنا قضيتنا الفلسطينية حتى تمندل بنا الجميع ، الكل يمسح يديه بنا ، ويحاولون البقاء فوق ظهورنا ، حتى تحولنا من راكب شامخ الى مركوب صامت ، والادهى انهم يغطون بمنادلهم شمس الحقيقة ، حتى انهم ينامون فوق اصابعنا التي لم نعد نجرؤ على رفع شارة النصر بها ، والا كيف نفسر السقطة التاريخية التي وصلت ب"قطر" أن تحذف خارطة فلسطين التاريخية وتحولها الى قزم مشوه ، إلى عبث تاريخي مخبول ، يجر الاحباط وراء عربة التواطؤ ، ويدفع الانزلاق المشبوه الى بقايا لوحة الذل العربي .
خلال حفل افتتاح - دورة الالعاب العربية- التي جرت في قطر ، استعرضت خرائط الدول العربية المشتركة ، لكن حين جاء دور الوفد الرياضي الفلسطيني خرجت خارطة فلسطين من البطن القطري مصابة بتشويه الوجه ، كأنها مصابة بداء السقوط العربي ، أو داء اخوة الذئاب ، اذ ظهرت فلسطين الضفة الغربية وقطاع غزة فقط ، واختفت الخارطة التاريخية الموجودة في الوجدان والمشاعر والذاكرة ، كأن قطر أصبحت وصية على الحق الصهيوني ، وعلى حقوق اليهود في الشتات .
الوفد الفلسطيني المتواجد في الدوحة طلب تفسيراً لهذا القضم الخرائطي المستهجن ، ولماذا لم تظهر دولة قطر الخريطة الفلسطينية الكاملة ، ولم تكن هناك اجابة ، بل كان الصمت رسالة حفر انفاق التواطؤ تحت الاحلام المدفونة في روح الشخصية الفلسطينية .
الغريب ان الرئيس الفلسطيني محمود عباس ابو مازن الذي كان حاضراً ولم يحتج وعندما سئل المسؤولين في " قطر" عن تشويه الخريطة ، كانت الاجابة ، ابو مازن وافق على دولة فلسطينية في قطاع غزة والضفة الغربية أو على - حدود عام 67 – أمام العالم أجمع ، فلماذا الانتقاد الفلسطيني !!!
ان ابو مازن والى جانبه المرافقين له لم ينتقدوا ويرفضوا ، واعتبارها طعنة تاريخية مؤلمة ، بل سار الامر كأنه طبيعي وعادي .
في المقابل قامت الدنيا ولم تقعد عندما ظهر العلم المغربي بدون الصحراء الغربية ، واعتذرت اللجنة القطرية للملكة المغربية على هذا الخطأ .
مع اننا كنا نتمنى ان يرفض الوفد الفلسطيني الاشتراك في الألعاب احتجاجاً على هذا التنازل ، لكن الاحتجاج بقي داخل الصدر حتى اخرجه اللاعبان خالد العرقان وعبد الرحمن طافش ، لاعبا المنتخب الفلسطيني وردا الصاع صاعين ، حين ارتديا قمصانا مرسوماً عليها خريطة فلسطين التاريخية الكاملة .
وفي تركيا وخلال المؤتمر الصناعي ، وزع دليل المؤتمر كتيباً فيه تفاصيل عن الدول المشتركة ، وقد ظهر في الكتيب ان عاصمة فلسطين هي مدينة رام الله ، اختفت مدينة القدس بكامل البهاء والألق والذاكرة الفلسطينية التي تجمعت في عمقها وهج التمسك، هذه التوأمة البشعة بين قطر وتركيا ، مقصودة ام غير مقصودة ، تظهر الكفوف الذهبية التي حشرتنا في زاوية الملاكمة التنازلية ، وتمارس الضرب يومياً تحت الحزام .
لقد أصبحنا ملطشة - هكذا صرخ عادل امام في احد افلامه – ونحن نصرخ اصبحنا ملطشة للجميع ، الشاطر الذي يريد ان يركبنا أو يلبسنا حذاءا في رجله ويسير بنا على درب البيت الأبيض .
المضحك ان رئيس بلدية روما يرشح غلعاد شاليط لجائزة نوبل للسلام ، ولا نعرف ماذا فعل شاليط حتى يحصل على جائزة نوبل للسلام ؟؟ جندي ذهب ليقتل فوقع في الأسر ، حتى عند رجوعه لم يتكلم ويصرح ويؤيد السلام ، بل بقي ذلك البارد الأقرب للساذج كأنه لم يخض تجربة الاسر ، ووضع العالم على فوهة بركان اخباره وتحركاته وحياته .
مع اننا توقعنا ان يتكلم عندما يخرج ويحكي عن اسره ويطالب بالسلام ، الا انه خاب املنا من هذه الرهينة او الدجاجة التي باضت افراجاً عن بعض السجناء .
ان رئيس بلدية روما لم يهتم بالآف الشهداء والسجناء السياسيين الفلسطينيين ، لم يهتم بالاحتلال الجاثم والمستوطنات التي تقام بصورة انتقامية وبالتصرفات العنصرية التي تحولت الى قلق وخوف يومي للفلسطينيين .
الم نقل لكم – أصبحنا ملطشة - وهناك سر او بالاحرى لم يعد سراً ، لماذا لاتسألوا المعلمين في الضفة الغربية الذين جاءت لهم الأوامر بتعليم الطلاب عن الدولة الفلسطينية المحصورة على حدود 67 ، وليست عن فلسطين الكاملة .
#شوقية_عروق_منصور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
انزع رأسك أيها العربي
-
قصة قصيرة .. فوق البيعة .. شوقية عروق منصور
-
علياء والوليد بن طلال
-
الزوجة تتحدث من مالطة ...
-
بقايا نشارة خشب ..
-
الجد نوبل والأم توكل والابن الضائع ستيف
-
قصة قصيرة .. التصريح والأفعى ..
-
ليلة ابو عبد الله الكبير
-
بحثت عن طارق فوجدت قبيلة من القرود
-
قصة قصيرة ..امرأة من تمر هندي ..
-
قصة قصيرة .. سوار تحمل حزاماً ناسفاً .. شوقية عروق منصور
-
الفاجومي يدخل الحكاية
-
سرير يوسف هيكل
-
تجبير قدم التاريخ المكسورة ..!
-
من راشيل الى اريغوني المجرم واحد
-
لك يوم يا ظالم
-
من طباخ الريس الى صراخ النملة
-
بين إمرأة وإمرأة هناك امرأة
-
دموع البترول وأقنعة الكلاب
-
صفعة على وجه هذه المرأة
المزيد.....
-
سلمان رشدي لـCNN: المهاجم لم يقرأ -آيات شيطانية-.. وكان كافي
...
-
مصر: قتل واعتداء جنسي على رضيعة سودانية -جريمة عابرة للجنسي
...
-
بهذه السيارة الكهربائية تريد فولكس فاغن كسب الشباب الصيني!
-
النرويج بصدد الاعتراف بدولة فلسطين
-
نجمة داوود الحمراء تجدد نداءها للتبرع بالدم
-
الخارجية الروسية تنفي نيتها وقف إصدار الوثائق للروس في الخار
...
-
ماكرون: قواعد اللعبة تغيرت وأوروبا قد تموت
-
بالفيديو.. غارة إسرائيلية تستهدف منزلا في بلدة عيتا الشعب جن
...
-
روسيا تختبر غواصة صاروخية جديدة
-
أطعمة تضر المفاصل
المزيد.....
-
في يوم العمَّال العالمي!
/ ادم عربي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|