أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد البشيتي - -فلسطين- في -الربيع العربي-!















المزيد.....

-فلسطين- في -الربيع العربي-!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 3580 - 2011 / 12 / 18 - 16:56
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ثمَّة "مغسلة اقتصادية"، هي كناية عن "الاستثمار الشرعي الحلال النظيف للأموال"، تُسْتَعْمَل لـ "تبييض (وغسل)" الأموال الوسخة القذرة، أيْ الأموال المتأتية من مصادِر غير شرعية؛ وثمَّة ما يشبهها في عالَم السياسة العربية الآن، حيث "الربيع العربي (الشعبي الثوري الديمقراطي)" يعصف بأنظمة الحكم الدكتاتورية الشمولية العربية؛ وهذه "المغسلة السياسية" هي كناية عن "فلسطين"؛ فإنَّ مؤيِّدي وأنصار أنظمة الحكم العربية الأوتوقراطية المتسربلة بـ "فلسطين"، و"الصراع القومي (العربي) ضدَّ إسرائيل"، و"المقاومة القومية العربية"، يرفعون عقيرتهم بصرخة "تنبَّهوا واستفيقوا أيُّها العرب"؛ فـ "فلسطين"، وبصفة كونها "القضية القومية الأولى (والمركزية) للعرب"، هي "الضحية الكبرى" لـ "الربيع العربي"، وكأنَّهم يتَّخِذون من هذه الغيرة على فلسطين "مغسلة" يغسلون بها (ويبيِّضون) مواقفهم التي فيها ينتصرون للدكتاتورية والاستبداد، ويناصبون شعوبهم، بربيعها الثوري والديمقراطي، العداء.

في ساحته السوريَّة فحسب، اكتشفوا أنَّ "الربيع العربي" كلمة "حقٍّ"، هو كناية عن "مناداة الشعب بحقوقه الديمقراطية"، يُراد بها "باطل"، هو كناية عن خدمة إسرائيل والولايات، بمصالحهما وأهدافهما التي فيها يكمن عداء "الحليفين الاستراتجيين" للقضايا والحقوق القومية العربية؛ فهذا "الربيع"، وفي ساحته هذه على وجه الخصوص، لن يتمخَّض إلاَّ عن هذه النتائج والعواقب التي لا يراها إلاَّ هُمْ.

إنَّ أحداً من هؤلاء لا يستطيع، إلاَّ إذا ألغى عقله وعقولنا، أنْ يزعم أنَّ أنظمة الحكم العربية الدكتاتورية، المنتصرة لـ "فلسطين"، والمعادية لإسرائيل، في خطابها الإعلامي والسياسي فحسب، قد زجَّت، أو عَرَفَت كيف تزجُّ، بالشعوب والأمَّة العربية في الصراع القومي ضدَّ إسرائيل، أو أنْ يزعم أنَّ شعباً يَسْتَعْبِده ويضطَّهده حاكمه الدكتاتوري، ويمنع عنه الحقوق الديمقراطية والسياسية، يمكن أنْ يكون حُرَّاً من الوجهة القومية، ومقاتلاً حقيقياً من أجل فلسطين، وفي سائر المعارك القومية؛ فالعبيد لا يقاتلون؛ وخير دليل على ذلك هو كثرة الهزائم القومية التي مُنِيَ بها العرب، وسقوط العواصم بلا حرب أو قتال!

الآن، أصبح لشعوبنا، أو لأُمَّتنا، العربية "مثلٌ ديمقراطيٌ (ثوريٌ) أعلى"، هو "مصر 25 يناير (وتونس)"؛ وإنَّ في "الثورة الشعبية الديمقراطية المصرية" من "قوَّة المثال" ما يجعلها مُلْهِمَة كثيراً، وأكثر من غيرها، لشعوبنا التي لم تتحرَّر بَعْد من حُكَّامٍ لم يدركوا بَعْد أنَّ مصر، بخيرها وشرِّها، هي أُمُّ الدنيا العربية.

"مصر الناصرية" هي التي أسَّست لـ "القومية العربية"، بدءاً من منتصف القرن العشرين، وسحرت ألباب ملايين العرب من المحيط إلى الخليج إذ تعرَّضت وتصدَّت لـ "العدوان الثلاثي"، بعد قرار رئيسها الزعيم القومي العربي جمال عبد الناصر تأميم قناة السويس، وإذ تسلَّحت من الاتحاد السوفياتي (صفقة الأسلحة التشيكية) وبنت السدِّ العالي.

لقد ساد زمناً طويلاً الشعور القومي العربي، أي شعور العرب جميعاً بالانتماء إلى أُمَّة واحدة، حان لها أن تتَّحِد، وتحوِّل ضعفها إلى قوَّة، في الصراع ضدَّ عدوها القومي الأوَّل، إسرائيل، وحلفائه في الغرب.

ومع سيادة هذا الشعور، وما اقترن به من "أوهام قومية"، بدت الشعوب العربية مُضحِّية بحقوقها الديمقراطية، أو غير مكترثة لها، فلا شيء يستأثر باهتمامها إلاَّ "الوحدة القومية العربية (الناصرية)" و"تحرير فلسطين".

وهُزِم هذا الشعور القومي العربي شرَّ هزيمة إذ هُزِم بطل القومية العربية جمال عبد الناصر في حرب حزيران 1967، فشرع ينمو كل انتماء دون الانتماء القومي العربي، ومُسِخَت معاني "العروبة" حتى أصبحنا ننسب إليها كل ما نعده سيئاً من التصرُّف والسلوك والمعنى.

ومع انهيار الاتحاد السوفياتي وأشباهه من نُظُم الحكم في أوروبا الشرقية، أُضيف "إفلاس اليسار الشيوعي" إلى "إفلاس اليسار القومي"، فشرع "الإسلام السياسي" يملأ هذا "الفراغ الأيديولوجي (بوجهيه القومي الناصري والشيوعي)".

ولمع إلى حين نجم "القومية (العربية) الصدَّامية"؛ وحظي صدام حسين بتأييد شعبي عربي واسع مع أنَّ نظام حكمه كان نفياً تاماً للديمقراطية بكل أوجهها.

وغزت الولايات المتحدة (وحلفاؤها) العراق، واحتلته، وأطاحت نظام حكم صدام حسين، وسعت في جعل نظام الحكم الذي أقامته "مثلاً ديمقراطياً أعلى" للشعوب العربية؛ لكنَّ سعيها باء بالفشل؛ وكان ينبغي له أنْ يفشل؛ لأنَّ الشعوب العربية لم تَقِف على شيء إيجابي في "العراق الجديد"، و"تجربته الديمقراطية" التي لم تكن تمت إلى الديمقراطية بصلة.

وفي هذا التِّيه الفكري العربي الذي طال، شرع بعض العرب يبدي إعجاباً بـ "المثال الإيراني"، فإيران تناصب الولايات المتحدة وإسرائيل العداء، وتساند حركة "حماس"، وتمضي قُدُماً في "برنامجها النووي" غير مكترثة للضغوط الغربية؛ وقد تحوَّل بعضٌ من الإعجاب الشعبي العربي العظيم بـ "حزب الله" إلى مزيدٍ من الإعجاب بـ "المثال الإيراني"؛ لكنَّ هذا المثال ظلَّ منطوياً على كثير من العيوب والخلال، فهو مثال ديمقراطي تتشوَّه فيه، وبه، القيم والمبادئ الديمقراطية العالمية؛ كما أنَّ "الثورة الإسلامية الإيرانية" لم تستطع إخفاء (أو إضعاف) تعصبُّها الفارسي ـ الشيعي.

وفي رُبْع الساعة الأخير من هذا التِّيه الفكري العربي، يمَّمت الشعوب العربية، التي كَثُر حُكَّامها، وقلَّ قادتها، شطر "العثمانيين الجُدُد"، فـ "المثال التركي (أو "تركيا أردوغان")" نال إعجابهم الذي تعاظم بفضل موقف أردوغان في دافوس، و"أسطول الحرية" التركي.

وانتهى هذا التِّيه الفكري العربي، وكان يجب أن ينتهي؛ فها هي مصر تعود، بفضل ثورتها الشعبية الديمقراطية العظمى، إلى قيادة الأُمَّة، صانعةً لنفسها، ولسائر العرب، خير مثال ديمقراطي ثوري (يتعدَّى مصر إلى سائر البلاد العربية، ويتعدَّى العرب إلى العالم).

إنَّها "الثورة الشعبية الديمقراطية القومية العربية الكبرى"، تنتصر في "المركز" من العالم العربي، فتسري سريان النار في الهشيم في "الأطراف (والمحيط)" منه.

أمَّا إسرائيل التي احتاجت زمناً طويلاً إلى أنْ تبقي العالم مقتنعاً بأنَّها هي وحدها الدولة الديمقراطية في المنطقة، وبأنَّ العرب لا يَعْرِفون العيش إلاَّ مناخ الدكتاتورية والاستبداد، فتحتاج الآن إلى أنْ يعطي "الربيع العربي" من النتائج النهائية ما يجعلها قادرة على إقناع العالم بأنْ العرب إنْ غادروا مربَّع أنظمة الحكم الدكتاتورية فلن يغادروه إلى مربَّع الديمقراطية، وإنَّما إلى مربَّع الفوضى الشاملة مع الاحتراب الأهلي.

الآن، أي في هذا "الربيع العربي"، ما عاد بالأمر الممكن قبوله شعبياً، أنْ يقي أي حاكم عربي مستبد نفسه من خطر سقوطه بثورة شعبه عليه من خلال تسربله بسربال عدائه لإسرائيل، أو عداء إسرائيل له؛ فليس من عدوٍّ حقيقي لإسرائيل إلاَّ الشعب الذي نزل إلى الشارع طلباً للحرية السياسية؛ والحاكم الذي يعجز عن البقاء حتى الغد إذا ما حُقِن ولو بنزرٍ من مصول "الإصلاح"، ليس (ولن يكون أبداً) بحاكم يُؤخَذ عداؤه لإسرائيل مأخذ الجد.

إنَّ شعباً عربياً يخلع حاكمه الدكتاتوري، ويستعيد السلطة المغتصَبة منه اغتصاباً، ويتمتَّع بحقوقه الديمقراطية كافة، لا يمكن إلاَّ أنْ يكون نصيراً لفلسطين، ومعادياً لإسرائيل، التي استمدَّت من أنظمة الحكم العربية الدكتاتورية قوَّة تَفُوق القوَّة التي استمدَّتها من تحالفها الاستراتيجي مع الولايات المتحدة؛ فالذي يسحق شعبه بالدبابات هو الذي يُمكِّن عدونا القومي مِنَّا، ويجعل له سلطاناً علينا.



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اقرأوا هذا الكِتاب!
- -الموت- و-الحياة-!
- -ديمقراطية- أم -فسادقراطية-؟!
- -اللحظة الضائعة- في ثورة مصر!
- العقل المُثْخَن بجراح -التعصُّب-!
- -الدكتاتور المثالي- في -مرافعته الإعلامية-!
- الجريدة اليومية في عصر جديد!
- حضارة الجوع!
- -رودوس- التي تتحدَّى -الإسلام السياسي-!
- -الإسلاميون- و-الدولة المدنية-
- -نبوءة- مبارك!
- حقيقة الموقف الإسرائيلي من -الربيع العربي-
- وفي الشتاء.. عادت الثورة المصرية إلى ربيعها!
- قراءة في -فنجان بشار-!
- في -الإصلاح- في الأردن.. هكذا يُفَكِّر الملك!
- وللجيوش العربية نصيبها من -الربيع العربي-!
- عرب 1916 وعرب 2011
- بديل بشَّار.. نصفه فولتير ونصفه بيسمارك!
- إيران.. هل أزِفَت ساعة ضربها؟
- كيف تفهم الولايات المتحدة -الربيع العربي-؟


المزيد.....




- الرد الإسرائيلي على إيران: غانتس وغالانت... من هم أعضاء مجلس ...
- بعد الأمطار الغزيرة في الإمارات.. وسيم يوسف يرد على -أهل الح ...
- لحظة الهجوم الإسرائيلي داخل إيران.. فيديو يظهر ما حدث قرب قا ...
- ما حجم الأضرار في قاعدة جوية بإيران استهدفها هجوم إسرائيلي م ...
- باحث إسرائيلي: تل أبيب حاولت شن هجوم كبير على إيران لكنها فش ...
- ستولتنبيرغ: دول الناتو وافقت على تزويد أوكرانيا بالمزيد من أ ...
- أوربان يحذر الاتحاد الأوروبي من لعب بالنار قد يقود أوروبا إل ...
- فضيحة صحية في بريطانيا: استخدام أطفال كـ-فئران تجارب- عبر تع ...
- ماذا نعرف عن منشأة نطنز النووية التي أكد مسؤولون إيرانيون سل ...
- المخابرات الأمريكية: أوكرانيا قد تخسر الحرب بحلول نهاية عام ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد البشيتي - -فلسطين- في -الربيع العربي-!