أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - علي الأسدي - الحرب غير المعلنة ... بين اليورو والدولار الأمريكي ...(1)















المزيد.....

الحرب غير المعلنة ... بين اليورو والدولار الأمريكي ...(1)


علي الأسدي

الحوار المتمدن-العدد: 3580 - 2011 / 12 / 18 - 01:02
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


العملة الأوربية الموحدة ( اليورو ) التي ظهرت قبل عشرة سنوات مضت كرمز لأوربا جديدة وموحدة ، تصبح ضحية للمشاعرالقومية والمصالح الاقتصادية الضيقة لبعض دول الاتحاد الأوربي التي تهدد وجودها في المقام الأول. فبريطانيا ومعها بعض الدول الاسكندنافية ( السويد والدنمارك ) تتشبث بمبررات تبقيها خارج الاتحاد النقدي الأوربي ، وكان الموقف الأخير لرئيس وزراء بريطانيا الحالي تجاه النظام المالي الجديد واحدا من أكثر المواقف القومية تطرفا ، عدا كونه موقفا سياسيا ممالئا للولايات المتحدة ودولارها الآيل للانهيار. تعمل الولايات المتحدة بكل وسائلها السياسية والاقتصادية والاعلامية والاستخباراتية ، بل والعسكرية من اجل أن تبقى للدولارالسيادة الكاملة على الاقتصاد العالمي و بوجه خاص على تجارة النفط العربي الذي تستورده مجانا مقابل ورق لم يكلفها غير تكلفة طباعته. وبينما تنحدر الدول الأوربية الأضعف اقتصاديا شيئا فشيئا نحو حافة الهاوية ، يتصاعد التوتر داخل اعضاء الاتحاد الأوربي الأفضل حظا في النمو الاقتصادي. قبل أسابيع فقط تحدث رئيس الوزراء الايطالي الأسبق رومانو برودي بتشاؤم عن " أنانية " ألمانيا في حين عبر ممثلو فرنسا وألمانيا عن استيائهم من الاسراف والتبذير الذي تمارسه الدول الأقل حظا في الرخاء الاقتصادي بين جيرانهما الأوربيين ، لكن ومع التكاليف الباهظة المتوقعة للدعم المالي لها فان الغرض بالأساس هو حماية اليورو من الانهيار(1). واذا حاولنا اجراء مقارنة بين تبعات الأزمة المالية الحالية التي تثقل كاهل الولايات المتحدة والتي قد يفقد الرئيس أوباما بسببها حظه في ولاية رئاسية ثانية، وبين المشاكل التي تعصف بالاتحاد الأوربي يمكن عندها تناسي الحالة الأمريكية. ومع الوضع الاقتصادي العالمي الذي يزداد سوء وتعقيدا ، فان الجهود المبذولة لتوحيد أوربا تواجه تحديا عصيبا. الأزمة الراهنة التي يمر بها الاتحاد الأوربي هي نتاج التفاؤل المفرط الذي غمر دول أوربا الساعية للاتحاد بصرف النظر عن المصاعب التي رافقت عملية ولادته. فشعور الأوربيين بان العملة الموحدة توحدهم تبدو للبعض ساذجة ، وان فكرة جمع دول متباينة تحت مضلة عملة موحدة لا يشكل في نظر أولئك البعض هدفا يستحق كل هذه التكاليف. لكن عند النظر إلى سجل دول السوق المشتركة قبل صدور ( اليورو ) وبعده نلاحظ أن الاتحاد النقدي قد نجح بالفعل.الدولارالأمريكي لم يكن العملة الموحدة للأمريكيين إلا بعد كفاح طويل خاضه الأمريكيون على جبهات عدة ، عندما كانت الآلاف من العملات المختلفة في التداول، حيث كان لكل بنك من البنوك التي تعد بالآلاف عملته الخاصة به. العمل من أجل عملة واحدة كلف الولايات المتحدة أكثر من نصف مليون أمريكي حياتهم ، واستغرق عشرات السنين قبل أن يتوحدوا تحت عملة موحدة لكافة الولايات الأمريكية. مسيرة الولايات المتحدة الأمريكية للتوحد تحت عملتها الدولار لم تكن يسيرة أبدا ولم تنجح إلا بعد تاريخ طويل من المحاولات الفاشلة ، وقد أفاد الدرس الأمريكي ذاك كثيرا من الدول في دعم عملاتها الوطنية الموحدة ، بما فيهم الاتحاد الأوربي الذي تعززت بناء عليه آمال دوله في اصدار اليورو. لكن فكرة اليورو موضوعا يحمل في طياته مشكلاته البالغة الصعوبة رغم أنها ليست عسيرة الحلول. (2)
لكن يجب الأخذ في الاعتبار أن ايجاد عملة موحدة ضمن حدود وطنية شيئ ، والايمان بفكرة أن عملة مشتركة يمكن أن توحد المجتمعات داخل بلدان أوربا شيئا آخر مختلف. لقد فشلت محاولة أوربية في عام1865 لاصدارعملة دولية موحدة ، ففي تلك السنة وقعت اتفاقية بين عدد من البلدان الأوربية للتعاون من أجل ايجاد عملة نقدية مشتركة ، تلاها مؤتمر في بباريس عام 1867 أطلق عليه " مؤتمر الاتحاد النقدي الدولي ". لقد اتفق المشاركون في ذلك المؤتمر على أن اصدار وحدة نقدية ذهبية من فئة 25 فرنكا فرنسيا مساوية لباون انكليزي ، ولخمسة دولارات أمريكية ، وعشرة فلورينات نمساوية. وقد غادر المشاركون باريس بعد نهاية المؤتمر النقدي العالمي وكلهم أمل بأن مرحلة جديدة من السلام والتعاون والرخاء ممكنة التحقيق. وبناء على المؤتمر تم الاتفاق بين فرنسا وايطاليا وبلجيكا وسويسرا على توحيد كميات الذهب والفضة في عملاتهم المعدنية قياسا على ما يحتويه الفرنك الفرنسي من المعدنين ، وأصبح لعملات البلدان الموقعة على الاتفاقية نفس كمية الذهب والفضة. وبعد فترة قصيرة بعد تلك الاتفاقية التي اطلق عليها حينها " الاتحاد النقدي اللاتيني " انضمت لها كلا من اليونان واسبانيا ورومانيا وصيربيا وبلدانا أوربية أخرى. كان مهندس تلك الاتفاقية الاقتصادي الفرنسي فيليكس دي بلريو (3)، حيث دلل فيها بأنها ستوسع هذا الشكل من الاتحاد وتساعد على توسيع التجارة العالمية ، كما تجعل من السفر بين الدول أكثر يسرا ، والأهم من ذلك كله فانها ستساعد على تخفيف التوترات السياسية بينها. وقد ظهرت بعد المؤتمرعلامات مشجعة من جانب الولايات المتحدة ، حيث أيد الاتفاقية جون شيرمان عضو اللجنة التشريعية في الكونغرس الأمريكي حينها. لكن الأمريكيين الذين لم يكنوا ودا للبريطانيين حينها طالبوا بأن تكون كمية الذهب بالباوند الانكليزي مساوية لما هي في الفرنك الفرنسي ، لكن بريطانيا رفضت المقترح ، مما دفع الأمريكان إلى رفض الدخول في الاتحاد النقدي. أما الحكومات الألمانية التي كان بسمارك في طريقه لتوحيدها في دولة واحدة فقد رفضت الاتفاقية التي كانت فرنسا محورها. الخطة الأصلية للاتحاد النقدي اللاتيني بقيت تتارجح لعدة عقود من السنين ، وفي النهاية تلاشى الحلم الذي كان يطمح لتأسيس العملة الموحدة لكل أوربا.
الموقف البريطاني ذاك يتكررالآن ، فقد رفضت بريطانيا عملة اتحاد النقد اللاتيني في عام 1867 ، وقد كررت رفضها في عام1999 ، حين رفضت التخلي عن عملتها الوطنية " الباوند " وتبني " اليورو " بدلا عنه ، وها هي بعد 144 عاما تعرقل جهود الاتحاد الأوربي لانقاذ اليورو من الانهيار بمحاولة بناء مؤسساته المالية والنقدية استكمالا لكيان أوربي منسجم ومزدهر. وقد اقترحت دول منطقة اليورو السبعة عشرة اجراء تعديلات على اتفاقية لشبونة التي ينضوي تحت بنودها 27 دولة أوربية ، وقد كان متوقعا أن يوافق اجتماع القمة لدول الاتحاد على التعديلات المقترحة ، لكن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون استخدم حق النقض لوقف التعديلات المقترحة ، وبذلك يتعذر على دول منطقة اليورو تنفيذ المقترحات الخاصة لاقامة الاتحاد المالي المناسب والضروري لدعم اليورو ولتجاوز الأزمة المالية الحالية وتحاشيها مستقبلا. وقد أحدث الموقف البريطاني خيبة أمل كبيرة داخل منطقة اليورو ، وخاصة على فرنسا وألمانيا ، لكن اليمين الأوربي عامة ، وفي داخل حزب المحافظين الحاكم خاصة رحب بقرار كاميرون واستقبل قراره بحماس كبير في جلسة مجلس النواب التي تلت قرار بريطانيا في مؤتمر الاتحاد الأوربي ، ورحبت بالفيتو كذلك كلا من حكومتي السويد والدنيمارك غير العضوتين في اليور.

لقد ناقش ممثلو منطقة العملة الموحدة الموقف الذي عليهم اتخاذه للسير قدما في التعديلات بصرف النظر عن الموقف البريطاني ، وتحاشيا لمواقف مشابهة فقد اتخذوا أخيرا قرارا مهما يخص نظام اتخاذ القرارات. فقد ألغي مبدأ الاجماع الذي كان مأخوذا به لحد الآن ، ليحل محله مبدأ الأخذ بأكثرية الأصوات. وقد عبرت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في نهاية اجتماع دول منطقة اليورو عن أسفها ، لأن بريطانيا غير قادرة على الانضمام اليها في رحلتها لاقامة النظام الماليStability Mechanism ESM) European المقرر أن يبدأ العمل به في 2012 - 2013. وبينت " أن بريطانيا لم تكن أبدا من ضمن منطقة اليورو ، لقد عارضته ووقفت ضده منذ البداية ، ولذا فنحن معتادون على ذلك. لا يمكننا المساومة على مصير اليورو ، ولذلك يجب أن نتخذ خطوات صعبة باتجاه هذا الهدف ، لكن هذا لن يوقف أوربا جميعها عن السير قدما نحو هذا الموضوع ." وفي اشارة إلى بريطانيا دون ذكر اسمها قالت: " أنا مقتنعة بأنه اذا كان لنا الصبرالكافي والتصميم ، واذا لم ندع للقوى التي تحاول اعادتنا إلى الوراء واليأس ، واذا قررنا السير قدما في سبيل الاتحاد والاستقرار المالي ، واذا أتممنا الاتحاد النقدي والاقتصادي وهو ما اتخذناه كهدف منذ بداية الأزمة فاننا سننجح لا محالة." (4)
الموقف البريطاني جاء نتيجة الضغوط التي تقودها الشركات المالية الكبرى في لندن ، لخشيتهم من تعاظم دورالاتحاد المالي الجديد المقترح على حساب المركز المالي العالمي الذي تشكل العاصمة البريطانية لندن قلبه ، ولتحاشي الضريبة التي اقترحتها مجموعة دول اليورو على الخدمات المالية التي ستحرم بريطانيا فيما لو طبقت ما نسبته 30% ناتجها القومي الاجمالي ، والتي كانت ستكون سارية المفعول حالما يبدأ تنفيذ النظام المالي المقترح. وفي مقال لصحيفة الديلي تلغراف البريطانية ، ليوم 15 /12/ 2011 كتب جيريمي ورنر(5) " اذا قدر لليورو أن يحترق في العام القادم ، فسيكون السوق المالي في لندن هو المسئول عن ذلك بالتأكيد ".
علي ألأسدي /يتبع



#علي_الأسدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ملاحظات حول مقال : - ليست الأخطاء هي التي أفشلت الاشتراكية
- كم من الحقيقة يشكله التهديد الايراني ... على الولايات المتحد ...
- كم من الحقيقة يشكله التهديد الايراني ... على أمريكا ... (1) ...
- ما الأخطاء التي أفشلت اشتراكية شرقي أوربا ... ؟ ..... (2)
- ما الأخطاء التي افشلت اشتراكية شرقي أوربا ... ؟.....(1)
- هل حققت ثورات الربيع العربي أهدافها ....؟؟
- تقييم المغامرة الامبريالية الأمريكية ... في العراق ...؛؛
- هل العالم أفضل حالا ... بعد انهيار الاشتراكية ....؟؟ ....( ا ...
- حول الدولة المدنية وحقوق الأقليات في البلدان النامية
- هل العالم أفضل حالا.. بعد انهيار الاشتراكية...؟.....(1) ....
- حول - انهيار الاتحاد السوفييتي - ... ..(.الأخير).
- حول انهيار الاتحاد السوفييتي ...(1)
- خيانة الاشتراكية ... وراء انهيار الاتحاد السوفييتي..1917 - 1 ...
- هل تتحول ليبيا إلى ... عراق فاشل آخر...؟؟
- نظام القذافي ... من الداخل ... بعيون عراقية ...(الأخير) ..
- نظام القذافي ... نظرة من الداخل ... بعيون عراقية ... (2 )... ...
- نظام القذافي .. نظرة من الداخل .. بعيون عراقية....( 1) ..؛؛
- هل نحن أمام موجة جديدة من حروب الأفيون في العالم العربي. ..؟ ...
- ليحفظ الله أمريكا .... فهل يفعل ... ؟؟
- الاشتراكية واليسار .... ونظرية نهاية الرأسمالية ... (العاشر ...


المزيد.....




- هل كان بحوزة الرجل الذي دخل إلى قنصلية إيران في فرنسا متفجرا ...
- إسرائيل تعلن دخول 276 شاحنة مساعدات إلى غزة الجمعة
- شاهد اللحظات الأولى بعد دخول رجل يحمل قنبلة الى قنصلية إيران ...
- قراصنة -أنونيموس- يعلنون اختراقهم قاعدة بيانات للجيش الإسرائ ...
- كيف أدّت حادثة طعن أسقف في كنيسة أشورية في سيدني إلى تصاعد ا ...
- هل يزعم الغرب أن الصين تنتج فائضا عن حاجتها بينما يشكو عماله ...
- الأزمة الإيرانية لا يجب أن تنسينا كارثة غزة – الغارديان
- مقتل 8 أشخاص وإصابة آخرين إثر هجوم صاروخي على منطقة دنيبرو ب ...
- مشاهد رائعة لثوران بركان في إيسلندا على خلفية ظاهرة الشفق ال ...
- روسيا تتوعد بالرد في حال مصادرة الغرب لأصولها المجمدة


المزيد.....

- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب
- اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد ... / علاء هادي الحطاب
- الاستراتيجيه الاسرائيله تجاه الامن الإقليمي (دراسة نظرية تحل ... / بشير النجاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - علي الأسدي - الحرب غير المعلنة ... بين اليورو والدولار الأمريكي ...(1)