أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - خالد منصور - الانتخابات ..نشر القيم أم شراء الذمم















المزيد.....

الانتخابات ..نشر القيم أم شراء الذمم


خالد منصور
عضو المكتب السياسي لحزب الشعب الفلسطيني


الحوار المتمدن-العدد: 1060 - 2004 / 12 / 27 - 11:48
المحور: القضية الفلسطينية
    


كانت كلما أرادت أن تنطق باسم ذلك المرشح الذي تجهد نفسها بدعوة الناس للتصويت إليه ، تتلعثم وتخطئ اللفظ مرات ومرات لتعاود التذكر من جديد – وكل ما تعرفه عن برنامجه ( ويبدو انه تم تحفيظها إياه بعد تعب كبير ) هو أن ذلك المرشح سيحسن من أوضاع الناس الاقتصادية ، وتقول عنه بأنه ليس مع السلطة وضد الحرامية الفاسدين ، وتصفه بأنه وطني مخلص ولن ينسى حقوق اللاجئين .
فأشفقت عليها وهي السيدة التي اعرفها منذ زمن كامرأة عادية فقيرة بسيطة وغير متعلمة حيث لم تصل دراستها لاكثر من المرحلة الابتدائية ، في الخمسين من عمرها وأم لسبعة أبناء وزوجها مريض وغير قادر على العمل .. أشفقت عليها كيف جارت عليها الأيام واضطرتها الظروف للعمل كداعية سياسية وهي شبه أمية ، وبعد أن كانت فيما مضى عاملة غير مؤهلة تعمل أحيانا في مصنع واحيانا أخرى في مزرعة .. واعتقد أنها لم تحلم أبدا بمثل هذا العمل وهي التي لم يكن لها فيما مضى أي اهتمام أو انشغال بأمور السياسة والسياسيين .. سألتها معتمدا على معرفتي السابقة بها واطمئنانها لي ، إن كانت تنتمي حقا لتنظيم ذلك المرشح الذي تدعو الناس للتصويت له أو إن كانت تؤمن بصدق الأفكار التي تنشرها ، فأجابت أنها لم تنتمي في أي يوم لأي تنظيم سياسي ، ولا تعرف حتى معنى العمل التنظيمي .. فقلت لها وهل تعرفين ذلك المرشح شخصيا ، فقالت بأنها فقط تسمع من بعض الناس عنه ، وأنها رأته فقط مرة أو مرتين على شاشة التلفزيون .. فسألتها وما الذي دفعك لمثل هذا العمل ، ولماذا تفعلين ذلك ..؟؟ فقالت إن بعض الشباب زاروني في البيت ، وتحدثوا معي مطولا .. عن أن لدي صفات شخصية وقدرات ذاتية ملائمة للعمل الذي اختاروني للعمل به .. وقالوا لي بأنني سيدة ذات شخصية قوية ، وأنني معروفة لدى عدد كبير من النساء ، ولدي القدرة على التحرك بحرية وبدون أي قيود عائلية ، ثم عرضوا علي مبلغ 1000 شيكل للعمل لمدة شهر ، في الدعاية لمرشحهم بين صفوف النساء في بلدتي ، على أن يعطوني المبلغ بعد نهاية التصويت .. ثم سلموني بعض الأوراق التي تحوي السيرة الذاتية لذلك المرشح وصوره وبرنامجه الانتخابي ، وطلبوا مني بعد أن وافقت ، أن أقرا تلك الأوراق بتمعن ، وان احضر اجتماع خصصوه للدعاة من أمثالي ، بوجود بعض مسئولي التنظيم الذي ينتمي إليه ذلك المرشح .. سألتها كيف تقبل مثل هذا العمل المضني الغريب عن حياتها ، فأجابت إن حاجة الفقراء للمال تدفعهم للقبول بهذا العمل وغيره = وأنها على الرغم من أنها تجهل كل شيء عن ذلك المرشح ، وليس لديها ما يكفي من المعلومات عن تنظيمه وبالرغم من عدم وجود قناعة بأفكاره ومبادئه = أنها قبلت العمل ما دام ذلك العمل ليس عيبا أو حراما .. وان أي شخص في مثل وضعها الاقتصادي المزري لن يكون بمقدوره رفض الحصول على مبلغ 1000 شيكل مقابل عمل لمدة شهر واحد .
تركتها وأنا ارثي لحالها والعن الزمان الذي يجبر الفقراء على الرضوخ لاملاءات أصحاب الضمائر الغائبة الذين يملكون المال ويسخرون المحتاجين لخدمة أهداف لا يفقهون منها شيء .. وتذكرت حينها ذلك الشاب الذي قال لي ان اتباع أحد المرشحين عرضوا عليه ، وعلى عدد كبير من الشباب الآخرين مبلغ 200 شيكل ، كي يقفوا يوم الاقتراع كمراقبين ومندوبين عن أحد المرشحين على صناديق الاقتراع .. تذكرت كيف تحدث ذلك الشاب بتهكم واستهزاء عن المرشح الذي سيكون هو ممثلا عنه ، واصفا عمله بأنه لا يتعدى كونه مصلحة مادية فقط .. وكيف قال بثقة عالية بأنه من حقه ومن حق الجميع استغلال موسم نثر الأموال وتوزيع الهبات والمكارم .. وان الأذكياء ( الشطار ) هم فقط من يستطيعون استغلال حاجة المرشحين لهم في هذه الأيام احسن استغلال .. فالفرص كما قال لا تتكرر … سألته كيف تقبل العمل لصالح ذلك المرشح وأنت كنت حتى بضعة أيام تنتمي لتنظيم آخر ، فاجاب = يا حبيبي الدنيا مصالح وما دام هذا المرشح يدفع لنا فلا يوجد ما يمنعنا من العمل معه ، والمسالة كلها دجل بدجل وضحك على اللحى = .
انه لامر عجيب أن تكون كل برامج المرشحين مليئة بالشعارات الطنانة الرنانة ، التي تسهب في الحديث عن ضرورة القيام بعملية إصلاح داخلية جذرية ، وعن أهمية تصويب الأداء المالي والإداري ، وعن مكافحة الفساد المستشري في مؤسساتنا الوطنية ( الحكومية وغير الحكومية ) ،.. والمدهش أن كل البرامج تستفيض في الحديث عن قيم الفضيلة والاستقامة والنزاهة والشفافية ، والحريات الشخصية والعامة وعن التضحية والفداء والعطاء … وفي نفس الوقت وعلى ارض الواقع ، نرى أن الانتخابات التي عملنا كل ما نستطيع من اجل إجرائها ، تتحول على أيدي بعض المرشحين إلى أداة لترسيخ قيم أخرى رديئة وسلبية ، ويتدخل المال ليمارس سطوته بابشع الصور ، حيث يتم استغلال حاجة الفقراء والعاطلين عن العمل - المسلوبي الإرادة بفعل العوز - ليتم استعبادهم وتحويلهم إلى أناس مأجورين ، مكرهين على القيام بأعمال الدعاية لمرشحين مقابل القليل القليل من المال ، ويتم تضليل العاملين بوعود بزيادة الرواتب أو بإشاعة أجواء الخوف والقلق بينهم تجاه أمنهم الوظيفي ومستقبل أعمالهم .. وترتفع وتيرة الإنفاق المالي الضخم على أغراض الدعاية في ظل الوضع الاقتصادي الحرج الذي تعيشه الجماهير .. إن كل هذه الأعمال تسهم في الإساءة لجوهر عملية الانتخابات ، باعتبارها الأداة الديمقراطية للتغيير ، وتقتل كل القيم النبيلة السامية ، وتتعزز عقلية السوق التي تعتبر كل شئ سلعة قابلة للشراء ، وتقتل روح التضحية والعطاء ، ويتم المساس بكرامة الإنسان الفلسطيني وشموخه واعتزازه بذاته ليصبح ضعيفا أمام أصحاب رؤوس المال وتجار المبادئ والوطنية.. إن هذه الأساليب الرخيصة أسهمت وستسهم في إفساد الضمائر الحية وستنزع الثقة كثيرا من مبادئ حقوق الإنسان ، مثل الحق بالتعبير والحق بالتنظيم والحق بالاختيار الحر ، وستعمل على تلويث الأفكار وحتى البشر .. وفي النهاية يمكن القول انه من المؤكد إن الانتخابات إذا لم يتم المسارعة لتصويب مسارها ، وممارسة رقابة حازمة عليها - وخصوصا على مصادر تمويلها -… ستنقلب من أداة للتغيير إلى أداة للإفساد .

خالد منصور
عضو المكتب السياسي لحزب الشعب الفلسطيني
مخيم الفارعة – نابلس – فلسطين
21/12/2004



#خالد_منصور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من ادب الانتفاضة الفلسطينية - هتافات المسيرات والتظاهرات - س ...
- من ادب الانتفاضة الفلسطينية - هتافات المسيرات والتظاهرات - خ ...
- من ينصف المزارع الفلسطيني ..؟1
- من ادب الانتفاضة الفلسطينية - هتافات المسيرات والتظاهرات - ر ...
- من ادب الانتفاضة الفلسطينية - هتافات المسيرات والتظاهرات - ث ...
- استفتاء على الحاجز
- من ادب الانتفاضة الفلسطينية - هتافات المسيرات والتظاهرات - ث ...
- من ادب الانتفاضة الفلسطينية - هتافات المسيرات والتظاهرات - ح ...
- من ادب الانتفاضة الفلسطينية - هتافات المسيرات والتظاهرات - ع ...
- اخبار - الاغاثة الزراعية الفلسطينية تدعو جماهير اصدقائها ومت ...
- تصريح سياسي - حزب الشعب الفلسطيني
- من ادب الانتفاضة الفلسطينية - هتافات المسيرات والتظاهرات - ت ...
- ثقة الشعب اولا
- من ادب الانتفاضة الفلسطينية - هتافات المسيرات والتظاهرات - ث ...
- من ادب الانتفاضة الفلسطينية - هتافات المسيرات والتظاهرات - س ...
- من ادب الانتفاضة الفلسطينية - هتافات المسيرات والتظاهرات - س ...
- من ادب الانتفاضة الفلسطينية - هتافات المسيرات والتظاهرات - ر ...
- من ادب الانتفاضة الفلسطينية - هتافات المسيرات والتظاهرات - خ ...
- من ادب الانتفاضة الفلسطينية - هتافات المسيرات والتظاهرات - ث ...
- الرئيس الذي نريد


المزيد.....




- مؤلف -آيات شيطانية- سلمان رشدي يكشف لـCNN عن منام رآه قبل مه ...
- -أهل واحة الضباب-..ما حكاية سكان هذه المحمية المنعزلة بمصر؟ ...
- يخت فائق غائص..شركة تطمح لبناء مخبأ الأحلام لأصحاب المليارات ...
- سيناريو المستقبل: 61 مليار دولار لدفن الجيش الأوكراني
- سيف المنشطات مسلط على عنق الصين
- أوكرانيا تخسر جيلا كاملا بلا رجعة
- البابا: السلام عبر التفاوض أفضل من حرب بلا نهاية
- قيادي في -حماس- يعرب عن استعداد الحركة للتخلي عن السلاح بشرو ...
- ترامب يتقدم على بايدن في الولايات الحاسمة
- رجل صيني مشلول يتمكن من كتابة الحروف الهيروغليفية باستخدام غ ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - خالد منصور - الانتخابات ..نشر القيم أم شراء الذمم