أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بشير ناظر حميد - مظاهر الاستبعاد الاجتماعي















المزيد.....

مظاهر الاستبعاد الاجتماعي


بشير ناظر حميد

الحوار المتمدن-العدد: 3579 - 2011 / 12 / 17 - 10:29
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


عانت المجتمعات العربية ولعقود طويلة من كل إشكال ومظاهر الاستبعاد الاجتماعي، واليوم هناك الكثير من هذه المجتمعات لا زالت تعاني، ولكن شكل هذا الاستبعاد قد يختلف هنا، ويتشابه هناك، فالاستبعاد من المشاركة السياسية، والحرمان من الموارد الاقتصادية، وعدم العدالة واللا مساواة في توزيع فرص العيش على جميع أبناء المجتمع، تعد مؤشرات لوجود الاستبعاد الاجتماعي، هذا علاوة على الفقر والحرمان المادي الذي يعده الكثير احد مظاهر الاستبعاد الاجتماعي، كما في المجتمع البريطاني، وهنا اعتقد إن الفقر يختلف عن الاستبعاد الاجتماعي وأن تشابه معه في بعض الوجوه، فالاستبعاد قد يحصل لفئات كثيرة من المجتمع وهي تعتبر من ذوات الدخول المرتفعة. وارى إن الاستبعاد والحرمان الاقتصادي المتراكم، قد يكون هو أحد أهم أسباب ثورات الربيع العربي. كمواطنين شرق أوسطيين، وأفراد نعيش في مجتمعات عربية، الغالبية منا يعيش في غربه عن مجتمعه، وعزلة شبه تامة، وتأتي إصدارات مختلفة من كتب وبحوث، وحتى مقالات لموضوع الاستبعاد الاجتماعي من دول أوربية مختلفة، كبريطانيا مثلاً، فأنها تجعلنا نعيد الحسابات في بحوثنا وفي كتاباتنا السوسيولوجية، لأن أكثر شعوب الأرض تعاني من الاستبعاد الاجتماعي هي الشعوب العربية، وتختلف هذه المظاهر من دولة لأخرى، وتتشابه في أحيان كثيرة، ولكن في المجتمع العراقي مظاهر الاستبعاد من إقصاء وإزاحة واجتثاث وتهجير تنوعت واختلفت وتميزت من حيث الممارسة والتطبيق والتمييز بين إفراد المجتمع، وغالباً ما يتم هذا الاستبعاد على أسس طائفية، حزبية، ومناطقية. وحتى مظاهر الاحتواء الاجتماعي قبل الاحتلال، فإن آلياته وطريقة تطبيقه وممارسته تعد في حد ذاتها استبعاد اجتماعي وغالباً ما يكون بشكل قهري، فالثقافة الموحدة التي كان يطبقها النظام الحاكم وقمع كل الثقافات التي لا تتماشى مع ما يؤمن به من مبادئ، واستبداد النظام وقوته ضد إفراد المجتمع وسياسة الفقر والتجويع وعسكرة المجتمع وجعل الإفراد مشغولين حتى في أوقات فراغهم، لا يمكن أن تقل هذه المظاهر خطورة عن مظاهر الاستبعاد الاجتماعي بعد الاحتلال، مع وجود بعض الاختلاف من حيث النوع والكم وتطور وسائل وطرق الاستبعاد والتي أخطرها هو استبعاد الوجود.
أما اليوم فان نظرية الاحتواء الاجتماعي لا يمكن تطبيقها على المجتمع العراقي(على الأقل في الوقت الحاضر)، فمظاهر الاستبعاد تعددت وتنوعت ومست كافة فئات المجتمع، فالفرد داخل الجماعة يعاني، والجماعة داخل المجتمع تعيش في عزلة تامة، والمجتمع أصبح عبارة عن طوائف وأعراق وإثنيات متنافرة ومتقاتلة من أجل الحصول على المزيد من المكاسب وتحقيق مصالحها الضيقة وعلى حساب الأخر العراقي. لقد عاني المجتمع العراقي بعد الاحتلال الأمريكي – البريطاني، من كل مظاهر الاستبعاد الاجتماعي وبنسب تصاعدية اعتباراً من تاريخ الاحتلال الأمريكي 9 نيسان/أبريل2003، حتى عام 2006 بعد تفجير مسجد الإمامين العسكريين -عليهما السلام- في سامراء، وما تبعها من موجة من التهجير والقتل وحرق للمساجد، والتي دائماً ما تتم هذه العمليات في المجال العام وإمام مرأى الجميع، وكل هذا هدفه هو استبعاد الأخر العراقي، وإضعاف روح المواطنة والانتماء والولاء للوطن، مقابل تقوية ودعم الانتماء والولاء للطائفة أو للحزب. فظلاً عن استبعاد وجود الإنسان، والذي يتم غالباً من خلال الاسم أو اللقب العشائري، أو من خلال منطقة السكن، وحتى من خلال اللهجة وطريقة الكلام، وهذه هي أقسى واخطر مراحل الاستبعاد الاجتماعي التي تميز بها المجتمع العراقي عن بقية المجتمعات العربية. فهو من الظواهر المجتمعية – إي الاستبعاد الاجتماعي - التي لازمت الحياة السياسية في المجتمع العراقي خلال سنوات الاحتلال، والتي يستخدم فيها القتل والعنف بأوجه متعددة، وذلك لحسم الخلافات والنزاعات والاستقواء وكسب مواقع سياسية جديدة، وأصبحت مفاهيم مثل المحاصصة الطائفية(المشاركة على أساس الانتماء الطائفي)، والقتل الطائفي(استبعاد الوجود)، والتهجير(الاستبعاد المكاني)، من الظواهر المعتاد سماعها في خطاب الحياة اليومية في المجتمع العراقي. وقد استمرت هذه المظاهر وخصوصا في العاصمة بغداد ووصلت إلى قمة تستحق الذكر، حينما عانت أعداد كبيرة من أفراد المجتمع من تضاعف أعمال القتل الطائفي والتهجير ألقسري، ففي عام 2006، وصلت عمليات القتل الطائفي بين المسلمين السُنة والشيعة إلى أقصاها، مما أجبر الآلاف من العوائل على الهرب من التطهير الطائفي والإثني الذي غالباً ما كان يتم لخلق أحياء متجانسة، سُنية أو شيعية، وفي هذه الفترة أيضا شهد المجتمع العراقي اضطرار الكثير من العوائل في أرجاء البلاد للسفر إلى خارج العراق، أو إلى المناطق الشمالية بحثاً عن ملاذ أمن. ويعد التعصب الطائفي المقيت هو احد آليات الاستبعاد الاجتماعي، وهو الوجه الأخر للعنف، فهما وجهان لحقيقة واحدة، الوجه الثقافي والفكري هو التعصب واستبعاد فكر وثقافة الأخر، والوجه الاجتماعي السلوكي هو القتل والإزاحة والاجتثاث من الوجود، أو ممارسة العنف واللجوء إلى القوة الغاشمة في العلاقات الإنسانية، وهكذا نجد أن الوجه الاجتماعي السلوكي يغذي الوجه الثقافي والفكري، كما أن الأخير يوفر الأرضية المناسبة على مختلف الأصعدة لسيادة الاستبعاد في الحياة الاجتماعية.
لقد بادت الشعارات الرنانة السائدة قبل الاحتلال والتي دفع أهل العراق ثمنها غالياً، ولم يعد الكثير من العراقيين يتذكرون من أيامها إلا الأمن المفقود هذه الأيام، وسادت مفاهيم المحاصصة، الطائفية، الاستبعاد، الإقصاء، التهميش، الإزاحة، والاجتثاث، وأسس لها هيئة تستبعد من تشاء وتحتوي من تشاء وبإرادات وتوافقات سياسية بعيده كل البعد عن الإنسانية. واستدراكاً لها تم تنظيم الكثير من مؤتمرات المصالحة الوطنية، والتي لم تقدم إي شيء يستحق الذكر. بعيداً عن السياسة وقريباً من الوطن وأبناءه المحرومين، لا بد من تأسيس مركز للاحتواء الاجتماعي، أو مركز تحليل الاستبعاد الاجتماعي، أفضل من استبعاد الأساتذة والكفاءات وبطرق اختلف عليها ساسة اليوم وأصبحت مثار جدل وخلاف بين بعض المناطق والمركز، وهنا كمتابع أرى لا ضير من السير على هدي بعض الدول والاقتداء بتجاربها الناجحة ودراستها كذلك، فقد دخل مفهوم الاستبعاد الاجتماعي بصورة مباشرة في العملية السياسية للحكومة البريطانية، بعد إن قامت حكومة حزب العمال برئاسة توني بلير سنة 1997 بإنشاء " وحدة الاستبعاد الاجتماعي" للتنسيق بين الوزارات المعنية. هنا قد يسأل سائل: ما جدوى دراسة تجارب الآخرين، وقد يقول قائل: وما حاجتنا إلى إن نشغل أنفسنا بقضايا ومشكلات التطور الاجتماعي عند أقوام آخرين؟ سأقول كما قال أستاذي الدكتور محمد الجوهري: يكفي ما نحن فيه، وعلينا إن نتأمله وندرسه، ونبحث لأنفسنا عن طريق جديد. وأقول لهؤلاء، نحن في بلاد العالم النامي، وفي القلب منه عالمنا العربي، نحيا اليوم في خضم عمليات تطور وتنمية اجتماعية وثورة الكترونية، ونحن سائرون مع السائرين – شئنا أم أبينا – في ظلال تيارات العولمة، ولن يغضب منا احد، من الكبار إن تركنا الركب واتخذنا سبيل النكوص، أو ضربنا عرض الحائط بتجارب من سبقونا ومن حولنا. ولكن كل ذي عينين يستطيع إن يرى بوضوح إن الحضارة الإنسانية المعاصرة حضارة كونية، والباب مفتوح إمام الجميع ليسهم فيها، ومفتوح بالقدر نفسه إمام كل طرف ليفيد منها، وأؤكد انه مفتوح أيضا لمن يريد إن ينشق عنها، ويلقيها وراء ظهره ويتجاهلها.
الركود ممكن، والتخلف كذلك مباح، ولكن الجهاد من اجل مستقبل أفضل لمجتمعنا، يفيد من تجارب البشر الآخرين هو ميدان التضحية الحقيقية. وبهذا نستطيع إن نختصر الزمن والمسافات كذلك، ويحيا الإنسان بإنسانيته لا بانتمائه الطائفي والحزبي والمناطقى.



#بشير_ناظر_حميد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- -الطلاب على استعداد لوضع حياتهم المهنية على المحكّ من أجل ف ...
- امتداد الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين إلى جامعات أمريكية جدي ...
- توجيه الاتهام إلى خمسة مراهقين في أستراليا إثر عمليات لمكافح ...
- علييف: لن نزود كييف بالسلاح رغم مناشداتها
- بعد 48 ساعة من الحر الشديد.. الأرصاد المصرية تكشف تطورات مهم ...
- مشكلة فنية تؤدي إلى إغلاق المجال الجوي لجنوب النرويج وتأخير ...
- رئيس الأركان البريطاني: الضربات الروسية للأهداف البعيدة في أ ...
- تركيا.. أحكام بالسجن المطوّل على المدانين بالتسبب بحادث قطار ...
- عواصف رملية تضرب عدة مناطق في روسيا (فيديو)
- لوكاشينكو يحذر أوكرانيا من زوالها كدولة إن لم تقدم على التفا ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بشير ناظر حميد - مظاهر الاستبعاد الاجتماعي