أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - احمد القاضي - زنار مريم........نقد النقد المأزوم















المزيد.....


زنار مريم........نقد النقد المأزوم


احمد القاضي

الحوار المتمدن-العدد: 3578 - 2011 / 12 / 16 - 05:50
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


(( يقتضي الأمر القضاء على الدين كسعادة وهمية للناس في سبيل سعادتهم الحقيقية ))
كارل ماركس
ما الذي يجمع بين مشهد آلآف الروس المتدفقين نحو كاتدرائية المسيح المخلص بموسكو للتبرك بحزام مريم العذراء وبين مشهد الذين يتبركون بضريح الحسين في العرآق؟... يتساءل كاتب مقال (زنار مريم والبنية) كيف حدث ذلك بعد ثمانين عامآ من الاشتراكية والعلمانية والالحاد في روسيا ثم يقارن ذلك بمشهد من يتبركون بضريح الحسين والحجر الاسود ويقول متسائلآ مرة اخرى ما الفرق؟ ثم يحاول ان يربط الحدثين بما آل اليه ما يسمى بالربيع العربي لينتهي الى خلاصة مفادها أنه لا طائل مما يكتب بموقع (الحوار المتمدن) في نقد الدين او ما اسماه بــ (الترهات) في مقالات سابقة تأخذ نفس المنحى الهجومي لان سبب تردي المجتمعات الاسلامية في الغيبيات وتسلط الدين في حياة الناس وهيمنة الاسلاميين على المشهد السياسي في نظره هو غياب البنية والتنمية وتفشي البطالة والفساد والافتقار الى نظام علماني،او كما يقول:(( عندما نقول بان الإصلاح السياسي كفيل بكافة الإصلاحات لا نبتعد عن الصواب)) أ.هــ... ولكنه يقع في تناقض جسيم:عندما يعلل الظواهر الدينية في الدول المتقدمة كمشهد حزام مريم في روسيا بقوله إن الدين لا علاقة له بتطور البنية والتقدم الاقتصادي {راجع المقالات التالية:( مقال حول مقالات نقد الدين الاسلامي) و( هل لابد من ثورة على المساجد) و( من مرجوحة عائشة إلى هودج صفية)}.......يدفعنا ما قاله إلى أن نقف عند سؤال حول أطروحة ماركسية ما أنفكت تشغل المفكرين والمثقفين في كل مكان وهي: هل العلاقة بين البنية التحتية (المحددة بوسائل الانتاج وعلاقات الانتاج وظروف الانتاج) وبين البنية الفوقية (الثقافة والدين والفن...الخ) هي علاقة اتوماتيكية؟...بمعنى أن تغيّر البنية التحتية يؤدي بالحتمية الى تغيّر اتوماتيكي في البنية الفوقية... دعونا نستأنس برأي المفكر المعروف ماكس فيبر لعله يعطينا تفسيرآ للظواهر الدينية في البلدان الصناعية المتقدمة ومنها مشهد الروس الذين تدفقوا للتبرك بحزام مريم العذراء بعد ثمانين عامآ من تغيّر البنية التحتية إذ تحولت روسيا الى دولة صناعية كبرى وتم فيها القضاء على الطبقة الراسمالية المستغلة.

قبل مائة عام تقريبآ قال ماكس فيبر أنه يود ان يحاور شبح كارل ماركس حول سبب استمرار تأثير الافكار الدينية في ظل النظام الراسمالي الحديث ويقول ان ماركس كان مغاليآ في إعطاء العامل الاقتصادي كبنية تحتية دورآ حاسمآ في تحديد طبيعة البنية الفوقية من ثقافة ودين، ويذهب الى أن العلاقة بين هذه العناصر جميعها، أيّ بين الاقتصاد والدين والثقافة والفن ..الخ علاقة متشابكة وتأثيرها متبادل ولا يسير في إتجاه واحد... ويضيف ان للثقافة والدين استقلالية نسبية ...ويرفض فيبر وجود نسق هارموني بين الدين والمصالح الاقتصادية وإن كان من الممكن ان يحدث بينهما تجاذب من نوع ما... ويستعين بأمثلة عديدة منها كما يقول الانجذاب الذي حدث بين قساوسة الكالفينية وبين مصالح عناصر معينة من البرجوازيين أو طبقة البرجوازية الصغيرة في انجلترا واسكتلندا وهولندا.....وخلاصة رأي ماكس فيبر هي أن التحولات التي تطرأ على الثقافة والدين تتم ببطء واستقلالية نسبية عن التحولات في البنية الاقتصادية،.ولا يحدث أيّ تحول اتوماتيكي في الدين والثقافة بتغيّر البنية التحتية.

ولعل هذا يفسر لنا لماذا تدافع الآلآف في دولة متقدمة كروسيا وبعد ثمانين عامأ من تبنيها لالحاد للتبرك بحزام مريم العذراء... لقد تغيّرت البنية التحتية في روسيا في فترة وجيزة جدآ بينما ظلت الثقافة والحالة الدينية على ما كانت عليها لم تؤثر فيها إغلآق الدولة للكنائس وتحويلها الى متاحف ومخازن ...ومنع طبع أو توزيع او تداول الكتاب المقدس...ومما يثير الانتباه أن نتيجة الإستطلاع الذي أجرته (ليفادا سنتر) الروسية في عام 2005 تقول أن نسبة (غير المؤمنين) بالاديان Nonbelviers في روسيا التي كانت فيها (مادة الالحاد) مادة إجبارية في المدارس والجامعات تبلغ 30% فقط ....بينما تسجل الدول الاسكندنافية وعلى رأسها السويد أعلى نسبة في العالم تصل الى 80% وفق إستطلاع للـ (إسبيشل يوروبارومتر) في نفس العام...ولا تتعدى هذه النسبة في الولايات المتحدة الامريكية أكثر من 14% وهي أدنى نسبة في البلدان الغربية......وعمومآ فقد تراجع الدين كثيرآ في اوربا حسب القس (ريك وورن) بكنيسة (ساديلباك) بامريكا الذي أجرت معه Pew Research Center حوارآ بتاريخ 23 نوفمبر 2005 حيث يقول ((لقد شهدت الخمسون سنة الماضية اعادة توزيع للدين بصورة لم يعرفها التاريخ من قبل، ففي بداية القرن العشرين،أيّ في العام 1900 كان عدد المسيحين في اوربا يبلغ 71% واليوم لا يتعدى من يقولون أنهم مسيحيون نسبة الــ 24%.... وانا على يقين ان اقل من هذه النسبة تواظب الذهاب الى الكنيسة)) أ.هـــ. ...وهكذا فإن التغيّرات التي جرت في اوربا على صعيد الدين كانت ببطء على إمتداد مائتي سنة منذ انتصار الثورة الفرنسية الكبرى... وما يزال هناك مؤمنون والكنائس تنشط لزيادة أتباعها فعلى سبيل المقارنة استغرقت أسلمة مصر وتعريبها بالكامل ثلاثمائة سنة.

ويتعين أن ننتبه إلى حقيقتين أولآ:فشل أسلوب إستئصال الدين قسرآ في الاتحاد السوفيتي ودول الكتلة الاشتراكية، بل وجلبه لنتائج عكسية...وكان ماركس وانجلز قد رفضا افكار المفكر الاشتراكي الفرنسي بلانكي والمفكر الالماني دوهرنغ اللذين دعيا إلى إستئصال الدين قسرآ من المجتمع....ويبدو أن دعوتهما وجدت قبولآ لدى لينين الذي اتجه لاستئصال الدين بالقوة من المجتمع السوفيتي ولكن دون جدوى....ثانيآ: نجاعة اسلوب نقد الدين ونجاحه في اوربا الغربية وإستمراره دون توقف بعد انتصار الثورةالفرنسية وإلى يومنا هذا...وقد ساهم العلم والعلماء وما زالوا يساهمون بدور بارز في هدم اركان الأساطير الدينية ...حطم كوبرنيكس وجاليلو في القرن السادس عشر والسابع عشر إعتقاد الكتاب المقدس بمركزية الارض وإيمان الكنيسة بانها مسطحة وثابتة ...وجاء دارون في القرن التاسع عشر ليحطم خرافة نشوء الخلق التوراتية ثم جاء لويس باستور لينهي المعتقدات القائلة بأن الامراض تصيب الانسان بسبب مس من الشيطان او السحر او غضب الله بإكتشاف كائنات غاية في الدقة (الجراثيم) تسبب الامراض وقد تؤدي بالانسان الى الهلاك... وفي نفس الوقت تواصلت كما اسلفنا كتابات المفكرين والمثقفين، في نقد الدين ...ومن اهم الكتب التي صدرت على هذا الصعيد على سبيل المثال لا الحصر كتاب فورباخ (جوهر المسيحية) الذي أحدث صدى واسعآ في اوساط المثقفين الاوربيين ...ومقال كارل ماركس (في المسألة اليهودية) في النصف الثاني من القرن التاسع عشر.....وفي مطلع القرن العشرين كتب البرت شولتز كتابه الشهير (البحث عن المسيح التاريخي) الذي استخدم فيه مناهج تاريخية للتحقق من حقيقة وجود شخص اسمه المسيح وذلك بعيدآ عن النصوص الدينية التي وصفها بالاسطورية وكان له أيضآ دويآ هائلآ في الاوساط الثقاقية الاوربية...وفي روسيا كتب الاديب الروسي الكبير تولستوي رسائله التي يهاجم فيها الكنيسة ويقول ان الله لا يحتاج لنبي لإيصال رسالته الى البشر وان الدين الحقيقي هو الذي يحقق السعادة للناس فوق الارض لا الذي يوعدهم بالسعادة في الحياة الآخرة...وفي النصف الاول من القرن العشرين ظهرت كتابات قرامشي النقدية للدين وصدر كتاب سيجموند فرويد (موسى والتوحيد ) الذي ينسف فيه الرواية التوراتية عن اصول موسى ونشأته وليصل إلى نتيجة فحواها انه من اصول مصرية...وهكذا لم يتوقف نقد الدين في اوربا بعد إنتصار الثورة الفرنسية والى يومنا هذا، حتى تشكلت طبقة ممن يطلق عليهم الــ Theologians وهم المشتغلون بالدراسات والابحاث في الحقل الديني.

وما تقدم يدحض مزاعم ما جاء في مقال (زنار مريم والبنية) ومقالات سابقة لنفس الكاتب بأن الاصلاح السياسي وتطوير البنية والقضاء على الفقر والفساد والبطالة وقيام نظام علماني سوف ينهي بالضرورة تسلط الدين في حياة الناس وإنغراقهم في الغيبيات وهيمنة الاسلاميين بالبلدان الأسلامية دون الحاجة الى شاكلة الكتابات التي تنشر بموقع (الحوار المتمدن) في نقد الدين ولذا يجب توجيه النضال للاصلاح وتطوير البنية وترك ما لايفيد على حد قوله....يبدو اننا هنا امام كلام معاكس لتلك المقولة الماركسية بأن يكون نقد الدين في مقدمة كل نقد، وأن النضال ضد الدين هو بحد ذاته نضال ضد الظلم....والسؤال هنا هل حقآ سيؤدي تحقيق التنمية والعلمانية الى تحرير المسلم من سجن التعاليم القرون وسطية التي تبقيه في قاع التخلف؟.....العلمانية تفضي بالضرورة الى قيام دولة المواطنة التي يتساوى فيها الجميع في الحقوق والواجبات، وتستمد قوانينها الوضعية من مقتضيات العصر، ولكنها لن تؤدي إلى تحرير المسلم من سجن الاسلام وتعاليمه وطقوسه البدائية بصورة تلقائية.....لن تمنعه من زيارة ضريح الحسين في العرآق ومصر للتبرك وطلبآ للنجاح او الانجاب او فتح باب الرزق...فحسب موقع البي بي سي بتاريخ 31 أغسطس 2011 (فإن أكثر من عشرة ملايين جنيه هي حصيلة صناديق النذور في الأضرحة المسجلة بمصر وفقا لإحصاءات رسمية. لكن الحصيلة قد تزيد عن ذلك بكثير نظرا لتواجد مئات الأضرحة التي لا تخضع لرقابة الدولة. من بين هذه الأضرحة أضرحة زائفة يستغل القائمون عليها جهل الزائرين لجني المال) أ.هــ.....كم مدرسة وكم مستشفى وكم مكتبة يمكن ان تبنى بتلك الاموال في بلد تشكو من المدارس المهلهلة وسوء اوضاع المستشفيات العامة...والعلمانية لن تمنع ملايين الشيعة من ضرب أنفسهم بالسياط والجنازير في ذكرى مقتل الحسين...والعلمانية لن تمنع المسلمين من اهدار الملايين في بناء المساجد التي تفيض بها أصلآ المدن والقرى وذلك بدلآ من بناء ما يفيد للارتقاء بالبلاد ...والعلمانية لن تمنع من التجني على الاطفال بتحويلهم الى ببغاوات للتلقين وحشو رؤوسهم بتحفيظ القرآن، بدلآ من دروس الفنون والموسيقى التي تعد من المحرمات وأعمال الشيطان ...وتطوير البنية والعلمانية لن تمنع من إهدار الطاقات الانتاجية في شهر كامل ليس فيه غير الجوع والخمول والنوم...حاول الحبيب بورقيبة أن يستنهض التونسيين ليتركوا الصوم لحاجة البلد للفاعلية الانتاجية ولكنهم هاجوا ضده فتراجع لعلمه أن مثل هذه الاشياءلا تفرض بالقوانين...صحيح أن العلمانية تجعل الدين مسألة شخصية بحتة ولكنها لا تستطيع القضاء على الخرافات الدينية والتعاليم التي ترسم للمسلم أدق تفاصيل حياته، وطقوس العبادات التي تعطل طاقاته وطاقات المجتمع...نقد الدين هو الوسيلة الوحيدة لتحرير الانسان المسلم من السجن الذي سجنه فيه محمد...لان ((نقد الدين يدمر أوهام الإنسان لكي يفكر ويفعل ويكيف واقعه بصفته إنسانا تخلص من الأوهام وبلغ سن الرشد )).كما يقول ماركس.

نعود لنقول إذا كانت اوربا بالرغم من كل ما حققته من تقدم علمي هائل ما يزال يعاني من تأثيرات الدين هنا وهناك وما انفك بعض من كتّابه ومفكريه يواصل نقد الدين فكيف يكون الحال مع الدين الاسلامي بقيوده الثقيلة وتعاليمه التي تصاحب المسلم حتى في دخوله الحمام ليحمد الله الذي أعانه على قضاء الحاجة!... استعار الاسلام من اليهودية اسوأ ما فيها ثم زاد عليها ....يقول كاتب المقال في احدى مقالاته المذكورة آنفآ، ان الاديان كلها من نبع واحد، ويطلب نقدها كلها في سلة واحدة وإلا لا يكون النقد نقدآ في نظره!!... صحيح أن الاديان كلها من نبع واحد ولكن الاديان ليست مجرد قصص وأساطير وخرافات وخيالات عن الجنة والنار فهي أيضآ تشريعات وقوانين مرتبطة بتلك الخرافات تقولب حياة اتباعها في قوالب جامدة ومحددة...فهل التشريعات في المسيحية والاسلام سيان؟..وهل في المسيحية قطع ليد السارق ورجم للزانية وقطع من خلاف في حد الحرابة وقطع لرأس المرتد؟...وهل عيسى ومحمد يتعادلان في الميزان؟ ...يقول قرامشي أن المسيحية تنتمي إلى الثقافة الهيلينية التي كانت سائدة في حوض البحر الابيض المتوسط وقت ظهور المسيح لا إلى الثقافة السامية... ويقول فورباخ في كتابه (جوهر المسيحبة) أن إله اليهود أناني وقاسي ومتعالي....والاشتراكيون الفرنسيون الذين تأثر بهم كارل ماركس هم من اطلقوا على المسيح (الشيوعي الاول) وعلى حوارييه (الخلية الشيوعية الاولى) لانهم كانوا مجموعة من السمّاكين الفقراء... عاشوا وماتوا حقآ فقراء مع معلهم الفقير...هل من الممكن وصف محمد بــ (الاشتراكي) اوحتى (نصف الاشتراكي)...محمد الذي تزوج وهو شاب بثرية (او في واقع الامر هي التي تزوجته) هربآ من الفقر، وبعد أن أفلست بسبب المقاطعة المكية وماتت فر الى يثرب ليمارس قطع الطريق وينقض بالمغيرات صبحآ على القبائل وهي نيام ويستولي على خمس الغنائم ومن السبايا يختار اجمل الجميلات ويعطي لاتباعه الحشف وسوء الكيل.....هل في ذكر هذه الحقائق إثارة للنعرة الطائفية والكراهية أم أن النقد هو النقد وهو الدواء المر؟!...واليهودية توأم الاسلام في تعاليمها تم وضع تشريعاتها الموسوية البدائية على الرف حيث قامت إسرائيل كدولة علمانية عصرية ديمقراطية ويتنامى فيها عدد ألــ Nonbelviers (غير المؤمنين) حيث تبلغ نسبتهم 39%..أيّ ثلث السكان في بلد عدد سكانه حوالي السبعة ملايين......تركوا الشريعة الموسوية للمسلمين ليطبقوها في القرن الحادي والعشرين لينعموا هم بدولة عصرية.....كم عدد الــ Nonbelviers في البلاد الناطقة بالعربية التي يواظب ماركسيوها على الذهاب الى المساجد! ويدافعون عن الاسلام بحماس اكثر من الاسلاميين بزعم انه ((وعاءً للفضيلة ولقيم الإنسانية الداعية إلى العدالة والمساواة والأخوة بين البشر)) كما جاء في مقال بهذا الموقع لاحد الماركسيين!.. في البلاد الاسلامية الذين يريدون إرجاع مجتمعاتها الى شريعة القرن السابع الميلادي الهمجية، كما هو حادث في ايران والسودان وغزة وعلى الطريق مصر وتونس وغيرها، هم حملة شهادات الدكتوراة من الجامعات الغربية ...قيادات الاخوان المسلمين في مصر هي نخب من القانونيين والاطباء واساتذة الجامعات والمهندسين ...الدكتور حسن الترابي الذي اوصل الاخوان المسلمين في السودان الى السلطة نال درجة الماجستير والدكتوراة من لندن وباريس ..والدكتور زغلول النجار الذي يضلل الناس ويضلل نفسه بما يسمى بالاعجاز العلمي في القرآن جيولوجي يحمل شهادة الدكتوراة من جامعة ويلز البريطانية وقد سبقه في هذا المجال دكاترة آخرون.....أليس مما يثير العجب والحالة هذه، ان تطرح أسئلة من قبيل (هل الدين الاسلامي هو السبب والوحيد للتخلف) و(لماذا اله الاسلام فقط)..(لماذا الدين الاسلامي فقط) فقد تكررت كثيرآ مثل هذه الأسئلة العبثية وكأن النقد ضرب من الترضيات والموازنات والمحاصصات.شعاره (ما تزعل حد)

ترى أيحتاج المرء الى دليل على أن الإسلام هو العامل الاول في تخلف المسلمين؟..أول ما يتعلمه المسلم هو عدم التفكير والاجتهاد والابداع فكل مشاكل العالم حلولها في القرآن...والقرآن يحوي كل العلوم وفيه شفاء للناس...وزادوا على ذلك في العقود الاخيرة ان القرآن قد سبق الاوربيين في الكشوفات العلمية الحديثة.... واول ما يتعلمه المسلم ايضآ هو أنه لا فائدة من الكد والتعب فكل واحد رزقه مقسوم ونصيبه مقدر وأن الرزق يأتي من السماء وليس من الكد في الارض وذلك بنصوص قرآنية منها (رزقكم في السماء وما توعدون)..وقد صاغوا الامثال الشعبية وفق النص الديني (اجري جري الوحوش غير رزقك ما تحوش)...ومن اولى التعاليم التي يتعلمها المسلم والمسلمة كذلك أن المرأة خلقت من ضلع أعوج وأنها مصدر الغواية والشرور وسبب خروج آدم من الجنة وانها ناقصة عقل ودين لا تصلح الا للبقاء بين جدران أربعة ...وفي أحدث فتوى لخص الداعية المصري الشيخ أبو إسحق الحويني موقف الاسلام من المرأة أفضل تلخيص بقوله (وجهها كفرجها)...والمصيبة الكبرى أن المرأة المسلمة المغسولة الدماغ أكثر ايمانآ بتلك الخزعبلات التي تحط من قدرها وانسانيتها، ولا عجب أن غالبية النساء في مصر وتونس صوتن للاخوان المسلمين...ولعل اخطر ما يتعلمه المسلم منذ نعومة أظافره هو أن الجهاد وقتال الكفار وقتلهم له أعظم أجر في الاسلام والمجاهد إن إستشهد يبقى حيآ في الجنة ينعم بالحور العين..... في كتابه (جوهر المسيحية) يقول فورباخ (المرء هو ما يأكل)...ويقول الروائي الروسي انتون شلوخوف (المرء هو ما يعتقد)....وهذه هي التعاليم التي تشكل شخصية المسلم ...فكيف يكون حال المجتمع المكون من شخصيات من هذا القبيل؟!..هل يوجد في يومنا هذا بلد في العالم غير بلاد المسلمين يجري فيه تلقين مثل هذه التعاليم في البيت والمدرسة والمسجد والتلفزيون والراديو؟

في مقاله {مقال حول مقالات (نقد الدين الاسلامي)} يسأل صاحب المقال كيف حدثت النهضة الاقتصادية في ماليزيا وتركيا وهم مسلمون مثلنا؟.....في ما يتعلق بماليزيا، فهي دولة حديثة عهد بالاسلام ...وصلها عن طريق التجار الهنود المسلمين في القرن الثاني عشر الميلادي واعتنقه أفراد...ولم يبدأ الاسلام في الانتشار الواسع إلا خلال القرنين الخامس عشر والسادس عشر الميلادي...والحياة الاجتماعية التقليدية الماليزية لم يؤثر فيها الاسلام فهم لا يعرفون فصل الرجال عن الناس لا في مكان العمل ولا في الحياة الاجتماعية...ويشتكي المثقفون الماليزيون حاليآ من ظواهر اسلامية لم تعرفها البلاد من قبل مثل التشدد والحجاب والانشغال الكثير بالدين والاسئلة الكثيرة عما إذا كان حلالآ ام حرامآ أكل هذا الشئ او استخدام ذاك الشئ بعد أن اصبحت تعج بالاسلاميين الاصوليين او الاصليين القادمين اليها من البلدان الناطقة بالعربية وباكستان وغيرها...وبالاضافة الى ذلك فان ماليزيا بلد متعدد الاثنيات ...ويشكل الصينيون فيها نسبة تصل الى 26% من مجموع السكان باحصائية عام 2000 ويهيمنون على عصب الاقتصاد الماليزي...هذه العوامل ساعدت مهاتير في توظيف كل طاقات البلاد للنهضة الاقتصادية...ولا غرو اذا علمنا أن 65% من المقاعد الجامعية يحتلها الطالبات...وكان احد اهداف مهاتير من خطته الاقتصادية هو محاولة دفع الماليزيين اصحاب البلد الاصليين الى مساهمة أكبر في الحراك الاقتصادي الذي يسيطر عليه الصينيون ثاني إثنية في ماليزيا من حيث العدد......أما تركيا التي كانت عاصمة الخلافة الاسلامية على مدى قرون فإن خطة الزعيم التركي الكبير كمال أتاتورك كانت ترمي الى إحداث قطيعة كاملة بينها وبين ماضيها الاسلامي...إذ لم يكتف بإرساء دعائم النظام العلماني، بل وسعى الى ابعد من ذلك..فقد أراد تحديث المحتمع واوربته بإستخدام آلية السلطة والقانون، فوضع خطة مدروسة لإستئصال الاسلام عن طريق تغريبه في المجتمع حيث استبدل الحروف العربية باللآتينية...ومنع بناء مساجد جديدة ووضع المساجد القديمة تحت سيطرة الدولة لتحدد للأئمة ما يقولون..واقفل المدارس الدينية ومراكز تحفيظ القرآن واغلق دور الطرق الصوفية وقضى على التكايا والزوايا ومنع الدروشة وإقامة حلقات الذكر وجعل العطلة الرسمية يوم الاحد بدلآ من يوم الجمعة ...ومضى أبعد من ذلك إذ أجبر المساجد على أن يكون الآذان باللغة التركية وأن يستخدم الاسم التركي لله (تانري) بدلآ من اسم (الله) بالعربية إلا انه تراجع عن هذه الخطوة بعد ان علم ان هناك استياء شعبيآ....وبالاضافة الى ذلك كله أنهى كل القيود الاسلامية التي تكبل المرأة...وكان أتاتورك يؤمن بانه لا حداثة بدون إحداث نهضة اقتصادية كبرى وتوطين التكنلوجيا الحديثة بالبلاد ولذا فإن ما يعرف بالمبادئ الكمالية الستة تضمنت ضرورة أن تنظم الدولة كل شئون الاقتصاد لإحداث هذه النهضة وأن تتدخل للاستثمار والبناء في القطاعات التي يعجز القطاع الخاص عن دخولها او تتهيب من دخولها...لا شك في أن خطة تغريب الاسلام وإنهاء كافة المظاهر والطقوس الدينية التى تعوق الانتاج ما كان بالامكان ان تستأصل الدين بين يوم وليلة ولكنها ساعدت بإستخدام آليات الدولة في توظيف كل الطاقات وانجحت خطة النهضة الاقتصادية التى بدأها اتاتورك وواصلها تلاميذه حتى غدت تركيا قوة اقتصادية...وجاء اوردغان ووجدها جاهزة ليسميها المسلمون بلا حياء (النموذج الاسلامي التركي)

ما قام به اتاتورك باستخدام آليات الدولة لتحديث المجتمع بتغريب الدين الاسلامي ولاستئصاله على مدى بعيد كان لعلمه ان إقامة النظام العلماني ليس كافيآ للقضاء على الكوابح الدينية التي تكرس التخلف...فحدود العلمانية أن لا تتدخل في شئون الدين وأن لا تسمح للدين بالتدخل في شئون الدولة وادارة البلاد وصياغة القوانين....في تونس مزج الزعيم الحبيب بورقيبة بين إستخدام آليات الدولة وبين القيام بالتنوير بنفسه بالرغم من موقعه الرسمي كرئيس للدولة ..فكان يطل على مواطنيه عبر الراديو والتلفزيون لينتقد الممارسات الدينية والاجتماعية التي لا تكرس غير التخلف...إلا أن بورقيبه لم يبلغ مبلغ اتاتورك في حربه ضد الدين فقد كان حذرآ....وهكذا فإن تطوير البنية وانهاء البطالة والفساد وإقامة العلمانية لن يكون كافيآ لتخليص المجتمع من براثن تسلط الدين والخرافات في حياة الناس دون استمرار التنوير ونقد الدين وأساطيره وتشريعاته القرون وسطية بلا كلل او ملل حتى ولو بسطر واحد.لانه السبيل الوحيد، بعد أن عرفنا فشل الاسلوب القسري في الاتحاد السوفيتي ودول حلف وارسو وكذلك في تركيا الاتاتوركية التي إنبعثت فيها الحركات الدينية اثر ارتخاء قبضة الجيش حارس انجازات اتاتورك.

ونقد الدين ليس له طريقة واحدة او نموذج محدد سلفآ......ومن المؤسف أن يقوم كاتب المقالات المشار اليها آنفآ بتسفيه وتبخيس كتابات النقد الديني في هذا الموقع بلهجة استعلائية لا تخطئها العين ويصفها بــ (الترهات) بزعم أنها غير علمية...والمؤسف اكثر أن يطلب من الآخرين إلتزام النقد العلمي دون أن يلتزم هو بذلك...فينتقد مقالآ دون أن يقرأه الامر الذي لا يمكن تصنيفه إلا في باب المهاترات ...ثم أنظروا ما يقول في احدى مقالاته ((هل ترتقي هذه المقالات إلى مستوى التنوير الحقيقي والذي يسعى إليه الجميع حسب ادعاءهم ؟ أمّ أنّ غالبية هذه المقالات هي عبارة عن تكرار وإعادة لموضوعات أصبحت – باردة , جافة , مملة , وبدلاً من الوصول إلى اتفاق حول معنى وفهم نقد الدين على حقيقته ودون أن ندري نكون قد انزلقنا إلى طريق مسدود .كل ما نقرأه وعلى كافة المقالات ومن ضمنها التعليقات لا جديد يُذكر بل قديم يُعاد .ما هو السبب , هل هي ثقافتنا , هل هي الكراهيّة , هل هو الحقد , أم أنّ هناك أشياء أخرى ؟)) أ.هــ....هل هذا هو النقد العلمي؟....كيف نصب نفسه قاضيآ ليحكم بأنها جافة ومملة ومكررة؟...واذا كانت كذلك كما زعم كيف نفسر بلوغ زوار مواقعهم الفرعية الآلاف وما انفكوا يدخلونها بالعشرلت يوميآ؟؟...الموضوع الذي يبدو جافآ ومكررآ ومملآ له قد لا يكون كذلك للآخرين وخاصة للمسلم المؤمن بأن الاسلام هو أفضل الاديان وأن نبيه هو رئيس الانبياء وسيد الخلق...وهو المعني أصلآ بهذه الكتابات...ومثل هذا المسلم عندما يقرأ مثل هذه الكتابات لا شك أن ردود أفعاله ستكون مختلفة جدآ حتى لو كانت مملة عن ردود أفعال كاتب الفقرة أعلاه التي استشهدنا بها....ولعل من التبسيط الشديد أن ننتظر تغيّر المجتمعات الاسلامية بعد عشر سنوات من التنوير!!... التنويريون في فرنسا لم يصل خطابهم الى العامة التي كانت ترسف في اغلال الجهل في ظل الاقطاع وتسلط الكنيسة ولكن جذبت طبقة من المثقفين هم الذين قادوا الثورة ووضعوا اسس الدولة العلمانية وقوانينها وصاغوا وثيقة حقوق الانسان وواصلوا نقد الدين...ومصيبة المجتمعات الاسلامية في متعلميها قبل عامتها ..فالحركات الاسلامية الظلامية التي تهمين على الساحات السياسية وتريد العودة الى شرائع عصور الهمجية قوامها المتعلمون الذين تعلموا ولكنهم افتقروا الى الوعي.



#احمد_القاضي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اليسار .... الخروج من الأطلال؟
- مصر العليلة في مستنقع الدين
- تونس....الدين والتنوير والحداثة
- نادر قريط وغسيل السيرة المحمدية
- تديين كارل ماركس!
- توطين الماركسية بالخرافات الاسلامية !
- زوبعة دكتور حجي....يا قلبي لا تحزن !
- الآية التي سطا عليها محمد !
- متنكر في ثياب التنويريين....او اركلجة الخرافة
- المثقف المكي الذي هزم محمد
- محمد يحرق النخيل وعلي يجز الرؤوس !!
- ابن تيمية ام الضحوك القتّال !
- اولوية نقد الدين
- بائع الافيون الفلسطيني
- هل تراجع د. طه حسين عن اطروحاته في كتاب ( في الشعر الجاهلي ) ...
- ادونيس...اودكتور جيكل ومستر هايد !
- الشعر الجاهلي ام القرآن الجاهلي
- اول صوت في صندوق عمر البشير الانتخابي
- الكوميديا الالهية علي الطريقة المحمدية
- البيدوفيل واعتساف عائشة


المزيد.....




- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهداف موقع اسرائيلي حيوي ...
- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهداف قاعدة -عوفدا- الجو ...
- معرض روسي مصري في دار الإفتاء المصرية
- -مستمرون في عملياتنا-.. -المقاومة الإسلامية في العراق- تعلن ...
- تونس: إلغاء الاحتفال السنوي لليهود في جربة بسبب الحرب في غزة ...
- اليهود الإيرانيون في إسرائيل.. مشاعر مختلطة وسط التوتر
- تونس تلغي الاحتفال السنوي لليهود لهذا العام
- تونس: إلغاء الاحتفالات اليهودية بجزيرة جربة بسبب الحرب على غ ...
- المسلمون.. الغائب الأكبر في الانتخابات الهندية
- نزل قناة mbc3 الجديدة 2024 على النايل سات وعرب سات واستمتع ب ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - احمد القاضي - زنار مريم........نقد النقد المأزوم