أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عزالدين غازي - شهوانية الجسد بين سلطة الدين وعنان الطبيعة














المزيد.....

شهوانية الجسد بين سلطة الدين وعنان الطبيعة


عزالدين غازي

الحوار المتمدن-العدد: 3578 - 2011 / 12 / 16 - 02:23
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


مقدمة :
مما لا شك فيه ان مسألة الضبط الديني كما هي في تاريخ الأديان، سماوية كانت أم وثنية ووضعية، اعتيرت الجسد موضوعاً لسلطتها بامتياز كبير ويرجع ذلك الى شيء رئيسي هو أن جميع الممارسات الدينية للروح لم تلق سنداً إلا في الجسد لأن فيه و به وعبره يتم غرس المبادئ والقيم الروحية في الانسان بماهيته وكينونته لفهم وجدانه وتوجيه وجوده بطقوس شتى، على الجسد أن يمارسها مضبوطة بشكل صارم بيولوجيا"وما جعلناهم جسداً لا يأكلون الطعام وما كانوا خالدين" ( 1)،
فلا بد للجسد، إذن، اأن يكون حيا يرزق ولكي يكون كذلك لابد أن يمارس فطريته ورغبته في الحياة، وتؤكد الآية "كلوا واشربوا ولا تسرفوا " (2 ) الأمر نفسه بنوع من الحمية المعتدلة.
قدسية الجسد في الاسلام:
لقد انتبه الإسلام للجسد وعمل على تقنين حركاته البولوجية وسكناتها في الأكل والشرب والجنس والرياضة والعمل والخلود ، وإلحاق كل ذلك بالنظام الإلهي، بشكل يمكننا الحديث فيه عن جسد مقدس، أو جسد لا جسد. إنه هنا من أجل الصلاة والصيام ومن أجل التماه المطلق بالنص وفي حديث روي عن عمرو بن العاص أن النبي قال له، عندما أخبر أنه يصوم النهار ويقوم الليل: "فلا تفعل، صم وأفطر، وقم ونم، فإن لجسدك عليك حقاً، وإن لعينك عليك حقاً، وإن لزورك عليك حقاً، وإن بحسبك أن تصوم كل شهر ثلاثة أيام، فإن لك بكل حسنة عشر أمثالها، فإن ذلك صيام الدهر كله" ( 3)،مما يعني شكلا للضبط وللحمية الجسمانية، ذلك ما أراد ميشال فوكو أن يثيره من خلال كتابه استعمال المتع ( 4). غير أن الفكر الديني في الاسلام لم يكتفي بالجسد فحسب بل جعل مرادفاً له مفهوم البدن، كما ورد في الآية التالية "فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية وإن كثيراً من الناس عن آياتنا لغافلون "(5 ) ثم الآية "والبدن جعلناها لكم من شعائر الله لكم فيها خير فاذكروا اسم الله عليها صواف فاذا وجبت جنوبها فكلوا منها واطعموا القانع والمعتر كذلك سخرناها لكم لعلكم تشكرون"( 6). فما يمثله الحطاب الديني من ممارسات وما يتضمنه من متضادات ثنائية مثل الحلال والحرام والمباح والمحضور والطيب والمكروه والجنة والنار والعقاب والحشر والنشر والغفران كثنائيات مؤطرة بالشر والخير وقد ورد في القرآن بشأنها آيات كثيرة ومتنوعة وكل ذلك لجعل اللاعقل يقبله ويؤمن به حتى يمكن وضع الجسد في القالب المنشود، ففي إشكالية الخلق مثلا يرُدُّ القرآن على المشركين المشككين في بعث الأجساد وحتى الأجسام من جديد لتحاسب يوم القيامة على أفعالها، الوارد في " أوَ لمَْ يَرَوْا أن الله الذي خَلَقَ السمَاواتِ والأرْضَ ولم يَعْيَ بخَلْقِهِن بِقَادرٍ أنْ يُحْييَ المَوْتىَ بَلىَ إنه عَلَى كُل شَيْءٍ قَديرْ"(7 )، ويمكن للمرء أن يفهم هذا الاهتمام المتميز الدي أولاه القرآن لمسألة البعث والجنة والنار كما قال محمد عابد الجابري( 8)سواء على مستوى شكل الخطاب كما على صعيد مضمونه، حيث يتم استحضار الدعوة واستراتيجية الرد والإقناع، ومهما كان الأمر تبقى مجرد اسئلة لا يمكن القطع في شأنها لأنها تتعلق بتفاصيل "عالم الغيب"( 9).
الطبيعة الشهوانية للجسد:
وإذا استحضرنا أدوات المنطق والعلم فإن العقل سيجرؤ على تفكيك كل هذه المتناقضات والمتضادات المذكورة لتظهر على الأقل في ممارسات البيولوجي والنفسي واضحة وجلية، فالجسد ينفلت عن الغيبي مُكرها لأن انزواءاته بأوامرمن منطق الحياة البيولوجية. إن في تقنين الجسد وتدجينه هو لمراقبته كي لا يخرج عن المقدس فيظل الانسان في خدمة الديني وسلطته المسلم بها في كل عملية بيولوجية من أكل وشرب وحركة وإن كانت جنسية فلا بد لك ان تقدس كل فعل وتمارس كل طقوس سواء كانت مكتوبة أم مألوفة، فإن مارس الجسد شهوانيته البيولوجية بدون طقسنتها كان ذلك خطيئةً وشراً، وإن كان الممارس منضبطاً للدين كان حلالا وخيراً، وهكذا بعتبر الدين الجماع ليس ولوجاً إلى عالم الشر بل دخولا إلى عالم القوى القدسية.المرتبطة بالدين أساساً، فقد أرجع إ.دوركايم مفهوم المقدس إلى الأصول الدينية الوثنية وتأثيراتها على المسيحية ثم الأصول العبرانية وتأثيراتها على الإسلام وهي تأخذ كلها معاني مكرسة للآلهة والقديس والمخلص لله، وكل من خالف عد من الملوث والمرجوس والملعون ( 10). إن هذه العملية المؤطرة دينيا هي في الحقيقة انضباطٌُ للمؤسسة الزوجية التي تسهل مراقبتها من قبل السلطة. يشير هنا مشيل فوكو إلى حكمة الزواج( 11) في العصر اليوناني والعصور الوسطى (الفكتوري خاصة) .
خاتمة :
الحقيقة أن شهوانية الجسد البيولوجية لم تكن لتكون موضوع السلطة الدينية في الاسلام وغيرها لولا ممارسات الجسد الطبيعية مما يجعله منفلتا عن الرقابة الروحية والقدسية المرتبطة به ، ولكي يتمكن الديني من ضبط تفاصيل تلابيب الشر والخير درِءا للخطيئة كما تحدثت عنها اساطير الاولين كان لابد له ان يجنح نحو طقسنة الجسد الطبيعي في الحياة اليومية للانسان.

المراجع والهوامش:
1سورة الأنبياء ، الآية، 8.
2سورة الأعراف الآية،31.
3حديث نبوي في الصحيحين رواه عمرو بن العاص عن النبي.
4 للمزيد انظر ميشال فوكو، استعمال المتع، ج. (2) من تاريخ الجنسانية.
5سورة يونس الآية، 92.
6 سورة الحج الآية، 36.
7 سورة الأحقاف الآية، 33.
8 للمزيد يرجى زيارة موقع م عابد الجابري الالكتروني، خطاب الجنة والنار في القرآن: أخلاق وسلاح، http://www.aljabribed.net/coceptislam19.htm
9 نفس المرجع المذكور.
10 عبد اللطيف الهرماسي، مفهوم المقدس بين دعاوى الكونية وخصوصية الأنساق الدينية، مجلة الفكر العربي المعاصر،ع. 132-133، سنة 2005 صص.142-147.
11 ميشيل فوكو ، استعمال المتع، ترجمة محمد هشام ، 2003، افريقيا الشرق، ص 137.



#عزالدين_غازي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اللسانيات العربية ودورها في التنمية العلمية والثقافية
- بناء المعاجم الالكترونية أم تقييس الكفاية المعجمية على الحاس ...
- المتلازمات في اللغة العربية و معالجتها في القواميس الثنائية ...
- المقاربة الحاسوبية للمعنى - نظرة موجزة
- حدود المنهجين الاستدلالين : الحجاجي والبرهاني
- الاستدلال الكانطي أو الحجاج المتعالي
- الأنموذج الاستدلالي لدى ارسطو
- الأنموذج الاستدلالي:من الحساب الصوري البرهاني الى الخطاب الح ...
- الأسطوري وأسطرة اليومي
- تجليات دهاء بنو الولاء في عصر الدخلاء : أقواس من واقع الانثر ...
- بنو الولاء في عصر الدخلاء ، أقواس من واقع الانثروبولوجيا الس ...
- مستويات التأويل في التراث من خلال - الكتاب لسيبويه
- الهرمينوطيقا أو علم تأويل الخطابات
- مفهوم قواعد المعارف
- الاستدلال بين البرهاني والرمزي
- اللسانيات الحاسوبية واللغة العربية
- استخدام اللغة العربية في البرامج المحوسبة : اية استراتيجية ؟
- خاطرة الحزين في فقدان رجل مناضل جهبذ وبن شهيد حرب الريف
- الصرافة الحاسوبية العربية: محاولة في التأصيل
- تكنولوجيا اللغة و الترجمة الآلية


المزيد.....




- وفاة قيادي بارز في الحركة الإسلامية بالمغرب.. من هو؟!
- لمتابعة أغاني البيبي لطفلك..استقبل حالاً تردد قناة طيور الجن ...
- قادة الجيش الايراني يجددن العهد والبيعة لمبادىء مفجر الثورة ...
- ” نزليهم كلهم وارتاحي من زن العيال” تردد قنوات الأطفال قناة ...
- الشرطة الأسترالية تعتبر هجوم الكنيسة -عملا إرهابيا-  
- إيهود باراك: وزراء يدفعون نتنياهو لتصعيد الصراع بغية تعجيل ظ ...
- الشرطة الأسترالية: هجوم الكنيسة في سيدني إرهابي
- مصر.. عالم أزهري يعلق على حديث أمين الفتوى عن -وزن الروح-
- شاهد: هكذا بدت كاتدرائية نوتردام في باريس بعد خمس سنوات على ...
- موندويس: الجالية اليهودية الليبرالية بأميركا بدأت في التشقق ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عزالدين غازي - شهوانية الجسد بين سلطة الدين وعنان الطبيعة