أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - لحسن ايت الفقيه - ندوة حقوق الإنسان بين الكوني والخصوصي















المزيد.....



ندوة حقوق الإنسان بين الكوني والخصوصي


لحسن ايت الفقيه
(Ait -elfakih Lahcen)


الحوار المتمدن-العدد: 3575 - 2011 / 12 / 13 - 20:08
المحور: حقوق الانسان
    


نظمت الجامعة الوطنية للتعليم المنضوية تحت لواء الاتحاد المغربي للشغل، صباح يوم 11 دجنبر 2011، ندوة بمناسبة الذكرى 63 لصدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان تحت عنوان (حقوق الإنسان بين جدلية الكوني والخصوصي)، بقاعة المطالعة التابعة للخزانة البلدية بمدينة الريش عاصمة سلسلة جبال الأطلس الكبير الشرقي المغربية. وعلى الرغم من أن الفرع النقابي للجامعة الوطنية للتعليم المذكورة يشتغل بالقسم الشرقي من دائرة إملشيل الإدارية فقد اختار مدينة الريش للحدث لقربها من موقع معتقل تزممارت السري السابق. ليأخذ الجانب المحلي والخصوصي مضمونه ودلالته.
ولقد حضر بمنصة الندوة ست متدخلين قدموا أنفسهم محايدين مجردين من أي لباس عدا متدخلين اثنين، أحدهما ثبت أنه يمثل الحركة التلاميذية بثانوية مولاي علي الشريف بالريش، والثاني قدم نفسه ممثلا للجمعية المغربية لحقوق الإنسان.
المداخلة الأولى كانت للأستاذ مجيد حادون حول جدل الكونية والخصوصية في حقوق الإنسان نصها بالحرف: ( لا تزال إشكالية حقوق الإنسان بين الكونية أو العالمية والخصوصيات الوطنية والدينية والعرفية مطروحة على بساط الدرس. ولم يقع الاهتداء بعد إلى الجواب المقنع الشافي، رغم بساطة هذه الإشكالية ظاهريا، ومختلف المقاربات المعتمدة تفسرهي نفسها الفشل الدائم لإيجاد الحل النهائي الذي يرضي في الوقت نفسه المدافعين عن الكونية والمنتصرين للخصوصية. فالموضوع يطرح عادة في وضعية تساؤل ينفي إشكالية التوفيق بين عنصري الإشكالية: هل تمتاز حقوق الإنسان بالكونية، وهل بالعكس تمتاز بالخصوصية؟ من البديهي أن طرح الإشكالية بصيغة تفرض الاختيار تؤدي بدون شك إلى التناقض. زد على ذلك أن مقاربة الموضوع كثيرا ما تطرح بشكل نضالي تغلب عليه الإيديولوجيا والتحزب السياسي.
- فهناك فريق يرفع شعار كونية حقوق الإنسان، مدعيا أن هذه الأخيرة لا يمكن أن يخضع لأي استثناء، وأنه لا يمكن إخضاعها للخصوصيات مهما كانت طبيعتها سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو ثقافية أو لغوية أو دينية . فيرى هؤلاء أن حقوق الإنسان واحدة في كل مكان وفي كل محيط وأنها مقدسة. فحسب رأيهم أن الإنسان واحد مهما كان المكان الذي يعيش فيه ومهما كانت الظروف التي يوجد فيها، ومهما كانت الفترة الزمانية التي ينتمي إليها فإن الإنسان من هذا المنظور غاية الكون، منه تنطلق جميع الأشياء وإليه تعود.
وفي مقابل ذلك هناك من يقول بنظرية معاكسة تماما، نرى أن الكونية المدعاة لحقوق الإنسان افتراء، وأنه وجه من أوجه الهيمنة الثقافية الغربية وأنها طريقة لفرض توجه معين ألا وهو النظرية الغربية لحقوق الإنسان التي أفرزتها الفلسفة السياسية خلال القرن الثامن عشر في أوروبا والتي ترجمها الإعلان الفرنسي لحقوق الإنسان والمواطن سنة 1789.
وتوجدد نزعة ثالثة تحاول التوفيق بين النزعتين المذكورتين فتؤكد أن الكونية لا تنفي الخصوصيات وأنه يمكن الجمع بينهما، وقد وجدت هذه النزعة تكريسا ......لرؤياها في الإعلان النهائي الصادر في مؤتمر فيينا حول حقوق الإنسان الذي نص على ما يلي: ( جميع حقوق الإنسان عالمية وغير قابلة للتجزئة ومترابطة ومتشابكة، ويجب على المجتمع الدولي أن يعامل حقوق الإنسان على نحو شامل، وبطريقة منصفة ومتكافئة، وعلى قدم المساواة، وبنفس القدر في التركيز وفي حين أنه يجب أن توضع في الاعتبار أهمية الخاصيات الوطنية والإقليمية ومختلف الخلفيات التاريخية والثقافية والدينية، فإن من واجب الدول بصرف النظر عن نظمها السياسية والاقتصادية والثقافية تعزيز حماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية).
إلا أن الإقرار والاعتراف النظري الصريح بكونية هذه الحقوق يحل مشكل الكونية من حيث دلالتها وبعدها المرجعيين. فعندما تنسب الكونية للغرب ولثقافة الغرب باعتبارها نموذج كل ثقافة كونية، فإن الأمر يولد جدلا لا حد له، ويثير مآخذ من جانب الفضاءات الثقافية الأخرى المنافسة للثقافة الغربية. وهكذا تطرح من جديد صراعات حول المرجعية: فهل المقصود بالكونية هو الثقافة الغربية؟ وهل الثقافات الأخرى لم تسهم في بلورة هذه الحقوق؟ وإذا كانت هذه المرجعية الغربية شمولية وكونية حقا فلماذا تتجه إلى طمس معالم الخصوصيات الثقافية عامة وفي موضوع حقوق الإنسان ذاته؟ إلى غير ذلك من الأسئلة المحرجة.
وبجانب هذا الوجه النظري في الصراع حول المرجعيات، هناك شق آخر عملي وسياسي، إذ لوحظ أن التمسك بالقول بالخصوصية إنما هو قول حق وراءه باطل، لأنه غالبا ما يكون مطية لإخفاء بعض أشكال القمع، وعدم احترام حقوق الإنسان.
هل الخصوصية مجرد تبرير للتجاوزات والانتهاكات؟
على الصعيد الدولي، تبين أن النقاشات المطولة التي دارت في الأعمال التحضيرية للمؤتمر العالمي لحقوق الإنسان وخصوصية الواقع الاجتماعي والثقافي في الكثير من البلدان، بل تبين أثناء أعمال اللجنة التحضيرية للمؤتمر، أن العديد من دول العالم الثالث، ومنها العديد من الدول العربية، كانت تميل للدفاع عن الخصوصية لا فقط من حيث هي (واقع ثقافي واجتماعي وحضاري لا جدال فيه، بل كانت تعمد إلى أشغال هذا المعطى الثقافي كقناع يخفى انتهاكات حقوق الإنسان في بلادها.
كما أن صراعا حادا كان في حدث في المؤتمر العربي لحقوق الإنسان الذي عقد في القاهرة سنة 1992، بمبادرة من اتحاد المحامين العرب والمنظمة العربية لحقوق الإنسان، إذ اتخذ أعضاء المؤتمر موقفا واضحا معارضا لاستغلال الدول العربية للخصوصية من أجل تبرير انتهاكاتها لحقوق الإنسان أو لتنصلها من الالتزامات الدولية في هذا الموضوع، بل لقد أثار قرار المؤتمر إلى أن (الحكومات العربية تنظر إلى مفاهيم حقوق الإنسان على أنها إطار جديد لممارسة المعارضة السياسية).
وهكذا يبدو أن النقاش حول مسألة الكونية والخصوصية لم تبق مجرد نقاش أكاديمي أو نظري خالص بل أصبح نقاشا ذا أبعاد سياسية.
محليا: صراع سياسي وإيديولوجي بين النخبة الحاكمة والمعارضة.
دوليا: بين دول الشمال ودول الجنوب في المنظمات الدولية.
هل الكونية مجرد إيديولوجيا للسوق؟
يرى العديد من الباحثين أن الصفة الكونية الملصقة بحقوق الإنسان هي مجرد نزعة عالمية، وربما عولمية مرتبطة بتوسع السوق الرأسمالية وأن استثمار الغرب لحقوق الإنسان هو استثمار إيديولوجي، فبإلحاح الغرب على تطبيق الحقوق الاقتصادية والاجتماعية (حق الملكية، حق الشغل، حق السكن...) ينطوي على مصدر خفي هو تحويل مواطن بلدان الجنوب إلى منتهك عالمي في عالم تسوده وتحكمه الشركات العابرة للقارات.
هل الكونية أداة هيمنة؟
من جهة أخرى فإن الطلب الإيديولوجي لحقوق الإنسان لا يقف عند حدود إيديولوجيا السوق بل يتعداه ليتحول إلى إيديولوجيا للهيمنة، فحقوق الإنسان من حيث منشؤها الداخلي في دول الغرب تعود إلى الصراع بين القوى السياسية المختلفة، وقد أدى هذا الصراع السياسي الذي تولد عنه مفهوم حقوق الإنسان لأول مرة في التاريخ الأوروبي إلى الحد من امتيازات السلطة الملكية في إنجلترا.
وعند فحص الانتقادات الموجهة لمنظومة حقوق الإنسان باعتبار أنها أولا إيديولوجيا للسوق وثانيا إيديولوجيا للهيمنة، يتبين أن معظم هذه الانتقادات (يطعن في الطابع الكوني لهذه الحقوق بقدر ما يوجه نقده إلى التوظيفات والاستعمالات التي خضعت لها سواء باستعمالها كأداة صراع سياسي داخلي أو ضمن صراع سياسي دولي بتوظيفها كإيديولوجيا توحيدية للسوق او كأداة للهيمنة السياسية على المستوى العالمي، ففي كل هذه الحالات نجد أن الأمر يتعلق بتوظيف مقولة حقوق الإنسان وباستثمار سمتها الكونية دون المجادلة في الكونية ذاتها.
والخلاصة أنه إذا أردنا فعلا تفعيل العلاقة المرتبطة بين ما هو خصوصي وما هو كوني، فقد تكون الخصوصية فعلا من أسباب إغناء ثقافة حقوق الإنسان إن هي كانت هي تسمح بهيمنة التقاليد الثقافية المتشبعة بحرية الفرد والمساواة وحماية السلامة الجسدية للأفراد. لكن في المقابل قد تستعمل الخصوصية لتمرير المساس بحقوق الإنسان وضمن مبادئها وهذا ما يشهده العالم في الغالب. لذلك فإن الإنسانية أحوج ما تكون اليوم إلى التأكيد على الطابع الكوني لمبادئ حقوق الإنسان كما انتزعتها قطاعات من البشرية بكفاءتها ومواجهة الموروثات السلبية التي تثقل خصوصياتنا.
المداخلة الأولى كانت للسيد حسن إبراهيمي حول (المواطنة والكرامة بالمغرب من خلال الإعلان العالمي لحقوق الإنسان) ميز فيها (بين الحرية الفلسفية والحرية القانونية) دون الخوض في المسائل (المتعلقة بعلاقة الحرية بالحق). ولقد حسب السيد حسن إبراهيمي أن الإشارة (التمييز بين الحريات العامة بحيث أنها تمارس جماعيا.. وأخرى شخصية أو فردية) ضرورية لتداخل مجالات هذه الحريات في ما بينها.
ولبيان ما بين الحرية والحق من اتصال زعم السيد حسن إبراهيمي أنه (بسبب الضغط الذي يمارسه المجتمع المدني على الدولة (الدول) يمكن للعديد من المطالب أن تصبح حقوقا منظمة بقوانين وطنية أو دولية كما يمكن لنفس المطالب [المكاسب] أن تتراجع لأسباب متعددة لتقليص مساحة الحريات بل الحقوق على مستوى التشريع فقط) أو (على مستوى الممارسة العملية).
وخلص إلى أن الحريات العامة (ارتقت إلى مستوى الحق ضمن مجموعة من النصوص القانونية الوطنية والدولية). ورأى المتدخل أن (الحريات العامة تصنف ضمن القانون الوطني غالبا كما تصنف حقوق الإنسان ضمن القانون الدولي. وعرج عقب ذلك إلى سرد الصراع ضد السلطة بما هو أهم حدث (أحداث) (طبع مراحل من أجل إقرار الحرية ومن أجل إعطائها طابعا وضعيا في إطار حقوق الإنسان أي بعد الانتقال من الإمبراطورية إلى الأمة).
ساهمت تلك الأحداث في تحولات في تبلور إعلان حقوق الإنسان والمواطن في فرنسا. ومع ذلك (فأهم فلسفة ينبغي الرجوع إليها للتمييز بين حقوق الإنسان وحقوق المواطن هي الفلسفة الماركسية). واستئناسا بأفكار ماركس رفض البعض (حقوق الإنسان لكونها تكرس الفردانية في إطار سلطة الطبقة البورجوازية واعتبرتها حقوقا شكلية).
ويرى البعض الآخر أن لحقوق الإنسان حضورا تاريخيا قديما.
ولم يغفل السيد حسن إبراهيمي أن يفصل القول في علاقة حقوق الإنسان بالديمقراطية لأنها تمكن (المواطن من ممارسة اختياراته السياسية وإنجازها بكل حرية). وأما الدول غير الديمقراطية فلا تفتأ تنتهك حقوق الإنسان.
وفي هذا الإطار، يضيف السيد حسن إبراهيمي، تم (صد العديد من الخروقات بالعديد من الدول منها المغرب). وبعد هذا التقديم المطول الذي كاد أن يستغرق عشرين دقيقة من الزمان شرع السيد حسن إبراهيمي في الحديث عن موضوع الكرامة والمواطنة بالمغرب من خلال الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
فالمواطنة كلمة غير مضمنة في المعالم العربية لكنها أضحت حاضرة بقوة في الخطاب الحقوقي المترجم في الغالب من الفرنسية إلى العربية.
وترتبط المواطنة بالديمقراطية إذ تنعدم المواطنة (في كل بلد يقع تحت هيمنة نظام أجنبي). ومن جانب آخر فتحقيق (المواطنة في أي مجتمع يتطلب أن تسود فيها المساواة بين المواطنين حيث لا ينبغي التمييز بينهم بسبب اللون أو الانتماء الطبقي أو الجنس أو العرق أو اللغة).
وأشار إلى أن الكرامة والمواطنة مفهومان ضمن في أربعة مواد من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. واستدرك قائلا بأن كلمة المواطنة لم ترد بصريح التعبير ضمن أي مادة من مواد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
ويرى السيد حسن إبراهيمي أن البرلمان المغربي لا يشرع كما (أن صلاحيات الحكومة ثانوية. لذلك فالبرلمان بهذه الشروط يصادق على مشاريع القوانين بعد تداولها في المجلس الوزاري).
وعلى مستوى الحقوق السياسية أشار إلى أن المغرب (شهد العديد من الحملات حيث اعتقل العديد من المناضلين... وأن هذه الظاهرة لازالت مستمرة) وفي هذا الصدد استشهد بأحداث مدينة سيدي إفني 2009 وأحداث مدينة صفرو. ولأن مسير الندوة أعلن عن نهاية الوقت المخصص للسيد حسن إبراهيمي فقد كان ينوي الاسترسال في ذكر الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والحق في السكن والحق في استعمال اللغة الأمازيغية كلغة رسمية وجبر الضرر الفردي والجماعي كما نص عليه ضمن مسودة مداخلته.
المداخلة الثالثة للسيد إبراهيم سلاك نصها بالحرف:( أولا أحيي الجامعة الوطنية للتعليم والفعاليات الحقوقية التي سايرتنا. وألتمس من الجمهور الحاضر مزيدا من سعة الصدر، لأننا أمام تعدد الأراء. وإننا نبتغي أن تسطع أنوار مدينة الريش، كما سطعت أنوار نيوتن وفلاسفة الأنوار بعد ظلام القرون الوسطى بأوروبا. تصب مداخلتي حول الجدل الدائر حول حقوق الإنسان بين الخصوصية والكونية، وأظن أنها استمرار لمداخلة مجيد حادون التي أثارت مجموعة من التساؤلات. وسأثير بدوري تساؤلات أخرى آمل أن تكون مستفزة للعقول ومستفزة للإنسان بشكل عام.
أول هذه مشروعية طرح السؤال حول جدلية الكون والخصوصي حول حقوق الإنسان؟ ألم يكن هذا الطرح حول.....يعيش إشكالا حقيقيا؟ و إذا كان الجواب بالإيجاب فما هو هذا السؤال البديل؟ أليس الإعلان العالمي لحقوق الإنسان من البديهيات المتعارف عليها عالميا، وحتى إن كان كذلك، ألا يجوز أن يرتفع نقده إلى معضلة إنسانية حقا؟ لماذا الخصوصي إذا كان الأمر يتعلق بالإنسان نفسه أي ذلك الكائن البشري المتميز عن غيره من الكائنات في الطبيعة أليست ثقافة حقوق الإنسان امتدادا لتخيلات فلسفة الحق التأملية أليست أسلوبا مجردا ومتعالي التفكير حول ما يسمى حاليا الدولة الديموقراطية التي عجزت عن معالجة الواقعي لها ألا يمكن اعتبار ثقافة حقوق الإنسان تقترب الإنسان مجردا وتبتعد من الإنسان الواقعي خصوصا الدولة العصرية الإنسان الواقع ولا تحقق إنسانيته إلا بصورة وهمية. ومهما اتسع الوعي النظري فما قيمته إذن كان ضيق أفق الدولة الديموقراطية؟ ومهما كانت الإجابة عن الأسئلة المشروعة المطروحة فإن تحرر الإنسان سيرا نحو الأنسنة لا يمكن أن يتم إلا على أساس النظرية التي تنادي بأن الإنسان هو الكائن الأسمى للإنسان ذاته. هنا نقطة البدء، ومن هنا يجب أن تتولد ثقافة حقوق الإنسان. تقدم المواثيق الدولية لحقوق الإنسان الحقوق على أنها شمولية للنوع البشري، بمعنى أنها وجهت إلى كل البشر بغض النظر عن الجنس أو العرق أواللون...إلخ. هذه النزعة الكونية ابتدأت منذ الإعلان الفرنسي لحقوق الإنسان والمواطن1789. هذه الكونية تمتد إلى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان كذلك 1948، فالمادة الثانية تنص على أن لكل إنسان الحق في الحقوق الإنسانية بغض النظر عن العرق أو اللون أو الجنس، أو الدين أو اللغة. ومعظم البنود اللاحقة تبدأ بعبارة لكل فرد الحق، لكل إنسان، الناس جميعا.... أما الجيل الثالث لحقوق الإنسان فهو يتحدث عن الإنسانية كافة. إذن فثقافة حقوق الإنسان هي للجنس البشري برمته، إلى درجة أن هناك من يعتبر أنه نوع من النرجيسية الإنسانية على حساب الكائنات الحية الأخرى. هاته الشمولية تتجسد في الكرامة والمساواة والعدل، وكل القيم الإنسانية التي تنادي بها الشرعية لحقوق الإنسان. كما أن هذه الثقافة اتخدت صبغة قانونية، بمعنى أنها ملزمة لكل دول المعمور، التي يجب عليها تصادق عليها ما لم تفعل أي أنها اكتسبت قوة القانون. أن ينطبق عليها ما لا تفعل أي أنها اكتسبت قوة القانون ومصدرا من مصادر التشريع. أين يكمن الإشكال إذن؟ التشنجات والانفعالات تنطلق من الفرضية الثنائية الغرب والشرق. فعندما تنسب الكونية للغرب ولثقافة الغرب فإن الأمر يولي جدلا واسعا إن لم يكن رفضا مسبقا خصوصا إذا تقابلت معه ثقافة تصنف مما يسمى القوانين الوضعية. وخلف هذه التعميمات تختفي الحقيقة. وهنا نعطي لأنفسنا الحق في القول، هل الثقافة الغربية نفسها واحدة منسجمة؟ أم الأمر يتعلق، فقط، بالزائدة الطاغية من حيث الثقافة الغربية. كما أنه نتساءل ألم تساهم باقي الثقافات الأخرى في بلورة هذه الحقوق؟ وإلى جانب هذا الصراع النظري الطويل، الذي يطلقون عليه أحيانا، وربما تمويها صراع الحضارات، هناك الشق العملي والسياسي فهو الأكثر وضوحا في جدلية الكوني والخصوصي. وقبل الخوض فيه، يحق لنا أن نسجل أنه في أحيان كثيرة، القول بالخصوصية الثقافية قول الحق يراد به باطل. لأنه غالبا ما يكون تبريرات لانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان. كما أن الحديث عن الخصوصية تبرير لتعارضات مع ممارسات سياسية أو اجتماعية من قبيل ممارسة التطور عن طريق الألم الجسدي في كل من البوذية والهندوسية. وقد نجدها حالة المغرب في الأضرحة وبعض الطقوس الاجتماعية. وكذلك العقوبات الواردة في بعض القوانين الجنائية كقطع اليد الرجم والجلد والإعدام وضرب النساء وهي ممارسات تتعارض مع حقوق الإنسان كالحق في السلامة الجسدية ومناهضة التعذيب والاعتداء الجسدي. وفي موضوع الزواج قد نجد تعارضا بين وصاية الأب والوالي، وبين المادة 16 للرجل والمرأة بلغا سن الزواج حق التزوج، وتأسيس أسرة دون قيد بالإضافة إلى التعارض مع الزواج بغير مسلم.المسلم ومنها أيضا الحق في الاعتقاد الديني حيث يحرم الردة ويقام الحد في بعض الشرائع مما يتعارض مع الحق في المعتقد الذي أفرزته المواثيق الدولية، أي حرية التفكير والضمير والمعتقد، كما أن العنصرية وكراهية الأجانب في دول الغرب، تتنافى كليا مع المبادئ الحقوقية الكونية، بمعنى أن الحسم في المستوى النظري يقابله في الشارع العدمية، ودائما في مجال التعارض بين الكوني والخصوصي تنص المادة 18 في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أن لكل شخص الحق في التفكير والضمير والدين ويشمل هذا الحق حرية تغيير ديانته أو عقيدته. في حين توصي المادة 22 في الإعلان الإسلامي على أن لكل إنسان الحق في حرية التعبير والرأي بكل وسيلة وفي حدود المبادئ الشرعية وفي التربية والتعليم تعتبر الإعلان العالمي على أن هذا الحق مطلق، كما ورد في الإعلان الإسلامي إلا أن هذا الأخير يعطي الأباء الحق في اختيار نوع التربية التي يريدونها لأبنائهم. ومن الناحية السياسية نجد التعارض بين الحق الإلهي في الحكم من المنظور الإسلامي مقابل الشرعية الانتخابية والدستورية. كيف تتعامل القوى العالمية مع حقوق الإنسان في الوقت الذي نجد الدول المسيطرة تمارس هيمنتها على دول التبعية في ملفات حقوق الإنسان وتتهمها باستمرار الانتهاكات حيث نجدها أول من يخرق هذه الحقوق من خلال إشعال الحروب وقتل الأبرياء وإقامة معتقلات سرية، الحرب على العراق، أفغنستان،..إبادة إسرائيل- وهي الجبهة المتقدمة العالمي الجديد- للشعب الفلسطيني، معتقل كوانتانامو والقائمة طويلة، مما يوضح أن ثقافة حقوق الإنسان ليست في الأصل ثقافة غربية أو اختيار حكومات أو أنظمة أو الدول، كل إن كل هذه عملية انتقائية وما يخدم مصالحها وتسعى إلى تقوية هذه الإيديولوجية. فحلف الناتو تدخل في ليببيا بدعوى حماية المدنيين ويستحيل حتى التفكير في ردع إسرائيل. وكذلك التدخل في سوريا حاليا. إذن فثقافة حقوق الإنسان هي في الأصل ثقافة الشعوب والبسطاء من الناس الذين عمدوا أن يحولها إلى قوة مادية..... ونقطة الانطلاق لا يمكن أن تبدأ إلا بإشاعة هذه الثقافات وتحويلها غلى أساس من أسس بناء دول الشعوب.
- المداخلة الرابعة كانت لممثل الحركة التلاميذية (لا نتوفر على تسجيلها).
- المداخلة الخامسة حول تاريخ الصراع بين الكونية والخصوصية للأستاذ أحمد كيكيش:
(شكرا السيد المسير، تحية حقوقية للحضور الكريم، من فعاليات حقوقية وحركة تلاميذية ، وممثلي المجتمع المدني ، مداخلتي تندرج أساسا حول تاريخ الصراع بين الكونية والخصوصية. كما تعلمون بأن حقوق الإنسان لم تأت من فراغ بل أتت من عصارة من الأحداث، القتل، إبادة الجنس البشري، الرق، العنصرية، التعذيب، الاختطافات إلى غير ذلك. هنالك استيقظ الضمير البشري وأسس عصبة الأمم. من الوكالات المهتمة بهذا المجال منظمة اليونسكو أو منظمة العمل الدولية. طرحت مجموعة من الإشكاليات في النظام الحقوقي الدولي. وسأبدأ بعد تاسيس منظمة الأمم المتحدة سنة 1945، وإلحاق الوكالات التابعة لعصبة الأمم إلى هيئة الأمم المتحدة. وفي تلك الأثناء تم التفكير في صياغة دستور دولي عرفي الذي يسمى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان سنة 1948، حيث شاركت فيه مجموعة من الغيرات من نبلاء من أصحاب الفكر والعلم والسياسة وبعض رجال الدينن فتمت صياغة 30 مادة أولها (يولد الناس أحرارا متساوون في الحقوق وقد وهبوا عقلا وضميرا وعليهم أن يعامل بعضهم بعضا بروح الإخاء). وتنبغي الإشارة إلى أن كلمة وهبوا طرحت إشكالا. ومن بين الذين ساهموا في تحرير الإعلان المذكور روني كاسان يستلزم علينا جميعا الاحتكام للعقل والحكمة. نحن نؤسس أول نواة تعاقدية لبني البشر طبقا لقانون وضعي وليس قانون إلهي. لقد قال روني كاسان للجانب المحافظ، للجانب الذي يبتغي تمرير إيديولجيته، إن هذه الكلمة منبثقة من الفكر البشري بعيدا كل البعد عن قانون الإله. انسحبت مجموعة من الدول وعلى رأسها المملكة السعودية . فالإعلان العالمي لحقوق الإنسان صوت عليه بالإجماع باستثناء الدولة الوهابية، لأنها ترى أن هذا العقل، وهذا الفكر، منح من الله. فالمفكرون طالبوا الفصل بين الفكر البشري الذي يؤمن بالقانون الوضعي والفكر البشري الذي يؤمن بالخرافات والديانات إلى غيرذلك. بعد صياغة هذا الصك الدولي وهو دستور عرفي وتمت المصادقة عليه شرع الصراع بين الكونية والخصوصية من جديد...فأنذاك كان الصراع بين المعسكر الشرقي والمعسكر الغربي، وكانت الأمم المتحدة، قاب قوسين أو أدنى من الانفجار، كما حدث لعصبة الأمم فتم التوفيق بين الوفد الروسي (الاتحاد السوفياتي أنذاك) والوفد الفرنسي برئاسة روني كاسان، فاجتمع الرأي على اعتماد النصين، العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي يركز على الحقوق الفردية، الحق في حرية التفكير والتعبير، الحق في الملكية. ركز العهد الأول على الفرد لإحراج المعسكر الشرقي. أتى هذا المعسكر بالنص الثاني ويتعلق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وهي حقوق جماعية لإحراج المعسكر الغربي فتم التوافق على النصين سنة1966، ولم يتم التصويت بصفة عامة إلى سنة 1977. فالصراع حول العالمية والخصوصية بمفهومه الديني والسياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي. هنالك تعززت الشرعة الدولية لحقوق الإنسان والتي تضم الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ثم البروتوكول الأول الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي يبيح تقديم الشكاوى الفردية لدى لجنة الأمم المتحدة التي تأسست سنة 1946 وهي لجنة شكلية وليست آلية فعالة. لما تتلقى الشكايات بالانتهاكات تعبر عن القلق وتحرج الدول في المحافل الدولية. رأت مجموعة من الدول، في إطار الخصوصية والكونية، أن وتيرة النظام الدولي لحقوق الإنسان بطيئة جدا فالتجأت إلى تأسيس أنظمة إقليمية لحقوق الإنسان، وعلى رأسها النظام الأوروبي لحقوق الإنسان لنصرة المواطن الأوروبي، ومن أجل النصرة تأسست المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان. وبموازاة ذلك تأسس النظام الأمريكي لحقوق الإنسان، وتأسست المحكمة الأمريكية لحقوق الإنسان. وهناك الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والميثاق العربي لحقوق الإنسان. لكن أين المحكمة الإفريقية لحقوق الإنسان؟ وأين المحكمة العربية لحقوق الإنسان؟ وأضيف أن هذه الخصوصية أثارت مجموعة من الإشكالات حول حقوق الإنسان كما هي مضمنة في الشرعة الدولية لحقوق الإنسان... [وكل الحقوق مترابطة في ما بينها ومرتبطة بالدولة المدنية]. وكلها غير قابلة للتجزئة. وطرحت كذلك، مسألة الخصوصية بما هي خصوصية دينية في الجيلين الأول والثاني لحقوق الإنسان. فالخصوصية في الواقع هي غياب الحكمانية وهي الحكامة والديموقراطية. لما نقول الولاية المتحدة الأمريكية دولة غربية ونربط حقوق الإنسان بالغرب، فهذا غير صحيح. فالولاية المتحدة الأمريكية لم توقع على مجموعة من الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان ومنها اتفاقية حقوق الطفل. وكل دولة لا تحترم حقوق الإنسان فهي خارج الحداثة. وأما الدولة المدنية هي التي تحترم حقوق الإنسان، كما نص عليها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي ركز على حرية الفكر والوجدان.
في تاريخ تأسيس الدولة المغربية، لا أخفي عليكم أننا عشنا أحداثا، اعتقالات، اختطافات تعذيب...، لكن بعد انقسام المنتظم الولي على مقاربتين، مقاربة العدل والإنصاف، ومقاربة عدل المنتصرين. ومنذ نشأة دولتنا إلى سنة 1999، كانت تعيش مقاربة عدل المنتصرين، وابتداء من 1999 وهنا سأختلف مع مجموعة من الإخوان، نزلت مقاربة العدل والإنصاف، وهي جزء من التجارب الدولية التي حققت تصفية الماضي الأليم، والتي خاضتها هيئة الإنصاف والمصالحة. انطلقت تجربة جنوب أفريقيا في البداية، لكنها مغلفة بالمسيحية مما أضفى عليها الطابع السلبي، وأما المقاربة المغربية فتحتم علينا أن ننحني لروح إدريس بن زكري الطاهرة والذي قاد هذه التجربة ونحن نعيش تمارها. وهناك قضايا يجب أن نناقشها ذلك أن أحد المتدخلين انتقد الدستور الجديد، ذلك أن هذا الدستور حوى كل توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة. يجب علينا أن نكون في مستوى تطبيق ما تضمنه الدستور. يجب علينا أن نؤمن بالاختلاف، وبالدولة المدنية العصرية التقدمية. وإنه لأول مرة نلمس في الدستور المغربي سمو المواثيق الدولية، ولا وجود لهذه الإشارة في الدساتير السابقة....قد نختلف لكن هدفنا إسقاط المفسدين الذين ينهبون مال هذه البلاد...وأما الخصوصية فلم يحدث أن كانت ضد العالمية والكونية ..فالخصوصية اليوم هي الحكامة المحلية. ويجب أن تخدم الحكامة المحلية حقوق الإنسان).
المداخلة الأخيرة كانت حول الصكوك الدولية لحقوق الإنسان من إعداد لحسن أيت الفقيه مما جاء فيها:
(أصرح في البداية أني حضرت في هذا المقام كفاعل حقوقي مجردا من أي لباس أو صفة. ومن جانب آخر لن أنتقد أي نظام سياسي لأي بلد أو أي شخص. سأتناول حقوق الإنسان من خلال النصوص معتبرا أنها – حقوق الإنسان- تقتضي تملكها. وإني أخال هذا التقدير موافقا لزعم الأشاعرة المتكلمين المسلمين فيكون النقل مقدم- هنا- على العقل). انتظمت المداخلة في ثلاثة فصول، أولها يخص التعاريف، وثانيها يهم نظام الأمم المتحدة لحماية حقوق الإنسان وثالثها يركز على المغرب والصكوك الدولية لحقوق الإنسان. وبعد ذلك وقف عند مجموعة من رموز المواثيق الدولية التي تبنتها الأمم المتحدة.
استُهل الفصل الأول من المداخلة بتصنيف تلك المعاهدات، تبين أن هناك معاهدات فئوية وأخرى موضوعاتية وهناك القانون الدولي الإنساني لكن الوقوف عند كافة هذه المعاهدات يستدعي وقتا طويلا. لذلك يجب الوقوف عند النواة الصلبة لحقوق الإنسان وهي العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والاتفاقية الدولية للقضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة، والاتفاقية الدولية المتعلقة بالاختفاء القسري. وللتذكير فالمداخلات السابقة لم تعرف الحق ولم تبين معناه. وقد تحدث الأستاذ حسن إبراهيمي عن الحريات ولكن لم يربطها بالحق الطبيعي والقانون الطبيعي. لذا وجب الوقوف عند الفيلسوف سبينوزا بل توماس هوبز الذي قال:( ينبغي مع ذلك التمييز بين الحق والقانون، ذلك أن الحق يعتمد الحرية، حرية المرء في أن يفعل فعلا ما، أو يمتنع عن فعله. أما القانون فهو الذي يرتبط بواحد منهما دون الآخر، (أي بالفعل أو الامتناع عن الفعل)، فهو الذي يحدد ويعين. ومن ث فالقانون والحق يختلفان اختلافا كبيرا مثلما يختلف الإلزام والحرية من حيث أنهما يتناقضان في الموضوع الواحد). فالحق يرتبط بالحرية المطلق ولما يقيد يصبح قانون طبيعيا، وعليه تقوم المدنية. واستئناسا بذلك، فقيم حقوق الإنسان مضمنة في الديانات والأعراف لكنها غير مسطرة في قوانين، وغير مصنفة كمواد قانونية وبنود ملزمة تستلزم احترامها. ومن جانب آخر فحقوق الإنسان، كما قال الأستاذ كيكيش، مرتبطة بالقانون الطبيعي وقد نظر له فلاسفة الأنوار. فهي حقوق طبيعية لم تكن موهوبة من طرف إله ما أو جهة ما. فالإنسان يولد بهذه الحقوق كما هو مضمن في المادة الأولى من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان(يولد الناس أحرارا متساوين في الحقوق وقد وهبوا عقلا وضميرا وعليهم أن يعامل بعضهم بعضا بروح الإخاء). ولذلك فاحترام حقوق الإنسان يعني عدم انتهاكها. شكل هذا التوضيح مدخلا لتناول خصائص حقوق الإنسان من حيث هي منصهرة في قوانين ومن حيث هي شاملة لا تقبل التجزؤ، عالمية أو هي نظام من القيم متعارف عليها عالميا. وأما تصنيفها فكان على أساس الموضوع أو طبيعة الصكوك الدولية. فهناك حقوق اقتصادية واجتماعية وثقافية يطغى عليها الطابع الجماعي، وحقوق مدنية وسياسية يطغى عليها الطابع الفردي، وتركز على تعسفات سلطات الدولة والحماية منها كحرية التعبير وتأسيس الجمعيات. ومن حيث الصكوك هناك نصوص ملزمة وغير ملزمة. فالملزم منها يقضي إقدام البلد الذي انضم إلى اتفاقية ما أو عهد ذي طابع اتفاقي تغيير القوانين لتتناغم وذلك العهد، أو تناسبه. وأما غير الملزم فهو للاستئناس كالإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
• الفصل الثاني من المداخلة تناول نظام الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، فتم التركيز في البداية على الهياكل كالجمعية العامة التي قرارتها غير ملزمة والمجلس الاقتصادي والاجتماعي الذي يجتمع مرتين في السنة إحداهما بنيويورك والثانية بجينيف، ثم لجنة حقوق الإنسان التي تتخذ قرارات سياسية، واللجنة الفرعية لحماية حقوق الإنسان التي تعقد دورة واحدة في السنة. وأخيرا الهيئات التعاهدية. وعنهذه الهيئات فصل القول في دورها الكامن في مراقبة حسن تطبيق المعاهدات التسع، وعدد الخبراء المخصص لكل معاهدة، ما بين عشرة خبراء و23 خبيرا، ومسطرة تلقي الشكاوى الفردية. وتشفع بعض المعاهدات ببروتوكولات اختيارية تشمل على أحكام تخص قضية واحدة أو تسمح باتخاذ إجراءات معينة مثل الشكاوى الفردية والتحقيقات. وفي هذا الصدد تم التركيز على البروتوكول باتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة والذي صادق على الانضمام إليه المجلس الحكومي يوم 26 مايو 2011، وكذا المواد التي رفع عنها المغرب التحفظ ويتعلق الأمر بما ضمن في البندين 1 و 2 من الفقرة (ب) من وثائق انضمام المملكة المغربية إلى الاتفاقية المذكورة المعتمدة من قبل الأمم المتحدة يوم 18 دجنبر 1979. ذلك أن الفقرة (ب) من وثائق انضمام المغرب يوم 21/6/1993 تخص التحفظات حول البند الأول والذي يتعلق بالفقرة الثانية من المادة 09: (تتحفظ المملكة المغربية على هذه الفقرة نظرا لكون قانون الجنسية المغربية لا يسمح بأن يحمل الولد جنسية أمه إلا في حال ولادته من أب مجهول......أو من أب عديم الجنسية مع الولادة في المغرب.....كما أن الولد المولود بالمغرب من أم مغربية واب أجنبي يمكن أن يكتسب جنسية أمه بشرط.....). وأما البند الثاني فيتعلق بالمادة 16 (تتحفظ الحكومة المغربية على مقتضيات هذه المادة وخصوصا ما يتعلق منها بتساوي الرجل والمرأة في الحقوق والمسؤوليات أثناء الزواج وعند فسخه...). وشكل رفع التحفظ على البروتوكول المذكور وعلى الفقرة الثانية من المادة 09، والمادة 16، مدخلا لمناقشة نقط تتعلق بالشكاوى الفردية والذي يخص خمس لجان فقط: لجنة القضاء على التمييز العنصري، واللجنة المعنية بحقوق الإنسان، ولجنة مناهضة التعذيب، ولجنة القضاء على التمييز ضد المرأة، ولجنة حماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم. وتستطيع اثنتان من هيئات المعاهدات، لجنة مناهضة التعذيب،لجنة القضاء على التمييز ضد المرأة، إجراء تحقيقات سرية في الانتهاكات المزعومة لأحكام المعاهدات ذات الصلة، إلا في الحالات التي قررت حينها الدولة الطرف الانسحاب من هذا الإجراء. وعن دور أجهزة المعاهدات في دراسة تقارير الدول الأطراف أشير إلى أنها توفر الدول المعلومات عن التحديات والمصاعب التي واجهتها الدول في إنجاز التقارير المقدمة إلى الهيئات التعاهدية، وفق معدل دوري لتقديم التقارير، يتراوح بين سنتين وخمس سنوات، وفي تنفيذ مقتضيات الاتفاقية. ولم يسمح الوقت بالاسترسال لعرض الفصل الثالث من المداخلة.



#لحسن_ايت_الفقيه (هاشتاغ)       Ait_-elfakih_Lahcen#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من أجل تفاعل أحسن بين الأعراف التقليدية والقوانين المؤسساتية ...
- مشروع (سيبام) بداية حسنة للاعتراف بالتعدد الثقافي والحق في ب ...
- حقوق الإنسان والتقطيع الإداري الجهوي بالمغرب: خريطة الأضرار ...
- الماء والطقوس السحرية بجبال الأطلس الكبير الشرقي المغربية
- النباتات والطقوس السحرية بجبال الأطلس الكبير الشرقي المغربية
- صيف حقوق الإنسان الساخن بجهة مكناس تافيلالت المغربية في الصح ...
- التربية على حقوق الإنسان بالمدرسة المغربية وحرية الموقف
- حصيلة الاستعمار الفرنسي في المغرب
- الرشوة في المغرب والذاكرة الجماعية بالجنوب الشرقي المغربي في ...
- متحف الريف، بداية حسنة لمستقبل ممارسة المتحف والحفظ الإيجابي ...
- النباتات والأعشاب بالأطلس الكبير الشرقي بين الغذاء والطب الت ...
- ذاكرة الاعتقال السياسي الحية بالجنوب الشرقي المغربي
- حقوق الإنسان بجهة مكناس تافيلالت في الصحافة المغربية المكتوب ...
- قافلة جمعية إعادة تأهيل ضحايا التعذيب الطبية بين العلاج وجبر ...
- إملشيل: التواصل والتنادي لتسوية الخلاف على حقوق جماعية كانت ...
- خريطة فقر إيميلشيل أم خريطة الضرر الجماعي؟ – قراءة في كتاب ( ...
- سد الحسن الداخل والحقوق الجماعية بضاحية الرشيدية بالمغرب
- حفل مركز طارق بن زياد للدراسات والأبحاث في قراءة كتاب «إملشي ...
- الأرض السلالية والحقوق الجماعية بإملشيل الشرقية- المغرب
- الجهوية المغربية المتقدمة بين الوظيفة والانسجام - حالة الأطل ...


المزيد.....




- إسرائيل: 276 شاحنة محملة بإمدادات الإغاثة وصلت إلى قطاع غزة ...
- مفوضية اللاجئين تطالب قبرص بالالتزام بالقانون في تعاملها مع ...
- لإغاثة السكان.. الإمارات أول دولة تنجح في الوصول لخان يونس
- سفارة روسيا لدى برلين تكشف سبب عدم دعوتها لحضور ذكرى تحرير م ...
- حادثة اصفهان بين خيبة الأمل الاسرائيلية وتضخيم الاعلام الغرب ...
- ردود فعل غاضبة للفلسطينيين تجاه الفيتو الأمريكي ضد العضوية ...
- اليونيسف تعلن استشهاد أكثر من 14 ألف طفل فلسطيني في العدوان ...
- اعتقالات في حرم جامعة كولومبيا خلال احتجاج طلابي مؤيد للفلسط ...
- الأمم المتحدة تستنكر -تعمد- تحطيم الأجهزة الطبية المعقدة بمس ...
- يديعوت أحرونوت: حكومة إسرائيل رفضت صفقة لتبادل الأسرى مرتين ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - لحسن ايت الفقيه - ندوة حقوق الإنسان بين الكوني والخصوصي