أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد سيد رصاص - العراق:حصيلة احتلال















المزيد.....

العراق:حصيلة احتلال


محمد سيد رصاص

الحوار المتمدن-العدد: 3575 - 2011 / 12 / 13 - 15:14
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


قال وزير الخارجية الأميركية كولن باول،قبيل شهر ونصف من غزويوم19آذارمارس2003للعراق:"النجاح في العراق قد يعيد ترتيب هذه المنطقة جذرياً بطريقة ايجابية تخدم أكثر المصالح الأميركية".وقد بدا أن هذا في طريقه للتنفيذ لما ذهب الوزير باول إلى دمشق في يوم الجمعة 2أيارمايو عقب ثلاثة أسابيع من احتلال بغداد ليقدم للقيادة السورية،التي وقفت موقفاً رافضاً للغزو والاحتلال،مطالب ثلاثة تتعلق بالعراق وفلسطين ولبنان بعد أن أعلن عند وصوله لمطار دمشق أن الهدف من زيارته هو عرض"كيف تنظر الولايات المتحدة إلى تبدل الوضع في المنطقة مع رحيل صدام حسين".
في تلك الأيام الدراماتيكية، كانت البداية الأميركية بدمشق المعزولة،عقب تحالف أميركي- ايراني في العراق المغزو والمحتل،متوقعة،أولاً لتأمين الظهر الأميركي في العراق لمنع سوريا من أن تكون ظهيراً للمقاومة العراقية التي وضح منذ تلك الأيام أنه سيكون منبعها من الوسط والغرب العراقييين،وثانياً لاستغلال ذلك التباعد الايراني- السوري من أجل إما تصفية"حزب الله" اللبناني أوتحجيمه،وثالثاً،استغلال تلك التداعيات لسقوط بغداد ،التي تم فيها طرح "خريطة الطريق"الأميركية للموضوع الفلسطيني - الاسرائيلي قبيل يومين من زيارة باول لدمشق،من أجل فرض أوضاع على السوريين تؤدي إلى تقييدهم لنشاطات حركتي"حماس" و"الجهاد".
لم يكن التجاوب السوري وفق المأمول الأميركي من تلك الزيارة،وهذا أدى إلى صدام بين دمشق وواشنطن لم يكن مسبوقاً منذ أيلول1970لماأدى دخول القوات السورية إلى الأردن أثناء ذلك الشهر الدامي بين الأردنيين والفلسطينيين إلى أزمة كبرى(دولية واقليمية وداخلية) كان مآلها سقوط حكم اللواء صلاح جديد ومجيء الفريق حافظ الأسد للسلطة في دمشق بيوم16تشرين ثانينوفمبر1970.
قادت هذه التطورات السورية- الأميركية ،الناتجة عن الصدام بين دمشق وواشنطن حول العراق المغزو والمحتل،إلى رفع الغطاء الأميركي عن الوجود السوري بلبنان،القائم منذ يوم الدخول السوري إلى لبنان بيوم1حزيرانيونيو1976والمعزز بحكم دخول دمشق في "التحالف الدولي"بقيادة واشنطن ضد العراق عقب غزو2آبأوغسطس1990العراقي للكويت بغطاء أميركي جديد للسوريين في لبنان كانت ترجمته ضد العماد ميشال عون في يوم13تشرين أولأوكتوبر1990بقصر بعبدا. كان التجسيد العملي لرفع الغطاء الأميركي عن الوجود السوري في لبنان متمثلاًً عبر (القرار1559)2أيلول-سبتمبر2004الذي قاد إلى انفجار داخلي لبناني،وإلى استقطابات لبنانية- لبنانية كانت انعكاساً للصدام الأميركي- السوري ثم الايراني بعد انفكاك التحالف الايراني - الأميركي عقب استئناف طهران لبرنامجها في تخصيب اليورانيوم بشهر آبأوغسطس2005مستغلة مكاسبها المستجدة في عراق مابعد صدام حسين.
على مايبدو أرادت واشنطن من ذلك، البدء ب"ترتيب المنطقة جذرياً"من شرق المتوسط مستغلة وضعيتها المستجدة في بلاد الرافدين،وربما كادت تصل،من مؤشرات عديدة في صيف وخريف عام2005، للتفكير ،هي وحليفتها الفرنسية المستجدة في عام2004،بأن "باب التغيير في دمشق"يبدأ من بيروت،قبل أن تستقر العاصمة الأميركية في أواخر عام2005،وربما ضد سياسة الرئيس شيراك،على أن المطلوب في دمشق"هو تغيير السلوك،وليس تغيير النظام": من دون هذا الصدام الأميركي مع دمشق وطهران،المتجسد أساساً بأطراف مثلثه في لبنان فيما كان مستعراً في العراق بين سوريا والأميركان فقط حيث كانت حكومة نوري المالكي المؤلفة في أيارمايو2006تقاسماً قلقاً للنفوذ بين واشنطن وطهران،لايمكن تفسير نشوب حرب صيف2006في لبنان التي قالت عنها وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليسا رايس في أسبوعها الأول بأنها " آلام مخاض ضرورية لولادة الشرق الأوسط الجديد"بعد أن تعثرت ولادته في بلاد الرافدين.
لم تؤد تلك الحرب إلى ولادة ذلك الجنين الذي بدأ الحبل به مع احتلال بغداد في يوم الأربعاء9نيسانإبريل2003:على العكس من هذا كانت نتائج حرب2006مؤدية إلى مد اقليمي في عموم المنطقة الممتدة بين كابول والساحل الشرقي للمتوسط كان مضاداً للأميركان تجسد في ازدياد مقاومة طالبان للأميركان في أفغانستان ولزيادة الإضطراب العراقي وفي نكسات لحلفاء واشنطن في غزة14حزيرانيونيو2007وفي بيروت 7أيارمايو2008،قبل أن يتحول هذا التراجع الأميركي في منطقة الشرق الأوسط إلى ترجمات هي أبعد من ذلك الإقليم كما ظهر في جورجيا لصالح الروس في آبأوغسطس2008ثم في أوكرانياشباط-فبراير2009،وهو ماتجسد لاحقاً في تراجع الرئيس أوباما في الصيف اللاحق عن خطط نشر برنامج الدرع الصاروخي في بولندا وتشيكيا بحكم ذلك التوازن المستجد مع موسكو.
هنا،قادت هذه التطورات الإقليمية،التي جعلت الأميركان في أعوام2006-2009في حالة جزر اقليمي بمنطقة الشرق الأوسط،إلى جعل الأميركان يفقدون السيطرة على مسار التطورات العراقية لصالح طهران،وهو ماتجسد في حكومة المالكي الجديدة بخريف2010التي كان واضحاً ميلان موازينها لصالح الايرانيين منذ بداية تشكيلها وفي مسار عام ونيف من عمرها،بخلاف حكومته الأولى عام2006التي كانت تقاسماً للنفوذ بين واشنطن وطهران،بعد شهر من دعوة السيد عبد العزيز الحكيم في نيسانإبريل2006،إلى "تفاهم أميركي- ايراني"حول العراق والمنطقة.
يمكن القول الآن،وقبيل أسابيع قليلة من يوم31كانون أولديسمبر2011موعد الإنسحاب العسكري الأميركي من العراق،بأن توقعات الوزير باول في شباطفبراير 2003عن"النجاح في العراق"لم تتحقق في احداث إعادة " ترتيب جذرية"للمنطقة لصالح واشنطن:كان هناك فشلاً أميركياً في إدارة بلد محتل من خلال انعدام رؤية ل"اليوم التالي" لحدوث الاحتلال،كان من الواضح أن الحاكم الأميركي للعراق في عامي2003و2004بول بريمر لم يكن يملكها، الشيء الذي لايمكن قوله مثلاً عن المعتمد البريطاني كرومر في مصر عقب احتلال عام1882،وهو ماأدى إلى تحقق كل مخاوف بوش الأب في عام1991عبر ابنه في عام2003لماأمر الجنرال شوارزكوف بالتوقف عن الزحف لبغداد لرؤية لديه بأن من سيملأ فراغ صدام حسين لن يكون سوى القوى العراقية المحلية الموالية لطهران.
من جهة أخرى،وضح ،وعبر المثال اللبناني المتداعية مساراته بفعل القرار1559،بأن واشنطن لم تستطع استثمار ديناميات هي أطلقتها في بلد محدد بفعل تلاقي قوى داخلية فيه مع رياح اقليمية- دولية،كماجرى ببلاد الأرز في ربيع وصيف عام2005من قبل قوى14آذار التي تلاقت أشرعتها مع الرياح الأميركية الآتية من بلاد الرافدين ضد السلطة السورية،وإنما على العكس من ذلك ارتد الأمر على واشنطن وحلفائها اللبنانيين المحليين في مسارات معاكسة تجمعت تراكماتها في 7أيار2008قبل أن تصل لذروة معينة بإسقاط حكومة الرئيس سعد الحريري في بداية عام2011في مسار كان من الواضح أنه سيؤدي إلى حكومة لبنانية أخرى موالية لدمشق وطهران.
من جانب ثاني،أيضاً،أطلق الإحتلال الأميركي للعراق،ديناميات قادت إلى صعود القوة الكردية ليس فقط في العراق وإنما في عموم المنطقة،مماأدى إلى قلق كبير عند حليف رئيسي للأميركان في أنقرة،وهوماقاده بالأصل إلى رفض فتح"جبهة شمالية"قبيل ثلاثة أسابيع من غزو العراق وللصدام مع واشنطن،ثم آل به هذا التنامي للقوة الكردية لفتح صفحة جديدة مع سوريا منذ عام2004مماأدى إلى تقوية دمشق المتصادمة مع الأميركان:كان هذا مثالاً كبيراً ،كذلك، على اطلاق الفعل الأميركي لديناميات كانت ترتد لغير صالح واشنطن،وهي تدل على "انعدام الرؤية لليوم التالي"عند قوة عالمية عظمى من الواضح على الأقل من خلال التجربة العراقية بأن هناك انعداماً للتناسب عندها بين قوتها العسكرية – التكنولوجية- المادية- الاقتصادية الكبيرة وبين قوة رؤيتها الفكرية- السياسية للأمور.
هنا،كماأن قصة الفشل الأميركي في العراق تدل على "انعدام الرؤية لليوم التالي"للغزو والاحتلال،فإن قصة النجاح الأميركي مع "الربيع العربي"في عام2011الدراماتيكي تدل على شيء مماثل:ملاقاة على عجل في مصر(بعد دربكة وتخبط في تونس)لرياح داخلية فاجأت واشنطن بأنها ستؤدي إلى ترنح وسقوط حليفها الاقليمي الكبير في أرض الكنانة،مماجعلها تلتفت وعلى عجل إلى ملاقاة الاسلاميين ،الذين وقفت ضدهم مع حكام القاهرة وتونس والجزائر في تسعينيات القرن الماضي،بعد أن أدركت عجز أولئك الحكام عن امتلاك االقدرة الداخلية للبقاء والاستمرار،في دينامية جديدة تطلقها واشنطن تقوم على ملاقاة وقبول تحولات داخلية تطلقها القوى المجتمعية عبر موجة ديموقراطية تهب على عموم الأنظمة الجمهورية العربية من الواضح أنها ستحمل الاسلاميين إلى السلطة عبر صندوق اقتراع مابعد تلك التحولات،مقابل انخراط الاسلاميين السنة العرب في حلف مع الأميركان ضد ايران(ومعها بغداد)ومن بعدها(و الآن) ضد موسكو وبكين عبر اللعب على المكونات الاسلامية في الاتحاد الروسي والصين.
هل هناك تفكير أميركي في "اليوم التالي"لهذا؟...



#محمد_سيد_رصاص (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجزر والمد في السياسة:الاسلاميون مثالاً
- مابين دمشق وأنقرة 1921- 1957
- نزعة الاستعانة أوجلب الأجنبي للشؤون الداخلية:العراق نموذجاً
- استقطابات القوى السياسية السورية أمام مبادرة الجامعة العربية
- الإستيقاظ الروسي
- اسرائيل و-الربيع العربي-
- حشر ايران في الزاوية
- المعادلة السورية الجديدة:آليات السقوط أوالتغيير ومدى امكانية ...
- ايران و -الربيع العربي-
- التدخل الخارجي والحرب الأهلية
- التباسات التغيير الليبي
- القذافي ظاهرة عربية،أكثرمنها ليبية:محاولة للمراجعة
- المعارضة -التقليدية- و-الجديدة-
- واشنطن استعادت في 2011 ما خسرته بين 2007 - 2010 من قوتها في ...
- بعض خصائص المسار التاريخي للحياة السياسية السورية
- خريطة اجتماعية سياسية اقتصادية للاحتجاجات في سورية
- غروب مرحلة عربية
- الاسلاميون والعسكر
- تبدل أشكال التعبير السياسي للجماعات
- الدور الاقليمي التركي


المزيد.....




- وحدة أوكرانية تستخدم المسيرات بدلا من الأسلحة الثقيلة
- القضاء البريطاني يدين مغربيا قتل بريطانيا بزعم -الثأر- لأطفا ...
- وزير إسرائيلي يصف مقترحا مصريا بأنه استسلام كامل من جانب إسر ...
- -نيويورك تايمز-: الولايات المتحدة تسحب العشرات من قواتها الخ ...
- السعودية.. سقوط فتيات مشاركات في سباق الهجن بالعلا عن الجمال ...
- ستولتنبرغ يدعو إلى الاعتراف بأن دول -الناتو- لم تقدم المساعد ...
- مسؤول أمريكي: واشنطن لا تتوقع هجوما أوكرانيا واسعا
- الكويت..قرار بحبس الإعلامية الشهيرة حليمة بولند سنتين وغرامة ...
- واشنطن: المساعدات العسكرية ستصل أوكرانيا خلال أيام
- مليون متابع -يُدخلون تيك توكر- عربياً إلى السجن (فيديو)


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد سيد رصاص - العراق:حصيلة احتلال