أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - التجاني بولعوالي - مقاربة موضوعية لكتاب انهيار الصنم للكاتب العربي د. خالد شوكات















المزيد.....

مقاربة موضوعية لكتاب انهيار الصنم للكاتب العربي د. خالد شوكات


التجاني بولعوالي
مفكر وباحث

(Tijani Boulaouali)


الحوار المتمدن-العدد: 1059 - 2004 / 12 / 26 - 11:01
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


بين يدي الكتاب

انشغلت أثناء الأيام الأخيرة بقراءة كتاب جديد، صدر عن منشورات البرنامج الثقافي العربي بهولندا، كما هو مثبت على غلاف الكتاب. وهو يحمل عنوانا رئيسا هو انهيار الصنم، عندما تقرأ عبارة العنوان هذه المكتوبة بخط أحمر غليظ تحسبها عنوانا لعمل أدبي؛ شعريا كان أم روائيا أم غير ذلك. لكن بمجرد ما تتأمل ذلك العنوان الثانوي الذي يلي العنوان الأول في شكل عبارة تفسيرية وهي: مساهمات في خطاب الإصلاح والتنمية. تتأكد من أن هذا الكتاب إنما هو عمل فكري يتناول قضايا شتى تتراوح بين ما هو سياسي وما هو صحافي، بين ما هو محلي وما هو عالمي، بين ما هو آني وما هو صير وري وغير ذلك. وقد تم صدوره في غضون هذا العام (2004). لذلك يمكن اعتباره من الوهلة الأولى سباقا إلى متابعة ورصد العديد من المستجدات والأحداث الطارئة سواء داخل المشهد السياسي العربي والإسلامي أم على الصعيد العالمي. وهو يتضمن مقدمة وحوالي خمسة عشر مقالا، نشر أغلبها – كما يشير الكاتب- قبل أن تجد طريقها إلى هذا الكتاب في بعض المنابر العربية مثل صحيفتي الحياة والقدس العربي الصادرتين من لندن وجريدة السياسة الكويتية، وذلك خلال السنتين الأخيرتين 2003 و 2004.

تتضافر مقالات هذا الكتاب وأجزاؤه، رغم تباين مضامينها وتعدد طرائق أدائها وتشكيلها، لتوحيد أفكار ونظرات الكاتب ولحمها في رؤية واحدة تطبع أغلب الفقرات ويوفق بين ثناياها خيط خفي يمكن استنباطه من عنوان الكتاب الذي يوحي بأكثر من دلالة رمزية؛ فانهيار الصنم هو في حد ذاته انهيار للرؤية الأحادية المبنية على الاستبداد والوصاية، مما يوفر أرضا خصبة ملائمة لاستنبات بذور الحرية والديمقراطية والعدالة وغيرها من المعاني الإنسانية الرفيعة. فالصنم هنا يمنحه الكاتب شحنة استعارية، عندما يرى أن سقوط صدام حسين من جهة ما هو إلا سقوط صنم اتخذته الملايين من الشعب العراقي والجماهير الإسلامية - إما خوفا من بطشه، أم إعجابا بعنتريته، أم انخداعا لأكاذيبه وأراجيفه- رمزا للبطولة والخلاص والشهامة. ومن جهة أخرى تشكل هذه الواقعة في نظر الكاتب فاصلا بين زمن ساد فيه الظلم والاستبداد والاضطهاد وزمن آت يبشر بالخير والانفراج والنماء. كما أن سقوط هذا الصنم هو بداية لسقوط أصنام أخرى مبثوثة في كل أرجاء الوطن العربي والإسلامي. لعمري إنها صورة مجازية في غاية الحبك والمماثلة لما هو عليه الواقع الإسلامي. وما زاد هذا تعبيرا أكثر هي تلك الصورة الموضوعة تحت العنوان حيث يبدو تمثال صدام وهو يتهاوى!

إذن، فالقاسم المشترك بين المقالات والتيمات التي أودعها الكاتب مؤلفه، هو ذلك الهم الثقيل الذي يتجشمه كل مثقف مسؤول، ديدنه خدمة قضايا أمته ورفع معاناة شعبه ولو مقابل التضحية بحياته. فالكاتب هنا يحلم بأن يفيق فيجد أمته العربية والإسلامية قد تخلصت من معاني الاسترقاق والتخلف والأمية والتطرف و هلم جرا. لذلك نراه ينساق وراء وقع مصطلحات كالديمقراطية والوسطية والإصلاح والتنمية ونحو ذلك. متأسفا على آونة الاستبداد التي نوجد فيها حيث تتلاشى هذه المصطلحات أمام عصا الديكتاتوريات العربية والإسلامية المتناسلة كنبات الفطر على جغرافيا الجسد العربي والإسلامي. فيتلاشى معها كل أمل في التغيير أو التحديث.

رغم هذه الوضعية السوداوية الملبدة بغيوم الجور والاستبداد والتنكيل تظل رؤيته للأمور والقضايا جد متفائلة. لذلك كان تناوله بشكل أو بآخر متوازنا سواء من خلال منحه الأهمية لكل مكونات وشعوب العالم العربي والإسلامي من فلسطينيين وعراقيين وأكراد وإيرانيين ومغاربة وغيرهم، أم من خلال رصد كل المستجدات والوقائع التي تمس شرف العرب والمسلمين عبر كل أنحاء الكرة الرضية كوضعية المسلمين بالغرب وخرق حقوق الإنسان بالعالم العربي، وتدهور الوضع الاجتماعي والاقتصادي في الدول العربية وغير ذلك. وهو يحاول حين تناوله هذه الجوانب أن يوصلها بالقضية الأم حيث يمكن اعتبار أن أغلب الموضوعات الرئيسة و الجانبية تتفرع عن حدث سقوط الصنم أو سقوط عقلية الصنم المأخوذة بالاستبداد والاضطهاد والتسلط.

يمكن الآن التسليم بأن الرؤية حول الكتاب وما يحويه بين دفتيه قد بدأت تتضح، لكن الاتضاح الكامل لن يتسنى لنا إلا إذا عرفنا من الذي شكل معالم وعوالم هذه النظرة الفكرية، ونسج خيوط هذه القضايا المتشابكة. ربما الرؤية التي طبعت تناول موضوعات الكتاب كفيلة بأن تعرفنا بشكل أو بآخر بصاحب هذه المبادرة. فهو ليس علماني رغم أنه دافع عن العلمانية الإيجابية، وهو ليس قومي رغم أنه جابه لأجل القومية العربية التي يمكن اعتبارها عصب هوية الإنسان العربي، وهو ليس إسلاموي رغم أنه صان حرمة الإسلام وشرفه، وهو ليس ليبرالي رغم انه مهووس باللبرالية الغربية الناضجة... والله حرت في تسمية أو تصنيف هذا الكاتب الذي يأبى أن يدرج في أي خانة أو تحت أي عنوان! فهو في نظري يأخذ من كل شئ بطرف. فيستفيد من كل التوجهات السياسية والفكرية إذ يستوحي من الإسلام روحه وأخلاقه، وينهل من العروبة لغتها وتراثها، ويتعلم من العلمانية نظم الحياة وأساليبها، ويأخذ من اللبرالية عدالتها وديمقراطيتها، ويرهن بالوطنية انتماءه وولاءه. كل هذا يتبلور في إطار من الوسطية التي بها وفي خضمها يتشكل كل مشروع ديمقراطي حقيقي. هكذا يبدو لي، إذن، صاحب هذا الكتاب المثقف التونسي د. خالد شوكات.

بين تعدد الموضوعات وثبات الرؤية

إن الملاحظة الأولى التي يمكن أن يستنبطها قارئ هذا الكتاب هي أنه مسكون بالتنوع سواء في الموضوعات الغنية التي يتضمنها ابتداء من قضايا العراق ومحنه، مرورا بقضايا الأكراد والعلمانية و المسلمين في الغرب وغيرها وصولا إلى الملف التونسي. أم في أساليب تشكيل المقالات وكتابتها من حيث التعابير والحجم والمعجم وغير ذلك. أم في المنطلقات التي يستند إليها الكاتب في تحبير أفكاره ومقاربة مستجدات الواقع. وهذا أمر جد طبيعي ما دام الكتاب تجميعا لعديد من المقالات التي تناولت تيمات مختلفة وعبر فترات متباينة. وتجدر الإشارة هنا كذلك إلى أن المنطلقات رغم تعددها فالكاتب يجانب الوقوع في أي تناقض مع أفكاره أو نقض لطروحه. وهذه ميزة لافتة للنظر إذ قلما يفلح الكاتب ،أيا كان، في الحفاظ على مبدئية فكره وثبات المرجعيات التي يؤمن بها. وقد أشار د. خالد شوكات في المقدمة إلى أن مشروعه يبشر بخطاب وسطي واقعي وتوفيقي بين مقاربات، كثيرا ما صورت على أنها متناقضة. ص 11. حقا قد يبدو هذا التصور في البداية صحيحا لكن بعد التمعن يتبدد ذلك التناقض المزعوم. ما دام الكاتب، حسب ما استوعبت، يوفق ليس بين الأنساق المتنافرة كالإسلام والديمقراطية على سبيل المثال، ولكن بين القواسم الإيجابية المشتركة بين هذه الأنساق، والتي من شانها أن تخدم الإنسان وتسعده كالعدالة والمساواة والتعاون ونحو ذلك من المفاهيم التي يتقاسمها كل من الإسلام والديمقراطية.

يضمن الكاتب مؤلفه، كما سبقت الإشارة إلى ذلك، شتيتا من الموضوعات التي رغم منطق الاختلاف الذي يحكم منطلقاتها ومحتوياتها وأبعادها، فإنها تصب في اتجاه واحد هو أزمة الإنسان العربي والمسلم. فالكاتب يحاول من خلال كل موضوع أو عنوان إماطة اللثام عن الكيفية التي يتبلور بها – أي الموضوع أو قضيته- في السياق العربي أو الإسلامي؛ فالديمقراطية التي وصلت أوجها عند الغرب تحيل على الاستبداد الذي وصل أوجه عند العرب والمسلمين، والإصلاح الذي تدرجت فيه المجتمعات الغربية أرقى مراتب التطور والازدهار ينعدم بالمرة في برامج الأنظمة العربية، والتنمية التي مست في الغرب جميع نواحي الحياة لا تعدو أن تكون في مجتمعاتنا الثالثية مجرد شعارات جوفاء، والوسطية التي تمثلت في كل أنماط الحياة وقوالب التفكير عند الغرب استبدلت عندنا بالذي هو أدنى؛ بالتطرف والغلو وما شاكل ذلك.

الديمقراطية مفتاح التنمية والنهوض

حتى تنهض شعوبنا التي خدرتها الأنظمة وتنفض عنها غبار التخلف، لا بد أن تخوض معركة الديمقراطية بمفهومها الحضاري لا الشعاراتي. يقول د. خالد شوكات كذلك في الصفحة 11 من مقدمة الكتاب:" كما وجدتني أكره عقلية المؤامرة وبناء التوجهات على أساس سوء النية، مثلما وجدتني أزداد قناعة بان معركة الأمة الرئيسية هي معركة الديمقراطية، فإقامة أنظمة ديمقراطية وحدها يمكن أن تساعدنا على ربح معاركنا في تحقيق الاتحاد والنهوض بالاقتصاد وتحرير أراضينا المحتلة." ثم إن ما يحدث الآن في العالم العربي (نموذج العراق) هو مؤشر حقيقي على أننا بدأنا ولو نسبيا نتخلص من عقلية الصنم والوصاية التي انتصبت لعقود طويلة في وجه الاستفادة من ديمقراطية الدول الديمقراطية. وهو لما يتحدث عن الديمقراطية إنما يعني بذلك تلك النظم التي بلغت الذروة في حماية الإنسان عن طريق شتى الآليات القانونية التي تضمن حقوقه المختلفة في إطار من حرية الرأي والمساواة والتعاون. حتى يصبح الوطن متسعا لكل أبنائه!

على هذا الأساس يتأكد إذن أن تحقيق التنمية الشاملة والإصلاح الجذري لا بد له أن يمر عبر بوابة الديمقراطية. ولو أن ثمة في مجتمعاتنا اكثر من صوت رسمي أو غير رسمي يدعي تبني النهج الديمقراطي غير انه لا يتخطى الجانب الشكلي والدعائي الذي يتخذ – في غالب الأحيان- طابعا مرحليا، سرعان ما يخمد بمجرد ما تنقضي تلك المرحلة التي شهدت ظهور وتعالي تلك الأصوات

الخلاصة، إذن، أننا بدون تحقيق الديمقراطية بمفهومها المتعارف عليه في العالم الغربي المتقدم، لن نتمكن من تحقيق التنمية والإصلاح كذلك بمفهومهما الحقيقي، الذي لا يعني فقط تلك التنمية السطحية التي يتبناها اكثر من نظام عربي، والتي تتجلى في ما هو اقتصادي (معامل، شركات، تكنولوجيا...) أو سياسي (برلمان، انتخابات...) وغير ذلك. بقد رما يدل على تنمية الإنسان في أبعاده المختلفة؛ تنميته فكريا حيث ينال حظه من التعليم والتربية المتوازنة، وجسديا حيث يحظى بنصيبه من العيش الكريم وغير ذلك. بمجرد ما تحقق شعوبنا هذه الجوانب الأولية من التنمية ذات المنحى الذاتي والفكري والوجودي، يينع في عقولها ذلك الوعي الإيجابي بما هو اجتماعي وثقافي وسياسي واقتصادي و هلم جرا. فتصبح أكثر استعدادا لتقبل النظام الديمقراطي، وأكثر استجابة لتغيير طرائق تفكيرها التقليدية إلى طرائق تتلاءم ومبادئ .الديمقراطية والحرية والعدالة ونحو ذلك

العلمانية في خدمة الدين!

ما تعلمناه في المدارس العربية هو أن العلمانية عاهة خبيثة، تسللت- كما الماركسية والشيوعية- إلى مجتمعاتنا الإسلامية عن طريق بعض المفكرين/الخوارج! فهي تسعى إلى تبديد ما هو ديني وطرده من منظومتنا الحياتية إلى زاوية قصية بعيدا عن أي تأثير في المجتمع وأنساقه المختلفة. هنا يحاول الكاتب جاهدا تصحيح هذه الرؤية التقزيمية لما هو علماني، موضحا الجانب الإيجابي في هذا التوجه الإنساني الذي لا يضاد الدين ولا يعاديه. فهو يرى أن ثمة خلطا بين العلمانية واللادينية، "فالعلمانية تعني ببساطة فصل الدين عن الدولة، وتطبيقها العملي "أنسنة" السياسة، أي جعل شؤون الحكم مباراة سلمية بين ساسة بشر لا كهنوت يزعمون العصمة بينهم، أما اللادينية فهي عقيدة دينية في حد ذاتها، لا يؤمن أتباعها بعالم ما وراء الطبيعة، أي بوجود إله واحد أو آلهة متعددة، ويعتقدون بان الإنسان نتاج الطبيعة، وله الحق في فرض سيادته عليها، كما من حقه أن يحدد لنفسه وفقا لإملاءات عقله سيرته ومعالم حركته". ص 76

كما يعتقد أن النهج العلماني من شانه أن يضمن سلامة الدين، فهو يحميه من تدنيس السياسي والدنيوي، حيث يبقى الدين بعيدا عن أي استغلال أو استخدام لأغراض أيديولوجية زائلة، ومصالح شخصية فانية، فالعلمانية "تعتبر البيئة الأكثر ملاءمة لنشأة تدين حقيقي ومؤسسات دينية مخلصة تهدف إلى مساعدة المجتمع على الارتقاء بقيمة الأخلاق ونشر روح الفضيلة والأخوة الإنسانية بين أفراده، بعيدا عن أي شبهة أو نفاق أو مصلحة شخصية أو فئوية ضيقة" ص 67. يبدو أن هذا التفسير الذي يفسره الكاتب منطقي ينبني على فهم واقعي للأمور، لكن على مستوى التنفيذ يصعب تبني مثل هذا التفسير، لأن الواقع العربي ليس هو الواقع الغربي، والإسلام ليس هو المسيحية أو اليهودية، وحتى بنية التفكير في عالمنا ليست كمثل التي تسود عند الآخر.

أولا يبدو أن الواقع العربي المنخور بالجهل والأمية ليس بإمكانه استيعاب النموذج العلماني الذي يحتاج إلى أرضية خصبة تتقبل مفاهيم الديمقراطية والحرية والعدالة... حيث بدون تحقيق أو توفير مثل هذه المفاهيم تموت نبتة العلمانية! ثم إن الإسلام- برأيي- يملك القدرة على الديمومة والتجدد في كل زمان ومكان، فالعيب لا يكمن فيه، وإنما في الذي يؤمن به ولا يعرف كيف يترجم مبادئه إلى الواقع. وإن كان الأمر كذلك فلماذا نستبدله بالعلمانية أو بغيره. ونحن نعلم أن العلمانية طرحت الدين في المجتمعات الغربية لأنه- أي الدين- كان قد استنفد طاقته على الديمومة والتجدد. لذلك أرى أن الأجدى لنا أن نستفيد من النظام العلماني بحكمة وترو، ونأخذ منه ما ينفعنا ولا يضرنا كما يقول الإمام محمد عبده رحمه الله في سياق آخر. وهذا أمر محمود في الثقافة الإسلامية التي استطاعت عبر تعاقب العصور أن تغني منظومتها بمكونات ثقافية وسياسية وحضارية خارجية ساهمت بشكل أو بآخر في تشكيل معالم وأمجاد الحضارة الإسلامية. أضف إلى ذلك أن بنية التفكير عند الإنسان العربي والمسلم مجبولة على نمط اعتقادي يحضر فيه الإسلام بكثافة واستمرارية حيث من الصعوبة بما كان أن يتقبل انفصالا للدين عن السياسة. في الوقت الذي تأمل فيه الغالبية الساحقة من المسلمين عودة الدين إلى سدة الحكم، فهو مخلصها الوحيد- كما تعتقد- من هذا التردي الرهيب!

الوسطية هي الحل

ينطلق الكاتب من الحالة التونسية ليثبت أن الوسطية هي النهج القويم الذي من شأنه أن يوفر التربة الملائمة لاستنبات التجربة الديمقراطية. فالمشروع الديمقراطي- حسب رأيه- يرتبط بوجود تيار وسطي قوي. وقد دلل على ذلك بنماذج مختلفة سواء في الغرب حيث قامت الديمقراطية الأوربية سياسيا على أساس برامج أحزاب الوسط بشقيه اليميني واليساري. أم في تونس حيث حافظت الحركة الوطنية التونسية على هذه الوسطية. وغذتها بتجارب متنوعة تجلت فيما تجلت في الدستور التونسي الذي كرس الطبيعة الجامعة للهوية التونسية بأبعادها الوطنية والعربية والإسلامية، ثم تمثلت تلك الوسطية في إقامة نظم تنمية اقتصادية واجتماعية وثقافية، هدفت في مجملها إلى تنمية الطبقة الوسطى داخل المجتمع التونسي. لكن للأسف تراجعت هذه الوسطية بمرض الرئيس الحبيب بورقيبة حيث تولى الحكم أناس وجهوا البلاد وجهة مغايرة لما كانت عليه من الوسطية.

بعدما شخص الكاتب حالة تونس التي تفتقر الآن إلى النهج الوسطي الذي قد يسهم في إخراجها من قمقم الاستبداد والديكتاتورية، يخلص من ذلك إلى طرح نموذج متفرد مبني على أساس الوسطية، ويسعى إلى تجديد تيار الوسط التونسي، ويتجسد هذا النموذج في المركز التونسي للديمقراطية والتنمية. ويتزعمه صفوة من الوطنيين التونسيين (من بينهم مؤلف الكتاب) الذين يقدمون مشروعا متكامل الأبعاد، يولي اهتماما لكل جوانب الحياة الثقافية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية وغير ذلك. دون تغييب للهوية التونسية التي تستمد قيمتها وشرعيتها من ثالوث: الوطنية، العروبة والإسلام. هذا يتم في إطار النظام الديمقراطي بوصفه أفضل النظم السياسية وأكثرها .تناسبا مع كرامة الإنسان وقدرة على تحقيق التنمية

بقيت ملاحظة أساسية تقترن بنية الكاتب وراء إصدار هذا الكتاب، حيث استنبطت في آخر المطاف أن د. خالد شوكات يضمن كتابه مشروعا هاما هو بمثابة البديل الناجع للخروج بالشعوب العربية والإسلامية من دائرة الأزمة إلى نطاق الانفراج والخلاص، من ظلمات الاستبداد إلى نور الحرية والعدالة. فهو يعتقد أن انهيار الصنم إنما هو بشارة هامة تحمل الخير والأمل للعرب والمسلمين، لذلك نراه يبدأ كتابه بالكلام على هذه الواقعة وما يمت إليها بصلة، ثم يمضي بعد ذلك في التطرق للعديد من القضايا المصيرية التي ينبغي أن ينتبه إليها الإنسان العربي والمسلم ويعيها، لأن بمجرد ما ننتهي من فهم هذه القضايا وحلها نكون قد وضعنا القطار الذي يقلنا على سكة التنمية والإصلاح. هذه السكة التي راح يساهم في بنائها وتشييدها ثلة من المثقفين الغيورين (يمكن أن ندرج هنا مشروع المركز التونسي للديمقراطية والتنمية) الذين .يتوزعون عبر مختلف بقاع الكرة الأرضية



#التجاني_بولعوالي (هاشتاغ)       Tijani_Boulaouali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- إزالة واتساب وثريدز من متجر التطبيقات في الصين.. وأبل توضح ل ...
- -التصعيد الإسرائيلي الإيراني يُظهر أن البلدين لا يقرآن بعضهم ...
- أسطول الحرية يستعد لاختراق الحصار الإسرائيلي على غزة
- ما مصير الحج السنوي لكنيس الغريبة في تونس في ظل حرب غزة؟
- -حزب الله- يكشف تفاصيل جديدة حول العملية المزدوجة في عرب الع ...
- زاخاروفا: عسكرة الاتحاد الأوروبي ستضعف موقعه في عالم متعدد ا ...
- تفكيك شبكة إجرامية ومصادرة كميات من المخدرات غرب الجزائر
- ماكرون يؤكد سعيه -لتجنب التصعيد بين لبنان واسرائيل-
- زيلينسكي يلوم أعضاء حلف -الناتو- ويوجز تذمره بخمس نقاط
- -بلومبيرغ-: برلين تقدم شكوى بعد تسريب تقرير الخلاف بين رئيس ...


المزيد.....

- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي
- دستور العراق / محمد سلمان حسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - التجاني بولعوالي - مقاربة موضوعية لكتاب انهيار الصنم للكاتب العربي د. خالد شوكات