أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - صلاح الداودي - المثقف الثوريّ شيء ومثقف الخدمات شيء آخر















المزيد.....

المثقف الثوريّ شيء ومثقف الخدمات شيء آخر


صلاح الداودي

الحوار المتمدن-العدد: 3574 - 2011 / 12 / 12 - 03:56
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


الذين جعلوا من العدم حياة ومن الموت كرامة ومن الخراب مدنا يتوقون حتما إلى ثورة ثقافية منشودة. ثقافة محايثة وملازمة ومرافقة للناس ونابعة منهم وصالحة لأن تكون قيمة استعمال بدل قيم الاستهلاك التقليدية أكانت أو الحداثية النخبوية القائمة على "الحقرة" والاستقراد. ومن اجل ثقافة ثورية مغايرة للحداثة خارجة عنها بمعني ضدها وما بعدها. أي معاصرة في كلمة او عصرانية. ثقافة جماهيرخلاسيّة تأتي من الحفايا والخفايا لا الشعبوية الهجينة المنافقة والتى لا تعلّم شيئا ولا تربّي على شيء. ومن اجل ثقافة ساندة تحمي الرموز وتردّ الاعتبار فتكون أهلية مفلتة من الاستهلاك والتبضيع والأداتوية ضد ثقائف بديليّة وهمية بدعوى الطلائعية المكابرة الكلبيّة. بل بديلية بفعل الفن الحقيقي حيث لا استهجان ولا توظيف بل ثقافة مدنية مستنيرة بالعرق الطاهر والدماء الزكية. ثقافة هوية مغايرة أو ثقافة غيرية، أفضل، ثقافة مشترك هي انتماء أصل أكثر من كونها أرشيف استبدادي ومِلكية خاصّة وأصل تجاري أو ماركيتنغ روحي ومادّي. ثقافة الإبداع- النضال أكثر من مجرد الالتزام النضالي أو الإبداعي. و الذاكرة الحية الحرة والمحررة، الذاكرة التاريخ المشترك والمصير المشترك لا الذاكرة المترددة على نفس الخسائر والمتمسكة والمستميتة على أبهظ وابغض الهزائم. ثقافة حرة أكثر منها نظامية، غير أنها منحازة تماما إلى أهلها. وإن أنبل غاية لثقافة الحياة هو أسلوب الحياة أي الحياة كفن بدءا بصراع الحياة وأعداء الحياة. الإبداع عندنا هو ضمير النضال والضمير أسلوب المشترك البشري والضمير الثوري العالمي والنضال فعل الإبداع، ضمير الإبداع، ضمير الضمير. ثقافة الأوطان والشتات والمنافي ثقافة الحياة : حب الحياة، إرادة الحياة، احترام الحياة، الدفاع عن الحياة والحق في الحياة، إعطاء الحياة...أليس هذا ما يريد الشهيد؟ ثقافة دولة الحق ومجتمع العدالة والبقاء للشعب. ثقافة تتحمل ألم تونس أمل تونس، ثقافة الضمير الثوري والنبض الثوري لا ثقافة حليمة ومن معها.ثقافة تستمع إلى نمو العشب وزهرة المستقبل وصوت الشعب. وتقيم اعتبارا للموهبة والحدس، ثقافة القلب لا الخدمات، ثقافة العقل الحر والحي لا الجمجمة والدماء. ثقافة الحركة الحرة للواقع والخيال. الاّعنف والسلم والعواطف الثائرة. السيادة الشعبية، السيادة الوطنية الوحدة الوطنية، المشترك الثوري الديمقراطي. ثقافة بلا استبداد ولا فساد ولا استعباد لا تهرب للماضي ولا تقتحم المستقبل ملثمة.
ثقافة هي فكرة عن الحياة، هي بيوثقافة تؤمن بالمصير الثوري وبالمشترك الناشئ و الصائر. فيها مكان لحلم الشهيد وحق الشهيد. لتعدّد الثقافات المحلية والعالمية المقاومة المغايرة والعابرة. فيها ديمقراطية مستنيرة جديدة. ثقافة تناضل من اجل الاستعمال المُوجب الأدنى للحواس الخمس وللذاكرة وللتجربة الإبداعية الشخصية والجماعية وللفهم والتحليل والتأويل والنقد والتفسير...وللمَلَكة المدنية حتى إعطاء القلب واللحم واعتبار الذات خيرا مشتركا ومنفعة عامة. ثقافة تتسع لأوسع الجماهير الكادحة بلا وثنية وطنية ولا تبعية ولا إمّحاء و انفلات تاريخي-جغرافي، بلا تكفيرية وطنية ولا عبودية طوعية أو استعباد قهري. ثقافة تشهد على وجود بشري لائق مادّة وروحا. الثقافة ثقافة والفن فن. لنتدبّر السيرورة الجماعية للعمل البشري من داخل السنبلة ودودة الأرض و "جبح" النحل وغار النمل كما على حافة سماء المنجم السوداء. ألا يحق للإنسان، العامل بخاصة، أن يتحرر فيسعد ويسعد فيتحرر أكثر ويبدع أكثر وأكثر؟ أليس من حقه بل بمستطاعه أن يكتشف الجميل والقبيح ويبني بدائل للحياة بين الإحياء ومعهم بل خلفهم لا أمامهم ولْيصنعوا الحياة التي تستحق ما لم تستطع من بعض هذا النضال. إن لغة التحرر الجماعي أهم وأبقى من الوهم الجمالي. واستعادة الذات والأخر والحياة والوعي والتغلب على أثار الاغتيال والانتحار والنفي والتعذيب أنبل وأعظم. فلننزع التوحش والوحشية ولنقارع الوحوش الجدد. ولنواجه حالات سدّ النفسية وقصف الأرواح. ولنستأنف أو نبدأ عملية تحرير الذات من أسجية وأنسجة الاستهلاك الفتاك سليل الفيروس اللبرالي الذي خرب علينا أدمغتنا بفظاعة لا توصف حتى أن اغلبنا سلم نفسه وهتّك عرضه وبخّس ذمته واحرق ضميره في كومة قمامة. ولنتخلص من الحد الصفر أو الحد الأدنى الإبداعي. فالسوق ليست مسرح الحياة الوحيد ولا الحصري ولا الأخير. كلا ولا يوجد شاعر أخير ولا ثوري أخير ولا شيوعي أخير ولا إنسان أخير. ولن نكون لا كهانا صادقين ولا أنبياء فراغ ولا ملائكة كاذبة.
نرنو إلى ثقافة واعية بأعماق المجتمع وأبعاده الحضارية ومعمِّقة لها مهتدية بأسئلة مثل بماذا يحلم التونسي وبماذا يفكر وماذا يتخيل وكيف يدرك تناقضات واقعه وأسرار العمل الفني؟ لربّما يكون من الصواب عندئذ توضيح أن المؤسسة المعيقة للخيال الطامسة للصراع والمُميِّعة المفسدة لقضية الفن والفنان والإنسان قد آن لها أن تحال على المعاش بعد أن تأخذ نصيبها من العدالة الأخلاقية والقضائية والسياسية .وعلى هذا النحو يكون مولد ثقافة تقوم على التعبير الحر لا مجرد الشعوذة والتدجيل والاستسهال والتلهية والاكتساب.التعبير الحر ليس مجرد هِبات حرية التعبير الوهمية والسطحية التعموية. يتعلق أملنا بثقافة لا يمكن أن تكون فسحة سياحية بل قضية وجود. فهي لذلك عينه طاقة إبداع لان الذات ليست مجرد ظاهرة نفسية أو مرضا شائعا أو مستحدثا يتنابز به بنو الفن أو ثقفوته. ومادام المثقِّف والفنان في صراع حيوي من اجل القيم فلا نظن انه ينوي التعيّش من نصيب إشهاري وسلعي وكفى شرّ الإبداع. لا شك انه يقصد الإبداع أكثر من واجب الإبداع وإرادة الإبداع وتتعلق همّته وعزمه بحب الحق وحب الجمال. فالفن يبدع حقائق مغايرة بل يبدع إنسانا.
الفكرة ليست مجرد رأي وما المعنى مجرد رسالة ليس إلاّ. ولعل الفنان يطمح أيضا ودوما لتغيير كيفيات الإبداع وتطويرها عن حسّ استيطيقي ونقدي ونظري وتاريخي وفلسفي وعلمي وتقني وتكنولوجي وعملي بشكل طليق وصريح وصحيح وفصيح عبر سياسات فنية رفيعة وديمقراطية. ومن ثم تنشد ثقافة تعبر عمّن تعبر عنه ولكنها لا تختزل الناس في تمثيل ما. ذلك أننا نختلف ونشترك كلنا أو بعضنا في أشكال الحياة المحسوسة وفي الهوية وفي الحرية في كل عمق نوعي أو سطح عابر. حيث لا يهمنا في الأخير سوى الاقتدار الحيوي الوجودي لا فائض الوجود السوقي. ولا يهمنا العجز والرفض الثقافي السالب للسائد والمسدود المؤشر على نقص جذري في المعنى كان يقتلنا وعجز عن المواجهة كم أهاننا، بقدر ما يهمنا على وجه الدقة والحاجة الماسة والرغبة الجامحة قدرة الفن الهائلة على تخليصنا من حياة لم تعد تحترم أحدا. فلنعمل على دعم صيرورات الذيتنة وإبداع الجماهير ونتصدى لكل ما ينزع الإبداعية ويدمر الاقتدار حتى يظل الذوق سليما والحس سليما والجسم والموقف السياسي بلا تمادح ولا عدمية ولا إغتباطية دون ايطيقا ولا أخلاق حياء.
لو كانت ثورة لكانت ثقافية في نفس الوقت. ولكن ذلك لا يعنى في شيء انها ليست حركة ثورية مهيبة هي بالأحرى عصيان اجتماعي تم الانقلاب عليه (عبارة استعملتها يوم 1 ماي في ندوة الجمعية التونسية للدراسات الفلسفية) ولا يعني أن الثقافة لم تتبدل وأن جماهيرنا لم تتربّى على المقاومة. غير أن هذه الثقافة لم تصر بالضرورة بناء ثوريا متقدما. ربما تكون تجاوزت خيبة الحيوان في بلوغ مستوى الحيوان ومع ذلك لم يكن العمل السياسي يوما في هيئة ثورية ذات عمق وفعالية. لا شيء يؤسف أكثر من تحول المثقف الثوري الى مثقف خدمات والسياسي إلى وسيط عاهر بين سلطة رأس المال ووجع جماهير الشعب بما في ذلك استغلال حاجتهم خاصة للشغل وكل أنواع الضرورات والشهوات الاستهلاكية.



#صلاح_الداودي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كان يجب ان تموت
- دستور الأغلبية = الشهداء ⁺ (المقاطعين ₊ غير المش ...
- نداء إلى المعطلين عن العمل في تونس: لا افلاس ولا كساد يا عصا ...
- هيئات العمل الثوري باردو 2: لا لبرالية ملوّنة ولا دكتاتورية ...
- نداء هيئات العمل الثوري في اعتصام باردو 1: الوطن الآن
- بيت الشهيد
- ثورات شهيدة أم ديمقراطيات وليدة: الدول العربية المنتقلة إلى ...
- حول النقاب في الجامعة التونسية: حريتك أوسع عندما تقبل بحقوق ...
- حرّيتك تبدأ عندما تحصل على حقوقك وعلى حقوق الآخرين.
- لا حبّ إلاّ حبّك
- لا مستقبل للأمل الثوري دون ولادة يسار ثوري
- الحق في الشغل هو الحق في الحياة
- بالامس بطالة وغدا كساد
- ضد الليبرالية الملونة: لنتحالف مع الشهداء من أجل توسيع جبهة ...
- من أجل دستور ثوري يجسّد ديمقراطية الجماهير الجذرية
- هل تتجدد أحلام الشهداء؟
- التسعيرة الفورية لأسعار اللحوم الشهيدة في الجنوب الغربي التو ...
- دفاعا عن الشعب التونسي الحر مرّة أخرى: برقية عاجلة إلى مؤسسة ...
- المبدأ والأساس ،تونس على طريق الثورة:
- حالة مواطنة: من تونس الاسم المجرّد إلى تونس الاسم المشترك.


المزيد.....




- إيران:ما الذي ستغيره العقوبات الأمريكية والأوروبية الجديدة؟ ...
- الرئيس السابق للاستخبارات القومية الأمريكية يرد على الهجوم ا ...
- وزير خارجية الأردن لنظيره الإيراني: لن نسمح لإيران أو إسرائي ...
- وسائل إعلام: إسرائيل تشن غارات على جنوب سوريا تزامنا مع أنبا ...
- حرب غزة| قصف مستمر على القطاع وأنباء عن ضربة إسرائيلية على أ ...
- انفجارات بأصفهان بإيران ووسائل إعلام تتحدث عن ضربة إسرائيلية ...
- في حال نشوب حرب.. ما هي قدرات كل من إسرائيل وإيران العسكرية؟ ...
- دوي انفجارات قرب مطار أصفهان وقاعدة هشتم شكاري الجوية ومسؤول ...
- أنباء عن -هجوم إسرائيلي محدود على إيران- وسط نفي إيراني- لحظ ...
- -واينت-: صمت في إسرائيل والجيش في حالة تأهب قصوى


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - صلاح الداودي - المثقف الثوريّ شيء ومثقف الخدمات شيء آخر