امرأة

أسماء صباح

الحوار المتمدن-العدد: 3571 - 2011 / 12 / 9 - 19:35
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    

هي امرأة من لحم ودم، تأكل وتشرب وتنام، لكنها بالغة الشقاء وهذا ما يجعلها مختلفة، ام عبدو لديها من الاطفال 6 وزوجها قتل في دولة افريقية ذهب اليها من اجل البحث عن العمل بعدما ضاقت به السبل...
تقرب لها الكثير من رجال الحي الا انها ابت الزواج لانها كانت تعرف ان ابناءها سيتشردن وليس لهم من معيل غير الله وغيرها، فأفنت نفسها وعمرها بغاة تربيتهم، كانت تعمل ليل نهار، تمسح السلالم، ولا شيء يثنيها حتى معاملة الناس الجافة بعض الاوقات والنظرة الدونية للعمل الذي تقوم به، لكن جل همها كان ان توصلهم للجامعات ويتخرجوا "دكاترة" بحسب تعبيرها جعلها تعمل ليل نهار.
بعد سنوات من الشقاء اتعبت السلالم ظهرها فقررت ان تفتح دكانا صغيرا وتجلس به بدل السلالم المميتة، وفعلا فتحت دكانا صغيرا كانت تبيع فيه الزيت والسكر والحلويات للاطفال، وكانت سعيدة كلما عاد احد اولادها قادما من الجامعة ليلقي عليها التحية ويطلب منها بحب ان تدخل المنزل وتستريح قليلا ليجلس مكانها حتى منتصف الليل والكتاب في يده، وما يلبث ان يجلس حتى تاتي له بغداءه وفنجان شاي يساعده على التركيز في القراءة.
امرأة كام عبدو تستحق منا كل الاحترام والتقدير لانها لم تؤثر نفسها على ابناءها وهذه هي الام العربية، تبحث بنفسها عن سبل التمكين ولا تريد مساعدة من احد، فنجدها وقفت على قدميها بعد عاصفة موت زوجها ومحاولة المجتمع ان ينال من ارادتها وعزيمتها وتهافت الرجال عليها طلبا ليدها، لا انها تركت كل هذا وانكبت على العمل الذي جلب لها دخلا حماها وعفاها من سؤال الناس، وراحت تقدم لنفسها ولاولادها ما يحتاجون اليه وفي النهاية كانت هذه الدكان مصدر رزق دائم ساعدها على الاستثمار في تعليم اولادها احسن استثمار..
ان هذه المرأة التي سعت للتمكين دون اي مساعدة تذكر هي مثال للمرأة التي تقوم من تحت الرماد لتشعل نار الامل في نساء كثيرات عاجزات عن تمكين انفسهن حتى وان كل يعملن في وظائف مدفوعة الاجر شهريا الا انهن يفتقدن معنى اتخاذ القرار وان كن حصلن على التمكين الاقتصادي فلا يستطعن اخذ اي قرار في حياتهن حتى وان كان عاديا ومتناهي في الصغر...

#أسماء_صباح (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات