أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - نوال السعداوى - الصندوق.. دموع النخبة والتماسيح














المزيد.....

الصندوق.. دموع النخبة والتماسيح


نوال السعداوى

الحوار المتمدن-العدد: 3568 - 2011 / 12 / 6 - 09:01
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


الدموع فى عيونهم اليسرى حزناً على دماء الشهداء والعيون المفقوءة، تختلط بالدموع فى عيونهم اليمنى فرحاً بعرس الديمقراطية أمام الصناديق، لم يفقد واحد منهم عيناً فى الثورة أو نصف عين، ولا سالت منه قطرة دم.

أغلقوا عقولهم وآذانهم عن نداءات ميدان التحرير، داسوا بأحذيتهم الجلدية الثمينة، المدببة البوز، على الدم المراق وأصوات الجماهير، هرولوا إلى الحوار والتفاوض مع المجلس العسكرى كما هرولوا إلى الحوار من رؤوس النظام السابق، يتشممون رائحة مقاعد البرلمان ومناصب الوزراء قبل الهنا بسنة.

دخلوا الانتخابات فى الدوائر المخصصة لهم على مقاسهم، كسبوا مقعداً فى البرلمان أو ثلاثة أو خمسة، وسط الهرجلة، واختلاط الصناديق وبعثرة الأوراق ودفع الإتاوات والرشاوى والغرامات، أصبحوا هم الثوار.

هم القيادة المعارضة تحت القبة، هم الحكومة الديمقراطية بإرادة الشعب، وانتخابات مرسومة محسومة بقوة سماوية روحانية، مع قوة مسلحة مادية.

دموع الحزن للثوار وإرادة الشعب فى ميدان التحرير، ودموع الفرح للقرار العسكرى بإجراء الانتخابات وتعيين الجنزورى، ضد الإرادة الشعبية.

البطل التراجيدى للنخبة المراوغة ودموع التماسيح، منذ عصر الخديو والاحتلال البريطانى إلى عصر توجيهات السيد الرئيس، والرئيس الأمريكى.

يتمزق البطل المغوار بين الحزن والفرح، بين اليسار واليمين، بين العلم والدين، بين الحكومة والمعارضة، بين ميدان التحرير وميدان العباسية، بين الترحيب بنجاح الإسلاميين والسلفيين والتحذير من الدولة الدينية، يصبح البطل التراجيدى كاتباً مبدعاً فى الصحيفة القومية الحكومية، التى أصبحت تضم أقلام النخبة الجديدة القديمة.

مقالاتهم الثورية الجديدة تشتم الرئيس السابق (أعطوه لقب المخلوع)، الذى أنعم عليهم بالجائزة الكبرى والوسام، لا يعرفون النقد المؤدب الرصين بل الشتيمة والهجاء والسوقية فى اللغة والتعبير، واتهام الآخرين بالعمالة وتلقى أموال من الخارج، وينسون أنهم سعوا للقاء الرئيس الأمريكى باراك أوباما فى الخارج، وصفقوا له طويلا حين ألقى خطبته فى جامعة القاهرة، مؤكدا لهم أن أمريكا وإسرائيل دولة واحدة يجمعهما تاريخ طويل وثقافة رفيعة.

إنهم يحترفون الكتابة والأدب، يستثمرون أموالهم فى شركات الخصخصة، يكتبون المقالات النارية عن الاشتراكية والعدالة الاجتماعية، هم بوجوهم الجديدة القديمة، شبابا وكهولا وشيوخا، يتواجدون فيما يسمى اللقاء العسكرى مع القوى السياسية، كلمة مبهمة أصبحت سائدة فى اللغة الثورية، تشمل القوى المتصارعة لاقتسام الحكم.

هل هناك علاقة بين المعارك الثلاث؟ الجمال والخيول، الصناديق، الباعة الجائلين.

من البديهى أن لكل ثورة مصالح وحقوقاً تنتزعها من أنياب النخبة أو الطبقة الحاكمة، الحرية تؤخذ بالقوة ولا تعطى، مثل الكرامة والعدالة، من البديهى أن الطبقة الحاكمة تدافع عن مصالحها بالحديد والنار، لا توجد ثورة تحريرية دون إراقة الدم، كلما سالت الدماء زادت الثورة قوة واشتعالاً، تخرج الأمهات تتقدم الصفوف حاملات صور الأبناء الشهداء فاتحات صدورهن للحديد والنار، لا تنجح ثورة دون هؤلاء الأمهات المقاتلات المقتولات، بعد نجاح الثورة وتشكيل حكومة جديدة تضرب الأمهات بالهراوات والقنابل المسيلة للدموع والدم، تعود الأمهات مهزومات إلى البيوت، إلى الفقر والقهر والخزى وقانون الطاعة، الدماء شربتها الأرض والعيون فقأها القناصون، وميدان التحرير تم غزوه بالباعة الجائلين على عربات تجرها الحمير، وأصبح موزعا بين صناديق العباسية والجمالية والمباركية والزمالك وتحت الربع، يخدعون الأمهات بمحاكمة قناص واحد، مجند من فقراء الشعب، تلقى الأمر بالضرب فى العين، واجبه الطاعة أو الموت، أولى الأمر الكبار الذين أمروه وقهروه، يعيشون فى رفاهية وأمان، محاكماتهم مدنية صورية يطويها الزمن والنسيان، تحاكم الأم وابنها المقتول أمام محكمة عسكرية، ويقدم القناص المقهور عبد المأمور، لتنهشه الضباع، إنه كبش الفداء، ذرا للرماد فى العيون، وحجبا لوجوه الجناة القتلة وناهبى الملايين والبلايين، الأمهات المقتولات المكلومات، فى ميدان التحرير، فى يناير وفبراير ونوفمبر حتى اليوم، فى البرد القارس تحت المطر، تحت الخيام فى الليل، فوق الأسفلت، راقدات صاحيات متحفزات ينتظرن طلوع النهار، فشل الحديد والنار فى إخماد ثورة يناير وفبراير ونوفمبر، فشل الجمال والخيول وقناصو العيون، من البديهى أن تلجأ الطبقة الحاكمة إلى طرق متنوعة لسحق الثورة.

أعطت ثورة يناير المجيدة الفرصة للشرفاء المناضلين من طليعة الشعب المصرى العظيم أن يصعدوا إلى الصفوف الأولى، بفضل هذه الدماء المراقة والعيون المفقوءة أخذت الطليعة الفرصة لتحكم من خلال انتخابات حرة نزيهة لأول مرة فى تاريخ مصر، إن نجحت التيارات الإسلامية أهلاً بها، إن نجح الليبرليون أهلا بهم، أهلا بأى فصيل تأتى به هذه الانتخابات العظيمة، ويحيا الشعب العظيم وثورته العظيمة وجيشه العظيم.

فى ميدان التحرير بصق الثوار على صورة المناضل الطليعى المنشورة على رأس مقاله الثورى، لم يروه يوما واحدا يمشى فى الميدان، وإن جاء فهو يأتى بضع دقائق محمولاً على الأعناق، من حوله كاميرات وزير الإعلام فى الحكومتين السابقة واللاحقة، تتخاطفه الكاميرات والفضائيات من خليج النفط إلى المحيط الأطلنطى، يصبح المتحدث باسم الثورة المصرية فى البيت الأبيض والدوحة.



#نوال_السعداوى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الثورة المصرية الثانية
- الحضارة الرأسمالية الأبوية ومفهوم الفساد
- نساء تونس ونساء مصر
- «الجدل» قمة الفضائل .. علموا أطفالكم الجدل
- ميدان التحرير فى قلب مدينة لندن
- الثورات والنساء وتقسيم الشعوب
- صاحب الجلالة والنساء
- العضلات السياسية فى مصر وانسحاب المرأة
- هل المرأة تصلح رئيسة دولة؟
- لماذا تكون السياسة مصالح وليست مبادئ؟ 2
- لماذا تكون السياسة مصالح وليست مبادئ؟ (١)
- زعيم الإخوان المسلمين وزعيم الشيوعيين
- الدفاع عن سيناء بعصا موسى السحرية!!
- ماذا يقول القراء والقارئات؟
- امرأة تكتب فى الليل
- العدالة عمياء ولا عزاء لمن يرون
- أحداث أوسلو والثورات الشعبية الجديدة
- القوة الجبرية الأبوية تستمر وتزيد تجبراً
- لا كرامة لثورة فى وطنها
- كلمة الثورة.. المستحيل الممكن


المزيد.....




- -التعاون الإسلامي- يعلق على فيتو أمريكا و-فشل- مجلس الأمن تج ...
- خريطة لموقع مدينة أصفهان الإيرانية بعد الهجوم الإسرائيلي
- باكستان تنتقد قرار مجلس الأمن الدولي حول فلسطين والفيتو الأم ...
- السفارة الروسية تصدر بيانا حول الوضع في إيران
- إيران تتعرض لهجوم بالمسّيرات يُرَجح أن إسرائيل نفذته ردًا عل ...
- أضواء الشفق القطبي تتلألأ في سماء بركان آيسلندا الثائر
- وزراء خارجية مجموعة الـ 7 يناقشون الضربة الإسرائيلية على إير ...
- -خطر وبائي-.. اكتشاف سلالة متحورة من جدري القرود
- مدفيديف لا يستبعد أن يكون الغرب قد قرر -تحييد- زيلينسكي
- -دولاراتنا تفجر دولاراتنا الأخرى-.. ماسك يعلق بسخرية على اله ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - نوال السعداوى - الصندوق.. دموع النخبة والتماسيح