أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سعيد الكحل - حوار لفائدة جريدة الصباح المغربية















المزيد.....

حوار لفائدة جريدة الصباح المغربية


سعيد الكحل

الحوار المتمدن-العدد: 3567 - 2011 / 12 / 5 - 16:15
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


السؤال الأول: إن كان الكثير من المحللين السياسيين، وحتى الفاعلين السياسيين، يتنبؤون بفوز العدالة والتنمية في الانتخابات التشريعية ليوم 25 نونبر الماضي، فإن حجم هذا الفوز والفرق الشاسع في النتائج التي حققها العدالة والتنمية والهيئات السياسية الأخرى، يطرح سؤال السر الكامن في النجاح الباهر الذي حققه هذا التنظيم السياسي، ما هي العوامل التي تفسر هذا النجاح؟
ـ إذا تتبعنا المسار الانتخابي لحزب العدالة والتنمية نجد أنه في منحى تصاعدي : 9 مقاعد ، 42 مقعد رغم عدم تغطيته كل الدوائر ، 47 مقعد رغم حرمانه مما لا يقل عن ثمانية مقاعد بفعل التزوير ضده ثم 107 مقعد في الانتخابات الأخيرة . وليس صدفة أن يحقق الحزب هذه النتائج في ظرف ثلاث ولايات انتخابية . ولعبت عوامل عديدة لصالحه بعضها مرتبط به كحزب وبالأنشطة الاجتماعية والسياسية والتواصلية التي يمارسها ، فهو دائم الحضور والتواصل مع المواطنين ، إما مباشرة كحزب ، أو من خلال الجمعية الأم "حركة التوحيد والإصلاح" أو الجمعيات الثقافية والرياضية التي تشكل شبه قطاعات موازية إلى جانب القطاع النسائي والطلابي والشبيبي والنقابي . فالحزب لا يترك فرصة سياسية أو فنية أو ثقافية أو قانونية إلا وجعل منها حدثا وخاض بسببها معركة ، بل كثيرا ما افتعل معارك من قضايا جزئية بسيطة . وبعض تلك العوامل يعود إلى تجربة حكومة التناول في نسختها الأولى والثانية والثالثة ، هذه التجربة التي علق عليها المغاربة كل الآمال في التغيير والدمقرطة والتنمية ومحاربة الفساد ونهب الثروات وتخليق الحياة العامة ، خصوصا وأن أحزاب الكتلة دخلت الانتخابات حينها بشعارات براقة مغرية وعددت الإجراءات التي ستطبقها فور الوصول إلى السلطة .لكن تبين للمواطنين أن كل الشعارات كانت زائفة وأن هذه الحكومات التي يمثل اليسار عمودها الفقري هي أضعف الحكومات التي عرفها المغرب لدرجة أن الفساد والرشوة استشريا إلى حدود لم يبلغاها على عهد الحكومات السابقة التي كانت الأحزاب الإدارية تقودها بفعل قوة المعارضة التي كان اليسار يقودها بقيادة الاتحاد الاشتراكي . كل هذا الزخم النضالي تبخر وبهتت الشعارات والوعود وتراجع المغرب إلى الرتب المخجلة في مقياس الشفافية والتنمية . فالمواطنون الذي حضنوا اليسار في سنوات الرصاص وساندوه لما يمثله من رمز للتضحية من أجل الشعب والوطن ، خاب أملهم في اليسار بعد تحمله المسئولية الحكومية . وترجم المواطنون خيبة الأمل هذه بأسلوبين : الأول عزوف سياسي بحيث قاطع جزء هام من قواعد اليسار صناديق الاقتراع . الثاني التصويت لصالح حزب العدالة والتنمية لما بات يمثله من أمل أخير في التغيير والإصلاح وتحقيق ما عجز عنه اليسار الحكومي . فالحزب لا يجُر خلفه تركة سوء تدبير الشأن العام ، وغير متابع في ملفات الفساد أو متورط في بعضها . إنه لا زال نقيا ويجسد حيوية تغري المواطنين بأن الحزب سيكون أفضل ممن تحملوا المسئولية الحكومية يمينا ويسارا .

السؤال الثاني: هناك من يتخوف من أن تؤدي قيادة العدالة والتنمية للحكومة المقبلة إلى التراجع عن المكتسبات التي تحققت في العديد من المجالات،خاصة مجالات الحريات العامة، وحقوق المرأة، والأمازيغية، هل لهذه التخوفات ما يُسوغها؟
ـ أعتقد أن كل هذه التخوفات لا مبرر لها لاعتبارات عديدة أذكر منها التالي :
1 ـ إن حزب العدالة والتنمية يشعر ويقدر المسئولية الوطنية والتاريخية الملقاة على عاتقه وهو يقود الحكومة . فهو يريد أن يقدم نموذجا ناجحا للإسلاميين في الحكم على مستوى العالم العربي ، ويحرص أن يكون الأول من يدشن هذه التجربة في محيط عربي تتملكه هواجس الخوف من الإسلاميين . لهذا سيعمل ما في وسعه لتجنب الفشل حتى لا يزر وزره ويكون نذير شؤم على الإسلاميين في باقي الدول العربية التي لم تخض فيها الأحزاب الإسلامية تجربة الحكم .فنجاحه في المغرب هو قدوة ونموذج لباقي الإسلاميين على اعتبار أن تجربة حزب العدالة والتنمية التركي تؤخذ في سياقي السياسي/التاريخي التركي فيصعب تعميمها كما هي . بينما تجربة حزب العدالة والتنمية المغربي تجري في سياق مغربي لا يختلف عن السياق العربي . من هنا سيكون نجاح التجربة ملهما للأحزاب الإسلامية العربية حتى تطور خطابها وتراجع أهدافها ، كما سيكون عامل اطمئنان للأنظمة السياسية العربية من كون الإسلاميين لا يتهددونها ولا يشكلون خطرا على الاستقرار . وهذا سيساعد على تحقيق مصالحة بين الإسلاميين والأنظمة من شأنه أن يدعم جهود الانفتاح والدمقرطة . فكثيرا ما تتذرع الأنظمة السياسية بالخوف على الأوطان والاستقرار من وصول الإسلاميين إلى السلطة . ونجاح التجربة الحكومية للعدالة والتنمية في المغرب سيُطبّع العلاقة بين الأنظمة وبين الإسلاميين ، كما سينزل الإسلاميين من أبراج الطهرانية والمثلنة إلى الانخراط في مسئولية تدبير الشأن العام وما يقتضه من واقعية في الخطاب والممارسة حيث يكون الخطأ والصواب ، النجاح والفشل .
2 ـ إن حزب العدالة والتنمية يدرك جيدا أن المغاربة صوتوا لصالحه بهذه الكثافة ليس ليصادر حقوقهم والمكتسبات التي راكموها بفضل نضالاتهم ، وإنما ليحل مشاكلهم ويحارب الفساد ونهب الثروات ويحقق لهم الكرامة . وسبق للأمين العام للحزب أن صرح أكثر من مرة بأنه لن يدخل في خصوصيات المواطنين ولن يفرض الحجاب على النساء أو يطلب منهم إسدال اللباس . فقد وعد أنه سيدعم مكتسبات النساء ولن يصادرها أو يضيق منها . بل أكد أن الحزب لو أراد الفشل في الحكومة فلينشغل بالحجاب ومحاربة الخمر
3 ـ إن الحزب لا يحكم منفردا ولا يشكل الأغلبية المطلقة في البرلمان حتى يمكنه اتخاذ قرارات من هذا النوع . ومتى ضيق على الناس فَقَدَ دعْم الأغلبية له داخل البرلمان . إنه سيحكم وفق برنامج حكومي متوافق بشأنه بين أطراف التحالف . ولا يمكن لهذه الأطراف أيا كان توجهها أن تسانده في مسعاه هذا .
4 ـ إن المنظمات الحقوقية والجمعيات النسائية ستكون بالمرصاد لأي إجراء تتخذه الحكومة برئاسة العدالة والتنمية يهدد المكتسبات الحقوقية لأي فئة .
5 ـ إن الدستور الجديد يجعل من الملك ضامن الديمقراطية والحقوق والمؤسسات . وكل قرار يتهدد المؤسسات والمكتسبات والحقوق ، سيكون الملك ملزما دستوريا بالتدخل لحماية كل المكتسبات . فضلا عن كون أي قرار أو إجراء يتعارض مع الدستور سيجعل حزب العادلة والتنمية خارج دائرة الشرعية الدستورية التي يتولى بموجبها رئاسة الحكومة .

السؤال الثالث: دخول العدالة والتنمية في تحالف مع أحزاب أخرى، يعني أن الحزب لن يفرض برنامجه، بل بتعين عليه أن يقدم تنازلات بما يمكن من صياغة برنامج حكومي توافقي، كيف سيتدبر بن كيران هذه المسألة؟
ـ كل تحالف حكومي يقتضي وضع برنامج مشترك متوافق بشأنه مع الأطراف المشكلة لهذا التحالف . وهذا حال حزب العدالة والتنمية . لكن هناك عناصر إذا أحسن الحزب استغلالها ستدعم موقفه في التفاوض مع الأحزاب من أجل تسطير الأهداف الأساسية التي تضمنها برنامج الحزب الانتخابي الذي صوت الناخبون عليه . ومن أهم هذه العناصر :
أ ـ الحراك الاجتماعي الذي يعرفه المغرب مع اندلاع ثورة الربيع العربي . وهذا الحراك يشكل قوة ضاغطة على رئيس الحكومة للتجاوب مع مطالب المتظاهرين في حركة 20 فبراير . فالحزب مطالب باستثمار هذا المعطى لمنع أي ابتزاز من أي طرف يفاوضه ، وفي نفس الوقت للضغط على الأطراف الحزبية لتقديم أكبر قدر من التنازلات بحجة أن استقرار المغرب ومستقبله بات مسئولية الأحزاب المشكلة للحكومة . فالتنازل هو لمصلحة المغرب وليس لحزب العدالة والتنمية .
ب ـ الإرادة الملكية الداعمة للتغيير والإصلاح ، والتي هي سند حقيقي لحزب العدالة والتنمية في وضع برنامجه الحكومي وتنفيذه . فحين قرر الملك تعديل الدستور ، كان يريد بذلك تحقيق التغيير والإصلاح . من هنا تشكل الإرادة الملكية عنصر قوة في المفاوضات التي يقودها حزب العدالة والتنمية من أجل تشكيل الحكومة وتسطير برنامجها .
ج ـ الدستور والصلاحيات الواسعة التي يخولها للحكومة وللبرلمان كمؤسسة وحيدة للتشريع . الأمر الذي يجعل الحكومة مسئولة أمام الشعب وأمام ممثليه داخل البرلمان . وكل حزب ناور من أجل مصلحة خاصة سيعرض نفسه للنقد الشديد ، وسيفقد دعم الناخبين له وعموم المواطنين . ولن يتردد حزب العدالة والتنمية في التشهير بكل طرف سياسي ابتزه ورفض التحالف معه وفق برنامج يرى أنه يخدم مصلحة المواطنين ، أو سعى لإفشال تجربة التناوب الحقيقي بقيادة هذا الحزب.
د ـ حزب العدالة والتنمية حريص على ألا يسجن نفسه في زاوية مغلة ويرهنها ضمن اختيار واحد لإيجاد تحالف يشكل وإياه الحكومة المرتقبة .بل ترك الحزب أمامه خيارات متعدد حتى يقطع الطريق على خطط الابتزاز من هذه الجهة أو تلك .
د ـ إن حزب العدالة والتنمية يفاوض من موقع قوة وشرعية استمدهما من صناديق الاقتراع . فلا يَمُننّ عليه أي طرف بفضل أو جميل . فخلف الحزب شرعية ديمقراطية وشعبية تحميه من الابتزاز . والأكيد أن الأحزاب تعي هذه الحقيقة وتتطلع إلى أن يكون لها دور في رسم معالم الانتقال الديمقراطي بدل أن تكون على هامشه .



#سعيد_الكحل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حوار مع شيخ متطرف (9)
- حوار مع شيخ متطرف (8)
- سعي الأقليات إلى إقامة كيان سياسي خاص طلب للكرامة و الحرية و ...
- منذ متى كان الإسلاميون يناصرون حقوق النساء ؟ !!
- مطالب الفبرايريين وعقائد العدليين .
- مستويات الصراع السياسي في المغرب .
- حوار مع شيخ متطرف(7)
- حوار مع شيخ تكفيري (6)
- حوار مع شيخ متطرف(5)
- حوار مع شيخ تكفيري متعطش إلى الدماء(4)
- حوار مع شيخ متطرف (3)
- متى يمنع المغرب مكبرات الصوت لإذاعة الصلاة خارج المساجد ؟؟
- حوار مع شيخ تكفيري متطرف (2)
- حوار مع شيخ متطرف (1)
- خطاب العرش والتغيير في إطار الاستمرارية .
- إستراتيجية جماعة العدل والإحسان واحدة بتكتيكات متعددة
- دستور مغربي يحافظ على التوازنات السياسية .
- ثماني سنوات على أحداث 16 مايو ، أين المغرب من خطر الإرهاب ؟
- الشعوب المغاربية لن تبكي مقتل بن لادن !!
- هل من شك في أن العمل الإجرامي الذي هز مراكش هو من تدبير القا ...


المزيد.....




- فيديو البابا فرانسيس يغسل أقدام سيدات فقط ويكسر تقاليد طقوس ...
- السريان-الأرثوذكس ـ طائفة تتعبد بـ-لغة المسيح- في ألمانيا!
- قائد الثورة الإسلامية يؤكد انتصار المقاومة وشعب غزة، والمقاو ...
- سلي عيالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على النايل سات ولا يفو ...
- الاحتلال يستغل الأعياد الدينية بإسباغ القداسة على عدوانه على ...
- -المقاومة الإسلامية في العراق- تعرض مشاهد من استهدافها لموقع ...
- فرنسا: بسبب التهديد الإرهابي والتوترات الدولية...الحكومة تنش ...
- المحكمة العليا الإسرائيلية تعلق الدعم لطلاب المدارس الدينية ...
- رئيسي: تقاعس قادة بعض الدول الإسلامية تجاه فلسطين مؤسف
- ماذا نعرف عن قوات الفجر الإسلامية في لبنان؟


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سعيد الكحل - حوار لفائدة جريدة الصباح المغربية