أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف - حول دور القوى اليسارية والتقدمية ومكانتها في ثورات الربيع العربي وما بعدها - بمناسبة الذكرى العاشرة لتأسيس الحوار المتمدن 2011 - نقولا الزهر - ثورات الربيع العربي واليسار التاريخي المأزوم















المزيد.....

ثورات الربيع العربي واليسار التاريخي المأزوم


نقولا الزهر

الحوار المتمدن-العدد: 3567 - 2011 / 12 / 5 - 19:12
المحور: ملف - حول دور القوى اليسارية والتقدمية ومكانتها في ثورات الربيع العربي وما بعدها - بمناسبة الذكرى العاشرة لتأسيس الحوار المتمدن 2011
    



السؤال الذي يطرحه موقع الحوار المتقدم حول دور القوى اليسارية والتقدمية في ثورات "الربيع العربي"، نتمنى أن تلقي الأجوبة عليه ضوءاً على الأسباب الحقيقية التي أدت إلى تراجع دور القوى اليسارية في المجتمعات العربية وانقساماتها الفطرية إلى فصائل متناقضة ومتحاربة، بعضها تحالف عضوياً واستراتيجياً مع السلطات الاستبدادية الحاكمة وبعضها انحاز إلى معارضة السلطة والبعض الأخر بقي في موقع البين بين.
ونتمنى لهذا النقاش أن يكون فرصة لتحديد مضمون مفهوم اليسار، وتصحيح مسار القوى اليسارية والتقدمية فكرياً وتنظيمياً. إن المرحلة التاريخية الراهنة تتطلب من هذه القوى أن تبادر إلى القيام بإعادة نظر شاملة على ركامِ خمسةِ عقودٍ ماضية من توجهاتها الفكرية والسياسية. لا بد من ثورة حقيقية على كل فكر وسياسة حركة التحرر العربي التي تبنته الفصائل اليسارية من قوميين عرب وناصريين وبعثيين وشيوعيين في أواخر خمسينات القرن الماضي. فهذا الفكر لم يف بمتطلبات المرحلة ووصل إلى حائط مسدود تماماً.هذه الفصائل بمجموعها هي التي شكلت اليسار العربي. بعضها تسلم السلطة عبر الانقلابات العسكرية وأسس جمهوريات وراثية استبدادية، وبعضها الآخر تحالف مع هذه السلطات وصارت تابعاً يدور في فلكها، وبعض آخر رفض مثل هذا التحالف وصار معارضاً لهذه الأنظمة اليسارية الحاكمة، وراح يعاني من استبداد وقمع وقهر حليف الأمس،وبالإضافة إلى ذلك، لم تخل ساحة هذا اليسار المتناقض من بعض الفصائل التي استهواها التأرجح بين السلطة والمعارضة.
-1-
وفي الوقع إذا أردنا مقاربة دور وإسهام القوى اليسارية والتقدمية في ثورات الربيع العربي الراهن، علينا أن نأخذ في الاعتبار ما ذكرناه في المقدمة. وعلينا أن نحدد مضمون الخطاب اليساري. فهو مضمون نسبي متغير وتاريخي وليس مضموناً ثابتاً وسرمدياً. وكذلك علينا أن نعتبر السمة اليسارية أنها ليست ملكا أو إرثاً شخصياً لأحد، أو شارة يعلقها اليساري على ياقته أو كتفه؛ وإلا سنكون إزاء أصولية وسلفية يسارية لا تختلف كثيراً عن السلفيات والتماميات الدينية.
وكذلك تتطلب مقاربة دور القوى اليسارية في بلدان الربيع العربي معرفة بنيتها وماهيتها وما هي القوى والأحزاب السياسية المنضوية في إطارها؟ ومن جانب آخر هل يا ترى الشيوعيون والاشتراكيون وحدهم هم اليساريون؟ أم بالإضافة إليهم يندرج القوميون من ناصريين وبعثيين وقوميين عرب ؟ وأين يمكن تصنيف الليبراليين والعلمانيين في بلادنا في خانة اليسار أم في خانة اليمين؟ وكذلك بدأت تبرز اتجاهات إسلامية معتدلة، ليست كبيرة ولكنها موجودة، وهي تطرح في برامجها المواطنة والعلمانية وفصل الدين عن الدولة اقتداء بالتجربة التركية مثل (حزب الوسط المصري 5% من أوساط الناخبين، وحزب العدالة والتنمية في المغرب 30% من اصوات الناخبين، وغيرهما من في بلدان مختلفة...). وفي لغة السياسة لا نستغرب أن نستخدم في المستقبل القريب مفهوم الإسلامي اليساري.وبالتالي فنحن لا يمكن أن نرى اليسار كماركة مسجلة، يمكن لحزب أن يحتكرها لنفسه مهما كان عقائدياً وتاريخياً وجذرياً.
في اعتقادي لا يمكننا الإجابة على هذا السؤال : من هو اليساري؟ إلا إذا حددنا متطلبات ومهام المرحلة التي نمر فيها. وبالتالي علينا تحديد متطلبات المرحلة التي تمر بها شعوبنا الآن؟ إني أرى ما هو ملقى على عواتقنا في هذه المرحلة: التخلص من أنظمة الاستبداد والدخول في ورشة تأسيس الدولة الحديثة القائمة على سيادة القانون وتكريس الحرية والديموقراطية والمواطنة المتساوية. وإن كل من يعمل في دعم هذه الأهداف يدخل في إطار التقدم واليسار. وبطبيعة الحال بعد إنجاز هذه الأهداف، ستندار شعوبنا باتجاه أهداف جديدة وفي تلك اللحظة لن يبقى مضمون اليسار على حاله..
-2-
في هذه المقاربة، أرى أنه لا بد من لمحة تاريخية يمكنها أن تلقي الضوء على ركامٍ يساري لا يسر الخاطر كثيراً سواء فيما يتعلق بالخطابين الفكري والسياسي، أو فيما يتعلق باصطفافات وتحالفات القوى اليسارية التاريخية فيما بينها أوفي علاقاتها مع سلطات الاستبداد خلال العقود الخمسة الماضية .
1-إن الثورات العربية الراهنة، بشكل أو بآخر هي ضد اليسار التاريخي المسؤول الذي كان له باع كبير في تأسيس هذه الأنظمة الاستبدادية القمعية الشمولية المحسوبة على فكر حركة التحرر الوطني العربية(الوحدة وتحرير فلسطين ومعاداة الاستعمار والأمبريالية وبناء الاشتراكية). ففي مصر قامت الثورة ضد نظام حسني مبارك وهو امتداد تاريخي للناصرية التي قامت على الملكية في 22 يوليو عام 1952(وقد رفعت ثورة 25 يناير شعار إقامة الجمهورية الثانية). وكذلك في ليبيا قامت ضد نظام معمر القذافي(الذي اعتبر في عام 1969 وريثاَ لعبد الناصر(رفعت علم الاستقلال الليبي أيام الملكية). وفي اليمن قامت ضد نظام علي عبدالله صالح وهو امتداد طبيعي لانقلاب عبدالله السلال على الإمامة في عام 1962 .وكذلك هذه الثورات قامت على نظام البعث الذي قام على اثر انقلابات عسكرية في العراق وسورية (رفع علم الاستقلال السوري في المظاهرات ورفع صور أبطال الاستقلال). بالمنطق الماركسي نرى أمامنا عملية نفي نفي بامتياز واضحة للعيان.الشعب يريد: نفي/النفي الذي حدث في خمسينات وستينات القرن الماضي في هذه البلدان.
2-انحصر الشغل السياسي للأنظمة اليسارية التي جنحت إلى الاستبداد في استراتيجية البقاء في الحكم والمحافظة عليه بأي ثمن، ولم يكن في أي لحظة همها بناء الدولة الحديثة . وفي السودان لم يكن تطور الأحداث مغايراً، فنظام جعفر النميري ،الذي بدأ حكمه عام 1969 بيافطة يسارية وناصرية وتحالف مع الشيوعييين، تحول بتسارع كبير إلى نظام قمعي استبدادي مبتدئاً حملته القمعية بمذبحة ضد قادة الحزب الشيوعي السوداني. وإذا اعتبرنا تونس استثناء في هذا السياق، إذ لم يطرح الحبيب بو رقيبة نفسه كزعيم يساري، فقد قام بإنجازات اجتماعية وحداثية مهمة تحيل إلى اليسار فيما يتعلق بشؤون المرأة، والعلاقة بين الدين والدولة،ولكنه سواء اعتبر يمينياً أو يسارياً، فعلى مستوى نظام الحكم فقد أسس نظاماً أحادياً واستبدادياً، ومن ثم تحول إلى نظام عائلي جاهز للتوريث في زمن زين العابدين بن علي. فهذه الثورات بشكل عام قامت ضد أنظمة استبدادية بامتياز، كانت قد رفعت عند تسلمها السلطة شعارات تقدمية ويسارية مثل الحرية والوحدة والاشتراكية(البعث) والديموقراطية الاجتماعية(عبد الناصر) وغيرها من الشعارات البراقة.
3-فهذه الأنظمة التي قامت الثورات الراهنة لإسقاطها انتقلت من الشعارات اليسارية والتقدمية والنضال ضد الرجعية والإقطاعية والاستعمار والأمبريالية، انتقلت في ظل ممارسة أعتى أنواع القمع والاستبداد إلى جمهوريات هجينة(لاهي جمهورية ولا هي ملكية) وقد اصطلح على تسميتها بالجمهوريات الوراثية. و لقد بات من الصعب الكلام في الوقت الراهن على دول رجعية ودول تقدمية كما كان يقال في منتصف القرن الماضي. وبالفعل إذا أجرينا مقارنة بسيطة بين الدول الملكية والجمهورية في العالم العربي نرى أن العلاقة بين الحاكم والمحكوم في هذه الجمهوريات العربية الهجينة هي نسبياً أسوأ بما لا يقاس من العلاقة القائمة بين الحاكم والمحكوم في البلدان العربية الملكية. ويمكننا القول أن الجمهوريات الهجينة ذات الأصل اليساري تحمل اسماً حديثاً ومضموناً سلطانياً متخلفاً.
4- أما بالنسبة لليسار الماركسي التاريخي(الأحزاب الشيوعية في البلدان العربية) فلقد تعرضت في مراحل متعددة لقمع قاس ووحشي في معظم هذه البلدان التي تدور فيها الثورات الآن من أنظمة الاستبداد في ظل الناصرية والنميرية والقذافية ونظامي حزب البعث في كل من سورية والعراق. ولكن هذه الأحزاب بسبب اصطفافها التاريخي وانخراطها في حيثيات الحرب الباردة بين طرفي الصراع العالمي في القرن الماضي، وبسبب رضاها عن كل شي سوفييتي، أدى بها هذا الأمر إلى استقالة فكرية كاملة. ويمكننا القول أنها خسرت كل أعضائها الذين حاولوا أن ينتجوا فكراً استقلالياً او يقوموا بمحاولة نقدية لفكر الحزب. لقد انحصر نشاطها الفكري في الترويج لكل ما هو سوفييتي : الستالينية، ومن ثم نظرية التقدم الاجتماعي، ونظرية النظام اللا رأسمالي، والانحياز ضد الصين، ودعم (الأنظمة التقدمية) في بلدان العالم الثالث(ولو كانت قمعية استبدادية) بحجة انها أنظمة وطنية ومعادية للأمبريالية. ولقد تجلى هذا الموقف الفكري والسياسي السوفيتي في أزمة الحزب الشيوعي السوري في أوائل سبعينات القرن الماضي حينما انحاز علنا ضد كل الذين كانوا يطالبون بتأسيس فكر استقلالي للحزب وتكريس الحياة الديموقراطية في داخله.
5-ومع الزمن أدت تبعية الأحزاب الشيوعية العربية للفكر والسياسة السوفييتين إلى شروخ وانقسامات كبيرة فيها وقد رأينا ذلك واضحاً في الحزب الشيوعي اللبناني والحزب الشيوعي السوري والحزب الشيوعي العراقي والحزب الشيوعي المصري.والجبهة القومية الحاكمة في اليمن الجنوبي....إلخ.
6-وفي هذا السياق لا يمكن نكران تأثير الانهيارات الكبرى في الاتحاد السوفييتي والدول الاشتراكية الأخرى في تسعينات القرن الماضي على الأحزاب الشيوعية العربية واليسار بشكل عام. ولقد أدى فقدان الأب السوفييتي (الإخوة الكبار) لدى بعض الأحزاب الشيوعية العربية إلى تبني (السلطة الحاكمة) في هذه البلدان الجمهورية الهجينة كأب جديد، وعادت كعادتها القديمة لتروج أفكاره كما كانت في زمن السوفييت، لدرجة أن هذه الأحزاب قد أصبحت في أسر سرمدي عند السلطة لا تستطيع الانفكاك عنها، وهذا ما نراه الآن في مواقف الفصائل الشيوعية في سورية المتحالفة عضوياً مع النظام القمعي السلطوي الحالي. وحتى الدور الذي لعبه التجمع اليساري في مصر وكذلك الحزب الشيوعي المصري كان متواضعاً جداً في ثورة 25 يناير.
7-أما بالنسبة للنقابات والاتحادات العمالية في بلدان الربيع العربي فلم يكن مرئياً ومحدوداً جداً إلا في تونس وذلك لأن هذه الاتحادات على مختلف أنواعها، فقد أممتها الأنظمة الاستبدادية منذ أمد بعيد ونجحت في تدجين قياداتها عبر المحسوبيات والرشوة والمصالح الشخصية وحرفتها عن مهماتها الأساسية في الدفاع عن الطبقة العاملة والفلاحين وجرى توظيفها منذ عدة عقود في الترويج للسلطة وسياساتها. وهذا ينسحب على معظم الاتحادات الأخرى كاتحادات الكتاب والصحفيين والفنانين والنقابات المهنية.
8-بطبيعة الحال، فقد أدت هذه الأوضاع في المجتمعات السلطوية والشمولية التي نحن بصددها إلى انقسام وشرذمة القوى اليسارية ونشأ تيار يساري معارض للسلطة ولكنه عانى كثيرا من وطأة القمع والإقصاء والسجون والاعتقالات المزمنة. ولكن يجب ان نعترف بان هذا التيار بقي مشغولاً بالحفاظ على وجوده وخطابه السياسي المعارض، ولكنه لم يتسنَ له تأسيس كتلة جماهيرية واسعة في المجتمع.
9-كذلك في تقييمنا لهذه اللحظة الراهنة من المفيد جداً أن نلحظ موقف بقايا الأنظمة الشمولية في العالم التي تذرف الدمع غزيراً على أزوف ساعة أشقائها من الأنظمة الشمولية العربية(كوبا، فنزويلا،الإكوادور، نيغاركوا، زمبابوي، كوريا الشمالية..). وكذلك يجب أن نلحظ بعض مواقف الأحزاب الشيوعية واليسارية العربية من ثورات الربيع العربي فيمكننا ان نلحظ أزمة اليسار العميقة.
10-لا يوجد أدنى شك في أن القوى المعارضة قد لعبت دوراً في ثورات الربيع العربي، ولكن لم يكن لها دوراً قيادياً بارزا فيها. مع ذلك لا يمكننا أن ننفي دورها الفكري والسياسي في التمهيد لهذا الحراك الثوري. ويجب أن نعترف بأن الجسم الرئيس الذي فجر هذه الثورات كان تلك الكتل الشعبية من الطبقات الدنيا والوسطى في المجتمع التي انتفضت لتكسر أغلالها وتستعيد كرامتها وحريتها انطلاقا من ذلك الركام الهائل من الاستبداد والقمع والفساد والنهب والتمييز وانعدام تكافؤ الفرص وفقدان سيادة القانون. ويجب ان نلحظ أيضاً أن هذه القوى الشعبية لم تكن مؤطرة في أحزاب سياسية، وقد فاجأت الأنظمة الحاكمة والمعارضات السياسية على السواء. وفاجأت أيضاً العالم كله بزخمها وقوتها وبسالتها وصبرها.
11-في اعتقادي هذا الوضع التاريخي المنقسم والمتشظي لليسار بكل أطيافه من ماركسيين وقوميين وليبراليين وعدم توفر الفرصة الكافية للقوى المنتفضة على حكامها لكي تنظم صفوفها في أحزاب سياسية، قد خلق فراغاً سياسياً احتلت القوى الإسلامية حيزاً كبيراً منهأ وخاصة أنها الأكثر تنظيماً وتمويلاً وقدرة على الحشد الشعبي قد توفرت لها من خلال نشاطاتها المكثفة في العمل الخيري والخدمات الاجتماعية والصحية.ولكن ليس هذا منتهى المطاف وقد علق أحد المصريين قائلا حول المشهد المصري الراهن: طالما عرفنا الطريق إلى ميدان التحرير فلا خوف من استبداد جديد. وأرى أنه يبقى النضال مستمراً من أجل تكريس الدولة الحديثة الديموقراطية القائمة على حقوق المواطنة المتساوية.
-3-



الأجوبة على الأسئلة
1- في اعتقادي لم يكن للنقابات العمالية والفلاحية والاتحادات الأخرى دوراً ملموساً وبارزاً في ثورات الربيع العربي، ويمكن أن نستثني في هذا السياق تونس، فلقد انخرطت فيها النقابات المهنية والاتحادات والنقابات العمالية في الثورة علنا .
وكذلك شاركت القوى اليسارية المعارضة تاريخياً للأنظمة الاستبدادية في الثورات العربية فيما بقيت القوى اليسارية المتحالفة مع الأنظمة منذ عقود منحازة للسلطة.
2- كان للاستبداد والقمع في الدول العربية بشكل عام، وليس فقط بسبب كونه ضد القوى الديموقراطية واليسارية دوراً سلبياً في إضعاف هذه القوى،وتحت راية التصدي للقوى المعارضة الدينية المعتدلة والمتطرفة ، كان يتم قمع المجتمع بأسره وكل القوى السياسية المعارضة على الإطلاق وفق المعيار السلطوي:إما معنا أو ضدنا وليس هنالك موقف وسط أو اتجاه ثالث.
3- لا بد وأن تعطي هذه الثورات دروساً ثمينة للقوى اليسارية والديموقراطية وتجعلها تعيد النظر في تجربتها التاريخية خلال نصف القرن الماضي في فكرها وسياساتها وممارساتها وأساليبها التنظيمية. ويجب أن تدفعها إلى اكتشاف طرق نضالية جديدة وربما إلى تحالفات جديدة تتلاءم مع مهام المرحلة. وفي هذا الإطار إذا لم تجر بعض الفصائل اليسارية عودات فكرية وسياسية في مثل هذا المنعطف التاريخي فمصيرها الاضمحلال بغض النظر عن قدمها وتاريخيتها.
4- يمكن للأحزاب السياسية اليسارية أن تشارك بشكل فاعل في العملية السياسية وذلك عبر تجديد برامجها وفق متطلبات الواقع والمرحلة، وليس انطلاقاً من ثوابتها الإيديولوجية، وفي هذا السياق يجب تشخيص العوامل المؤثرة في الواقع والممارسة الصحيحة في إقامة التحالفات، وهنا على الأحزاب اليسارية أن تخرج من منطق إما... وإما، ففي كثير من الأحيان تتطلب الأمور المعقدة إلى حلول وسط ضرورية جداً.
5- نعم القوى اليسارية في الدول العربية تعاني من الانقسام والتشتت، ولكن قبل الكلام عن وحدة الأحزاب والقوى اليسارية يجب البحث قبلاً عن وحدة الرؤى في هذه المرحلة السياسية وفق برنامج محدد وهذا الأهم، وربما أحياناً التحالف أهم من الوحدة. وهنا لا بد من تجاوز الحزازات الإيديولوجية والحزبية الضيقة. وفي الواقع أي تحالف يساري في الوقت الراهن يجب أن يقوم على مهام المرحلة الراهنة وهي الحريات الطبيعية والمدنية والسياسية للمواطنين وتكريس أسس الدولة الديموقراطية الحديثة والمواطنة المتساوية ومقارعة الاستبداد،أي استبداد راهن أو قادم، استبداد الأكثرية أو الأقلية.
6- لا يمكن للأحزاب اليسارية التاريخية في مرحلة بعد الثورات أن تجذب قيادات شابة ونسائية ما لم تقم بانتفاضة في داخلها في الفكر والسياسة والتنظيم واكتشاف وسائل وأساليب تنظيمية وإعلامية جديدة تتناسب مع المرحلة المعاصرة.
7- تستطيع الأحزاب اليسارية والعلمانية تنشيط دور المرأة في داخلها وفي المجتمع، وهذا مرتبط بالعملية السياسية وتطوراتها ومدى الحريات التي ستتكرس في هذه المجتمعات التي ستبدأ من الصفر. وهنا يتعلق الأمر بالدرجة الأولى باليساري نفسه وموقفه من المرأة ومساواتها مع الرجل ومن تفعيل دورها في المجتمع. وهنا يجب أن نأخذ بعين الاعتبار فترة أربعة عقود كان لها انعكاسات نكوصية على وضع المرأة . ومع ذلك يجب أن ننظر بجدية إلى الدور الذي تقوم به المرأة في الثورات العربية، فلها دور واضح للعيان في الحراك السياسي على الأرض وفي الإعلام والنشاط الحقوقي وتقديم الخدمات للناشطين بمختلف أنواعها وهذا يبعث على الأمل الكبير بدور اجتماعي وسياسي متقدم للمرأة في المجتمعات العربية.
8- نعم يمكن للقوى العلمانية والديموقراطية واليسارية أن تحد من التأثير السلبي للإسلام السياسي على الحريات العامة وحقوق الإنسان وقضايا المراة والتحرر،وهذا مضمون المعركة السياسية القادمة في كل الدول العربية وهو الدفاع عن الحريات وحقوق المواطن الطبيعية والمدنية والسياسية للمواطنين بغض النظر عن انتماءاتهم الإثنية والدينية والمذهبية والفكرية ومقارعة أي استبداد قادم سواء كان من الأقلية أو الأكثرية.
9- لا يوجد أدنى شك في أن التطور الهائل في تقنية المعلومات ووسائل الاتصال الاجتماعي لا بد وأن تكون مكوناً هاماً من الأساليب والوسائل والآليات الجديدة لدى هذه الأحزاب.وتوفر المسألة التقنية هذه لدى الأحزاب صارت تعني وجودها أو عدم وجودها.
10- إن الحوار المتمدن في عيد تأسيسه العاشر تزداد مكانته التنويرية والإعلامية، وكذلك تزداد أهميته السياسية وفي المرحلة الأخيرة أخذ يتخلص من عبء بعض الأصوليين اليسراويين وبعض الأصوليين العلمانويين الذين ظنوا أن بإمكانهم الهيمنة على الحوار المتمدن عبر التجيش والإرهاب الفكري.ولكن إصرار إدارة الحوار على تكريس الانفتاح والتنوع والتعددية خيب ظنهم وأفسد آمالهم القائمة على فكر أقل ما يقال عنه فقير وتبسيطي. أثبت الحوار المتقدم أنه ساحة فسيحة للنقد.ويعجبني مايقوله المرحوم الياس مرقص في هذا السياق: نقد الفكر هو الجهاد الأكبر.تهاني للحوار المتمدن بعيده العاشر وتحياتي الفائقة لإدارته المتميزة.
نقولا الزهر دمشق في 4/12/2011



#نقولا_الزهر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حكاية مستنقع ينعم بالاستقرار
- مداخلة في مفهوم الدولة المدنية
- من روح مقالة سلطة من لا سلطة لهم لفاتسلاف هافل
- مديح الكراهية
- بارادوكس مأساوي لدى اليسار التاريخي
- دور الطبقة الوسطى وانعكاسات ثورات التغيير على الجماعات السيا ...
- الحرية والدولة المدنية عنوان ثورتي تونس ومصر
- هل من فرق بين المجتمع المدني والمجتمع الأهلي؟
- دور المجتمع المدني ومعطيات جديدة في الحدث التونسي
- في نقد علمانية الدكتورة وفاء سلطان
- كي لا تموت اللغة تحتاج دائماً إلى من يفتح نوافذها
- في المشرق لا نتمنى إلا الخير لأهل المغرب
- مداخلة حول اللغة العامية في بلاد الشام(3)
- الأكثر خلوداً علاقة الناس بأسماء أمكنتهم
- مجلة الهلال المصرية بين اليوم والأمس
- تغطية وجه المرأة في سورية... بين ماضٍ وحاضر
- نصر حامد أبوزيد وتراب الغرباء
- خنق إسرائيل للسلام واحتدام الصراع على تعبئة الفراغ العربي
- حجر الزاوية لدى نصر حامد أبوزيد الحرية وفتح الشبابيك
- كل تحديد نفي


المزيد.....




- ما هو مصير حماس في الأردن؟
- الناطق باسم اليونيفيل: القوة الأممية المؤقتة في لبنان محايدة ...
- ما هو تلقيح السحب وهل تسبب في فيضانات دبي؟
- وزير الخارجية الجزائري: ما تعيشه القضية الفلسطينية يدفعنا لل ...
- السفارة الروسية لدى برلين: الهوس بتوجيه تهم التجسس متفش في أ ...
- نائب ستولتنبرغ: لا جدوى من دعوة أوكرانيا للانضمام إلى -النا ...
- توقيف مواطن بولندي يتهم بمساعدة الاستخبارات الروسية في التخط ...
- تونس.. القبض على إرهابي مصنف بأنه -خطير جدا-
- اتفاق سوري عراقي إيراني لتعزيز التعاون في مجال مكافحة الإرها ...
- نيبينزيا: كل فيتو أمريكي ضد وقف إطلاق النار في غزة يتسبب بمق ...


المزيد.....



المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ملف - حول دور القوى اليسارية والتقدمية ومكانتها في ثورات الربيع العربي وما بعدها - بمناسبة الذكرى العاشرة لتأسيس الحوار المتمدن 2011 - نقولا الزهر - ثورات الربيع العربي واليسار التاريخي المأزوم