أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شوقية عروق منصور - قصة قصيرة .. فوق البيعة .. شوقية عروق منصور














المزيد.....

قصة قصيرة .. فوق البيعة .. شوقية عروق منصور


شوقية عروق منصور

الحوار المتمدن-العدد: 3566 - 2011 / 12 / 4 - 21:16
المحور: الادب والفن
    


قصة قصيرة

فوق البيعة

عايرها بكلماته التي تنقط السم ، ويحرق ما تبقى من الجسور الزوجية ، " أنت لا شيء ، أنت واحدة فوق البيعة " ...!!
انطفأت في داخلها الأضواء ، وانسابت العتمة من سنوات عمرها المتعب ، وصبت في عيون زوجها الذي يراها دائماً ناقصة ،فارغة من شي ما، فهي لا تملك الكمال الأنثوي المطلوب في نظر الرجل ، ومجتمعها يعتبر الكمال الجسماني شهادة وجود وقيمة خاصة للمرأة ، فكيف وهي عصير عاهة قد عصرت عينها وحولتها إلى بقعة مغلقة على نور خفيف ، في وجه جاف ، مشدود بالخوف ، يشعر أن اغتصاب ابتسامة هروب من المواجهة ..؟!
زوجها يعايرها بعينها " العورة " كلما أراد أن يحرك النقص في داخلها يمسك معلقة التشويه ويحرك أنوثتها المطعونة في قاع طنجرة الواقع ، يعايرها ، وضحكته تسبق صورة الاستهزاء التي يفرضها على الأجواء ، يناديها بأعلى صوته " يا عورة " ، انه يتمتع بمعايرتها أمام الناس ، من ضيوف وأقارب وجيران وأبناء ، حتى عابري السبيل يسمعونه وهو يعايرها ، انه دائماً يذكرها بعجزها ، فتصمت ، لأن سيوف ردها غير حادة ، أو تكسرت على رصيف الحياة الزوجية .
تذكر ان والدها أسقط آخر ورقة تنازل ورجاء أمام الجاهة ، التي جاءت تطلب ابنته الصغرى ، كان دائماً في حالة تردد ، شعاره أي مشكلة يقع فيها يجب أن يأخذ بتحليلها وفحصها وتفكيك خلاياها حتى يجد لها الحل ، لكن الحل أيضاً يرشق خوفه بعدم الثقة ويدفعه للتردد أكثر ، وعدم اقتحام الحل بجرأة رجل يثق بنفسه .
لكن الآن يجب أن يستغل هذه اللحظة ، فالحياة فرص ولحظات ، أمها قررت أن تجد طريقاً حتى تتخلص منها ، فهي شابة جميلة لكن عينها "كريمة" كانت امها تقول كلمة " كريمة " تخفيفا ً من وقع "عورة " على نفسيتها ، لم يسألها أحد ، فهي لا رأي لها ، أمها قررت أن ترمي الشبكة أمام عائلة عريس ابنتها الصغرى ، فابنهم الثاني كسول لا يعمل وحياته فاشلة ، فلماذا لا تستغل فشله ، تخيط عين ابنتها المفقودة على قماش كسله..؟! هي تربح زوجاً لابنتها ، وهو يربح زوجة دون مهر وتوابع العروس ، فهي ستتكفل بكل شيء ، الآن على زوجها الحزم والاقتحام مهما كانت النتائج ، وحانت الفرصة ..!
نادى والدها على والد العريس ، لف ودار، أقنعه بأسلوبه الهادىء الخجول أن يأخذ ابنته الكبرى أيضاً لأبنه الثاني بمهر واحد ، يعني فوق البيعة - عروستين بمهر واحد .. يا بلاش - ! قالها واختفى من أمام والد العريس ، الذي فوجىء بالعرض ،
سأل ابو العريس ابنه الكسول ، وفتح سوق المزايدة والبيع والشراء معه ، أخذ الابن يجمع ويطرح ، مسألة حسابية توغلت في الحديث إلى حد الصراخ وانقسام الحضور ، رفض ان يتزوج " بعورة " لكن والدته أقنعته بحسها التجاري ، أن الزواج من "عورة" يأخذ حسنات عند الله لأنه " بجبر خاطرها " ثم " منين بدك توفر مصاري للمهر ، وهاي بتعيش كسيرة الجناح طول عمرها ، ما بتسألك وين رايح وين جاي" ..!!!
وتم عقد قرانها مع أختها ، وكانت فعلاً " فوق البيعة " ، باعوا الأخت وهي زيادة .
من أول ليلة قال لها عريسها ، انها زوجة فوق البيعة ، أي انها زيادة لا قيمة لها . ورسم حدود تواجدها في حياته وفي قلبه وعقله ، لم تمسك أي جهاز لقياس مشاعره ، الا عرفت أن أجهزة قياس المشاعر في العالم لا تستطيع أن تفسر هذا التجاهل ، الذي أسقطها به طوال السنوات الثلاثين التي عاشتها معه .
جر التجاهل تجاهلاً من طرفها ، رضيت أن تبقى تحت إطار "فوق البيعة" حتى عندما أحب امرأة أخرى ، لم تغضب ، بل اعتبرتها البيعة التي كان يبحث عنها .
اكسبتها البيعة أولادها الذين يصفقون ويضحكون عندما يحكي لهم والدهم قصة "فوق البيعة" ، انها النكتة الحارقة التي تحرق أعماقها ، تحاول الضحك لكن لا أحد يتأمل الخيوط النارية التي تحرق جلدها .
مضى العمر وهي تشعر أنها بدون رداء أنثوي ، تغرد في قفص مغلق ، مجهز بقضبان مكهربة من نسيان تلك اللحظة ..!
كلما كانت أمها تتأمل صمتها المطبق على حزن عميق ، كانت تنظر إلى زوجها وتتحدث معه بلغة خاصة ، تنضح بندم يجلس على هامش الحياة .
لم يغفر لها زوجها وجودها في حياته ، حتى عندما مرضت زارها في المستشفى ، حاول أن يفتح معها أبواب الحديث ، لم يجد باباً يفتحه دون أن يجرحها ، لذلك فضل الصمت البارد الملفع برائحة الأدوية .
عندما ماتت ، أعلن أن سيدفنها في مقبرة عائلته ، فهي زوجته وأم أبنائه ، المسؤولون عن المقبرة قالوا له أن المقبرة مليئة ولا يوجد فيها مكان لميت جديد ، وبعد اصرار وتفتيش وجدوا انه يستطيع أن يدفنها في قبر جدته ، فهي متوفية منذ أكثر من خمسين سنة ،ولم تعلم هذه المرة أن دفنها كان أيضاً "فوق البيعة " ..!!



#شوقية_عروق_منصور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- علياء والوليد بن طلال
- الزوجة تتحدث من مالطة ...
- بقايا نشارة خشب ..
- الجد نوبل والأم توكل والابن الضائع ستيف
- قصة قصيرة .. التصريح والأفعى ..
- ليلة ابو عبد الله الكبير
- بحثت عن طارق فوجدت قبيلة من القرود
- قصة قصيرة ..امرأة من تمر هندي ..
- قصة قصيرة .. سوار تحمل حزاماً ناسفاً .. شوقية عروق منصور
- الفاجومي يدخل الحكاية
- سرير يوسف هيكل
- تجبير قدم التاريخ المكسورة ..!
- من راشيل الى اريغوني المجرم واحد
- لك يوم يا ظالم
- من طباخ الريس الى صراخ النملة
- بين إمرأة وإمرأة هناك امرأة
- دموع البترول وأقنعة الكلاب
- صفعة على وجه هذه المرأة
- من مؤخرة الدجاجة يخرجون قنابل مسيلة للدموع
- رأس الجبل الضاحك الباكي


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شوقية عروق منصور - قصة قصيرة .. فوق البيعة .. شوقية عروق منصور