|
أين تاء التأنيث ؟
أم الزين بنشيخة المسكيني
الحوار المتمدن-العدد: 3565 - 2011 / 12 / 3 - 21:03
المحور:
كتابات ساخرة
أين تاء التأنيث ؟ ..
و اشتدّ الليل بالمدينة و نعقت غربان الشرق من كل صوب و حدب و تجمّعت بومات المارد الأسود في قلب السماء و زغردت فيها الخفافيش و رقصت آخر العفاريت و انهمرت الجحافل بأردية و ألوية و أُضحية و عًور و عورات و ناقصون عقل و زائدون فقر ..امتلأت الساحات حتّى غصّ المكان و شرٍق الزمان ..و في وسط الركح جلست شهرزاد على قلق ترمق حروف الحكاية بعين العجب و الفزع ..لكن الجمع الغفير استاء من الصمت فنطق المارد الأسود في حنق :" ويحك أيّتها المرأة العنيدة ..لماذا تصمتين و الركب مكتمل و الركح مزدحم و كواكب الأسنّة و الرماح و بريق الصفاح في عطش الى دماء الاناث ..الينا بالحكاية و الاّ لعنتك الملائكة الى الصباح ". لملمت شهرزاد فتنتها و حنّاها و عطرها ، و ضربت بخمارها على وجهها ، و قالت " و من أين جمّعتم كل هذا العدد من العفاريت و أنا التي كنت أحسب أنّي طردتهم من الحكاية و طعنتهم بحدّ القلم و سمّمتهم بالحبر ..و كلّما جاؤوا الى دهر فرقعوه و الى عقل و حقّ فقبّحوه و الى قصّة فعقروها و الى أدب فأهدروه .." صاح بها المارد الأسود و قد فرغ صبره :" افتحي الكتاب و اقرئي يا داهية الدهر و لا تسألي فالسؤال طاعون للنفس و هذر النسوان وباء للبدن ..و من كثر سؤاله قلّ حياؤه و مات قلبه " فتحت شهرزاد ديوان الحكايا لكنّها لم تعرف كيف تقرأ البداية و لا النهاية ..حملقت عميقا في ظاهر اللفظ فقلّبته على كل جوانبه لكن الحروف أحجمت عن النطق ..أُصيبت شهرزاد بالذهول و الفزع ..ما بال حروفي عصيّة عنّي ؟ تًراها تحتجّ على الجلد و الضرب الذي لحقها من طغيان هذا الزمن ؟ أم تُراها تعبت من الحكي ؟ أو سئمت من الانتماء الى لغة العرب؟ أم تراها تخجل من صوتي ؟ احتارت شهرزاد من الأمر ففزعت الى سيبويه تسأله "أن افتني في حديث الحرف ..فأنت أدرى بمكر هذه اللغة " أصيب عالم العرب بالعجب فهو للمرّة الاولى في حياته و في مماته الطويل الأمد يُسأل عن ثورة الحرف ؟ و كيف للحروف أن تعصي أمر خالقها و مولاها و سيّد النعم ؟ و حينما عجز عن الحلّ فزع الى فطاحل النحو و الشعر و الأدب ..و جيء بالأخطل و الحطيئة و بشّار و المتنبي و ابن الورد و السيرافي و مسكويه و الجاحظ و التوحيدي و وقفت الخنساء في آخر الصفّ ..لا أحد من رجال العرب فهم قُعود الحروف و امتناعها عن اللفظ ..و ضحكت الخنساء من وراء الحجب ضاربة بردائها الأسود على الكتب ..و قالت في كبرياء المحصّنات العالمات بمكر الدهر:" ويحكم يا علماء العرب ..ماالذي أصابكم بالجحود و الحمق ؟ و كيف جيء بكم الى عصر دثور الأدب و بوار العلم و الاعراض عن الحقّ ؟ ما الذي أخرس حروفكم عن النطق ؟ ألا ترون أنّ تاء التأنيث قد حُذفت من المعجم ؟ أم تُراكم أُصبتم بعماء هذا العصر ؟ "..حينها فهمت شهرزاد أنّ العفاريت قد سرقوا تاء التأنيث من اللغة و وئدوها في لبّ البحر ..فصاحت بالمارد الأسود "يالك من أحمق يا بطل قصّتي ..كيف أحكي دون أن أنطق بالوردة و القُبلة و كيف أحكيك عن النساء العورات و الناقصات و المتبرّجات و السافرات ..و المحصّنات ..و العالمات و الماكرات و ساحرات الملك ؟ أعيدوا الينا تاء التأنيث قبل أن تتحوّل الوردة الى قنبلة و المدينة الى مزبلة " و واصلت حروف الضاد اعتصامها أمام المكتبة تحتجّ على منع تاء التأنيث من الاختلاط .
#أم_الزين_بنشيخة_المسكيني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تأديب المعلّمين و المعلمات مندوب اليه أم مندوب عليه؟
-
الحاكم يريد أم الشعب يريد ؟؟؟
-
اضحكوا بقدر المستطاع ؟؟؟؟؟؟؟؟؟
-
هل نفّذتم القرار بالهدم ؟
-
ماذا فعلت بنا السبّابة اليُسرى ؟
-
هنا تُباع الشعوب خِلسة
-
سيكبر فينا الياسمين يوما ..
-
من يحمل الغابة في عينيه ؟
-
لماذا جرحتم هذي السماء ؟
-
لم يأكلوا النخالة بعدُ
-
أنشودة الشمس
-
شهرزاد لا تنام
-
لا خير في نهار بلا رقص
-
من يشتري الصحراء غيرك ؟
-
هل تركتم للعصافير قليلا من سماء ؟
-
الخوف من الديمقراطية
-
نهاية الطاغية
-
من أساء الى الذات الإلهية أم من أساء الى الثورة ؟
-
شعر الثورة
-
الشيوعية ليست إلحادا..
المزيد.....
-
سيطرة أبناء الفنانين على مسلسلات رمضان.. -شللية- أم فرص مستح
...
-
منارة العلم العالمية.. افتتاح جامع قصبة بجاية -الأعظم- بالجز
...
-
فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي
...
-
سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
-
وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي
...
-
-كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟
...
-
ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق
...
-
رواية -سيرة الرماد- لخديجة مروازي ضمن القائمة القصيرة لجائزة
...
-
الغاوون .قصيدة (إرسم صورتك)الشاعرة روض صدقى.مصر
-
صورة الممثل الأميركي ويل سميث في المغرب.. ما حقيقتها؟
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|