أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - رامي أبو جبارة - عن السلطة السياسية في سوريا و-ممانعتها- - 1















المزيد.....

عن السلطة السياسية في سوريا و-ممانعتها- - 1


رامي أبو جبارة

الحوار المتمدن-العدد: 3565 - 2011 / 12 / 3 - 08:59
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


مع استمرار الانتفاضة التي باتت تشهدها العديد من المدن السورية في الشهور الماضية، كثر الحديث عن اختلاف السلطة السياسية السورية عن "قريناتها" العربية بإعتبارها سلطة "ممانعة". وغالبا ما يأتي استخدام مصطلح "الممانعة" هذا بشكل مبهم دون اعطاء أي تفسيرات أو تأويلات تشفي الغليل وتوضح الغموض الذي يصاحبه. ولعل استخدام هذا المصطلح واسقاطه على موقف السلطة السياسية في سوريا، هو الذي جعل الموقف العربي على الصعيدين الشعبي والنخبوي يتخبط حيال الحراك الذي تشهده سوريا، وجعل الكثير من المراقبين والمهتمين في الشأن السياسي الشرق الأوسطي في حيرة من أمرهم حيال اتخاذ موقف صريح من هذا الحراك، وهذا تحديدا هو ما دعا بعض الأطراف إلى تصديق نظرية المؤامرة على سوريا دون غيرها، وتأييد السلطة السياسية السورية رغم معارضتم النظام الرسمي العربي ككل.

بناءا على ما تقدم أعتقد أن احدى المهمات الملحة على الساحة السورية والعربية كانت الاجابة عن التساؤلات المطروحة المتعلقة بما اذا كانت السلطة السياسية في سوريا سلطة "ممانعة"، ومن تمانع، وكيف تقوم بممانعتها؟ وبعد طول انتظار ومع غياب محاولات موضوعية وجدية تلتزم منهجا علمي، عزمت أن اقوم بمحاولة البحث عن اجابات لهذه الأسئلة، وأقول اجابات وليس اجابة، لأن مجرد الافتراض بأن هناك اجابة واحدة عن هذا السؤال يقودنا إلى تضييق أفق البحث وحصره في مسار واحد، وهو ما سيؤثر حتما على المنهج المتبع للوصول إلى الاجابة، مما سيعني حتمية الحصول على اجابة جاهزة سلفا، مبنية على مواقف مسبقة وأحكام مطلقة.

بداية، وحتى يتسنى لنا الخوض في غمار البحث عن اجابات لهذه الأسئلة الشائكة، أعتقد أنه ينبغي معالجة عدد من الاشكاليات والتطرق لمسائل ذات العلاقة، والتي لا يمكن تجنبها اذا ما أردنا الوصول إلى اجابات أقرب إلى الموضوعية منها إلى الآراء الذاتية.

سأبدأ من الاشكاليات المصاحبة لهذا الأسئلة، وأولى هذه الاشكاليات هي استخدام "الممانعة" كمصطلح، وبالتالي ينبغي علينا تعريف مصطلح "الممانعة"، والذي بات يستخدم جزافا دون معرفة معناه على وجه التحديد، وخصوصا في السياق الذي يُستخدم به على هذا النحو الواسع الفضفاض. أما الخطوة التالية بعد التعريف فتكمن في تحديد أطراف معادلة "الممانعة" هذه، بمعنى آخر من يمانع من؟ أما ثاني هذه الاشكاليات ولعلها غاية في الصعوبة، فهي تكمن في معرفة كيفية صنع القرار داخل السلطة السياسية في سوريا، أو بمعنى آخر تفكيك تركيبة الحكم في سوريا وتحليلها بشكل موضوعي قريب إلى الواقع ما أمكن، وذلك لمعرفة كيف تقوم السلطة السياسية السورية "بممانعتها" ومن يقوم بذلك ولماذا.

أما بالنسبة للمسائل الملحة وذات العلاقة للاجابة على هذه الأسئلة بشكل علمي، فأعتقد أن أولها هو ضرورة العودة إلى التاريخ ومراجعته في ضوء مواقف النظام السياسي المهيمن في سوريا، والظروف التاريخية والموضوعية المحيطة بتلك المواقف. حيث سنلجأ في هذه العملية إلى منهجية في التحليل السياسي تعمد إلى تجزئة وتحليل كل موقف وكل جزء من اللوحة السياسية على حدة، آخذين بعين الاعتبار ظروفه التاريخية والموضوعية بخصوصية شبه مطلقة. ومن ثم يتم جمع تحاليل هذه الأجزاء للحصول على أحكام قد نستطيع استخدامها في بناء التحليلات الأكثر عموما. أما ثاني هذه المسائل فهي مقترنة بالعملية السابقة، وذلك بأخذ جميع العوامل وأطرافها المؤثرة بعين الاعتبار أثناء عملية التحليل تلك.

أخيرا وقبل الدخول في صلب الموضوع، أقول بأنه رغم ضخامة هذا العمل الأقرب إلى بحث منه إلى مقال، سأحاول الخوض في غماره على شكل مقال في عدة أجزاء، مختصرا منه ما أمكن، آملا أن لا يكون هذا الاختصار مخلا، وآملا كذلك أن تكون هذه المقالة نواة لبحث قادم يمتلك جميع المعلومات اللازمة للوصول إلى الحقيقة ويكون اكثر عمقا وتفصيلا.

التشريح المصطلحي لكلمة "ممانعة":

قلنا اذن أن أولى الاشكاليات هي اطلاق مصطلح "الممانعة" بشكل أعمى دون اللجوء إلى تفسيره أو تفصيله، أو التفكـّر في معناه ولو قليلا. ولسنا هنا بصدد تفسير هذا المصطلح لغويا بقدر ما نحن معنيون بتفسيره سياسيا. وفي هذا السياق سأورد عددا من التفسيرات السياسية التي تطرقت لتعريف هذا المصطلح، منها ما هو متعلق بموقف السلطة السياسية في سوريا، ومنها لا علاقة له به لا من قريب ولا من بعيد (انظر إلى المراجع). فمصطلح الممانعة قد يعني سياسيا عدم القبول بأمر ما ولكن ذلك لا يعني بالضرورة رفضه بشكل مطلق(1)، والممانعة تعني أيضا الامتناع عن مواجهة العدو، وعن التطوع لفعل ما يرغبه(2). وهي أيضا مرتبة وسطى بين مواجهة قد تنقلب إلى مجابهة مفتوحة؛ وبين "الاستسلام" للعدو(3). وقد استخدم هذا المصطلح للاشارة إلى رفض الانخراط في أمر ما مع عدم مقاومته (4). واستخدام مصطلح الممانعة في هذا السياق له جذوره العلمية في العلوم الطبيعية. ففي الفيزياء وخصوصا في فرع الدارات الكهربائية هناك فرق بين الممانعة الكهربائية (يرمز لها برمز Z) والتي تستخدم في حالة التيار المتردد(5)، فإذا تغير هذا التيار المتردد إلى تيار مستمر تؤول الممانعة إلى مقاومة كهربائية (يرمز لها برمز R)(6). وبناءا على هذه التفسيرات ولتفكيك هذا المصطلح المرواغ بشكل أعمق، يبرز نوعين من الممانعة: النوع الاول يعتمد على الوقوف مع احد النقيضين في موقف ما، ثم يتحوّل ليكون مع النقيض الآخر في موقف آخر وهكذا دواليك، ومعروف هذا النوع في مجال الممانعة المغناطيسية بأن يكون تدفق التيار تارة مع القطب الموجب وتارة أخرى مع القطب السالب(7). أما النوع الثاني فهو الوقوف على مسافة واحدة من النقيضين في جميع المواقف. وسنرى في الجزء المعني بالمراجعة التاريخية تحليلا لمواقف النظام السوري بناءا على هذين النوعين من الممانعة وليس المقاومة، لأنه هو نفسه لم يدعي المقاومة وكذا أغلب مؤيديه(8). وبالتالي بناءا على هذه التعريفات المستندة على أسس علمية نستطيع أن نخلص إلى القول أن فعل الممانعة هو فعل بعيد كل البعد عن المقاومة وقد يكون نقيضها تماما في بعض الأحيان، ومقترن بشكل كبير مع التردد والتذبذب بين موقفين متناقضين وهما في السياسة المواجهة والاستسلام. ولذلك فهو موقف لا يمت للمبدأ بصلة، ويعتمد على قدر كبير من المرونة (Flexibility) بمعناها العلمي(9)، والذي يوازي البراغماتية النفعية بمعناها السياسي.

أما في الشق الثاني والمتعلق بتحديد أطراف المعادلة السياسية في اطار هذا المصطلح، فمن الواضح أن مؤيدي النظام السوري يقصدون وضعه في خانة "مقابلة" للمشروع الصهيوأمريكي في المنطقة، وبالتالي وبعد تجميع التعريفات السابقة لمصطلح "الممانعة"، ووضع أطراف المعادلة السياسية كما حددناها سلفا ضمن هذه التعريفات، يصبح النظام السوري لا يتماشى مع المشروع الصهيوأمريكي بالطريقة التي يريدها روّاد هذا المشروع، ولكنه في ذات الوقت لا يقاومه ولا يرفضه رفضا مطلقا نابعا من مبدأ ثابت.

- يتبع في الجزء الثاني تحليل تركيبة الحكم ودورها في "الممانعة"

(1) من مقال للكاتب سلامة كيلة بعنوان "حدود الممانعة السورية" نشر في جريدة الأخبار اللبنانية بتاريخ 11-07-2011.
(2) من مقال للكاتب ياسين الحاج صالح بعنوان "في أصل -الممانعة- ونظامها وإيديولوجيتها ..وازدواج وجهها" نشر في موقع الحوار المتمدن بتاريخ 27-10-2006.
(3) المصدر السابق نفسه.
(4) من مقال لسيان تراينور بعنوان "الجيل الممانع" نشر في جريدة الأيريش تايمز (التايمز الأيرلندية) بتاريخ 29-01-2011.
(5) ارجع إلى قانون فارادي في الفيزياء (Faraday s Law).
(6) ارجع إلى قانون أوم في الكهرباء (Ohm s Law).
(7) القانون الفيزيائي أمبير لكل فيبر.
(8) من مقابلات لرموز النظام السوري ومؤيديه، أذكر منها على سبيل المثال لا الحصر تصريحات الرئيس بشار الأسد ووزير خارجيته وليد المعلم بتاريخ 02-02-2010 و03-02-2010 بعد التصعيد مع وزير الدفاع باراك حينها، وكذلك عند لقاء فاروق الشرع مع الرئيس الفلسطيني عباس لمحاولة انهاء الانقسام في 14-05-2009 وغيرها الكثير.
(9) ارجع إلى التيار المتردد.



#رامي_أبو_جبارة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ملكية الفضاء وعولمة ما لا يمكن عولمته..!!
- حرب العملات ونهاية القيامة الأمريكية: هل نحن بحاجة إلى النظا ...


المزيد.....




- هل كان بحوزة الرجل الذي دخل إلى قنصلية إيران في فرنسا متفجرا ...
- إسرائيل تعلن دخول 276 شاحنة مساعدات إلى غزة الجمعة
- شاهد اللحظات الأولى بعد دخول رجل يحمل قنبلة الى قنصلية إيران ...
- قراصنة -أنونيموس- يعلنون اختراقهم قاعدة بيانات للجيش الإسرائ ...
- كيف أدّت حادثة طعن أسقف في كنيسة أشورية في سيدني إلى تصاعد ا ...
- هل يزعم الغرب أن الصين تنتج فائضا عن حاجتها بينما يشكو عماله ...
- الأزمة الإيرانية لا يجب أن تنسينا كارثة غزة – الغارديان
- مقتل 8 أشخاص وإصابة آخرين إثر هجوم صاروخي على منطقة دنيبرو ب ...
- مشاهد رائعة لثوران بركان في إيسلندا على خلفية ظاهرة الشفق ال ...
- روسيا تتوعد بالرد في حال مصادرة الغرب لأصولها المجمدة


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - رامي أبو جبارة - عن السلطة السياسية في سوريا و-ممانعتها- - 1