أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - عودة وهيب - عبادة حقوق الأنسان















المزيد.....

عبادة حقوق الأنسان


عودة وهيب

الحوار المتمدن-العدد: 1056 - 2004 / 12 / 23 - 08:33
المحور: حقوق الانسان
    


بالرغم من ان مفهوم (حقوق الأنسان) هو من منتجات العصر الحديث ومن بنات افكار العقل النقدي الذي تصدى لنقد الموروث الأنساني القديم بما فيه الفلسفات القديمة ذات المنطق الصوري الأ انه، ومن المؤسف، فأن (مستخدمي) هذا المنتج العصري ( حقوق الأنسان) يتعاملون معه كتعامل رجال الدين مع النصوص المقدسة، حتى صار لمفهوم ( حقوق الأنسان ) ، عند البعض، قدسية اكبر من قدسية النص الديني، حيث ان النص الديني نفسه يعطي في بعض الأحيان لصاحبه رخصة لتعطيل تطبيق النص. فالمسلم أذا كان مريضا او على سفر مثلا يقصّر في صلاته ويؤجل صومه ،كما ان بعض فقهاء المسلمين توصلوا الى ( اكتشاف) مفهوم (مقاصد الأحكام الشرعية) الذي يعني ضرورة تحقق المصلحة من وراء التشريع، فنرى ان الفقيه الاسلامي ابن خلدون يمتدح العصبية التي ذمها الشرع الاسلامي لأنه يرى:
(ان العصبية وغيرها من احوال الدنيا لايجوز ان نحكم عليها حكما كليا مجردا حيث نغفل عن محتواها الواقعي . ان ابن خلدون يشبه العصبية من هذه الناحية بالملك وبالغضب وبالشهوة . فهذه امور نهى عنها الشرع وذمها بينما هي من مستلزمات الحياة البشرية . فالأنسان من غير شهوة مثلا لايتم بقاؤه. وانما نهى الشرع عن الشهوة لكي يردع الناس عن استعمالها في غير وجهها المشروع . اما استعمالها في وجهها المشروع فهو امر مرغوب وقد حبذه الشرع وحرّض على الأكثار منه . ومثل هذا يمكن ان يقال عن العصبية ، فهي كثيرا ماتكون وسيلة لنصر الدين واقامة الحق وقد اعتمد عليها النبي في حماية الأسلام وفي نصره . والعصبية لاتكون مذمومة الأ عند استعمالها في الباطل وفي تفريق كلمة الأمة)علي الوردي – منطق ابن خلدون ص94
ويمكن قول نفس الشيء في قضية ( حقوق الأنسان)، فالألتزام بالقوانين الحافظة لحقوق الأنسان يهدف الى حماية حياة البشر وصون كرامتهم، فليست مباديء حقوق الأنسان مقدسة ومرغوبة لذاتها بل لتحقيق مصلحة الأنسان، فاذا كان تطبيقها سيؤدي الى انزال الضرر بالمجتمع وتعريض حياة الناس الى الخطر أصبح تطبيقها باطلا ومضرا ( ومنهي عنه) وهذا ما يحصل في العراق الأن. فالحكومة العراقية المؤقتة تتعامل مع أركان النظام الساقط ومع الأرهابيين من بعثيين وسلفيين على اساس مباديء حقوق الانسان ، وهذا ادى الى عدم تمكن الأجهزة الأمنية العراقية من تفكيك شبكات الارهاب البعثية والسلفية وشبكات الأجرام المنظم . وقد ذكرت صحيفة الشرق الاوسط انها أطلعت على بعض استمارات المعتقلين في العراق (وهي لاتظهر اية معلومات لم يرغب المعتقل في الأدلاء عنها حتى أن قسم منهم لم يدل حتى بأسمه )الشرق الاوسط –عدد 20-12-2004
وهذا الأسلوب ( الأنساني) ادى الى نتائج وخيمة يدفع الأن ثمنها الشعب العراقي ومنها:
أليف - مقتل مالايقل عن100000 عراقي من ضمنهم الف شرطي
باء -تعرض الأقتصاد العراقي الى خسائر هائلة بسبب التخريب المتعمد للمرافق الأقتصادية وفي مقدمتها المرافق النفطية وتعطيل عمليات الأعمار وشلل الحياة في بعض المدن
جيم - استمرار العمليات الأرهابية وعدم قدرة الحكومة على السيطرة عليها بل وازدياد عددها وتطور نوعيتها.
دال - عدم تقديم الزمرة الصدامية المعتقلة لاية معلومات عن الشبكة الأرهابية التي اسسوها قبل سقوط نظامهم وهذا ادى الى بقاء عناصر هذه الشبكة احرارا يعبثون بحياة وامن العراقيين ويعطلون الحياة في مناطق واسعة من العراق ويمنعون اعداد غفيرة من العراقيين من المشاركة بالأنتخابات القادمة
هاء - عدم كشفهم عن مكان الأموال العراقية التي نهبوها من خزينة العراق ويمولون بها الأن عمليات الأرهاب.
واو -عدم كشفهم عن معلومات حساسة ومتنوعة يحتاجها الشعب العراقي في عهده الجديد.
هذه الخسائر الجسيمة وغيرها يدفعها الشعب العراقي حتى يقال عنا اننا ملتزمون بحقوق الأنسان ( رغم اننا ألآن متهمون من قبل اعداء العراق بانتهاك حقوق الأنسان، ولن يرضوا عنا حتى نقدم السلطة مرغمين الى فلول البعث وعندها سوف لايسألون عن المجازر والمقابر الجماعية التي ستكون مصير الملايين)!!!!يذكرني اللالتزام الآلي يمباديء حقوق الأنسان بذلك الفلاح الساذج الذي تعلم كيفية تعقيم ( خصي) الثيران ، غير انه لم يجد زبائن له فأخذ يخصي الكلاب مجانا ولما سئل عن فائدة عمله اجاب : المهم ان يسميني الناس ( خصّه)!!وهذا ماتسعى اليه الحكومة العراقية المؤقتة على مايبدو.
والا فهل يعني تطبيق حقوق الأنسان الأضرار الفضيع بحياة ومصالح شعب باكمله من اجل تمتع زمرة مجرمة بحقوقها الأنسانية ؟!! ان هذا ، وايم الحق، فهم آلي غبي لمفهوم حقوق الأنسان. لنمعن النظر في العقوبات التي يواجهها المجرمون بعد محاكمتهم في كل دول العالم المتحضربدأ من عقوبة السجن وانتهاء بعقوبة الأعدام ، انها يمكن اعتبارها من الناحية الصورية خرقا لحقوق الأنسان لان المعاقب سيتعذب حتى لوكان سجينا في سجن من خمسة نجوم، فلماذا نضع المجرم في السجن ؟ الجواب المعروف هو لاننا نريد ان نحمي المجتمع من المجرمين . فحماية المجتمع اذا تبرر خرقنا لحقوق الأنسان المجرم . وطبعا من الناحية الشكلية لايمكن اعتبار صدام وعلي حسن الكيمياوي مجرمين لعدم صدور احكام ضدهم ( فالمتهم بريء حتى تثبت ادانته) ولكن هذا منطق صوري ايضا يتجاوز معطيات الواقع التي تقول بصراحة:اولا ان صدام مسؤول عن جرائم كثيرة ويملك معلومات هامة يؤدي كشفها الى انقاذ الألاف العراقيين من الموت والى ارجاع مليارات الدولارات وربما الى استقرار العراق، وثانيا ان ظروف العراق الحالية لاتدع مجال للتراخي والرحمة ازاء هذا المجرم لأن هذا التراخي وهذه الرحمة تتعارض مع المصلحة العامة التي هي اهم من مصلحة الفرد ، وثالثا ان في ارغامه على الكلام تحقيق لمصلحة وطنية عليا ، وبالتالي فان معاملة صدام كبريء الى ان يصدر الحكم بادانته هو منطق صوري يسبب الضرر لملايين العراقيين. ولو تمعنا في أغلب القوانين في كل العالم لوجدنا انها في النهاية تحد من حرية الأنسان وتقننها ولنفس السبب السابق الذي هو تغليب المصلحة العامة على مصلحة الفرد في اغلب الأحيان
قد يقول قائل ان عدم تطبيق قوانين حقوق الأنسان سيجعل الكثير من الأبرياء ضحية لهذا الأنتهاك ، وان نجاة مجرم من حبل المشنقة هو احسن وأهون مليون مرة من التفاف حبل المشنقة حول رقبة بريء اعترف كذبا بذنب لم يرتكبه تحت ظروف التعذيب ، وهذا الكلام ( كاي مبدأ) نسبيّ الصحة ولايمكن التسليم به بصرف النظر عن اي ظرف وعن مبدا تحقق المصلحة العامة . ففي اثناء الحرب يضطر حتى الليبرالي والمدافع عن حقوق الانسان الى اطلاق النار على عدوه، فان لم يفعل سيقتل وسيسمح لعدوه بانزال الأذى بالاخرين، سنطلق النار على محارب الطرف الآخر ونحن نعلم اننا انتهكنا حقه في الحياة ويتمنا اولاده، ولكن ماذا نفعل؟ انها قوانين الحرب. ونحن في العراق في حرب قاسية مع زمر البعث المتحالفة مع بعض السلفيين، وتحت ظل قانون الطواريء، ولابد لنا ان نحمي ابناء العراق من اعدائهم المجرمين الذين لن يتوانوا عن ذبح الجميع لو تيسر لهم ذلك.ويمكننا ان نكون حذرين لتجنب ايقاع الأذى بالأبرياء من خلال التمييز بين نوعين من المعتقلين : الأول الذي تتوفر ادلة قاطعة على ارتكابه الجرائم وامتلاكه لمعلومات مهمه يكون في كشفها انقاذ لارواح مئات الأبرياء، وهذا النوع من المعتقلين كصدام وزمرته يجب عدم معاملتهم بمقاييس حقوق الأنسان ، لابد من ارغامهم على اعطاء كل المعلومات المطلوبة لأن في ذلك مصلحة لعموم الشعب العراقي . اما النوع الثاني من المتهمين الذين لاتتوفر ادلة قاطعة على تورطهم في العمليات الأرهابية او ان مراكزهم في حزب البعث المنحل لاتؤهلهم للعب دور كبير فهؤلاء يمكن استخدام اساليب انسانية معهم بشرط استعدادهم للتعاون مع المحققين، ولا يجب ان نسمح في هذه الظروف الصعبة التي يمر بها الشعب العراقي لوجود اي تراخي يصل الى حد ان يرفض المتهم الأدلاء حتى باسمه ..
مرة تساءل الكاتب العراقي المعروف الأستاذ خالد القشطيني في عموده اليومي في صحيفة الشرق الأوسط قائلا مامعناه : ماذا نفعل لارهابي نعرف انه وضع عبوة متفجرة في مكان عام؟ ان عذبناه لمعرفة مكان العبوة خرقنا حقوق الأنسان ، وان تركناه بدون تعذيب( تقديسا) لمباديء حقوق الأنسان فانه سوف لن يعترف وستنفجر العبوة لتقتل عددا كبيرا من الناس البرياء. وقد اعتبر الكاتب ان هذه اشكالية فكرية، وهي في واقع الأمر ليست كذلك . انها اشكالية عويصة اذا كان فهمنا لحقوق الأنسان فهما آليا صوريا لايعير لجدلية الواقع اي اهتمام ، ولكنها ليست اشكالية ابدا اذا كان فهمنا لحقوق الأنسان ولكل الشرائع الأرضية والسماوية فهما علميا ياخذ جدلية الواقع بعين الأعتبار ، وفي المثال الذي طرحه الأستاذ القشطيني فأن تعذيب هذا الأرهابي ضرورة انسانية لأن مبدا دفع الضرر عن عشرات الأبرياء يسبق مبدأ تحقق المنفعة الأنسانية لهذا ( الانسان) الأرهابي.
انني في هذه المقالة لاادعي القدرة على ايفاء هذا الموضوع الخطير كامل استحقاقه . ولذا فاني ادعو كافة المفكرين العراقيين والعرب الأحرار الى تناوله من جوانبه المختلفة.
[email protected]



#عودة_وهيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- برنامج الأغذية العالمي: لم نتمكن من نقل سوى 9 قوافل مساعدات ...
- قيس سعيد: من أولوياتنا مكافحة شبكات الإجرام وتوجيه المهاجرين ...
- -قتلوا النازحين وحاصروا المدارس- - شهود عيان يروون لبي بي سي ...
- نادي الأسير الفلسطيني: ارتفاع حصيلة الاعتقالات بعد 7 أكتوبر ...
- برنامج الأغذية العالمي يدعو لوقف إطلاق النار في غزة: السرعة ...
- هل يصوت مجلس الأمن لمنح فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المت ...
- ترجيحات بتأجيل التصويت على عضوية فلسطين في الأمم المتحدة
- السلطات الفرنسية تطرد مئات المهاجرين من العاصمة باريس قبل 10 ...
- حملة مداهمات واعتقالات في رام الله ونابلس والخليل وبيت لحم
- عباس يرفض طلبا أمريكيا لتأجيل التصويت على عضوية فلسطين في ال ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - عودة وهيب - عبادة حقوق الأنسان