أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف - حول دور القوى اليسارية والتقدمية ومكانتها في ثورات الربيع العربي وما بعدها - بمناسبة الذكرى العاشرة لتأسيس الحوار المتمدن 2011 - جلال محمد - ثورات الشرق الاوسط : شبح الثورة ينهض ...!















المزيد.....


ثورات الشرق الاوسط : شبح الثورة ينهض ...!


جلال محمد

الحوار المتمدن-العدد: 3567 - 2011 / 12 / 5 - 19:11
المحور: ملف - حول دور القوى اليسارية والتقدمية ومكانتها في ثورات الربيع العربي وما بعدها - بمناسبة الذكرى العاشرة لتأسيس الحوار المتمدن 2011
    


ملف الحوار المتمدن حول : دور القوى اليسارية و التقدمية و مكانتها في ثورات الربيع العربي و ما بعده ِ

قبل الدخول في تفاصيل الاجابة المباشرة على الاسئلة المطروحة، ارى ان اذَكر بمجموعة ملاحظات اساسية تسهل، برأي فهمنا لما يجري في المنطقة منذ شباط من هذا العام و للمسار الذي تتخذه ثوراتها و احداثها .هذه الملاحظات ليست بجديدة و انما كتب و قيل عنها الكثير و انا انما اذكر بها فقط من وجهة نظري.
مابدأ في تونس ومصر و ما يجري الان في العديد من بلدان المنطقة و العالم يتميز بانه ليس حدثا محليا او اقليميا لا في الاسباب و البواعث المحركة و لا في النتائج و الاثارالتي افرزتها حتى الان و ما ستترتب عليه مستقبلا. فاسباب هذه الثورات و الانتفاضات و الاحتجاجات تنبع عميقا من تناقضات المجتمع الراسمالي الذي يسود كل دول العالم ولذلك فان نتائجه لن تقتصر في تاثيراتها على الدول التي حدثت فيها هذه الثورات . ان ما يجري في المنطقة ليس الا بداية عصر من الثورات الاجتماعية ، كما كتب ماركس في مقدمته لنقد الاقتصاد السياسي.
تعليقا على سقوط حسني مبارك، قال كسينجر وزير الخارجية الامريكية الاسبق بان: "سقوط مبارك هو سقوط جدار برليننا" اي جدار برلين الغرب . اذا كان هذا يعني سقوط الغرب السياسي فان انهيار ولستريت و الازمة الاقتصادية الراهنة التي تعصف بالغرب يعني سقوط الغرب الاقتصادي و دخول الازمة الاقتصادية العامة للنظام الراسمالي مرحلة خطيرة،اي مرحلة اللاعودة بحيث ان القيام بتغيرات جوهرية و اساسية على بنية و تركيبة النظام الاقتصادي - الاجتماعي والسياسي في معظم دول العالم دخل مرحلة التنفيذ. ان ما بدأ في تونس و مصر ليس سوى ولوج مرحلة تنفيذ ضرورة تغير النظام الراسمالي القائم و هو يعني ، ضمن ما يعني ، تحول الشباب من العمال و الطلبة و النساء من الموقف السلبي تجاه الانظمة الراسمالية الحاكمة الى الرد الايجابي الثوري و تصاعد المد الثوري و انطلاق شرارة الثورة الاجتماعية في المنطقة والتي ادت في اولى خطواتها الى اسقاط نظامي بن علي و مبارك اي انجاز الخطوة الضرورية الاولى لتحقيق الحرية السياسية.
تمتد جذور الثورات الراهنة الى نهاية عقد الثمانينات من القرن الماضي فانهيار جدار برلين الذي اعلن سقوط الكتلة الشرقية كان ايذانا باجراء تحولات جوهرية ليس في دول المعسكر الشرقي فقط بل في بقية دول العالم و خاصة في امريكا و اوروبا الراسمالية المتقدمة. فعلى صعيد بلدان اوروبا الداخلية برز تيار التاتشرية و الريغانية و الليبرالية الجديدة بشكل عام ووصلت احزابها الى الحكم في العديد من بلدان اوروبا لتشن حملات شرسة على الطبقة العاملة و الجماهير الاوروبية و على مكتساباتها التي حققتها خلال العقود السابقة و على نقاباتها و منظماتها الجماهيرية و حقوقها النقابية و المدنية و الرفاهية كالتعليم ، الصحة الاجور و تقليص الكثير من الخدمات العامة.
على صعيد اخر انهيار المعسكر الشرقي افرغ وجود المعسكر الغربي المضاد له و المتحد بوجهه من معناه و صار من الضروي، من وجهة مصالح الدول الراسمالية المنتصرة ، بروز او ابراز قطب اخر يقف الغرب بوجهه و يفرض الديمقراطية عليه وان كان بقوة الصواريخ و المدافع . لذلك برز النظام العالمي الجديد الذي اعلن بزوغه بحرب الخليج الاولى و "تحرير الكويت" و فرض الحصار الاقتصادي البربري على جماهير العراق باسم محاصرة نظام البعث و صدام حسين، وتلى ذلك احداث الحادي عشر من سبتمبر الدموية ، احتلال افغانستان و العراق وبروز الاسلام السياسي و ارهابه و تحولت المواجهة بين قطبا الارهاب العالمي الامريكي الغربي و الارهاب الاسلامي، اي صراع الحضارات كما روج لها منظرو الليبرالية الجديدة ، الى المسالة الرئيسية لصراع القوي الاساسية في العالم .
وكان لانهيار الكتلة الشرقية تاثيرا كبيرا على التيارات اليسارية و الشيوعية السائدة انذاك في الحركة الشيوعية العالمية فالعديد من الاحزاب و الحركات الشيوعية التي كانت موالية للاتحاد السوفييتي انهارت بانهيار المعسكر المذكور و بدات بتوجيه انتقادات ذاتية ديمقراطية لسياساتها و ممارساتها السابقة و انجرفت مع الموجة الديمقراطية التي روج لها المنتصرون من الليراليين الجدد اما اليسار الذي تشكل بوجه الاحزاب الحاكمة في المعسكر الشرقي، الماوية الجيفارية و التروتسكية فانها تبلورت اصلا بوصفها، اي التيارات اليسارية ، مكاتب فكرية و ليست تيارات سياسية اجتماعية ترتبط بنضال الطبقة العاملة الستراتيجي و احتجاجاتها اليومية، اصيبت هي الاخرى بزلزال فكري سياسي و فقدت في الواقع مبررات وجودها و انجرف من بقى منها، اكثر من السابق الى هامش الاحداث و الصراعات الواقعية في المجتمعات المتواجدة فيها ، بل ان اقساما منها تحولت الى الدفاع عن بعض التيارات الاسلامية الارهابية بحجة كونها معادية للامبريالية.
وصول اوباما الى الرئاسة الامريكية و تحول السياسة الامريكية باتجاه التخلي عن الصراع ضد الارهاب الاسلامي و البدء بحوار مع ما اطلقوا عليه الاسلام المعتدل اي التحول من سياسة صراع الحضارات الى حوارها هي المرحلة الاخيرة من سياسة الغرب الراسمالي بعد انهيار الكتلة الشرقية و اذا كان تعليق اوباما على قتل بن لادن هو ان دوره السياسي كان قد انتهى قبل مقتله فهل يعني ذلك اعترافا جليا بوصول دور سياسة الحوار مع الاسلام المعتدل الى نهايته ايضا؟
ان كل هذه الصراعات و الحروب و الماسي التي مرت على البشرية خلال العقود الثلاثة الاخيرة من تسلط و تفرد الطبقة الراسمالية من دعاة السوق الحرة سواء من الليبرالين الجديد او المحافظين الجدد، من الحمائم او الصقور بالعالم ، سواء في حربهم على الارهاب الاسلامي او في حوارهم مع الاسلام المعتدل، اقول بان كل ذلك جرى ليس بعيدا عن الطبقة العاملة و الجماهير الواسعة من الشباب و النساء فحسب ، بل ضد مصالحهم الانية و البعيدة المدى و بكل المعاني، كل تلك الصراعات الدموية و الاقتتال و الحروب الطائفية جرت على حسابهم و حساب الاجيال القادمة منهم. ان عمال العالم و جماهيره الواسعة كانوا ضحية هذه السياسات التي مارستها الديمقراطية النيابية و البرلمانية و التمثيلية....الخ.


1.الحوار المتمدن : هل كانت مشاركة القوى السياسية و النقابات العمالية و الاتحادات الجماهيرية مؤثرة في هذه الثورات؟ و الى أي مدى؟

جلال محمد : يجب ان اوضح اولا: بان ما افهمه من مشاركة اية قوة سياسية في هكذا احداث لايعني فقط مشاركة اعضاء و مؤيدي قوة معينة في الاحداث اليومية كالتظاهرات و الاحتجاجات و التحضير لها او حتى تقديم التضحيات لها . ان مشاركة قوة سياسية في حدث ما تعني ، برأي، طبع الاحداث الجارية ونحن نتحدث عن الثورات الراهنة بطابع الافق و البرنامح السياسي و المطالب المحددة للقوى المعينة وجعل التكتيك الذي تطرحه القوة المذكورة تكتيكا تمارسه الحركة الجماهيرية في تحركها اليومي وصولا الى تحقيق هدفها الرئيسي. ثانيا : ان القوى اليسارية تختلف عن النقابات العمالية و الاتحادات الجماهيرية الاخرى بكونها احزاب و منظمات سياسية لها اهداف و برامج سياسية بعيدة المدى و اهداف انية تعمل على تحقيقها وفق اسس و ضوابط معينة وتتخذ من اجل ذلك تكيتكا معينا حسب الظروف الانية .بالنسبة لمشاركة القوى اليسارية اقول بان معظم التيارات و القوى اليسارية في بلدان الشرق الاوسط مشتتة بين تيارات قومية يسارية ، ديمقراطية معادية للاستبداد السياسي و انها لاتستهدف سوى اجراء تغيرات على بعض شرور و مساوئ الانظمة التي قامت ضدها الثورات الراهنة او انها في احسن الاحوال قوى هامشية غير مؤثرة في احداث المجتمع الكبرى. ان الثورات الراهنة هي ثورات اجتماعية تستهدف بالاساس دك اسس المجتمع الراسمالي القائم في هذه البلدان و اقامة نظام سياسي تتدخل فيه الجماهير بشكل مباشر لصنع القرار السياسي و يحقق العدالة الاجتماعية و ليس هذا سوى سوى ما يطالب به الشيوعيون العماليون . ردا على سؤال مراسل احدى القنوات الفضائية مع احد ناشطي ميدان التحرير بعد سقوط مبارك: انتم الذين تطالبون بالديمقراطية لماذا لاتعطون لطنطاوي فرصة مناسبة لاجراء الانتخابات؟ اجاب الناشط: و هل تعني الديمقراطية الانتخابات و البرلمان فقط؟ اننا نطالب بالعمل و بالضمان الاجتماعي و باحترام كرامتنا و نطالب بمحاكمة مبارك و عصابته . هذا التعريف للديمقراطية غائب تماما عن القوى الديمقراطية السائدة في العالم و عن القوى اليسارية كذلك، بل ان الاهم من هذا هو ان الديمقراطية هي التي تحكم العالم منذ اكثر من ثلاثين عاما اي منذ سقوط الكتلة الشرقية. اولم يكن مبارك و نظامه من اقرب الانظمة الى قلوب و سياسة سادة ديمقراطية العالم من امثال اوباما و ساركوزي و غيرهم . ان واقع الامر هو ان الثورات الراهنة هي ثورات ضد الديمقراطية باشكالها البرلمانية و النيابية و...الخ . الثورات الراهنة تجاوزت اهداف و برامج القوى اليسارية منذ البداية و لذلك فان مشاركة هذه القوى كانت ضعيفة و غير مؤثرة. الا ان الامر يختلف بالنسبة لمشاركة الاتحادات و النقابات العمالية فرغم قلة عدد النقابات العمالية في هذه البلدان ، في مصر قبل الثورة كان عدد النقابات العمالية لايتجاوز ثلاثة نقابات، الا انها تجاوزت الثلاثمائه منذ اندلاع الثورة حتى الان, الا ان مشاركة هذه النقابات و الاتحادات الجماهيرية سواء التي كانت موجودة قبل الثورة او التي تشكلت اثنائها، كانت مؤثرة و فاعلة الى درجة كبيرة و هي التي سارت بالثورة حتى اسقاط مبارك و فوتت الفرصة على القوى السياسية الاسلامية و القوى الرجعية الاخرى من اجراء المساومات مع نظام مبارك و بن على ... يجب ان اذكر بان الاخوان المسلمين لم يشاركوا في الثورة الا بعد عدة ايام من اندلاعها و بانهم وافقوا على اجراء المفاوضات مع نظام مبارك خلالها الا ان اصرار جماهير العمال و الشباب و النساء و الطلبة على رحيل مبارك هي التي اجهضت تلك المحاولات المضادة للثورة .

2. الحوار المتمدن : هل كان للاستبداد و القمع في الدول العربية الموجه بشكل خاص ضد القوى الديمقراطية و اليسارية دوره السلبي المؤثر في اضعاف حركة القوى الديمقراطية و اليسارية؟

جلال محمد : الجواب هو نعم بالتاكيد ، كان دور القمع مؤثرا في اضعاف كل قوى المعارضة الموجودة لهذه الانظمة. ولكن السبب الرئيسي لضعف القوى اليسارية و ما تسمونه القوى الديمقراطية لايقتصر على الاستبداد .لتبيان هذه المسالة من المفيد ان نطرح السؤال التالي : لماذا لم يؤثر استبداد الدول و الانظمة المذكورة على الحركات الاسلامية الرجعية بقدر تأثيرها على القوى "لديمقراطية و اليسارية"؟ القوى اليسارية الراهنة مشتتة بين الاتحاهات الاتجاهات القومية العربية التي تنتقد الانظمة الحاكمة من وجهة نظر احدى كتل الطبقة الراسمالية نفسها و بين محافل فكرية - ايديولوجية تعمل على توعية الطبقة العاملة و الجماهير الكادحة وفقا لمخططاتها بعيدة المدى التي تشكل الثورة الاشتراكية فيها حلما قد تحققه الاجيال القادمة وفي احسن الاحوال فانها تطالب البرجوازية بتحقيق الديمقراطية الليبرالية في بلد لاتوجد فيها قوى اجتماعية لتحقيقها فالبرحوازية تخلت منذ زمن بعيد عن الديمقراطية و الطبقة العاملة لن تتحرر بغير الاشتراكية . هذا في الوقت الذي برزت القوى الاسلامية الرجعية في دول المنطقة بعد انهيار الكتلة الشرقية لتتحول الى قوة المعارضة الرئيسية بوجه الانظمة الحاكمة ، رغم القمع الذي تعرضت له ، الا ان وضوح رؤيتها و اهدافها ، رغم تخلف و همجية تلك الاهداف و معاداتها لابسط الاهداف و القيم الانسانية و الحضارية ، و ارتكاز تلك الاهداف و البرامج على قوى اجتماعية موجودة في المجتمع، و اساليب العمل الواقعية التي استندت عليها ، جعلت منها قوى المعارضة الرئيسية بامكانها مواجهة الاستبداد الذي تمارسه الانظمة الحاكمة ضدها. ان واقع كون هذه الحركات في كل بلد مدعوم باشكال مادية و معنوية مختلفة من قبل دول امبريالية او دول المنطقة لايغير من الامر شيئا ، فمسالة ضعف قوى اليسار في هذه البلدان يعود الى طبيعة اهداف هذه القوى و اساليب عملها و الى القوى الاجتماعية التي ترتكز عليها اكثر من كونها تعود الى استبداد الانظمة الحاكمة، ان اسبابها داخلية فحسب.

3. الحوار المتمدن : هل اعطت هذه الانتفاضات و الثورات دروسا جديدة و ثمينة للقوى اليسارية و الديمقراطية لتجديد نفسها و تعزيز نشاطها و ابتكار سبل انجع لنضالها على مختلف الاصعدة؟

جلال محمد : الاجابة الدقيقة على هذا السؤال يتعلق بالقوى اليسارية نفسها او بشكل ادق بكل قوة يسارية على حدة، اذ ليست كل القوى اليسارية منسجمة بين بعضها البعض و لذلك لايمكننا التعامل معها بوصفها كتلة واحدة لتتعلم دروسا من هذه التجربة اولا. و لكنني بوصفي شيوعيا عماليا ارى ان ما يجري في المنطقة ليس تجربة عادية قد تمر بالمنطقة كل عدة سنوات ، بله نقطة انعطاف تاريخية ستحدد مصير اوضاع المنطقة و العالم لعقود مقبلة،انها ثورة اجتماعية بدات في هذه المنطقة من العالم بوصفها اضعف حلقات المجتمع الراسمالي ، بدات ولاتزال مستمرة ، بدأت كثورة جماهيرية بعيدا عن تاثير و تخطيط الاحزاب السياسية الموجودة ، فاجأت الجميع بانطلاقها، بابعادها الجماهيرية الواسعة و اصرارها على تحقيق اهدافها. الا ان الدرس الاول الذي يجب تعلمه هو ان انتصار الثورة الاجتماعية للعمال و الكادحين ليس حتميا في كل الاحوال و الظروف، بله يستلزم توفر شروط و مستلزمات اساسية لابد من توفرها ، من اهم هذه الشروط هو وضوح الافق و البرنامح السياسي للحركة الثورية و توفر القيادة و التنظيم السياسي للطبقة العاملة اي حزبها السياسي، اضافة الى تنظيماتها الجماهيرية المستقلة . ان غياب هذه المستلزمات هي التي مهدت الاجواء و الظروف المساعدة لفوز الاسلاميين بالانتخابات في تونس و مصر و لتصاعد نفوذهم في سوريا واليمن. و ثانيا يجب ان نتعلم بان الثورة و خاصة في مصر ، اي قلب الثورة النابض، لازالت مستمرة ، لاتزال قطاعات واسعة من الجماهير المنتفضة ترفض مخططات قوى الثورة المضادة من النظام السابق و الاسلاميين ، التيار القومي العربي وامريكا والغرب. فهل يتمكن شباب مصر من العمال و الكادحين من ادامة الثورة و قلب موازين القوى لصالح الثورة و الاستمرار بها حتى النهاية ، يتوقف كل ذلك على الاستعداد السياسي و التنظيمي الحزبي و الجماهيري للطبقة العاملة و جماهير الشباب و النساء و الطلبة. ان افضل ما يفعله ناشطو اليسار ، براي هو الانظمام الي صفوف الحركة الثورية و العمل على تقوية الحركة العمالية و رص صفوفها والعمل على توحيد قادة الحركة العمالية و الحركات الاجتماعية الاخرى و المناظلين الشيوعيين في حزب شيوعي ثوري يعمل على المضي بالثورة الى نهايتها المنطقية ، اي استلام الطبقة العاملة للسلطة السياسية و اقامة نظام يضمن التدخل المباشرللجماهير في القرار السياسي و يحقق العدالة الاجتماعية في اولى خطواته .

4. الحوار المتمدن : كيف يمكن للاحزاب اليسارية المشاركة بشكل فاعل في العملية السياسية التي تلي سقوط الانظمة الاستبدادية ؟ و ما هو شكل هذه المشاركة؟

جلال محمد : اذا كان المقصود بالعملية السياسية بعد سقوط الانظمة الاستبدادبة هو المشاركة في الاتنخابات التي تجري في هذه البلدان و التي فاز في عدد منها الاسلامين بالاكثرية ، تونس و المغرب ، فان عدد من الاحزاب اليسارية اشتركت بالفعل و لم تحصل الا على نتائج هزيلة. ان الانتخابات التي جرت في هذه اليلدان ليست سوى مخطط قوى الثورة المضادة لاجهاض الثورة و افراغها من محتواها الثوري. انظروا الى تونس مثلا: ملايين الشباب و العمال ثارت ضد النظام السابق احتجاجا على الجوع ، البطالة ، الفساد الاداري ، نهب ثروات المجتمع من قبل طغمة طفيلية ، احتجاجا على الاستبداد و القهر السياسي و انفراد طغمة رجعية فاسدة بتحديد مصير المجتمع ، ثارت و قدمت التضحيات . ماذا كانت النتيجة؟ وصول حركة النهضة الاسلامية الى السلطة و حصول حزب العمال الشيوعي على مقعد واحد في البرلمان. ما بوسع هذا الممثل ان يفعل بوجه الاكثرية التي تتمتع بها حركة النهضة. و اين هي المطالب التي ثارت من اجلها جماهير تونس المقهورة و الجائعة ؟ ها ان راشد الغنوشي قد اعلن برنامجه السياسي : الانفتاح على الغير، لكي يطمئن الغرب بانه لن يكون مثل نظام الجمهورية الاسلامية في ايران او نظام طالبان في افغانستان ، فسح المجال امام الاستثمارات الاجنبية ، لكي يطمئن الشركات و الرساميل الغربية بان تونس ستكون سوق مفتوحة امامها و بانها ستلعب دورها في تخفيف نتائج الازمة الاقتصادية عن كاهلها على حساب جماهير تونس العريضة. وقد اعلنها قبله عبدالجليل في ليبيا، في اول خطاب له بعد مقتل القذافي رغم انه لم يكتسب اية صفة قانونية او برلمانية بعد ، بان بلاده ستستمد قوانينها من الشريعة الاسلامية و اعلن شرعية تعدد الزوجات في ليبيا .
ان هذه الانظمة بحكم كونها انظمة راسمالية في بلدان تابعة اي انظمة راسمالية تابعة في بلدان ما يسمى بالعالم الثالث لا يمكنها ان تقبل بغير الاستبداد شكلا لبنائها الفوقي السياسي بحكم خصائص تركيبتها الاقتصادية – الاجتماعية . فالنظام الاجتماعي للانتاج في هذه البلدان قائم ليس على انتاج العامل لفائض القيمة فقط كما في بلدان اوروبا و امريكا الراسمالية ، بل على انتاج ما اطلق عليه منصور حكمت بفائض القيمة الاحتكاري . حيث ان سوق العمل في هذه البلدان لايخضع لقانون العرض والطلب. العامل في هذه البلدان ليس حرا بقبول او رفض الاجروالامتيازات الاخرى الذي يعرضها عليه صاحب العمل، انه محدد بقانون صادر من الدولة و هو اي العامل محروم من كل اشكال النقابات و التنظيمات العمالية الجماهيرية و الحزبية السياسية التي تدافع عنه وعن حقوقه و مصالحه. المهم في هذه المسألة هو ان هذا الواقع يخدم فئات و كتل البرحوازية كلها لذلك ليست هناك كتلة او جناج من اجنحة البرحوازية ، في العالم الثالث ، تطالب بالديمقراطية او وطنية معادية للامبريالية. ان مقولة البرجوازية الوطنية و التقدمية التي تروج لها او كانت يعض فصائل اليسار ليست سوى اوهام و سموم برجوازية تزرعها هذه الفصائل في عقول جماهير الطبقة العاملة لعرقلة نضالها من اجل الثورة الاشتراكية . لن تكون الديمقراطية اكثر مما كانت عليه منذ ثلاثون سنة و حتى الان فهي تحكم العالم ، كما اشرت قبلا ، منذ انهيار الكتلة الشرقية ، فماذا جلبت للعالم و جماهير هذه البلدان سوى الاستبداد و البؤس .
اذا كان وصول الاحزاب الاسلامية الى السلطة في هذه البلدان يعني انتكاسة للثورة فان هذه الانتكاسة ليست ، برأي ، سوى حالة عابرة مؤقتة، ارجو ان لاتدوم طويلا، ذلك ان الاحزاب الفائزة لن تتمكن و لاتريد تحقيق المطالب التي ثارت من اجلها جماهير هذه البلدان ، بل انها جاءت لاجهاض هذه المطالب و القضاء عليها ، صحيح ان بن علي و حسني مبارك و علي عبدالله رحلوا من سدة الحكم و لكن النظام الراسمالي لايزال حاكما في هذه البلدان و ليست مهمة الاسلاميين سوى المحافظة على النظام الراسمالي و لكن بحلة اسلامية و هي لعمري اشرس حلة يرتديها هذا النظام. صحيح ان الاسلاميين وصلوا الى السلطة بانتخابات برلمانية و لكن الثورة لاتزال مستمرة ، جماهير مصر التي مازالت معتصمة في ساحة التحرير اعلنتها بوضوح : ان الثورة مستمرة . الثورة مستمرة ليس في مصر وحدها بل في كل البلدان التي قامت فيها: مصر ، ليبيا ، العراق ، سوريا و بلدان الخليج ، صحيح ان وتيرتها خفت بعض الشئ و انها تختلف من بلد الى اخر و لكنها مستمرة . هذه هي العملية السياسية التي يجب ان تنظم اليها قوى اليسار ان كان بقي فيها شيئ من اليسارية . عدم الانجرار وراء مخطط اجهاض الثورة بل دعمها و الانظمام الى صفوفها و تقويتها ، المساهمة في القضاء على نقاط ضعفها و الاستمرار بها حتى تحقيق اهدافها .

5 . الحوار المتمدن: القوى اليسارية في معظم الدول العربية تعاني بشكل عام من التشتت. هل تعتقدون ان تشكيل جبهة يسارية ديمقراطية واسعة تضم في صفوفها كل القوى اليسارية و الديمقراطية العلمانية ببرنامج مشترك في كل بلد عربي ، مع الابقاء على تعددية المنابر ، يمكن ان يعزز من قوتها التنظيمية و السياسية و حركتها و تأثيرها الجماهيري؟

جلال محمد : تشتت القوى اليسارية ليس تشتتا تنظيميا فحسب او بشكل ادق ان سبب تشتت القوى اليسارية هي اسباب اجتماعية سياسية بالدرجة الاولى. كما اشرت ان معظم القوى اليسارية هي محافل فكرية و ايديولوجية تبلورت بوجه الاحزاب الشيوعية الموالية لموسكو قبل انهيار الكتلة الشرقية، اكثر من كونها تيارات اجتماعية سياسية تعبر عن حركات اجتماعية واقعية في المجتمعات المتواجدة فيها و هي مشتتة بين اتجاهات قومية، شعبوية، تروتسكية، ماوية...الخ لاتمت الى نضال الطبقة العاملة بشئ ، يضاف الى كونها تيارات هامشية في المجتمع و عاجزة عن التحول الى قوى سياسية جماهيرية مؤثرة في الساحة السياسية . اذا كان المقصود اتفاق هذه القوى على برنامج مشترك لخوض الانتخابات المطروحة بعد سقوط الانظمة في البلدان العربية ، فانني افضل و اتمنى ان لا تتفق هذه القوى على هكذا برنامج لكي لاتدخل في هذه الانتخابات التي لاتهدف الا الى اجهاض الثورات الراهنة و القضاء على المد الثوري الراهن . يضاف الى هذا ان واقع الامر هو ان تشكيل مثل هذه الجبهة بين القوى اليسارية امر صعب على الصعيد العملي نظرا لتباين مواقفها و اختلاف ارائها حول عدد كبير من المسائل الايديولوجية و الفكرية. اما بالنسبة للحركة العلمانية فالامر يختلف، ذلك انها ليست حركة سياسية بل حركة طيف اجتماعي، انها حركة فئة اجتماعية مثقفة و متنورة في المجتمع تطمح الى التخلص من استبداد الدين و الانظمة الدينية ، الاسلامية ، و تدعو الى فصل الدين عن الدولة و التعليم في بعض الاحيان و الى اجراء تغيرات جدية في دساتير الانظمة القائمة ، لذلك فانها تلتقي في نقاط كثيرة مع الاهداف الانية للطبقة العاملة و الشيوعيين الذين يدعون الى فصل الدين عن الدولة و التعليم و اقامة الدولة العلمانية. لذلك من الاحرى ان يلتف ناشطوا و مفكروا هذه الحركة حول النصال الذي تخوضه الطبقة العاملة و منظماتها السياسية و الجماهيرية .

6. بمناسة الذكرى العاشرة لتأسيس الحوار المتمدن ، كيف تقيمون مكانته الاعلامية والسياسية و توجهه اليساري و المتفتح و متعدد المنابر؟

جلال محمد : في هذه الذكرى اشد على ايدي الرفاق في الحوار المتمدن و في مقدمتهم الرفيقان رزكار و الرفيقة بيان و منسقي الملفات فواز وحميد و الاخرين. رغم ان هذه الصفحة بدأت بامكانات بسيطة الا انها تحولت، بفضل وعي العاملين فيها بضرورة وجودها و استمرارها و بفضل اصرارهم الى احد المنابر المهمة التي تقف بوجه الاستبداد السائد في بلدان و مجتمعات الشرق الاوسط و تفتح صفحاتها بوجه الاقلام الحرة و تنظم الحملات الاعلامية واحدة تلو الاخرى حول المسائل الملحة التي تناضل من اجلها جماهير بلدان المنطقة . كل ذلك من منطلقات يسارية انسانية متفتحة .هذا ما دعى العديد من انظمة الاستبداد و الرجعية الى منعها و حجبها عن مواطنيها وهذا ما ادى في نفس الوقت الى تحولها الى مركزلنشر الفكر الا‌‌نساني النير. ما اتمناه واقترحه على الحوار المتمدن في هذه الايام بالذات هو العمل على ابراز صوت شباب الثورة و مناضلي الحركة العمالية الذين يعارضون المخططات الاسلامية و المضادة للثورة و الناشطين من القوى السياسية الاخرى الذين لم ينخدعوا بتلك المخططات ، ذلك ان هؤلاء هم الوجه الحقيقي للثورة و ستحكم السلطات الجديدة قبضتها الاعلامية، كما الامنية عليهم بالتاكيد.

جلال محمد
2/10/2011



#جلال_محمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وداعا رفيقة ليلى
- انتخابات كوردستان و احتمالات التغير....!
- إلامَ سيقود فوز قائمة - التغير-، جماهير كوردستان..!؟
- اتحاد المجالس العمالية: بين مطرقة الحركة العمالية و سندان ال ...
- بيني و بينك ..! رد على السيد محمد العبدلي
- القتلة..!
- رسالة طفل في العاشرة من العمر الى الله
- في ذكرى عمليات الانفال و قصف حلبجة : تسقط القومية ، يسقط الا ...
- هوامش على حرب الاحزاب الطائفية في العراق
- زوبعة حماية مشاعر المسلمين ام هستيريا الدفاع عن الاستبداد ال ...
- اقتراحات سليم مطر لليسار العراقي : الشوفينية القومية تتحدث! ...
- توجيهات سليم مطر لليسار العراقي: الشوفينية القومية تتحدث! 1
- حول الاعتداء الاخير على مقر الحزب الشيوعي العراقي
- جلال الطالباني رئيسا للعراق!
- بعد جريمة البصرة: قائمة السيستاني تطالب بمكافأة عصابة الصدر!
- نداء الى طلبة جامعة البصرة
- لمن ستدلي بصوتك!
- السيستاني مدافعا عن حق المرأة بالتصويت
- بصدد شكوى عصابة علاوي على مجموعة السيستاني الانتخابية!
- حزب شيوعي ام.....اتحاد شعبي ديموقراطي؟


المزيد.....




- تحويل الرحلات القادمة إلى مطار دبي مؤقتًا بعد تعليق العمليات ...
- مجلة فورين بوليسي تستعرض ثلاث طرق يمكن لإسرائيل من خلالها ال ...
- محققون أمميون يتهمون إسرائيل -بعرقلة- الوصول إلى ضحايا هجوم ...
- الرئيس الإيراني: أقل عمل ضد مصالح إيران سيقابل برد هائل وواس ...
- RT ترصد الدمار في جامعة الأقصى بغزة
- زيلنسكي: أوكرانيا لم تعد تملك صواريخ للدفاع عن محطة أساسية ل ...
- زخاروفا تعليقا على قانون التعبئة الأوكراني: زيلينسكي سيبيد ا ...
- -حزب الله- يشن عمليات بمسيرات انقضاضية وصواريخ مختلفة وأسلحة ...
- تحذير هام من ظاهرة تضرب مصر خلال ساعات وتهدد الصحة
- الدنمارك تعلن أنها ستغلق سفارتها في العراق


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - ملف - حول دور القوى اليسارية والتقدمية ومكانتها في ثورات الربيع العربي وما بعدها - بمناسبة الذكرى العاشرة لتأسيس الحوار المتمدن 2011 - جلال محمد - ثورات الشرق الاوسط : شبح الثورة ينهض ...!