أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صادق البصري - سلوى الأحلام السرية .. (قصة قصيرة )















المزيد.....

سلوى الأحلام السرية .. (قصة قصيرة )


صادق البصري

الحوار المتمدن-العدد: 3564 - 2011 / 12 / 2 - 13:22
المحور: الادب والفن
    


اتصلت به أكثر من مرة ، وكان الرد ياتي دائما ..رقم الهاتف المطلوب مغلق أو خارج نطاق الخدمة ، عاودت الاتصال رد عليها صوت أجش ساخن كنهيق حمار ، قطعت المكالمة وعادت إلى حيرتها من جديد ، وبعد انتظار ممل رن هاتفها بنغمته المحببة إلى نفسها ، الرقم رقم فتاها والاسم الذي سمته هو نفسه .. وأخيرا اتصلت أيها المجرم كلمت نفسها، ، جاء صوته رقيقا، دغدغ أعصابها وأنساها حيرتها ومللها ألممض، كلمها - من دون اعتذار- لم انس الموعد نفس الوقت وفي نفس المكان ، راحت تعد الثواني والدقائق والساعات ، ولم يأت كعادته وحتى لم يعتذر .. جلست وحيدة ، ودموعها تلعبان في دائرتي عينيها لاتنحدران ، تناولت حبة مهدئة ، وأسندت رأسها على حافة الكرسي وتطلعت إلى سقف الغرفة .. عرفته منذ شهر تقريبا، وكانت هي صورة فتاها الذي عاش في خيالها وتلتمع في ذاكرتها ، وتعلقت به كطفل استهوته لعبة وراح أسيرها وعبثا الوقوف بوجه رغبته الجامحة.. أصبحت أسيرة حب هذا الشاب ذا الوجه الوردي اللدن ، بعينين واسعتين ذكيتين ، وشعر اسود لامع وناعم، وجسد قوي ، وخجل متداعي ،كانت تتحمل جفاه وعدم التزامه بالمواعيد على مضض ، وتبحث له عن أعذار لتخدع نفسها ، ويقهرها إحساسها الداخلي بأنها آثمة حقيرة وهي معه ، ولكنها تشتاق له بمجرد أن يتركها ، يطربها صوته وتحن للقائه .. هل هو فراغ حياتها ؟هل هو خوفها المرعب من تقادم العمر؟ هل هو توقها للأمومة ؟ إنها تحاول عبثا الفكاك من واقع أملته عليها ظروفها القاسية التي جعلتها أسيرة ذلك الشعور، ولا تستطع الهرب. أنه يمنحها الحياة ، تنزل قطراته في حنجرتها ترويها تشبعها ، وتذيقها طعما أحلى من العسل ،تذوب ولا أحد يراها ، تظهر للناس داخل أردية غامقة محجوبة عن الأعين نظارتها وحيويتها وعنفوان مشاعرها الجياشة ،لا احد يرى أو يخمن إنها متهالكة ، غارقة في حب جنوني ، ضعيفة آثمة من الهيام به - سلوى - هذا هو اسمها تعمل موظفة في إحدى الوزارات تحمل شهادة الدبلوم في إدارة الأعمال ، امرأة في الخامسة والأربعين من عمرها ، كانت يوما على قدر كبير من الجمال ولا زالت تحمل ملامحه بأنوثة طاغية وأناقة قوام رشيق ، كان وقتها موزعا بين العمل والانكفاء في بيتها الذي ورثته عن زوجها المتوفى ، لم تكن لها تجارب جنسية مع غير زوجها والذي ما أحبته يوما ، منذ إن زفت إليه وهي في سن مبكرة ودون رغبتها ، وكان يكبرها بعشر سنوات ، ولكنها لم تكرهه طيلة حياتها السابقة ، كانت تعيش معه تحت سقف واحد إرضاء لرغبة أهلها لارغبتها ،فحين تزوجت لم يكن لها الخيار في القبول أو الرفض ، وعندما توفي زوجها اثر مرض لا أمل فيه لم تأسف عليه ، لكنها ندمت على سنوات شبابها الضائع ، وبموت زوجها انطوت صفحة كئيبة من كتاب حياتها ،وفتحت صفحة جديدة بالأمل ،أقنعت نفسها إن حياتها لاتتوقف عند هذا الحد ، وان أمامها الكثير مما حرمت منه وإنها مازالت تعيش أنوثتها الطاغية وعنفوانها المارق ، لكنها كانت تصدم حين تسمع إنها أرملة،وكثير ما يتردد إطلاق هذا الوصف الذي يقتلها كل يوم ، كانت حياتها التالية مريرة ولا يشعر بتعاستها احد ،كما لو كانت تعيش على هامش زمنها ولا شيء غير عد الأيام والسنوات بانتظار الموت، كانت تربطها صداقات مع زميلات لها أصبحن ألان أمهات وسيدات وزوجات، ولكن هي لا احد يسأل عنها ، مهجورة تعيش هذيان السنين التي سرقت من عمرها ، ولم تنجب من زوجها المتوفى ..
عيل صبرها، الساعة العاشرة ولم يتصل حتى ولو على سبيل الخطأ ! أيتها الآلة الصماء المتلونة بالأضواء لم لا تفتحين فمك ويرن صوتك بأحلى نغمة، نغمة فتاي المحبوب هيا انطقي، عجزت وأنا ابحث لك عن أعذار فما هو عذرك ألان !؟ في كل الأحوال أوافق على قبول عذرك صاغرة في مكالمتي لا خيار بديل، بشرط إن تعود إلي وبعدها لن أتكلم بكلمة واحدة، عد لي فقط للحظات ثم اتركني.. بحكم وظيفتها وموقعها المتميز وجديتها في العمل في دائرتها الحكومية كانت تحظى باحترام زملائها وزميلاتها، الكل يجاملها والكل يخطب ودها ويحترمها..
لا احد يدري ما أعانيه لا احد يهمه ما أمر به من مأساة قالت مع نفسها ، لا أريد الاحترام والمجاملة ، والتقديس الفارغ المخادع المتلون ، ابتعدوا عني أريد فقط الحب أنني احتاج إلى الحب ، احتاج لقلب نابض بالحب يرقد إلى جانبي يؤانسني يبعد عني الوحشة والغربة التي أعيشها ، إنني أقتل كل يوم ملايين المرات ، كل دقيقة تحمل الموت لي .. اقترحت عليها صديقتها يوما إن تتزوج ، هناك رجال مقاربون لها في السن يبحثون عن شريك وعددت أسمائهم لها ، أجابتها بصراحة: أنها لاتحب كبار السن ، إنها لا ترغب بالزواج من تمثال جديد ، كبار السن أولئك تماثيل ثلمتهم السنين وضاعت ملامحهم ، لطخت المظاهر وجوههم الخادعة ؛ أنهم ميتون بهيئة أحياء في النزع الأخير، هل سأعود إلى الموتى ثانية ، ولا أحبذ خوض دور الممرضة بعد ألان هل تفهمين ! أجابتها بكل ثقة .. أحب الفتيان ، لهم عيون ساحرة ،وبشرة مشدودة ومرح طفولي وحيوية ،صمتت ثم سرحت بخيالها وكأنها تستحضره، يا لشعره الغزير، ابتسامته ،عنفوانه ، حيويته المتدفقة ،كان يبتسم لي بحنان وتملق الصغير الذي يريد شيئا مني - مستمرة في الكلام مع نفسها ، سألته يوما كيف تقدر عمري قال : أربعون أو اقل بقليل ، ضحكت وفرحت في سري وأدركت كيف إن الحب يديم الحياة ، عدت يومها إلى المنزل بشوق للمرآة ، أسير بهدوء ، العب بأقدامي كأنني ارقص ، حقيقة إني أجيد الرقص القديم ، كنت أطير كعصفور انطلق من قفصه ولا يسعه الفضاء ..
أسبوع آخر ولم يتصل كلمت نفسها، أعذاره كثيرة لم اعد احتمل تلك الأكاذيب، مشغول دائما، هل مل مني ؟ ربما كرهني ، ولكنه يحبني قالها لي مرارا ، ويلح بالارتباط بي رغم فارق السن ، قال ذلك بصدق، إلا إنني كنت في كل مرة اهمس بأذنه ، لم يحن الوقت بعد ، ارغب إن أعيش الحب الذي حرمت منه طوال تلك السنين المجدبة ؛ أن أعوض ما فاتني بحب حقيقي يستعر بمشاعر صادقة أليفة مع فتاي الذي اخترته أنا فارسا لأحلامي الضائعة ، لم اعش إلا سنوات الألم ومرارة العبودية دون رغبتي ، امنحني بعض الوقت، إن الحب رائع بدون أن تشعر نفسك سجين هذا الحب ، وكان يرد بتفهم ما أمر به ويتحاشى إزعاجي ..
- لاتستهويني فكرة المكالمات الهاتفية ونسج الأعذار ، لن اصبر بعد ألان ، سأنطلق حيث يقيم وليحدث ما يحدث ، سأبحث عنه في كل مكان قالت بإصرار ،وبعد السؤال عن مكان إقامته أخيرا وصلت إلى المكان الذي يسكن ، كان وحيدا يسكن غرفة مستأجرة في الحي الشعبي ، غرفة كئيبة ، طرقت الباب وما من مجيب ، دفعت الباب براحة يدها فانفتح أمامها ،إذن هنا يسكن فتاي المحبوب كلمت نفسها ، كانت رغبتها شديدة في التعرف عن قرب لكل ما يمت له بصلة ، إن تشم رائحته فيها ، الغرفة تعبق بالظلام ، وغير مرتبة ، وفي الزاوية وعلى سرير حديدي يمتد جسد فتاها المحبوب ملقى على وجهه مغطى بشرشف رقيق ،جزء من العتق والكتفين يظهر بوضوح ، كتفاه منسدلتان في تواضع وانطواء ، تجويفان صغيران وعظام رقيقة تحت الرقبة مباشرة ، أشعة الشمس من فتحة الباب الموارب تلقي بضوئها على جسده الذي يتحرك ببلادة ، أنقلب على ظهره بتململ ، وبان صدره العاري وغابة شعر صدره الكثيف ، وهو ينزل بخط نحيف إلى سره الجسد ، كم حلمت وهي تحتضن هذا الجسد الحا ر الممتلئ حيوية ونظارة ، أن تجرب كل المتع التي حرمت منها ، إذ ماقيمة هذا الجسد الذي سيهرم ويؤول إلى التراب في يوم ما ، كلمت نفسها وهي في حضرة فرحها الغامر ونشوتها العارمة ،هاهي فرحتها ، هاهو الشراب الذي سينعشها ويحررها من أسر الرغبة المجنونة ، من هذا العطش الأزلي ، هاهو الشهد الذي تمنت أن تتذوقه، هاهو ملقى على فراش هذا السرير ، وبينما هي تسترسل في أحلام يقظتها ، استيقظ الفتى النائم ليفاجئ بملامح امرأة عطشى يعرفها جيدا وتعرفه ،ظهر تحت شعاع ضوء الشمس الساقط من خلال فتحة الباب الموارب ، تطلعت - سلوى - إلى صدره في خوف وقالت هامسة : أعترف لك ألان أنك تنام في خيالي وتشاركني وسادتي حتى قبل إن أعرفك ، أخفي كل هذا .. وألا أنشبت فيك أظافري وشفتي ، ابتسم في وجهها ابتسامته المعهودة الحانية ، كان هو وحده عزائها من الدنيا ، فبه تحيا ومن دونه تموت ، عاشت له تحسب الدقائق والساعات من اجل اللحظة ، تحلم بأحلامه ترتوي بشبابه ، حياتها التي لم تذق طعمها طوال سنين القهر الماضية تستردها ألان ، تثار لكل ليلة مرت عليها وهي تتسول البهجة ، تتذوقها بكل التفاصيل والحرية الكامنة في نفسها ، بكل ذرة من جسدها ، ستعيش الدقائق القادمة من حياتها مع من اختارت بعيدا عن مجتمع المراهقين الكبار وحياتهم المصبوغة بالزيف الفاقع ، ستعيش سعادتها الحقيقية وستثأر من سنوات الحرمان ، قالت – سلوى - بتحد .

**************************************************************************

صادق البصري / بغداد



#صادق_البصري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مراثي الليل .. (قصة قصيرة)
- طقوس بدائية ..
- محنة المثقف ..
- ياسامعين الصوت ديموزي FM تنتحب ..
- الكلب حارس الأرض ..
- تمديد او جلاء .. أمريكا خنجر مذخور للشدائد !؟
- قصص قصيرة ملونة ..
- صديقي السياسي ..
- هي أمك هي أمي ..
- أقحام الجمال في حياة البائسين ومحاربة الأنحطاط ، كانت مهمة ت ...
- يوسف والجمعة والرصيف ..
- الضوء يأتي كل صباح ..بانوراما رحلتي صوب ساحة التحرير
- بانوراما رحلة الحج صوب نصب الحرية
- مع ثورة الشباب العراقي في يوم الغضب 25فبراير
- دع ملايين الزهور تتفتح .. ولكن
- حيث لاموقف !؟
- ميكانزم وئد الثورات
- بيت النار ..
- للوزراء الدمج حصرا (نصائح)..!؟
- مالكي يوم الدين وحق الرد (للمأجورين) !؟


المزيد.....




- أزمة الفن والثقافة على الشاشة وتأثيرها على الوعي المواطني ال ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صادق البصري - سلوى الأحلام السرية .. (قصة قصيرة )