أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نهاد عبد الستار رشيد - هكذا عرفت الروائية ابتسام عبد الله















المزيد.....

هكذا عرفت الروائية ابتسام عبد الله


نهاد عبد الستار رشيد

الحوار المتمدن-العدد: 3563 - 2011 / 12 / 1 - 11:31
المحور: الادب والفن
    



عندما كانت تقدم برنامجها الشيق " سيرة وذكريات " وتستضيف احدى الشخصيات الثقافية ، وتحاورها عن اهم منجزاتها وابرز التحولات التي طرأت في حياتها الثقافية ، التقيت بها عدة مرات ، وأظهرت لها مدى اعجابي ببرنامجها التلفزيوني وابديت بعض ملاحظاتي .
كانت شابة انيقة المظهر ، وفي منتهى الجاذبية ، تترك شعر ناصيتها منسدلا على جبينها الناصع البياض ، لها ملامح تثير في النفس الراحة والثقة والطمأنينة . قبل ان تستضيف شخصيتها ، تدرسها بعمق ، فنجدها تشارك الضيف في القاء الأضواء على بعض المواضع المبهمة في سيرته الثقافية . وكم كان بودي حضور نخبة معينة من المهتمين اثناء اللقاء لأبداء ملاحظاتهم وتعليقاتهم .
كانت الروائية البارزة ابتسام عبد الله غزيرة الأنتاج ، فقد أصدرت أربع روايات ، ومجموعة قصصية قصيرة ، وترجمت الكثير من الأعمال الأدبية والفنية الأجنبية الى اللغة العربية .
صدرت لها قصة سنة 1984 بعنوان ( فجر نهار وحشي ) ، دارت أحداثها عن الحركة المسلحة التي قادها العقيد الركن عبد الوهاب الشواف للأطاحة بنظام الزعيم الركن عبد الكريم قاسم ، وما تبعتها من احداث مؤلمة . وقد وثقت الروائية ابتسام عبد الله بعملها هذا تأريخ الموصل الحديث . بعد عامين من صدور هذه الرواية صدرت لها رواية جديدة بعنوان ( ممر الى الليل ) ، ثم أعقبتها رواية ( مطر أسود ... مطر أحمر ) ، أما مجموعتها القصصية فقد حملت عنوان ( بخور ) ، كما ان للروائية مجموعة قصصية جاهزة للنشر بعنوان ( الليل والبستان ) ، وقد تم ترجمة العديد من قصصها الى اللغتين الأنكليزية والفرنسية ، بالأضافة لذلك فقد ساهمت في اغناء المكتبة العربية بالعديد من ترجماتها لأبرز الكتاب العالميين . آخر رواية لها صدرت عام 2002 تحت عنوان " ميسوبوتاميا " ( بين النهرين ) . كانت صورة شبح الأحتلال الزاحف على العراق شاخصة في ذهنها ، وتصورت ما سيحل بالآثار العراقية من سلب ونهب ودمار . وقد تحققت تنبؤاتها ، بل اصبح الواقع أكثر سوءا بعد الأحتلال ، حيث تم تهريب العديد من القطع الآثارية العراقية المهمة واتلفت بعضها . تقول الروائية ابتسام عبد الله عن روايتها الأخيرة ( بين النهرين ) : " عندما كتبتها كانت فكرة الأحتلال القادم متجسدة امامي صورة ثابتة ، علما اني انجزتها في أواخر عام 2001 ، لقد اخترت قصدا كلمة " ميسوبوتاميا " ، اسم لمحل بيع الأنتيكات والتحف ، وهي تعني بالنسبة لي ، الأسم الذي أطلقه الآخرون على العراق وكأني بذلك اعيد ذلك الأسم الى الحياة والذاكرة ، دلالة على الحدث القادم . ورواية " ميسوبوتاميا " تترجم الآن الى اللغة الأنكليزية بعد اتفاقي مع الجامعة الأمريكية في القاهرة على ذلك . ".
الثيمة الرئيسية في الرواية كانت عن الحصار الأقتصادي المفروض على العراق وما ترتب عنه من آثار سلبية من النواحي الأقتصادية والأجتماعية والنفسية . وتصدرت الرواية عبارة مقتبسة من ملحمة جلجامش . الا أنه لم يسمح لهذه الرواية الرائعة بالنشر بعد احتلال العراق .
من ناحية ثانية ، في وقت مبكر من عام 1980 ، فاتحتني وزارة الثقافة والأعلام بكتاب موجه لي بانها تنوي اصدار مجلة بعنوان " الثقافة الأجنبية " وطلبت مني ان أرفدها بما استجد من الأدب الحديث والفنون المعاصرة في مختلف بقاع العالم ، فلبيت طلبها وبذلت قصارى جهدي في المشاركة بمحاورها المختلفة وتزويدها بمختلف الدراسات ، واطلاع القارىء العربي على شتى التيارات الأدبية والفنية المعاصرة .
في عام 2001 ، ارتأت وزارة الثقافة والأعلام في العراق تعيين الروائية العراقية ابتسام عبد الله ، رئيسة تحرير مجلة " الثقافة الأجنبية " ، فكنت من السباقين في تهنئتها في منصبها الجديد ، وأبديت ملاحظاتي في المجلة ، وقدمت لها دراسة وافية شملت أبواب المجلة ومحاورها ، والأخراج الفني لها . وزودت المجلة بباج رسمته ليمثل دور المجلة الثقافي على المستويين العربي والعالمي ، وسرعان ما تم اعتماد الباج رسميا في جميع اعداد المجلة . قالت السيدة ابتسام ، وكان ثغرها يضيء ببسمة فاتنة : " شكرا جزيلا على جهودك المخلصة تجاه المجلة ، وأتمنى ان تنقل تجاربك الطويلة في الصحافة الأجنبية لهذه المجلة . "
كانت كلماتها عذبة ، ولطيفة ، وتفصح عن ود ومحبة للناس . ثم طفقنا نخوض في شتى المواضيع التي تخص المجلة . وأنفقنا في مثل هذا الحديث ساعة تقضت على نحو خاطف ، ثم استأذنت منها ، ومضيت في سبيلي .
بعد أن تم منح الأدباء والفنانين والصحفيين ، في عهد النظام السابق ، رواتب شهرية دعما لجهودهم الأبداعية ، لم يتم ادراج اسمي ضمن قائمة الرواتب لأدباء فرع بابل ، الذي أنتمي اليه ،لأسباب أجهلها ، فأحسست بالظلم والمهانة .
استبدت بي موجة عارمة من موجات الحزن ، وكنت أتالم في اباء وشمم وفي كثير من الصمت والهدوء . وسرعان ما أصبح ذلك موضوعا تتداوله الألسن أينما ذهبت . كانت الصدمة أعنف من ان تطاق ، وضاقت الدنيا على رحبها في عيني ، وأصبحت كثير الأنطواء على نفسي . لم يحدث قط في حياتي انني تألمت كما أتالم الآن مما ساورني من شكوك جعلت ثقتي في أصدقائي وزملائي تنهار دفعة واحدة . ان هذا الموقف يحط من قدري ويساهم في اذلالي . وازداد هذا الحزن رويدا رويدا حتى أصبح قاسيا لا يحتمل . الا ان الفم يؤثر الصمت عن كثير مما يخالج النفس ، وكنت قد وطنت العزم على الأصطبار .
كانت الأيام تمر بطيئة قاسية ، وبرغم ذلك ، كان هناك أمل يومض في قرارة نفسي ، وكنت آمل أن شيئا ما سيقلب موازين الأمور ، ويصادفني حظ غير مرتقب .
في ذات مساء ، ترامى الى اذني نداء صديق يأتيني من الجانب الآخر للطريق . التفت باتجاه مصدر الصوت ، واذا به زميلي الدكتور صباح المرزوق . ترجل من عربته ، وراح يبلغني بضرورة مراجعة محاسبة مجمع آفاق في بغداد لأستلام راتب الأدباء ...ها قد ومضت بارقة أمل في الأفق . أنزلت هذه الكلمات في نفسي السكينة ...وانسرى همي ، وانفرجت أساريري في الحال ، وشعرت انني اتحرر من وطأة ذلك اليأس ، وان الحياة قد بدأت تبتسم لي من جديد ، وأصبحت ثقتي بالمستقبل تزداد ، وبدأت مرحلة من اعادة ثقتي بالآخرين تتنامى ، فرحت أعدو مع الريح ، وكنت في مشيتي كأنني لا أكاد أطأ الأرض تيها وزهوا .
في وقت مبكر من صباح اليوم التالي كنت قد وصلت مجمع آفاق ، واستلمت راتبي . وعند خروجي من مكتب المحاسبة التقى بي الأستاذ كاظم سعد الدين وابلغني ان السيدة ابتسام عبد الله قامت بادراج اسمي ضمن اسرة تحرير مجلة الثقافة الأجنبية . استشعرت حافزا قويا يدعوني الى وجوب تقديم شكري وامتناني للسيدة ابتسام على موقفها هذا ، فذهبت اليها دون ابطاء .
ألفيتها جالسة في مكتبها ، انسانة نبيلة ، ورقيقة ، وحسنة الملامح . تبدو على وجهها سيماء اللطف والذكاء ، فقلت لها بلهجة صادقة :
" – شكرا ام خالد على درج اسمي ضمن اسرة تحرير المجلة . "
فاجابت بصوت بدا فيه الحزم والرزانة والهدوء :
" – هذا حقك استاذ نهاد ، بل انت تستحق اكثر من ذلك . لقد عملت بجهد استثنائي لرفد المجلة بما تجده مفيدا من الآداب الأجنبية الحديثة والفنون المعاصرة . كما انك دائما تفكر ان الغد يحمل المفاجأة .
فقلت لها بلهجة اعتزاز وقد فاض صدري بعرفان الجميل :
" – ان جل ما اصبو اليه هو ان أحظى بثقتك . "
بعد ان تناولنا الشاي ، غادرت مكتبها . وقلت في نفسي متعجبا :
" – ما أكثر المزايا الفائقة ، والخصال الرفيعة التي أكتشفها في هذه المرأة الرائعة . "
من أعمال الروائية ابتسام عبد الله المترجمة الى اللغة الأنكليزية قصة " في البستان " ، قام بترجمتها دنيس جونسون ديفيز سنة 1990 ، وتدور أحداثها عن آثار الحصار الأقتصادي على المجتمع العراقي وخاصة الطبقة الفقيرة , والمحت عن نشوء طبقة جديدة من الأغنياء المنتفعين من ظروف الحصار ، وقصة " دار الحضانة " نشرت في ( بانيبال ) سنة 2003 ، وقصة " في الحديقة " التي صدرت في الأهرام الأسبوعي سنة 1998 وهي من ترجمة دنيس جونسون ديفيز ، والرواية الخيالية العراقية المعاصرة : وهي مقتطفات أدبية مختارة صدرت سنة 2008 ، وترجمت السيدة ابتسام العديد من الأعمال الأدبية العالمية الى اللغة العربية كان من ضمنها : رواية " في انتظار البرابرة " لمؤلفه جون ماكسويل كويتزي ، الروائي الشهير المولود سنة 1940 في كيب تاون ( جنوب افريقيا ) والحاصل على جائزة نوبل للآداب لعام 2003 ، وكان قد فاز مرتين بجائزة بوكر الأدبية البريطانية الراقية ، ويقوم حاليا بالتدريس في جامعة شيكاغو . كما ترجمت الى العربية " مذكرات ميكيس ثيودور اكيس " ، الموسيقار والسياسي اليوناني المشهور الذي ارتبط اسمه عند كثير من الناس بموسيقى فلم ( زوربا اليوناني ) . وقد عرف عنه مناصرته لقضايا حقوق الأنسان ويعتبر من ابرز الشخصيات العالمية المؤيدة للقضية الفلسطينية . وترجمت السيرة الذاتية ل ( انجيلا ديفز ) ، الناشطة السياسية الأمريكية التي بلغت قمة نشاطها في نهاية الستينات امتدادا الى السبعينات من القرن العشرين . عضويتها في الحزب الشيوعي قادت الى طلب رونالد ريغن في سنة 1969 لمنعها من التدريس في اية جامعة في ولاية كليفورنيا . السيرة الذاتية لأنجيلا ديفز صدرت سنة 1974 ، تخبرنا بقصة أول ( 28 ) سنة من حياتها ، منذ ولادتها حتى القاء القبض عليها وسجنها ومحاكمتها .



#نهاد_عبد_الستار_رشيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في لقاء لي مع ( فيو ميري )
- واخيرا التقيت بها


المزيد.....




- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نهاد عبد الستار رشيد - هكذا عرفت الروائية ابتسام عبد الله