جاسم عبدالله صالح
الحوار المتمدن-العدد: 3562 - 2011 / 11 / 30 - 23:56
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
مقدمة :
لم أكن أنوي كتابة الجزء الثاني كما هو الأن , ولكن بسبب النظر لأسم الكاتب ودينه في شرقنا الأوسط غيرت الجزء الثاني ليصبح كما هو الأن .
حقيقة :
في الجزء الأول قد ذكرت إنني كُنت أكتب بأسماء مستعارة خوفاً من جنرالات الأمن وشيوخ الفتاوي , ولكن في الحقيقة هناك شيء آخر مهم , في المواقع المسيحية أكتب في أي أسم مسيحي , والمواقع الباقية أكتب بأسماء لاتدل على ديني , السبب هو كما ترون هنا في الردود على مقالاتي , يتركوا المقال والحقائق المذكورة به وينظروا من هو الكاتب وماهي ديانته ؟ , لو كان ينتقد الإسلام وهو مسيحي فالردود دائماً ماتكون خارج الموضوع , وفيها جميع أنواع الشتائم بالأضافة " دينك هيك وقال هيك " , ولو كان مُلحد فتكون الردود أنت كافر ولا تفهم شيء آمن بالله أولاً من ثم نُقنعك برسوله !
التعصب :
في صفحتي على الموقع التواصل الاجتماعي فيس بوك , لم أنتقد الإسلام مرة إلا وكانت الردود شتائم أو دينك يقول كذا أو " أنت متعصب كالعرعور والزغبي وبقية السلفيين " ..!
هذه الأمة لاتقبل النقد حتى لو كتبت لهم آية من القرآن بدون أي أضافة من عندي ! , يعني أنا بنظرهم مُتعصب بالرغم إني أنتقد مايكتبوه هم ويفرضوه علينا ولا أدعوهم لأي دين آخر , ومن يُشبهوني بهم يُحرضون على القتل والتقطيع والسلخ ! يالها من مقارنة وتشبيه عجيب ! عدا عن تجاهلهم التام للموضوع المطروح لأنه بنظرهم خاطئ لأن الكاتب من غير دينهم !
النفاق :
يقولون ليّ نحن علمانيين ومنهم ملحدين , ومع ذلك لايتقبلون كل شيء , فالعلماني سواء له دين أو ملحد ولكنه مؤيد لفكرة أو لنظام سياسي يثور عليّ حين أنتقد أي خطء بتلك الفكرة التي يؤيدها ! ولا يخلوا كلامه من الكلام ذاته اللذي يُتحفني به المُتعصب لدينه !
إذن نحن أمام مهزلة بكل المقاييس ؛ كيف أنت علماني ولا تتقبل النقد ؟
العلماني يُشتم ولا يشتم , يتقبل النقد بكل أنواعه ولا يتعصب لرأيه أو يثور لأي رأي مُخالف , وهذه الأمور تُعرّي كل علماني مُزيف يتستّر بالعلمانية لأجل مصلحة ما !
نقدي للمسيحية :
أنا لست بحاجة لكتابة نقد للمسيحية كما أنتقد الإسلام في المقالات , فالمسيحية ليس بها " حد الردة " وقتل المخالف للرأي , أنا أنتقد المسيحية أمام المسؤلين في الكنائس , أناقشهم ويُناقشوني ونخرج بمحبة وسلام فلا هناك قاتل ولا مقتول , ولا حاجة لي لنقدهم بأي موقع ( وهات إن رآوه أم لا ) !
بينما في الإسلام لاتستطيع نقد أي شيء أمام الشيوخ والمفتين , فسنلقى التكفير وأبسط الأمور هو أهدار دمك !
لذلك يلجأ أي علماني سواء مسيحي او مسلم او ملحد لنقد الإسلام في مقالات ومعظمهم بأسماء مستعارة !
مشكلتنا مع الإسلام وليس غيره :
مشكلتنا في الشرق الأوسط مع الإسلام وليس مع المسيحية أو اليهودية أو البوذية أو الهندوسية ووووالخ ! , فمن هو الدين المفروض علينا ؟ الإسلام ؛ إذن هل أترك الدين المفروض علينا وأنتقد دين لايضرني بشيء ؟!
ماذا يضرني أو يضرك أو يضركِ إن آمن المسيحيين بأن المسيح هو الله أو إن الشيطان هو الله ؟ هل يفرضون علينا شيء ؟ هل يهدرون دمائنا لأننا نختلف معهم بالفكر ؟ هل يقتلون المُرتد ؟ وبماذا يهمني إن آمن البوذيين والهندوس وغيره بأن البقرة هي الإله ؟ هل يفرضون علينا شيء ؟
هل يوجد أي دين في العالم يفرض علينا شيء سوى الإسلام ؟ هل يوجد دين في العالم يقول لا علم إلا علم الله وبالتالي يُحرم أي علوم في الحياة غير الإسلام ؟
كيف تُريدون منا كعلمانيين أن نتقبل فكرة " الأرض مُسطحة ولا تدور " ؟ هذا مُخالف للعلم اللذي يقر بخلاف الدين الإسلامي !
ياأخي آمن بأن الأرض مُثلثة لايهمني ؛ ولكن أن تُكفرني لأني لا أؤمن بما تؤمن أنت ؟ هنا المصيبة !
بعد التعصب المزيد من الجهل :
رأيت الكثير من حالات التعصب للشيء عن جهل وبالأخر يتركوا تعصبهم الأول ليعتنقوا تعصب آخر !
مثال :
كانت فتاة تُناقشني دائماً بأمور دينها وتُدافع عنه بكل قوتها عن جهل تام فحين أضع لها نصوص وأحاديث ووالخ , كانت تنكرهم بكلمة بسيطة انا ماني سامعة فيهم ! , وحين أشتد النقاش وقلت لها إن دينك يأمرك بالرضاع الكبير , دخل مسلم سابق " ملحد " أصابه الغيرة على بنت دينه وبدأ في شتمي وشتم عائلتي وديني ووووالخ ( وكله لأني قلت إن دينك يأمرك بالرضاع الكبير بحسب الأحاديث الصحيحة ) ! يالهُ من ملحد عامل نفسه علماني !, المهم ...
حين أعجبها كتابات الدكتور نبيل فياض ( اللذي أكن له كل الأحترام والمحبة لعقله الرائع ) , أعتنقت الألحاد أيضاً عن جهل تام , فأصبحت تُردد كلام أي مُلحد , وحين أسئلها هل لكِ دليل على ماتقولي ؟ ( لتذكريها بأن الألحاد عن جهل كالإيمان عن جهل تماماً ) فترد عليّ بجواب يُضحكني ويُحزنني بآن واحد ( على سبيل المثال ) : نبيل فياض قال هكذا أو فراس سواح قال هكذا .!
يعني خلصنا من إيمان بإله عن جهل وأعتنقنا فكر الأخرين أيضاً عن ذات الجهل !
ونصيحتي وجهتها لها وأوجهه لكل الحالات المُشابها :
خذوا الفكرة من أي كاتب وأبحثوا عن الدليل بنفسكم وأنظروا الرآي المُخالف للفكرة لربما تُقنعكم , فلا تدعوا أي مصدر إلا وأبحثوا عن الفكرة ومُعطياتها لكي يكون إيمانكم بالفكرة عن ثقافة ومعرفة فيها !
مثال آخر :
الكثير من المُعارضين السوريين لايأخذون بكلام الأستاذ نضال نعيسة لأنه " علوي " وبالتالي فهو شبيح وبالتالي فهو عميل للنظام وووالخ بالرغم من إنّ مقالاته مُعظمها نقد للبعث الحاكم وجنرالاتهم وأبواطهم ( البوطي) ! هذا عدا عن الإسلاميين اللذين يُكفرونه وينعتوه بأبشع الألفاظ ويتهموه بالكفر ونشر التشيع ؛ بالرغم إنني لم ارى أي كتابة له يقول فيها أتركوا الإسلام وأعتنقوا العلوية ! وهذا كله يعني أنهم ينظرون لدين الكاتب وليس لما هو مكتوب ! .
الغرب :
في ألمانيا تفاجئت بأن الشعب اللذي يعبد القرائة يقرأ أي كتاب بدون النظر من هو الكاتب وماهي ديانته !
حاولت كثيراً أن أستفسر من المُحيطين بي عن الموضوع والكل كان جوابهم " لايهمني من هو الكاتب , يهمني ماهو المكتوب " بالأضافة لقولهم إن اعجبتني الفكرة أبدء في التوسع بها يعني أبحث عن مصادر أخرى للفكرة نفسها !
هنا العلمانية الحقيقية ! ماهو المكتوب وهل هو صحيح ام لا , وليس من هو الكاتب وماهي ديانته !!!
هنا في الغرب : الكتابات هي من تصنع أسم الكاتب وليس أسم الكاتب هو من يصنع الكتابات كما في شرقنا الأدنى !
خلاصة :
أدعوا الجميع لقرائة المقالات والكُتب بغض النظر عن من هو الكاتب وماهي ديانته , فهنا في الحوار المتمدن يوجد مقالات في قمة الروعة وأصحابها غير معروفين في الوسط السياسي او الديني ! , فالثقافة ليست شهادة جامعية تحصل عليها بدراسة موادها ( يوجد دكاترة لايفهمون أكثر من أختصاصهم على سبيل المثال لا الحصر ) !!! الثقافة هي أكتساب من المجتمع المحيط بك وأطلاعك على كل ماهو حولك من قرائة كتب تاريخية ودينية وفلسفية وغيرها !
محبتي للجميع .
#جاسم_عبدالله_صالح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟