أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - خالد أبو شرخ - ملابسات قرار تقسيم فلسطين















المزيد.....


ملابسات قرار تقسيم فلسطين


خالد أبو شرخ

الحوار المتمدن-العدد: 3562 - 2011 / 11 / 30 - 22:38
المحور: القضية الفلسطينية
    


قرار الجمعية العمومية للأمم المتحدة, رقم 181 لعام 1947م, والقاضي بتقسيم فلسطين إلى دولتين, واحدة عربية والأخرى يهودية, هو القرار الاكثر أهمية والأكثرجدلا, بين جميع قرارات الأمم المتحدة الخاصة بالقضية الفلسطينية, وربما الأكثر جدلا بين قرارات الأمم المتحدة, منذ نشأتها وحتى اللحظه .
ورغم مرور ثلاثة وستون عاما على صدوره, ما زال يثير الجدل, ما من كاتب يتناول القضية الفلسطينية, إلا ويتطرق لهذا القرار, وما من إتجاه سياسي إلا ويبدى موقفه منه, وتعددت الأراء حوله, وكثرت التقييمات بخصوصه, ويخضع لمحاكمات عدة, ومن خلاله تتم مساءلة دولا وحكومات وقوى سياسية وزعامات عدة .
وما زال حتى اللحظة, يشكل الأساس القانوني, لميلاد دولتين على أرض فلسطين, واحدة أبصرت النور, ونمت وترعرت, وأثبتت قدرتها على الإستمرار, والأخرى ما زال شعبها, يبحث عن ضوء في آخر النفق, لتبصر دولته النور .
كيف صدر قرار التقسيم ؟ ... وما هي العوامل التي أدت إلى صدوره ؟
ما هو الوضع الدولي والعربي والفلسطيني والصهيوني والذي أدى لصدور هذا القرار ؟
هل إنطلق واضعوه من الحق المطلق للشعوب في تقرير مصيرها ؟
هل أخذ التوزيع الديموغرافي وملكية الأراضي في الحسبان عند رسم خرائطه ؟
هل كان الرفض العربي والفلسطيني للقرار مبررا لعدم تطبيق ما يتعلق بشق الدولة العربية ؟
هل كانت الموافقة الصهيونية فعلية ؟أم كانت مناورة من أجل كسب الرأي العام الدولي ؟
والأهم هل كان مُقدرا لقرار التقسيم التطبيق في حال الموافقة العربية عليه ؟
بمعنى هل كان عبارة عن مؤامرة دولية, من أجل إقامة دولة صهيونية وظيفية للغرب الإمبريالي في المنطقة وحرمان الشعب الفلسطيني من حقه في تقرير مصيره ؟
إن لم يكن كذلك فما تفسير تطبيق الشق المتعلق بالدولة اليهودية؟ وعدم تطبيق الشق المتعلق بالدولة العربية ؟
وإن كان مؤامرة, ألم تساهم القيادات العربية ومنها قيادات فلسطينية في إنجاح هذه المؤامرة ؟
عشرات وعشرات من الأسئلة توضع حول ملابسات صدور هذا القرار وما نتج عنه .

إستفاق العالم بعد الحرب العالمية الثانية, على حجم الجريمة النازية, وبدا الضمير الإنساني عامة والأوروبي خاصة مثقلا بعبء هذه الجريمة, وتحركت قوى ومنظمات ومؤسسات متنوعة, للكشف عن عمق الجريمة النازية, وسبر أغوارها, وإظهار بشاعتها, ووضع أسس ومنهاج وخطط, للحيلولة دون تكرارها .
نشطت منظمات حقوق إنسان وقانون ودعاة سلام, لإحداث تغيير في وعي الناس, وإقامة حواجز, في وجه أي محاولات أو نزعات, توحي بإحتمال إعادة إرتكاب جرائم أخرى .
تراجعت دول عظمى, وصعدت دول أخرى, بعضها أراد لسياسة الوفاق الدولي, ومباديء حقوق الإنسان, وحق الشعوب في تقرير مصيرها, أن تكون المنظم للعلاقات الدولية, والبعض الآخر تعمقت أطماعها, وتضخمت مصالحها, إلى درجة رأت فيها أن مناخ ما بعد الحرب العالمية الثانية, بنزعاته السلامية معيقا لها .
قوى سياسية مثل الحركة الصهيونية, إستغلت التوازنات الجديدة, لتحقيق أطماعها, على حساب الشعوب التي لم تحصل على معرفة كافية, بحجم وعمق المتغيرات والتوزانات الدولية بعد الحرب .

تلقفت الحركة الصهيونية, رزوح الضمير العالمي, تحت عبء الجريمة النازية, بفاعلية ونجاح كبيرين, فقد سعت على تسليط الضوء على ما تعرض له اليهود, على يد النازية, لزيادة الضغط على الضمير الأوروبي, وتحميل حكومات دول التحالف المناهض للنازية, المسؤولية في التقصير على درء الكارثة, وصل هذا التحميل إلى درجة الإبتزاز لهذه الدول, وإرغامها على السكوت, عن الممارسات الصهيونية, والموافقة على مطالبها التوسعية .
رافق ذلك نجاح الحركة الصهيونية, في التعتيم على دورها في إبادة جماعات يهودية, وشراكتها مع النازية, وتسليط الأضواء على تحالف الحاج أمين الحسيني مع النازية, على الرغم من هشاشة هذا التحالف, وعدم مشاركة المفتي في عمليات الإبادة, مما ساعد على عزلة القيادة الفلسطينية دوليا, وفقدان أهليتها وعدم عدالة مطالبها بالإستقلال .
أما النجاح الأبرز, فكان في إنتزاع المسؤولية عن اليهود, في البلدان التي تعرضوا فيها للإبادة, بصفتهم أبناء الشعب اليهودي, الذي تقوده الحركة الصهيونية, وبذلك تكون قد قيدت كل التنظيمات اليهودية المناوئة لها, وقدمت نفسها كحركة تحرر للشعب اليهودي, وبدت عمليات عصاباتها المسلحة في فلسطين, على أنها ثورة تحررية, ضد إستعمار أجنبي, فانتقلت الصهيونية من حركة سياسية تؤيدها الأقلية, إلى حركة قائدة تساندها الأغلبية اليهودية .
مكنتها هذه النجاحات, من طرح حلا لمعضلة إيواء مشردي الحرب, بإستيعابهم في فلسطين, وأن هذا الحل ممكنا في حال الموافقة على إقامة دولة يهودية في فلسطين, وعلى مساحة كافية لإستيعاب وتوطين هذه الأعداد .
بعض الدول التي تلقت هذا العرض, رأت حجم الظلم الذي سيلحق بالشعب الفلسطيني, لكنها رأت في ذات الوقت حلا لمعضلة مقيمي معسكرات التجميع, والهائمين على وجوههم في أوروبا, وبعض الدول ومن ضمنها الإتحاد السوفيتي ودول إشتراكية ناشئة, إبتلعت الطعم الصهيوني, بأن الحركة الصهيونية, ما هي إلا حركة تحرر, تستوجب الدعم والمساندة, وكان في نتيجة ذلك أن تركز في الوعي والذهن العالمي, مشروعية المطالب الصهيونية بدولة يهودية في فلسطين .

هذا عن الحركة الصهيونية, فماذا عن القيادة الفلسطينية ؟
وضع تحالف الحاج امين الحسيني مع النازية ( ومرة أخرى على هشاشته ) في صف الخاسرين, الامر الذي إنعكس في عزلة دولية وعربية خانقة لهذه القيادة .
فلا احد يقبل مقابلتها, ولا هي قادرة على مقابلة أحد, وإن حدث ذلك فلا أحد يتجاوب مع مطالبها, وزاد الأمر سوءا أن حكومات الجامعة العربية, إلتزمت أيضا بهذه المقاطعه, حيث رفضت الجامعة مشاركة الهيئة العربية العليا في إجتماعاتها, ولم تقبل بتمثيل الهيئة العربية العليا للشعب الفلسطيني, إلا بعد ان سقطت التهم عن الحاج أمين الحسيني, وعدم مطاردة محكمة جرائم الحرب له, بعد ما تبين عدم مشاركته في عمليات الإبادة, ولكن الجامعة واصلت بضغط هاشمي أردني, رفض مشاركة المفتي في جلساتها ( دخل احد الإجتماعات عنوة ) .
أما على الصعيد الداخلي الفلسطيني, فقد تعمقت الخلافات ما بين المفتي من ناحية, والأحزاب والقوى السياسية الفلسطينية, مثل عصبة التحرر الوطني وحزبي الدفاع والإستقلال من ناحية أخرى, ولجأ المفتي للبطش والعنف ضد خصومه السياسيين في فلسطين .
في ظل هذه العزلة الدولية والعربية والفلسطينية, والعجز عن إيجاد حليف دولي, وآذان صاغية للمطالب الفلسطينية ألم يكن من الأجدى بالحاج أمين الحسيني التنحي عن قيادة الهيئة العربية العليا ؟
ألم تقتض المسؤولية التاريخية لقائد تجاه شعبه تسليم راية القيادة لمن يستطيع حملها ؟
ولكن الأمر لم يقف عند حد التمسك بقيادة الشعب الفلسطيني, بل زاد الأمر سوءا, أنه رفض العودة إلى فلسطين, ومباشرة القيادة من بين الناس, وترفع عن قبول العفو البريطاني له, بحجة أنه مهين للكرامة الوطنية .
ألم تتطلب المتغيرات الدولية, والمواجهة الفلسطينية القادمة, تجاوز الكثير من المواقف والنرجسيات والعنجهيات والعنتريات التي تحلى بها الحاج أمين الحسيني ؟

صدر قرار التقسيم, في ظل هذه الظروف الفلسطينية والصهيونية والدولية, ناهيكم عن أوضاع الأنظمة العربية, والتي جلها تربع على قمة الهرم السلطوي, بتخطيط ودعم إمبريالي غربي, وحتى الحدود السياسية لأقاليمهم, رسمتها كلا من بريطانيا وفرنسا .
فكيف ولماذا صدر قرار الجمعية العمومية رقم 181 لعام 1947م ؟

أحالت بريطانيا ومع إقتراب نهاية إنتدابها على فلسطين, القضية الفلسطينية إلى الأمم المتحده, ناقلة القضية برمتها, إلى مرحلة التدويل الشامل .
شكلت الأمم المتحدة لجنة خاصة بفلسطين عرفت بإسم " الأونسكوب ", وبعضوية إحدى عشر دولة, لم يملك مندوبوها أي تجربة أو خبرة في الشرق الأوسط,, أو أي معرفة بالوضع الفلسطيني .
أعلنت الجامعة العربية, موافقتها على التعاون مع اللجنة, فيما رفضت الهيئة العربية العليا التعاون أو مقابلة اللجنة, فارضة موقفها هذا على جميع القوى الفلسطينية, مشهرة سلاح التخوين والعمالة في وجه كل من يحاول الخروج على قرارها هذا .
ليقفز التساؤل المشروع عن سبب رفض الهيئة العربية العليا التعاون مع لجنة " الأونسكوب ", وعلى ماذا إستندت في رفضها هذا؟ ...
وما هي البدائل التي إمتلكتها بديلا عن القرار الدولي؟ ...
وهل كان بوسعها الوقوف في وجه الإرادة الدولية ؟ ...
وهل كان الشعب الفلسطيني بكامل قواه متماهي مع قرار الهيئة العربية العليا ؟

في المقابل أعربت المنظمات اليهودية في فلسطين, عن إستعدادها للتعاون الكامل, والغير مشروط مع اللجنة الدولية, وقدمت للجنة اكثر مئة وثيقة, تضمنت عدة مطالب إقليمية, مدعومه بخرائط دقيقة, للدولة اليهودية المطلوبة.
شملت تلك الخرائط, أجزاء من لبنان (جنوب الليطاني), وأجزاء من سوريا (الجولان وبعض من حوران), وأجزاء من شرق الأردن ( غرب خط يمتد من الرمثا إلى العقبة), بالإضافة إلى فلسطين كاملة .
رفضت اللجنة الدولية المطالب الصهيونية , مما حذا بالحركة الصهيونية لتقليص مطالبها إلى 80% من أراضي فلسطين (كما كان يحلم بها بن غوريون), إلا أن هذا المطلب أيضا رفض, وأمام غياب الحضورالفلسطيني أمام اللجنة, والضغط الصهيوني الذي وصل إلى درجة الإبتزاز, وفشل الجامعة العربية على تقديم بديل مقنع عن النتقسيم, حيث إتسم اداء الجامعة العربية بالإرتباك, فلم تقدم سوى وثيقتين, كما رفض شرق الأردن المشاركه في لقاء اللجة الأممية في بيروت, كما كان مقررا, وأصر على لقائها ومنفردا في عمان, وإتضح أن له مطامع غرب النهر, توصلت اللجنة أن لا حل, إلا بتقسيم فلسطين إلى دولتين
وأمام الإبتزاز الصهيوني, والضعف العربي, تقرر أن تحصل الدولة اليهودية, على 56% من أراضي فلسطين, على الرغم من أن عدد اليشوف ( يهود فلسطين ) أقل من نصف عدد السكان العرب حينذاك .
أنهت اللجنة أعمالها في ثلاثة شهور, وبأغلبية سبعة أصوات, وممانعة ثلاث, وتمنع دولة عن التصويت, تم رفع توصيات اللجنة, والتي قضت بتقسيم فلسطين إلى دولتين عربية ويهودية, إلى الأمم المتحدة .

كانت الجمعية العمومية للأمم المتحدة, تتشكل من 57دولة, بينها ستة دول عربية, وكان مجلس الأمن, يتشكل من إحد عشر دولة, من ضمنها خمسة دول, تمتلك حق النقض, ودائمة العضوية في المجلس .
وبناءا على المداخلات التي تليت, في الجمعية العمومية, ومجلس الأمن, يمكن تصنيف موقف الدول من قضية فلسطين كالتالي
1. الدول العظمى التي تشابكت مصالحها وأمنها الإستراتيجي, بإنعكاسات المشكلة موضوع البحث, مثل الإتحاد السوفيتي, والولايات المتحدة الامريكية .
خرج الإتحاد السوفيتي, من الحرب العالمية الثانية, كأحد القوتين العظمتين, وبصفته احد الدول المنتصرة في الحرب, وتوسعت مصالحه في العالم, وبشكل خاص إتسع مجال أمنه الإستراتيجي, وشكلت منطقة الشرق الأوسط, أبرز مجالات إهتمامه فيما يتعلق بأمنه الإستراتيجي .
لذا كان راغبا في إخراج بريطانيا وفرنسا من الشرق الأوسط, ولكنه كان لا يرغب في أن حلول الولايات المتحدة الأمريكية محلهما .
وكان أيضا لا يرى أملا من أن تقوم الممالك العربية, بالتخلص من واقع إعتمادها على بريطانيا, وأنها أنظمة تحافظ على المصالح البريطانية والغربية في المنطقه .
وكما ذكرنا سابقا أن الإتحاد السوفيتي, قد إبتلع طعم الحركة الصهيونية, بأنها حركة قومية لليهود, ونما رأي عند بعض القيادات السوفيتية, ومنها ستالين نفسه, أن الصهيونية العمالية (اليسار الصهيوني حاليا) يكن أن تقيم مجتمعا إشتراكيا في فلسطين .
إلا أن المندوب السوفيتي (أندريه غروميكو), أكد للوفود العربية, إستعداد بلاده للوقوف إلى جوار الشعوب العربية, في سعيها للتخلص من التركه الإستعمارية, وأكد أن في مداخلتين له في الجمعية العمومية ومجلس الأمن, أن الإتحاد السوفيتي ما زال برى أن الحل القائم هوالدولة الديمقراطية المستقلة بحقوق متساوية للعرب واليهود, ولكن في حال إستمرار التدهور في العلاقات بين الجانبين, وإنعدام الثقة, و إمكانية التعايش, فإن حل الدولتين سيكون أمرا واقعا وقبولا .
الملفت للإنتباه أن الوفود العربية, عجزت عن الإستفادة من موقف الإتحاد السوفيتي, المعادي للوجود البريطاني, والداعم لحق الشعوب العربية, في التخلص من التركة الإستعمارية, ودعمه أولا لإقامة دولة واحدة ديمقراطية في فلسطين, كحل ما زال قائما, لقطع الطريق على توصيات اللجنة الدولية القاضية بتقسيم فلسطين

الولايات المتحد الأمريكية, القوة العظمى الثانية, كانت لا تخفي طموحها في الإستيلاء على إرث بريطانيا, ولكنها أيضا كانت بحاجة لها, وللنظم العربية المواليه لها, في مواجهة النفوذ السوفيتي, وكانت لها مصالحها البترولية, وعليها التفاعل مع النفوذ الصهيوني المتصاعد, في ساحتها الداخلية .
بدا واضحا من مداخلات الوفد الامريكي, في الجمعية العمومية ومجلس الأمن, التفاوت والخلاف في مراكز صنع القرار الأمريكي ( البيت الأبيض ووزارة الخارجية), فالخارجية كات أقل ميلا للتجاوب مع الضغوط الصهيونية, واكثر إنفتاحا وميلا لإرضاء العرب, حفاظا على المصالح الأمريكية في المنطقة العربية, وعلى رأسها بترول السعودية .
والأمر الملفت للإنتباه, أن العرب مرة أخرى, عحزوا عن إستغلال هذا التباين في مواقف مركزي صنع القرار الأمريكي .

مندوبا بريطانيا وفرنسا, حرصا على عدم إلزام بلديهما بأي شيء, في محاولة للإبقاء على نفوذهما, في المنطقة, حيث يواجهان مزاحمة أمريكية - سوفيتية .

2. دول حديثة الإستقلال, ومسكونة بعبء ويلات الحرب العالمية الثانية, وبهاجس تصور الأمم المتحدة كمحكمة دولية, وعلى تفكيك بؤر النزاع, ومنع النزاعات الحربية , مثل جمهورية الصين الشعبية .
3. دول تنوء تحت ثقل عذاب الضمير, جراء ما تكشف من عمق وهول الجرائم النازية, والحصة اليهودية منها, والتفكير بإراحة الضمير, عن طريق تعويض اليهود, حتى لو على حساب شعب آخر , مثل الدول الأوروبية .
4. دول منحازة للحركة الصهوينة, لأسباب متعددة, من بينها فعل الدعاية الصهيونية, والمصالح والإرتباطات المالية والإقتصادية, والإرث الديني, مثل بعض دول أمريكا اللاتينية .
5. دول منحازة للشعب الفلسطيني, وقضيته العادلة, من دوافع الإرتباطات الدينية والتاريخية, ومن دوافع المعاناة المشتركة على يد الإستعمار , مثل دولة الباكستان والتي يسجل أن مداخلات مندوبها, كانت من أفضل المداخلات, في الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني, ومقدار الظلم التاريخي, الذي سيلحق به جراء تقسيم وطنه, وكانت أفضل من جميع المداخلات العربية .
6. الدول العربية, بأرتباطاتها التاريخية والقومية والدينية بفلسطين, ولكم الأداء العربي في أروقة الأمم المتحدة, إتسم بالإرتجال, وعدم القدرة على إستغلال التناقضات ما بين الدول العظمى, وضعف إستثمار مواقف الحلفاء والأصدقاء, وعدم القدرة على طرح بدائل مقنعه, عن مشروع التقسيم .

جرى التصويت على مشروع التقسيم, وتم قبوله بأغلبية 33 صوتا, ورفض 13 صوتا, من ضمنها أصوات الدول العربية الستة, الممثلة في الأمم المتحدة حينذاك, وإمتناع عشر دول عن التصويت, من بينها بريطانيا راعية المشروع الصهيوني, وتحولت التوصية والمشروع إلى قرار أممي .

يتضمن قرار الجمعية العمومية رقم 181 على مقدمة وأربع أجزاء .
المقدمة تتضمن الكيفية, التي بموجبها صدر القرار, ومطالبته لمجلس الأمن, بمراقبة الوضع في فلسطين, مع تكليف للأمم المتحدة, لمنع الإخلال بالإستقرار, أو تهديد السلام, وتشكيل لجنة وصاية, من خمسة دول, بميزانية 2 مليون جنيه إسترليني, للإشراف على تنفيذ القرار .
جزءه الأول, مكرس لخطوات إنهاء الإنتداب, والتحضير لإعلان الدولتين العربية واليهودية, ويتعرض للخطوات التفصيلية, لتحضير المنطقتين للإستقلال, وإنشاء ميليشيتين مسلحتين, في كل دولة, والوحدة الإقتصادية ما بينهما, عبر عملة موحدة, وإتحاد جمركي, ومجلس إقتصادي, مكون من ثلاث ممثلين, لكل دولة, وثلاثة تعينهم الأمم المتحدة, كما يتطرق لنظام البريد والإشراف على الموانيء والمطارات والطرق الدولية, ويتطرق أيضا لآليات الوصول للمناطق المقدسة, وللجنسية والمواطنة والنظام الديموقراطي لكلتا الدولتين .
الجزء الثاني يتطرق إلى الحدود بين الدولتين, والتوزيع الديمغرافي لسكانهما
الجزء الثالث يعالج منطقة القدس الدولية, وحدودها ومواطنتها والأماكن المقدسه .
الجزء الرابع يتناول إمتيازات الدول في فلسطين, منذ أيام الدولة العثمانية, وإمكانية البحث في هذا الإمتيازات لدى الدولتان الناشئتان .

بعد صدور قرار التقسيم, وإندلاع الحرب الفلسطينية اليهودية, ثم الحرب العربية الإسرائيلية, بنتائجهما المدمرة على الشعب الفلسطيني, يحق لنا ان نتساءل :
هل الرفض العربي والفلسطيني, ها سبب عدم تنفيذ قرار التقسيم, وتمرير المؤامرة الصهيونية, على الشعب الفلسطيني؟
وهل كان جميع الشعب الفلسطيني متماهي مع قيادته في موقفها من قرار التقسيم؟
لا شك أن الموقف الرسمي للقيادة الفلسطينية, قد أضر بالقضية الوطنية, وزاد من عزلة القيادة, لكن الحرب الفلسطينية اليهودية, إندلعت قبل إنتهاء الإنتداب البريطاني, وبدء الأمم المتحدة إجراءاتها لتنفيذ القرار, ولم تكن بسبب الرفض العربي لقرار التقسيم, بل جاءت بمبادرة من العصابات الصهيونية المسلحة, وبسبب حادث إجرامي قامت به عصابة عربية تسمى " عصابة أبو كشك " بدوافع إجرامية, تجاه حافلة يهودية .
قبل إنتهاء الإنتداب البريطاني, ودخول الجيوش العربية, كانت العصابات الصهيونية, قد فرضت سيطرتها على جميع الأراضي المخصصة للدولة اليهودية بإستثناء النقب, وقامت باحتلال أجزاء واسعة من أراضي الدولة العربية, وقامت بطرد أكثر من أربعمائة ألف عربي, من قراهم, ومسحت عن الوجود أكثر من ثلاثمائة قرية عربية.
وهل الرفض العربي لقرار التقسيم, يعطي العصابات الصهيونية الحق, في إحتلال أجزاء من أراضي الدولة العربية؟
وهل الرفض العربي لقرار التقسيم, يعطي العصابات الصهيونية الحق, في طرد السكان العرب من الأراضي التي خضعت لسيطرتها ؟
ولماذا بادرت العصابات الصهيونية, بشن الحرب قبل نهاية الإنتداب, وبدء وصول المراقبين الدوليين لتنفيذ القرار؟
هل حدث ذلك بسبب الرفض الفلسطيني الرسمي لمشروع التقسيم؟ أم نوايا وخطط معدة مسبقا ؟
ولا بد أن نذكر هنا خطتي " دالت " و "أيار", التي كانت القيادة الصهيونية قد أعدتها, من منتصف أربعينيات القرن العشرين, لتطهير فلسطين عرقيا.
ولابد أن نذكر القوة العسكرية, التي بنتها العصابات الصهيونية, على مدار سنين الإنتداب, لتكون مجتمعة جيشا نظاميا, بهيئة أركان واحدة, ويفوق بعدده وعدته, جميع الجيوش العربية التي دخلت فلسطين .
ولا بد أن نذكر أن الكثير من القرى, التي هوجمت ومسحت عن وجه الأرض, كانت قد وقعت معاهدات عدم إعتداء مع جيرانها, من المستوطنات اليهودية .
وفي الحديث عن المستوطنات, فلا بد ان نذكر كيف أن بنائها, كان يتم كثكنات عسكرية, وتحيطها أسلاك شائكه مكهربة, وتحتوي على أبراج إستطلاع, فهل كان هذا محض صدفة ؟
عن النوايا الصهيونية, يتحدث المؤرخ الإسرائيلي "سمحا فلابان"في كتابه "ميلاد إسرائيل أساطير وحقائق" :"قبول القرار لم يضعف إيمان مختلف الأطراف الصهيونية, بحقهم في إمتلاك كل فلسطين, ففي الوقت الذي رحبت فيه هذه الأطراف, بالجوانب الإيجابية في القرار, لم يتردد بن غوريون, في رفض البنود الغير إيجابية, بدءا بالحدود المقترحة للدولة اليهودية, والفترة الإنتقالية اللازمة لتطبيق القرار - سنتان- وإنتهاءا بإقامة الدولة العربية المقترحة "
ويضيف سمحا فلابان :" لم يعنِ قبول بن غوريون, لفكرة دولة يهودية في جزء من فلسطين, قبولا لكامل بنود قرار التقسيم كما يذهب المؤرخون ... بن غوريون نظر على التقسيم كخطوة أولى, نحو دولة يهودية في كامل فلسطين, تضم شرق الأردن, وهضبة الجولان, وجنوب لبنان (أي الخارطة التي قدمتها المنظمات اليهودية للجنة الاممية)... وقد عاد بن غوريون المطالبه بها, والإتفاق عليها في سيفر مع بيطانيا وفرنسا, تمهيدا للعدوان الثلاثي على مصر ".
مناحيم بيغن من جانبه قال :" إقامة الدولة ستجعل من التوسع الإقليمي أمرا ممكنا لكن بعد إراقة الكثير من الدماء".
يلخص "سمحا فلابان" موقف الحركة الصهيونية :"باختصار كان قبول قرار التقسيم, مثالا للبراغماتية الصهيونية, كان قبولا تكتيكيا, وخطوة حيوية في الإتجاه الصحيح, كان القبول من اجل الوثب نحو التوسع, حين تتوفر ظروف ملائمه" .
تطور الأحداث ما بين 29/11/1947 و 14/5/1948 أي ما بين صدور قرار التقسيم, وانتهاء الإنتداب البريطاني يؤكد ما ذهب إليه سمحا فلابان .

الموقف الفلسطيني الرسمي, على عكس الصهيوني, تميز بالإرتجال, وغياب التخطيط, وإبتعد عن السياسة القائمة على العلم بالمتغيرات والتوزانات, وكيفية مواجهتها, وإستغلالها الإستغلال الإيجابي .
لم تعكس الدراسات التاريخية العربية, الموقف الشعبي الفلسطيني الحقيقي, فقد صورته على أنه كان متماهيا مع موقف قيادته, فإذا كان كذلك
ما الذي يفسر عدم تلبية الشباب الفلسطيني, لدعوة الحاج أمين الحسيني, بالإنخراط في جيش الجهاد المقدس ؟ فلم ينخرط في هذا الجيش, سوى خمسة آلاف مقاتل .
ما الذي يفسر توقيع القرى العربية لمعاهدات عدم إعتداء مع المستوطنات اليهودية ؟
ما الذي يفسر تهديد المفتي, للقوى السياسية في حالة قبولها لقرار التقسيم, إن لم يكن يعلم أن هناك قوى موافقه عليه؟
ألم تجاهر عصبة التحرر الوطني (تنظيم الشيوعيين الفلسطينين) بالموافقه على القرار؟
نظر الفلسطينيون إلى الدولة اليهودية, المزمع إقامتها على أجزاء من أرضهم, شانها شان الإنتداب البريطاني, والحكم العثماني , إحتلال جديد, وإنتطروا ما ستؤول إليه الأوضاع, في ظل هذا الإحتلال, بل أن بعض الأوساط البرجوازية, نزحت من مناطق الدولة اليهودية, لتقيم في مناطق الدولة العربية, وأحزابا أخرى غير عصبة التحرر الوطني, مثل الإستقلال والدفاع والإصلاح كانت موافقة على القرار, ولكن بطش الهيئة العربية العليا, التي أشهرت سلاح التخوين والعمالة والبطش, وتصفية خصومها السياسيين, منعهم من الإجهار بموقفهم .

ما بين مخططات الصهيونية, والإمبريالية الغربية, ولا مسؤولية وإرتجال القيادة الفلسطينية, وتواطؤ الأنظمة العربية, نفذت الصهيونية, جريمتها بحق الشعب الفلسطيني, وأقامت دولتها على أكثر من ثلاث أرباع فلسطين, وشردت أكثر من ثلاثة أرباع الشعب الفلسطيني .
ورغم مرور ثلاث وستون عاما, على صدور قرار التقسيم, ما زال يشكل الأساس القانوني, الذي يعتمد عليه الشعب الفلسطيني, في نضاله ومطالبته بحقه في إقامة دولته المستقلة, على أرض وطنه, فقرارات الأمم المتحدة لا تسقط بالتقادم أو في حال عدم تطبيقها .

ولكم تحياتي



#خالد_أبو_شرخ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- معاداة اليهود (4-4) .. في العالم العربي
- معاداة اليهود (3-4) .. الهولوكوست
- معاداة اليهود (2-4)
- معاداة اليهود (1-4)
- -وعد بلفور-.. العقد الإمبريالي الصهيوني
- مقتل القذافي بين اللاشعور والمؤامرة
- المطلق والنسبي في التاريخ التوراتي
- مخاطر التطبيع مع إسرائيل
- التاريخ اليهودي
- الصهيونية المسيحية (2 - 2)
- الدولة المدنية والقوميات بين الواقع والطموح
- الصهيونية المسيحية (1-2)
- لماذا نرفض يهودية إسرائيل
- الصهيونية (34) .. الدور الوظيفي الجديد
- الصهيونية (33) .. الدعاية المراوغة
- الصهيونية (32) .. إسرائيل العظمى إقتصاديا
- الصهيونية (31) .. المفهوم الصهيوني - الإسرائيلي للسلام
- الصهيونية (30) .. عسكرة المجتمع الإسرائيلي
- الصهيونية (29) .. نظرية الأمن الإسرائيلية (2)
- الصهيونية (28) .. نظرية الأمن الإسرائيلية (1)


المزيد.....




- مراهق اعتقلته الشرطة بعد مطاردة خطيرة.. كاميرا من الجو توثق ...
- فيكتوريا بيكهام في الخمسين من عمرها.. لحظات الموضة الأكثر تم ...
- مسؤول أمريكي: فيديو رهينة حماس وصل لبايدن قبل يومين من نشره ...
- السعودية.. محتوى -مسيء للذات الإلهية- يثير تفاعلا والداخلية ...
- جريح في غارة إسرائيلية استهدفت شاحنة في بعلبك شرق لبنان
- الجيش الأمريكي: إسقاط صاروخ مضاد للسفن وأربع مسيرات للحوثيين ...
- الوحدة الشعبية ينعي الرفيق المؤسس المناضل “محمد شكري عبد الر ...
- كاميرات المراقبة ترصد انهيار المباني أثناء زلازل تايوان
- الصين تعرض على مصر إنشاء مدينة ضخمة
- الأهلي المصري يرد على الهجوم عليه بسبب فلسطين


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - خالد أبو شرخ - ملابسات قرار تقسيم فلسطين