أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فريد يحي - الهدية...حجر الكهرمان















المزيد.....

الهدية...حجر الكهرمان


فريد يحي

الحوار المتمدن-العدد: 3562 - 2011 / 11 / 30 - 17:52
المحور: الادب والفن
    


(1) هذه المرة من الشرق إلي الغرب

إذا ما اتجهت من الشرق إلي الغرب ، وأنت تستقل المترو من محطة راين الاي / بادغودسبرغ لتكون وجهتك الفضاء التجاري بوسط المدينة” بون هاوبت بانهوف" ، فلن يكون لك خيار،إلا أن تمر" بماكس لوبينر شتراسي" ... هناك اعتزمت النزول، لن تشعر بمدة الخمسة عشر دقيقة، والتي تمثل زمن مسافة قطع الطريق، خاصة...متى تبادلت نظرات تذكرك بالغرام الشرقي .مع فتاة شقراء الشعر قصيره، لا يسعني إلا أن أطلق عليها بالمجمل... جميلة...لا لست صادقا، فمازال كبرياء الرجولة، ودلال أمي وغنجها لي، يمنعاني عن قول الحقيقة...هذه الحقيقة التي تقول إن هذه الفتاة...أكثر من جميلة ، جلست أمامي تبعد عني مقعدين ارتدت بلوفر بوليفول اخضر زاهي ، أرغم عنقها على البروز فانعكس شعاعا يخطف البصر ،يجعل العيون تكبر نتيجة توسعها،فيستحيل على النظر أن يزوغ عن مصدر هذا الشعاع. أتاني صوت المنبه وهو ينادي على محطتي المقصودة ، ليرغمني على الوقوف وعيناي مازلت متعلقة بها وتخاطبها في التكرم علي بالنزول معي لترافقني..... لا إجابة ، اندلفت مع الجموع من القبو،أوزع عليهم أجزاء من الخيبة ،التي لا أستطيع تحملها،لأنها ببساطة تضايقني،سالكا طريقي إلي حديقة الجامعة، التي قمت بشقها طوليا حتى أصل إلي الفضاء التجاري...

لرجوعي للوطن يبقى أسبوعان... وأنا... الحيرة تقلقني والسؤال لا يكف بالطرق داخلي... ماذا اهدي لها.

وجدت نفسي داخل الصندوق الزجاجي "هارتي"، هذا الكيان الضخم الذي يسمى سوق وهو يتفاخر بأدواره السبعة ، والذي لا أنسى بأنه ضربني على راسي قديما، لأنه تعمد أن تكون أبوابه الزجاجية لامعة ،حتى يتوقف نظرك على النفاذ والرؤية ،فيأتيك الشعور بأنك تدخل إلي مجال اللا رؤية..

من أين أبداء، بالعطور...... بالمقتنيات الجلدية، الإكسسوار.. والملابس ، لا توجد عندي أدنى فكرة ، الابتسامة ترغم أساريري على الانبساط وأنا أتذكر الزيارة الأولى لأختي ، كيف احمرت عيونها من إجهاد النظر ، وهي تتلصص على السلع ...حتى أن نظرتها الطبية لم تحل الأمر، ولم تساعدها، في وقت الحاجة، لتصاب بدوران بعد عشرون دقيقة من التجول والصمت المطبق، وتطلب مني المغادرة فورا حتى لا يغمى عليها... في المرة القادمة، ستعود إليه شرسة "يا جبل ما يهزك ريح"... فمنذ متى تقتنع النساء بالهزيمة ،ولتعطيني الدرس المستفاد"و هو أنني لم اعد احمل هم القادمين وكيفية وضع خطة لسياحتهم... هذا الكائن هو المقصود وهو الوجهة وهو المعلم السياحي الوحيد الذي يرغبون كل يوم بزيارته مستمتعين بقيادة العربات في مساربه ،هائمين في هذه المتاهة، حيث الأم تنسى وليدها والأخ يفقد أخاه ، والزوجة تسلم في زوجها إلي حين ،ولا احد يعرف احد، إلا من أتى الله بقلب سليم..... لاعجب فهذا زمن الاستهلاك والتفنن في مضيعة الوقت... عموما الهيكل لازال إلي ألان موجود ولكن المالك اسم جديد... الكاوف هوف.

لم أصل إلي قرار وأنا أتسكع في زقاقه كبوهيمي فقررت الخروج ، فبل خطواتي الأخيرة للخلاص، التقيت بشقراء" أيضا ومرة أخرى "،ولكن هذه المرة،كانت شقراء بتنوره قصيرة ولدت نفس الإشعاع السابق ...هذه المرة، من خلال ساقيين منحوتتين ، ما بالي أم ما بال هذا البلد ، تعمدت في أن أتوجه إليها بالسؤال نظرا لحيرتي فهي إحدى موظفات الاستعلام بالسوق أو نظرا لغايتي بالتحرش بها... لا ادري ولا أريد أن ادري.

كلما أعرفه أنها أشارت علي عندما علمت بأن الهدية تخص امرأة، بأن انطلق فورا إلي الدور الرابع حيث الملابس الداخلية الخاصة بالنساء، أمام هذه الجراءة المتمردة وهذا الهجوم علي.... العنيف لم أجد نفسي، إلا وأنا أهز براسي في اتجاهين متضادين وبصري في اتجاه وحيد... الأسفل لأعبر عن رفضي وخجلي الشرقي أو الطفولي كله سيان المهم،هو الرفض... فجاءتني الإجابة تتهمني بالغباء مشتما فيها رائحة الشفقة لا الاحتقار... انك لا تعرف ماذا تحب النساء.

في الخارج كنت... يساعدني الهواء البارد على تلطيف درجة حرارتي المرتفعة ، ابحث عن مكان ارمي فيه خجلي وأتخلص من الاهانة... كيف لا يعرف النساء من ظن نفسه الدون جوان...... موسيقى غير بعيدة تشدني انسحب إليها ، أنغام بيروفية تعبق برائحة جبال الانديز لأجد هناك شقراء المترو.. ولكي أتبث لنفسي بأني اعرف النساء، توجهت إليها معرفا نفسي من خلال لقبي... على عادتهم، مقتحما خلوتها باختلاق حديث.. لن يكون أفضل من حديث الهدية.. ، أخرجت مذكرتها اليومية.. فتحتها. رأيت وردة مقطوعة صغيرة مجففة وضعت بعناية مابين صفحتين، لتقول لي، هذه وردة جبلية نادرة أهداها إلي حبيبي إنها الأقرب إلي قلبي... أصابني ذهول وردة جافة تكاد... لا تساوي شيئا،و لن تجدها في أرفف الاستهلاك......... سعيدة هي بها، لماذا بادلتني النظرات... إذا ؟، أي نعم أيضا أنا...بادلتها النظرات ولي أيضا حبيبة... لا تهدي، ولكني ذكر وهي أنثى... ولم تذكر الملابس الداخلية... الواقع... إني لا أعرف النساء.

(2) هذه المرة من الغرب إلي الشرق

إلي الشرق انتقلت ، عند السهول المشرفة على بحر البلطيق ،" أوستبروسين"وذلك لأجل زيارة لها دلالة عائلية ، جلست على شاطئ البحر في إحدى أمسيات شهر يونيو ، اعبث بذرات الرمال ، استمع إلي حكاية الشيخ والبحر ... ليست لارنست همنغواي بل للشيخ "أخيم"... عندما يظهر القمر يكتمل.. .. يصبح بدر ، يزهو البحر يرقص فرحا على خيوط الضوء يناجي حبيبته القمر ، فيخرج من مكنونه جواهر، ليرميها على أطرافه...على ذرات الرمال...هذه الجواهر منعت في الزمن الغابر على عامة الناس، من أجل أن يغتني رجال الدولة والأشراف... المنع وصل إلي حد الشنق...إن الجوهر الذي يستحق كل هذا ليصبح عزيزا، اسمه "حجر الكهرمان".
لقد وجدتها صرخت بأعلى صوتي، في نفسي... الهدية حجر له تاريخ رومانسي يرتبط بي... اشتريته.

(3) هذه المرة من الشمال إلي الجنوب

صعدت الطائرة ، وأنا أريد لثلاث ساعات أن تختصر ، كما تقول كروان الشرق "فائزة احمد" (شوقا إلي حبيبي... أكاد أطير)، لا فكرة تراودني إلا انطباع الحبيبة لرؤية الهدية، ناديت على المضيفة... لأنها امرأة، جعلت الحجر يبادلها النظرات، سألتها عن رأيها... لأنها امرأة... يا للروعة انه جميل. . جميلا حقا... أدخلت الطمأنينة في نفسي... من المؤكد أيضا حبيبتي.

استقرت الطائرة على المدرج الفرحة تسير بقدمي فهي في الخارج تنتظرني...... مشتاقة إلى رؤيتي هكذا قالت لي في أخر مكالمة تليفونية... لمحتني من بعيد، لمحتها، لوحت إلي، لوحت لها، بعد لحظات كنت أمامها -- اشتقت إليك قالت... ثم سألت عن الحجر ، أعطيتها إياه تعجبت لبريقه مدهوشة..

...الحجر لا يساوي، جاءت بعد أيام لتقول لي هذه العبارة، قبل أن استوضح تابعت، فهي في الأغلب لا تريد أن تسمع، فقط تتحدث...لقد قيمته عند الصائغ فقال انه مجرد حجر هنا في بلدنا لا تاريخ له، إذا لا معنى له فمن أين أتت له الكرامة..

(4) هذه المرة من الجنوب إلي الشمال

ركبت الطائرة...مرة أخرى ، لا احد في وداعي ، لا انظر خلفي... ذهبت هذه المرة، لكي اعرف الناس... أين يوجد الاختلاف والتنوع ؟... لن اعرف، إذا لم أقارن بين المختلفات.



#فريد_يحي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاختفاء الغريب لخنفساء كروسنر...خرافة علمية
- نحن وهي...حبيبتي
- المثلية...وراثة أم اكتساب
- الجنس والشهوة
- حكمة...قبل الموت
- الرحيل إلي حبيبتي... الحرية
- هل ستتحول التشافيزية الي ظاهرة؟...بعد موت شافيز
- لعبة الديمقراطية...والتأرجح بين الصعود والسقوط
- رسالة ...للعزيز محمد بوعزيزي
- اليسار...طريق الحرية
- الاحتجاج...طريق الثورة السلمية
- اليسار الألماني:صراع الأقطاب


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فريد يحي - الهدية...حجر الكهرمان