أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - نضال عرماوي - الحركة الصهيونية في مواجهة الحركة الشيوعية العالمية















المزيد.....


الحركة الصهيونية في مواجهة الحركة الشيوعية العالمية


نضال عرماوي

الحوار المتمدن-العدد: 3562 - 2011 / 11 / 30 - 08:30
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


الحركة الصهيونية في مواجهة الحركة الشيوعية العالمية

تمهيد:
حتى لا تغيب عن أعيننا بعض من حقائق ترسم ملامح واقعنا وتصبغ أيام أمتنا بلون الدّم النازف من جراحاتنا من أنات جرحانا، أيتامنا وثكلانا، حتى لا يغيب عن أعيننا بعض من أدوات عدو يراد لها اليوم أن تغيّب في زحمة الهرولة نحو مستنقعات الوهم والاستسلام والتخلي عن الراية والمبدإ .. حتى لا تضيع منا بوصلة طريق الخلاص الثوري من ما كبل ويكبَّل به شعبنا الكادح من مشاريع قهر واستعباد واضطهاد امبريالي، وحتى لا تتحول أيامنا .. نحن العرب .. أصحاب القضية .. أصحاب الأرض والجرح والدم .. رفاق الأسرى والمقاتلين .. رفاق شهداء لنا هم أنبل بني البشر، حتى لا تتحول أيامنا إلى مجرد أيام "تضامن" مفرغ من كل فعل مقاوم صامد لا يلين، ومن أجل تعميق الوضوح الفكري والسياسي يأتي هذا المقال.

مقدمة:
كان قيام الثورات البرجوازية في أوربا إنهاء لدور الربا وهو الدور الذي كان يقوم به غالبا المتدينون بالديانة اليهودية، وقد اندمج هؤلاء داخل أممهم وأصبحوا جزءا لا يتجزأ من الأمم الجديدة. وما إن تحولت الدول الصناعية إلى دول استعمارية حتى وجدت في إرسالياتها الدينية والبشرية خير أداة لتغطية أطماعها. وقد كانت الصهيونية إحدى أدواتها إذ سعت الدول الاستعمارية إلى إيقاف عملية اندماج "اليهود" داخل الأمم الجديدة وتحويلهم إلى طاقة تستعملها في تحقيق أهدافها الاستعمارية.

1- الثورة البرجوازية تضرب معاقل الربا والرأسمال التجاري:
لقد امتهن المتدينون بالديانة اليهودية في مختلف المجتمعات مهنة الربا والرأسمال التجاري خاصة في المجتمعات الإقطاعية وكانوا لذلك يعملون على المحافظة على علاقات الإنتاج الإقطاعية لأنهم بفضلها يعيشون. وكانوا لذلك يمثلون مجموعة متميزة بمهنتها ودينها إلا أن نمو القوى البرجوازية ساهم بضرب معاقل الإقطاع ومعها معاقل الربا والرأسمال التجاري المتجسدة في اليهود، فكان لابد لهذه الفئات من أن تندمج في المجتمعات البرجوازية أو أن تهاجر وهو ما وقع تاريخيا إذ قام اليهود بالهجرة من البلدان الصناعية الجديدة مثل فرنسا وانجلترا إلى البلدان الأشد تخلفا مثل روسيا القيصرية في حين اندمج بقيتهم داخل مجتمعاتهم البرجوازية الأوروبية اندماجا كاملا. ولقد وصلت عملية الاندماج هذه حد أن العديد من الجماعات اليهودية تخلت عن ديانتها وانصهرت في مجتمعاتها فكان استخدام اللاسامية من طرف البرجوازية الاستعمارية.
لقد وقف كارل ماركس بوضوح منذ القرن الماضي في كتابه المسألة اليهودية في وجه من حاولوا جعل هذه المسألة قائمة الذات ومحاولات حسمها حسما مغلوطا فأكد:"إن قومية اليهودية الوهمية هي قومية التاجر فقومية رجل المال" وأضاف :"إن إله اليهودي هو المال" وأكد ماركس أن حل المسألة اليهودية يحدث عندما ينجح المجتمع في "إلغاء الجوهر العملي لليهودية، المتاجرة وشروطها عندئذ يصبح وجود اليهودي مستحيلا" (المسألة اليهودية – كارل ماركس 1844).
فاليهودي لا يتحرر من يهوديته الدنيوية أي من المال والمتاجرة قبل أن يتحرر البشر منها لأن اليهود جزء من ظاهرة أشمل هي المجتمع البرجوازي القائم على الملكية الخاصة والأنانية يندمج فيها لدين والتجارة والفردية ومصيره كيهودي سيؤول إليه هذا العالم لذا لن تكون معالجة "المسألة اليهودية" بمعزل عن الوسط الذي يعيش فيه اليهودي.

2- اللاسامية والصهيونية حركتان امبرياليتان ومعاديتان للطبقة العاملة وللشيوعية :
ما إن تحولت البرجوازيات الأوروبية من طبقات تقدمية تضرب معاقل الإقطاعية وتنشر الرأسمالية وتوحد أممها وتدمج اليهود داخلها إلى طبقات رجعية تستغل العمال أبشع استغلال وتستعمر العديد من البلدان حتى بدأت تستخدم اللاسامية والصهيونية جنبا إلى جنب داخل بلدانها وفي العالم قصد ضرب وحدة الطبقة العاملة وإدخال البلبلة داخلها وتقسيم صفوفها، فكانت اللاسامية عند تحول البرجوازيات إلى قوى استعمارية فكونت المنظمات اللاسامية وسمحت لها بالنشاط ونظمت عمليات الاضطهاد المتنوعة لليهود.
وكانت البرجوازيات الاستعمارية تستخدم الصهيونية بصفة مكملة للاسامية وقد وصل هذا الاستخدام أوجه في المرحلة الإمبريالية وإضافة إلى نشر البلبلة في صفوف العمال عموما، كانت تهدف إلى سحب اليهود من صفوف الطبقة العاملة إلى "الغيتوات" اليهودية والى صفوف التنظيمات الصهيونية التي تسمح لها الإمبريالية بالتواجد بكثافة على أراضيها. يقول هرتزل في مذكراته "يجب أن نخوض النضال في كل مكان في معارك مرة مع الأحزاب العمالية" ويحذر هرتزل من مغبة فشل المشروع الصهيوني الامبريالي قائلا :"إن مئات الألوف من أتباعنا سينحازون دفعة واحدة إلى جانب الأحزاب العمالية وهذا شيء طبيعي" ويخاطب هرتزل وزير داخلية روسيا القيصرية سنة 1903 والذي قام بتدبير مجزرة لليهود الروس يخاطبه قائلا "إن اليهود سيقومون بدور المادة المتفجرة" إن لم يسمح لهم بالهجرة إلى فلسطين "ومن المنجزات التي حققتها الحركة الصهيونية في السنوات الأخيرة إعطاء هؤلاء التعساء مثالا يعيد الطمأنينة إلى أنفسهم" ويؤكد هرتزل لوزير خارجية روسيا القيصرية في مراسلات 1902 – 1905 أن الحكومة الروسية القيصرية عليها أن تساند المشروع الصهيوني حتى تضمن خروج العديد من العمال اليهود من النقابات والأحزاب الثورية (يقصد الحزب البلشفي طبعا).
إن الحركة الصهيونية وجدت لهذا الغرض بالذات. وأكد هرتزل أنه بقدر ما تقوى الصهيونية تضعف الأحزاب الثورية ويتم دفع اليهود إلى الاستيطان في خدمة المشروع الصهيوني. وبذلك كانت اللاسامية والصهيونية وجهين لعملة إمبريالية واحدة وجهت في اتجاه تخريب الحركة العمالية والحركة الشيوعية، فالصهيونية عدوة للحركة العمالية – ولا مجال للتقريب بينهما.
لقد رافقت عملية نشر الصهيونية واللاسامية داخل البلدان الأوروبية مرحلة تحول هذه البلدان من بلدان استعمارية إلى امبريالية، أي نشأت خلال هذه المرحلة وتدعمت وقوي عودها مع ظهور الإمبريالية وتشكلها بصفة نهائية سنة 1900. وقد رافقت الصهيونية بداية "النهضة الكبرى في الاستيلاء على المستعمرات واحتدام وطيس الصراع من أجل اقتسام أراضي العالم" اقتساما ماليا وعسكريا بين الاحتكارات، ولذلك لم تكتف حركة – اللاسامية والصهيونية بإيقاف حركة اندماج "اليهود" ونشر نفسية "الغيتو" لديهم بل سعت كذلك إلى ضرب الحركة العمالية واستخدامهم في تخفيف الوضع الاجتماعي الداخلي بالحد من ظاهرة البطالة بجرهم إلى الهجرة نحو المستعمرات لإستيطانها خدمة لأهداف البلدان الإستعمارية.
يقول الصهيوني هرتزل :"إن أعظم فوائد تهجير اليهود على الإطلاق تكمن في الإنفراج الإجتماعي الذي سينتج عنها ولن يؤدي رحيل اليهود إلى أي اضطرابات وأزمات أو اضطهاد" وهرتزل يشير هنا إلى "اللاسامية" كفكرة محرضة ودافعة إلى الإضطهاد الذين كانت تحيكهما الإمبريالية داخليا خاصة في صفوف العمال لتسهيل عمليات التهجير اليهودية، ويقول هرتزل أيضا أن على الصهيونية أو على المؤسسة الصهيونية أن تهدف بصورة رئيسية وخاصة إلى إيجاد وطن آمن ومنيع لذلك الفائض من اليهود الذين يعيشون كعمال في البلدان المختلفة ويشكلون عبئا على المواطنين الأصليين. لذلك يتوجه الصهاينة إلى الفئات اليهودية من الطبقات الوسطى يدعونها إلى الهجرة فهي ستجد مجالا للإثراء الكبير وسوقا وطنيا حرا، كما توجهوا إلى الاحتكاريين اليهود يطالبونهم بإقامة البنوك والشركات الاحتكارية المتنوعة للاستيطان والتي حاول الصهاينة وفي مقدمتهم هرتزل إبرازها وكأنها شركات صهيونية بحتة والحقيقة أنها شركات امبريالية كانت تختفي لهذه النسبة أو تلك خلف قشور الصهيونية ولذلك كانت الشركات التي يقيمها الصهاينة هي نفس الشركات والبنوك الاحتكارية التي سيطرت على العالم وأحكمت قبضتها هنا وهناك. ولقد غطى الصهاينة "وطنهم" المنتظر بغطاءات قومية ودينية مدعين أنه الوطن الموعود في التلمود وبه تكتمل مقومات "القومية اليهودية".

3- دور الصهيونية التخريبي ضد الحزب البلشفي والثورة والسلطة البلشفيين :
إن بقاء القيصرية في روسيا حصن الرجعية في أوروبا ونمو الحركة العمالية بقيادة لينين جعل الحراب الصهيونية تتركز على تخريب الحركة الشيوعية هناك. فبمجرد أن انعقد المؤتمر الصهيوني الأول في بال في سويسرا في 3/9/1897 حتى أسس اليهود في روسيا بعد أسابيع حزب البوند ليقوم بدور تخريبي بارز في أوساط حزب العمال الإشتراكي الديمقراطي الروسي. وحاول البوند المزاوجة بين الصهيونية والماركسية ولقي معارضة شديدة من لينين الذي طور الموقف الأولي الذي أعطاه ماركس حول المسألة اليهودية والذي طوره كارل كاوتسكي قبل أن ينحرف.
وقد واكب لينين نشوء الحركة الصهيونية واتخذ منها موقفا معاديا واعتبر "أن الحركة الصهيونية تمثل تهديدا مباشرا لنمو التنظيم الطبقي للبروليتاريا أكثر من اللاسامية".
واعتبر لينين أيضا أن فكرة أمة يهودية التي يدعيها البوند "هي فكرة صهيونية خاطئة تماما ورجعية تماما"(لينين – المؤلفات الكاملة المجلد عدد 7 ص 90 - 101) وأن المسألة اليهودية ليس لها من حل إلا "إما تمثل وإما خصوصية" واعتبر الخصوصية حلا مغلوطا. وعارض لينين فكرة التوفيق بين الصهيونية والاشتراكية التي أراد البوند القيام بها وأكد لينين أن الصهيونية تخلق لدى العمال اليهود أنفسهم "حالة الغيتو". وفي 1906 عارض لينين معارضة شديدة فكرة قبول الصهيونيين الاشتراكيين" ضمن وفد حزب العمال الاشتراكي الديمقراطي في مؤتمر الأممية الثانية المقرر عقده في 1907، وقال لينين "إن القرار المتخذ والقاضي برفض قبول الصهيونيين في عداد الاشتراكيين الديمقراطيين وحتى لو سموا أنفسهم بالصهيونيين الاشتراكيين قد حلل أيديولوجية وتكتيك ونشاط مختلف المجموعات "الاشتراكية" الصهيونية وانتقد النظرية القومية المعادية للماركسية التي يتبناها الصهيونيون الاشتراكيون"
إنه إلى جانب البوند حاولت الحركة الصهيونية المزاوجة بين الصهيونية والماركسية من خلال تأسيس حزب "البوعالي تسيون" أي عمال صهيون وذلك في روسيا في 1906 بهدف تحقيق المشروع الصهيوني في فلسطين بواسطة "الحركة العمالية اليهودية". وقد توصل هذا الحزب إلى تكوين فروع له في عدة بلدان كالولايات المتحدة والنمسا وانجلترا والأرجنتين وبلغاريا وكان هدفه تخريب عمل الشيوعيين في كل أنحاء العالم بدعوة العمال اليهود إلى عدم الاندماج في مجتمعاتهم، وكان منظر هذا الحزب يدعي الماركسية ويدعي أن اليهود يؤلفون "أمة مضطهدة" وأن الحل هو تهجير اليهود إلى فلسطين "لتكوين المجتمع اليهودي في فلسطين" و"احتلال أماكن العمل" هناك واعتبار "اللغة العبرية" لغة قومية لليهود والمساهمة في المؤسسات الصهيونية التي تعمل على تحقيق المشروع الصهيوني.
لقد كانت محاولات الصهيونية المزاوجة بين الصهيونية والماركسية لجر العمال اليهود تحت يافطات تقدمية واشتراكية وتحويلهم عن الأحزاب الشيوعية في بلدانهم وإخراجهم من حلبة الصراع الطبقي في هذه البلدان وتحويلهم إلى رأس حربة للإمبريالية لإستيطان أراضي الشعوب الأخرى.
إنه إلى جانب التصدي الذي خاضه لينين ضد كل هذه التنظيرات الإمبريالية والرجعية وقف ستالين أيضا ضد البوند والحركة الصهيونية وضمن كتابه حول "الماركسية والمسألة القومية والإستعمارية" مواقف واضحة ضد التنظير لوجود "أمة يهودية" لأنها تفتقر لأسس هذه الأمة.
لقد توجهت الحركة الصهيونية كحركة امبريالية إلى مواجهة الحركة الشيوعية وخاصة في الإتحاد السوفيتي وليس من قبيل الصدفة أن يصدر وعد بلفور بمنح فلسطين لليهود في 22/11/1917 في نفس فترة ثورة أكتوبر 1917 فقد كان هدف هذا الوعد تحويل العمال اليهود عن مساندة الثورة البلشفية. وإثر الثورة مباشرة قامت الطائرات البريطانية بإلقاء مناشير على تجمعات اليهود بروسيا وبولونيا في هذا المعنى تدعو اليهود لتأييد الحركة الصهيونية وعدم الإنجرار وراء الثورة البلشفية. كما قامت القوات الإمبريالية البريطانية والفرنسية بتكوين جيش صغير من الصهاينة بقيادة جابوتنسكي اشترك في ضرب الثورة البلشفية إلى جانب الجيوش البيضاء.
وقد عبر القادة الصهاينة آنذاك عن تأييدهم المطلق للإمبريالية العالمية في معاداتها للدولة السوفيتية الفتية وقد أكد المؤتمر الصهيوني بعد الثورة البلشفية "إن الاشتراكية تقطع الطريق أمام الصهيونية، لذلك فإن الصهيونية والشيوعية لا تعتبران قطبين متنافرين فحسب، بل وعنصرين ينفي أحدهما الآخر تماما".
وفي 1919 نشرت "المفوضية المؤقتة لشؤون اليهود القومية" التابعة "لمفوضية الشعب لشؤون القوميات" في جمهورية روسيا الاتحادية الاشتراكية السوفيتية نداء خاصا جاء فيه :"إن الصهاينة يحاولون إزاحة العرب من فلسطين ويستعدون لإنشاء دولة يهودية هناك ... إن جماهير الشغيلة اليهود ترى في جمهورية روسيا الاتحادية الاشتراكية وطنها الاشتراكي الذي تدافع عنه في الجبهات مع عمال روسيا وفلاحيها ضد امبرياليات دول الحلفاء وجميع عملائها ... إننا لسنا بحاجة على أية بلدان أخرى ولا نبدي أية حقوق قومية لامتلاك فلسطين ونحن نعترف بهذه الحقوق كاملة لجماهير العرب والبدو الكادحة".

4- نضال الأممية الثالثة المبدئي ضد الصهيونية :
لقد واجهت الدولة السوفيتية والأممية الثالثة كل محاولات الحركة الصهيونية تخريب الشيوعية والوعي العمالي وتعبئة اليهود لاحتلال فلسطين، فزيادة على مواصلة التصدي "للبوند" رفضت الأممية الثالثة محاولات "البوعالي تسيون" الإنضمام إليها وفضحت محاولات هذا الحزب الصهيوني التضليلية، ودعته إلى التخلي عن اسمه والقطع مع الصهيونية والتخلي عن فكرة إنشاء دولة صهيونية في فلسطين، وحين رفض ذلك دعت الأممية الثالثة إلى حل هذا الحزب.
وقد لعبت الأممية الثالثة فيما بعد دورا هاما في نقد التأثيرات الصهيونية للحزب الشيوعي الفلسطيني ودعته إلى تعريب نفسه وتصحيح خطه.
فمنذ تموز جويلية – آب أوت 1920 أعلنت الأممية الثالثة ما يلي :"وكمثال صارخ على عملية الخداع هذه التي تمارسها على الطبقة العاملة في البلدان المضطهدة، قوى الحلفاء الاستعمارية وبرجوازية هذه البلدان نذكر مشروع الصهاينة في فلسطين التي يشكل اليهود نسبة لا تذكر من سكانها – على إخضاع السكان الأصليين من الكادحين العرب لنير الاستغلال الانجليزي" ويضيف نص الأممية الثالثة :"إن اتحاد الجمهوريات السوفيتية هو السبيل الوحيد إلى خلاص القوميات المستضعفة والمقهورة في الوضع العالمي الراهن" (مؤتمر الأممية الثالثة في 17/7 – 7/8 -1920).
إن هذا الموقف الحازم من الأممية الثالثة والاتحاد السوفيتي هو الذي جعل الحركة الصهيونية تبذل كل جهدها لتخريب هذه الأممية وأول دولة اشتراكية بالإندساس والتنسيق مع التروتسكيين ثم في مرحلة لاحقة بالتنسيق مع النازية والفاشية.
فقد قام الصهاينة بشن هجوم عنيف ضد ستالين وضد ديكتاتورية البروليتاريا وعملت الإمبريالية الأمريكية والبريطانية على إثارة قضية "حقوق الإنسان" المزعومة للضغط على الإتحاد السوفيتي لتهجير اليهود الى فلسطين.
وما إن برزت النازية حتى عملت على تحويل المشروع الصهيوني لصالحها فبرز التنسيق بين النازية والصهيونية بتدعيم الهجرة اليهودية تحت غطاء ملاحقة اليهود وتقتيلهم.
وهكذا كانت الحركة الصهيونية رأس حربة ضد الحركة الشيوعية العالمية ورأس حربة امبريالية لإجهاض قيام الثورة الوطنية الديمقراطية في الوطن العربي.

5- خطأ الإعتراف بتقسيم فلسطين واستغلال التحريفيين لذلك :
لقد شكل قبول الاتحاد السوفيتي بقرار التقسيم وبالتالي الاعتراف بالكيان الصهيوني خطأ فادحا ساهمت فيه أغلب الأحزاب "الشيوعية" العربية فعكس عدم فهما للواقع العربي ولا لخصائص النضال في هذه الأمة من حيث طبيعة وقوى الثورة والقوى المعادية مما أضر أيما ضرر بالشيوعية في الوطن العربي.
وبعد بروز التحريفية الخروتشوفية برز للعيان الموقف الإمبريالي السوفيتي حيث بدأ يعمل بدوره على جعل الكيان الصهيوني أداة بيده ففي حين لم يتجاوز عدد اليهود السوفيت الذين هاجروا في عهد الإشتراكية بضعة عشرات من الأفراد مثـّل صعود التحريفية منعرجا في هذه النقطة، حيث تم ترحيل 270 ألف يهودي سوفيتي خلال السبعينات وحدها، وقد وجد التحريفيون في موقف اعتراف الاتحاد السوفيتي بقرار التقسيم سنة 1949 فرصة لتبرير خياناتهم للماركسية وللتنظير لإمكانية المزاوجة بين الصهيونية والشيوعية وراحوا يبررون الاحتلال الصهيوني بكونه يقيم تعاونيات اشتراكية متمثلة في "الكيبوتزات"، وراح التحريفيون والتروتسكيون يدافعون إلى اليوم عن حق الكيان الصهيوني في الوجود ويدعون إلى تحالف "البروليتاريا اليهودية" مع البروليتاريا العربية والتنظير إلى وجوب التفاوض بين العرب والكيان الصهيوني وبدؤوا بلعب دور الوسيط الذي ربط الصلة بين ما أسموه "القوى التقدمية واليسارية في إسرائيل" وبين نظرائهم العرب أفراد ومنظمات وأحزاب ليغدو بيريز صديقا وحليفا ومناضلين عرب قوميين كانوا أو إسلاميين في خانة الأعداء.
وتعتبر هذه المواقف مناصرة واضحة للمشروع الصهيوني في فلسطين والوطن العربي وإبقاء له.

6- لنسر على خطى الرفيق ماو في فهم الثورة العربية ضد الإمبريالية والصهيونية :
والملاحظ أنه بالرغم من الخطأ الذي سقطت فيه الحركة الشيوعية العالمية في نهاية الأربعينات وبالرغم من محاولات الكيان الصهيوني مخاطبة ود الجمهورية الديمقراطية الشعبية في الصين في البداية فقد وقف الحزب الشيوعي الصيني منذ الخمسينات وبدفع من الرفيق ماو تسي تونغ موقفا مبدئيا واضحا من الكيان الصهيوني رافضا الإعتراف به مناديا بتدميره عبر مسيرة كبرى تقوم بها الجماهير العربية نحو فلسطين. أوردت مجلة "المستقبل" العربي في عددها 565 الصادر في 19/12/1987 ما يلي :
"عام 1964 وجهت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني دعوة لرئيس منظمة التحرير الفلسطينية أحمد الشقيري، وسافر الشقيري إلى ببكين على رأس وفد مؤلف من خمسة أشخاص كان بينهم وجيه المدني قائد جيش التحرير وعبد المحسن قطان.
في نهاية الزيارة، استقبل ماو تسي تونغ الشقيري وأعضاء الوفد المرافق بحضور وزير الخارجية شوان لاي واستمر اللقاء أكثر من ساعة تحدث خلاله الزعيم الصيني عن أهمية القضية الفلسطينية، كما عدد الاتجاهات السياسية الصحيحة التي يجب المحافظة عليها لصيانة الثورة وتطوير خطها.
ومن موقع الاسترشاد بالمسيرة الكبرى، سأله الشقيري عن الزحف العظيم، وكيف تحولت الخطوة الأولى إلى ألف ميل؟ وأجابه ماو تسي تونغ كأنه يفتح باب المناقشة فقال : الواقع أن القانون الأساسي لأفكار التغيير يجب أن يشمل الوعي التاريخي لمختلف شؤون الحياة فالحرب لا تتجزأ، الحرب هي معركة متكاملة عسكريا واقتصاديا وسياسيا وثقافيا، هذا ما قلته لزعماء الثورة الجزائرية عندما زاروني قبل سنوات، وهذا ما أكرره أمامكم اليوم فالحركة الصهيونية معبأة بكامل قدراتها ضد الأمة العربية وبالمقابل يجب أن تعملوا على استنفار أمتكم بكامل قطاعاتها لكي تتحرك على مختلف الجبهات هذا هو الخط الاستراتيجي الذي يجدب التزامه وإلا فإن الكيان الصهيوني سيعمل على استفرادكم دولة دولة.
وانتقل احمد الشقيري إلى مراجعة القضية منذ وعد بلفور مشددا على إظهار الكيان الصهيوني كرأس حربة للإستعمار الغربي في منطقة الشرق الأوسط وقال أن العرب لا يحاربون الصهيونية فقط، بل يحاربون الدول الغربية أيضا. وعلق ماو تسي تونغ على هذه الملاحظة بقوله : أنا أدرك تماما معنى هذه الطروحات لأن الاستعمار خلق لنا فورموزا كما خلق لكم الكيان الصهيوني ولكننا نجحنا في كسر هذه الحربة بفضل عملية الجهاد التي عبر عنها الشعب الصيني بالزحف الكبير، ماذا يحدث لو مشى مليونا مقاتل من أمة يزيد عدد أفرادها على المائة مليون .. وتوجهوا نحو الأرض المحتلة وقطعوا النهر؟ تقولون أن العدو سيقتلهم ويبيدهم جميعا؟ الأفضل لقضيتكم أن يقترف الكيان الصهيوني مثل هذا الخطأ التاريخي، إن الزعماء الجزائريين بعد إعلان الاستقلال أخبروني أنهم خسروا نحوا من مليون شهيد، وقلت لهم أن النصر أكسبهم مليونين، وهذا ما أقوله لكم أنتم أيضا.
وقبل أن تنتهي المقابلة وجه قائد جيش التحرير الفلسطيني سؤالا حول المشكلات المعقدة التي تحاصر الثورة واستوضحه عن المؤلفات التي يجب الإطلاع عليها لتشكيل وعي منتظم يساعد على الاقتداء بحركات النضال الأخرى فقال ماو : لقد قرأت الكثير عن عالمكم وأعتقد أن تاريخكم مليء بالعبر وثقافتكم مشبعة بالعقائد، صحيح أن القائد يجب أن يتحلى بكفاءات وصفات مميزة لاستيعاب طبيعة النهج الذي ينتمي إليه ... ولكن الصحيح أيضا أن الممارسة العملية هي التي تغذي الإدراك وتغني التجربة والنصح الذي أسديه لأي قائد بهذه المناسبة يتلخص في القول أن كمية الكتب التي يضعها فوق مكتبه يجب ألا ترتفع كثيرا أمام عينيه بحيث تحجب عنه رؤية الحقيقة والواقع"
وفي مقبلة مع وفد من شباب "فتح" أوردت وقائعه مجلة "الوطن العربي" قال ماو :
"يا أبنائي الأعزاء أتيتم تسألوني عن الحرب الشعبية التي خضتها في حين أن تاريخكم الحديث يضم تجربة غنية هي تلك التجربة التي قدمها محمد عبد الكريم الخطابي ... وأقول لكم أن الخطابي كان أحد المصادر الأساسية التي تعلمت منها حرب التحرير الشعبية"
وقد قدمت الصين في عام 1964 كل الدعم العسكري للمقاومة الفلسطينية لإعداد انطلاقتها كما وقفت إلى جانب الجيوش العربية التي حاربت الكيان الصهيوني.
وليس من قبيل الصدفة أن نرى انقلابا في الموقف الصيني أثر وفاة الرفيق ماو تسي تونغ واغتصاب الطغمة التحريفية للسلطة في الصين فقد تكثف التعاون العسكري والاقتصادي حاليا بين الكيان الصهيوني والصين.
أما أنور خوجة فلم ينس قبل وفاته وبعد انحرافه أن يدخل تغييرا على مواقف ألبانيا السابقة أيضا فقد دعا في كتابه "ملاحظات حول الشرق الأوسط" إلى نبذ فكرة إزالة "إسرائيل" ودعا إلى إحياء الفكرة التحريفية التروتسكية الداعية إلى ثورة بروليتارية داخل هذا الكيان الامبريالي الدخيل وحذر من "الشوفينية" العربية المزعومة طامسا الشوفينية الحقيقية للإمبرياليين وأداتهم الصهيونية.
إن تجاوز النكسات التي ألحقتها التحريفية بالحركة الشيوعية العالمية لا بد أن يمر حتما من بوابة ضرب وتعرية كل التأثيرات الصهيونية والتحريفية التي أضرت وتضر بالحركة الشيوعية وفقا لخطة امبريالية خبيثة لخصتها صحيفة هآريتس الصهيونية سنة 1967 إذ ورد بها "يجب أن تلعب اسرائيل دور الشوكة التي تنخر جسم الحركة الشيوعية والتي يتولد حولها بالتدرج جزء متورم"
فلتتحول هذه المقولة إلى عكسها ولتبوء القوى الشيوعية الماركسية اللينينية الماوية في العالم موقعها الطبيعي في خندق المواجهة من أجل استئصال هذا الدمل السرطاني المتورم المتمثل في الحركة الصهيونية والكيان الصهيوني أداة الإمبريالية خاصة أن هذه الحركة وهذا الكيان لا يستهدفان فلسطين وحدها ولا الوطن العربي وحده بل هو قاعدة امبريالية عالمية تمد يدها العدوانية إلى مختلف بلدان آسيا وإفريقيا وأمريكا الجنوبية وأوروبا لتدعم كل أعوان الثورة المضادة.
فليكن النضال ضد الصهيونية والكيان الصهيوني جزءا لا يتجزءا من النضال الأممي ضد الإمبريالية والامبريالية الاشتراكية وضد التحريفية والتروتسكية ولنقف أمام كلمات ماركس العبقرية :"التحرر الاجتماعي لليهودي إنما هو تحرير المجتمع من اليهودية" (ماركس : المسألة اليهودية 1844)



#نضال_عرماوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حول -ملخص مسيرة الخط الماوي في تونس- : الفردانية في التأريخ
- ضد التروتسكية .. دفاعا عن الماركسية اللينينية الماوية


المزيد.....




- الشرطة الأمريكية تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة ...
- مناضل من مكناس// إما فسادهم والعبودية وإما فسادهم والطرد.
- بلاغ القطاع الطلابي لحزب للتقدم و الاشتراكية
- الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي (الإتحاد المغربي للشغل) تدعو ...
- الرفيق جمال براجع يهنئ الرفيق فهد سليمان أميناً عاماً للجبهة ...
- الجبهة الديمقراطية: تثمن الثورة الطلابية في الجامعات الاميرك ...
- شاهد.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة إيم ...
- الشرطة الإسرائيلية تعتقل متظاهرين خلال احتجاج في القدس للمطا ...
- الفصائل الفلسطينية بغزة تحذر من انفجار المنطقة إذا ما اجتاح ...
- تحت حراسة مشددة.. بن غفير يغادر الكنيس الكبير فى القدس وسط ه ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - نضال عرماوي - الحركة الصهيونية في مواجهة الحركة الشيوعية العالمية