أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عمر بن بوجليدة - في الحاجة ال الحرية















المزيد.....

في الحاجة ال الحرية


عمر بن بوجليدة

الحوار المتمدن-العدد: 3561 - 2011 / 11 / 29 - 22:49
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إذا كنا نروم التوقف عند الآليات الذهنية التي تحكمت في إنتاج ما اعتبر "حقائق" ،فإنه ليس مناطنا أن نركز على الإصلاحات السياسية الفاشلة أو الفاعلة في بنية تاريخنا ...وإنما نريد الوقوف على البنية العميقة لخطابنا السياسي...وكيف تشكل طيه مفهوم الحرية . ولأنها هي التي تفي بالوجه الذي يبدو في كل مرة انه هو،نتساءل: ما هي الخلفية التي تجعل الجميع مهجوسا بهذا الموضوع تحليلا وتأصيلا وتنظيرا؟و ما العلاقة بين الحرية و التنظيم السياسيّ المحلوم به ؟ و ما العلاقة بينها و صلاح العمران ؟ إن الحرية موقف رئيس في المنظومة الليبرالية،التي تقول بمفهوم الذات والفرد العاقل المالك لحياته،وبمفهوم المغايرة والاعتراض و من ثمة تجد مصارعة الاستبداد وإقامة تنظيمات سياسية وإدارية ،مشروعيتها المنطقية ،وهي ذات المنظومة التي يمتح منها جلّ مفكرينا ويستندون إليها في خطابهم السياسي . غير أن الذي لا يمكن التغاضي عنه بالنسبة إلى أولئك وهؤلاء الذين ينتمون إلى مجتمع يبدو غير منظم وغير معقول وغير إنساني إنما هو غياب الحرية في مفهومها الدقيق و العميق...ومن ثمّة يُطرح السؤال حارقا : هل تنسجم هذه المرجعية وتستقيم وبنية المجتمعات التي تبدو في تقديرنا في تعارض جلي مع تفصيلاتها الدقيقة ؟ . الحقيقة إن الجميع قد تأثر بهذه المنظومة ،دون أن يضعوا الحرية في إطار فلسفي فلم يبحثوا أصلها ومداها وإنما اكتفوا بوصفها والمطالبة بها ،ومع ذلك بدأت تبرز ملامح تباين غليظ مع الفكر التقليدي ومع المرجعيات التقليدية ،ومن ثمة حدثت قطيعة لابد من الوعي بأصولها . لقد كنا دائما ندعو إلى الحرية ونبشر بها،أكثر ممّا كنا نمارس العمق الفكري والتأصيل النظري مع هذا المفهوم بخاصة ومع جميع المفاهيم بعامة . لقد أصاب وعينا انكسار عجيب بالتاريخ ،فكانت الغاية التي نتغياها لا تتجاوز حد الشعار إلى روحية التمثل الفلسفي ،ذلك أن النظم الاستبدادية وهي ترتهن الإرادة الجماعية وتستعيض عنها بإرادة " الحاكم بأمره" وإرادة بطانة وحاشية تجعل الخنوع والخضوع قدرا محتوما لامناص منه ،ذلك أنّها نظم لاعقلانية ولا مجال فيها للحديث عن الذات والفرد .
ههنا يستبين الخلل العظيم الذي فيه يختلفون والذي يميز وضعنا في مقارنة مع المجتمعات الأخرى التي تتأسس السلطة الديمقراطية فيها على نظام عقلاني وتستمد مشروعيتها من الشعب عبر ميكنيزمات معلومة،تخضع لقانون واضح ضبطه إعلان حقوق الإنسان والمواطن ،على خلاف "الحاكم بأمره "عندنا و الذي يستمد مشروعيته من قوى غيبية.
ومن أجل إعادة إجماع كان قد أصابه خلل،عبر بعض المفكرين على غرار مفكري الأنوار وصانعي الثورة الفرنسية عن إعلاء شأن القانون واعتباره الناموس الأعلى الذي يجب أن يخضع له الجميع ،وبينوا أن الدولة في أرويا مثلا أمكنها بلوغ هذا الشأو من النظام الجالب للعزة و القوة بفضل الخروج من ربقة الإقطاع ،إلا أن ما يتجلى واضحا في بعض من الخطاب ،تلك النزعة البراغماتية التي تنزع إلى التقريب و التوليف بين مرجعيتين مختلفتين ،ذلك إن الإحالات و المفاهيم التي يقع فيها الالتجاء إلى الفقه وعلم الكلام ،تقرب إن لم تماثل الحرية كما نتصورها الآن . إن إحالة الحرية على مرجعيتين مختلفتين والحرص على التوفيق و التقريب و وعي الجميع بأصول هذا الاختلاف دون الإقصاء أو الإلغاء ،منح مفهوم الحرية أكثر اتساعا ،فهناك سعي ملح لإيجاد ما يقابل الحرية بأبعادها الليبرالية في الثقافة العربية الإسلامية .لقد نقلت لنا "النصوص " مضامين و مصطلحات صادمة لجهاز التفكير مثل: مفهوم التمثيل البرلماني، ،السلطات الثلاث ،الديمقراطية و الحرية.
إن مضمون هذه الدعوة هو مقاومة كل سلطة تسلب الإنسان حقه في أن يكون سيد أفعاله وكأن تحرير الفرد إنما هو شرط تحرر المجتمع من سلطة الدولة المطلقة .ومن ابرز هذه المفاهيم: الديمقراطية والبرلمان ،والمجتمع المدني والفصل بين السلطات ...في هذه الشبكة من المفاهيم ينتظم مفهوم الحرية ويكتسب دلالاته،حيث تستأنف أنواع من الحياة جديدة غير مألوفة،هناك تنافر أصم يستقر و يثبت ،إنها دلالات مرتبطة بالوجود السياسي و الاجتماعي . ولنا أن نلاحظ أن الخطاب قائم على التردد بين قبول المعنى و المعاني الجديدة للحرية و بين محاولات الرجوع المطردة إلى معان و دلالات و مصطلحات تنسحب من المرجعية القديمة و التقريب بينها و المصطلحات الحديثة . لقد تجلت محاولات الرجوع هذه بوضوح بإحياء بعض المصطلحات القديمة و إعادة استخدامها باعتبارها مقابلا مفهوميا للمصطلحات الجديدة . نجد إذن ذينك الخطين المتوازيين ، النقل عن " الغرب" و تجديد المقابل الإسلامي ، فعند الحديث عن " مجلس نواب العامة " يتبادر إلى أذهاننا "أهل الحل و العقد" ... إن مقاصد هذه المنهجية التوفيقية إنما هو الأخذ بهذه القيمة الأساسية للتقدم و التمدن "الغربيين" و تعميم ممارستها في المجتمع العربي الإسلامي ، و لذلك كان الحرص شديد على أن ينقلوا لقرائهم بالأسلوب المناسب و في الثوب المألوف قناعاتهم باتفاق القانونين الشرعي و الوضعي في الأصول و إن اختلفا في الفروع . ولكن جميعا كانوا على وعي باختلاف الأسس النظرية و الفلسفية التي أفضت إلى إحلال هذه القيمة في المجتمع و الفكر " الغربيين" (= أسس عقلانية ،علمانية ...قامت على القطع مع الكنيسة ...) عن الأسس التي استندت إليها الممارسة السياسية الإسلامية (= أسس شرعية ،دينية ...) إن هذه الملاحظات تقودنا إلى التساؤل عما إذا كان هذا التردد بين قبول المعنى أو المعاني الجديدة و العودة إلى استرجاع المعاني التي ارتبطت بها قديما ...دليلا على أن الخطاب التوفيقي و بحكم أسبقيته التاريخية في اللقاء مع الحداثة الغربية ، لم يتمثل المفاهيم الجديدة و التي قامت لتعلن القطيعة و التي خلخلته شديدا ؟ ثم إنها تقودنا إلى تساؤل أهم مفاده : إلى أي حد تستطيع الحرية بلبوسها الفقهي ومضمونها الليبرالي ...و بهذه المعاني المتعددة ، وبهذه الازدواجية المرجعية ، أن تؤدي الوظيفة الإصلاحية؟
وهكذا فإنه يتوضح أنه إنما يتم توظيف الحرية لمقاومة الاستبداد والحكم المطلق ،وهو ما تقتضيه كل مرحلة تاريخية عندما تكون سلطة الدولة مطلقة لا يحدها شيء . لقد تأرجحت المصطلحات بين مفاهيم الفكر السياسي الليبرالي ومفاهيم السياسة الشرعية التي تبلورت في إطار الأحكام السلطانية وهو الذي سيكون موضع الرهان ،ذلك أنهم كانوا على وعي بالمجابهة العنيفة بين المصطلح الفقهي و المفهوم السياسي ،لذلك حاولوا أن يظهروا عدم التناقض بين المرجعيتين، حيث خلقوا نسيجا من المماثلات المستحيلة .فكان الخطاب توفيقيا و توجهه ازدواجية دون أن يرتقي إلى إنتاج نظرية في السلطة أو في الدولة ، وجاء الخطاب متوترا ، مهتزا و هشا... إن ما تقوله تلك الخطابات يقوم ضمنا و صراحة على الإحساس ب الهوة بين "دار الحرب" و "دار الإسلام" هذه الهوة التي أشعرتهم بانهيار عظمتهم و بالخطر الكابوسي المحدق . إلا أن تركيزهم على أوربا الأنوار غيب عنهم أوربا المتوثبة للاستعمار . إنه لأمر يثير الإعجاب ، بل حتى التمجيد أو القرف و النفور أو بكل بساطة الفضولية ، فقد وسم حسن الظن بالتمدن الأوروبي ، المشروع برمته بالسذاجة السياسية و جعل محاولة الإصلاح عملية فوقية ، سطحية . الدولة الحديثة إذن تتويج لعمل طويل النفس ، وتنازل الملك المطلق عن امتيازاته ، إنها كانت استجابة لواقع جديد ، ولكن أنى " للإقطاع " و "رجال الدولة " ، الجرأة على إدخال تغيير على البنية الاقتصادية و الاجتماعية و السياسية ،ذلك أنه من المفارقات التي يجب الانتباه إليها أن رواد" النهضة العربية" مثلا و الذين تبنوا فكر الثورة البرجوازية و بشروا به ، كانوا ينتمون في جملتهم إلى"الإقطاعية" : فكيف أمكن لهم بناء تصور هيكل سياسي حديث على أسس اقتصاد سياسي قديم مغاير و متخلف ؟ إن الإجابة عن هكذا سؤال ، تفسر سبب التعثر في بناء الدولة الحديثة . هكذا تشكلت الحرية في غياب التأصيل و السؤال ، فأحدثت بذلك نوعا من القطيعة مع حيزها الدلالي ،ما من شأنه أن يحيل إلى عُرْيِ السؤال نفسه ، ذلك أن واقعة الحداثة قد وقعت وشكلت صدمة روحية جذرية لجهاز التفكير التقليدي ، اهتزت بمقتضاها كل مفاهيمه و أساليبه و رؤاه و تصوراته ...في هذه اللحظات من الانسلاخ الأقصى عن العالم تواجه "الأمة" ظروفا و أحوالا جديدة ، غير مسبوقة ، لا يتيسر لها استيعابها ، إلا بتأويل أو تطوير أو تواجه تعديلا أو تبديلا ...يطال نظريتها في الحكم . ذلك أن تشظي الأصل يدفع المرء إلى مواجهة رعب التشرد و فقدان الحضور في الوجود . ثمة صدام لا ريب فيه و مواجهة لا فكاك منها ، تهز نظام الأشياء القائم و تدك جسد الوجود دكا ، انخراطا في صياغة نص جديد يحترف آداب المناظرة ، وابتكار أساليب جديدة ، لفعل في التاريخ ...راشد .



#عمر_بن_بوجليدة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295


المزيد.....




- وحدة أوكرانية تستخدم المسيرات بدلا من الأسلحة الثقيلة
- القضاء البريطاني يدين مغربيا قتل بريطانيا بزعم -الثأر- لأطفا ...
- وزير إسرائيلي يصف مقترحا مصريا بأنه استسلام كامل من جانب إسر ...
- -نيويورك تايمز-: الولايات المتحدة تسحب العشرات من قواتها الخ ...
- السعودية.. سقوط فتيات مشاركات في سباق الهجن بالعلا عن الجمال ...
- ستولتنبرغ يدعو إلى الاعتراف بأن دول -الناتو- لم تقدم المساعد ...
- مسؤول أمريكي: واشنطن لا تتوقع هجوما أوكرانيا واسعا
- الكويت..قرار بحبس الإعلامية الشهيرة حليمة بولند سنتين وغرامة ...
- واشنطن: المساعدات العسكرية ستصل أوكرانيا خلال أيام
- مليون متابع -يُدخلون تيك توكر- عربياً إلى السجن (فيديو)


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عمر بن بوجليدة - في الحاجة ال الحرية