أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - معتز حيسو - الثورة في سياقها المستمر















المزيد.....

الثورة في سياقها المستمر


معتز حيسو

الحوار المتمدن-العدد: 3561 - 2011 / 11 / 29 - 10:01
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لم تخمد حدة الجدل الفكري والسياسي بخصوص تحديد المفهوم المناسب لشكل ومضمون الحركة الاحتجاجية ذات الطابع الشعبي والشبابي، التي بات يشارك فيها غالبية سكان المدن السورية الصغرى والمتوسطة والكبرى، باستثناء مدينتي دمشق وحلب، التي بدأت أبوابهما تُطرق وبقوة بفعل اتساع وتزايد رقعة النهوض الشعبي من جهة، ونتيجة للتمسك بالخيار الأمني والعسكري في مواجهة الحركات الاحتجاجية السلمية، من جهة ثانية. لكن من وجهة نظرنا نرى بأن الضبط المفاهيمي لشكل التحركات الشعبية وطبيعته وبنيته، يرتبط بشكل موضوعي، بالخطاب السياسي المحمول على الشعارات التي ينادي بها المتظاهرين(الوحدة الوطنية، سلمية التظاهرات، وحدة الشعب السوري، الحرية، الكرامة،رفض الطائفية والمذهبية، (إسقاط النظام)، رفض التدخل الخارجي....) إضافة إلى أن التركيبة الاجتماعية للمتظاهرين تتشكل في غالبيتها من الفئات الاجتماعية المفقّرة التي ما زالت حتى اللحظة مستقرة في الأرياف والمدن الصغرى والمتوسطة،أو ممن هجر أرضه والتحق بأحزمة الفقر حول المدن الكبرى،هذا إضافة إلى فئات من الشرائح الاجتماعية الوسطى(الطبقة الوسطى).مما يعني بأن الأزمة التي يعاني منها المجتمع السوري هي نتاج أزمة سلطة سياسية قامت على احتكار السياسية والاقتصاد.

إن الأزمة في سوريا تشكّلت في سياقٍ ارتبطت فيه أزمة السيطرة السياسية، مع تحويل الاقتصاد السوري من اقتصاد موجه،إلى اقتصاد حر(تحرير الاقتصاد والأسواق والأسعار) وبدأ هذا التحول في العقد الأخير من القرن العشرين،لكن آثاره الاجتماعية توضّحت من بداية الألفية الثالثة. وقد تقاطع هذا التحول مع إهمال قطاعي الزراعة والصناعة،و خصخصة وبيع غالبية القطاعات الإنتاجية التي تعود ملكيتها للدولة،إطلاق حرية الاستثمار، تفاوت مستويات النمو بين المناطق، تخفيض الإنفاق العام و الاستثماري، ارتفاع سعر المحروقات والأسمدة،تراجع معدلات النمو الاقتصادي الحقيقي...

لقد بات معلوماً بأن من يتحكم في الاقتصاد السوري، هو من يمتلك المال، و يهيمن على القرار السياسي.أي أن من يحدد السياسات الاقتصادية ، هم الأثرياء الجدد الذين جمعوا ثروتهم من نهب القطاع العام والسيطرة على الموارد الوطنية،مستغلين نفوذهم السياسي،الأسري، العائلي... ونتيجة لذلك فقد عانى غالبية الشعب السوري من الفقر والبطالة،ارتفاع الأسعار،انخفاض القدرة الشرائية بسبب انخفاض قيمة الليرة السورية،تراجع مستوى المعيشة،تراجع مستوى الخدمات الصحية والتعليمية.. لذا فإن احتكار السلطة السياسية والهيمنة على الموارد الوطنية،هو سبب الانتفاضة السورية.

إذاً يمكننا التأكيد على أن ما يجري في سوريا هو نهوض شعبي هدفه التغيير الوطني الديمقراطي السلمي التدريجي، ومن الواضح بأن هذا النهوض لن يتوقف عند حدود التغيير الأولى، لأن آثار نظام أحادي شمولي استمر أكثر من أربع عقود لا يمكن تجاوزه دفعة واحدة. لذا فمن البداهة بمكان أن تتعزز الانتفاضة السورية في سياق مراحل متعددة لا يمكن التكهن بمجرياتها وأشكال تحولاتها السياسية بسبب جملة من العوامل. لكن ما يعزز التوقعات الإيجابية،هو تأكيد الأطراف السياسية والاجتماعية في الداخل السوري على ضرورة الانتقال السلمي إلى دولة مدنية ديمقراطية تعددية، وعلى هذا الأساس فإن شعار (إسقاط النظام)، لا يدخل في سياق الشخصنة، بل يعني تفكيك بنية وأدوات وآليات الدولة الأمنية والشمولية،وتجاوز هذا الشكل من السيطرة السياسية الذي كان السبب الرئيس في: قمع الحريات وكم الأفواه،نشر ثقافة الخوف،تجفيف منابع الحياة السياسية والمدنية الوطنية والديمقراطية، زيادة مستوى الفقر والبطالة، انتشار الفساد وتحوله لظاهرة اجتماعية عامة خربت الإنسان والثقافة الاجتماعية وساهمت في انحلال الوعي الاجتماعي وتفكيك وتفتيت منظومة الوعي القيمي التي تماهت لاحقاً مع طبيعة الوعي السياسي والاقتصادي المسيطر. لذا فإن تجاوز الوعي الاجتماعي السائد، يأتي في سياق تشكّل وعي ثقافي جديد، يقوم على تمكين ثقافة المواطنة و الحوار والاعتراف بالآخر وإطلاق الحريات السياسية وحرية التعبير والحريات العامة والشخصية وترسيخ مبدأ المكاشفة والمحاسبة ومحاربة الفساد على أسس وطنية ومدنية ديمقراطية. ومن هذا المنظور يمكننا التأكيد بإمكانية خروج العديد من الشخصيات القيادية من الحياة العامة ومحاكمة من يثبت تورطهم في تهم: الفساد و نهب الموارد الوطنية و القتل والقمع والتنكيل والاعتقال التعسفي الذي مورس بحق الشعب السوري الأعزل والمسالم. و تشكّل هذه الخطوة بداية التحول الديمقراطي.

لكن يجب التنويه أنه في حال لم تستطع القوى السياسية الوطنية الديمقراطية أن تشكل أطراً سياسية تساهم في ضمان نقل البلاد إلى الديمقراطية وفق أشكال سلمية متدرجة.. فإن بعض الأطراف والشخصيات، يمكن أن تستغل الانتفاضة الشعبية وتوظفها لمصالحها الخاصة، ويمكن أن تتشكّل ثورة مضادة، ومن الوارد أيضاً أن تعاني الثورة من إخفاقات غير متوقعة، أو تفشل بفعل عوامل متعددة ومنها عدم تكامل العوامل الذاتية والموضوعية، ويمكن أن تواجه تدخلاً خارجياً مباشر أو غير مباشر، إضافة إلى اشتغال بعض الأطراف التي تتناقض مصالحها مع التغيير الديمقراطي السلمي على تحويل سياق النهوض الشعبي إلى أشكال من الصراعات الطائفية والإثنية المناطقية والعائلية، ومن الوارد أن تدفع هذه الأطراف أو غيرها إلى عسكرة الانتفاضة و في هذا التحول يكمن مقتل النهوض الشعبي السلمي(لكن الشعب السوري بفضل وعيه السياسي والاجتماعي القائم على التمسك بوحدته الوطنية وسلمية ثورته ورفضه لأي تدخل خارجي،كان قادراً حتى اللحظة على تجاوز هذه الصعوبات).

أخيراً يجب التأكيد على أن الانتقال إلى الديمقراطية السياسية والاجتماعية، والتأسيس لدولة القانون والمواطنة والمؤسسات،يرتبط: بالتمسك بالوحدة الوطنية للشعب السوري على قاعدة التعايش السلمي لكافة مكونات المجتمع السوري، سلمية الانتفاضة،رفض التدخل الخارجي،التقاء كافة القوى السياسية والمدنية على إستراتيجية سياسية تنقل سوريا إلى الديمقراطية، ضمان حق كافة القوى السياسية في الاحتفاظ ببرامجها السياسية.

*************************************************



#معتز_حيسو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دور اليسار السوري في النهوض الشعبي
- حوامل النهوض الشعبي في سورية
- تأثير الإنتفاضة السورية على الوعي الشعبي
- تأثير الانتفاضة السورية على التفكير الاجتماعي
- عتبة التغيير الوطني الديمقراطي في سوريا
- الطبقة العاملة السورية في اللحظة الراهنة
- التغيير في سوريا ( قراءة أولية)
- دور المثقف السوري في اللحظة الراهنة
- حماية السلم الأهلي في سوريا واجب وطني
- المجتمع السوري : واقع جديد: آليات علاجية
- رسالة اليمن السعيد
- الثورة الليبية : واقع وآفاق
- تحولات ثقافية
- المواطن العربي يفتح أبواب المستقبل
- بحث أولي في إشكاليات الشباب
- هل نسي المواطن السوري الفرح ؟؟؟
- تجليات اقتصاد السوق الاجتماعي في سوريا
- المواطن العربي يفتح باب التغير
- ثورة الفقراء في تونس
- في ذكرى تأسيس الحزب الشيوعي السوري


المزيد.....




- مصدر عراقي لـCNN: -انفجار ضخم- في قاعدة لـ-الحشد الشعبي-
- الدفاعات الجوية الروسية تسقط 5 مسيّرات أوكرانية في مقاطعة كو ...
- مسؤول أمريكي منتقدا إسرائيل: واشنطن مستاءة وبايدن لا يزال مخ ...
- انفجار ضخم يهز قاعدة عسكرية تستخدمها قوات الحشد الشعبي جنوبي ...
- هنية في تركيا لبحث تطورات الأوضاع في قطاع غزة مع أردوغان
- وسائل إعلام: الولايات المتحدة تنشر سرا صواريخ قادرة على تدمي ...
- عقوبات أمريكية على شركات صينية ومصنع بيلاروسي لدعم برنامج با ...
- وزير خارجية الأردن لـCNN: نتنياهو -أكثر المستفيدين- من التصع ...
- تقدم روسي بمحور دونيتسك.. وإقرار أمريكي بانهيار قوات كييف
- السلطات الأوكرانية: إصابة مواقع في ميناء -الجنوبي- قرب أوديس ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - معتز حيسو - الثورة في سياقها المستمر